بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ..وبعد
فإن موضوع الآيات الإنسانية والآيات الكونية في القرآن الكريم شغل ولا يزال يشغل فكر كثير من الباحثين , وهو كما اتضح من بعض مشاركات الأساتذة الفضلاء موضوع خلافي له مؤيدوه وله معارضوه ومن الباحثين من أجازه بضوابط لا يجوز الخروج عليها .
وقد طالعت هذه الآراء منذ فترة ربما تكون طويلة وما اصطفته الذاكرة ولا يزال ساكنا فيها من هذه الآراء يتمثل في كون القرآن الكريم كتاب الله الخاتم المنزل على نبيه الخاتم صلى الله عليه وسلم ؛ فمن الطبيعي أن يحمل زادا معرفيا يخلد إلى قيام الساعة ويكفي لتغذية العقول البشرية إلى ذلك الحين , ولهذا فما ورد فيه من حديث عن خلق الإنسان والكون لا يمكن أن يتصادم مع حقائق العلم التجريبي في أية مرحلة حضارية يحياها الإنسان .
وعند النظرفي القراءات التفسيرية المتتالية تاريخيا للآيات القرآنية منذ نزول القرآن بهذا الصدد يلاحظ أن كل القراءات جاءت مناسبة للعصر الذي وردت فيه ورغم هذا لا يمكن الحكم عليها بالخطأ فمثلا عندما يفسر سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قوله تعالى ( أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما ) بأن السماء كانت رتقا لا تمطر ففتقها بالمطر وأن الأرض كانت رتقا لا تنبت ففتقها بالنبات فهذا التفسير حظى بالقبول بل بدرجة ممتاز في الوقت الذي قيل فيه وأشاد به الصحابي الورع عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وقال قد كنت أعجب من جرأة ابن عباس على تفسير كلام الله والآن أيقنت أنه أوتي علما أو كما قال .
واليوم تقرأ هذه الآية من قبل علماء الكونيات قراءة جديدة تناسب هذه المرحلة العلمية فيقولون والقائل على ما أذكر هو الدكتور موريس بوكاي أن في الاية إشارة إلى عملية تشكيل الكون منذ بداية الخلق أي العمليات الأساسية التي ابتدأت بتفكك (بفتق) الكتلة الغازية العظيمة (التي كانت رتقا ملتحمة)إلى أجزاء الكون المتعددة , فهذا الفهم كسابقه عند عبد الله بن عباس رضي الله عنهما لا يناقض الواقع العلمي العلم في شيء.
والأمثلة على القراءات التاريخية المتتالية لفهم كلام الله تعالى في هذا الموضوع كثيرة جدا ومن يبتغ مطالعتها في كتاب واحد يجمع بين الميراث التفسيري القديم للآية القرآنية والفهم العلمي الحديث لها فليرجع إلى تفسير المنتخب وهو من ثمرات مجمع البحوث الإسلامية ففي هذا الكتاب القيم يجد قارئه الجمع بين ما انتخب من الميراث التفسيري للآية والفهم العلمي المعاصر لها وكل في صيغة مستقلة , دون تناقض بين هذا وذاك , مما يؤكد ديمومة العطاء الإلهي للبشرية من خلال كلام الله تعالى القرآن الكريم , ويؤكد مصداقية حرف التسويف الخالد في قوله تعالى ( سنريهم آياتنا في الآفاق حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ).
أستاذي الفاضل الدكتور إبراهيم عوض مالي لا أرى الملف المرفق أم كان من الغائبين ؟ وهل هو الملف نفسه المعلق على المشباك في موقعكم الخاص بعنوان موقف القرآن الكريم والكتاب المقدس من العلم ؟
المفضلات