من شوامخ العدل والإنصاف أشجّ بني أمية !!!...

عملاق ناطح السحاب بقوة إيمانه وزهده ,وتربع على عرش الدنيا بعدله وإنصافه , ونشأ في النعيم والبذخ والترف , وتربّى في بيوت الأمراء والخلفاء ..
شجرة مثمرة تهفو إليها النفوس , وعامل عالمٌ تتلقى من دروسه العظماء , وأمير عادل يوقظ معاني العدل الخالدة في نفوس السادرين والنائمين !!..
شديد المراقبة لعماله , و دقيق الاختيار لولاته ,ومخلصا في النصح لله ولرسوله , ونادرة من نوادر الزمان في زهده , ولا يرجو سوى العدل والإنصاف لرعيته , وأجزاء دولته امتدت من حدود الصين إلى أطراف فرنسا, فكيف لا يدوّن التاريخ عظمة سيرته !!؟؟...
أنبل السجايا والفضائل والقيم الإنسانية حملها في قلبه , وترجمها لعالم الواقع حين صار خليفة بني أمية زمن حكمه ..
أخذ مشارب علمه من شيخ الإسلام -عبد الله بن عمر- الذي تتلمذ على يديه لينهل منه الأخلاق العمرية الخالدة !!...
من أبرز أعلام بني أمية هو , وأصدقهم ورعاً وخشيةً , وأمثلهم عدلاً وإحساناً , ثلاثون شهرا مدة خلافته , و لم يتجاوز تسعاً وثلاثين سنة من عمره!!..
الذئب كان يحرس الغنم في أيام حكمه , فسأل أحدهم :
أتحرس الذئاب بالأغنام يا أمير المؤمنين , ماذا فعلت مع ربك يا عمر !!؟؟..
فأجاب الخليفة العادل :
(( أخلصت مابيني وبين ربي , فأخلص الله مابين الذئب والغنم ))...
جمع الزكاة من أرجاء الأمة الإسلامية من حدود الصين شرقا إلى أبواب باريس غربا , ومن حدود سيبيريا شمالا إلى محيط الهند جنوبا فلم يجد مسكينا يعطه المال !!!...
مرة قال لزوجه فاطمة:
( فاطمة إن لي نفسٌ تواقة , ما أعطيت شيئاً إلا تاقت إلى ما هو أفضل منه , تمنيت الإمارة , فلما أعطيتها تمنيت الخلافة , فلما أعطيتها تمنيت الجنة )..

إنه الخليفة الأمويّ:



عمر بن عبد العزيز







فاض بيت مال المسلمين يا أمّة القرآن في زمن خلافته !!!


ترى أين سيذهب به !!؟؟


هل سيصدّره إلى بنوك سويسرا, ويفتح له هناك رصيداً !!؟؟
أم سيفتح به قنوات سوبر ستار, وستار أكاديمي وووو !!؟؟؟
أم سينفقه على قصوره وحاشيته , وحرسه وجنده !!؟؟؟
أم سيقيم به حفلات ومهرجانات هنا وهناك في بلاد المسلمين !!؟؟
أم سيصدّر المجون والفسق والدعارة إلى شباب وفتيات الأمة !!؟؟
والله ما علينا يا أمّة القرآن إلاّ أنْ نسمع ونبكي على حال أمتّنا !!!
لم يسمع فقيراً في عهد خلافته يقول له لبيك يا عمر !!
بل أصدر قرارا إسلاميا :
من كان يريد أن يعتق عبداً فليأت إلى مال بيت المسلمين ويأخذ ثمنه ,
ومن كان يريد أن يتزوج فبيت مال المسلمين كفيل به ,
ومن كان عليه ديناً فليؤدي دينه من بيت مال المسلمين !!!
بل قال لامرأته فاطمة بنت عبد الملك بن مروان , وكان عندها جَوْهر, أمر لها به أبوها لم ير مثله :

(( اختاري , إمّا أن تردّي حليك إلى بيت المال , وإمّا أن تأذني لي في فراقك , فإني والله أكره أن أكون أنا وهو في بيت واحد ))..
أجابت فاطمة زوجه السيدة الأولى في عصر بني أميّة , وكان من أهلها تسعة خلفاء :

(( لا بل أنا أختارك عليه ,وعلى أضعافه )) ...

الأمّة في زمنه عجزت أنْ تلد مسكينا, لأنّه صدقَ مع الله فصدَقه الله !!!

(( ولو أنّ أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذّبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون )) [الأعراف : 96 ]
تلك والله هي مبادئ الإصلاح والتغيير التي يجب علينا أن ننهجها يا أمّة الإسلام لنخرج الأمة من كبوتها وغفوتها, وسباتها العميق !!!
فكان أحسن خلفاء بني أمية سيرةً , وأنزههم يداً , وأنقاهم سريرةً ,وهو أشبه بجده عمر فاروق الأمة زهداً وورعاً , وعدلاً وإحساناً !!
من أبويين كريمين هو نسباً وصهراً وحسباً .. كيف لا وأمّه – أم عاصم -حفيدة فاروق الأمة , وأميرها العادل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه -!!؟؟؟
حفظ القرآن وهو صغير .. سبع سنين كان واليا على مدينة الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم , فكان فيها مثالاً للوالي الورع الحكيم , والطاهر التقي !!!

فاروق الأمة يقول :

(( من ولدي رجل بوجهه شجة يملأ الأرض عدلاً ))

صدقت يا أمير المؤمنين !!
صدقت يا فاروق الأمة !!!
والله لقد ملأ شرق الأمة وغربها عدلاً وإيمانا وإحساناً!!!
فقد ضربت عمرين عبد العزيز- رضي الله عنه - دابة في جبهته وهو غلام , فجعل أبوه يمسح الدم عنه ويقول :
(( إن كنت أشجّ بني أمية إنك لسعيد ))....

ركب بغلته أولّ ما ولاّه المسلمون عليهم خليفة , ورفض أصحاب المراكب الفاخرة الوثيرة , وردّها إلى أمصار الشام ليبيعونها ,ويجعلوا ثمنها في بيت مال المسلمين !!...
جاءه سالم السدي حين وليّ عمر بن عبد العزيز – الخليفة العادل - على المسلمين ، فقال له الزاهد المتعبّد خليفة المسلمين -عمر بن عبد العزيز - :
أسرّك ما وليت أم أساءك !!؟
فقال سالم السدي :
سرّني للناس وساءني لك .
فقال له عمر :
إني أخاف أن أكون قد أوبقت ( أهلكت ) نفسي .
قال السدي :
ما أحسن حالك إن كنت تخاف, وإني أخاف عليك ألاّ تخاف ,
فقال عمر:
عظني !
فقال السدي :
أبونا آدم أُخرج من الجنة بخطيئة واحدة


ما أحوجنا إلى مثل هؤلاء العظماء يا أمّة القرآن !!!

ما أحوجنا إلا أن نقتدي بسيرهم , ونسير على نهجهم !!


عمر بن عبد العزيز كان أشبه بجدّه فاروق الأمّة -عمر بن الخطاب- في زهده وتقشفه وورعه , وقوّة إيمانه, وثبات عقيدته !!!
هاهو الخليفة العادل يقف أمام رعيته في أولّ يوم من خلافته فيقول لهم :


(( أيّها الناس , إنه لا كتاب بعد القرآن ولا نبي بعد محمد عليه الصلاة والسلام , ألا وإني لست بقاضِ ولكني منفذ , ولست بمبتدع ولكني متبّع , ولست بخير من أحدكم ولكن أثقلكم حملا , وإنّ الرجل الهارب من الإمام الظالم ليس بظالم , ألاَ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق )) ...

رفع الجزية عمن أسلم منهم , وقام بتنظيم حملات ملؤها الحب والسماحة لنشر كلمة التوحيد في كل أنحاء العالم ... وكثير من أمراء العالم استجابت لدعوة التوحيد في عهده وخاصة أمراء السند ..
حتى إن البربر لم يبقى أحد منهم إلاّ ودخل في الإسلام ...
برنامج حكومته العادلة أول ما بدأها بفك حصار القسطنطينية , ورجوع الجيش إلى بلاده بعدما عانى الويلات من هذا الحصار ..
حكومته كانت حكومة عدل وعلم وهدي , وإدارة وتنظيم , عزل كلّ من بغى وظلم الرعية , وأمر بحلّ حرس الخليفة , وأعطى الفقراء العاجزين عن العمل رواتب تسريح دائمة ...
ردّ الأموال الهائلة , والثروات العظيمة الذي كانت تملكها خزائن بني أمية إلى خزينة مال المسلمين , وقد سرى حكم القانون على كبيرهم وصغيرهم والكل سواسية ..
جمع شمل الأمّة من أقاصيها إلى مغاربها على كلمة التوحيد, فكان أمثولة عظيمة في النسك والتنا صح , والصلاح والتواضع ..

إنه والله بحقّ صفحة رائعة في تاريخ الإسلام , وفي تاريخ الدولة الأموية !!!
وما أحوجنا اليوم والله أن نعود لمثل هذه الصفحات المجيدة من تاريخ أجدادنا , ونهتدي بهديهم , ونسير على خطاهم ,ونقتدي بسيرهم , ونرتوي من مشارب عدلهم , ومن إنصافهم مع رعيتهم , وننهل من كنوز علومهم وآدابهم عسى الله أن يرحمنا ويعيد لأمتنا مجدها وعزتها وكرامتها ؟؟؟؟؟؟





بقلم : ابنة الشهباء