نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

يبدو ان مهنة المنجد العربي لم تعد حكرا على النساء لكونها مرتبطة بأعمال الحياكة وتنطيف وفرز الصوف وانما هي مهنة الجميع بمن فيهم الرجال الكبار في ريف القنيطرة الجميل. العم ابو احمد نادر المقيم في تجمعات جديدة عرطوز للنازحين واحد من الرجال الذي ورث هذه المهنة من والده ابن قرية واسط السورية المحتلة وعندما يبدأ بعمله تجده وكأنه في حلبة مصارعة وهو يخيط غطاءً محشوا بالصوف، لكنه يخوض في قرارة نفسه صراعاً آخر يأمل من خلاله أن يحافظ على مهنة التنجيد التقليدية التي اشتهرت القنيطرة ايام زمان، ويتحرك الرجل حول الغطاء الأزرق للغطاء الذي تشوبه ألوان غامقة أخرى في حركة دائرية من خلال وضع طرز متتابعة ومتساوية الأبعاد بين الواحدة والأخرى لتبدو الطرز المتسلسلة وكأنها خطوط تستقيم وتتربع في اتجاهات متعددة تشكل عند التقائها مجموعة كبيرة من الأشكال الهندسية جميلة التشكيل متساوية الزوايا.

ويصف لنا العم ابو احمد مهنة المنجد العربي بقوله: تتطلب مراحل التنجيد النهائية القدرة على التشكيل الهندسي في الخياطة فإنها بحاجة الى خفة حركة يد لكل من يمارسها.

في الماضي كان عدد كبير من الزبائن يرتادون محل التنجيد الذي يعمل فيه والده منذ أربعين عاما، لكن في هذه الأيام بضع زبائن لا يتجاوزون الثلاثة يدخلون المحل لخياطة وتنجيد الأغطية المحشوة بالصوف المأخوذ من الضان البلدي.

وفي هذا المحل الذي يتوسط صفا طويلا من المحلات التي يعمل بعض العمال فيها في التنجيد وبيع الأقمشة وصناعة الأثاث الخشبي نثرت أكوام من الصوف بدا بعضه قد قص حديثا والبعض الآخر افرغ من أغطية قديمة ليعاد تنجيدها من جديد.

يقول العامل المنجد وصفي احمد حسين الذي يستخدم مقصا كبيرا وعصا مأخوذة من شجرة رمان وخيوط بيضاء ومشرط حاد "نعيد نفش الصوف القديم مرة اخرى ليصبح هشاً".

من الأغطية والوسائد وايضا ما هو معد للتنجيد كي تلفحه أشعة الشمس وتتطاير الغبرة العالقة فيها ويصف العمل بأنه "ممتاز" لولا اختراع الإسفنج.

وبعد سنوات على دخول التكنولوجيا الصناعية على خط عملهم عزف المنجدون عن استخدام بعض الأدوات المساعدة في مهنتهم مثل قوس الحديد، والآن يستخدمون ماكينات تعمل بالكهرباء تساعدهم على نتف الصوف ونفشه كي يخرج ناعما ويسهل استخدامه بين طيتي القماش قبل تطريزهما بالطرز.

السيدة وطفة نعيمي وهي زبونة تترد على محلات التنجيد العربي قالت: هناك محلات تحتوي على الآلات التي تعمل دون أن تصدر ضجيجا عالياً، كقرويين نرفد منازلنا بأغطية صوفية ووسائد منجدة تنجيدا عربياً، وقسم آخر من منازلهم يحتفظون بهذه الأغطية وغيرها من الفرش لسنوات دون استخدامها.

اما السيد منهال السطام فقال: في القرى الجولانية يفضلون تنجيد اللحف والأغطية مرة كل عدة سنوات وفي المناسبات مثل الأفراح والأعياد كي يسهل استخدامها بعد تنجيده.

في شوارع وحارات بلدات وقرى القطاع الاوسط يمكن بسهولة مشاهدة المنجدون يجولون على المنازل لتنجيد فراشها. بيد ان أعدادهم أخذت خلال السنوات الماضية تقل شيئاً فشيئاً، والانحسار في عمل هذه المهنة طوال السنوات الماضية دفع بأسعار الصوف المقصوص من قطعان الضأن البلدي إلى الهاوية وانا افضل التنجيد العربي على انتاج معاملنا الآلية لأن رائحة الاجداد تنبعث منه.