احذروا انفجار بركان غزة المنكوبة في وجه الحصار/ بقلم: د. حسن أبو حشيش
أيها القادة , أيها الزعماء , يا أصحاب العروش والقروش , يا أصحاب الضمائر الحية في الأمة , يا أحرار العالم الإنساني , يا دعاة حقوق الإنسان والرفق بالحيوان , ويا أنصار الحفاظ على البيئات والمُسطحات والهواء والماء...كل شيء في الوجود بات له أنصار وبات له قانون وبات له محامون وقضاة ودستور سواء جماد أم حيوان أم شجر أم إنس أم جان... إلا الشعب الفلسطيني في قطاع غزة , المُغلق عليه ,والمُحاصر من قبل الاحتلال الصهيوني , والإدارة الأمريكية البوشية , , والإدارة الإقليمية العربية وخاصة البوابة المصرية شريان القطاع الأساس والرئيس...

إن حالة التفرج علينا لم تعد مقبولة , وحالة الاستهتار بمرضانا وأطفالنا وشيوخنا ونسائنا لم تعد محتملة , وكل أنواع الصبر والاحتمال من المُفترض أنها نفذت منذ زمن , فلا مجال للمُغامرة والمُقامرة بمصير شعب بأكمله , كل حقن وإبر المخدر انتهى مفعولها , وكل أقراص المُسكن والمُهدئ باتت غير صالحة ... فنحن أمام شعب يُذبح بأسلحة غير ماضية , ويموت ببطيء , ويُقتل بأنياب ضاحكة ضحكات صفراء , ويُخنق بأيادي مُلطخة بالدماء ولكنها تصافح أيدي منا .

إن شعبنا في قطاع غزة اليوم يمر في واحدة من أسوأ محطات حياته , ويشعر بسياسة الابتزاز والعقاب والقهر والإرهاب ... وجرمه فقط هو مطالبته بحقوقه , وتمسكه بأرضه وثوابت ,وممارسته بالديمقراطية بنزاهة تماما كما أُريد له وبرعاية منهم ... لذا قرروا أن هذا شعب يجب أن يُروض , ويُعاقب , ويعود لبيت الطاعة الصهيونية , وللحظيرة الأمريكية ... وهذه من عجائب الدنيا , ومن ملامح تدني القيم والأخلاق والأصول الإنسانية , فهم يُحاربون فضائل الحرية والعدالة والحق والإنسانية والوطنية والدينية ... ويُشجعون على القهر والدكتاتورية والمافيا , وعربدة وزعرنة الكابوي ,والاستبداد , ونهب خيرات البلاد وسلب قرار العباد , وتحويل الشعوب ومقدراتهم إلى مشاريع اقتصادية خاصة لهم ولأزلامهم وأصنامهم في المنطقة.

غزة يا سادة تغرق في الفقر والبطالة , وتعيش بلا دواء ولا كساء ولا حذاء بلا مبالغات , ألاف الموظفين لا يجدون السيارات للذهاب والإياب إلى أعمالهم , وآلاف الطلبة تركوا مقاعدهم المدرسية والجامعية لأنهم لا يجدون سيارات تنقلهم من محافظاتهم ومخيماتهم وقراهم وأحيائهم للجامعات التي هي في غزة مركز القطاع , فالسيارات تعمل على الوقود والوقود في الطاحونة الصهيونية ومفتاح الطاحونة بيد ألمرت وباراك . فكيف سيفتح الطاحونة؟! والمخابز تتعطل , والكهرباء تتعطل , الأسواق تتعطل وكل مناحي الحياة تتعطل ... وعواصم جامعة الدول العربية , ومنظمة العالم الإسلامي يشاهدوننا عبر (الفيديو كنفرس) أو من خلال تقارير أجهزة مخابراتهم , أو من خلال تعليمات رايس ... كأنهم يشاهدون فيلما هنديا مُحزنا , أو فيلما أمريكيا من (هوليود ) مُفزعا ومُرعبا , أو فيليا عربيا عاطفيا رومانسيا... يتأثرون بالبطل والبطلة , وذروة العُقدة ومراحل حلها , وينتظرون في ذلك المخرج في تحديد تسلسل الأحداث ... ويسرحون ويندمجون وينهمكون في تصارع القصة ولربما يذرفون الدموع ...فهم يفعلون كل شيء إلا أن يتصوروا أن المشهد حقيقي ضد شعب عربي مسلم يستحق النصرة والتأييد .

لقد بلغ السيل الزُبى , وبلغت القلوب الحناجر , وأصبحت المعيشة في قطاع غزة لا تُطاق , ووصل البركان والغضب الشعبي والجماهيري مبلغه , ولامس قشرة الأرض ويتهيأ للثوران , وكسر القيد , وإزالة الأسلاك , وتحطيم الطوق والقيد ... فالجوع والمرض والقيد والحرمان والعدوان ومنع التحرك والظلمة وتعطيل مناحي الحياة ...كلها مُسببات كفران ونكران للواقع, ومُسببات للثورة على كل مناحي الظلم... ها نحن نتحسن مواطن الخطر المُقبل , وظروف العيش القاسية , ونحذر الجميع من بركان الغضب الذي سيثور في وجه الجميع