آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: هل تتمكن ماليزيا من تفادي التقلبات العالمية؟

  1. #1
    أستاذ بارز الصورة الرمزية NAJJAR
    تاريخ التسجيل
    09/05/2007
    المشاركات
    537
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي هل تتمكن ماليزيا من تفادي التقلبات العالمية؟

    مؤشرات الكساد العالمى ومستقبل الصادرات الماليزية
    هل تتمكن ماليزيا من تفادي التقلبات العالمية؟

    يموج الإقتصاد الدولي في هذه الآونة بمتغيرات جديدة قد تعصف ببعض الإقتصادات وتعزز من مكانة البعض. فهناك الإرتفاع الصارخ فى أسعار البترول والذى يعد محفزاً قوياً للإرتفاع في أسعار السلع والخدمات المختلفة في كافة القطاعات. هذا الإرتفاع في المستوى العام للأسعار سوف يترتب عليه زيادة في أجور عوامل الإنتاج المختلفة مما يؤدي بالتالي إلى زيادة تكلفة المنتج النهائية. وبزيادة تكاليف الإنتاج تصبح السلعة الوطنية أقل جذباً للمستهلك الأجنبي وأقل قدرة على المنافسة في السوق الدولية.

    تحذيرات الإقتصادي الأميركي (اليهودى الأصل) والمحافظ الثالث عشر لفيدرالية الإحتياطيات الأميركية في مقتبل هذا العام بأن الإقتصاد الأميركي سوف يدخل في غيبوبة كساد حاد في نهاية هذا العام أو مع بداية العام المقبل قد تكشفت عن عن واقع حقيقي ومعلوماتية متسقة لدى ألان جرينسبان. ولقد صرح جرينسبان بأن حالة الإقتصاد الأميركي آنذاك يوجد بها مؤشرات على إستقرار معدلات الربحية التي كانت متصاعدة، مما يعني أنها في طريقها للتدهور وهو ما يعكس قرب دخول الإقتصاد الأميركي في حالة كساد Recession. ويعد جرينسبان من أكثر الإقتصاديين الأميركيين دراية بالإقتصاد الأميركي حيث تبوأ كرسي الإحتياطيات الفيدرالية الأميركية لأكثر من ثماني عشرة سنة (1987-2006) واطلع بحكم منصبه السابق على أدق التفاصيل الخاصة بالإقتصاد الأميركي. كما أفضى جرينسبان بأن الإقتصاد الأميركي الذي أخذ في التوسع منذ عام 2001 قد ظهرت عليه أعراض الدخول في دورة إقتصادية تنهي حالة التصاعد وتدخل به في غيبوبة كساد.

    موت الرجل المريض: وكما أسلفنا في مقال سابق (أميركا الرجل المريض) فإن حالة الدولار الأميركي لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية بدون وجود غطاء سلعي ثابت (أفضل تمثيل له هو الذهب والفضة)، وأوضحنا كيف تدرج الدولار الأميركي في أخذ مكان الريادة بدلاً من الجنيه الإسترليني. فعندما إنفصلت كل العملات عن الذهب وسقط نظام بريتون وودز الشهير، إحتفظت أميركا بالعلاقة بين العملة (الدولار) وبين الغطاء الذهبي. وفي خلال فترة وجيزة تمكنت الصهيونية العالمية من حشد العالم حول عملة الدولار وتشكيل المؤسسات الرسمية والعلاقات التجارية الدولية علي أساس أن الدولار هو العملة التي تحظى بالقبول في كافة أنحاء العالم. وأصبح من العسير أن تتم عملية تجارية دون الحاجة إلى الدولار في إتمامها. وأصبحت التحويلات الخارجية لأى اقتصاد تتم بالدولار كما أصبحت المؤسسات الدولية وعمليات الإقراض والسداد كلها تتم بالدولار الأميركي. وفي 15 أغسطس عام 1971 إتخذ الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون قراراً خطيراً لم يقف العالم عنده كثيراً، وهو إنهاء العلاقة بين الدولار والغطاء الذهبي وعدم الإلتزام بنظام المعيار الذهبي Gold Standard وكانت هذه هي بداية تحول الإقتصاد الأميركي إلى اقتصاد متطفل يستهلك ما يدخره الآخرون من اليابانيين والهنود وغيرهم ويسرق قوت الشعوب الأخرى بعملات ورقية لا تكلف الاقتصاد الأميركي سوى الحبر والورق، فيما يسمى اقتصادياً باسم Fiat Money. وكان من المفروض أن يتحول العالم عندئذ عن الدولار الأميركي، غير أن العلاقات التجارية الدولية كانت قد استقرت على ذلك وتكدست بلايين الدولارات كاحتياطيات للبنوك المركزية ولم يكن من السهل التخلي عن ذلك، كما كان التخلي عن الدولار يعنى انهياره وبالتالي انهيار أكثر الإقتصادات اقتراناً بالدولار. وبقي العالم هكذا كالجالس على بركان، وهذا البركان اليوم تتصاعد منه أبخرة كثيفة وتلتهب حمى الأسعار فى قاعدته، وليس ممكناً أن يخمد قبل أن يحيل الاقتصاد الدولاري إلى ركام. الدولار الأميركي بدأ في السقوط ولا يعطل الإنهيار التام حتى الآن سوى إصرار الأبوين على الإبقاء على إبنهما حياً وإن كان يلفظ أنفاسه الأخيرة.

    الصين تضع المسمار الأول: لن يحتاج نعش الدولار الأميركي إلى الكثير من المسامير كي يجهز، فهو قد بدأ بالهبوط بشكل عصبي بعيد تنامي الأصوات المطالبة بالتحول عن الدولار إلى اليورو في الصين، وهو ما يعني تخلي الصين عن مساندة الدولار الأميركي وتحويل قرابة واحد ونصف تريليون (التريليون يساوي ألف مليار) إلى اليورو. وسوف تكون هذه ضربة موجعة للإقتصاد الأميركي الذي سيكون عليه أن يستقبل كميات هائلة من الأوراق النقدية من جميع أنحاء العالم تصل إلى 70% من إجمالي المطبوع من الدولار، عند إقدام دولة كبرى مثل الصين على مثل هذا الإجراء الطبيعي المؤجل منذ باكورة السبعينيات. وإذا كان الدولار يهبط لأدنى مستوى أمام اليورو هذا العام ليصبح اليورو مساويا لواحد ونصف دولار لمجرد التفكير في التخلي عنه داخل الدوائر الاقتصادية الصينية، فماذا سيحدث له عندما يكون التخلي عنه ضرورة ملحة وإختياراً أحادياً ؟ لقد انحدر الدولار الأميركي في مقابل اليورو بنسبة 11.50% هذا العام فقط.

    التوجهات داخل الأوبك: لقد أعلنت أكثر من دولة داخل منظمة الأوبك رغبتها في التخلي عن بيع النفط مقابل الدولار الأميركي والتحول تجاه اليورو كبديل مؤقت عن الدولار الأميركي. وكان صدام حسين هو أول من أعلن ذلك وبالتحديد في سنة 2000 وكانت حرب العراق الكارثية. ولقد أعلن جرينسبان فيما بعد أن حرب العراق هي حرب بترولية الأساس. وحين بدأت إيران في التخطيط للتحول عن الدولار إلى اليورو وتكوين بورصة للنفط تعتمد على اليورو، بدأت تداعيات كثيرة ربما تؤدي إلى إشعال حرب جديدة يزعم الرئيس الأميركي بوش بأنها الحرب العالمية الثالثة. وفي الناحية الأخرى فإن دولة مثل فينزويللا سوف ترحب بهذا التحول عن الدولار الأميركي وفقاً لسياسة زعيمها الثائر هوجو شافيز الذي يدعو إلى إشتراكية من منطلق جديد ويقوم بمراجعات دستورية لبلاده، كما أن علاقته بالولايات المتحدة تكاد تكون أسوأ من علاقة الزعيم الكوبي التاريخي فيدل كاسترو بها. وأما بالنسبة إلى مجموعة الدول الخليجية فإن الخسائر التي منيت بها نتيجة لإنخفاض القيمة الشرائية للدولار الأميركي لا تعوضها بحال من الأحوال الزيادة في أسعار النفط حيث إن هذه الزيادة لا ترتبط بمعيار ثابت مثل ربط أسعار البترول بالذهب أو بسَلة من العملات. ويأتي قرار فك الإرتباط بين الدينار الكويتي والدولار في مايو الماضي كنموذج للمجموعة الخليجية في الأوبك حيث تمتعت الكويت بالإبتعاد عن التضخم المستورد والتأثر بإنهيار السوق العقاري الأميركي وتدهور قيمة الدولار بشدة في الأشهر الماضية. وفي الجانب الآخر وكمثال للدول التي تحافظ على ربط عملتها بالدولار نجد أن الدرهم الإماراتي حسب مصادر البنك المركزي الإماراتي فقد منذ بداية 2002 وحتى نهاية 2006 ما يساوي 49% من قيمته تجاه اليورو، و37% تجاه الاسترليني و20%تجاه وحدات السحب الخاصة نظراً لارتباط الدرهم بالدولار، واعتبر محللون ماليون أن هذا الوضع للدرهم لا يعكس واقع الاقتصاد الإماراتي الذي يحقق أفضل نمو في المنطقة. ويبدو أن هناك من الدول من لا يرغب في فك العلاقة بين العملات الخليجية والدولار الأميركي حيث سيؤثر ذلك على خطة مجلس التعاون الخليجي بشأن العملة الموحدة والتي من المفروض أن يبدأ العمل بها خلال عام 2010 أي بعد سنتين ونصف تقريباً. والسبب في ذلك هو أنه لابد لتوحيد العملة من وجود أساس ربط ثابت وهو ما لا يتحقق في سلة العملات، وقد يكون الحل هو ربط العملات بالذهب، غير أن ذلك يحتاج إلى إرادة سياسية قوية لما قد يترتب عليه من الدخول في مناوشات سياسية، حيث سيكون مثل هذا القرار كافياً لتحويل الدولار المترنح إلى ركام من العملات الورقية لا تجدي إلا في تدويرها لتصلح لطباعة الصحف والإعلانات. أما من حيث المدخرات الخليجية فهي لا تحتاج إلى قرار سياسي وسوف تكون سيفاً مسلطاً على رقبة الدولار الأميركي بل والإقتصاد الأميركي برمته. وما ننصح به في مثل هذه الحالة الفريدة من نوعها هو توخي الحكمة عند التحول عن الدولار الأميركي، وألا يكون التحول كله موجهاً نحو اليورو حتى لا يرتفع اليورو بأكثر من قيمته الحقيقية وتصبح المدخرات مهددة أيضاً، هذا فضلاً عن أن انهيار الدولار الأميركي لن يكون عديم الأثر على اليورو والعملات الأخرى، وما يمكن أن يعول عليه المدخرون هو الأصول الثابتة والممتلكات والذهب، وعدم تمويل مشروعات إستثمارية كبرى في البلدان التي تحتفظ بإحتياطي ضخم من الدولار الأميركي، أو التي ترتبط قراراتها الإقتصادية إرتباطاً سياسياً بالقرار الأميركي.
    هل يتأثر الإقتصاد الماليزي بالأزمة؟

    الإقتصاد الماليزي هو إقتصاد رأسمالي حر، لا زالت ترتبط عملته بالدولار الأميركي، ومن ثم فهو عرضة لإستقبال موجات شتى للتقلبات الإقتصادية، كما أنه يخضع للنظام الرأسمالي العام من تقلبات إقتصادية ودورات. ولقد وصلت موجات الغلاء بالفعل إلى المستهلك الماليزي فأطاحت بأثر الزيادات في الأجور والمرتبات التى لم يهنأ بها الماليزيون إلا قليلاً. فارتفاع أسعار النفط قد أضر بالمستهلك العادي كما أضر بالقطاع الصناعي من حيث زيادة تكاليف الإنتاج.
    ومن المتوقع أن تتأثر الصادرات الماليزية بشكل كبير نتيجة لعوامل ثلاثة:

    الأول: إرتفاع تكلفة الإنتاج نتيجة لإرتفاع أسعار النفط، مما يترتب عليه ضعف الطلب الخارجي على السلع والخدمات وفقدها لموقفها التنافسي المتميز، باستثناء السلع ذات الميزة الطبيعية والخدمات ذات العقود طويلة المدى.

    الثاني: إنخفاض القيمة الشرائية للدولار الأميركي سوف يؤدي إلى زيادة القيمة التبادلية للرينجت الماليزي مما يجعل البضائع الماليزية تبدوا أعلى سعراً في السوق العالمي ويؤثر فى الطلب الخارجي عليها ولا سيما أن أميركا تعد من أكبر المستوردين للسلع الماليزية.

    الثالث: حصول موجة كساد عالمي سوف يكون لها تأثير كبير جداً على صادرات معظم الدول وتتعاظم خطورة ذلك التأثير على الدول التى يوصف إقتصادها بأنه إقتصاد تحويلي تصديري ومن أكبر أمثلة هذه الفئة هو الإقتصاد الماليزي الذي يعمل بالدرجة الأولى كإقتصاد تحويلي، يعيد تصدير أكثر من 80% من وارداته. وحيث تعتمد ماليزيا بدرجة كبيرة جداً على السوق العالمي فإن أى موجة كساد يشهدها السوق العالمى سوف ينتج عنها نتائج خطيرة ولا سيما في ظل التوسع الإنتاجي الضخم الذى تشهده المنطقة.

    وتبدوا الحلول غير متاحة في تلك المدة القصيرة التي تتعاظم فيها موجات المد من الكساد، غير أن التحول إلى عملة أخرى غير الدولار الأميركي يعتبر مخرجاً مؤقتاً لحين العودة إلى نظام الذهب والذي سوف يضطر العالم إلى اللجوء إليه إن عاجلاً أو آجلاً.


  2. #2
    أستاذ بارز الصورة الرمزية NAJJAR
    تاريخ التسجيل
    09/05/2007
    المشاركات
    537
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي هل تتمكن ماليزيا من تفادي التقلبات العالمية؟

    مؤشرات الكساد العالمى ومستقبل الصادرات الماليزية
    هل تتمكن ماليزيا من تفادي التقلبات العالمية؟

    يموج الإقتصاد الدولي في هذه الآونة بمتغيرات جديدة قد تعصف ببعض الإقتصادات وتعزز من مكانة البعض. فهناك الإرتفاع الصارخ فى أسعار البترول والذى يعد محفزاً قوياً للإرتفاع في أسعار السلع والخدمات المختلفة في كافة القطاعات. هذا الإرتفاع في المستوى العام للأسعار سوف يترتب عليه زيادة في أجور عوامل الإنتاج المختلفة مما يؤدي بالتالي إلى زيادة تكلفة المنتج النهائية. وبزيادة تكاليف الإنتاج تصبح السلعة الوطنية أقل جذباً للمستهلك الأجنبي وأقل قدرة على المنافسة في السوق الدولية.

    تحذيرات الإقتصادي الأميركي (اليهودى الأصل) والمحافظ الثالث عشر لفيدرالية الإحتياطيات الأميركية في مقتبل هذا العام بأن الإقتصاد الأميركي سوف يدخل في غيبوبة كساد حاد في نهاية هذا العام أو مع بداية العام المقبل قد تكشفت عن عن واقع حقيقي ومعلوماتية متسقة لدى ألان جرينسبان. ولقد صرح جرينسبان بأن حالة الإقتصاد الأميركي آنذاك يوجد بها مؤشرات على إستقرار معدلات الربحية التي كانت متصاعدة، مما يعني أنها في طريقها للتدهور وهو ما يعكس قرب دخول الإقتصاد الأميركي في حالة كساد Recession. ويعد جرينسبان من أكثر الإقتصاديين الأميركيين دراية بالإقتصاد الأميركي حيث تبوأ كرسي الإحتياطيات الفيدرالية الأميركية لأكثر من ثماني عشرة سنة (1987-2006) واطلع بحكم منصبه السابق على أدق التفاصيل الخاصة بالإقتصاد الأميركي. كما أفضى جرينسبان بأن الإقتصاد الأميركي الذي أخذ في التوسع منذ عام 2001 قد ظهرت عليه أعراض الدخول في دورة إقتصادية تنهي حالة التصاعد وتدخل به في غيبوبة كساد.

    موت الرجل المريض: وكما أسلفنا في مقال سابق (أميركا الرجل المريض) فإن حالة الدولار الأميركي لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية بدون وجود غطاء سلعي ثابت (أفضل تمثيل له هو الذهب والفضة)، وأوضحنا كيف تدرج الدولار الأميركي في أخذ مكان الريادة بدلاً من الجنيه الإسترليني. فعندما إنفصلت كل العملات عن الذهب وسقط نظام بريتون وودز الشهير، إحتفظت أميركا بالعلاقة بين العملة (الدولار) وبين الغطاء الذهبي. وفي خلال فترة وجيزة تمكنت الصهيونية العالمية من حشد العالم حول عملة الدولار وتشكيل المؤسسات الرسمية والعلاقات التجارية الدولية علي أساس أن الدولار هو العملة التي تحظى بالقبول في كافة أنحاء العالم. وأصبح من العسير أن تتم عملية تجارية دون الحاجة إلى الدولار في إتمامها. وأصبحت التحويلات الخارجية لأى اقتصاد تتم بالدولار كما أصبحت المؤسسات الدولية وعمليات الإقراض والسداد كلها تتم بالدولار الأميركي. وفي 15 أغسطس عام 1971 إتخذ الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون قراراً خطيراً لم يقف العالم عنده كثيراً، وهو إنهاء العلاقة بين الدولار والغطاء الذهبي وعدم الإلتزام بنظام المعيار الذهبي Gold Standard وكانت هذه هي بداية تحول الإقتصاد الأميركي إلى اقتصاد متطفل يستهلك ما يدخره الآخرون من اليابانيين والهنود وغيرهم ويسرق قوت الشعوب الأخرى بعملات ورقية لا تكلف الاقتصاد الأميركي سوى الحبر والورق، فيما يسمى اقتصادياً باسم Fiat Money. وكان من المفروض أن يتحول العالم عندئذ عن الدولار الأميركي، غير أن العلاقات التجارية الدولية كانت قد استقرت على ذلك وتكدست بلايين الدولارات كاحتياطيات للبنوك المركزية ولم يكن من السهل التخلي عن ذلك، كما كان التخلي عن الدولار يعنى انهياره وبالتالي انهيار أكثر الإقتصادات اقتراناً بالدولار. وبقي العالم هكذا كالجالس على بركان، وهذا البركان اليوم تتصاعد منه أبخرة كثيفة وتلتهب حمى الأسعار فى قاعدته، وليس ممكناً أن يخمد قبل أن يحيل الاقتصاد الدولاري إلى ركام. الدولار الأميركي بدأ في السقوط ولا يعطل الإنهيار التام حتى الآن سوى إصرار الأبوين على الإبقاء على إبنهما حياً وإن كان يلفظ أنفاسه الأخيرة.

    الصين تضع المسمار الأول: لن يحتاج نعش الدولار الأميركي إلى الكثير من المسامير كي يجهز، فهو قد بدأ بالهبوط بشكل عصبي بعيد تنامي الأصوات المطالبة بالتحول عن الدولار إلى اليورو في الصين، وهو ما يعني تخلي الصين عن مساندة الدولار الأميركي وتحويل قرابة واحد ونصف تريليون (التريليون يساوي ألف مليار) إلى اليورو. وسوف تكون هذه ضربة موجعة للإقتصاد الأميركي الذي سيكون عليه أن يستقبل كميات هائلة من الأوراق النقدية من جميع أنحاء العالم تصل إلى 70% من إجمالي المطبوع من الدولار، عند إقدام دولة كبرى مثل الصين على مثل هذا الإجراء الطبيعي المؤجل منذ باكورة السبعينيات. وإذا كان الدولار يهبط لأدنى مستوى أمام اليورو هذا العام ليصبح اليورو مساويا لواحد ونصف دولار لمجرد التفكير في التخلي عنه داخل الدوائر الاقتصادية الصينية، فماذا سيحدث له عندما يكون التخلي عنه ضرورة ملحة وإختياراً أحادياً ؟ لقد انحدر الدولار الأميركي في مقابل اليورو بنسبة 11.50% هذا العام فقط.

    التوجهات داخل الأوبك: لقد أعلنت أكثر من دولة داخل منظمة الأوبك رغبتها في التخلي عن بيع النفط مقابل الدولار الأميركي والتحول تجاه اليورو كبديل مؤقت عن الدولار الأميركي. وكان صدام حسين هو أول من أعلن ذلك وبالتحديد في سنة 2000 وكانت حرب العراق الكارثية. ولقد أعلن جرينسبان فيما بعد أن حرب العراق هي حرب بترولية الأساس. وحين بدأت إيران في التخطيط للتحول عن الدولار إلى اليورو وتكوين بورصة للنفط تعتمد على اليورو، بدأت تداعيات كثيرة ربما تؤدي إلى إشعال حرب جديدة يزعم الرئيس الأميركي بوش بأنها الحرب العالمية الثالثة. وفي الناحية الأخرى فإن دولة مثل فينزويللا سوف ترحب بهذا التحول عن الدولار الأميركي وفقاً لسياسة زعيمها الثائر هوجو شافيز الذي يدعو إلى إشتراكية من منطلق جديد ويقوم بمراجعات دستورية لبلاده، كما أن علاقته بالولايات المتحدة تكاد تكون أسوأ من علاقة الزعيم الكوبي التاريخي فيدل كاسترو بها. وأما بالنسبة إلى مجموعة الدول الخليجية فإن الخسائر التي منيت بها نتيجة لإنخفاض القيمة الشرائية للدولار الأميركي لا تعوضها بحال من الأحوال الزيادة في أسعار النفط حيث إن هذه الزيادة لا ترتبط بمعيار ثابت مثل ربط أسعار البترول بالذهب أو بسَلة من العملات. ويأتي قرار فك الإرتباط بين الدينار الكويتي والدولار في مايو الماضي كنموذج للمجموعة الخليجية في الأوبك حيث تمتعت الكويت بالإبتعاد عن التضخم المستورد والتأثر بإنهيار السوق العقاري الأميركي وتدهور قيمة الدولار بشدة في الأشهر الماضية. وفي الجانب الآخر وكمثال للدول التي تحافظ على ربط عملتها بالدولار نجد أن الدرهم الإماراتي حسب مصادر البنك المركزي الإماراتي فقد منذ بداية 2002 وحتى نهاية 2006 ما يساوي 49% من قيمته تجاه اليورو، و37% تجاه الاسترليني و20%تجاه وحدات السحب الخاصة نظراً لارتباط الدرهم بالدولار، واعتبر محللون ماليون أن هذا الوضع للدرهم لا يعكس واقع الاقتصاد الإماراتي الذي يحقق أفضل نمو في المنطقة. ويبدو أن هناك من الدول من لا يرغب في فك العلاقة بين العملات الخليجية والدولار الأميركي حيث سيؤثر ذلك على خطة مجلس التعاون الخليجي بشأن العملة الموحدة والتي من المفروض أن يبدأ العمل بها خلال عام 2010 أي بعد سنتين ونصف تقريباً. والسبب في ذلك هو أنه لابد لتوحيد العملة من وجود أساس ربط ثابت وهو ما لا يتحقق في سلة العملات، وقد يكون الحل هو ربط العملات بالذهب، غير أن ذلك يحتاج إلى إرادة سياسية قوية لما قد يترتب عليه من الدخول في مناوشات سياسية، حيث سيكون مثل هذا القرار كافياً لتحويل الدولار المترنح إلى ركام من العملات الورقية لا تجدي إلا في تدويرها لتصلح لطباعة الصحف والإعلانات. أما من حيث المدخرات الخليجية فهي لا تحتاج إلى قرار سياسي وسوف تكون سيفاً مسلطاً على رقبة الدولار الأميركي بل والإقتصاد الأميركي برمته. وما ننصح به في مثل هذه الحالة الفريدة من نوعها هو توخي الحكمة عند التحول عن الدولار الأميركي، وألا يكون التحول كله موجهاً نحو اليورو حتى لا يرتفع اليورو بأكثر من قيمته الحقيقية وتصبح المدخرات مهددة أيضاً، هذا فضلاً عن أن انهيار الدولار الأميركي لن يكون عديم الأثر على اليورو والعملات الأخرى، وما يمكن أن يعول عليه المدخرون هو الأصول الثابتة والممتلكات والذهب، وعدم تمويل مشروعات إستثمارية كبرى في البلدان التي تحتفظ بإحتياطي ضخم من الدولار الأميركي، أو التي ترتبط قراراتها الإقتصادية إرتباطاً سياسياً بالقرار الأميركي.
    هل يتأثر الإقتصاد الماليزي بالأزمة؟

    الإقتصاد الماليزي هو إقتصاد رأسمالي حر، لا زالت ترتبط عملته بالدولار الأميركي، ومن ثم فهو عرضة لإستقبال موجات شتى للتقلبات الإقتصادية، كما أنه يخضع للنظام الرأسمالي العام من تقلبات إقتصادية ودورات. ولقد وصلت موجات الغلاء بالفعل إلى المستهلك الماليزي فأطاحت بأثر الزيادات في الأجور والمرتبات التى لم يهنأ بها الماليزيون إلا قليلاً. فارتفاع أسعار النفط قد أضر بالمستهلك العادي كما أضر بالقطاع الصناعي من حيث زيادة تكاليف الإنتاج.
    ومن المتوقع أن تتأثر الصادرات الماليزية بشكل كبير نتيجة لعوامل ثلاثة:

    الأول: إرتفاع تكلفة الإنتاج نتيجة لإرتفاع أسعار النفط، مما يترتب عليه ضعف الطلب الخارجي على السلع والخدمات وفقدها لموقفها التنافسي المتميز، باستثناء السلع ذات الميزة الطبيعية والخدمات ذات العقود طويلة المدى.

    الثاني: إنخفاض القيمة الشرائية للدولار الأميركي سوف يؤدي إلى زيادة القيمة التبادلية للرينجت الماليزي مما يجعل البضائع الماليزية تبدوا أعلى سعراً في السوق العالمي ويؤثر فى الطلب الخارجي عليها ولا سيما أن أميركا تعد من أكبر المستوردين للسلع الماليزية.

    الثالث: حصول موجة كساد عالمي سوف يكون لها تأثير كبير جداً على صادرات معظم الدول وتتعاظم خطورة ذلك التأثير على الدول التى يوصف إقتصادها بأنه إقتصاد تحويلي تصديري ومن أكبر أمثلة هذه الفئة هو الإقتصاد الماليزي الذي يعمل بالدرجة الأولى كإقتصاد تحويلي، يعيد تصدير أكثر من 80% من وارداته. وحيث تعتمد ماليزيا بدرجة كبيرة جداً على السوق العالمي فإن أى موجة كساد يشهدها السوق العالمى سوف ينتج عنها نتائج خطيرة ولا سيما في ظل التوسع الإنتاجي الضخم الذى تشهده المنطقة.

    وتبدوا الحلول غير متاحة في تلك المدة القصيرة التي تتعاظم فيها موجات المد من الكساد، غير أن التحول إلى عملة أخرى غير الدولار الأميركي يعتبر مخرجاً مؤقتاً لحين العودة إلى نظام الذهب والذي سوف يضطر العالم إلى اللجوء إليه إن عاجلاً أو آجلاً.


  3. #3
    مدير مركز واتا للدراسات الآسيوية الصورة الرمزية محمود ريا
    تاريخ التسجيل
    12/09/2007
    العمر
    57
    المشاركات
    369
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    الأستاذ نجار:
    إن موضوع الدولار والتخلص منه هو موضوع مهم جداً وخاصة في هذه الظروف التي يعيشها الاقتصاد العالمي، وقد قدمتَ دراسة متكاملة حول الآثار المترتبة عن قيام الدول بالتخلي عن العملة الأميركية، فأشكرك على ذلك، كما أشكرك على ربط الموضوع بالاقتصاد الماليزي ومدى تاثره بالانهيار الذي يعاني منه الاقتصاد الأميركي.
    إن وجودك في هذا المنتدى يعطيه قوة واستمرارية ويجعله مرجعاً مهماً للتحليلات عن آسيا، فلك كل الشكر ونأمل منك توسيع النشاط.

    مع أطيب التحيات
    محمود

    مدونتي
    http://lebanonway.blogspot.com
    للمهتمين بشؤون الصين
    http://chinainarabic.blogspot.com
    قريباً جداً.. الموقع المتكامل
    www.chinainarabic.net

  4. #4
    مدير مركز واتا للدراسات الآسيوية الصورة الرمزية محمود ريا
    تاريخ التسجيل
    12/09/2007
    العمر
    57
    المشاركات
    369
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    الأستاذ نجار:
    إن موضوع الدولار والتخلص منه هو موضوع مهم جداً وخاصة في هذه الظروف التي يعيشها الاقتصاد العالمي، وقد قدمتَ دراسة متكاملة حول الآثار المترتبة عن قيام الدول بالتخلي عن العملة الأميركية، فأشكرك على ذلك، كما أشكرك على ربط الموضوع بالاقتصاد الماليزي ومدى تاثره بالانهيار الذي يعاني منه الاقتصاد الأميركي.
    إن وجودك في هذا المنتدى يعطيه قوة واستمرارية ويجعله مرجعاً مهماً للتحليلات عن آسيا، فلك كل الشكر ونأمل منك توسيع النشاط.

    مع أطيب التحيات
    محمود

    مدونتي
    http://lebanonway.blogspot.com
    للمهتمين بشؤون الصين
    http://chinainarabic.blogspot.com
    قريباً جداً.. الموقع المتكامل
    www.chinainarabic.net

  5. #5
    أستاذ بارز الصورة الرمزية NAJJAR
    تاريخ التسجيل
    09/05/2007
    المشاركات
    537
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    أشكرك أستاذي الفاضل الأستاذ محمود
    أرجو من الله العلي القدير أن يوفقني إلى إثراء المنتدى بإسهامات مفيدة
    وأشكر لكم تعليقكم المحفز
    بارك الله لنا فيكم


  6. #6
    أستاذ بارز الصورة الرمزية NAJJAR
    تاريخ التسجيل
    09/05/2007
    المشاركات
    537
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    أشكرك أستاذي الفاضل الأستاذ محمود
    أرجو من الله العلي القدير أن يوفقني إلى إثراء المنتدى بإسهامات مفيدة
    وأشكر لكم تعليقكم المحفز
    بارك الله لنا فيكم


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •