نظام الدوائر العروضية

[سليمان أبو ستة]

نظام الدوائر العروضية .. لمحة من لمحات عبقرية الخليل الرياضية

كان العصر الذي عاش فيه الخليل بن أحمد في القرن الثاني للهجرة عصر تقعيد للعلوم اللغوية، وكان له في ذلك العصر شأن عظيم تجلى في ترسيخه لعلمي النحو والصرف وابتكاره لعلم العروض ووضعه لأول معجم في اللغة. ولم تقف حدود عبقريته عند هذه العلوم اللغوية فحسب ولكن تجاوزتها فألف في الموسيقى واتجه في آخر حياته إلى علم الرياضيات . فقد رُوي في سبب وفاة الخليل أنه قال: أريد أن أعمل نوعا من الحساب تمضي به الجارية إلى القاضي فلا يمكنه أن يظلمها، فدخل المسجد وهو يُعمِل فكره في ذلك فصدمته سارية وهو غافل فانصدع ومات.
ونظام الدوائر العروضية الذي ابتكره الخليل وإن بدا بسيطا في غاية البساطة، فإنه لا شك يستند إلى مبدأ الدائرة في الرياضيات ويهدف إلى حصر كامل الأنساق التي تتخذها الوحدات العروضية من الأسباب والأوتاد في تراصها على محيط الدائرة ومن ثم جمع الأنساق التي تتباين في النظر إليها فرادى فإذا نظرت إليها من منظور الدائرة وجدت هذه البحور من أصل واحد وهو ما استغربه المعري حين رأى المديد(على قلة أصله) يجتمع مع الطويل والبسيط ( على شرف محتدهما ) في دائرة واحدة. وإنما المسألة في نظرنا ليست أخلاقية ، إذ هي لا تتعدى في الواقع فكرة إيجاد سبيل محدد للتصنيف. والفكرة ذاتها طبقها الخليل في معجم العين وقد جعلته يحصر كل إمكانيات اللغة كما حصر كل إمكانيات العروض في دوائره . الفرق الوحيد بين الفكرتين أن تقليب الكلمة كان يسير في كلا اتجاهي الدائرة ، وكان يتخذ من مبدأ التباديل والتوافيق سبيلا لتحقيق هذه الغاية من التصنيف ، ولم يعترض أحد على هذا التصنيف اللغوي ليقول كيف يجتمع الجذر المتداول (حضر) مع الجذر(رضح) الذي يدفع بك إلى المعجم لمعرفة معناه
وفيما يلي نموذج لدائرة المجتلب التي تضم أيضا ثلاثة بحور هي الهزج والرجز والرمل وسوف نرمز لها بالحروف ، فالسين ترمز للسبب ، والواو ترمز للوتد:
و س س و س س و س س
ويمكن لك أن تخيل هذا الشكل دائريا إذا جعلت الواو الأولى فيه تمسك بالسين الأخيرة فتصبح كالقلادة حين تحيط بالعنق. والدائرة بشكلها المفكوك هذا تظهر لنا بحر الهزج : مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن
مفا = و ، عي = س ، لن = س .
فإذا انتقلت على محيط الدائرة من السين الأولى خرج لك بحر الرجز :
س س و س س و س س و
بحر الرجز: مستفعلن مستفعلن مستفعلن
مس = س ، تف = س ، علن = و .
ثم إذا انطلقت من السين الثانية خرج لك بحر الرمل :
س و س س و س س و س
بحر الرمل : فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
فا = س ، علا = و ، تن = س .
ولمن شاء أن يستبدل بالتفاعيل المقاطع اللغوية فإن س = مقطع طويل ، و = مقطع قصير + مقطع طويل .
وأنت تلاحظ أننا جعلنا الدائرة مؤلفة هنا من ثلاث تفعيلات ، وبعضهم يجعلها من ستة تفعيلات لتمثل البيت الكامل بشطريه: الصدر والعجز. ووجدنا ابن السراج في كتاب العروض المنسوب إليه يختصر الدائرة في تفعيلة واحدة أو تفعيلتين ، كأن يقول إن "الدائرة الثالثة (المجتلب) يكيلها ويزنها سببان ووتد". وهذا أقصى اختصار للدائرة فهو يجتزئ بـ( مستفعلن) فقط ، ويترك باقي التفاعيل ، وهو مسلك حسن.

[د.عمرخلوف]

شكر الله لك يا أستاذ سليمان، على ما تتحفنا به، مما أنعم الله به عليك من فضله.
ولقد أحسنت في قولك: "يهدف إلى حصر كامل الأنساق التي تتخذها الوحدات العروضية من الأسباب والأوتاد في تراصها على محيط الدائرة ومن ثم جمع الأنساق التي تتباين في النظر إليها فرادى فإذا نظرت إليها من منظور الدائرة وجدت هذه البحور من أصل واحد. وإنما المسألة في نظرنا ليست أخلاقية ، إذ هي لا تتعدى في الواقع فكرة إيجاد سبيل محدد للتصنيف.
ولكن ألا ترى معي أنّ الخليلَ رحمه الله، قد جانب الصواب في اعتبار المديد أخاً للطويل والبسيط، وهذا ذاته ما جعل المعري يستغرب من مثل هذه الأخوة.
وقل مثل ذلك في البحر السريع، ناهيك عن البحور المجزوءة وجوباً.
فليس للمديد، ولا للسريع في الحقيقة موقعا على مثل هذه الدوائر، إلاّ أن ذكاء الخليل الخارق أوصله إلى ابتكار الحلول، لكي يضمّ هذه البحور إلى دوائره.
بل إنّ بحراً كالذي أسميناه اللاحق (مستفعلن فاعلن فاعلن) ليس له على هذه الدوائر مكان.
ومن هنا اعتبر بعض العروضيين هذه الدوائر (ملْحَةً عروضية).
لك الشكر أستاذي على ما منحتني إياه من فرصة المشاركة، والإدلاء بالرأي.
.

[سليمان أبو ستة]

كما قلت لك لا ينبغي أن نأخذ مسألة التصاق المديد بأشرف الدوائر وأقواها من وجهة النظر الأخلاقية، وعلينا أن نقبل بالأمر الواقع فلن يمكنك أن تعيد تصنيف كتاب العين وتخرج باب (رضح) إلى باب بعيد عن(حضر). والأمر تماما كما هو في هذا المنتدى تجد (دنحا) إلى جانب (عمر)، فليقنع (عمر) بذلك؛ إذ لو أنه ظل متمسكا بنظرته الأخلاقية إزاء مسألة سكوت الخليل عن بقاء (المديد) إلى جوار(الطويل) لطلبنا من الأخ عامر العظم ، شد الله من أزره ، أن يعرض الأمر على التصويت العام . ولكن لم لا نقبل الأمر على ما ظل عليه طيلة قرنين من الزمان قبل مجيء الجوهري بتصنيفه الذي عرضه ابن رشيق على التصويت، وحصل من ذلك على أفضل النتائج التي رفعت من شأن الجوهري. وسامح الله الجوهري على تصنيفه الذي أزاح المديد عن جوار الطويل أو البسيط ورمى به في حضن الرمل والمتدارك (وهذا المتدارك مما أهمله الخليل). ونحن نعرف أن المديد المسكين من جدود الشعر العربي فقد كتب عليه بعض الشعراء في الجاهلية، ولكن ظل محترما نفسه فلم يقل إن أصله من السريان وزعم ـ كالبعض ممن رأوا حال العرب اليوم وانحناء نخلة العراق في هذا الزمن الرديء ـ أن الخليل البصري (شفط) عروضه من العروض السرياني، ولن نطلب من هذا (المديد) أن يعتذر عن إساءة لم يرتكبها في الفخر الأجوف على غيره من الأوزان الشريفة، ويكفيه أن يظل مهملا في شكله الصحيح فهو لم يُقبل في نظام الخليل إلا بعد أن (قصقص) ذنبه فصار مجزوءا.
ثم كيف تقول إن البحر الذي سميته ( اللاحق) ليس له على هذه الدوائر من مكان، ألم تجدني حجزت له مكانا يليق به في التوسعة التي عملنا من خلالها على تطوير دوائر الخليل الخمسة فبلغت تسعا.

[د.عمرخلوف]

نعم سيدي
فتح الله عليك على ما أفضت به في هذه المداخلة الشافية
إن عروض الخليل رحمه الله سيبقى على ما وضعه عليه الخليل، منارةً لكل جيل يأتي بعده، فهو أحد جدودنا الذين نفخر بهم، ولكن لن يمنعنا الخليل أن نجمد على ما أتى به، ولن يرضى هو عن ذلك. هذا هو المنطق العلمي الذي يجب أن يسير عليه المجددون:

نبني كما كانت أوائلُنا ** تبني، ونفعلُ (فوقَ) ما فعلوا

ولذلك يُقدّر العلماء لك ما فتح الله به عليك من (التوسعة) على دوائر الخليل وعروضه.

أما عن البحر اللاحق، فلقد قلت أن ليس له مكان في دوائر الخليل، ولكن لا يسعنا إلا أن نرحب به في دوائر أبي ستة، أو سواه من العلماء الأفاضل.

أثابك الله وحفظك ذخراً للعلم.

[خشان خشان]

الأخوان الأستاذان سليمان أبو ستة ود. عمر خلوف حفظهما الله إضافة لـ د. أحمد مستجير رحمه الله هم الأقرب للرقمي مضمونا، أما الدكتور عمر خلوف فقد كان لكتابه (فن التقطيع الشعري ) أكبر الأثر في ربط الأوزان في ذهني بالأرقام شكلا في البداية ثم كان لكتابه ( البحر الدبيتي ) فضل كبير فيما بعد في بلورة مضمون شامل للعروض العربي قائم على أنه صنفان متمايزان من العروض هما الخببي والبحري وتداخلاهما وفقا لقوانين رياضية غاية في الدقة. وأعكف الآن على دراسة موضوع للأستاذ سليمان أبو ستة كتبه منذ حوالي ربع قرن ووجدته الأقرب لمضمون الرقمي بين كل ما قرأت مع اختلاف في التعابير، وسوف أنشره بإذن الله لدى انتهائي منه.

للأستاذ سليمان مقولة تبنيتها وأنا دائم الاستشهاد بها مفادها أن دوائر الخليل بالنسبة للعروض العربي بمثابة الجدول الدوري بالنسبة للعناصر، وهذه العبارة تتداخل كثيرا مع موضوع هذا الحوار.

وفيما يلي استعراض لبعض النقاط الواردة في هذا الموضوع ووجهة نظري فيها.
1- دوائر البحور هي الأقرب تمثيلا لفكر الخليل بشموليته ، والعروض بتفاعيله وبحوره وسائل إيضاح لها. أدرك ذلك ابن عبد ربه في العقد الفريد عندما شرح خصائص المقاطع من أسباب وأوتاد بغض النظر من موقعها من التفعيلة أو البحر. وذلك بقوله :

فاسمع فهذي صِـفة الـدوائرِ = وَصْفَ عليم بالعَروض خابرٍ
دوائرٌ تعيا على ذِهْن الحَـذِق = خمس عليهن الخُطوط والحَلَقْ
فما لها من الخُطوط البـائنـهْ = دلائل على الحُروف الساكنـهْ
والحَلقات الـمُـتَـجـوِّفـاتِ = علامة للـمـتـحـرَكـات
والنُّقط التي على الخُـطـوطِ = علامة تُعـدّ لـلـسُّـقـوط
والحَلق التي عليهـا يُنْـقـطُ = تسكن أحياناً وحِيناً تَـسـقَـطُ
والنُّقط التي بأجواف الحَـلْـق = لمبتدأ السطور منها يُختـرقْ
فانظُر تجد من تحتها أسماءها = مكتوبة قد وُضعـت إزاءَهـا
والنُّقطتان موضعَ التعـاقـب = ومثل ذاك موضعَ التراقـب

فما أورده هنا صفات عامة دون أن يذكر التفاعيل أو البحور. ويجد القارئ في الشكل التالي:



تمثيلا بيانيا ورقميا لذلك .
وشرح لذلك على الرابط:

http://www.geocities.com/khashan_kh/...tulbohoor.html

2 – يقول الأستاذ سليمان :" إذ هي لا تتعدى في الواقع فكرة إيجاد سبيل محدد للتصنيف. والفكرة ذاتها طبقها الخليل في معجم العين وقد جعلته يحصر كل إمكانيات اللغة كما حصر كل إمكانيات العروض في دوائره" ويقول كذلك :" .............. وابتكاره لعلم العروض ووضعه لأول معجم في اللغة. ولم تقف حدود عبقريته عند هذه العلوم اللغوية فحسب ولكن تجاوزتها فألف في الموسيقى واتجه في آخر حياته إلى علم الرياضيات"
وواقع الحال يفيد بـأن نبوغ الخليل في كل من معجم العين والعروض والموسيقى كان تجليات لعقلية رياضية فالخليل في كل ما أبدع كان يطبق التباديل والتوافيق عن وعي ودقة تصور كاملين. وأبرز مظهر لذلك هو إحصاؤه الجذور المحتملة للغة العربية :
(نقلا عن كتاب المدار س العروضية لعبد الرؤوف بابكر السيد ص 101-102)
".......فعن حمزة الأصبهاني (ذكر أن مبلغ عدد أبنية كلام العرب المستعمل والمهمل على مراتبها الأربع من الثنائي والثلاثي والرباعي والخماسي من غير تكرير اثنا عشر ألف ألف وثلثمائة ألف وخمسة عشر ألف واربعمائة واثني عشر) "=[412 ,315 ,12] ولم يذكر عدد الأبنية المحتملة للثلاثي فأضفتها وحسبت كل ذلك كما لا بد أن الخليل حسبه، وهذا الكلام لي أنا (خشان) فتم بذلك المجموع كما ذكر..
(عدد أحرف العربية=28)
والجدول التالي يبين كيف تم التوصل لهذا الرقم. بل ويبين أنه تم تقديم الاعتبار الحسابي على اعتبار الواقع. وربما وقع شيء من ذلك في العروض كما سنرى.

طريقة الحساب
"الثنائي سبعماية ووستة وخمسون"
28×27 =756
-----------
[الثلاثي =19656]
28×27×26 =656 ,19
----------
"والرباعي أربعمائة ألف وإحدى وتسعون ألفا وأربعمائة
28×27×26×25= 400 ,491
--------
"والخماسي أحد عشر ألف ألف وسبعمائة وثلاثة وتسعون ألفا وستمائة"
28×27×26×25×24 =600 ,793 ,11
----------
المجموع= 412 ,305 ,12



وهو مبسوط على شكل جدول في الرابط:

http://www.geocities.com/alarud/79-a...warraqamy.html

وذلك لا يمنع من تسجيل ما الفروق بين الدوائر والواقع، ولا تسجيل الملاحظة على قول الخليل بوجوب الجزء من أصل مفترض، وقد يرى بعضهم في هذا مأخذا، ولكن له وجها آخر هو أن نظام الدائرة الكامل هو المرجع الذي انطلق منه الخليل وقاس عليه الواقع، وحيث نقص الواقع عن المثال قال بوجوب الجزء. وهذا يوضح أن نظام الدوائر هو منطلق العروض ومبدؤه الذي أوجب الجزء رجوعا إليه، وليس طرفة من طرف العروض.

وفي ختام هذه الفقرة إليكم ما يقوله الأستاذ ميشيل أديب : في مجلة الموقف الادبي العدد 373 أيار 2002:" وأكثر ما يعيب كتب العروض القديمة والحديثة، أنها، على الرغم من مظاهر العبقرية، التي لم يكشف الخليل عن أسرارها، لم تحاول تحليل العملية الذهنية لتي مكَّنت الخليل من بلوغ هذه القمَّة الرياضية التي لا تتأتَّى إلاَّ للأفذاذ. "
2- ذكر الدكتور عمر خلوف:" بل إنّ بحراً كالذي أسميناه اللاحق (مستفعلن فاعلن فاعلن) ليس له على هذه الدوائر مكان."
وهنا أقول إن اللاحق ( وأسميته لاحق خلوف تمييزا له عن لاحق القرطاجني ) توأم المخلغ- مخلع البسيط، فهو بهذا لاحق البسيط وذلك كالتالي
وهنا كنت أود أن اشرح الأمر رقميا ولكن لا وجه لذلك قبل معرفة مفردات الطريقة الرقمية.
مجزوء البسيط = مستفعلن فاعلن مستفعلن
مستفعلن الأخيرة في المخلع دخلها القطع فصارت مستفعلْ ثم دخلها الخبن فصارت متفعلْ = فعولن
مستفعلن الأخيرة في اللاحق دخلها القطع فصارت مستفعلْ ثم دخلها الطي فصارت مستعِلْ = فاعلن
وليس لأي من المخلع واللاحق بشكلهما المعلول المزاحف تمثيل على دوائر الخليل وإنما التمثيل لأصلهما وهو مجزوء البسيط. ولعل مصداق انتماء اللاحق لمجزوء البسيط أن تفعيلته الأخيرة (فاعلن ) لا تخبن ( فَعِلُن) لأن أصلها مستفعلن لا يحتمل أكثر من علة وزحاف، ولعلها لو كانت أصلية لجاءت على فعِلُنْ.
وهناك حوار ممتع حول الأزواج من هذا القبيل بعنوان ( أزواج في أفياء د. خلوف) على الرابط :

http://www.arood.com/vb/showthread.php?s=&threadid=426

والله يرعاكم جميعا.

[د.عمرخلوف]

الأستاذ الفاضل العروضي خشان خشان..
فتح الله عليك، ورحم والدينا ووالديك..
إذا صح أن يكون البحر اللاحق: (مستفعلن فاعلن فاعلن) مشتقاً من مجزوء البسيط، فهو بحر قد استقلّ بذاته، وبنى لنفسه عائلة استحقّ معها أن يُقال له بحر. وهذا هو في رأيي ما جعل (المجتثّ) بحراً مستقلاً بذاته أيضاً، استقلّ عن البسيط وليس عن سواه كما يرى الخليل رحمه الله. وهو ذاته ما جعل (المخلّع) بحراً مستقلاً بنفسه، ولكنه استقلّ هذه المرة عن المنسرح لا غير، ولا علاقة له ببحر البسيط كما ثبت لدي ولدى العديد من العروضيين الآخرين.
ولمن أراد أن يعود إلى ما كتبته عن المخلّع واللاحق في مجلة الدراسات اللغوية، وفي بعض المواقع الالكترونية.
أشكر لك مداخلتك الغنية، وأتركك في رعاية الله وحفظه.

[خشان خشان]

أخي وأستاذي د. عمر خلوف
يحلو معك الحوار وتجمل شجونه فمن علمكم أستفيد.
وإليك من الرابط :
http://www.arood.com/vb/showthread.p...=6458#post6458

المتقارب ولاحق خلوف

المتقارب =1 2 2 3 2 3 2 3
ومثاله صدر المتقارب المخروم لو خرمنا منه العجز مع الصدر وساد ذلك أبيات القصيدة كلها.

لا تبك ليلى ولا ميّهْ = لا تندبن راكبانية
إبك الصبا إذ طوى ثوبه = لا أحدٌ ناشر طيّهْ
دعْ عنك يأسا على أرسمٍ = لسيت رسومٌ بمبكيّهْ

1 2 2 3 2 3 2 3 ..............1 2 2 3 2 3 2 2

كم يفتح الرقمي من أبواب للتأمل
وسؤالي لأخي د. عمر خلوف أيجيز نسبة ذلك إلى لاحقه ؟
مع ملاحظة أن ما يخص العروض والضرب يجري مجرى السريع 4 3 4 3 2 3 .....4 3 4 3 2 2

[سليمان أبو ستة]

أبهجني وشد من أزري مقدم أخي الأستاذ المهندس خشان خشان وهو الذي أحسب نفسي بعيدا عنه في هندسته التي يمارسها في عمله اليومي ، ومع ذلك فلم أكن يوما إلا قريبا منه في هندسته العروضية ذات التوجه الرياضي الرقمي، وقريبا، أيضا، إن لم أقل لصيقا بروحه الطيبة التي تتسم بالرفق وتتجلى فيها الصداقة الحقة بأجلى معانيها.
هكذا، إذن، صرنا ، خلوف وخشان وأنا، ثلاثة فرسان في خدمة صاحب الجلالة الملك "عروض" وشريكة عمره الملكة "قافية" . ولا بد إذن من المطلع على هذا المنتدى أن يتوقع صولات عديدة لهذه (الترويكا) وجولات في مملكة الشعر.
ولكني سأنتظر حتى يحمى وطيس التراشق الفكري بين زميليّ الأثيرين وأعود من إجازتي القصيرة التي سأتوجه في أثنائها إلى الأردن لقضاء عطلة العيد ، ولأختم أيام النقاهة التي قضيتها، حسب إرشادات الطبيب، بعيدا عن لوحة المفاتيح ومنتظرا عودة البصر إلى عيني اليمنى بعد عمليات متعاقبة بدأت بتثبيت الشبكية وما تخللها من التعرض لرشقات من قذائف الليزر وانتهت بسحب المياه البيضاء وزرع عدسة مكان تلك التي أعتمت، وما أعقب ذلك من إزالة لزيت السليكون الذي كان أريد به تدارك انفصال الشبكية التي بدا لي وكأنها تدلت كما تتدلى ستارة مسرح عبثي على خشبة متهالكة.
يبقى أن أودعكم الآن وأتمنى لكل الأخوة والأخوات في هذا المنتدى المضياف عيدا سعيدا( بل ثلاثة أعياد.. فعيد رأس السنة الميلادية يأبى إلا أن يواكب مجيء الأضحى في لفتة للتقارب بين الأديان وها هو يهيء المكان لاستقبال عيد رأس السنة الهجرية) أعاد الله هذه الأعياد علينا وعلى الأمة العربية والإسلامية جمعاء بالخير واليمن والبركات مشفوعة بالنصر والفرج الذي طالما انتظرناه ودعونا الله أن يعجله قريبا .

[د.عمرخلوف]

أخي الأستاذ سليمان (أبو إيهاب) ..
كنت أحثّ قلمي على إعلان نبأ قيامك بسلامة الله من هذه العملية، أملاً في دعاءٍ صالح يردك في ظهر الغيب، من أخ لا تدري عنه، وفي يوم من هذه الأيام الفضيلة، فسبقني قلمك إلى ذلك.
فالحمد لله على السلامة، ودعاء خالص إلى الله عز وجلّ أن يحفظك، ويعافيك، وأن يردك إلينا سالماً غانماً بإذنه تعالى.

أخي الأستاذ خشان (أبو صالح) ..
أشكرك على مداخلتك القيمة، وسأضع ردي عليها في مداخلتي التالية إن شاء الله.
سلمك الله ورعاك.

[خشان خشان]

إنّ مسّ عينَ سليمانٍ أخي ضرر = فالقلب منّي لذاك الضر ينفطـر
فهي الضياء لعلم نعـمَ دارتُـه = قد استنار بها بدوٌ كمـا حضـر
دعوت ربي شفاءً كي تعود لنـا = كما عهدناك نوراً أيهـا القمـرُ
ودون قدرك ما أوتيتُ من كَلِـمٍ = فمن تضاؤل ما أوتيت أعتـذر

[د.عمرخلوف]

أخي الأستاذ خشان..
في بحثي الموسوم بالبحر اللاحق، من سلسلة بحور لم يؤصلها الخليل، قلت:

تجدر الإشارة هنا إلى أن هذا الوزن كثيراً ما يتداخل مع بعض شطور البحر المتقارب المثلومة (أي التي سقط منها المتحرك الأول من الشطر) ليبقى منها (عولن فعولن فعولن فعو) والذي يساوي مقطعياً وزن اللاحق.

فمثلاً يقول امرؤ القيس:

يا هندُ لا تَنكحي بوهَةً ** عليهِ عقيقَتُهُ أحْسَبا
مستفعلن فاعلن فاعلن ** فعولُ فعولُ فعولن فعو

ويقول الخليل بن أحمد الفراهيدي:

كفّاهُ لَمْ تُخْلَقا للندى ** ولَمْ يَكُ لُؤْمُهُما بِدْعَهْ
مستفعلن فاعلن فاعلن** فعولُ فعولُ فعولن فعْ

ويقول الأخطل:

لَمْ أرَ ملحمةً مثلها ** فقِفْ لي أُخبّرْكَ أخبارَها
مستَعلن فعِلن فاعلن ** فعولن فعولن فعولن فعو

ومثل ذلك كثير.

وفي مكان آخر، جعلتُ القالب الرابع لهذا البحر كالتالي:

4-مستفعلن فاعلن فاعلن ** مستفعلن فاعلن فَعْلنْ

وقلت: هو قالب افتراضي أيضاً، وضعتُه قياساً. ويمكن الحصول عليه بالوقوف على نهايات الأبيات السابقة، كقولنا:
أقْصَرَ عنْ لومِيَ اللاّئِمْ ** لَمّا دَرى أنّني هائِمْ
ما زِلْتُ في حبِّهِ منصِفاً ** مَنْ لَمْ يزَلْ وهْوَ لي ظالِمْ
أسهَرُ ليلي غراماً بِهِ ** وهْوَ أخو سلْوةٍ نائِمْ
مهفْهَفٌ ماسَ في بُرْدِهِ ** غصْنٌ ثَنَتْهُ الصَّبا ناعِمْ
شمسٌ ولكنّما فرعُها ** ليلٌ على صُبْحِها فاحِمْ

ومما أورده الحنفي؛ الأبيات المفردة التالية:

ليت الذي كان ذا أدَبٍ ** كان لَهُ مثْلُهُ مالُ

وقوله :

فالعدْلُ قد باتَ مندَحِراً ** والجَوْرُ قد باتَ منصورا

وقوله :

إنّ الأُلى اشتقْتَ صُحْبَتَهمْ ** ما فيهُمُ صادِقُ الصُّحْبَهْ

معتبراً أعاريضها على (فعِلن)، وهو زحافٌ جائز، غير ملتزم.

وعلّقتُ هنا بالقول: ويلاحظ أن الشطر الثاني هنا يساوي: (مستفعلن فاعليّاتن)، أي بزيادة سبب خفيف واحد على البحر المجتث. ولذلك نرى أن الكتابة على مثل هذا الضرب فقط يُدخله في زمرة المجتث، ما لم تكن عروض القصيدة على (فاعلن).

يشبه ذلك ما في صورة البحر السريع:

مستفعلن مستفعلن فاعلن ** مستفعلن مستفعلن فعْلن

والتي يختلط شطرها الثاني مع الرجز. ومثلهما كذلك صورة البحر المديد:

فاعلاتن فاعلن فاعلن ** فاعلاتن فاعلن فعْلن

حيث يتداخل شطرها الثاني مع الرمل: (فاعلاتن فاعلياتن).
(انظر بحثنا: التداخل الإيقاعي في أوزان الشعر العربي، مجلة الفيصل، ع263، ص38.

شكراً لك ولأخي سليمان على ما أثريتم به هذه الشرفة.

عمر

[خشان خشان]

أحي د. عمر خلوف

شكرا لك وحفظك الله منارا للعلم والفكر.

[خشان خشان]

أستاذي الفاضلين سليمان أبو ستة و د.عمر خلوف

مما أنعم الله به علي بعد حوارنا ااسابق ( ساعة البحور) وهي هيكل منظومة الخليل لعلم العروض.

https://drive.google.com/file/d/1Igo...8ep3716qJ/view

لا أحسب إلا أن اطلاعكما عليها سيكون له أثر في رؤيتكما.

يرعاكما الله.