المقامة اللوذعية في شرح المكيدة النسوية
حادثنا أبو العريف الهمام ... الخبير بالعقول والأفهام، ومنه تؤخذ الحكمة وموثوق الكلام، والذي له باع طويل وأبحاث عظام ... وقد استعانوا به مؤخراً في تفسير كوابيس بوش بعد إعدام صدام... فقال:
" درجت بنات حواء ... من فتيات ونساء، على أن يلهجن بالدعاء، في كل صباح ومساء... أن يكرم الواحدة منهن بعريس، سواء كان شاباً فتياً أو حتى عجوز فطيس... ولهن في نيل هذا المطلب ،وتحقيق هذا المأرب، حيل وأساليب، لو اطلع عليها رضيع لبلغ من لحظته المشيب...
في البداية تأتيك تتبختر، وبـ " كريستيان ديور" تتعطر، وتكون قد قضت ساعتين عند المزين " تتكوفر"، وتظن أنك غر ساذج يغيرك امتشاق القد وحسن المظهر... فإذا ما رأتك لحسنها زاهداً، اغتاظت وطفقت تفكر جيداً...
وفي نفسها تقول ما دام هذا المتحذلق يميل للفكر وحديث العقول.... فليكن الأمر كما شاء، ولأرتدين له رداء الفلاسفة والحكماء... ثم تعود إليك، وتنفث دخان الحكمة أمام ناظريك، وتحادثك عن أفلاطون وأرسطو، وتسرق الكلمات وتسطو... و لا تفتأ تتحرك كطاووس بعلمها تزهو، وهي لعمرك ليست إلا رسول حرب لأرضك يغزو....
فإن وجدت منك الإعراض، بحثت ثانية في جعبتها المليئة بالخفايا والأغراض... فتلقي رداء الحكمة بعد أن وصمه جهلها وبه تلطخ، وتتحول في كلامها إلى حديث الطهي والمطبخ ... تحكي لك عن الفتة والثريد، وصينية الرقاق وكم هو مفيد، و الخضروات وما تحويه من فيتامينات وحديد... ومهارتها في صناعة البيتزا وأي فطيرة، وبأنها تفوق كل طاهية حتى "أبلة نظيرة"، وحين تفاجئها بأنك لا تفرق بين طعم ما تحويه الصحون، وتصدمها بما تكابده من متاعب المعدة والقولون ....
تذهب صاحبتنا التي لا تعدم الحيلة، وترجع إليك تعدد في وصفها لمحاسنك الجميلة، وأخلاقك الطيبة الجليلة، وبأنها باتت تشعر كأنها غصن وأنت الخميلة .....
وساعتها يا صديقي يكون عقلك قد أُرهِقً وأُتعِب .. فلا تجد إلا ويدها ممدودة بعنوان منزلها قبل حتى أن تفكر أو تطلب.
ويبدأ النزيف يا سيدي ..
فقد حَطَمَت دروع صَدِكَ بكل فأس ... وما عُدتَ تَدري سماؤكَ من أرضكَ ، ولا القمر من الشمس
و بت تمشط حذاءك إذ تظن قدمك هي الرأس....
وبدون الخوض في باقي التفاصيل، وما أتبعه من خطوبة وشبكة وزفاف و فرح وتهليل.....
وبدون الحديث عن ثواني العسل، و ما جرى وحصل و كيف تحول " المارونجلاسيه" إلى فسيخ وبصل.
بعدها أيها المسكين الغلبان ... تبدأ مرحلة الإدراك والفوقان ... وتبدأ في استكشاف ما كنت عنه مغيب غفلان، وتبدأ تكره يوم مولدك وتقول يا ليته ما كان .....
فكل آمالك قد ذهبت أدراج الرياح، وصرت تبكي على عز ذهب وراح، وتذرف الدمع على طموح وتكثر النواح
فيا أيها الغافل لن يعينك العويل أو الأنين ... ولا الجعجعة بلا طحين
تقول أنك قررت أن تجعل لقصة حبك نهاية سعيدة... وما كنت تدري كيف هي الحياة الجديدة ....
ألم يكن لك فيمن سبق نموذجاً وعبرة... فيا لك من أحمق لم يتعظ من مصيبة غيره
ألم تسمع بعنترة ... وما حدث له وما جرى ؟؟!!!
كم من بيت شعر تذكر له، يحكي عن عشق عبلة و الوله، أتذكر أحاديثه عن الهوى الذي زلزله، وسهم لحاظها الذي جندله ...
أتذكر كيف كان أبو الفوارس، وحكايات خاطبي عبلة ذوي العروش والطنافس...
وطلب أبيها للنياق العصافير من أرض النعمان، وكيف انبرى بن شداد وقال أنا الفتى أنا الحمدان...
وراح في الربع الخراب وكيف لقيه النعمان بالبشر والترحاب، وأنزله بمجلسه وأغدق عليه مما لذ وطاب ...
آه ... يا ولدي ...
ليته بقي وما عاد، أو تاه في الصحاري والنجاد .... لكنه قدره لا فرق بين لونهما هو أسمر وحظه أسود من السواد ...
فبعد كل هذه الأبيات والأشعار، والسفر في البراري والقفار، ومواجهة الموت وركوب الأخطار .... عاد عنترة، أتراه تزوجها أم أخذ مقلب يا ترى؟!
الظن يا ولدي أنها تزوجها ... نعم تزوجت عبلة من عنترة ...
أتدري ما الدليل؟ وما سبب تأكيدي على هذا التفسير والتأويل ... لأنه ككل من تزوج فارقه الابداع و وسارع بالرحيل ...
فبالله عليك هل سمعت بعد عودته أي شعر، وهل سمعت عن مصير الجمال والنوق الحمر....
هو الزواج يا صديقي قتل في الرجل كل بديع، واسكت فيه من القول ما كان يردده الجميع، وأطفأ نار الهوى بجنبيه وأحل بقلبه الصقيع....
لك الله يا عنترة .. يا من كنت السباق والقسورة ... هذه آخرة زواجك منها ...
فمرحباً بك في المؤخرة
المفضلات