يزدحم العالم اليوم بالمآسي ....ويترنخ من شدة الازمات التي باتت تهدد امنه ومستقبله والسؤال الآن :هل سيسقط هذا العالم ؟
يتخبط الانسان ولا يعلم من اين يبدأ في فهم وادراك ما يجري من حوله ...فهل يبدأ من اطفال القاره السوداء الذين يموتون في كل لحظة جياعاً من شدة الاهمال والنسيان ؟
أم يبدأ من العراق الجريح المحتل من قبل الشيطان الأمريكي الذي زرع بذور الفتنة بين أهله مما جعلهم يقتلون بعضهم بعضاً ؟تاركين ثروات بلادهم لذلك المحتل بنهبها وسرقتها ؟
أم يبدأ من الذين ينفقون 160 مليار دولار سنوياً على مستحضرات التجميل ؟ ام من الاحتباس الحراري مشكلة هذا الزمان الاخلاقية ؟!
انه عالم تجميلي ليس اكثر !
في زمن انت فيه ترزح تحت الاحتلال بصحبة شعب لم يعرف يوماً الاستقرار ولا الاستقلال ولا حتى فرح العيد ... شعب اصبح يعيش فوق ارض مختلة ومحتلة في نفس الوقت ... فالبرغم مما يعانيه شعبك من بطش الاحتلال والتشريد والمعاناة والالم ها هو اليوم يقف فوق ركام وحدته الوطنية ... فكيف اذن تنظر الى هذا العالم بعينين تحترقان وشعبك يحترق ؟
في دورانك الازلي حول ذاتك يتشبث سؤال :ما الذي يحدث ؟... فتتوقف لبرهة عن الدوران وتجلس على عتبة ماض كان يعنيك .. ماض بمقدار ما كان تنويرياً كان ممزقاً داخلياً ... ففي عهد ملوك الطوائف الثماني الذين حكموا الاندلس لفترة من الضياع منذ تاريخ مشرق ... كانت وحدتهم الداخلية ممزقة بمقدار ما كانت حياتهم مليئة بالترف واللهو والتركيز على كماليات الحياة .... وفي ظل واقعهم الهش هذا اصبحوا صيداً سهلاً لألفونسو ملك قشتالة .. الذي كان ينتظر اللحظة والفرصة المناسبة لطردهم من الاندلس فاجتمع الملوك لدى كبيرهم المعتمد بن عبَاد لكي يجدوا مخرجاً ينجيهم من الهزيمة والطرد ...فنصحهم المعتمد بضرورة طلب الدعم والمساندة من المرابطين في الغرب العربي ...فردوا عليه قائلين :(السيفان لا يجتمعان في غمد واحد) فأجابهم بمقولةً خالدة .
:(رعي الجمال خيرٌ من رعي الخنازير )
.. فاستجابوا لنصيحته .وأرسلوا وفدا إلى المرابطين لطلب الإغاثة والمساعدة ولم يتردد المرابطون في تلبية نداء الاستغاثة الذي تجسَد في النصر على القشتاليين ودرء المخاطر عن الاندلس واهلها ... ثم عادوا من حيث اتوا دون اية مطامع او غنائم ...ولكن ملوك الطوائف لم يأخذوا العبر والدروس مما اصابهم ...فعادوا الى سابق عهدهم من ترف واسراف وتفكك داخلي ...حتى جاء المرابطون مرة اخرى ليخلصوا الاندلس من القشتاليين وملوك الطوائف معاً...
انها مرحلة تاريخية تحاول ان تقارنها وتقاربها الى واقعك العربي والفلسطيني فلا تجد سوى : من هم ملوك طوائفنا ! من هم المرابطين ! وكم هي فلسطين تشبه الاندلس في جمالها وخلودها الحزين ! تعود مجدداً الى الدوران ...تشاهد بسرعة همجية المجاعات والحروب والكوارث الطبيعية والملفات السياسية والاقتصادية الساخنة ... فتقع من هول ما رايت على سؤال يصرخ قائلاً : هل هذة الحضارة المثالية الموعودة التي يسيطر فيها الانسان على ظروفه الطبيعية والتاريخية والاجتماعية والاقتصادية ؟ هل هذا هو مصير الانسان النهائي ؟
تكتشف بهذين السؤالين انك تمثل اتجاها ًلاعقلاني وتشاؤمي عن هذة الحياة وحضارة انسانها ولكنك ترفض هذا الاتهام وتطالب ذاتك بالصمود والصبر قليلا فبعد قليل قد تكون هناك حضارة انسانية هدفها الاول والاخير هو الإنسان ... حضارة تجسد من خلالها مقولة ونصيحة (غوته ) : ( إن الانسانية الخالصة وحدها القادرة على التكفير عن جميع ذنوب البشر )
تبدأ في الابتسام فالضحك فالبكاء ....
تبتسم لان شعبك الذي يرزح تحت الإحتلال لايمثل سوى تكاد تكون لاتذكر من مآسي هذه الأرض وعلى مشارف البكاء تضحك من سيفين يذريان ملح أرضك في البعيد حيث اخوتك في مبارزة الضياع يسكفون دماءا محرمة ....
إذن المشكلة لا تمكن في كيفية إيجاد سلام ووئام بين بني الإنسان ... إنها تكمن في عالم كامل لايعرف سوى محاولة واحدة صاغها أحد علمائه :
(نعرف من نحن عندما نعرف نحن ضد من ) .. ولكن الشعوب ليست بحاجة لمعرفة هويتها من خلال أعدائها فنحن جميعا نتدفأ بذات الشمس ونفترش ذات الارض تبدأ في التلاشي عندما تجد أن المعايير الأخلاقية التي بني عليها المجمتع الإنساني تنتهك في كل لحظة وتجد إيضا أنه من بين ركام الأخلاق تنبث الإنتهازية و الفردية الأنانية و السلام من فوهة المدفع و أبناء دمك ووطنك يصرعون بعضهم بعضا .
انتهكت المعايير الأخلاقية فماذا تفعل يا إنسان ؟
على كاهلك الحزين ثقل الارض والسماء معا .... تجر جسدك المثخن بالجراح إلى لحظة تواطئت معك على سبيل الشفقة .... في لحظتك هذه يتبادر إلى ذهنك التعيس مقولة ماركس المشهورة التي أينما تذهب تلاحقك كتهمة ....
(الدين أفيون الشعوب) .. ولكن لم لا يكون الدين فيتامين الضعفاء كما قال احدهم .... وكما كان يقصد ماركس اصلا .... ؟
تقف .... فهذا ليس وقت ماركس .. لربما وقته لم يحن بعد ؟
تعيد كرة الدوران السريع .. و ..
يبدو أن أكثر أشكال الإستعمار أناقة اليوم هي العولمة .. كم هي انيقة وجميلة و مغرية .... فبني العولمة لايريدون سوى مصلحتك من ظلال تثقيف مجتمعك و توعيته و تنميته لكي يصبح عاشقا مخلصا لها .... و الحضارة اليوم .... أقصد حضارة عالمنا هذا تسعى نحو هدف واحد ليس أكثر .... ألا وهو كيفية إستلاب وعي الإنسان أينما كان لكي يصبح إنساننا عبدا مخلصا لآلته بعد أن كان في قديم العهد والزمان عبدا لغريزته الحيوانية والوحشية ....
فكم انت بحاجة الأن لثقافتك وهويتك و تراثك ..
إن خيبة الامل من كل شيئ من حولك هي وقود تغييرك وتقدمك من خلال التفاهم معها بصورة إيجابية تتوافق مع إحتياجاتك وتكفل أنسنتك بعد أن جردوك من إنسانيتك بإسم الإنسانية
ربما تكون خيبة الأمل هذه هي الوحيدة التي تقودك إلى البحث العقلاني و الموضوعي التقدمي عن هويتك .... مبتعدا كل البعد عن تطرف لايشي بإستقرارك ....تطرف قد يحيكه لك أصحاب حرب تشن ضد إنسانيتك .... لتبصح عدوا واهنا تتلاءم فقط وخط الانتاج المتصاعد لمصانع الاسلحة الفتاكة .
تخف حدة دورانك عند حقوله لأحد العلماء الفرنسيين يقول فيها :
(القرن الحادي والعشرون إما يكون دينيا أو لايكون )
وأنت تقول : إما نكون إنسانيين أو لانكون .. وماركس اليوم عليه أن يكون حليق الذقن لكي يقنع آدم سميث التخلي عن تدمير العالم .
أخيرا .... تسقط فوق أرضك وهل لديك مهدا سواها ؟

ترى أشجار الزيتون المباركة مفعمة بالدماء من شدة الإلتباس الوطني و الجنون الإحتلالي .... فلا تملك سوى إغماض عينيك متكئا على جذع زيتونة عتيقة هامسا :
يعيش فينا الوطن ونموت نحن فيه .
الأسير: باسم الخندقجي
عضو اللحنة المركزية لحزب الشعب الفلسطيني
سجن جلبوع المركزي
الحكم مدى الحياة