أجرى الحوار مها بنسعيد
جامعة محمد الخامس، أكدال، الرباط
كلية الآداب والعلوم الإنسانية
مسلك تاريخ بنيات الشعر المغربي الحديث
الفوج الأول: 2006/2009

محمد يحيى قاسمي
من مواليد سنة 1960 بمدينة وجدة.
تابع دراسته العليا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة.
حصل على شهادة الإجازة في الأدب العربي سنة1985 في موضوع النزعة الثورية في شعر محمود درويش.
التحق بسلك تكوين المكونين-كلية الآداب جامعة محمد الخامس الرباط عام1986.
عين أستاذا مساعدا بكلية الآداب جامعة محمد الأول وجدة عام 1988. حصل على دبلوم الدراسات العليا من الكلية نفسها في موضوع :
الكتابة النقدية عند محمد بن العباس القباج:جمع ودراسة عام 1991.
حصل على دكتوراه الدولة سنة2000 في موضوع :
النقد الشعري في المغرب1900-1960. من الكلية نفسها .

يعمل حاليا أستاذا جامعيا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة .
وهو رئيس لوحدة التكوين والبحث في: بيبليوغرافيا الأدب المغربي الحديث ( دبلوم الدراسات العليا المعمقة + الدكتوراه).

الأعمال المنشورة :
• بيبليوغرافيا الشعر العربي الحديث بالمغرب(مشترك) مع أحمد سيحال –منشورات كلية الآداب – مطبعة شمس- وجدة -1996؛
• بيبليوغرافيا القصة المغربية –مطبعة الجسور - وجدة – 1999؛
• سيرورة القصيدة – منشورات اتحاد كتاب المغرب –مطبعة فيدبرانت الرباط -2000؛
• بيبليوغرافيا الرواية المغربية – مطبعة الجسور – وجدة -2002؛
• الكتابة الأدبية عند أحمد زياد – منشورات كلية الآداب – وجدة –2002؛
• بيبليوغرافيا المسرح المغربي (مشترك) مع مصطفى رمضاني– مؤسسة النخلة للكتاب – وجدة- 2003؛
• الرواية المغربية المكتوبة بالعربية ( مشترك ) مع عبد الرحيم العلام–منشورات وزارة الثقافة-الرباط-2003؛
• بيبليوغرافيا الأدب المغاربي المعاصر – بدعم من وزارة الثقافة –منشورات ضفاف - مؤسسة النخلة للكتاب – وجدة – 2005؛
• بيبليوغرافيا المبدعات المغارييات(مشترك) مع زهور كرام -دار الأمان –الرباط؛2006.
• خصائص الرواية المغربية بالجهة الشرقية (مشترك ) مع جميل حمداوي – وجدة – 2006 .
• الإبداع الأدبي المعاصر بالجهة الشرقية من المغرب – مطبعة الجسور – وجدة -2009.
• الأدب المغربي المعاصر – منشورات وزارة الثقافة – الرباط -2009 .
• الإبداع المغربي المعاصر بالجهة الشرقية – منشورات مقاربات – 2009 .

نشر مقالاته بالمنابرالتالية :
• المجلات : أفروديت - الثقافة المغربية – قاف صاد- كتابات – مجلة كلية الآداب وجدة – المناهل – علامات - الرافد (الإمارات العربية) – الزمان (لندن) ...
• الجرائد: العلم الثقافي – البيان الثقافي – المنعطف الثقافي - الملحق الثقافي للاتحاد الاشتراكي.

الــــحــــــوار :1.
متى صارت علاقتكم بتوثيق الشعر المغربي الحديث؟ومتى ظهر في المغرب ومن هم رواده؟

أما علاقتي بالشعر المغربي فهي قديمة وقد بدأت قراءة وترجع إلى أيام الجامعة، ثم بحثا ودراسة في مرحلة الدراسات العليا بالرباط حين أنجزت بحثا عن ديوان (رماد هسبريس) للمرحوم محمد الخمار الكنوني .ثم توثيقا حين اشتغلت بالكلية فأنجزت بحثا سنة 1992 عن حصيلة الشعر المغربي بالجهة الشرقية فاكتشفت من خلال الحضور (شعراء وأساتذة وباحثين وطلبة) واندهاشهم لحجم حضور كثير من الأسماء الشعرية التي تنتمي للجهة الشرقية ولا علم لهم بها ، وهي قريبة منهم . فكيف بالأسماء البعيدة عنهم . من هنا جاءت فكرة توسيع النطاق الجغرافي من الجهوية إلى الوطنية فكانت النتيجة هي كتاب (بيبليوغرافيا الشعر الحديث بالمغرب) الصادر عن كلية الآداب بوجدة عام 1996 .
واستجابة لرغبة الإخوة في المكتب المركزي لاتحاد كتاب المغرب حينت المعطيات الخاصة بالمجموعات الشعرية فأثمرت كتاب (سيرورة القصيدة) الصادر عن الاتحاد عام 2000 .

أما بخصوص سؤالك عن رواد توثيق الشعر المغربي فيصعب الإشارة إلى اسم بعينه، ولكننا نستطيع الإقرار بأن محاولات التعريف بالشعر المغربي الحديث كانت دائما قائمة ولا أدل على ذك كتب التراجم والمنتخبات والاختيارات وإن لم تكن غايتها التوثيق دائما ، ويمكن أن نذكر في هذا الباب مؤلفين رائدين هما : (تاريخ الشعر والشعراء بفاس) لأحمد النميشي و(الأدب العربي في المغرب الأقصى)لمحمد ابن العباس القباج.

2. كيف يمكننا الحديث عن المقالات النقدية للشعر المغربي الحديث في غياب الدراسات التوثيقية؟

من المجازفة أن نقر بغياب دراسات توثيقية للمقالات النقدية للشعر المغربي الحديث.قد يكون الأمر صحيحا بخصوص تلك الدراسات التي ظهرت في فترة متأخرة (ما بعد 1983) أما قبلها فبحكم اطلاعي على كثير من الأبحاث الجامعية فيمكنني الإقرار بأن مرحلة ما قبل التاريخ المذكور قد غطت كل الدراسات النقدية وفي جميع الأجناس، ويكفي أن نعود إلى بحث الأستاذ عبد المجيد عينية الذي وثق المقالة الأدبية في المغرب من بداية القرن إلى غاية 1930 وإلى بحث الأستاذ محمد بلشهب الذي فهرس المقالة الأدبية من 1930 إلى 1956 وإلى بحث الأستاذ عبد الإله تازوت التي وضع فهرسا للمقالات النقدية الصادرة ما بين 1956 إلى 1980 .وقد كان لي إسهام في هذا الباب إذ فهرست كل مقالات نقد الشعر المنشورة في المجلات المغربية الصادرة ما بين 1900و1960 .ويمكن أن أضيف إلى كل ما سبق مؤلف الأستاذ عبد الرحمن طنكول ، وهو عمل رائد في بابه ، نحاول أن نستكمل مسيرته في فهرسة الأدب المغربي الحديث وتوثيقه كتابا ومجلة وملحقا .
الإشكال الوحيد في الأبحاث المذكورة (عدا كتاب طنكول) أنها أبحاث مركونة في الرفوف ولا يصل إليها الباحثون ومن ثم يبطل مفعولها في إفادة الباحثين وإمدادهم بما يحتاجونه فيضطرون إلى إنجاز المنجز فتضيع بذلك مجهودات سابقيهم سدى . مهمتنا نحن هي التعريف بالأعمال المذكورة ، ومهمة القائمين على الشأن الثقافي والعلمي في المغرب هي نفض الغبار عن هذه الأعمال حتى يستفيد منها الباحثون وتمكننا من تقويم تجربتنا النقدية في جميع مراحلها دون اجتزائها أو بترها أو تجاوزها أو حتى جهلها لأن جهلنا ببعض الأمور يدفعنا أحيانا إلى الإقرار بعدم وجودها . وهو الأمر الذي دفع كبار مثقفينا إلى الجهر بالقول بأن لا وجود لنقد مغربي في مرحلة الحماية مثلا . وهو حكم ناتج عن عدم الاطلاع على مثل تلك الأعمال الرائدة التي ذكرت .

3. هل خضعت الدراسات الخاصة بتوثيق المقالات الخاصة للشعر المغربي الحديث للدقة والمواصفات والمعايير التوثيقية؟

أستطيع الجهر بالقول إن الأعمال التي ذكرت آنفا (وقد تكون هناك أعمال أخرى لم أطلع عليها ) هي رائدة في بابها، فهي وإن لم يكن التوثيق إلا اجتهادا منها وإضافة لأن همها كان دراسة المقالة الأدبية إلا أنها اتبعت منهجا علميا دقيقا في التوثيق.وتعود سبل النجاح –في نظري – إلى ثلاثة أمور هي :
- اشتغال الباحثين بالمصادر مباشرة دون الاعتماد على الرواية .
- تسلح الباحث المغربي عموما بآليات البحث العلمي الرصينة منذ دخوله أسوار الجامعة. وتتطور هذه الآليات لديه في مرحلة الدراسات العليا بشكل لا يقبل التهاون والاستهتار .
- اشتغال الباحثين تحت سلطة أساتذة مشرفين لهم باع طويل في البحث العلمي لا يسمح إلا بما هو رصين ودقيق ومشرف .

4. تناولتم توثيق الشعر والرواية والقصة والمسرح . ما هي أبرز التصورات التي توصلتم إليها من خلال الأبحاث التي تم فيها التوثيق؟

هي ملاحظات كثيرة ومنها :
• جهل القراء والباحثين بحجم ما يصدر للأدباء المغاربة من أعمال أدبية .
• تفشي هذا الجهل رغم وجود أعمال توثيقية تعين القارئ على تبديد جهله الأول ، ومن ثم تصبح الأعمال التوثيقية بحاجة إلى من يعرفها .
• عملية التوثيق عملية صعبة تحتاج إلى تفرغ كامل وإلى إرادة صلبة وإلى هاجس وطني يجعلك تتابع آخر الإصدارات شهريا وأسبوعيا بل يوميا . هاجس يجعلك تتنقل من خزانة إلى أخرى ، ومن مدينة إلى أخرى (الكتاب قد يوزع في المدينة التي نشر بها فقط) .
• عملية التوثيق عملية تحتاج إلى فريق عمل ، وللأسف يقوم بها في المغرب أفراد يجتهدون من تلقاء أنفسهم دون توجيه أو تخطيط .

5. هل يمكنا القول بأن توثيق الشعر المغربي الحديث على أحسن حال؟وهل الدراسات التي قدمت حول التوثيق فعلا خدمت الشعر المغربي الحديث أم لا؟

إذا جمعنا كل الأعمال التوثيقية الخاصة بالشعر المغربي الحديث نستطيع أن نطمئن إلى النتائج التي توصلت إليها إذ لولاها لما كان بإمكاننا التعرف إلى التراكم الشعري الحديث في المغرب ، والسؤال الذي يطرح هل استفاد الباحثون من هذه الأعمال ؟ وهل يعلمون بوجودها ؟ أم أنها هي نفسها تحتاج إلى تعريف ؟

6. ما هي التوجهات التي يمكن أن ننصح بها من يود الاشتغال في التوثيق؟

التوثيق عتبة للدراسة النقدية ، لذلك فهي مهمة شاقة ومتعبة ، ويخطئ أساتذتنا حين يكلفون طلبتهم بمجهودين كبيرين هما التوثيق والدراسة ، في الوقت الذي ينبغي أن تسير العمليتان في خطين متوازيين ، ليتفرغ من له الاستعداد في توثيق الشعر المغربي لهذه المهمة ، وحين تكون شغله الشاغل فإنه يتفانى فيها ويبدع فيها. ومن أهم شروطها الصبر وعدم التسرع في إنهاء العمل والتنقيب عبر مختلف المصادر ، والتنقل بين الخزانات العامة والخاصة وبين الأكشاك بل البحث في الأسواق الشعبية عند بائعي الكتب المستعملة .
7. ما هو دور التوثيق وأهميته في المجال الأدبي؟

التوثيق ذاكرة الأمة ، يحفظ تاريخها في كل المجالات ، ولا معنى لتاريخنا الأدبي دون ذاكرة تلملم أجزاء هذا الأدب المتناثر هنا وهناك بين المخطوط والمرقون والمطبوع والمنشور عبر الدوريات والصحائف .
8. ما هو تصوركم لآفاق توثيق الشعر المغربي الحديث ومستقبله ؟

توثيق الشعر المغربي ينبغي أن ينتقل من المجهود الفردي إلى المجهود المؤسساتي، هذا الذي ينقصنا في المغرب إذ الأعمال المنجزة علميا الآن هي أعمال تكفل بها أفراد لهم غيرة على الأدب المغربي ، ولم تكلف المؤسسات الثقافية (وزارة الثقافة – الخزانة الوطنية – اتحاد كتاب المغرب ) نفسها أخذ المبادرة للارتقاء بهذا العلم (علم التوثيق) إلى أعلى مراتبه عن طريق تنظيم المشتغلين والمهووسين بهذا العلم في إطار جمعية مؤطرة من لدن أساتذة مختصين في المجال حتى تضمن مشروعية أكبر لما يقومون به في إطار استراتيجية محكمة لها أهدافها وغاياتها الواضحة .

9. ما هي بعض المعيقات التي تقف أمام من يروم توثيق الشعر في المغرب الحديث؟

أولاها :التكوين الهش للطالب المغربي ، الذي لا ينضج غالبا إلا في مرحلة الدراسات العليا.
ثانيتها : غياب علم التوثيق - بمختلف تسمياته – عن مقرراتنا، وبالمناسبة فإن هذا العلم ينبغي أن يكون من المواد الأولى والأساسية في المقررات الجامعية إلى جانب علم التحقيق وتقنيات البحث .
ثالثتها : الاشتغال بالجاهز والمألوف ، والابتعاد عن الأعمال الجادة والمفيدة ، وهو أمر يتحمل مسؤوليته الباحث والمؤطر على حد سواء .
رابعتها : عجزه عن الوصول إلى المصادر العزيزة بسبب ندرتها أو أقدميتها وهو أمر يجعل باحثينا يتهافتون على المألوف والجاهز كما قلت سابقا .

10. ما هي مشاريعكم الإنتاجية والإبداعية المقبلة؟
توثيق الأدب المغربي مشروع لا ينتهي لأن العملية لا زالت في بداياتها نحن الآن في مرحلة ما يعرف بالبيبليوغرافيا الوصفية التي تجمع وتصفف وتوثق على مستويين الأول تجنيسي (شعر –رواية قصة – مسرح –نقد ) والثاني معياري (الكتاب ). انتهينا الآن من هذه المرحلة ، وباستطاعة الباحث أن يقف عند حجم الإنتاج الأدبي المغربي الحديث بكل سهولة من خلال الأعمال البيبليوغرافية المنجزة على مستوى كل جنس . وإذا أردنا تجميع الأجناس في عمل واحد فإن آخر ما سيصدر قريبا في هذا الاتجاه كتاب جامع للأجناس الأدبية الأربعة الكبرى وبكل اللغات المحلية والحية كتاب بعنوان (بيبليوغرافيا الأدب المغربي المعاصر: 1926-2007).وهو من منشورات وزارة الثقافة .
وسيتجه اهتمامي بعد ذلك لمعيار آخر هو الأدب المغربي الحديث المنشور عبر الدوريات والملاحق الثقافية . وسنعمل بداية على توثيق المجلات التي انقطعت عن الصدور مثل : الاختيار وألفين وأقلام والبحور الألف والبديل والجسور والثقافة االجديدة والمدينة والموقف وفضاءات مستقبلية وفضاءات مغربية ومرافئ وغيرها من الدوريات التي لا يعرف منها الجيل الجديد سوى الاسم .

11. هل هناك أشياء تفيد هذا الحوار ،ولم أسأل عنها (إذا كانت هناك إضافات تهم توثيق الشعر المغربي الحديث ولم تطرح في الحوار)لا أعتقد أنه بقي شيء يقال ، فقد كانت أسئلتك جامعة مانعة وفي الصميم ، ومنتقاة بشكل جيد ينم عن استيعابك لكل القضايا التي يمكن أن تقف أمام الباحث في علم التوثيق .

كلمة أخيرة

الشكر موفور لطلبة الماستر المشتغلين بتوثيق الشعر المغربي الحديث ، وأساتذتهم الذين لي علاقة حميمة بهم وعلى رأسهم الأستاذ الشاعر الناقد محمد بنيس ، والصديق الناقد سعيد يقطين وباقي الأساتذة المحترمين الذين أكن لهم كامل الاحترام والتقدير. وأنا على يقين بأن هذه النخبة من الأساتذة الأفاضل لها يد طولى في تكوينكم تكوينا جيدا ، ولها دور في توجيهكم توجيها سديدا لن تضلوا الطريق بعده .