مع انتشار الفقر والبطالة في العراق تحولت أرصفة بغداد لأسواق شعبية يعمل بها باعة كثيرون منهم حملة شهادات عليا لم ينجحوا بتحصيل وظائف حكومية.

ونجح هؤلاء الأساتذة والفنانون والعسكريون بكسب لقمة العيش في بلد عمت الفوضى نظامه الاقتصادي، لكنهم في عراق اليوم يبذلون جهودا شاقة ولا يحصدون إلا قليلا.

ولا تملك البلاد إحصائيات دقيقة عن البطالة بينما يشير المتوفر منها إلى أن نسبة العاطلين عن العمل بين 25% و48%.

وبلغت نسبة الفقر بالعراق حتى يناير/كانون الثاني 2006 حوالي 20% من إجمالي السكان وفق مسؤولة بوزارة الرعاية الاجتماعية العراقية.

وأفادت دراسة أعدها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ووزارة التخطيط والتعاون الإنمائي العراقية ونشرت نتائجها في عمان منتصف فبراير/شباط 2007 أن ثلث الشعب العراقي (27 مليون) يعيش حالة فقر، بينهم 5% يعيشون بفقر مدقع.


مظاهرة احتجاج عمالية في بغداد
(الجزيرة نت-أرشيف)
عاطلو اليوم كوادر الأمس
لم يشهد القطاع العام الذي كان يهيمن على القطاع الاقتصادي في عهد النظام السابق، تصفية كوادر البعث فحسب بل تأثر أيضا وبشكل كبير بالتركيز على بناء مؤسسات حكومية جديدة، وتضرر بطموح الأميركيين تحويل العراق لاقتصاد السوق.

ويتجنب عدد كبير من منتسبي الجيش العراقي السابق الالتحاق بقوات الأمن الجديدة خوفا من الوقوع بفخ العنف الطائفي، هذا إذا لم يحظر عليهم ذلك طبقا لقانون اجتثاث البعث، فيما يفضل آخرون العمل سائقي سيارات أجرة.

ولم يعد يصدق كثر من العراقيين وعود الحكومة بنهوض الاقتصاد مع أن ميزانية الدولة بلغت في السنة الجارية 48 مليار دولار، أي ضعف ما كانت عليه قبل انهيار نظام صدام حسين.

شبه بطالة
بعد أربع سنوات تخرج من كلية الفنون الجميلة تنقل فيها من مكان لآخر حاملا فرش رسم وألوانا بحثا عن عمل لإعالة أطفاله الأربعة وزوجته، يؤكد الرسام سعد زغير (34 عاما) بحثه دون جدوى عن عمل طيلة تلك السنوات.

يضيف زغير المتنقل بين المحال التجارية وسط بغداد بملابسه الملطخة بالألوان أنه مرغم على البطالة أو البحث عن المحسوبية أو الرشوة أو الانتساب لأحزاب سياسية أو البطالة، حاله في ذلك حال مئات الخريجين.



أعمال مؤقتة للاستمرار بالحياة (الفرنسية-أرشيف)
أما أسعد محمد (36 عاما) خريج كلية التربية قبل أكثر من عشرة أعوام عمل مدرسا للجغرافيا خمس سنوات، وفي 2003 أغلق المعهد الذي يعمل فيه فتحول إلى بائع ألعاب ببغداد.

وأوضح الرجل الذي يرتدي ملابس متواضعة ويعتمر قبعة صوفية على رأسه أن الراتب الشهري قبل سقوط النظام لم يكف سد حاجة الأسرة ومع ذلك لم يبحث آنذاك عن وظيفة إضافية.

وذكر مهندس حاسوب بالسابعة والعشرين من عمره اكتفى بذكر الحرفين الأولين من اسمه أنه يعمل أكثر من ثماني ساعات يوميا لضمان حياته، وأضاف أنه دفع قبل أشهر خمسمائة دولار لشخص وعده بوظيفة، لكن دون جدوى.