اغتيال الشهيد الحاج عماد مغنية....لماذا دمشق
اغتيل الشهيد الحاج عماد مغنية في مساء يوم الثلاثاء 12/2/2008 في مدينة دمشق .
الحاج عماد مغنية (ابو رضوان) المسؤول العسكري لحزب الله،له تاريخ حافل بالنضال من أجل ليس لبنان وحسب وإنما من أجل الأمة العربية والإسلامية.
التحق الشهيد بحزب الله من الصغر ونال الشرف في تحقيق الكثير من الإنتصارات على العدو الإسرائيلي،طالبت به أمريكا واسرائيل منذ أكثر من عشرين عاماً ،وطرحت جائزة أولى بقيمة خمسة ملايين دولار لمن يقوم بتصفيته،ثم رفعت الجائزة إلى خمسة وعشرون مليون دولار لمن يدلي بمعلومة عنه.
في عام 1983 قام مع مجموعة من المناضلين بإجبار القوات الإمريكية للخروج من لبنان والإلتجاء إلى البوارج البحرية خوفاً من بطشه وخاصة بعد أن تمكنوا من قتل أكثر من مائتي جندي أمريكي في لبنان،كما أن دوره في الحرب الأخيرة حرب تموز بين لبنان واسرائيل كان كبيراً وواضحاً فقد كان من المخططين العسكريين الهامين جداً في تلك الحرب،كما أن إنجازاته في هذا المجال وعلى مدى عشرين عاماً كبيرة جداً.
قبل أن نبدأ الحديث لماذا اختيرت دمشق لتكون مكاناً لتصفية الشهيد أود أن أقول:
لقد اجتمعت الآراء السنية والشيعية والمسيحية- ويؤسفني أن أذكر هذه الكلمات-أن الشهيد شخصية عربية إسلامية مهمة،تصدت للعدو الإسرائيلي بقوة وإيمان بالله وبالنصر،كما أن هذه الآراء خاصة في لبنان لأول مرة تجتمع على شخصية لبنانية بعيداً عن الحس الطائفي الذي نما مؤخراً بشكل ملفت للنظر في الكثير من البلدان العربية.
الشهيد الحاج كان مقلقاً لإسرائيل ولأمريكا ومما جاء على ألسنة بعض هؤلاء الأعداء حول مقتله الآتي:
جورج بوش قال:إن العالم الآن أصبح أفضل بعد مقتل مغنية.
ألمرت قال :إن مقتل مغنية إنجاز عظيم.
أحد الوزراء الإسرائيلين قال:إن اغتيال مغنية أهم من اغتيال فتحي الشقاقي.
رئيس الموساد الأسبق قال:إن عملية اغتيال مغنية عملية ناجحة وممتازة.
يديعوت أحرانوت قالت :إن اغتيال مغنية رد عظيم لحرب تموز وهذه العملية إحدى عمليات الردع المقررة .
كما أكدت على لسان أحد المسؤلين الأعداء أن اغتيال عماد مغنية بالنسبة لإسرائيل أهم من اغتيال أسامة بن لادن بالنسبة للعالم
وإلخ مماجاء من أقوال وآراء من قوى العدو.
لماذا اختيرت دمشق:
هل مكان الاغتيال وتحديده في دمشق آتى عن سبق إصرار وتخطيط من قبل أجهزة الموساد والتي اتفق جميع الأطراف على أنها من قامت بعملية الاغتيال.
أم أن المكان أتى عن طريق المصادفة،أم أن اسرائيل تريد أن تثبت للجميع أن دمشق أمنياً بلد مخترق.
أم لدب النزاع والخلاف بين دمشق الحليف الاستراتيجي لحزب الله ولإيران في المنطقة،على اعتبار أن مثل هذه العملية لا بد أن لها تبعات سياسية لا تحمد عقباها بين هذه الأطراف.
أم أن هذه رسالة لقادة حزب الله ولقادة الجهاد الإسلامي ولخالد مشعل وبعض القادة الآخرين.
أم أنها تهديد للقيادة السورية وإيصال رسالة لها ،فحواها أن اسرائيل قادرة على فعل ما تريد في سوريا ويدها أطول مما تتصور.
كل هذه الأسئلة وغيرها تخطر على البال.
لكن الأجوبة بالطبع مختلفة:
أولاً-اغتيال الشهيد مغنية وأرجح الظن أنه جاء مصادفة ،فالشهيد ملاحق من عشرات السنين،وبالطبع جند الموساد الإسرائيلي آلاف العملاء لتتبعه وصرف ملايين الدولارات للوصول إلى هذا الهدف.
وبالطبع كانت دمشق ضمن الخريطة الجغرافية الموضوعة لتتبع الشهيد،ولو تمكن العدو من اغتياله في لبنان لم تركه إلى أن ياتي إلى دمشق .
وحادثة الاغتيال هذه بحد ذاتها لا تعتبر خرقاً أمنياً لسورية ،فالثغرات موجودة في كل مكان في العالم ولا تستثنى دولة في العالم من هذه الثغرة،وإن كانت رسالة اسرائيل لسورية أن يدها طولى في الأراضي السورية فهذا ليس صحيحاً،لأن المثال موجود في أمريكا ذاتها ،ألم تخترق أمنياً في أحداث /11/أيلول.
وبالتالي لا يعتبر هذا الاغتيال خرقاً أمنياً بكل ما تحويه الكلمة من معنى.
ثانياً- الهدف السياسي لهذه العملية والذي يهدف إلى دب الشرخ بين الحلفاء في سورية وحزب الله وإيران لن يحدث لأن العلاقة استراتيجية بينهم ومثل هذه العملية ولوكان ضحيتها شخصية كبيرة وعظيمة وهامة لكل هذه الأطراف لن يؤثر على العلاقة بينهم ولن يكون من نتائجها إلا زيادة اللحمة بين هذه الأطراف وتوثيق العلاقة ،وربما التفكير المشترك بالرد عليها.
ثالثاً-لم تختر دمشق تحديداً لتنفيذ العملية وإنما شاءت الأقدار أن تتوفر الظروف الملائمة لتنفيذ هذه العملية في دمشق.
ومن حسن حظ العدو أن الظروف كانت ملائمة في دمشق ،وهذا لا ينفي تحمل دمشق مسؤولية توفر هذه الظروف، خاصة وأن دمشق معروفة بقوة أجهزتها الأمنية ،ومعروفة بأنها بلداً مستقراً ،وصعب الاختراق ،
اغتيال الشهيد مغنية خسارة ليس فقط لحزب الله وإنما للأمة العربية والإسلامية ،وعلينا أن نعلم أن اسرائيل لا تفرق بين شيعي وسني ولا حتى مسيحي ،لأن العرب بالنسبة لها كلهم أعداء والسني عدو لها كما الشيعي وكما المسيحي ،ألم يتم اغتيال الشهيد العماد فرانسوا الحاج قائد الجيش اللبناني ،ومعروف عن العماد فرانسوا مواقفه الوطنية الكبيرة،وألم يتم اغتيال النقيب وسام عيد أيضاً لمواقفه القومية والوطنية.
هل ميز العدو الاسرائيلي بين العماد فرانسوا والحاج عماد مغنية ألم يشكلوا كلاهما خطراً على العدو ،لماذا لا ننظر إلى هذا الأمر ونوحد الصفوف ونبتعد عن كل ما يزيد الشرخ بين المذاهب الإسلامية ،لماذا لا ننظر إلى القضية الأساسية في فلسطين والعراق والتي يقتل فيها وبالآلاف الشيعي والسني على حد سواء.
ألم يبكي رموز السنة الشهيد عماد مغنية ليلة أمس ألم تستنكر وتحتج على هذه العملية الإرهابية الخطيرة كل القوى الإسلامية السنية قبل الشيعية في العالم العربي ألم تستنكر كل جماعات الإخوان المسلمين من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب هذه العملية.
ألم يكن الشهيد عماد مغنية شوكة في حلق العدو الإسرائيلي والأمريكي الذ ي دمر وقتل ما يكفي ويزيد من أهلنا العرب شيعة وسنة ومسيحين.
لنتحد إذن بعد اغتيال الشهيد ولنوجه أنظارنا إلى العدو الحقيقي لنا ولنفكر من جديد.
المفضلات