الأخت الكريمة امال حيدر عابدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طرحتِ أختي الكريمة مجموعة من التساؤلات المشروعة في مداخلتك الثانية. لن أجاوب على أسئلتكِ, لكنني سأحاول شرح الموضوع شرحاً شاملاً أرجو أن تجدي فيها رداً شافياً وافياً على تساؤلاتها المشروعة.
لكن لا بد من البداية التنبيه إلى أنني لستُ من أهل العلم ولا حتى طالب أو طويلب علم, ولا أزيد على أن أكون مسلماً مثل أي مسلم آخر.
جاء الإسلام ليُخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد, وتميزت رسالة الإسلام بأنها رسالة شاملة متكاملة, وأنها تشريع شامل متكامل, لم تترك شيئاً في حياة المسلم إلا نظمته.
من تكامل شريع الإسلام أنه نظم المسؤوليات, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والولد راع في مال أبيه ومسؤول عن رعيته، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته).
http://www.balagh.com/deen/0f1bbty9.htm
هذه المسؤولية ليست تشريفاً بل تكليفاً.
الإمام مسؤول عن الرعية, ليس لأنه أفضلهم عند الله بالضرورة, بل قد يكون هناك الكثير من الرجال والنساء والأولاد والبنات ممن هم خيرٌ منه عند الله, لكن الله أوجب طاعته – في غير معصية الله تعالى – لضمان مصلحة العباد.
عن أبو ذر الغفاري رضي الله عنه قال: ((قلت لرسول الله (صلى الله عليه وسلم: ألا تستعملني))؟ يعني تجعلني أميراً أو والياً على أحد الأمصار. فضرب رسول الله على كتفي وقال لي: ((يا أبا ذر، إنك رجل ضعيف وإنها أمانة يوم القيامة خزي وندامة إلا مَن أخذها بحقها وأدّى الذي عليه فيها)).
الرجل مسؤول عن زوجته, ليس لأنه خيرٌ منها, بل قد تكون هي عند الله خيراً منه, لكنها حكمة الله تعالى الذي خلق الرجل والأنثى, فجعل عقل الرجل يغلب عاطفته, وجعل عاطفة المرأة تغلب عقلها, ولله من الحكمة في هذا ما يخفى علينا نحن البشر, قال تعالى: (وما اُتيتم من العلم إلا قليلاً).
قال تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ) النساء, 34. والحكمة بينها الله تعالى بقوله : ( بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) فهذا تفضيلٌ قضاه الله عز وجل وحكم به، لا يُسأل سبحانه عما يفعل وهم يُسألون.
هذه القوامة ليست قوامة تشريف, بل هي قوامة تكليف, قوامةٌ يُحاسب عليها الرجل حساباً عسيراً يوم القيامة إذا لم يؤدها على النحو الذي كلفه الله به.
http://www.ebnmaryam.com/qwamah.htm
قال الله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ } [البقرة : 228]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن لكم على نسائكم حقاً ولنسائكم عليكم حقاً " رواه الترمذي وصححه .
الرجل مكلف بنفقة زوجته, فإن قطع النفقة – وهو قادرٌ عليها – جاز للزوجة أن تشتكيه إلى القاضي الشرعي.
إن ضرب الرجل زوجته ضرباً مبرحاً مؤذياً, جاز لها أن تشتكيه إلى القاضي الشرعي.
إن كان الرجل يعاني من مرض جنسي – كاالعانة – يمنعه من أداء واجباته الجنسية, جاز للزوجة الطلاق منه.
هذه الأمور معروفة عند أهل العلم.
لمعرفة حقوق الزوجة لدى زوجها:
http://www.denana.com/articles.php?ID=3227
لا يجوز للرجل أن يزوج ابنته أو من له حق الولاية عليها بدون موافقتها, ولها أن ترفض الزواج عندئذٍ.
لا يجوز للرجل أن يمنع ابنته أو من له حق الولاية عليها من الزواج لأنه يريد الاستيلاء على مالٍ لها من إرث أو لأنه يريد الاستيلاء على مرتبها, وكم من أبٍ يعيش على رواتب بناته العوانس. عندئذٍ تسقط ولايته عليهن, فيشتكين للقاضي, فيزوجهن بنفسه, أو يوكل ولايتهن إلى قريبٍ لهن يخاف الله فيهن.
هل الأمر يكون من الأعلى إلى الأدنى؟
الأمر يكون من المسؤول إلى من هو مسؤول عنه.
الإمام يأمر الرعية فيطيعونه – في غير معصية الله تعالى – مع أن فيهم خيراً منه عند الله تعالى.
الزوج يأمر زوجته فتطيعه – في غير معصية الله تعالى – مع أنها قد تكون خيراً منه عند الله تعالى.
الابن والبنت يطيعان والديهما – في غير معصية الله تعالى – مع أنهما قد يكونان خيراً من أبويهما عند الله تعالى.
الأستاذ يأمر التلميذ فيطيعه – في غير معصية الله تعالى – مع أن التلميذ قد يكون خيراً من الأستاذ عند الله تعالى.
قائد الجيش يأمر فيطيعه الجنود – في غير معصية الله تعالى – مع أن فيهم من هو خيرٌ منه عند الله تعالى.
إذا أخل الناس بنظام المسؤوليات الذي شرعه الله تعالى للناس, اختل نظام المجتمع, وعمت الفوضى, لذلك جعل الله ثواباً لمن يلتزم بنظام المسؤوليات وعقاباً لمن يُخل به.
عقوبة عقوق الوالدين
http://www.ishraqa.com/newlook/art_d...=198&Cat_ID=16
ثواب بر الوالدين
http://aljannahway.com/vb/showthread.php?t=255
كذلك جعل الله ثواباً للمرأة إذا أطاعت زوجها, وعقاباً إذا عصته.
ومقابل ذلك جعل الله للرجل ثواباً في حسن معاملته للمرأة, وعقاباً إذا ظلمها وأساء معاملتها.
فالأمر بين ترغيب وترهيب.
ليعيش الرجل والمرأة حياة هنيئة, لا بد من أن يحسنا اختيار بعضهما بعضاً.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك).
المرأة العاقلة تختار الرجل الذي يعينها على أن تعيش دنياها بسعادة في طاعة الله وتدخل الجنة.
الرجل العاقل يختار المرأة التي تعينه على أن يعيش دنياه بسعادة في طاعة الله ويدخل الجنة.
والله أعلم
أعلم أني لم أُجب على كل تساؤلاتكِ.
يمكنك طرح هذه التساؤلات على الموقع التالي:
http://islamqa.com/index.php?ln=ara
المفضلات