آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: مختصَر " الشعر الجرماني " د. شاكر مطـلق - حمص - سورية

  1. #1
    أستاذ بارز الصورة الرمزية الدكتور شاكر مطلق
    تاريخ التسجيل
    01/04/2007
    العمر
    86
    المشاركات
    259
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي مختصَر " الشعر الجرماني " د. شاكر مطـلق - حمص - سورية

    الشعر الجرماني
    ( تقديمٌ مختصَرٌ )

    مـدخل عام
    ( حول الأدب واللغة الألمانية )
    دراسة : د. شاكر مطلق

    الأدب ( Literature ) ، بمفهومه الواسع ، يَضمَ كلََّ ما أنجزه الإنسان والشعوب في كل الأزمان والعصور من نتاج فكري موثق كتابة ، سواء كان هذا التوثيق على شكل نقوش مختلفة المحتويات والأهداف ، أم على شكل وثائق مخطوطة باليد أو مطبوعة في كتاب .
    عندما نتحدث هنا الآنَ عن الأدب العالمي ، فإننا بالطبع لا نتحدث عن الأدب بالمفهوم الوارد أعلاه وإنما نتحدّث عن مختارات من أعمال فكرية كان لها دوراً في تقدّم البشرية ، والتي تضم أيضاً الأعمال العلمية ، وإن كانت التسميةُ قد اتّجهت نحو انتقاء الأدب فقط ، من حيث كونه عملاً إبداعياً ، وبخاصة تلك الأعمال الفنية الكلامية التي تجد ذروتَها في الشعر .
    من هنا فإن كلمة الأدب والشعر لا يعنيان نفس الشيء وربما من الممكن اعتبار الشعر جزءاً من الأدب ، غير أن الشعر أكثر من ذلك ، حيث يمكن للشعر أن يتواجد ، كما عند العديد من الشعوب خارج إطار الكلمة المدوّنة ، وهو الشيءُ الذي يمكِن _ نظرياً _ أنْ يوسمَ باللا أدبي ‘ إذا كان قد وصَلنا بشكله الشّفوي غير المدوّن ، وبالتالي فإنّ دائرة الأدب والشعر بمفهومهما الواسع يتقاطعان جزئياً ولكنْ لا يتطابقان تماماً .
    ينطبق ما ذكرناه أيضاً على مفهوم الأدب العالمي: فعندما نتحدث مثلاً عن الأدب الألماني ،علينا أن نميّز بين المكتوب منه باللغة الألمانية وبين ذلك المكتوب من قِبَل الشعب الألماني نفسه.
    حيث يمكن لنصٍّ مكتوب ما ،أنْ يدخلَ ضمن هذا التّصنيف أو ذاك تبعاً للمنظور الذي نعمل به ومنه ، من خلال كون هذا النصّ المكتوب مدوّناً باللغة الألمانية ، وبصرف النظر عن الانتماء الإثْنيّ لمبدعه ، أو كونه مدوناً من قبل مبدع ألماني ولادةً وانتماءً إلى هذا الشعب .
    أما بشأن المَراجع التي يمكن اعتمادها إبّان دراسة أدب ما مكتوبٍ من آداب الشّعوب ، فيمكن اختزال تلك المراجع إلى مراجع أساسية ، يتفرع عنها ومنها الكثير من الأغصان الثانوية وصولاً إلى تلك المراجع الشَّعْرية - متناهية الصغر - منها ،كما هو الحال عليه في الجهاز الدّوراني لدى الكائنات الحية العليا كالإنسان مثلاً ، وهي:
    1 _ مراجع المَداخل العامة لعلوم الأدب .
    2 _ المعاجم بأنواعها .
    3 _ البيبليوغرافيا .
    4 _ المراجع التي تُعنى بالعرض الكامل لتاريخ الأدب .




    اللغة الألمانية
    على الرغم من العلاقة الوثيقة بين اللغة والأدب ، فإن الأدب قد خُلِق من مادة اللغة وهو عملٌ فيها ، من هنا نجد أن تاريخ الأدب الألماني يتعامل بشكل أساسٍ مع الوثائق المكتوبة من اللغة الألمانية .
    لقد توصّل علمُ اللغة المقارَن إلى اكتشاف علاقاتِ قربى بين بعض اللغات المنبثقة من جذر وكنز كلامي مشترك أُطلق عليها اسم ( اللغات قديمة القرابة جداً ) التي يتفرع عنها ومنها بحسب درجة القرابة ( عائـلات لغوية ) مختلفة .
    اللغة الألمانية تشكل فرعاً من فروع اللغات الجرمانية المتعددة التي تنتمي كلها إلى ما يعرف باسم اللغات الـ
    ( إندو - جرمانية ) _ أي اللغات ( الهندية _ الجرمانية – Germanisch- Indo) .
    إنّ تقسيم اللغات البشرية الذي اعتمده الفيلسوف
    " فريدريش شْْليغِلْ _F.Schlegel" والعالم المعروف
    " ويلْهِلمْ فون هومْبولدْ _ Wilhelm v.Humboldt _ " يقسّم اللغات إلى ثلاث مجموعات ( Klassen ) أساسية وهي :
    1 _ اللغات المعزولة أو أحادية اللفظة ( Silbe ) أو الحركة الصوتية ، كاللغة الصينية مثلاً .
    2 _ اللغات التّراكميّة ( Agglutinierende ) _ الالتصاقية أو الإضافية ( anfueginde) ،كاللغة الفلندية أو الهنغارية .
    3 _ اللغات متغيرة الجذر ، مثل ما يطلق عليه اسم اللغات ( السامية ) أو الهندية الجرمانية .
    هذا التقسيم يعتبر اليوم قديماً وغير معتمدٍ لأنه لا يعبِّر ، من خلال تتاليه ، عن درجات التطور اللغوي الكاملة ،في كلّ اللغات ، كما كان يُظن سابقاً .









    الشعر الجِرماني

    مدخل إلى الشّعر الجِرماني :

    تعتمد معرفتنا اليوم بالشعر الجِرماني ( الألماني ) على ما يلي :
    1 – الشواهد التي وصلت من اللغة اللاتينية والإغريقية ومن الأدباء الجرمان القدماء .
    2 – استنتاجات من الشواهد الأدبية من شعر الزمن المتأخر ، وبخاصة شعر الحكايات البطولية الخرافية ، بما تحمله أحياناً من عناصر ذات جذور جرمانية .
    3 – استنتاجات من الشعر القادم من الشمال
    (شعوب الفايْكنغ الإسكندنافية) والشعر الأنجلوساكسوني ( شعوب الجزيرة البريطانية ) .
    كل هذه المراجع تظل ذات أهمية نسبية ، مشكوكٍ فيها لأنها لم تصلنا عن الأصل مباشرة ، ولأنها عامة المحتوى لا يمكن تحديده بدقة ولاسيما فيما يتعلق بإسقاط عناصر جرمانية عليه ، لأنه عند وصوله كان قد طرأ على الشكل والمحتوى الشعري تبدّلات وتطورات عديدة .
    إنّ ما وصلنا من شعر جرماني قبل هجرات الشعوب ، التي امتدت على مساحة أوروبا وحتى شرقاً منها ، قليل ولا نعرف عنه الكثير ،كما نعرفه من الزمن الجرماني اللاحق ، وبالتالي فإن هناك احتمالية لوجود اختلافات هامة فيه .
    لهذا يقسّم زمن الشعر الجرماني هذا إلى مرحلة ما قبل الهجْرات وما أُنجِزَ خلالها أو بعدها .
    زمن هجْرات الشّعوب هو زمن شعر البطولات ( الملاحم ) ، حيث اختلط فيه الواقعيُّ والتاريخيُّ بالخياليِّ والأسطوريِّ الذي تحدث فيه الأدباء يومها عن البطولات في الحروب بما فيها من انتصارات مجيدة ومن هزائم مأساوية ، وقد ازدهر هذا الشكل كثيراً في ذلك الوقت ، وإن لم يكن هو الشكل الوحيد حيث نجد في ذلك الوقت نصوص عن الكذب والخداع والخيانة والاغتيالات الدنيئة ... الخ ، كما نجده في قصة ( أسطورة ) ملكة الفرانكين " برونْـهِلْدِه - Brunhilde " التي لا يمكن فهم أحداثها تماماً إلاَّ بفهم الظروف التي خلقَـتها هجْرات الشعوب ، والتي أثّرت على الشعر وفيه أيضاً .
    الآلهة القديمة فقدت براءتها ونقاءها وصارت كالناس غير عادلة ولا وفيةٍ وخداعة فصار عليها أن ترحل ، فهي لم تعد تلعب دوراً هاماً في الشعر البطولي الملحمي الذي خلا الآن من المثل العليا الأخلاقية كما وجدناها في الشعر الإغريقي عند " هِراكْلِس – Herakles " و " تيسوس - Theseus " حيث تحتل الصراعات الداخلية عند البطل وما يرافقها من مثل عليا من الشرف ووفاءِ الرجال مكانة هامة .
    وفاء الرجال هذا الذي أشار البعض من المتزمتين الشّوفينيـين الألمان إلى جذوره الجرمانية التي تميز فيها عندهم ، وعلى حد زعمهم ، أكثر من غيرهم من الشعوب الأخرى، هو ظاهرة نشأت من ضرورات الاعتماد على الصديق في الحرب ، وطالت كل الأزمان والشعوب والأمثلة على ذلك من الموروث الأدبي كثيرة.
    الشعر الجرماني قبل زمن هِجْرات الشعوب
    تستند معلوماتنا في هذه المرحلة على ما نقله الكاتب الروماني " كورنيلوس تاتسيتوس " 55 -119 الذي ألف في العام 98 كتاباً طويل العنوان يُختصَرُ باسم جرمانية حول ما سمعه عن حياة الشعب الجرماني وبلاده وبالتالي فإن هذه المعلومات غير موثوقة تماماً ، ناهيك عن أنّ ما ورد في كتابه من أسماء أناشيد وملاحم لم يصل منها في غمرة عواصف تلك المرحلة من الهجرات أي شيء إلينا .
    يعلمنا تاتسيتوس عن :
    1 – الأناشيد الميثولوجية :
    التي تتحدث عن الإله المولود على الأرض " توتسيتو " وعن ابنه " مانوس " وعن أبناء مانوس الثلاثة كآباء للشعب الجرماني .
    في هذه الأناشيد تمجيد لتلك الآلهة وعلى حد قوله – باللاتينية – " أناشيد احتفالية قديمة – أنتيكا "
    2 – أناشيد الأبطال :
    يمجَّدُ فيها البطل الجرماني " أرمينيوس " ، وعلى حد قول " تاتسيتوس " البطل " البربري " ، لأن الإغريق ، شأنهم شأن شعوب أخرى مثل الصينيين ، كانوا يطلقون اسم بربري ، بمعنى همجي ، على كل ما عداهم من الشعوب الأخرى .
    " أرمينيوس " هذا استطاع أن يجمع حوله عدداً من الشعوب الجرمانية ويدحرَ الرومانَ الغزاةَ بقيادة " القائد فاروس " لبلاد الجرمان في موقعة غابة " تويْـتو بورغ " الوَعِـرة ، في العام التاسع الميلادي ، حيث أقيم له هناك نصب تذكاري ضخم استطعت – إبان دراستي في ألمانيا – أن أشاهده من بُعد عشرات الكيلو مترات .
    3 – أناشيد الحرب :
    كانت تُنشَد عند الذهاب إلى المعركة لتثير الذعر في صفوف الأعداء ، منها ما كان ينشد أثناء المعركة ومنها أقوال وأناشيد تُطلَق من خلْف المقاتلين ، ومنها ما كان يُنشَد في الليلة التّالية للمعركة .
    4- أناشيدُ نَدْبِ الموتى :
    يُعرف القليلُ عن هذه الأناشيد ، غير أنها تختلف عن تلك الأناشيد التي كانت في زمن ما بعد هجرات الشعوب ، تُنشَد لتمجيد الموتى .
    5 – أناشيد الفرح :
    كانت تنشَدُ في احتفالات الأعياد الجرمانية مثل احتفال " تالْفانا " الشهير عندهم في الزمن القديم .





    الشعر الجرماني إبّان وبعد
    زمن هجرات الشعوب

    - الكتّاب القدماء الذين كتبوا حول الشعر الجرماني :
    منذ القرن الرابع الميلادي أخذتْ المعلوماتُ المكتوبة عن الشعر الجرماني تتزايد ، وأصبحت بعض الشواهد تظهر ، كما هو الحال عند القيصر الروماني " جوليانوس أبوستاته " ( 316 – 363 ) الذي غزا ألمانية وكتب من خلال خبرته الخاصة هناك العديد من الرسائل والخُطب والطُّرَف عند الشعب الجرماني .
    الشاعر الروماني " د.م. أنزونيوس " ( 310 – 395 ) وكان مربياً للأمراء في البلاط الملكي الروماني في مدينة " ترير " ، هذه المدينة التي عملت فيها طويلاً ، تحتوي على الكثير من الآثار الرومانية التي تعتبَر الـ "بورتا نيغرا " – أي البوابة السوداء - من أهم معالمها الأثرية ، والتي ولِد فيها أيضاً " كارل ليفي ماركس " وفيها مُتحفه ، كما عمِل حاكماً على مقاطعة " غاليا " لاحقاً .
    هناك ما لا يقل عن عشَرة أسماءٍ أخرى من الكتّاب والحكماء والشعراء والمؤرخين الذين أوصلوا لنا معلوماتٍ هامةً عن هذه المرحلة من الشعر الجرماني في ذلك الوقت ، ولا أرى هنا ضرورة لذكرهم والتوسع في الموضوع .
    - الشعر التاريخي :
    إنّ زمن هجرات الشعوب شكّل لدى الجرمان تحدّياتٍ وطموحاتٍ سياسية وثقافيةٍ . إنه زمن تذكّر الشعوب الجرمانية لأبطالها وتخليدهم في الشعر البطولي ، الذي هو شعرٌ تاريخيٌّ لا أسطوري ، وإن لم يكن واقعياً تماماً ، لعبت فيه الأحداث الخارجية دوراً ثانوياً ، بينما كان مصيرُ الفرد ( البطل ) المأساوي وصراعاته الداخلية في بؤرة الحدث ، وأصبحت أهم من أحداث القتال .
    يمكن تقسيم هذه المرحلة إلى قسمين :
    أ – أناشيد التّمجيد ( المَديح ) .
    ب – أناشيد الأبطال - بكل معنى الكلمة - .
    أ- أناشيد التّمجيد : إنه الشكل الأقدم من الآخر ( أناشيد الأبطال ) الذي نشأ منه .
    يُعلِمنا " بريسْـكوس - Paraskos" وهو المبعوث الجرماني في بلاط ملك الـ" هونِّين " الشهير " أتِّيلا – Attila " – المتوفى عام 453 -كيف وقف اثنان من ( البرابرة ) القوطيين من ضيوف الملك وراءه لينشدوا ويرتّلوا أناشيد حربية ومديح له ، حسب تقاليدهم القوطية ، ويعلمُنا " بريسْـكوس " أيضاً كيف قامت النساء الغوطيات بتحيّته بأكاليل الغار ، بينما رقصت فتياتهم أمامه رقصة الوشاح
    عندما استضافوه ، وكان في طريقه إلى قصر إقامته .
    هذه الشعوب الغوطية ، هي التي هاجمت روما عام 537 ودفنت قتلاها أمام أبواب روما بأناشيد الموتى والمديح ، وهذا ما فعلته عند سقوط ملك القوطيين الغربيين المدعو " تيودِريش - Theoderich "ملك " كاتلونيا " كما أعلمنا الكاتب " جوردانِس – Jordanes " .
    مثلُ أناشيد المَديحِ هذه وصَلت أيضاً عن طريق الكاتب " ف. مورتاناتوس –V.Fortunatus " ، وفي هذه الحالة كان المديح لأجل ملك " بورغوند " المعروف " غونترام – Guntram " ، كما وصل بعضها عن طريق الشعر الأنجلو سكسوني ، ومن مراجع أخرى .

    ب – أناشيد الأبطال :
    الشّواهد :
    " جوردانِس – Jordanes " تحدث عن كيفية إلقاء القوطيين لهذه الأناشيد بمرافقة القيثارة ،وتحدث
    " مارسيلِّينوس – A.Marcellinus " وغيره ، أعلمونا عن النصوص هذه وعن كيفية أدائها في بلاط الملك
    " تيودِريش - Theoderich " الثاني ( 453 – 466 ) .
    كما تحدث بعض المؤرخين في تقاريرهم عن تلك المرحلة ، وبشكل غير مباشر عن ملاحم المديح القديمة الجرمانية مثل حكايات " غريم " الخيالية ونشيد الأبطال عند الشعب الفرانكيِّ – Franken – الذي وصل -عن طريق الترجمة إلى اللاتينية- ثمانية مقاطع منه ، وليس بشكله الأصل ، كما وصل غيره من النصوص التي تمجّد انتصار ملك الفرانكن " كلوتار الثاني – Chlotar II " على شعب ساكسِن الذي سكن منطقة ( ساكسونيا ) في العام 622 ،والذي كانت ترافقه رقصات النساء .
    حكايات الأبطال الجرمانية :
    كل الشعوب الجرمانية أخذت في زمن متأخر عناصر أناشيد البطولة في أدبها ،ولعل ملحمة الـ" إدّا – Edda " من أهم ما وصل من الزمن القديم والذي تسرب إلى ملاحم القرون الوسطى بتغيرات اقتضتها المرحلة الزمنية اللاحقة ومن أهمها :
    1 – نشيد معركة الـ " هونين " الذي يتحدث عن انهزام شعب الـ " هونين "، وهو من الشعوب الرّاكبة ( الخيول ) البربرية ، بعد مقتل ملكهم الشهير " أتّـيِلا " في المعركة ، على سهول " كاتالونيا " المسماة ( المعركة على نهر نيداو – Nedao ) ، وعن معركة تحرير الشعوب الجرمانية.
    2 – نشيد موت " إرمانارِش - Ermanarich " – ملك القوطيين الشرقيين - الذي انتحر بعد فشله في صدِّ هجوم الـ " هونين " على بلاده .
    3 – نشيد هروب " ديتْـرِش "وهو " تيودِريش - Theoderich "الكبير ، من أمام " أودو آكِر " إلى الملك " أتِّيلا " .
    4 – نشيد معركة " رابن" .
    5 – نشيد سقوط مملكة " بورغوند " عام 437 ، التي انتصر فيها الملك " تيودريش " على " أودو آكِر " وموت الملك " أتِّيلا " الذي كان يحارب إلى جانب الملك "جرمانين " – المسمى " هيلده – Hilde "(؟) عام 453 .
    6 – نشيد البطل الشاب " زيغفريد – Siegfried " :
    شخصية " زيغفريد " هذا تعتبر من أهم شخصيات الأبطال الجرمانية وأكثرها انتشاراً التي تعامل معها الفن بكافة أشكاله وبخاصة الأدب حتى اليوم .
    هذا البطل مجهول الأصل الذي يصنع صيفه بنفسه ليقتل العمالقة والتّنين ويستولي على كنزٍ عظيم .
    7 – نشيد " زيغفريد " و " برونْـهِلده- Bruenhilde " الذي يتحدث عن حبه لـ " برونهلده " وزواجه
    بـ " كريمْهِلْد " وعن قتله غيلة وبخداع نِسْويّ وتنفيذ رجولي بعد أن أفشت له بموضع قاتل في جسمه المحصّن ضد الطعنات الذي كان قد مسحه بدم التنين إلاّ موضعٍ سقطت فوقه ورقة شجر .
    يذكرنا هذا بأسطورة البطل الإغريقي " آخيل " حيث أفشت الربة بوضع مقتله وكان في مؤخرة قدمه والمسمى حتى اليوم طبياً بـ " وتر آخيل " ، والحديث في هذا يطول .
    8 – نشيد " فالتر – Walter " و " " هلْده غارْدِه – Hildegarde " :
    اللذان هربا من بلاط ملك الـ " هونين " " أتّيلا " وعن حرب هذا مع " غونتَر – Gunter "ورجاله في غابة " فاسْغِنْ " .
    9 – نشيد " وولف ديترِش - Wolfdietrich " :
    وفيه يمجَّدُ الملك " تيودريش " ابن ووريث الملك " كلودفِك " .
    10 – نشيد " روزيموند – Rosimund " :
    وفيه تمجيدٌ لـ " روزيموند " لانتقامها وقتلها زوجها الملك " ألبوئين - Alboin "ملك الـ " لانغوباردن " لقتله والدها .
    11- نشيد " فيلاند - Wieland " ويتحدث عن الحدّاد من بلاد " الألب " التي أرغمه الملك " نِدهال – Nidhad " على الدخول في خدمته .
    12 – نشيد " هلْدِه _ Hilde " الذي يتحدث عن خطف ابنة الملك وما تلا ذلك من معركة على أرض ( بل رمال) " فولبِنزانْدِه " والذي شكل لاحقاً القاعدة لما يعرف بنشيد " غودرون – Gudrun " .
    لم يعرف الأدب الجرماني الملحمة البطولية بأبعادها ودلالاتها ومحتوياتها المعروفة لنا من الأدب الإغريقي ،
    و على سبيل المثال ما وصلنا من " هومير " – هوميروس من القرن الثامن ق.م ، وذلك لعدم توفر متطلبات فن كتابة مثل هذه الملاحم لديهم ولاسيما افتقارهم إلى التدوين بالحرف ، حيث كانوا يتناقلون الأناشيد شفهياً كما عند العرب قبل الإسلام .
    هذا الشكل الملحمي ، نشأ أول ما ، نشأ في إنكلترا حيث نشأت ثقافةٌ كنسيّةٌ ( كتابية ) ، قبل ظهورها على أرض القارة بزمن طويل ، وحيث كتب شاعر مجهول ملحمة " بيوولف – Beowulf " في القرن الثامن .

    - الشعر الغنائي – Lyric :
    هذا الشعر المسمى " ليرِكْ – Lyric " هو شعر واسع الانتشار ، اكتسب اسمه من غنائه على آلة وترية تشبه القيثارة تسمى " ليرا " .
    وصلنا القليل من هذا الضرب الشعري من الزمن القديم . كانت تنشده الجَوْقاتُ " الكور – Chor " غالباً بالمناسبات الدينية ، كما قرأنا أعلاه فيما يتعلق بـ " أناشيد النُّواح " – الرّثاء - .
    يقسم هذا الضرب الشعري إلى أنواع عديدة :
    1

    – أناشيد القتال :
    وصل منها ، بشيءٍ من التفصيل ، أناشيدُ القتال الجرمانية من معركة " شْتراسْبورغ " – التي تتبع الآن إلى فرنسا – من عام 357 . هذه الأناشيد أوصلها لنا الكاتب " أ . مَرْسلِّينوس – A. Marcellinus " ، وهو الذي وثّق أيضاً أناشيد معركة " أدريانوبيل " – التي تتبع الآن إلى تركيا – من عام 387 .
    2 – أناشيد الأضاحي :
    هي أناشيد طقسيّة جوْقيّة وردت في حواريات " غريغور الأكبر " ، ترافقها رقصات طقْسية أيضاً .
    3 – أناشيد الخطوبة والزواج :
    تشبه في طقوسها أناشيد الأضاحي . وصل منها عن طريق الشاعر " صيدونيوس أبولّينارِس – Sidonius Apollinaris " ما يتعلق بالأناشيد هذه عند شعب الـ " فرانكن " .
    ( يوحي لي اسم الشاعر الأول " صيدونيوس " بمنشأ ربما يكون فينيقيّ الأصل " صيدا " ، وكذلك اسمه الثاني العائلي " أبولّينارِس " بأصله الإغريقي المنسوب إلى إله الشعر والموسيقا " أبولّو " ) .

    4 – أناشيد الشراب :
    هي أناشيد فردية الأداءِ وليست جوقيّةً - جماعية الإنشاد . وصلت عن طريق " ف . فورتوناتُس – V. Fortanatus " وكذلك عن طريق " جوليانوس أبوستاتا – J. Apostata ".
    5 – أناشيد السُّخْرية و ( الهِجاء ) :
    كان الفلاحون الجرمان ، زُرّاع الكرمة على سفوح هضاب مجرى نهر " الموزِل – Mosel " – إلى حيث جلبها معهم الرومان – يتبادلون هذه الأناشيد الساخرة ( الهجاء والقذع ) مع بحارة المراكب العابرة على نهر
    " الموزِل " .
    هذا النهر مشهور بنبيذه وبتاريخه أيضاً ، وكانت مدينة " ترير " - التي عشت فيها فترة من الزمن – مقراً للحاكم الروماني وفيها الكثير من آثار تلك المرحلة ، كما ورد معنا أعلاه .
    6 – الأناشيد المسمّاة بـ " فينيليودوس – Wini Leodos " :
    هذه الأناشيد الإباحية ، وهي ضرب من الشعر الشعبي والكهنوتي ( لنتذكر هنا أناشيد الدَّير المسمى بدير بورن –أي أناشيد " كارمينا بورانا " المشهورة المعروفة عالمياً وفيها الكثير من الشعر الجريء ، قام بتلحينها " كارل أورف "، كانت تكتب لتغنّى أو ترسل إلى البعض لقراءتها - سراً على ما أعتقد – لأن هناك أمراً إمبراطورياً أصدره القيصر " كارل الأكبر " بتاريخ 23 / 3 /789 يتعلق بهذا اللون الشعري حيث يمنع فيه إنشاده من قِبَل الراهبات ، غير الرسميات .
    ( سأقدم في دراسة أخرى بحثاً خاصاً بها وبشعر " المينه " –( الشعراء الجوالون / تروبا دور ).

    - أقوالٌ سِحريَّةٌ :
    تعتبَر هذه الأقوال ( التّعاويذ والرُّقى ) من أقدم الأشكال التي عرفها الشعر الجرماني . لم يصل منها إلاّ القليل موثّقاً على ألواح حجرية من القرن السابع والثامن .
    المضمون فيها ، كما يشير اسمها ، يتعلق بدَرءِ مفعول السحر على الإنسان ومعالجة التشنّج والحمى وآلام الرأس ونزف الأنف وقرحات المعدة وطرد الديدان ... الخ .
    منها ما كان موجهاً ضد خسوف القمر لدرء الشر الناجم عن ذلك ( أوردها " هـ . ماوروس – H.Maurus " ) .
    ورد ذكرها كثيراً في الشعر الشمالي القديم ولكن لم يرد هناك ذكر كامل لنص منها .
    أما ما ورد منها في الفترة المسيحية فكان يحتوي على رسوبات من الزمن الجرماني القديم ، وإعادة تشكيلٍ وصياغةٍ لتصورات مسيحية ولأقوال لاتينيّة .
    - الحِكَمُ :
    هو شعر يتضمن حِكَماً – ونعرفه من آداب الكثير من الشعوب ومن الشعر العربي – وصل منه الكثير عن طريق الأدب الأنجلو ساكسوني والجرماني الشمالي المتأخر ، ومنه ما هو موجود في نشيد " هِلدِِه برانْدْ " – ورد ذكره أعلاه - ، ومنه جاءت الحِكْمةُ القائلة حرْفياً " المكانُ ضدَّ المكانِ " .
    احتوت هذه الحِكم الشعرية على خِبْراتٍ شعبية وعلى تعاليم أخلاقية وعناصر ميثولوجيّة وتاريخية وجغرافية ... الخ ، وكانت تستعمل أيضاً لتخدم حِفظ التعليمات القانونية عن ظهر قلبٍ .
    شعراء العصر الجرماني :
    كان شعراء هذا العصر غالباً ، هم الذين يؤدون وينشدون غناءً بمرافقة آلة وتريّة تسمى الـ " هارفِه - Harfe "، شعرَهم الجنائزي " أناشيد النُّواح " – الرّثاء - والبطولي بخاصة ، على علية القوم في بلاطات الملوك والأمراء ( مغنِّي البلاط )، الذي أطلق عليه الأنجل ساكسونيون ( الجرمان الغربيون ) اسم " سكوب – Skop " الاسم الذي أصبح لاحقاً ، في مرحلة ما يسمى لغة بالألماني نصف الفصيح ، يدعى بـ " سكوف " أو " سكوبف " وعند الشعوب الجرمانية الشمالية " سكالد - Skald " ، ولا يزال معنى هذه الكلمة غامضاً حتى هذا اليوم .
    كان الملوك أنفسهم يلجؤون إلى غناء شعرهم بأنفسهم أمام الحاشية كما كان عليه الحال مع المدعو " غِليمَر - Gelimer " في أحد أزمانه العصيبة ، ملك الـ " فندالِن " – تستعمل اليم بمعنى ( الهَمج - الأوْباش ).
    ===========================================

    E-Mail:mutlak@scs-net.org








    أهـمّ الهوامش والمراجع :
    1- ماير، إشتَر (E.Meyer ) : الشّعر الألماني – الصادر عن دار نشر :A.Bagel Verlag – Duesseldorf طبعة عام 1958 . ( صدر منه 500 ألف نسخة حتى ذلك التاريخ ) .
    2- بيتري ، كارل –P.Karl : موسوعة تاريخ الأدب الألماني ، – الصادرة عن دار نشر: Magnus-Varlag ,Stuttgart بدون تاريخ الإصدار .
    3- فرينزيل ، هـ. أ. وكذلك E. :الشعر الألماني ‘ تسلسلٌ تاريخيٌّ موجزٌ للأدب الألمانيّ - الصادر عن دار نشر : dtv-Muenchen- - طـ .14 عام 1977 .
    ( صدر منه حتى ذلك التاريخ 365 ألف نسخة) .
    4- مجموعة كبيرة من الكتب والمجلدات ، بينها بعض الإصدارات القديمة والنادرة في مكتبتي ، حول عدد ليس بالقليل من الشعراء الذين تطرّقت إليهم بالبحث ، ومن أهمّهم ( غوتـِه ) و ( شِلَرْ ) ...
    من هذه الكتب النادرة وفاخرة الإصدار كتاب موسوم بـ " غوته غاليري - Goethe Gallerie "الذي يضم صوراً فوتوغرافية ورقية ملصوقة في الكتاب عن رسوم أصلية للفنان " فيلهيلم فون كاولْباخ - W.v.Kaulbach " ، كتب النص " فريدريش شبيلْهاغِن - Fr.Spielhagen " ، صادر عن دار نشر " ف . بروكمان - Fr.Pruckmann " ، برلين ، مونيخ ، مطلع القرن العشرين على ما أظن أو قبل ذلك ، لعدم وجود تاريخ النشر عليه .
    5- مجموعة من الكتب الصادرة حديثاً وحتى عام 2007 ، وهي من أكثر المراجع عمليّةً – وليس أهميّةً – ، تَصلني – مشتَراةً- من ألمانيا عند صدورها المستمر على الورق .
    موقع الناشر على الشبكة العنكبوتية ، لمن يهمّه الموضوع ، هو: http://www.koall-verlag.de
    بعد أن كانت تصلني يومياً، ولا تزال ، عن طريق البريد الإلكترونيّ - قصيدة مختارة جديدة - , ومجاناً من موقع : http://www.lyrikmail.del
    6 – " فور لنْدَر ، كارل – K.Vorlaender " : فلسفة كلاسيّونا – ( شعراؤنا الكلاسيّون ) ، لسينغ ، هيردَر ، شلر ، غوته ، برلين ، 1923 .
    7- " رودلف ، أُنغَرْ – Rud. Unger " : الكلاسيكية والكلاسية في ألمانيا ، المدينة ؟ ، 1932 .
    8 - " هارناك ، أوتّو – O.Harnack " في الموضوع هذا ، تحت عنوان : " الإستيتِك - ( ما يسمونه بالإستاطيقا – علم الجمال ) – الكلاسيّ الألماني . تكريم لأعمال شلَر و غوته وأصدقاءهم في الأعمال النظرية للفنِّ " ، لايبزغ ، 1892 .
    9 – " كوميرِيلْ ، مَاكس - M.Kommerell " : الشاعر كقائد في الكلاسية الألمانية . كلوبْشتوك ، هيردر ، غوتِـه ، شِلَر ، جين باول ، هولْدرلين ، برلين ، 1928 .
    10 – " فالنتين ، فايْت – V.Valentin " : كناوَر – التاريخ الألماني ، دار نشر " درومرشه " ( خليفة الناشر ت. كناوَر ) ، مونيخ – زوريخ ، 1960 .
    11 – " بلِّينْغَر ، غيرهاردْ – G.J. Bellingr " : معجم الأساطير ، دار النشر الأم " بشْتَر مونْز " ،حقوق نشر لدار النشر " درومرشه " ( خليفة الناشر ت. كناوَر ) ، مونيخ – زوريخ ، 1989 .
    12 – " فيسترْ مان ، جورج – G.Westermann " : التاريخ – ( القديم ج1 ) ، دار نشر " فيسترْ مان ، جورج – G.Westermann "، مدينة " براونْشفايغ " ، 1967 .
    13 – " فيشر فيرنر – W.A.Fischer "- مجموعة من قصائد الحب خلال تسعة قرون : أجمل كنز على الأرض ، دار نشر " أوسانغ " ، مونيخ ، 1966 .
    14 – " بونغْس ، هِرمَان – H.Pongs " : معجم الأدب العالمي ، دار نشر " ر. لوفيت " ، فيسبادن ، 1981 .
    15 – مجموعة من المؤلفين ، عظام رجال التاريخ ، دار نشر " ر. لوفيت " ، فيسبادن ، من دون تاريخ الطباعة .
    16 – " كيلَّر ، غوتفريد – G.Keller " : أشعارٌ وحكايات خرافية ، دار نشر " نادي أصدقاء الكتاب " – في مدينة سار بروكن ، من دون تاريخ الطباعة ، وأعتقد حسب نوعية الورق والطباعة أنه يعود إلى أكثر من نصف قرن مضى ، فترة ما بعد الحرب كالكتاب السابق رقم 15 .
    17 – " مومزن ، كاتارينا " ( ترجمة د. عدنان عباس علي ) مراجعة د. عبد الغفار مكاوي : غوتِه والعالم العربي
    " عالم المعرفة " سلسلة كتب ثقافية شهرية رقم 194 .

    حمص – سورية / Homs-Syria
    بغطاسية – شارع ابن زريق 3
    هـ : عيادة (Prax.) 2222655 31 963 +
    ص.ب.( 1484) P.O.B.
    E-Mail:mutlak@scs-net.org

  2. #2
    أستاذ بارز الصورة الرمزية الدكتور شاكر مطلق
    تاريخ التسجيل
    01/04/2007
    العمر
    86
    المشاركات
    259
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي مختصَر " الشعر الجرماني " د. شاكر مطـلق - حمص - سورية

    الشعر الجرماني
    ( تقديمٌ مختصَرٌ )

    مـدخل عام
    ( حول الأدب واللغة الألمانية )
    دراسة : د. شاكر مطلق

    الأدب ( Literature ) ، بمفهومه الواسع ، يَضمَ كلََّ ما أنجزه الإنسان والشعوب في كل الأزمان والعصور من نتاج فكري موثق كتابة ، سواء كان هذا التوثيق على شكل نقوش مختلفة المحتويات والأهداف ، أم على شكل وثائق مخطوطة باليد أو مطبوعة في كتاب .
    عندما نتحدث هنا الآنَ عن الأدب العالمي ، فإننا بالطبع لا نتحدث عن الأدب بالمفهوم الوارد أعلاه وإنما نتحدّث عن مختارات من أعمال فكرية كان لها دوراً في تقدّم البشرية ، والتي تضم أيضاً الأعمال العلمية ، وإن كانت التسميةُ قد اتّجهت نحو انتقاء الأدب فقط ، من حيث كونه عملاً إبداعياً ، وبخاصة تلك الأعمال الفنية الكلامية التي تجد ذروتَها في الشعر .
    من هنا فإن كلمة الأدب والشعر لا يعنيان نفس الشيء وربما من الممكن اعتبار الشعر جزءاً من الأدب ، غير أن الشعر أكثر من ذلك ، حيث يمكن للشعر أن يتواجد ، كما عند العديد من الشعوب خارج إطار الكلمة المدوّنة ، وهو الشيءُ الذي يمكِن _ نظرياً _ أنْ يوسمَ باللا أدبي ‘ إذا كان قد وصَلنا بشكله الشّفوي غير المدوّن ، وبالتالي فإنّ دائرة الأدب والشعر بمفهومهما الواسع يتقاطعان جزئياً ولكنْ لا يتطابقان تماماً .
    ينطبق ما ذكرناه أيضاً على مفهوم الأدب العالمي: فعندما نتحدث مثلاً عن الأدب الألماني ،علينا أن نميّز بين المكتوب منه باللغة الألمانية وبين ذلك المكتوب من قِبَل الشعب الألماني نفسه.
    حيث يمكن لنصٍّ مكتوب ما ،أنْ يدخلَ ضمن هذا التّصنيف أو ذاك تبعاً للمنظور الذي نعمل به ومنه ، من خلال كون هذا النصّ المكتوب مدوّناً باللغة الألمانية ، وبصرف النظر عن الانتماء الإثْنيّ لمبدعه ، أو كونه مدوناً من قبل مبدع ألماني ولادةً وانتماءً إلى هذا الشعب .
    أما بشأن المَراجع التي يمكن اعتمادها إبّان دراسة أدب ما مكتوبٍ من آداب الشّعوب ، فيمكن اختزال تلك المراجع إلى مراجع أساسية ، يتفرع عنها ومنها الكثير من الأغصان الثانوية وصولاً إلى تلك المراجع الشَّعْرية - متناهية الصغر - منها ،كما هو الحال عليه في الجهاز الدّوراني لدى الكائنات الحية العليا كالإنسان مثلاً ، وهي:
    1 _ مراجع المَداخل العامة لعلوم الأدب .
    2 _ المعاجم بأنواعها .
    3 _ البيبليوغرافيا .
    4 _ المراجع التي تُعنى بالعرض الكامل لتاريخ الأدب .




    اللغة الألمانية
    على الرغم من العلاقة الوثيقة بين اللغة والأدب ، فإن الأدب قد خُلِق من مادة اللغة وهو عملٌ فيها ، من هنا نجد أن تاريخ الأدب الألماني يتعامل بشكل أساسٍ مع الوثائق المكتوبة من اللغة الألمانية .
    لقد توصّل علمُ اللغة المقارَن إلى اكتشاف علاقاتِ قربى بين بعض اللغات المنبثقة من جذر وكنز كلامي مشترك أُطلق عليها اسم ( اللغات قديمة القرابة جداً ) التي يتفرع عنها ومنها بحسب درجة القرابة ( عائـلات لغوية ) مختلفة .
    اللغة الألمانية تشكل فرعاً من فروع اللغات الجرمانية المتعددة التي تنتمي كلها إلى ما يعرف باسم اللغات الـ
    ( إندو - جرمانية ) _ أي اللغات ( الهندية _ الجرمانية – Germanisch- Indo) .
    إنّ تقسيم اللغات البشرية الذي اعتمده الفيلسوف
    " فريدريش شْْليغِلْ _F.Schlegel" والعالم المعروف
    " ويلْهِلمْ فون هومْبولدْ _ Wilhelm v.Humboldt _ " يقسّم اللغات إلى ثلاث مجموعات ( Klassen ) أساسية وهي :
    1 _ اللغات المعزولة أو أحادية اللفظة ( Silbe ) أو الحركة الصوتية ، كاللغة الصينية مثلاً .
    2 _ اللغات التّراكميّة ( Agglutinierende ) _ الالتصاقية أو الإضافية ( anfueginde) ،كاللغة الفلندية أو الهنغارية .
    3 _ اللغات متغيرة الجذر ، مثل ما يطلق عليه اسم اللغات ( السامية ) أو الهندية الجرمانية .
    هذا التقسيم يعتبر اليوم قديماً وغير معتمدٍ لأنه لا يعبِّر ، من خلال تتاليه ، عن درجات التطور اللغوي الكاملة ،في كلّ اللغات ، كما كان يُظن سابقاً .









    الشعر الجِرماني

    مدخل إلى الشّعر الجِرماني :

    تعتمد معرفتنا اليوم بالشعر الجِرماني ( الألماني ) على ما يلي :
    1 – الشواهد التي وصلت من اللغة اللاتينية والإغريقية ومن الأدباء الجرمان القدماء .
    2 – استنتاجات من الشواهد الأدبية من شعر الزمن المتأخر ، وبخاصة شعر الحكايات البطولية الخرافية ، بما تحمله أحياناً من عناصر ذات جذور جرمانية .
    3 – استنتاجات من الشعر القادم من الشمال
    (شعوب الفايْكنغ الإسكندنافية) والشعر الأنجلوساكسوني ( شعوب الجزيرة البريطانية ) .
    كل هذه المراجع تظل ذات أهمية نسبية ، مشكوكٍ فيها لأنها لم تصلنا عن الأصل مباشرة ، ولأنها عامة المحتوى لا يمكن تحديده بدقة ولاسيما فيما يتعلق بإسقاط عناصر جرمانية عليه ، لأنه عند وصوله كان قد طرأ على الشكل والمحتوى الشعري تبدّلات وتطورات عديدة .
    إنّ ما وصلنا من شعر جرماني قبل هجرات الشعوب ، التي امتدت على مساحة أوروبا وحتى شرقاً منها ، قليل ولا نعرف عنه الكثير ،كما نعرفه من الزمن الجرماني اللاحق ، وبالتالي فإن هناك احتمالية لوجود اختلافات هامة فيه .
    لهذا يقسّم زمن الشعر الجرماني هذا إلى مرحلة ما قبل الهجْرات وما أُنجِزَ خلالها أو بعدها .
    زمن هجْرات الشّعوب هو زمن شعر البطولات ( الملاحم ) ، حيث اختلط فيه الواقعيُّ والتاريخيُّ بالخياليِّ والأسطوريِّ الذي تحدث فيه الأدباء يومها عن البطولات في الحروب بما فيها من انتصارات مجيدة ومن هزائم مأساوية ، وقد ازدهر هذا الشكل كثيراً في ذلك الوقت ، وإن لم يكن هو الشكل الوحيد حيث نجد في ذلك الوقت نصوص عن الكذب والخداع والخيانة والاغتيالات الدنيئة ... الخ ، كما نجده في قصة ( أسطورة ) ملكة الفرانكين " برونْـهِلْدِه - Brunhilde " التي لا يمكن فهم أحداثها تماماً إلاَّ بفهم الظروف التي خلقَـتها هجْرات الشعوب ، والتي أثّرت على الشعر وفيه أيضاً .
    الآلهة القديمة فقدت براءتها ونقاءها وصارت كالناس غير عادلة ولا وفيةٍ وخداعة فصار عليها أن ترحل ، فهي لم تعد تلعب دوراً هاماً في الشعر البطولي الملحمي الذي خلا الآن من المثل العليا الأخلاقية كما وجدناها في الشعر الإغريقي عند " هِراكْلِس – Herakles " و " تيسوس - Theseus " حيث تحتل الصراعات الداخلية عند البطل وما يرافقها من مثل عليا من الشرف ووفاءِ الرجال مكانة هامة .
    وفاء الرجال هذا الذي أشار البعض من المتزمتين الشّوفينيـين الألمان إلى جذوره الجرمانية التي تميز فيها عندهم ، وعلى حد زعمهم ، أكثر من غيرهم من الشعوب الأخرى، هو ظاهرة نشأت من ضرورات الاعتماد على الصديق في الحرب ، وطالت كل الأزمان والشعوب والأمثلة على ذلك من الموروث الأدبي كثيرة.
    الشعر الجرماني قبل زمن هِجْرات الشعوب
    تستند معلوماتنا في هذه المرحلة على ما نقله الكاتب الروماني " كورنيلوس تاتسيتوس " 55 -119 الذي ألف في العام 98 كتاباً طويل العنوان يُختصَرُ باسم جرمانية حول ما سمعه عن حياة الشعب الجرماني وبلاده وبالتالي فإن هذه المعلومات غير موثوقة تماماً ، ناهيك عن أنّ ما ورد في كتابه من أسماء أناشيد وملاحم لم يصل منها في غمرة عواصف تلك المرحلة من الهجرات أي شيء إلينا .
    يعلمنا تاتسيتوس عن :
    1 – الأناشيد الميثولوجية :
    التي تتحدث عن الإله المولود على الأرض " توتسيتو " وعن ابنه " مانوس " وعن أبناء مانوس الثلاثة كآباء للشعب الجرماني .
    في هذه الأناشيد تمجيد لتلك الآلهة وعلى حد قوله – باللاتينية – " أناشيد احتفالية قديمة – أنتيكا "
    2 – أناشيد الأبطال :
    يمجَّدُ فيها البطل الجرماني " أرمينيوس " ، وعلى حد قول " تاتسيتوس " البطل " البربري " ، لأن الإغريق ، شأنهم شأن شعوب أخرى مثل الصينيين ، كانوا يطلقون اسم بربري ، بمعنى همجي ، على كل ما عداهم من الشعوب الأخرى .
    " أرمينيوس " هذا استطاع أن يجمع حوله عدداً من الشعوب الجرمانية ويدحرَ الرومانَ الغزاةَ بقيادة " القائد فاروس " لبلاد الجرمان في موقعة غابة " تويْـتو بورغ " الوَعِـرة ، في العام التاسع الميلادي ، حيث أقيم له هناك نصب تذكاري ضخم استطعت – إبان دراستي في ألمانيا – أن أشاهده من بُعد عشرات الكيلو مترات .
    3 – أناشيد الحرب :
    كانت تُنشَد عند الذهاب إلى المعركة لتثير الذعر في صفوف الأعداء ، منها ما كان ينشد أثناء المعركة ومنها أقوال وأناشيد تُطلَق من خلْف المقاتلين ، ومنها ما كان يُنشَد في الليلة التّالية للمعركة .
    4- أناشيدُ نَدْبِ الموتى :
    يُعرف القليلُ عن هذه الأناشيد ، غير أنها تختلف عن تلك الأناشيد التي كانت في زمن ما بعد هجرات الشعوب ، تُنشَد لتمجيد الموتى .
    5 – أناشيد الفرح :
    كانت تنشَدُ في احتفالات الأعياد الجرمانية مثل احتفال " تالْفانا " الشهير عندهم في الزمن القديم .





    الشعر الجرماني إبّان وبعد
    زمن هجرات الشعوب

    - الكتّاب القدماء الذين كتبوا حول الشعر الجرماني :
    منذ القرن الرابع الميلادي أخذتْ المعلوماتُ المكتوبة عن الشعر الجرماني تتزايد ، وأصبحت بعض الشواهد تظهر ، كما هو الحال عند القيصر الروماني " جوليانوس أبوستاته " ( 316 – 363 ) الذي غزا ألمانية وكتب من خلال خبرته الخاصة هناك العديد من الرسائل والخُطب والطُّرَف عند الشعب الجرماني .
    الشاعر الروماني " د.م. أنزونيوس " ( 310 – 395 ) وكان مربياً للأمراء في البلاط الملكي الروماني في مدينة " ترير " ، هذه المدينة التي عملت فيها طويلاً ، تحتوي على الكثير من الآثار الرومانية التي تعتبَر الـ "بورتا نيغرا " – أي البوابة السوداء - من أهم معالمها الأثرية ، والتي ولِد فيها أيضاً " كارل ليفي ماركس " وفيها مُتحفه ، كما عمِل حاكماً على مقاطعة " غاليا " لاحقاً .
    هناك ما لا يقل عن عشَرة أسماءٍ أخرى من الكتّاب والحكماء والشعراء والمؤرخين الذين أوصلوا لنا معلوماتٍ هامةً عن هذه المرحلة من الشعر الجرماني في ذلك الوقت ، ولا أرى هنا ضرورة لذكرهم والتوسع في الموضوع .
    - الشعر التاريخي :
    إنّ زمن هجرات الشعوب شكّل لدى الجرمان تحدّياتٍ وطموحاتٍ سياسية وثقافيةٍ . إنه زمن تذكّر الشعوب الجرمانية لأبطالها وتخليدهم في الشعر البطولي ، الذي هو شعرٌ تاريخيٌّ لا أسطوري ، وإن لم يكن واقعياً تماماً ، لعبت فيه الأحداث الخارجية دوراً ثانوياً ، بينما كان مصيرُ الفرد ( البطل ) المأساوي وصراعاته الداخلية في بؤرة الحدث ، وأصبحت أهم من أحداث القتال .
    يمكن تقسيم هذه المرحلة إلى قسمين :
    أ – أناشيد التّمجيد ( المَديح ) .
    ب – أناشيد الأبطال - بكل معنى الكلمة - .
    أ- أناشيد التّمجيد : إنه الشكل الأقدم من الآخر ( أناشيد الأبطال ) الذي نشأ منه .
    يُعلِمنا " بريسْـكوس - Paraskos" وهو المبعوث الجرماني في بلاط ملك الـ" هونِّين " الشهير " أتِّيلا – Attila " – المتوفى عام 453 -كيف وقف اثنان من ( البرابرة ) القوطيين من ضيوف الملك وراءه لينشدوا ويرتّلوا أناشيد حربية ومديح له ، حسب تقاليدهم القوطية ، ويعلمُنا " بريسْـكوس " أيضاً كيف قامت النساء الغوطيات بتحيّته بأكاليل الغار ، بينما رقصت فتياتهم أمامه رقصة الوشاح
    عندما استضافوه ، وكان في طريقه إلى قصر إقامته .
    هذه الشعوب الغوطية ، هي التي هاجمت روما عام 537 ودفنت قتلاها أمام أبواب روما بأناشيد الموتى والمديح ، وهذا ما فعلته عند سقوط ملك القوطيين الغربيين المدعو " تيودِريش - Theoderich "ملك " كاتلونيا " كما أعلمنا الكاتب " جوردانِس – Jordanes " .
    مثلُ أناشيد المَديحِ هذه وصَلت أيضاً عن طريق الكاتب " ف. مورتاناتوس –V.Fortunatus " ، وفي هذه الحالة كان المديح لأجل ملك " بورغوند " المعروف " غونترام – Guntram " ، كما وصل بعضها عن طريق الشعر الأنجلو سكسوني ، ومن مراجع أخرى .

    ب – أناشيد الأبطال :
    الشّواهد :
    " جوردانِس – Jordanes " تحدث عن كيفية إلقاء القوطيين لهذه الأناشيد بمرافقة القيثارة ،وتحدث
    " مارسيلِّينوس – A.Marcellinus " وغيره ، أعلمونا عن النصوص هذه وعن كيفية أدائها في بلاط الملك
    " تيودِريش - Theoderich " الثاني ( 453 – 466 ) .
    كما تحدث بعض المؤرخين في تقاريرهم عن تلك المرحلة ، وبشكل غير مباشر عن ملاحم المديح القديمة الجرمانية مثل حكايات " غريم " الخيالية ونشيد الأبطال عند الشعب الفرانكيِّ – Franken – الذي وصل -عن طريق الترجمة إلى اللاتينية- ثمانية مقاطع منه ، وليس بشكله الأصل ، كما وصل غيره من النصوص التي تمجّد انتصار ملك الفرانكن " كلوتار الثاني – Chlotar II " على شعب ساكسِن الذي سكن منطقة ( ساكسونيا ) في العام 622 ،والذي كانت ترافقه رقصات النساء .
    حكايات الأبطال الجرمانية :
    كل الشعوب الجرمانية أخذت في زمن متأخر عناصر أناشيد البطولة في أدبها ،ولعل ملحمة الـ" إدّا – Edda " من أهم ما وصل من الزمن القديم والذي تسرب إلى ملاحم القرون الوسطى بتغيرات اقتضتها المرحلة الزمنية اللاحقة ومن أهمها :
    1 – نشيد معركة الـ " هونين " الذي يتحدث عن انهزام شعب الـ " هونين "، وهو من الشعوب الرّاكبة ( الخيول ) البربرية ، بعد مقتل ملكهم الشهير " أتّـيِلا " في المعركة ، على سهول " كاتالونيا " المسماة ( المعركة على نهر نيداو – Nedao ) ، وعن معركة تحرير الشعوب الجرمانية.
    2 – نشيد موت " إرمانارِش - Ermanarich " – ملك القوطيين الشرقيين - الذي انتحر بعد فشله في صدِّ هجوم الـ " هونين " على بلاده .
    3 – نشيد هروب " ديتْـرِش "وهو " تيودِريش - Theoderich "الكبير ، من أمام " أودو آكِر " إلى الملك " أتِّيلا " .
    4 – نشيد معركة " رابن" .
    5 – نشيد سقوط مملكة " بورغوند " عام 437 ، التي انتصر فيها الملك " تيودريش " على " أودو آكِر " وموت الملك " أتِّيلا " الذي كان يحارب إلى جانب الملك "جرمانين " – المسمى " هيلده – Hilde "(؟) عام 453 .
    6 – نشيد البطل الشاب " زيغفريد – Siegfried " :
    شخصية " زيغفريد " هذا تعتبر من أهم شخصيات الأبطال الجرمانية وأكثرها انتشاراً التي تعامل معها الفن بكافة أشكاله وبخاصة الأدب حتى اليوم .
    هذا البطل مجهول الأصل الذي يصنع صيفه بنفسه ليقتل العمالقة والتّنين ويستولي على كنزٍ عظيم .
    7 – نشيد " زيغفريد " و " برونْـهِلده- Bruenhilde " الذي يتحدث عن حبه لـ " برونهلده " وزواجه
    بـ " كريمْهِلْد " وعن قتله غيلة وبخداع نِسْويّ وتنفيذ رجولي بعد أن أفشت له بموضع قاتل في جسمه المحصّن ضد الطعنات الذي كان قد مسحه بدم التنين إلاّ موضعٍ سقطت فوقه ورقة شجر .
    يذكرنا هذا بأسطورة البطل الإغريقي " آخيل " حيث أفشت الربة بوضع مقتله وكان في مؤخرة قدمه والمسمى حتى اليوم طبياً بـ " وتر آخيل " ، والحديث في هذا يطول .
    8 – نشيد " فالتر – Walter " و " " هلْده غارْدِه – Hildegarde " :
    اللذان هربا من بلاط ملك الـ " هونين " " أتّيلا " وعن حرب هذا مع " غونتَر – Gunter "ورجاله في غابة " فاسْغِنْ " .
    9 – نشيد " وولف ديترِش - Wolfdietrich " :
    وفيه يمجَّدُ الملك " تيودريش " ابن ووريث الملك " كلودفِك " .
    10 – نشيد " روزيموند – Rosimund " :
    وفيه تمجيدٌ لـ " روزيموند " لانتقامها وقتلها زوجها الملك " ألبوئين - Alboin "ملك الـ " لانغوباردن " لقتله والدها .
    11- نشيد " فيلاند - Wieland " ويتحدث عن الحدّاد من بلاد " الألب " التي أرغمه الملك " نِدهال – Nidhad " على الدخول في خدمته .
    12 – نشيد " هلْدِه _ Hilde " الذي يتحدث عن خطف ابنة الملك وما تلا ذلك من معركة على أرض ( بل رمال) " فولبِنزانْدِه " والذي شكل لاحقاً القاعدة لما يعرف بنشيد " غودرون – Gudrun " .
    لم يعرف الأدب الجرماني الملحمة البطولية بأبعادها ودلالاتها ومحتوياتها المعروفة لنا من الأدب الإغريقي ،
    و على سبيل المثال ما وصلنا من " هومير " – هوميروس من القرن الثامن ق.م ، وذلك لعدم توفر متطلبات فن كتابة مثل هذه الملاحم لديهم ولاسيما افتقارهم إلى التدوين بالحرف ، حيث كانوا يتناقلون الأناشيد شفهياً كما عند العرب قبل الإسلام .
    هذا الشكل الملحمي ، نشأ أول ما ، نشأ في إنكلترا حيث نشأت ثقافةٌ كنسيّةٌ ( كتابية ) ، قبل ظهورها على أرض القارة بزمن طويل ، وحيث كتب شاعر مجهول ملحمة " بيوولف – Beowulf " في القرن الثامن .

    - الشعر الغنائي – Lyric :
    هذا الشعر المسمى " ليرِكْ – Lyric " هو شعر واسع الانتشار ، اكتسب اسمه من غنائه على آلة وترية تشبه القيثارة تسمى " ليرا " .
    وصلنا القليل من هذا الضرب الشعري من الزمن القديم . كانت تنشده الجَوْقاتُ " الكور – Chor " غالباً بالمناسبات الدينية ، كما قرأنا أعلاه فيما يتعلق بـ " أناشيد النُّواح " – الرّثاء - .
    يقسم هذا الضرب الشعري إلى أنواع عديدة :
    1

    – أناشيد القتال :
    وصل منها ، بشيءٍ من التفصيل ، أناشيدُ القتال الجرمانية من معركة " شْتراسْبورغ " – التي تتبع الآن إلى فرنسا – من عام 357 . هذه الأناشيد أوصلها لنا الكاتب " أ . مَرْسلِّينوس – A. Marcellinus " ، وهو الذي وثّق أيضاً أناشيد معركة " أدريانوبيل " – التي تتبع الآن إلى تركيا – من عام 387 .
    2 – أناشيد الأضاحي :
    هي أناشيد طقسيّة جوْقيّة وردت في حواريات " غريغور الأكبر " ، ترافقها رقصات طقْسية أيضاً .
    3 – أناشيد الخطوبة والزواج :
    تشبه في طقوسها أناشيد الأضاحي . وصل منها عن طريق الشاعر " صيدونيوس أبولّينارِس – Sidonius Apollinaris " ما يتعلق بالأناشيد هذه عند شعب الـ " فرانكن " .
    ( يوحي لي اسم الشاعر الأول " صيدونيوس " بمنشأ ربما يكون فينيقيّ الأصل " صيدا " ، وكذلك اسمه الثاني العائلي " أبولّينارِس " بأصله الإغريقي المنسوب إلى إله الشعر والموسيقا " أبولّو " ) .

    4 – أناشيد الشراب :
    هي أناشيد فردية الأداءِ وليست جوقيّةً - جماعية الإنشاد . وصلت عن طريق " ف . فورتوناتُس – V. Fortanatus " وكذلك عن طريق " جوليانوس أبوستاتا – J. Apostata ".
    5 – أناشيد السُّخْرية و ( الهِجاء ) :
    كان الفلاحون الجرمان ، زُرّاع الكرمة على سفوح هضاب مجرى نهر " الموزِل – Mosel " – إلى حيث جلبها معهم الرومان – يتبادلون هذه الأناشيد الساخرة ( الهجاء والقذع ) مع بحارة المراكب العابرة على نهر
    " الموزِل " .
    هذا النهر مشهور بنبيذه وبتاريخه أيضاً ، وكانت مدينة " ترير " - التي عشت فيها فترة من الزمن – مقراً للحاكم الروماني وفيها الكثير من آثار تلك المرحلة ، كما ورد معنا أعلاه .
    6 – الأناشيد المسمّاة بـ " فينيليودوس – Wini Leodos " :
    هذه الأناشيد الإباحية ، وهي ضرب من الشعر الشعبي والكهنوتي ( لنتذكر هنا أناشيد الدَّير المسمى بدير بورن –أي أناشيد " كارمينا بورانا " المشهورة المعروفة عالمياً وفيها الكثير من الشعر الجريء ، قام بتلحينها " كارل أورف "، كانت تكتب لتغنّى أو ترسل إلى البعض لقراءتها - سراً على ما أعتقد – لأن هناك أمراً إمبراطورياً أصدره القيصر " كارل الأكبر " بتاريخ 23 / 3 /789 يتعلق بهذا اللون الشعري حيث يمنع فيه إنشاده من قِبَل الراهبات ، غير الرسميات .
    ( سأقدم في دراسة أخرى بحثاً خاصاً بها وبشعر " المينه " –( الشعراء الجوالون / تروبا دور ).

    - أقوالٌ سِحريَّةٌ :
    تعتبَر هذه الأقوال ( التّعاويذ والرُّقى ) من أقدم الأشكال التي عرفها الشعر الجرماني . لم يصل منها إلاّ القليل موثّقاً على ألواح حجرية من القرن السابع والثامن .
    المضمون فيها ، كما يشير اسمها ، يتعلق بدَرءِ مفعول السحر على الإنسان ومعالجة التشنّج والحمى وآلام الرأس ونزف الأنف وقرحات المعدة وطرد الديدان ... الخ .
    منها ما كان موجهاً ضد خسوف القمر لدرء الشر الناجم عن ذلك ( أوردها " هـ . ماوروس – H.Maurus " ) .
    ورد ذكرها كثيراً في الشعر الشمالي القديم ولكن لم يرد هناك ذكر كامل لنص منها .
    أما ما ورد منها في الفترة المسيحية فكان يحتوي على رسوبات من الزمن الجرماني القديم ، وإعادة تشكيلٍ وصياغةٍ لتصورات مسيحية ولأقوال لاتينيّة .
    - الحِكَمُ :
    هو شعر يتضمن حِكَماً – ونعرفه من آداب الكثير من الشعوب ومن الشعر العربي – وصل منه الكثير عن طريق الأدب الأنجلو ساكسوني والجرماني الشمالي المتأخر ، ومنه ما هو موجود في نشيد " هِلدِِه برانْدْ " – ورد ذكره أعلاه - ، ومنه جاءت الحِكْمةُ القائلة حرْفياً " المكانُ ضدَّ المكانِ " .
    احتوت هذه الحِكم الشعرية على خِبْراتٍ شعبية وعلى تعاليم أخلاقية وعناصر ميثولوجيّة وتاريخية وجغرافية ... الخ ، وكانت تستعمل أيضاً لتخدم حِفظ التعليمات القانونية عن ظهر قلبٍ .
    شعراء العصر الجرماني :
    كان شعراء هذا العصر غالباً ، هم الذين يؤدون وينشدون غناءً بمرافقة آلة وتريّة تسمى الـ " هارفِه - Harfe "، شعرَهم الجنائزي " أناشيد النُّواح " – الرّثاء - والبطولي بخاصة ، على علية القوم في بلاطات الملوك والأمراء ( مغنِّي البلاط )، الذي أطلق عليه الأنجل ساكسونيون ( الجرمان الغربيون ) اسم " سكوب – Skop " الاسم الذي أصبح لاحقاً ، في مرحلة ما يسمى لغة بالألماني نصف الفصيح ، يدعى بـ " سكوف " أو " سكوبف " وعند الشعوب الجرمانية الشمالية " سكالد - Skald " ، ولا يزال معنى هذه الكلمة غامضاً حتى هذا اليوم .
    كان الملوك أنفسهم يلجؤون إلى غناء شعرهم بأنفسهم أمام الحاشية كما كان عليه الحال مع المدعو " غِليمَر - Gelimer " في أحد أزمانه العصيبة ، ملك الـ " فندالِن " – تستعمل اليم بمعنى ( الهَمج - الأوْباش ).
    ===========================================

    E-Mail:mutlak@scs-net.org








    أهـمّ الهوامش والمراجع :
    1- ماير، إشتَر (E.Meyer ) : الشّعر الألماني – الصادر عن دار نشر :A.Bagel Verlag – Duesseldorf طبعة عام 1958 . ( صدر منه 500 ألف نسخة حتى ذلك التاريخ ) .
    2- بيتري ، كارل –P.Karl : موسوعة تاريخ الأدب الألماني ، – الصادرة عن دار نشر: Magnus-Varlag ,Stuttgart بدون تاريخ الإصدار .
    3- فرينزيل ، هـ. أ. وكذلك E. :الشعر الألماني ‘ تسلسلٌ تاريخيٌّ موجزٌ للأدب الألمانيّ - الصادر عن دار نشر : dtv-Muenchen- - طـ .14 عام 1977 .
    ( صدر منه حتى ذلك التاريخ 365 ألف نسخة) .
    4- مجموعة كبيرة من الكتب والمجلدات ، بينها بعض الإصدارات القديمة والنادرة في مكتبتي ، حول عدد ليس بالقليل من الشعراء الذين تطرّقت إليهم بالبحث ، ومن أهمّهم ( غوتـِه ) و ( شِلَرْ ) ...
    من هذه الكتب النادرة وفاخرة الإصدار كتاب موسوم بـ " غوته غاليري - Goethe Gallerie "الذي يضم صوراً فوتوغرافية ورقية ملصوقة في الكتاب عن رسوم أصلية للفنان " فيلهيلم فون كاولْباخ - W.v.Kaulbach " ، كتب النص " فريدريش شبيلْهاغِن - Fr.Spielhagen " ، صادر عن دار نشر " ف . بروكمان - Fr.Pruckmann " ، برلين ، مونيخ ، مطلع القرن العشرين على ما أظن أو قبل ذلك ، لعدم وجود تاريخ النشر عليه .
    5- مجموعة من الكتب الصادرة حديثاً وحتى عام 2007 ، وهي من أكثر المراجع عمليّةً – وليس أهميّةً – ، تَصلني – مشتَراةً- من ألمانيا عند صدورها المستمر على الورق .
    موقع الناشر على الشبكة العنكبوتية ، لمن يهمّه الموضوع ، هو: http://www.koall-verlag.de
    بعد أن كانت تصلني يومياً، ولا تزال ، عن طريق البريد الإلكترونيّ - قصيدة مختارة جديدة - , ومجاناً من موقع : http://www.lyrikmail.del
    6 – " فور لنْدَر ، كارل – K.Vorlaender " : فلسفة كلاسيّونا – ( شعراؤنا الكلاسيّون ) ، لسينغ ، هيردَر ، شلر ، غوته ، برلين ، 1923 .
    7- " رودلف ، أُنغَرْ – Rud. Unger " : الكلاسيكية والكلاسية في ألمانيا ، المدينة ؟ ، 1932 .
    8 - " هارناك ، أوتّو – O.Harnack " في الموضوع هذا ، تحت عنوان : " الإستيتِك - ( ما يسمونه بالإستاطيقا – علم الجمال ) – الكلاسيّ الألماني . تكريم لأعمال شلَر و غوته وأصدقاءهم في الأعمال النظرية للفنِّ " ، لايبزغ ، 1892 .
    9 – " كوميرِيلْ ، مَاكس - M.Kommerell " : الشاعر كقائد في الكلاسية الألمانية . كلوبْشتوك ، هيردر ، غوتِـه ، شِلَر ، جين باول ، هولْدرلين ، برلين ، 1928 .
    10 – " فالنتين ، فايْت – V.Valentin " : كناوَر – التاريخ الألماني ، دار نشر " درومرشه " ( خليفة الناشر ت. كناوَر ) ، مونيخ – زوريخ ، 1960 .
    11 – " بلِّينْغَر ، غيرهاردْ – G.J. Bellingr " : معجم الأساطير ، دار النشر الأم " بشْتَر مونْز " ،حقوق نشر لدار النشر " درومرشه " ( خليفة الناشر ت. كناوَر ) ، مونيخ – زوريخ ، 1989 .
    12 – " فيسترْ مان ، جورج – G.Westermann " : التاريخ – ( القديم ج1 ) ، دار نشر " فيسترْ مان ، جورج – G.Westermann "، مدينة " براونْشفايغ " ، 1967 .
    13 – " فيشر فيرنر – W.A.Fischer "- مجموعة من قصائد الحب خلال تسعة قرون : أجمل كنز على الأرض ، دار نشر " أوسانغ " ، مونيخ ، 1966 .
    14 – " بونغْس ، هِرمَان – H.Pongs " : معجم الأدب العالمي ، دار نشر " ر. لوفيت " ، فيسبادن ، 1981 .
    15 – مجموعة من المؤلفين ، عظام رجال التاريخ ، دار نشر " ر. لوفيت " ، فيسبادن ، من دون تاريخ الطباعة .
    16 – " كيلَّر ، غوتفريد – G.Keller " : أشعارٌ وحكايات خرافية ، دار نشر " نادي أصدقاء الكتاب " – في مدينة سار بروكن ، من دون تاريخ الطباعة ، وأعتقد حسب نوعية الورق والطباعة أنه يعود إلى أكثر من نصف قرن مضى ، فترة ما بعد الحرب كالكتاب السابق رقم 15 .
    17 – " مومزن ، كاتارينا " ( ترجمة د. عدنان عباس علي ) مراجعة د. عبد الغفار مكاوي : غوتِه والعالم العربي
    " عالم المعرفة " سلسلة كتب ثقافية شهرية رقم 194 .

    حمص – سورية / Homs-Syria
    بغطاسية – شارع ابن زريق 3
    هـ : عيادة (Prax.) 2222655 31 963 +
    ص.ب.( 1484) P.O.B.
    E-Mail:mutlak@scs-net.org

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •