تنامي التعاون بين المدن الأمريكية والمدن الإسلامية

تتولى إحدى منظمات دبلوماسية المواطنين البارزة في الولايات المتحدة، وهي منظمة المدن الشقيقة الدولية تعزيز التفاهم بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي وذلك من خلال زيادة الاتصال بين المواطنين العاديين من مختلف المشارب الثقافية.

ويقول المدير التنفيذي لمنظمة المدن الشقيقة باتريك مادن "إننا منذ الحادي عشر من أيلول/سبتمبر العام 2001، نركز اهتمامنا على السعي أجل تعزيز التقارب بين العالمين الغربي والإسلامي وتبديد سوء التفاهم الثقافي القائم بينهما. وقد حاولنا بناء مزيد من الشراكات وتفعيل الشراكات القائمة بالفعل وذلك عن طريق طرح أفكار جديدة وتوفير فرص جديدة."

وتفيد مديرة برنامج مبادرة الشراكة الإسلامية التابعة لمنظمة المدن الشقيقة جنيفر أوليفر أنه قد بلغ عدد المدن الأمريكية التي أقامت علاقات شقيقة مع مدن في البلدات ذات الأغلبية المسلمة 94 مدينة، وأن هناك 20 علاقة جديدة يجري تطويرها.

وقالت "إننا نعتبر ذلك على أنه يمثل الانتقال إلى المستوى التالي، حيث يكون لنا علاقات في كل ولاية، وفي كل مقاطعة في الولايات المتحدة بأنحاء مختلفة من العالم الإسلامي."

ولتسريع وصولها إلى العالم الإسلامي، تقوم منظمة المدن الشقيقة الدولية بتنظيم جولات من أجل الدعوة إلى الشراكة والسلام، حيث كانت، على مدى السنوات الثلاث الماضية، تصطحب ممثلين من المدن الأمريكية إلى أنحاء مختلفة من المنطقة. وكانت أول جولة يتم تنظيمها إلى المغرب في العام 2006، والثانية إلى مصر في العام 2007.

وأضافت أوليفر "أننا قد شهدنا، في المغرب قيام ست أو سبع علاقات جديدة بين مدن شقيقة. وعندما كنا في مصر، أبدى ممثلون من ثلاث أو أربع مدن أميركية رغبة في إقامة علاقات مع مدن مصرية.

أما مادن فأكد أنه من المقرر أن تشمل الجولة الثالثة كلا من إسرائيل والأردن آذار/مارس القادم، وسيحرص خلالها المشاركون على انتهاز الفرص الاقتصادية؛ مضيفا أن ذلك هو ما قال مسؤولو السفارة الأردنية إنهم يأملون تسفر عنه رحلتنا إلى إسرائيل والأردن في الربيع المقبل. إنهم يودون أن يروا تطور بعض الفرص التجارية وفرص الأعمال.

وقد طورت منظمة "المدن الشقيقة"، التي تأسست في العام 1956 على يد الرئيس الراحل دوايت إيزنهاور، شبكة تضم أكثر من 700 من المدن الأمريكية التي كونت شركات مع حوالي 2500 مدينة في الخارج. ولعبت منظمة المدن الشقيقة في بداية تاريخها دورا حيويا نشطا فى تعزيز الاتصال والتفاهم بين الولايات المتحدة واليابان، الدولتين المتحاربتين خلال الحرب العالمية الثانية، حيث أصبحت تربطهما اليوم صداقة حميمة.

وقال مادن "إن المفهوم الأساسي لهذه الفكرة هو إبعاد الحكومات والدبلوماسية الرسمية وفسح المجال أمام المواطنين العاديين للسفر إلى الخارج من أجل الاجتماع بالمواطنين العاديين الآخرين، والتجول في شوارعهم، وزيارة المواقع الثقافية والحضارية لديهم، وتناول طعامهم، والشيء الوحيد الذي سوف يدركونه هو أننا لا نختلف عن بعضنا البعض. ربما اختلفنا في الرأي، ولكن الأمور المشتركة التي نتفق عليها أكثر من تلك التي نختلف عليها."

ويقول العديد من الأمريكيين لمنخرطين ي حركة المدن الشقيقة إن الإرهاب والمخاوف المتعلقة بالسلامة تحول دون بناء العلاقات بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي وإن معظم الأمريكيين لا يفهمون الثقافة الإسلامية.

وتابع مادن حديثه قائلا "إننا ننظر إلى أنفسنا باعتبارنا سفراء نضطلع بدور تربوي مع عامة الناس ومن خلال شبكتنا وأعضاء منظمتنا حول العالم الإسلامي."

ويضم عمل المنظمة الدولية للمدن الشقيقة، أربع مجالات هي: الفنون والثقافة، والشباب والتعليم، والمساعدات الإنسانية، والتنمية الاقتصادية المستدامة.

وقد عكست علاقات المدن الشقيقة التي أقيمت بين مدينة بالتيمور الأمريكية ومدينتي الإسكندرية والأقصر المصريتين تعزيز المجالات الأربعة الآنفة الذكر. فعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر منها، أن رجل أعمال من بالتيمور زار الإسكندرية منذ عدة سنوات واكتشف أن هناك فرصة متاحة لبناء مصنع لتحويل النفايات إلى وقود الايثانول. وتجري حاليا الترتيبات لبناء هذا المصنع بمجرد الحصول على التمويل النهائي. كما قام أطباء وممرضات وفنيون طبيون من جامعات ماريلاند المختلفة، بما في ذلك جامعة جونز هوبكنز وجامعة ماريلاند، بتدريب نظرائهم المصريين في الإسكندرية والأقصر واستضافوا زيارات متبادلة من نظرائهم. وقد أوفدت بالتيمور أمناء مكتبات في مهمات تدريبية، وجمعت الأموال والكتب اللازمة لدعم مكتبة الإسكندرية، وهي عبارة عن مكتبة حديثة ومركز ثقافي عصري تخلدان ذكرى مكتبة الإسكندرية القديمة.

وجوهر العلاقة بين سان دييغو وجلال أباد في أفغانستان، هو التعليم؛ حيث قامت مدينة سان دييغو ببناء مدرسة في جلال أباد للطلبة من المرحلة الابتدائية حتى الثانوية، وجهزتها بالكتب ونظمت برامج التبادلات الخاصة بتدريب المعلمين والأكاديميين. وقد أسفرت هذه العلاقة عن قيام شراكة متينة بين جامعة الولاية في سان دييغو وجامعة نانغارهار للمساعدة في إعادة تأسيس برامج التعليم العالي في مجالي الهندسة واللغة الإنجليزية في نانغارهار. أما هيوستن، التي تعد العاصمة غير الرسمية للنفط في الولايات المتحدة، فقد كونت علاقات مدن شقيقة مع باكو، في أذربيجان، وأبو ظبي، بالإمارات العربية المتحدة، وكلاهما دولتان منتجتان للنفط.

وفي الوقت الذي تتواصل فيه المدن في الولايات المتحدة والبلدان الإسلامية من أجل تكوين روابط مدن شقيقة، فإن أوليفر تحثها على البحث عن "أوجه الشبه" التي ستمكنها من الترابط فيما بينها وبناء علاقات طويلة الأجل. وتقول إن من الأهمية بمكان وجود بعض أوجه التشابه بين المجتمعين – عدد السكان والصناعات، والمعالم الجغرافية والموانئ. إذ إنه حين يوجد فرق كبير في الحجم أو أنها تركز على مجالات مختلفة، فمن الصعب الحفاظ على هذه العلاقات.

المصادر: يو إس انفو- فيليب كوراتا