Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958
العجوز والشابة

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: العجوز والشابة

  1. #1
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    02/08/2007
    العمر
    68
    المشاركات
    141
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي العجوز والشابة

    العجوز والشابة
    ينتقل من إدارة إلى أخرى، ومن مبنى إلى آخر. يزور الأصدقاء القدامى، والموظفين الذين كان يعمل معهم من سنين مضت. يزور أصدقائه ليطمئن عليهم، ويصل ما انقطع بينهم. يزور رفقاء العمل - ليعرف من أخذ منصبه ومكتبه – ومن أعطي ترقية - ومن نقل إلى منطقة أخرى. هو هكذا بعد أن أحيل إلى التقاعد، كأنه زنبور ينتقل - وهو يطن بصوت مزعج - من مكان إلى آخر لا يهدئ ولا يدع الآخرين يهدؤون.

    ولا ينسى في كل مرة يقابل فيها أي شخص لديه القابلية ليسمعه، فيسرد عليه قصة حياته. يحاول بذلك استجداء العطف، ولفت الانتباه إليه. فيبدأ بعد أن يتنهد آسفاً على حياته السابقة قائلاً: لقد تركتني وتركت بيتي - أم عيالي - بعد أن كبر سني وأحلت على تقاعد، وذهبت لتعيش في أحد بيوت أبنائها. وبعد فترة من الراحة يحاول فيها التقاط أنفاسه بصعوبة ليقول: لقد نسيت كل ذلك العمر الذي عشناه سوياً، وطول العشرة وحسن الصحبة!

    هذا ما يعتقده هو، ولكن ما يعرفه الآخرون مخالف عن ذلك بعض الشيء. فبعد تقاعده اصبح هماً ثقيلاً على أهله، فأخذ يطبق حياته العملية والوظيفة عليهم. ولم يستطع أن ينسى ما كان فيه، ولم يستطع الركون إلى الحياة الهادئة الوادعة! لم يستطع تحمل الفراغ الذي لفه من كل ناحية، فاستعاض من ذلك بالتدخل في كل صغيرة وكبيرة. يتخيل نفسه لا يزال رئيساً في محل عمله، يأمر هذا - ويوجه ذاك - ويجازي من يعصي من مرؤسيه! اصبح يتدخل في أعمال البيت - والمطبخ - والطبيخ، ويبدي رأيه في ما يعرف وما لا يعرف. حتى بدأت المشاحنات والمشاجرات، تكبر وتكثر بينه وبين زوجته. فلم تستطع تحمل أعبائه وهمومه، بعد أصابتها بأمراض فتكت بها بسببه وبسبب كبر سنها. فهربت مضطرة إلى بيت أحد أبنائها، لتجد من يعتني بها ويهتم بأمورها.

    كان يقول ببهجة وافتخار: نصحني الناس بتركها وهمها، وعدم التفكير في التقرب منها، أو الرجوع إليها. واستبدال تلك العجوز البالية بأجنبية صغيرة السن تعيد لي صحتي وشبابي. وفعلا راقت لي الفكرة، ومضيت في تنفيذها. فمن يرفض الزواج في فتاة نضرة صغيرة، تدخل البهجة والسرور لمجرد النظر إليها؟! ولكن بعد فترة من زواجنا، تبين لي أن زواجها مني كان طمعاً. فلم يعد معاش التقاعد يكفيها وحدها أو يقنعها، بل صارت تطلب المزيد والمزيد. صارت نهمة كأنها النار تلتهم الهشيم المحتضر. فخفت من الوقوع في دائرة الديون، فطلقتها قبل التورط في الخلفة والأبناء.

    وهذه شابة أجنبية صغيرة جازفت بحياتها الحاضرة، من أجل مستقبل وحياة أفضل. فهل من الممكن أن تضحي بذلك مع شيخ عجوز كبير السن، ركبه المرض بسبب مشاجرته مع زوجته وأم أولاده، دون عائد؟! فهو لا يريد زوجة يعيش معها بقيت حياته، وإنما خادمة تقوم عليه وتلبي احتياجاته. فهي امرأة غريبة في بلد غريبة، بعيدة عن بلدها وأهلها. فلابد لها أن تضمن مستقبلها وبسرعة، قبل أن يداهمه الموت. وينقض أهله وأولاده على ما تبقى له من مال، فتخرج هي من كل هذا صفر اليدين.

    وهكذا خرجت الأولى المسكينة من حياته فرارا، في محاولة للحفاظ على حاضرها. وطلق الثانية وسفرها نهائياً، لا أنها كانت تحاول ضمان مستقبلها!
    بقلم: حسين نوح مشامع – محافظة القطيف – السعودية - husseinoah@yahoo.com


  2. #2
    أستاذ بارز الصورة الرمزية محمد فؤاد منصور
    تاريخ التسجيل
    10/05/2007
    العمر
    76
    المشاركات
    2,561
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    أخى العزيز حسين نوح
    هى قصة من الحياة بلاشك تحدث كثيراً..حين يصحو الإنسان يوماً فيجد الأضواء قد انحسرت من حوله وأصبح بلادورو بعد أن كان محور الأحداث يصبح دوره هامشياً ثانوياً وبلاقيمة لكن العقلاء وحدهم يستطيعون النجاة من ذلك المصير بإيمانهم أن لكل مرحلة من العمر الدور المناسب لها وكماأن لكل مرحلة من العمر جمالها فكذلك لكل مرحلة سحرها ومهامها والويل كل الويل لمن يخلطون المراحل ببعضها ويريدون لى رقبة الزمن ليعود بهم إلى الوراء..تقبل تحياتى.
    دكتور/ محمد فؤاد منصور
    الأسكندرية
    [/size]
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    02/08/2007
    العمر
    68
    المشاركات
    141
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    حين يصحو الإنسان يوماً فيجد الأضواء قد انحسرت من حوله وأصبح بلادور وبعد أن كان محور الأحداث

    صدقت أخي الكريم - الدكتور/ محمد فؤاد منصور - الأسكندرية

    فهذا ما ينتظر أكثرنا ممن ينتظرون التقاعد
    نتمنى من الله أن تمر هذه الفترة بسلام

    أشكرك اخي مرة أخرى على تعليقك وتعقيبك

    حفظكم الله

    اخوكم - حسين نوح مشامع


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •