آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: ترجمة سعيد محمد الجندوبى لبحيرة لامارتين: دراسة تحليلية

  1. #1
    أستاذ بارز الصورة الرمزية إبراهيم عوض
    تاريخ التسجيل
    21/12/2007
    المشاركات
    828
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي ترجمة سعيد محمد الجندوبى لبحيرة لامارتين: دراسة تحليلية

    د. إبراهيم عوض
    دراسة ترجمة سعيد محمد الجندوبى لــ"بحيرة" لامارتين

    (مع إتباع كل مقطع من الترجمة بملاحظاتى عليه، مع كل الود والتحية)

    أولا: القصيدة فى أصلها الفرنسى:
    Le Lac par Lamartine

    Ainsi, toujours poussés vers de nouveaux rivages,
    Dans la nuit éternelle emportés sans retour,
    Ne pourrons-nous jamais sur l'océan des âges
    Jeter l'ancre un seul jour ?

    &O lac ! l'année à peine a fini sa carrière,
    Et près des flots chéris qu'elle devait revoir,
    Regarde ! je viens seul m'asseoir sur cette pierre
    Où tu la vis s'asseoir !

    Tu mugissais ainsi sous ces roches profondes,
    Ainsi tu te brisais sur leurs flancs déchirés,
    Ainsi le vent jetait l'écume de tes ondes
    Sur ses pieds adorés.

    Un soir, t'en souvient-il ? nous voguions en silence ;
    On n'entendait au loin, sur l'onde et sous les cieux,
    Que le bruit des rameurs qui frappaient en cadence
    Tes flots harmonieux.

    Tout à coup des accents inconnus à la terre
    Du rivage charmé frappèrent les échos ;
    Le flot fut attentif, et la voix qui m'est chère
    Laissa tomber ces mots :

    "Ô temps ! suspends ton vol, et vous, heures propices !
    Suspendez votre cours :
    Laissez-nous savourer les rapides délices
    Des plus beaux de nos jours !

    "Assez de malheureux ici-bas vous implorent,
    Coulez, coulez pour eux ;
    Prenez avec leurs jours les soins qui les dévorent ;
    Oubliez les heureux.

    "Mais je demande en vain quelques moments encore,
    Le temps m'échappe et fuit ;
    Je dis à cette nuit : Sois plus lente ; et l'aurore
    Va dissiper la nuit.

    "Aimons donc, aimons donc ! de l'heure fugitive,
    Hâtons-nous, jouissons !
    L'homme n'a point de port, le temps n'a point de rive ;
    Il coule, et nous passons ! "

    Temps jaloux, se peut-il que ces moments d'ivresse,
    Où l'amour à longs flots nous verse le bonheur,
    S'envolent loin de nous de la même vitesse
    Que les jours de malheur ?

    Eh quoi ! n'en pourrons-nous fixer au moins la trace ?
    Quoi ! passés pour jamais ! quoi ! tout entiers perdus !
    Ce temps qui les donna, ce temps qui les efface,
    Ne nous les rendra plus !

    Éternité, néant, passé, sombres abîmes,
    Que faites-vous des jours que vous engloutissez ?
    Parlez : nous rendrez-vous ces extases sublimes
    Que vous nous ravissez ?

    Ô lac ! rochers muets ! grottes ! forêt obscure !
    Vous, que le temps épargne ou qu'il peut rajeunir,
    Gardez de cette nuit, gardez, belle nature,
    Au moins le souvenir !

    Qu'il soit dans ton repos, qu'il soit dans tes orages,
    Beau lac, et dans l'aspect de tes riants coteaux,
    Et dans ces noirs sapins, et dans ces rocs sauvages
    Qui pendent sur tes eaux.

    Qu'il soit dans le zéphyr qui frémit et qui passe,
    Dans les bruits de tes bords par tes bords répétés,
    Dans l'astre au front d'argent qui blanchit ta surface
    De ses molles clartés.

    Que le vent qui gémit, le roseau qui soupire,
    Que les parfums légers de ton air embaumé,
    Que tout ce qu'on entend, l'on voit ou l'on respire,
    Tout dise : Ils ont aimé !


    وتلك الأيّام، تلقي بنا دوما نحو سواحل جديدة،
    وفي الليل الأزلي تأخذنا بدون رجعة،
    فهل يمكننا يوما، على سطح محيط العصور
    حطّ الرحال ولو ليوم؟

    ** لا وجود فى الأصل اللامارتينى لعبارة "تلك الأيام" كما هو واضح. ومع هذا فمن الممكن الإبقاء عليها، لكن ذلك يتطلب تعديل الكلام ليصبح مثلا: "تلقى بنا الأيام دوما نحو سواحل جديدة". كذلك فإن قول المترجم: "على سطح محيط العصور"، وإن كان صحيحا، يشعرنى بشىء من القلق. وإنى لأحس أننا لو قلنا: "على سطح أوقيانوس الدهور" فلربما كان أفضل، إذ أشعر أن عبارة "أوقيانوس الدهور" أليق بأسلوب الشعر. وهى مسألة أذواق كما يرى القارئ، الذى قد يؤثر ترجمة الأستاذ الجندوبى رغم كل شىء. وتبقى صورة "حط الرحال"، وهى تؤدى المعنى دون أى جدال، وإن كنت أوثر أن نقول: "فهل من الممكن أن نلقى بالمرساة ولو يوما واحدا؟". ذلك أننا فى البحر، والبحر يناسبه "إلقاء المرساة" أكثر مما يناسبه "حَطّ الرحال"، فضلا عن أن هذا هو فعلا ما قاله الشاعر.

    ألا يا بحيرة! ها هو العام قد ولّى،
    وقرب الأمواج التي نعشق والتي كانت من جديد سَتَراها،
    انظري! ها أنا اليوم جئت وحيدا، لأجلس على صخرة،
    طالما رأيتِها جالسة فوقها!

    ** لا أكتم القارئ إعجابى بقول المترجم: "ألا يا بحيرة"، فلها عُلْقَةٌ بالقلب أقوى من قولنا: "أيتها البحيرة"، إذ هذه رسمية، على عكس العبارة التى استعملها هو، علاوة على أنها تنفح بعطر التراث. لكن قوله: "قرب الأمواج التى نعشق" يبدو لى خاليا من السلاسة. ترى لم لا يقول مثلا: "قرب الأمواج الحبيبة"؟ وليلاحظ القارئ كيف ترك المترجم تعريف الصخرة وتعيينها باسم الإشارة ونكَّرها بدلا من ذلك، ولا بأس بما صنع، وإن لم أستطع أن أفهم السر فى هذا التنكب. كذلك زاد المترجم من عنده كلمة "طالما"، وهى غير موجودة لدى لامارتين، وإن كان وجودها أفضل من عدمه، إذ توحى بأن خلو المكان من حبيبة الشاعر أمر غريب يبعث على الدهشة والحيرة، فلطالما جلست هناك على تلك الصخرة حتى لقد أصبح وجودها فى ذلك المكان إلى جانب الشاعر أمرا معتادا وكأنه قانون طبيعى يستغرب الرائى تخلفه، ويثقل وقعه على نفس الشاعر ثقلا شديدا.

    كنتِ تعوين هكذا تحت هَذِي الصخور الغائرة؛
    هكذا كنتِ تتحطّمين على أجنبها الممزّقة؛
    هكذا كانت الريح تلقي بزبد موجاتك
    على ساقيها المحبوبتان

    ** الفعل: "mugir" لا يدل على "العواء"، بل "aboyer" أو "hurler" مثلا. أما هو فمعناه: "يهدر". وعلى أية حال فالبحيرات لا تعوى، بل الرياح والعواصف. وهو عواء على سبيل المجاز لا الحقيقة، إذ العاويات الحقيقية إنما هنّ الكلاب والذئاب والضباع وما إلى ذلك. وقد سبق أن اختلفت مع المرحوم أحمد حسن الزيات على وصف الصخور بالتمزق، فلا داعى لتكرار القول فيه هنا. لكن يحمد للمترجم التونسى مع هذا دقته فى قَصْر التكسر على جوانب الصخور فقط لا توسيعه بحيث يشمل كل شىء فيها، وإن كان قد استعمل كلمة "أَجْنُب" (وهو جمع لـ"جَنْب" لم أجده فى المعجم، وإن كان من الممكن قياسه على "فَلْس" و"أَفْلُس"، و"ضَرْب" و"أَضْرُب")، بدلا من "جوانب" (جمع"جانب"). ولدينا أيضا فى العربية "أجناب" و"جنائب". ثم إن "موجاتك" بصيغة جمع المؤنث السالم لتذكرنى بأصداء من قصة حسان بن ثابت والنابغة فى الجاهلية حين قال له الأخير إذ رآه ينظم بيته على النحو التالى: "لنا الجفنات الغُرّ يلمعن فى الضُّحَى": "لقد قللت جفانك". وتقليل الجفان لدى العرب معناه البخل، فكان لزاما عليه أن يفتخر كما ينبغى أن يكون الفخر فيقول: "الجفان" لا "الجفنات" لأن جمع الألف والتاء يدل بوجه عام على القلة. وعلى هذا فلو قال مترجمنا: "أمواج" لكان أحرى، إذ إن أمواج البحيرة لا تعد ولا تحصى، فكيف يقال عنها: "موجات"؟ ثم إنى لا أدرى أوقع المترجم فى غلطة رفع النعت المجرور فى قوله: "على ساقيها المحبوبتان" أم هذه غلطة طباعية أم هو مجرد سهو لا أكثر ولا أقل. وأخيرا فلقد وددت لو أنه قال: "ساقيها الحبيبتين" مثلا بدلا من "المحبوبتين"، فإن صيغة "فعيل" تدل على المبالغة أو على صفة لا تنفك عن الشىء فكأنها طبيعة فيه، وهو ما يناسب المقام كثيرا. كذلك فالشاعر لم يقل: "الحبيبتين"، بل "المعبودتين"، إلا أن العبادة هنا إنما تدل على شدة الوله الذى يصل إلى حد التقديس والعبادة. وبالمناسبة فإنى لا أستطيع أن أتذكر استخدام لفظ العبادة فى الأدب العربى القديم بهذا المعنى. ويبدو لى أنه تعبير طارئ أتانا مع الأدب الغربى حين أقبلنا عليه فى العصر الحديث وأحللناه من نفوسنا فى محل رفيع بحكم تخلفنا وتقدم الغرب، وضعفنا وقوته، وعجزنا وقدرته، وإلا فلقد كان العرب يباهون بأدبهم ويفاخرون به ولا يرون لأى أدب آخر مهما كان شأنه أنه يساوى أدبهم، فضلا عن أن يتفوق عليه.

    هل تذكرين ذات مساء؟ كان قاربنا يسير بصمت؛
    ولم يكن يصلنا من بعيد، فوق الموج وتحت السماوات،
    غير ضجّة المُجَدّفين، وهُم يقرعون بإيقاع،
    أمواجك المنسجمة.

    ** القرع يناسب السطوح الصلبة، ولا يناسب الموج، ومن ثم وددت لو أن المترجم قال عن الملاحين إنهم "يضربون الأمواج" بدلا من "يقرعون". ولعل قولنا: "يضربون موجك المنغم ضربا موقعا" يكون أفضل، وإن كانت ترجمة الأستاذ الجندوبى ترجمة صحيحة مع ذلك، إلا أنها تبدو حرفية بعض الشىء.

    فجأة، لهجات تجهلها الأرض،
    من الساحل المفتون، ضَربتْ بالأصداء
    وأصغى الموج، ومن الصوت الذي أحبّه
    تناثرت الكلمات:

    ** لا يتعلق الأمر هنا بــ"لهجات"، بل بنبرات وما أشبه. والمقصود الشدو الذى سمعه الشاعر فاستولى على نفسه استيلاءً، شدو حبيبته مناشدةً الزمن أن يتمهل فى سيره حتى يرتويا من السعادة التى يتقلبان فيها، ذلك الشدو الذى رددت الآفاق أصداءه، وأصغى الموج إليه بكل كيانه. ترى هل نكون من المحسنين إذا ترجمنا هذا المقطع على النحو التالى: "وفجأة إذا بنبرات ليس للأرض بها عهد يردد أصداءها الشاطئ المسحور، ويُرْعِيها الموجُ سَمْعَه، فيتساقط من الصوت الحبيب إلى نفسى هذه الكلمات:"؟

    أيا دهر، رويدك! وأنتنّ، أيّتها الساعات المناسبات
    قفن!
    ولنهنأ بالملذّات السّرعَى
    للأجمل من أيّامنا!

    ** "heures propices" معناها فى هذا السياق: "ساعات الهناءة والسرور"، أما معناها الأصلى فهو "الساعات المواتية"، أى التى تجرى وفق ما نريد. وهل يريد الإنسان لنفسه إلا بهجة النفس وهناءة البال؟ كذلك فلدينا هنا كلمة "السَّرْعَى"، وهى مؤنث "السَّرْعَان"، أى "السريع". وهذه أول مرة، فيما أذكر، تقابلنى هذه الصيغة، فهى كلمة معجمية لا يستعملها أحد، والفضل للمترجم فى بعثها إلى الحياة، وما أكثر الكلمات التى تنام فى طيات القواميس لا يقترب منها أحد، ثم يُلْهَم أحدهم أن يوقظ واحدة منها أو أكثر، فإذا بها تنتفض بالحياة. وقد تبقى حية بعد ذلك إلى مدى لا يعلمه إلا الله، وقد تعود بعد قليل إلى مرقدها كما كانت، والعبرة فى ذلك بمدى إقبال الكتاب الآخرين عليها وتبنيهم لها أو انصرافهم عنها وإهمالهم إياها وكأنها لم تُبْعَث ولم تُسْتَخْدَم. فعندنا إذن "السريع" و"السُّرْعان" و"السَّرِع" و"السُّرَاع"، وكلها لوصف الشخص أو الشىء بالسرعة. وبطبيعة الحال فإن الشاعر يقصد اللذات التى سرعان ما تنقضى فكأنها لم تكن، ومن ثم يناشد حبيبته أن يهتبلا الفرصة السانحة فيعبّا من المتعة المتاحة لهما حتى يرتويا قبل فوات الأوان. ويمكن اقتناص المعنى فى السطرين الأخيرين من هذا المقطع على النحو التالى: "فلنستمتع بملذات الحياة السريعة الزوال التى تتيحها لنا أجمل أيامنا".

    كُثْرٌ من هُم تعساء في هذي الأرض يستجدونك:
    تدفّقْ، تدفّقْ، لهم؛
    خذ مع أيّامهم مآسيهم التي باتت تنهشهم؛
    وانسَ السعداء

    ** التركيب فى قوله: "كُثْرٌ مَنْ هم تعساء فى هذى الأرض يستجدونك" فيه اضطراب، فكلمة "كُثْرٌ" مبتدأ، وخبره هو "مَنْ هم تعساء فى هذى الأرض". وعلى هذا فقد تمت الجملة هنا، فما موقع جملة "يستجدونك"؟ وما علاقتها بالتعساء الكثيرين؟ الواقع أن كلام لامارتين يعنى أن "كثيرا من البائسين (أو "التعساء فى هذى الأرض" بتعبير مترجمنا) يناشدون الزمن أن يفعل كذا وكذا". ويستطيع القارئ فى ضوء هذا الكلام أن يرى إلى أى مدًى ارتبك تركيب الجملة فى يد المترجم. ولا ننس استلهامه لبيت أبى فراس الحمْدانى الذى يتحدث فيه على لسان حبيبته المتدللة ردا على قوله لها إنه قتيلها، إذ أجابته قائلة: "أيهم؟ فهُمُو كُثْرُ!". أما عبارة "تدفَّقْ تدفَّقْ لهم" فلعلها تكون أوضح فى الدلالة على قصد الشاعر لو غيرناها إلى "أسرِعْ، أسرِعْ من أجلهم"، بمعنى أن البائس الشقى يريد أن يجرى الزمن بأقصى ما لديه من سرعة حتى يخلص مما هو فيه من تعاسة وشقاء، بخلاف السعيد، الذى يتمنى على العكس من ذلك أن يتمهل الزمن فلا يمضى أبدا حتى يظل مستمتعا بما هو فيه من سعادة وهناء. ومرة أخرى لا أقول إن كل ما قاله المترجم خطأ، بل كل ما هنالك هو أنه ربما صار المعنى أوضح لو أخذنا باقتراحى.

    لكن، عبثا أسألك، من الزّمن المزيد
    يفلت الوقت منّي، ويفرّ؛
    أقول لهذه اللّيلة: "تمهّلي!"؛ فالفجر لا محالة
    سيبدّد الظلام.

    ** حين يقول المترجم: "عبثا أسألك من الزمن المزيد" فليس لذلك من معنى إلا أن الشاعر يخاطب شخصا آخر غير الزمن راجيا إياه أن يعطيه من ذلك الزمن المزيد، مع أن الشاعر فى الأصل الفرنسى إنما يخاطب الزمن ذاته طالبا منه أن يملى له فى سعادته ويمد حبلها بضع لحظات أخرى، إلا أن الزمن لا يستجيب، بل يمضى فى طريقه هاربا منا لا نستطيع أن نقبض له على زمام. ويبقى الشطران الأخيران، وقد ترجمهما الأستاذ الجندوبى ترجمة صحيحة، إلا أن... نعم، إلا أنه لم يضع يده على الرباط المناسب الذى يصل بين الجملتين، فاستخدم الواو، وكان ينبغى أن يقول مثلا: "أقول لهذا الليل: تمهل. بَيْدَ أن الفجر سوف يبدد الليل رغم كل شىء". فالأمر، كما ترى، لا يزيد عن تغيير رابط لغوى برابط آخر، ومع ذلك فأى فرق يحدثه تلك الأداة الصغيرة!
    "فلنعشق إذًا! فلنعشق! ومن السّاعة الهاربة،
    فلنعجّل، ولننعم!
    ليس للإنسان مرفأ، ولا للزّمان ساحل؛
    فالزمان يجري، ونحن نمرّ"!

    ** لا يسوغ فى العربية أن نقول: "ومن الساعة الهاربة فلنعجل ولننعم"، بل نقول مثلا: "فلنسرع، وبالساعة الهاربة فلننعم"، أو "وبالساعة الهاربة فلننعم دون توان"، أو "وبالساعة الهاربة هيا بنا ننعم". ثم ما رأى الأستاذ المترجم فى قولنا: "فالزمان يمضى، ونحن معه ماضون" بدلا من قوله: "ونحن نمر"؟

    ألا أيّها الدهر الحاسد، هل لساعات النشوة،
    عندما يسقينا الحب السعادة بدون حساب،
    أن تطير بعيدا عنّا، بسرعة
    أيّام الشّقاء؟

    ** الحق أن ترجمة الأستاذ الجندوبى لهذا المقطع من أجمل الترجمات، فضلا عن إيجازها.

    ثمّ ماذا! هل لنا، على الأقلّ، تخليد أثرها؟
    ماذا! انقضت إلى الأبد؟ ماذا! ضاعت كلّ تلك الساعات؟
    هذا الدهر الّذي أوجدها، هذا الدّهر الّذي محاها،
    أفَلن يعيدها لنا من جديد؟

    ** كذلك فترجمة هذا المقطع هى أيضا ترجمة جميلة، إلا أنه ينبغى تغيير الجملة الأولى فيه من الإثبات إل%uى النفى ف062Aصبح هكذا: "ألن يكون بمقدورنا أن نستبقى منها الأثر؟". ثم لا شىء غير ذلك. أما إذا زاد المترجم فقال: "إيه إذن؟" بدلا من "ثم ماذا؟" أو على الأقل: يحذف "ثم" ويبقى "ماذا؟" وحدها لكان هذا كرما منه عظيما.

    أزل، عدم، ماض، لجج سحيقة،
    ماذا تراكم تفعلون بالأيّام التي قد ابتلعتُم؟
    تكلّموا! هل ستعيدون لنا تلك النّشَوَات العظيمة
    الّتي قد خطفتم؟

    ** وهذا المقطع قد ترجمه الجندوبى ترجمة جميلة كذلك، اللهم إلا السطر الأول منه حيث ينادى الشاعر الخلود والعدم والماضى والهُوَى السحيقة، فأورد المترجم هذا الكلمات على أنها أسماءٌ نكراتٌ، فأضاع المعنى الذى أراده الشاعر، وهو: "أيها الخلود، أيها العدم، أيها الماضى، أيتها الهوى السحيقة، هل لكُنّ...". ويبدو أنه لما لم يجد أداة النداء: "Ô" ظن أن هذه مجرد أسماء منكرة. والدليل على هذا هو أنه فى بداية المقطع التالى قد نادى البحيرة والصخور الصماء والغِيران والغابات المظلمة لأن الشاعر قد استخدم هناك أداء نداء، على حين أنه فى مقطعنا هذا لم يصرح بتلك الأداة. ومعروف أن النداء كثيرا ما يُفْهَم من السياق رغم غياب أداته. كذلك لو أذن لنا المترجم أن نقول: "النشوات السامية" عِوَضَ "العظيمة" فلربما كان أفضل. فما رأيه؟ وأنا لا أقول إن ما صنعه هو غير جميل ولا غير صحيح، بل كل ما قلت هو أنه ربما يكون أفضل. ومع ذلك فإنى لا أصر عليه.

    أيا بحيرة! أيّتها الصّخور الصمّاء! أيّتها الكهوف! أيّتها الغابات الحالكات!
    أنتنّ يا من يحافظ عليكنّ الزمان، أو من قد يعيد لكنّ الشباب،
    احفظن من هذه اللّيلة، احفظي أيّتها الطبيعة الغنّاء،
    على الأقلّ، الذكرى!

    ** أشعر لو أن الأستاذ المترجم وحَّد أداة النداء مع كل المناديات لكان أوفق، إذ بهذا يتحقق التناسق والتناظر بين جمل النداء المتتابعة، والتناسق قيمة فنية يحرص عليها الكتّاب عادة، اللهم إلا لضرورة فنية أقوى منه. وعلى هذا فلنقل: "أيتها البحيرة! أيّتها الصّخور الصمّاء! أيّتها الكهوف! أيّتها الغابات الحالكات!". كذلك لو أن المترجم قال مثلا: "... يا من لا يمسُّكُنّ الزمان بأذى، بل يمكن أن يجدد لكن شبابكن..." لكان أسلس.

    لِتكن في سكونكِ، لِتكن في عواصفكِ،
    أيّتها البحيرة الجميلة! وفي منظر تلاّتك الضاحكات،
    وفي صنوبركِ الدَّجِيّ، وفي صخرك المتوحّش،
    وهُم في تدلٍّ فوق مياهكِ!

    ** لا أستطيع أن أقبل قول مترجمنا: "وهم فى تدلٍّ فوق مياهك". لماذا؟ أولا لأن قوله: "فى تدل" أى مدلاة أو معلقة، هو كلام ينفح بالعجمة. وثانيا لأنه يظن أن كل ما ذكره من الأشياء من تلال وصنوبر وصخر هى فى تدلٍّ، أى مدلاة أو معلقة، ولذلك قال: "هم"، على حين أن المراد هو الصخور فحسب، إذ لا يقال عن التلال ولا أشجار الصنوبر إنها مدلاة فوق الماء. وثالثا لأننا إذا ما أردنا تشخيص الجمادات فإننا نستخدم لها عادة ضمير المؤنث: مفردا فى الغالب، أو جماعة فى القليل. وعلى ذلك ينبغى أن نقول: "وفى صخورك المتوحشة المعلَّقة (أو المتوحشات المعلقات) فوق مياهك". أما تشخيص الصخور، فى هيئة رجال فبعيد وغير مقبول، إذ ليس هناك أى غرض بلاغى يسوغ لنا تذكيرها على هذا النحو.

    لِتكن في نسماتكِ المرتعشة وهيَ تمرُّ،
    في أصداء ضفافكِ... بضفافك المكرّرة،
    في النّجم ذو الجبين الفضّي يضيءُ سطحك
    بأنواره المسترخية!

    ** لو كنت أنا مترجم هذا المقطع لقلت: ليكن فى نسيمك الذى يهب مرتعشا، وليكن فى أصوات ضفافك التى ترددها تلك الضفاف، وليكن فى ذلك النجم الفضى الجبين الذى ينشر الضياء فوق مياهك بلألائه بلألائه الرقيق...". ولا أدرى لم رفع الأستاذ الجندوبى كلمة "ذو" هنا، وحقها الجر لأنها صفة لـ"النجم" المجرور.
    ولتقلِ الريح وهي تئنّ، والقصب المتنهّد،
    وعبق ريحك العطر، اللّطيف،
    وكلّ ما نسمع، ونرى، ونستنشق،
    ليقل كلّ شيء: " لقد أحبّا"!

    ** جملة "وهى تئن" جملة حالية، ومعنى هذا أنه مطلوب من الريح أن تقول هذا وهى تئن. لكن ليس هذا هو المراد، بل المراد هو وصفها بالأنين، بمعنى أن من طبيعتها الأنين فى كل حال لا أن المطلوب منها أن تئن فى حال قولها هذا فحسب. وعلى ذلك فلعل الصواب أن نقول: لتقل الريح الباكية، وليقل القصب المتنهد، ولتقل العطور الرقيقة التى ينفح بها نسيمك المضمخ بالعبير، وليقل كل ما نسمع، وكل ما نرى، وكل ما نتنفس، ليقل كل هذا: لقد كانا عاشقين!


  2. #2
    عـضــو الصورة الرمزية سعيد محمد الجندوبي
    تاريخ التسجيل
    09/09/2007
    العمر
    60
    المشاركات
    92
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    لقد سعدت بحقّ بملاحظاتك حول نص الترجمة، فنظرت فيها بتمعن وأرجو أن أكون قد وفّقتُ إلى صياغة أجمل لهذه القصيدة الرائعة..

    مع محبّتي وتقديري

    سعيد محمد الجندوبي


    فيما يلي نصّ الترجمة بعد مراجعة الدكتور إبراهيم عوض له:


    البحيرة

    شعر ألفونس دي لامارتين
    نقلها إلى العربيّة
    سعيد محمد الجندوبي



    هكذا، يُلقى بنا دوما نحو سواحل جديدة،
    وفي الليل الأزليّ نُؤخذ بدون رجعة،
    فهل بمقدورنا يوما، على سطح محيط الدهور
    إلقاء المرساة ولو ليوم؟

    ألا يا بحيرة! ها هو الحول قد دار
    وعند الأمواج الحبيبة التيّ كانت من جديد ستراها،
    أُنظري! ها أنا اليوم جئتُ وحيدا، لأجلس على تلك الصّخرة
    الّتي طالما رأيتِها جالسة عليها!

    كنتِ تهدرين هكذا تحت هذي الصخور الغائرة؛
    هكذا كنتِ تتحطّمين على جُنوبها الممزّقة؛
    هكذا كانت الريح تلقي بزبد أمواجك
    على ساقيها المحبوبتين.

    هل تذكرين ذات مساء؟ كان قاربنا يجري بصمت؛
    ولم يكن يصلنا من هناك.. من بعيد.. فوق الموج وتحت السماوات،
    غير صخب المجدّفين، وهم يضربون بإيقاع،
    أمواجك المتناغمة

    ومن الساحل المفتون، علت فجأة بالأصداء
    نَبَرات، لا عهد للأرض بها
    فأنصت الموج، ومن الصوت الحبيب
    تناثرت الكلمات:

    أيا دهر، رويدك! وأنتنّ، أيّتها الساعات الخليلة
    قفن!
    لكي ننعم بأجمل أيّامنا
    والنّعيم محكوم دوما بالزّوال!

    كم من البؤساء في هذي الأرض يستجدونك
    أطلق عنانك من أجلهم؛
    خذ مع أيّامهم مآسيهم التي باتت تنهشهم؛
    وانسَ السعداء

    لكن، عبثا أسأل، من الوقت المزيد
    يفلت الزمن منّي.. يفرّ؛
    أقول لهذه اللّيلة: "تمهّلي!"؛ والفجر
    سوف يبدّد الدّجى.

    فلنعشق إذًا! فلنعشق! وبالسّاعة الهاربة،
    هيّا بنا ننعم!
    ليس للإنسان مرفأ، ولا للزّمان ساحل؛
    فعجلة الزمان تدور ونحن نمضي!

    ألا أيّها الدهر الحاسد، هل لساعات النشوة،
    عندما يسقينا الحب السعادةَ بدون حساب،
    أن تَطيرَ بعيدا عنّا، بسرعةِ
    أيّام الشّقاء؟

    ماذا! ألن يكون بمقدورنا أن نستبقي منها الأثر؟
    ماذا! ولّت إلى الأبد؟ ماذا! ضاعت كلّ تلك السّاعات؟
    هذا الدهر الّذي أوجدها، هذا الدّهر الّذي يمحيها،
    أفَلن يعيدها لنا من جديد؟

    أيّها الأزل، أيّها العدم، أيّها الماضي، أيّتها اللّجج السّحيقة،
    ماذا ستفعلون بالأيّام التي قد ابتلعتُم؟
    تكلّموا! هل ستعيدون لنا تلك النّشَوَات الكبرى
    الّتي قد خطفتم؟

    أيتها البحيرة! أيّتها الصّخور الصمّاء! أيّتها الكهوف! أيّتها الغابات الحالكات!
    أنتنّ يا من يرعاكنّ الزمان.. بل قد يبعث فيكنّ الشباب،
    احفظن من هذي اللّيلة.. احفظي أيّتها الطبيعة الغنّاء،
    على الأقلّ، الذكرى!

    لِتكن في سكونكِ، لِتكن في عواصفكِ،
    أيّتها البحيرة الجميلة! وفي منظر تلاّتك الضاحكات،
    وفي صنوبركِ الدَّجِيّ، وفي صخورك المتوحّشات،
    المعلّقات فوق مياهك!

    لتكن في هبّات نسماتك المرتعشة،
    في لغط ضفافكِ وهي تردّده بالأصداء،
    في ذاك النّجم، الفضيّ جبينه، ينشر ضياءه على سطحك
    بلألئه الرّخو!

    ولتقلِ الريح المتأوّهة، وليقل القصب المتنهّد،
    وليقل شذى أريجكِ،
    وليقل كلّ ما نسمع، وكلّ ما نرى، وكلّ ما نتنفّس،
    ليقل كلّ الوجود: " لقد أحبّا"!


  3. #3
    عـضــو الصورة الرمزية سعيد محمد الجندوبي
    تاريخ التسجيل
    09/09/2007
    العمر
    60
    المشاركات
    92
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    لقد سعدت بحقّ بملاحظاتك حول نص الترجمة، فنظرت فيها بتمعن وأرجو أن أكون قد وفّقتُ إلى صياغة أجمل لهذه القصيدة الرائعة..

    مع محبّتي وتقديري

    سعيد محمد الجندوبي


    فيما يلي نصّ الترجمة بعد مراجعة الدكتور إبراهيم عوض له:


    البحيرة

    شعر ألفونس دي لامارتين
    نقلها إلى العربيّة
    سعيد محمد الجندوبي



    هكذا، يُلقى بنا دوما نحو سواحل جديدة،
    وفي الليل الأزليّ نُؤخذ بدون رجعة،
    فهل بمقدورنا يوما، على سطح محيط الدهور
    إلقاء المرساة ولو ليوم؟

    ألا يا بحيرة! ها هو الحول قد دار
    وعند الأمواج الحبيبة التيّ كانت من جديد ستراها،
    أُنظري! ها أنا اليوم جئتُ وحيدا، لأجلس على تلك الصّخرة
    الّتي طالما رأيتِها جالسة عليها!

    كنتِ تهدرين هكذا تحت هذي الصخور الغائرة؛
    هكذا كنتِ تتحطّمين على جُنوبها الممزّقة؛
    هكذا كانت الريح تلقي بزبد أمواجك
    على ساقيها المحبوبتين.

    هل تذكرين ذات مساء؟ كان قاربنا يجري بصمت؛
    ولم يكن يصلنا من هناك.. من بعيد.. فوق الموج وتحت السماوات،
    غير صخب المجدّفين، وهم يضربون بإيقاع،
    أمواجك المتناغمة

    ومن الساحل المفتون، علت فجأة بالأصداء
    نَبَرات، لا عهد للأرض بها
    فأنصت الموج، ومن الصوت الحبيب
    تناثرت الكلمات:

    أيا دهر، رويدك! وأنتنّ، أيّتها الساعات الخليلة
    قفن!
    لكي ننعم بأجمل أيّامنا
    والنّعيم محكوم دوما بالزّوال!

    كم من البؤساء في هذي الأرض يستجدونك
    أطلق عنانك من أجلهم؛
    خذ مع أيّامهم مآسيهم التي باتت تنهشهم؛
    وانسَ السعداء

    لكن، عبثا أسأل، من الوقت المزيد
    يفلت الزمن منّي.. يفرّ؛
    أقول لهذه اللّيلة: "تمهّلي!"؛ والفجر
    سوف يبدّد الدّجى.

    فلنعشق إذًا! فلنعشق! وبالسّاعة الهاربة،
    هيّا بنا ننعم!
    ليس للإنسان مرفأ، ولا للزّمان ساحل؛
    فعجلة الزمان تدور ونحن نمضي!

    ألا أيّها الدهر الحاسد، هل لساعات النشوة،
    عندما يسقينا الحب السعادةَ بدون حساب،
    أن تَطيرَ بعيدا عنّا، بسرعةِ
    أيّام الشّقاء؟

    ماذا! ألن يكون بمقدورنا أن نستبقي منها الأثر؟
    ماذا! ولّت إلى الأبد؟ ماذا! ضاعت كلّ تلك السّاعات؟
    هذا الدهر الّذي أوجدها، هذا الدّهر الّذي يمحيها،
    أفَلن يعيدها لنا من جديد؟

    أيّها الأزل، أيّها العدم، أيّها الماضي، أيّتها اللّجج السّحيقة،
    ماذا ستفعلون بالأيّام التي قد ابتلعتُم؟
    تكلّموا! هل ستعيدون لنا تلك النّشَوَات الكبرى
    الّتي قد خطفتم؟

    أيتها البحيرة! أيّتها الصّخور الصمّاء! أيّتها الكهوف! أيّتها الغابات الحالكات!
    أنتنّ يا من يرعاكنّ الزمان.. بل قد يبعث فيكنّ الشباب،
    احفظن من هذي اللّيلة.. احفظي أيّتها الطبيعة الغنّاء،
    على الأقلّ، الذكرى!

    لِتكن في سكونكِ، لِتكن في عواصفكِ،
    أيّتها البحيرة الجميلة! وفي منظر تلاّتك الضاحكات،
    وفي صنوبركِ الدَّجِيّ، وفي صخورك المتوحّشات،
    المعلّقات فوق مياهك!

    لتكن في هبّات نسماتك المرتعشة،
    في لغط ضفافكِ وهي تردّده بالأصداء،
    في ذاك النّجم، الفضيّ جبينه، ينشر ضياءه على سطحك
    بلألئه الرّخو!

    ولتقلِ الريح المتأوّهة، وليقل القصب المتنهّد،
    وليقل شذى أريجكِ،
    وليقل كلّ ما نسمع، وكلّ ما نرى، وكلّ ما نتنفّس،
    ليقل كلّ الوجود: " لقد أحبّا"!


  4. #4
    عـضــو الصورة الرمزية سعيد محمد الجندوبي
    تاريخ التسجيل
    09/09/2007
    العمر
    60
    المشاركات
    92
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    لقد سعدت بحقّ بملاحظاتك حول نص الترجمة، فنظرت فيها بتمعن وأرجو أن أكون قد وفّقتُ إلى صياغة أجمل لهذه القصيدة الرائعة..

    مع محبّتي وتقديري

    سعيد محمد الجندوبي


    فيما يلي نصّ الترجمة بعد مراجعة الدكتور إبراهيم عوض له:


    البحيرة

    شعر ألفونس دي لامارتين
    نقلها إلى العربيّة
    سعيد محمد الجندوبي



    هكذا، يُلقى بنا دوما نحو سواحل جديدة،
    وفي الليل الأزليّ نُؤخذ بدون رجعة،
    فهل بمقدورنا يوما، على سطح محيط الدهور
    إلقاء المرساة ولو ليوم؟

    ألا يا بحيرة! ها هو الحول قد دار
    وعند الأمواج الحبيبة التيّ كانت من جديد ستراها،
    أُنظري! ها أنا اليوم جئتُ وحيدا، لأجلس على تلك الصّخرة
    الّتي طالما رأيتِها جالسة عليها!

    كنتِ تهدرين هكذا تحت هذي الصخور الغائرة؛
    هكذا كنتِ تتحطّمين على جُنوبها الممزّقة؛
    هكذا كانت الريح تلقي بزبد أمواجك
    على ساقيها المحبوبتين.

    هل تذكرين ذات مساء؟ كان قاربنا يجري بصمت؛
    ولم يكن يصلنا من هناك.. من بعيد.. فوق الموج وتحت السماوات،
    غير صخب المجدّفين، وهم يضربون بإيقاع،
    أمواجك المتناغمة

    ومن الساحل المفتون، علت فجأة بالأصداء
    نَبَرات، لا عهد للأرض بها
    فأنصت الموج، ومن الصوت الحبيب
    تناثرت الكلمات:

    أيا دهر، رويدك! وأنتنّ، أيّتها الساعات الخليلة
    قفن!
    لكي ننعم بأجمل أيّامنا
    والنّعيم محكوم دوما بالزّوال!

    كم من البؤساء في هذي الأرض يستجدونك
    أطلق عنانك من أجلهم؛
    خذ مع أيّامهم مآسيهم التي باتت تنهشهم؛
    وانسَ السعداء

    لكن، عبثا أسأل، من الوقت المزيد
    يفلت الزمن منّي.. يفرّ؛
    أقول لهذه اللّيلة: "تمهّلي!"؛ والفجر
    سوف يبدّد الدّجى.

    فلنعشق إذًا! فلنعشق! وبالسّاعة الهاربة،
    هيّا بنا ننعم!
    ليس للإنسان مرفأ، ولا للزّمان ساحل؛
    فعجلة الزمان تدور ونحن نمضي!

    ألا أيّها الدهر الحاسد، هل لساعات النشوة،
    عندما يسقينا الحب السعادةَ بدون حساب،
    أن تَطيرَ بعيدا عنّا، بسرعةِ
    أيّام الشّقاء؟

    ماذا! ألن يكون بمقدورنا أن نستبقي منها الأثر؟
    ماذا! ولّت إلى الأبد؟ ماذا! ضاعت كلّ تلك السّاعات؟
    هذا الدهر الّذي أوجدها، هذا الدّهر الّذي يمحيها،
    أفَلن يعيدها لنا من جديد؟

    أيّها الأزل، أيّها العدم، أيّها الماضي، أيّتها اللّجج السّحيقة،
    ماذا ستفعلون بالأيّام التي قد ابتلعتُم؟
    تكلّموا! هل ستعيدون لنا تلك النّشَوَات الكبرى
    الّتي قد خطفتم؟

    أيتها البحيرة! أيّتها الصّخور الصمّاء! أيّتها الكهوف! أيّتها الغابات الحالكات!
    أنتنّ يا من يرعاكنّ الزمان.. بل قد يبعث فيكنّ الشباب،
    احفظن من هذي اللّيلة.. احفظي أيّتها الطبيعة الغنّاء،
    على الأقلّ، الذكرى!

    لِتكن في سكونكِ، لِتكن في عواصفكِ،
    أيّتها البحيرة الجميلة! وفي منظر تلاّتك الضاحكات،
    وفي صنوبركِ الدَّجِيّ، وفي صخورك المتوحّشات،
    المعلّقات فوق مياهك!

    لتكن في هبّات نسماتك المرتعشة،
    في لغط ضفافكِ وهي تردّده بالأصداء،
    في ذاك النّجم، الفضيّ جبينه، ينشر ضياءه على سطحك
    بلألئه الرّخو!

    ولتقلِ الريح المتأوّهة، وليقل القصب المتنهّد،
    وليقل شذى أريجكِ،
    وليقل كلّ ما نسمع، وكلّ ما نرى، وكلّ ما نتنفّس،
    ليقل كلّ الوجود: " لقد أحبّا"!


  5. #5
    أستاذ بارز الصورة الرمزية إبراهيم عوض
    تاريخ التسجيل
    21/12/2007
    المشاركات
    828
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي أين البرنيطة يا أستاذ جندوبى؟

    الأستاذ الجندوبى العزيز، أولا أنا أحببتك بالبرنيطة، فلماذا بالله عليك خلعتها فتبخر شىء كبير من الشاعرية التى كانت تحيط بالصورة، وبخاصة ذلك الوضع الذى كنت تتخذه فيها كما وضحتُ
    لك فى تعليق لى سابق فى غير ذلك المنتدى؟
    ثم، وهو المهم، إن ردك يدل على رقىٍّ وذوق كريم، فأنت لم تغضب لأن لقارئ مثلى رأيا فيما صنعت يختلف عما كنت تراه. ولا تسلنى كم أسعدنى هذا منك وزادك منزلة عندى، بارك الله فيك وأفاض عليك من كل شىء كريم
    ولأنى سعيد بك فخذ عندك كل هذه الإيموهات، فهى حلال عليك. وأرجو ألا تنسى أن تسلم لى على باريس التى استمتعت بزيارتها غاية الاستمتاع فى أواخر سبعينات القرن الماضى:
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


  6. #6
    أستاذ بارز الصورة الرمزية إبراهيم عوض
    تاريخ التسجيل
    21/12/2007
    المشاركات
    828
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    نسيت ان أقول للأستاذ الجندوبى إن ترجمته بعد أن راجعها أصبحت شيئا آخر، والفضل له فى الأول والأخير.
    كذلك فلولا أن المنتدى حدَّد عدد الإيموهات بعشرين ورفض ما فوق ذلك، وكنت قد أرفقت بردى السابق إيموهات أكبر كثيرا مما هو موجود الآن، لكنت قد أرسلت لك كل الإيموهات التى فى المنتدى ولما وجد أى معلق آخر ولا حتة إيموهاية صغنطوطة يرسلها لصديقه!!!!!


  7. #7
    عـضــو الصورة الرمزية سعيد محمد الجندوبي
    تاريخ التسجيل
    09/09/2007
    العمر
    60
    المشاركات
    92
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    خلاص يا سيدي رجعنا البرنيطه

    سلامك لباريس وصل وإم كنت قد غادرتها منذ 3 سنوات، بحثا عن الشمس والبحر فأنا اليوم أقيم في مدينة مونبيلييه Montpellier جنوب فرنسا

    مراجعتك واهتمامك بهذه الترجمة شرف لي ولست ممن يغضبهم رأي الآخر بل العكس هو الصحيح والمثل الفرنسي يقول seuls les cons ne changent pas d'avis فالتفاعل ضروري لكي نتقدم ونبدع

    أخيرا لي رجاء عندك: أن تنظر في ما أنشر من ترجمات وتبدي لي رأيك ولو باقتضاب حتى يطمئن قلبي لما أقدمه للقارئ العربي

    وحقك علي يا سيدي

    مع محبتي

    سعيد محمد الجندوبي


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


  8. #8
    أستاذ بارز الصورة الرمزية إبراهيم عوض
    تاريخ التسجيل
    21/12/2007
    المشاركات
    828
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي برافو! هذا هو الأستاذ الجندوبى

    برافو! هذا هو الأستاذ الجندوبى الذى أعرفه. أما بدون البرنيطة فقد شعرت والله أننى غريب. وردك هنا هو ألطف رد قرأته، وهو عندى أجمل من أية ترجمة يمكن أن تقوم بها. سلامى إليك فى مونبليه حيث الشمس والضياء والدفء. المهم ألا تخلع البرنيطة ولا تغير البوظ (pose). ولك شكرى ومودتى


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •