المرفــــــــــــوس
لصلاح أبوشنب
اثناء خروجه من المسجد بعد أداء صلاة العشاء انتبه الى ان الشخص الذى أمامه يتعثر اثناء محاولة خروجه من المسجد . كان صاحب جسم ضخم مرتفع تتفجر منه العافيه ، لكنه كان فاقدا للبصر ، سارع اليه .. امسك بذراعه وسار به الى المكان الذى يريد . كان الوقت ليلا والأزقه ضيقه ملأى بالحفر وعربات الكارو التى تجرها الخيل والبغال والحمير على الجانبين مركونه ، اثناء سيره بجانبه لاحظ دمعات تفر من عينيه وتتدحرج على خديه المنتفختين ، سأله عن سبب ذلك .. ضرب بعكازه الغليظ الارض ضربة غيظ وحنق ، ثم تأوه بمرارة وصوت مبحوح ثم قال : انها دموع الالم والحسرة والرجاء والندم . وراح يسرد الحكاية ..... لم يجد لقوته متنفسا سوى الافتراء بها على أهل قريته .. لم يسلم منه احد لكما ، ركلا أو صرعا . كانت عيون الضعفاء تشخص الى السماء كلما هاج فيهم وماج ، كان يمتلك عربة كارو يجرها جواد رَهْوَان قوى الشكيمه مشدود العنان ، اشتراه ُمهرا صغيرا ورباه على يديه حتى اصبح من أقوى وأسرع جياد القريه ، كان فريد وقته وزمانه . لا يكف عن تنظيفه واطعامه والاطمئنان عليه فى صحوه ومنامه ، يحرص على تجميله وتدريبه ، وتحليته وتدليله . كان فى السباقات الاول بامتياز وكان له به افتخار واعتزاز ، يكافئه بقطع السكر والحلوى وكان له به انشغال وسلوى . لا يغفل له جفن حتى يطمئن عليه .. ألفه الجواد وأصبح طوع بنانه ، يسرع نحوه بمجرد اشاره من طرف اصبعه . يتمسح فيه ويشمشم ملابسه ، يَخْنـَعْ له كما لو كان هِرًا رضيعًا . ذات يوم وقف خلفه يُمَشِّط ْله ذيله المسترسل الذى قارب الارض طولا وثقلا ، أمسك بيده مشط حديدى .. دهن الشعر الناعم بدهن عطرى يعطى قوةَ ولمعانـًا . جَفَلَ الفرس فجأة فطار صاحبه فى الهواء .. سقط بجسمه الثقيل فوق الارض . أفاق من غيبوبته لجد نفسه ممدا فوق سرير بالمستشفى الاميرى والظلام يلف حوله .. تحسس يديه .. قربهما من عينيه .. صرخ .. جاءت الممرضه : اهدأ ياعم ماهر قدر الله وماشاء فعل . بذل جهدا مضنيا حتى استجلب شريط ذاكرته .. انهمر الدمع حارا يجرى مع جريانها .. ضاع النظر فى لمح البصر .. يقضى وقته بالمسجد يتكفف الناس .
المفضلات