آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: ضرورة العمل السياسي

  1. #1
    عـضــو الصورة الرمزية فراس عمر حج محمد
    تاريخ التسجيل
    03/06/2007
    العمر
    50
    المشاركات
    276
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي ضرورة العمل السياسي

    ضرورة العمل السياسي

    السياسة هي رعاية شؤون الأمة داخلياً وخارجياً، وتكون من قبل الدولة والأمة، فالدولة هي التي تباشر هذه الرعاية عملياً، والأمة هي التي تحاسب بها الدولة.
    هذا هو تعريف السياسة، وهو ، وهو مأخوذ من" ساس يسوس سياسة " بمعنى رعى شؤونه، قال في المحيط "وسست الرعية سياسة أمرتها ونهيتها" وهذا هو رعاية شؤونها بالأوامر والنواهي، وأيضا فإن الأحاديث الواردة في عمل الحاكم، والواردة في محاسبة الحكام، والواردة في الاهتمام بمصالح المسلمين يستنبط من مجموعها هذا التعريف، فقد روى مسلم عن أبي حازم قال : قاعدت أبا هريرة خمس سنين فسمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء ، كلما هلك نبي خلفه نبي ، وأنه لا نبي بعدي ، وستكون خلفاء فتكثر ، قالوا : فما تأمرنا ؟ قال : فوا ببيعة الأول فالأول ، وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم» ، وقوله صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد يسترعيه الله رعية لم يحطها بنصيحة إلا لم يجد رائحة الجنة» ، وقوله عليه السلام : «ما من والٍ يلي رعية من المسلمين فيموت وهو غاش لهم إلا حرم الله عليه الجنة» ، وقوله صلى الله عليه وسلم: «ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف فقد برئ ومن أنكر فقد سلم إلا من رضي وتابع» رواه مسلم والترمذي، وقوله صلى الله عليه وسلم : «من أصبح وهمه غير الله فليس من الله، ومن أصبح لا يهتم بالمسلمين فليس منهم»، وعن جرير بن عبد الله قال: «بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم» ، فهذه الأحاديث كلها سواء ما يتعلق بالحاكم في تولية الحكم، أو ما يتعلق بالأمة التي تحاسب الحاكم، أو ما يتعلق بالمسلمين بعضهم مع بعض من الاهتمام بمصالحهم والنصح لهم، كلها تبلور معنى السياسة بأنها رعاية شؤون الأمة بمجموعة الأوامر والنواهي ، وعليه فإن الإسلام دين سياسي لأنه يوجه العباد إلى مجموعة من الأوامر ليقوموا بها ، وينهى العباد عن مجموعة من النواهي.
    ومنذ أن هدمت الخلافة وطبقت أنظمة الكفر السياسية في البلاد الإسلامية، انتهى الإسلام من كونه سياسياً، وحل محله الفكر السياسي الغربي المنبثق عن عقيدة المبدأ الرأسمالي، عقيدة فصل الدين عن الحياة. ومما يجب أن تدركه الأمة الإسلامية، أن رعاية شؤونها بالإسلام لا تكون إلاّ بدولة الخلافة، وأن فصل الإسلام السياسي عن الحياة وعن الدين، هو وأد للإسلام وأنظمته وأحكامه، وسحق للأمة وقيمها وحضارتها ورسالتها.
    والدول الرأسمالية تتبنى عقيدة فصل الدين عن الحياة وعن السياسية، وتعمل على نشرها وتطبيق أحكامها على الأمة الإسلامية، وتعمل على تضليل الأمة وتصور لها بأن السياسة والدين لا يجتمعان، وأن السياسة إنما تعني الواقعية والرضا بالأمر الواقع مع استحالة تغييره، حتى تبقى الأمة رازحة تحت نير دول الكفر، دول الظلم والطغيان، وحتى لا تترسم الأمة بحال سبيلاً للنهضة. بالإضافة إلى تنفير المسلمين من الحركات الإسلامية السياسية، ومن الاشتغال بالسياسة. لأن دول الكفر تعلم أنه لا يمكن ضرب أفكارها وأحكامها السياسية إلاّ بعمل سياسي، والاشتغال بالسياسة على أساس الإسلام. ويصل تنفير الأمة الإسلامية من السياسة والسياسيين إلى حد تصوير السياسة أنها تتناقض مع سمو الإسلام وروحانيته. ولذلك كان لا بد من أن تدرك الأمة السر وراء محاربة الدول الكافرة، والحكام العملاء للحركات الإسلامية وهي تعمل لإنهاض المسلمين بإقامة دولة الخلافة وتضرب أفكار الكفر، وتعيد مجد الإسلام.
    وعليه لا بد من أن تعي الأمة الإسلامية معنى السياسة لغة وشرعاً، وأن الإسلام السياسي لا يوجد إلاّ بدولة الخلافة، والتي بدونها يغيض الإسلام من كونه سياسياً، ولا يعتبر حياً إلاّ بهذه الدولة، باعتبارها كياناً سياسياً تنفيذياً لتطبيق أحكام الإسلام وتنفيذها، وهي الطريقة الشرعية التي تنفذ بها أحكام الإسلام وأنظمته في الحياة العامة، وأن الله قد أوجب على الأمة تطبيق هذه الأحكام، وحرم الاحتكام لأنظمة الكفر، لمخالفتها للإسلام ولأنها من وضع البشر.
    ولذلك كان لا بد من بيان انبثاق هذه الأفكار وهذه الأحكام عن العقيدة الإسلامية باعتبارها فكرة سياسية، والتركيز على ذلك من الناحية الروحية التي فيها، باعتبار أنها أوامر ونواه من الله لا بأي وصف آخر. وهذا الوصف هو الذي يكفل تمكن أفكار وأحكام الإسلام في النفوس، ويكشف للأمة معنى السياسة والفكر السياسي، ويجعلها تدرك المسؤولية الملقاة على عاتقها لإيجاد أفكار الإسلام وأحكامه في حياتها العملية، وأهمية الرسالة العالمية التي أوجب الله حملها للناس كافة، خاصة وهي ترى مدى ما وصل إليه حالها في هذا العصر لغياب دولة الإسلام وأفكار وأحكام الإسلام من حياتها، ومدى ما وصل إليه العالم من شرٍ وشقاء واستعباد للناس. وهذا يفرض على الأمة أن تضطلع بمهمتها الأساسية، ووظيفتها الأصلية ألا وهي حمل الدعوة الإسلامية إلى الشعوب والأمم الأخرى وتشتغل بالسياسة، فالاشتغال بالسياسة فرض على المسلمين
    قال رسول الله r : «ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع، قالوا: أفلا نقاتلهم يا رسول الله؟ قال: لا ما صلوا» وقال: «أفضل الجهاد كلمة حق تقال عند ذي سلطان جائر، أو أمير جائر» وقال: «سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله» وعن عبادة بن الصامت قال: «دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، قال: إلاّ أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان» . وقال تعالى: ]ألم @ غلبت الروم @ في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون @ في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون[ .
    فهذه الأحاديث والآية الكريمة دليل على أن الاشتغال بالسياسة فرض. وذلك أن السياسية في اللغة هي (رعاية الشؤون) . والاهتمام بالمسلمين إنما هو الاهتمام بشؤونهم، والاهتمام بشؤونهم يعني رعايتها، ومعرفة ما يسوس به الحاكم الناس. والإنكار على الحاكم هو اشتغال بالسياسة، واهتمام بأمر المسلمين، وأمر الإمام الجائز ونهيه هو اهتمام بأمر المسلمين ورعاية شؤونهم، ومنازعة وليّ الأمر إنما هو اهتمام بأمر المسلمين ورعاية شؤونهم.
    والاشتغال بالسياسة، أي الاهتمام بأمر المسلمين إنما هو دفع الأذى عنهم من الحاكم، ودفع الأذى عنهم من العدو. لذلك لم تقتصر الأحاديث على دفع الأذى عنهم من الحاكم، بل شملت الاثنين. والحديث المروي عن جرير بن عبد الله أنه قال: «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: أبايعك على الإسلام، فشرط عليّ النصح لكل مسلم» جاء فيه لفظ النصح عاماً فيدخل فيه النصح له بدفع أذى الحاكم عنه، والنصح له بدفع أذى العدو عنه.
    وهذا يعني الاشتغال بالسياسة الداخلية في معرفة ما عليه الحكام من سياسة الرعية من أجل محاسبتهم على أعمالهم، ويعني أيضاً الاشتغال بالسياسة الخارجية في معرفة ما تبيته الدول الكافرة من مكائد للمسلمين لكشفها لهم، والعمل على اتقائها، ودفع أذاها. فيكون الفرض ليس الاشتغال بالسياسة الداخلية فحسب، بل هو أيضاً الاشتغال بالسياسة الخارجية، فقوله تعالى ]ألم @غلبت الروم @ في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون[ تدل دلالة واضحة على مدى اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام بالسياسة الخارجية، وتتبعهم للأخبار العالمية. وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب فقال: بلغنا أن المشركين كانوا يجادلون المسلمين وهم بمكة قبل أن يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فيقولون: الروم يشهدون أنهم أهل كتاب، وقد غلبهم المجوس، وأنتم تزعمون أنكم ستغلبوننا بالكتاب الذي أنزل على نبيكم فيكف غلب المجوس الروم؟ وهم أهل كتاب، فسنغلبكم كما غلبت فارس الروم: فأنزل الله ]ألم @ غلبت الروم[ وهذا يدل على أن المسلمين في مكة حتى قبل إقامة الدولة الإسلامية كانوا يجادلون الكفار في أخبار الدول، وأنباء العلاقات الدولية.
    وإذا أضيف إلى ذلك أن الأمة تحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم، ولا يتيسر لها حمل الدعوة إلى العالم إلاّ إذا كانت عارفة لسياسية حكومات الدول الأخرى، وهذا معناه أن معرفة سياسة العالم بشكل عام، وسياسة كل دولة تريد حمل الدعوة إلى شعبها، أو رد كيدها عنا، فرض كفاية على المسلمين، لأن حمل الدعوة فرض، ودفع كيد الأعداء عن الأمة فرض، وهذا لا يمكن الوصول إليه إلاّ بمعرفة سياسة العالم، وسياسة الدول التي نعنى بعلاقاتها لدعوة شعبها، أو رد كيدها. والقاعدة الشرعية تقول: (ما لا يتم الواجب إلاّ به فهو واجب) لذلك كان الاشتغال بالسياسة الدولية فرض كفاية على المسلمين.
    ولما كانت الأمة الإسلامية مكلفة شرعاً بحمل الدعوة الإسلامية إلى الناس كافة كان فرضاً على المسلمين أن يتصلوا بالعالم اتصالاً واعياً لأحواله، مدركاً لمشاكله، عالماً بدوافع دوله وشعوبه، متتبعاً الأعمال السياسية التي تجري في العالم، ملاحظاً الخطط السياسية للدول في أساليب تنفيذها، وفي كيفية علاقة بعضها ببعض، وفي المناورات السياسية التي تقوم بها هذه الدول.
    على أن أعمال الحكام مع الدول الأخرى هو من السياسة الخارجية، فتدخل كذلك في محاسبة الحاكم على أعماله مع الدول الأخرى. (وقاعدة ما لا يتم الواجب إلاّ به فهو واجب) تدل على أن الاطلاع على أعمال الدولة، وما تقوم به من رعاية شؤون الأمة في الحكم، وفي العلاقات الخارجية أمر واجب، لأنه لا يمكن أن يتمكّن من الاشتغال بالسياسة الداخلية والخارجية، أي محاسبة الحكام على أعمالهم الداخلية والخارجية إلاّ بمعرفة ما يقومون به من أعمال، لأنه إذا لم تعرف هذه الأعمال على حقيقتها لا يمكن محاسبتهم عليها، أي لا يمكن الاشتغال بالسياسة.
    من الملاحظ في هذه الأيام أن الأمة منفصلة انفصالاً تاماً عن الدولة، أي عن الحكام وأن العلاقة بين جمهرة الناس والحكام علاقة بين فئتين متباينتين لا علاقة بين رعايا ودولة، وفضلاً عن ذلك فإن هذه العلاقة فوق كونها علاقة بين فئتين متباينتين هي علاقة كراهية وتضاد وتناقض ليس فيها أي تقارب ولا ما يشعر بإمكانية وجود تقارب في المستقبل، وهذا هو الذي يضعف كيان الأمة ويضعف الدولة، كذلك لأن الرعية بدون وجود راع منها تكون واهية البنيان، والدولة بدون وجود رعية تقف صفاً واحداً خلفها تكون واهية الوجود يمكن إزالتها بأقل جهد، وتكون عرضة للاستعانة بأعداء الأمة.
    إن هذا الانفصال بين الأمة والدولة كان طبيعياً وواجباً يوم كانت الدولة الكافرة تحكم البلاد مباشرة، يوم كان الانتداب الإنجليزي هو المطبق على البلاد، ولكن بعد أن أزيل سلطان الإنجليز رسمياً وأصبح حكام البلاد يباشرون الحكم وهم من أبناء الأمة مسلمون، فإنه لم يعد هناك مبرر لبقاء هذا الانفصال، وكان يجب أن تتحول العلاقات بين جمهرة الناس وبين الدولة إلى علاقة رعية وراع، وإلى التحام بين الراعي والرعية. غير أن الواقع أن هذا الانفصال قد بقي ولا يزال باقياً، وظل الحكام فئة والأمة فئة أخرى، وظلت إحدى الفئتين مضادة للأخرى، الأمة تنظر إلى الحكام بأنهم أعداؤها كما كانت تنظر للإنجليز بل ربما شعرت بظلمهم أكثر من ظلم الإنجليز، والحكام ينظرون إلى الأمة بأنها تتآمر عليهم وتود أن تفتك بهم وأنها عدوة لهم، فهم يكيدون لها وهي تكيد لهم، وهذا ما يجعل الأمة في حالة يأس من أن تتقدم خطوة واحدة نحو العزة والرفاهية، ويجعل الحكام محصوراً تفكيرهم بما يبقيهم على كراسي الحكم ولو بالاستعانة بالأجنبي، ويجعلهم لا يفكرون برفع الأمة إلاّ نفاقاً وبأساليب تبعد الأمة عن الرقي، وتجعلها دائماً في حالة ضعيفة حتى يظلوا مسيطرين عليها.
    إن هذه الحالة من الانفصال بين الأمة والدولة هي نتيجة عدم قيام الأمة بما فرضه الله عليها من محاسبة الحكام، وعدم شعورها بأنها هي مصدر السلطان، فلو كانت تشعر بأنها مصدر السلطان وتقوم بما فرضه الله عليها من محاسبة الحكام، لما تولاها حاكم خائن عدو لها، ولما كان بينها وبين الحكام هذا الانفصال ولما كانت في هذا الضعف، في هذا التفكك، في هذا التأخر، ولما ظلت تحت نفوذ الكفار فعلاً وإن كان الذي يحكمها حكماً مباشراً مسلماً من أبناء المسلمين. لذلك كان لا بد للأمة حتى تكون كياناً واحداً هي والحكام وفئة واحدة هي والدولة أن تقوم بواجب محاسبة الحكام، وأن تقول كلمة الحق في وجه الحكام، وأن تعمل بقوة وبجد للتغيير على الحكام أو تغييرهم، وما لم تبادر إلى ذلك فإنها ولا شك ستظل تنحدر بسرعة فائقة هذا الانحدار الذي نراه حتى تفنى أو تشرف على الفناء.
    إن الإسلام جعل محاسبة الحكام فرضاً على المسلمين، وأمرهم بمحاسبة الحكام وبقول الحق أينما كانوا لا تأخذهم في الله لومة لائم. أما قول الحق والجهر به فإن المسلمين في بيعة العقبة الثانية حين بايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم قد بايعوه على قول الحق فقد قالوا في نص البيعة ما نصه "وأن نقول الحق أينما كان لا نخاف في الله لومة لائم" وأما محاسبة الحكام وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر فإنه بالرغم من أنها داخلة في آيات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد جاءت نصوص صريحة بالأمر بمحاسبة الحكام، فعن عطية عن أبي سعيد قال: قال رسول الله r : «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر». وعن أبي أمامة قال: «عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجل عند الجمرة الأولى فقال: يا رسول الله أي الجهاد أفضل؟ فسكت عنه، فلما رمى الجمرة الثانية سأله، فسكت عنه، فلما رمى جمرة العقبة ووضع رجله في الغرز ليركب قال: أين السائل؟ فقال: أنا يا رسول الله، قال: «كلمة حق تقال عند سلطان جائر» فهذا نص في الحاكم ووجوب قول الحق عنده، ووجوب محاسبته، وقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على مكافحة الحكام الظلمة مهما حصل في سبيل ذلك من أذى حتى لو أدى إلى القتل. فقد رُوي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله» وهذا من أبلغ الصيغ في التعبير عن الحث على تحمل الأذى حتى الموت في سبيل محاسبة الحكام، وكفاح الحكام الظلمة.
    إن كفاح ظلم الحكام الذي نراه اليوم، ومحاسبة هؤلاء الحكام على أعمالهم كلها، وعلى خياناتهم وتآمرهم على الأمة فرض فرضه الله علينا معشر المسلمين. والقيام بهذا الفرض هو الذي يزيل الفواصل الموجودة بين الأمة والحكام. وهو الذي يجعل الأمة والحكام كلها فئة واحدة وكتلة واحدة، وهو الذي يضمن التغيير على الحكام، ويضمن كذلك تغييرهم إن لم يكن التغيير عليهم. وهو أول طريق النهضة، فالنهضة لا يمكن أن تتأتى إلاّ عن طريق الحكم حين يقام على عقيدة الإسلام، ولا سبيل إلى ذلك إلاّ بإيجاد الحكم على العقيدة الإسلامية، وإيجاد الحكم على هذا الأساس، ولا سبيل إلى ذلك إلاّ بكفاح الحكام الظلمة وبمحاسبة الحكام، والاشتغال بالسياسية فهي ضرورة شرعية وواجب عقدي لما يترتب عليها من حفظ الدين وتطبيقه.


  2. #2
    عـضــو الصورة الرمزية فراس عمر حج محمد
    تاريخ التسجيل
    03/06/2007
    العمر
    50
    المشاركات
    276
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي ضرورة العمل السياسي

    ضرورة العمل السياسي

    السياسة هي رعاية شؤون الأمة داخلياً وخارجياً، وتكون من قبل الدولة والأمة، فالدولة هي التي تباشر هذه الرعاية عملياً، والأمة هي التي تحاسب بها الدولة.
    هذا هو تعريف السياسة، وهو ، وهو مأخوذ من" ساس يسوس سياسة " بمعنى رعى شؤونه، قال في المحيط "وسست الرعية سياسة أمرتها ونهيتها" وهذا هو رعاية شؤونها بالأوامر والنواهي، وأيضا فإن الأحاديث الواردة في عمل الحاكم، والواردة في محاسبة الحكام، والواردة في الاهتمام بمصالح المسلمين يستنبط من مجموعها هذا التعريف، فقد روى مسلم عن أبي حازم قال : قاعدت أبا هريرة خمس سنين فسمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء ، كلما هلك نبي خلفه نبي ، وأنه لا نبي بعدي ، وستكون خلفاء فتكثر ، قالوا : فما تأمرنا ؟ قال : فوا ببيعة الأول فالأول ، وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم» ، وقوله صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد يسترعيه الله رعية لم يحطها بنصيحة إلا لم يجد رائحة الجنة» ، وقوله عليه السلام : «ما من والٍ يلي رعية من المسلمين فيموت وهو غاش لهم إلا حرم الله عليه الجنة» ، وقوله صلى الله عليه وسلم: «ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف فقد برئ ومن أنكر فقد سلم إلا من رضي وتابع» رواه مسلم والترمذي، وقوله صلى الله عليه وسلم : «من أصبح وهمه غير الله فليس من الله، ومن أصبح لا يهتم بالمسلمين فليس منهم»، وعن جرير بن عبد الله قال: «بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم» ، فهذه الأحاديث كلها سواء ما يتعلق بالحاكم في تولية الحكم، أو ما يتعلق بالأمة التي تحاسب الحاكم، أو ما يتعلق بالمسلمين بعضهم مع بعض من الاهتمام بمصالحهم والنصح لهم، كلها تبلور معنى السياسة بأنها رعاية شؤون الأمة بمجموعة الأوامر والنواهي ، وعليه فإن الإسلام دين سياسي لأنه يوجه العباد إلى مجموعة من الأوامر ليقوموا بها ، وينهى العباد عن مجموعة من النواهي.
    ومنذ أن هدمت الخلافة وطبقت أنظمة الكفر السياسية في البلاد الإسلامية، انتهى الإسلام من كونه سياسياً، وحل محله الفكر السياسي الغربي المنبثق عن عقيدة المبدأ الرأسمالي، عقيدة فصل الدين عن الحياة. ومما يجب أن تدركه الأمة الإسلامية، أن رعاية شؤونها بالإسلام لا تكون إلاّ بدولة الخلافة، وأن فصل الإسلام السياسي عن الحياة وعن الدين، هو وأد للإسلام وأنظمته وأحكامه، وسحق للأمة وقيمها وحضارتها ورسالتها.
    والدول الرأسمالية تتبنى عقيدة فصل الدين عن الحياة وعن السياسية، وتعمل على نشرها وتطبيق أحكامها على الأمة الإسلامية، وتعمل على تضليل الأمة وتصور لها بأن السياسة والدين لا يجتمعان، وأن السياسة إنما تعني الواقعية والرضا بالأمر الواقع مع استحالة تغييره، حتى تبقى الأمة رازحة تحت نير دول الكفر، دول الظلم والطغيان، وحتى لا تترسم الأمة بحال سبيلاً للنهضة. بالإضافة إلى تنفير المسلمين من الحركات الإسلامية السياسية، ومن الاشتغال بالسياسة. لأن دول الكفر تعلم أنه لا يمكن ضرب أفكارها وأحكامها السياسية إلاّ بعمل سياسي، والاشتغال بالسياسة على أساس الإسلام. ويصل تنفير الأمة الإسلامية من السياسة والسياسيين إلى حد تصوير السياسة أنها تتناقض مع سمو الإسلام وروحانيته. ولذلك كان لا بد من أن تدرك الأمة السر وراء محاربة الدول الكافرة، والحكام العملاء للحركات الإسلامية وهي تعمل لإنهاض المسلمين بإقامة دولة الخلافة وتضرب أفكار الكفر، وتعيد مجد الإسلام.
    وعليه لا بد من أن تعي الأمة الإسلامية معنى السياسة لغة وشرعاً، وأن الإسلام السياسي لا يوجد إلاّ بدولة الخلافة، والتي بدونها يغيض الإسلام من كونه سياسياً، ولا يعتبر حياً إلاّ بهذه الدولة، باعتبارها كياناً سياسياً تنفيذياً لتطبيق أحكام الإسلام وتنفيذها، وهي الطريقة الشرعية التي تنفذ بها أحكام الإسلام وأنظمته في الحياة العامة، وأن الله قد أوجب على الأمة تطبيق هذه الأحكام، وحرم الاحتكام لأنظمة الكفر، لمخالفتها للإسلام ولأنها من وضع البشر.
    ولذلك كان لا بد من بيان انبثاق هذه الأفكار وهذه الأحكام عن العقيدة الإسلامية باعتبارها فكرة سياسية، والتركيز على ذلك من الناحية الروحية التي فيها، باعتبار أنها أوامر ونواه من الله لا بأي وصف آخر. وهذا الوصف هو الذي يكفل تمكن أفكار وأحكام الإسلام في النفوس، ويكشف للأمة معنى السياسة والفكر السياسي، ويجعلها تدرك المسؤولية الملقاة على عاتقها لإيجاد أفكار الإسلام وأحكامه في حياتها العملية، وأهمية الرسالة العالمية التي أوجب الله حملها للناس كافة، خاصة وهي ترى مدى ما وصل إليه حالها في هذا العصر لغياب دولة الإسلام وأفكار وأحكام الإسلام من حياتها، ومدى ما وصل إليه العالم من شرٍ وشقاء واستعباد للناس. وهذا يفرض على الأمة أن تضطلع بمهمتها الأساسية، ووظيفتها الأصلية ألا وهي حمل الدعوة الإسلامية إلى الشعوب والأمم الأخرى وتشتغل بالسياسة، فالاشتغال بالسياسة فرض على المسلمين
    قال رسول الله r : «ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع، قالوا: أفلا نقاتلهم يا رسول الله؟ قال: لا ما صلوا» وقال: «أفضل الجهاد كلمة حق تقال عند ذي سلطان جائر، أو أمير جائر» وقال: «سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله» وعن عبادة بن الصامت قال: «دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، قال: إلاّ أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان» . وقال تعالى: ]ألم @ غلبت الروم @ في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون @ في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون[ .
    فهذه الأحاديث والآية الكريمة دليل على أن الاشتغال بالسياسة فرض. وذلك أن السياسية في اللغة هي (رعاية الشؤون) . والاهتمام بالمسلمين إنما هو الاهتمام بشؤونهم، والاهتمام بشؤونهم يعني رعايتها، ومعرفة ما يسوس به الحاكم الناس. والإنكار على الحاكم هو اشتغال بالسياسة، واهتمام بأمر المسلمين، وأمر الإمام الجائز ونهيه هو اهتمام بأمر المسلمين ورعاية شؤونهم، ومنازعة وليّ الأمر إنما هو اهتمام بأمر المسلمين ورعاية شؤونهم.
    والاشتغال بالسياسة، أي الاهتمام بأمر المسلمين إنما هو دفع الأذى عنهم من الحاكم، ودفع الأذى عنهم من العدو. لذلك لم تقتصر الأحاديث على دفع الأذى عنهم من الحاكم، بل شملت الاثنين. والحديث المروي عن جرير بن عبد الله أنه قال: «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: أبايعك على الإسلام، فشرط عليّ النصح لكل مسلم» جاء فيه لفظ النصح عاماً فيدخل فيه النصح له بدفع أذى الحاكم عنه، والنصح له بدفع أذى العدو عنه.
    وهذا يعني الاشتغال بالسياسة الداخلية في معرفة ما عليه الحكام من سياسة الرعية من أجل محاسبتهم على أعمالهم، ويعني أيضاً الاشتغال بالسياسة الخارجية في معرفة ما تبيته الدول الكافرة من مكائد للمسلمين لكشفها لهم، والعمل على اتقائها، ودفع أذاها. فيكون الفرض ليس الاشتغال بالسياسة الداخلية فحسب، بل هو أيضاً الاشتغال بالسياسة الخارجية، فقوله تعالى ]ألم @غلبت الروم @ في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون[ تدل دلالة واضحة على مدى اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام بالسياسة الخارجية، وتتبعهم للأخبار العالمية. وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب فقال: بلغنا أن المشركين كانوا يجادلون المسلمين وهم بمكة قبل أن يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فيقولون: الروم يشهدون أنهم أهل كتاب، وقد غلبهم المجوس، وأنتم تزعمون أنكم ستغلبوننا بالكتاب الذي أنزل على نبيكم فيكف غلب المجوس الروم؟ وهم أهل كتاب، فسنغلبكم كما غلبت فارس الروم: فأنزل الله ]ألم @ غلبت الروم[ وهذا يدل على أن المسلمين في مكة حتى قبل إقامة الدولة الإسلامية كانوا يجادلون الكفار في أخبار الدول، وأنباء العلاقات الدولية.
    وإذا أضيف إلى ذلك أن الأمة تحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم، ولا يتيسر لها حمل الدعوة إلى العالم إلاّ إذا كانت عارفة لسياسية حكومات الدول الأخرى، وهذا معناه أن معرفة سياسة العالم بشكل عام، وسياسة كل دولة تريد حمل الدعوة إلى شعبها، أو رد كيدها عنا، فرض كفاية على المسلمين، لأن حمل الدعوة فرض، ودفع كيد الأعداء عن الأمة فرض، وهذا لا يمكن الوصول إليه إلاّ بمعرفة سياسة العالم، وسياسة الدول التي نعنى بعلاقاتها لدعوة شعبها، أو رد كيدها. والقاعدة الشرعية تقول: (ما لا يتم الواجب إلاّ به فهو واجب) لذلك كان الاشتغال بالسياسة الدولية فرض كفاية على المسلمين.
    ولما كانت الأمة الإسلامية مكلفة شرعاً بحمل الدعوة الإسلامية إلى الناس كافة كان فرضاً على المسلمين أن يتصلوا بالعالم اتصالاً واعياً لأحواله، مدركاً لمشاكله، عالماً بدوافع دوله وشعوبه، متتبعاً الأعمال السياسية التي تجري في العالم، ملاحظاً الخطط السياسية للدول في أساليب تنفيذها، وفي كيفية علاقة بعضها ببعض، وفي المناورات السياسية التي تقوم بها هذه الدول.
    على أن أعمال الحكام مع الدول الأخرى هو من السياسة الخارجية، فتدخل كذلك في محاسبة الحاكم على أعماله مع الدول الأخرى. (وقاعدة ما لا يتم الواجب إلاّ به فهو واجب) تدل على أن الاطلاع على أعمال الدولة، وما تقوم به من رعاية شؤون الأمة في الحكم، وفي العلاقات الخارجية أمر واجب، لأنه لا يمكن أن يتمكّن من الاشتغال بالسياسة الداخلية والخارجية، أي محاسبة الحكام على أعمالهم الداخلية والخارجية إلاّ بمعرفة ما يقومون به من أعمال، لأنه إذا لم تعرف هذه الأعمال على حقيقتها لا يمكن محاسبتهم عليها، أي لا يمكن الاشتغال بالسياسة.
    من الملاحظ في هذه الأيام أن الأمة منفصلة انفصالاً تاماً عن الدولة، أي عن الحكام وأن العلاقة بين جمهرة الناس والحكام علاقة بين فئتين متباينتين لا علاقة بين رعايا ودولة، وفضلاً عن ذلك فإن هذه العلاقة فوق كونها علاقة بين فئتين متباينتين هي علاقة كراهية وتضاد وتناقض ليس فيها أي تقارب ولا ما يشعر بإمكانية وجود تقارب في المستقبل، وهذا هو الذي يضعف كيان الأمة ويضعف الدولة، كذلك لأن الرعية بدون وجود راع منها تكون واهية البنيان، والدولة بدون وجود رعية تقف صفاً واحداً خلفها تكون واهية الوجود يمكن إزالتها بأقل جهد، وتكون عرضة للاستعانة بأعداء الأمة.
    إن هذا الانفصال بين الأمة والدولة كان طبيعياً وواجباً يوم كانت الدولة الكافرة تحكم البلاد مباشرة، يوم كان الانتداب الإنجليزي هو المطبق على البلاد، ولكن بعد أن أزيل سلطان الإنجليز رسمياً وأصبح حكام البلاد يباشرون الحكم وهم من أبناء الأمة مسلمون، فإنه لم يعد هناك مبرر لبقاء هذا الانفصال، وكان يجب أن تتحول العلاقات بين جمهرة الناس وبين الدولة إلى علاقة رعية وراع، وإلى التحام بين الراعي والرعية. غير أن الواقع أن هذا الانفصال قد بقي ولا يزال باقياً، وظل الحكام فئة والأمة فئة أخرى، وظلت إحدى الفئتين مضادة للأخرى، الأمة تنظر إلى الحكام بأنهم أعداؤها كما كانت تنظر للإنجليز بل ربما شعرت بظلمهم أكثر من ظلم الإنجليز، والحكام ينظرون إلى الأمة بأنها تتآمر عليهم وتود أن تفتك بهم وأنها عدوة لهم، فهم يكيدون لها وهي تكيد لهم، وهذا ما يجعل الأمة في حالة يأس من أن تتقدم خطوة واحدة نحو العزة والرفاهية، ويجعل الحكام محصوراً تفكيرهم بما يبقيهم على كراسي الحكم ولو بالاستعانة بالأجنبي، ويجعلهم لا يفكرون برفع الأمة إلاّ نفاقاً وبأساليب تبعد الأمة عن الرقي، وتجعلها دائماً في حالة ضعيفة حتى يظلوا مسيطرين عليها.
    إن هذه الحالة من الانفصال بين الأمة والدولة هي نتيجة عدم قيام الأمة بما فرضه الله عليها من محاسبة الحكام، وعدم شعورها بأنها هي مصدر السلطان، فلو كانت تشعر بأنها مصدر السلطان وتقوم بما فرضه الله عليها من محاسبة الحكام، لما تولاها حاكم خائن عدو لها، ولما كان بينها وبين الحكام هذا الانفصال ولما كانت في هذا الضعف، في هذا التفكك، في هذا التأخر، ولما ظلت تحت نفوذ الكفار فعلاً وإن كان الذي يحكمها حكماً مباشراً مسلماً من أبناء المسلمين. لذلك كان لا بد للأمة حتى تكون كياناً واحداً هي والحكام وفئة واحدة هي والدولة أن تقوم بواجب محاسبة الحكام، وأن تقول كلمة الحق في وجه الحكام، وأن تعمل بقوة وبجد للتغيير على الحكام أو تغييرهم، وما لم تبادر إلى ذلك فإنها ولا شك ستظل تنحدر بسرعة فائقة هذا الانحدار الذي نراه حتى تفنى أو تشرف على الفناء.
    إن الإسلام جعل محاسبة الحكام فرضاً على المسلمين، وأمرهم بمحاسبة الحكام وبقول الحق أينما كانوا لا تأخذهم في الله لومة لائم. أما قول الحق والجهر به فإن المسلمين في بيعة العقبة الثانية حين بايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم قد بايعوه على قول الحق فقد قالوا في نص البيعة ما نصه "وأن نقول الحق أينما كان لا نخاف في الله لومة لائم" وأما محاسبة الحكام وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر فإنه بالرغم من أنها داخلة في آيات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد جاءت نصوص صريحة بالأمر بمحاسبة الحكام، فعن عطية عن أبي سعيد قال: قال رسول الله r : «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر». وعن أبي أمامة قال: «عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجل عند الجمرة الأولى فقال: يا رسول الله أي الجهاد أفضل؟ فسكت عنه، فلما رمى الجمرة الثانية سأله، فسكت عنه، فلما رمى جمرة العقبة ووضع رجله في الغرز ليركب قال: أين السائل؟ فقال: أنا يا رسول الله، قال: «كلمة حق تقال عند سلطان جائر» فهذا نص في الحاكم ووجوب قول الحق عنده، ووجوب محاسبته، وقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على مكافحة الحكام الظلمة مهما حصل في سبيل ذلك من أذى حتى لو أدى إلى القتل. فقد رُوي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله» وهذا من أبلغ الصيغ في التعبير عن الحث على تحمل الأذى حتى الموت في سبيل محاسبة الحكام، وكفاح الحكام الظلمة.
    إن كفاح ظلم الحكام الذي نراه اليوم، ومحاسبة هؤلاء الحكام على أعمالهم كلها، وعلى خياناتهم وتآمرهم على الأمة فرض فرضه الله علينا معشر المسلمين. والقيام بهذا الفرض هو الذي يزيل الفواصل الموجودة بين الأمة والحكام. وهو الذي يجعل الأمة والحكام كلها فئة واحدة وكتلة واحدة، وهو الذي يضمن التغيير على الحكام، ويضمن كذلك تغييرهم إن لم يكن التغيير عليهم. وهو أول طريق النهضة، فالنهضة لا يمكن أن تتأتى إلاّ عن طريق الحكم حين يقام على عقيدة الإسلام، ولا سبيل إلى ذلك إلاّ بإيجاد الحكم على العقيدة الإسلامية، وإيجاد الحكم على هذا الأساس، ولا سبيل إلى ذلك إلاّ بكفاح الحكام الظلمة وبمحاسبة الحكام، والاشتغال بالسياسية فهي ضرورة شرعية وواجب عقدي لما يترتب عليها من حفظ الدين وتطبيقه.


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •