الفصل الخامس
الدور العربي


ليس هناك دور عربي فعّال وإيجابي، وإن الموجود على ساحة اللعب هما مصر وليبيا وبقسط متواضع جداً؟!
فمصر تأخذ بالرأي الأمريكي وبما يتفق مع مصالحها، أما بالنسبة
لـ /ليبيا/ فدورها غامض وغير واضح وحسب اتجاه الريح؟!
أما الدول العربية الأخرى فليس لها أي دور إيجابي باستثناء /سورية/ و/العراق/ سابقاً؟
وللأسف أستطيع القول أنني وجدت السلاح العربي في أيدي المتمردين؟! من أين جاء هذا السلاح ومن قدمه لهم من الزعماء العرب؟. أكيد إنهم عرب نعم.. عرب الهوية؟!
إن المباحثات المتعددة التي جرت في /مشاكوس/ وما تبعها من حلول أمريكية صهيونية كنسية هدفها نهاية المشكلة السودانية؟
ومما لا شك فيه مطلقاً أن الحربة الأمريكية الصهيونية قد وصلت إلى نقطة مهمة في عمق القلب العربي ولكن هذه الحربة، والأصح هذه الحرب، هل ستبقى تطعن في أجسادنا؟ لا أريد المضي أكثر من ذلك في كتابي هذا (جنوب السودان وملامح المستقبل)... وقبل أن أختتم كتابي الأول لابد من أن أعرج وأشرح بعض النقاط الأساسية التي اعتبرتها تنازلاً من الحكومة السودانية للمتمردين، هذا الشرح سوف يكون قصيراً ولكن الجزء الثاني من كتابي (جنوب السودان وآفاق المستقبل) سيتكفل بتحليل اتفاق /مشاكوس/ تحليلاً موضوعياً ووافياً:
1 - القبول بإلغاء دستور عام 1998 وإنشاء دستور مركزي جديد.
2 - القبول بفكرة فَصْل الدين عن الدولة بما سيترتب عليها من تشريعات في الدستور الجديد المركزي، وقد تستبعد الشريعة كمصدر رئيسي للتشريع.
3 - تم الاتفاق على أن الشريعة هي أحد مصادر التشريع في حين أنها في دستور 1998 هي مصدر التشريع، ولا يجوز تجاوز التشريع.
4 - قبلت الخرطوم بعقد مؤتمر دستوري، وكانت ترفض ذلك من قبل.
أهم النقاط التي تنازل عنها المتمردون:
/لم يتنازلوا عن شيء ذي أهمية/.
1 - قبل المتمردون بمهلة /6/ سنوات يبدأ بعدها الاستفتاء على فصل الجنوب أو انضمامه للشمال مقابل /4/ سنوات فقط طالبوا بها و/10/ سنوات طالبت بها الحكومة.
2 - حركة التمرد كانت تطالب بحق تقرير مصير جنوب السودان ومناطق أخرى في الشمال مثل النيل الأزرق وجبال النوبة ومنطقة /إيبي/ ولكن الاتفاق نص على حق تقرير المصير للجنوب فقط.
3 - حركة التمرد طالبت بحكومة انتقالية ذات قاعدة عريضة تضم معارضي الخرطوم في /التجمع الوطني الديمقراطي/ ولكن تم رفض ذلك من قبل الحكومة والوسطاء واقتصر الأمر على حكومة انتقالية بدلاً من الحكومة الحالية وحركة التمرد فقط وكانت حركة التمرد تطالب بديمقراطية تعددية حقيقية قبل الاتفاق ولكن تم إسقاط هذا الطلب.
التجمع الديمقراطي وموقفه من اتفاقية مشاكوس:
1 - يتكون التجمع الوطني الديمقراطي من الأحزاب السياسية والنقابات وقيادات القوات النظامية والشخصيات الوطنية المستقلة والفصائل المسلحة التي تخوض حرباً ضد نظام الانقاذ وقد وقعت على ميثاقه في أكتوبر 1989.
ويبلغ عددها /13/ حزباً سياسياً و /56/ نقابة واتحاد.
وتتكون هيئة القيادة للتجمع الوطني الديمقراطي من الفصائل التالية:
1 - الحزب الاتحادي الديمقراطي.
2 - الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان.
3 - تجمع الأحزاب الإفريقية.
4 - الحزب الشيوعي.
5 - الحزب القومي السوداني.
6 - المجلس العام للاتحادات النقابية.
7 - القيادة الشرعية للقوات المسلحة.
8 - مؤتمر البجّا، هذه القومية تريد إقامة دولة لها في شرق السودان؟!.
9 - قوات التحالف السودانية.
10 - التحالف الفيدرالي الديمقراطي.
11 - تنظيم الأسود الحرة.
12 - حزب البعث العربي الاشتراكي.
13 - الشخصيات الوطنية المستقلة.
14 - ممثلو المناطق /المحررة/ الواقعة تحت قبضة المتمردين من جنوبيين وشماليين.
إن أهم ما توصل إليه المجتمعون في /مشاكوس/ يمكن إنجازه في ثلاث نقاط وهي:
الأولى: ترتيبات المرحلة الانتقالية ومدتها /6/ سنوات.
الثانية: العلاقة بين الدين والدولة.
الثالثة: مسألة حق تقرير المصير.
المرحلة الانتقالية:
تم الاتفاق على أن تعطى مدة /6/ سنوات كاملة يتم فيها وقف القتال وكذلك إنشاء حكومة انتقالية فيدرالية وأخرى جنوبية ولائية تكون على غرار بقية ولايات السودان، وإنشاء دستور فيدرالي بهدف دمج الجنوب مع الشمال، على أن يسمح بإجراء استفتاء في نهاية الـ /6/ سنوات للجنوب يقرر مصيره بالبقاء في السودان الموحد أو بالانفصال، أو بشكل من الأشكال من /الكونفيدرالية/ أي: دولتان منفصلتان متفاوتتان في الشؤون الخارجية معاً.
/3/ كيانات؟
قال المتحدث باسم المتمردين (ياسر عرفان):
ستتم إقامة /3/ كيانات سودانية هي:
1 - الشمال.
2 - الجنوب.
3 - الكيان المركزي.
كذلك سيشمل الاستفتاء /3/ بنود هي:
1 - الوحدة.
2 - الحكم الذاتي.
3 - انفصال الجنوب نهائياً عن السودان، تحت اسم إحلال السلام؟
إذا تقرير وتم انفصال الجنوب عن السودان بشكل لا لبس فيه تحت مضمون عبارة /حق تقرير المصير/ إن المعنى الواضح والمقصود من هذه العبارة هو الانفصال، وهذا ما ورد منذ بداية ما سمي بـ /مشكلة جنوب السودان/ التي افتعلتها دول الغرب مدفوعة من قبل مجلس الكنائس العالمي، إن بداية الانفصال قد وقعت، وإمعاناً في تكريسه فقد بحثت ووزعت الثروة وكذلك تقاسم السلطة ودستور الجنوب ودستور الشمال ودستور الحكومة المركزية والحدود الجغرافية بين المحافظات، كل هذه القضايا بحثت وأقرت من أجل ولادة الكيان الجديد عندما تنتهي الـ /6/ سنوات إن لم يكن قبل، حيث أن المفاجآت القادمة عديدة وكما يقال بأن المرأة (حبلى) وفي الأيام الأخيرة لولادتها؟
وبهذا الخصوص قال الكاتب الأمريكي (جيرالد نيكسون) في كتابه /نصر بلا حرب/ الآتي:
إن الكبرياء الحقيقي لا يأتي من تفادي النزاع بل أن نكون في معمعته، نحارب من أجل مبادئنا ومصالحنا وأصدقائنا ويميل الأمريكيون إلى الاعتقاد بأن الصراع شيء غير طبيعي وأن الشعوب في كل الأمم متماثلة في الأساس وإن الخلافات ترجع إلى سوء الفهم وإن السلام الدائم والكامل هو هدف يمكن بلوغه لكن التاريخ يدحض هذه المقولة، ذلك أن كل أمة تختلف عن الأخرى في جوانب سياسية /ما زال الكلام (لنيكسون) التقاليد السياسية والتجربة التاريخية والأيديولوجية المحركة وهي الجوانب التي تتولد منها المنازعات عادة، إن المصالح المتعارضة، وحقيقة أننا نفهم بعضنا البعض هذا الفهم يؤدي إلى المنازعات وإلى الحروب في نهاية المطاف، لكن السلام الكامل، أي وجود عالم بغير منازعات هو مجرد وهم، مثل هذا السلام لم يوجد ولن يوجد في يوم من الأيام.
ما هو السلام برأي قادة السلام والديمقراطية؟
هل السلام هو عملية اقتلاع شعب من أرضه ووضع آخر بدلاً عنه؟
هذا أولاً أما ثانياً فهو:
إن ترويج السلام وخاصة /السلام الأمريكي/ يعني إدخال الشعب الذي يُطرح عليه في حالة تحذير تام، وعندما نجد الشعب، يمزق، ويتفتت هذا يعني نهايته، وهذا ما يفعله الغرب في العراق وأفغانستان: يمزق يفتت - يسيطر - ينهب... ثم ينتهي وهذا ما عناه السيد الكاتب (نيكسون) بالسلام للشعوب. السلام هو البنج أما ما بعد المخدر فهو الموت السريري وما اتفاق /مشاكوس/ إلا التفاحة المدهونة بالعسل أما تحته فهو السم الزعاف.
إن مجلس الكنائس العالمي وابنه مجلس الكنائس الإفريقي ورأس حربتهم أمريكا وبريطانيا وبعض حكام الأنظمة العربية هم سبب هدر الدماء السودانية العربية والمسلمة.
إن كل ما يقال عن وقف القتال والعودة إلى الوحدة الوطنية ثم خلق اتحاد فيدرالي أو كونفيدرالي ليس لهذا الكلام أي معنى بل هو خداع والمتبع لسير الأحداث، يعلم أن هذا الكلام المعسول ليس إلا تضليلاً للشعب السوداني.
إن الكارثة التي ستضرب السودان أصبحت وشيكة الوقوع وذلك بفصل جنوبه عن شماله ثم يأتي دور بقية الأقاليم الغرب ـ الشرق ـ الشمال؟!