اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طارق عليان مشاهدة المشاركة
فرغت كل رصاصاته ولم يتبق في جعبته شيء, تقدمت منه الفوهات السوداء تتبعها الملابس الداكنة, قيدت يداه من الخلف, سيق ككبش فداء إلى مصيره, عقله الذي لا زال متخما بأصوات الطلقات التي شقت عتمة الليل آلاف المرات, لم يسعفه عقله المنهك من تصور مصيره, ولكنه خمن من طول المسافة المقطوعة أنه لن يقتل, فلو أرادوا موته لأردوه قتيلا في مكانه.
سار متثاقلا إلى الأمام, تدفعه ثلاث بنادق محشوة بالموت, كان يعرج في مشيته قليلا, جراء خدش رصاصة أثناء الليل, ومن خلفه البنادق تحثه على المضي قدما وبسرعة, أراد أن يخمن فقط أي عضو من جسده سيتلقى الرصاصة الأولى, هل ستكون في اليدين؟ في القدم اليمنى أم الأخرى؟ لم يستطع التخمين! سار فقط إلى مصيره المحتوم.
وصلوا إلى مكان بعيد عن الناس والمارة, مال أحدهم على أذنه وهمس:
- يمكنك أن تقرأ الشهادتين إذا أردت.
- لماذا.
- لأنك ذاهب إلى حيث لا عودة.
إنه الموت إذن, لا بأس, وقف قبالتهم, طلب منهم أن يفكوا وثاقه, فهو يرغب في لقاء مصيره بدون قيود, نظروا إلى بعضهم البعض, تقدم أحدهم منه وفك وثاقه, نصبت البنادق نفسها تجاهه, نظر إليها مليا, ثم نظر إليهم, قرأ في عيونهم موته, لكنه أصر أمام هذا المشهد الدراماتيكي أن يرفع يده إلى شعره, ويصف خصلاته جانبا كما تعود دائما كلما سقطت لتغطى عيناه, نظروا إلى بعضهم البعض باستغراب, لماذا؟هل يجب أن يبدو الإنسان جميلا أمام الموت؟
سقطت الفكرة علي عقولهم, لم يعرفوا لها مصدرا, لكنها أجابت على تساؤلاتهم:
إنه لا يزال إنسانا حيا حتى الآن.
انتهى
طارق عليان
لقطة جميلة.. ستصبح جميلة جدّاً..
لو أصبحت قصيرة جدّاً..
تحيّاتي الطيّبات