تقييم الآثار البيئية
Environmental Impact Assessment - EIA

تعتبر مهمة تقييم المشروعات بشكل عام نوع من التقدير المنتظم والمستمر لموقف المشروع فى مراحله المختلفة ، حيث أنه منذ بداية التفكير فى المشروع يجرى عليه العديد من عمليات التقييم التى تتخذ شكل اختبارات لتحديد مدى صلاحية المشروع من كافة النواحى (اقتصادية ، مالية ، تسويقية ، فنية)

وكانت الحاجة إلى التنمية الاقتصادية قد ظهرت فى كل من الدول النامية والدول المتقدمة ، على حد سواء ، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. وقد كانت المهمة أصعب بالنسبة للدول النامية التى كانت قد نالت استقلالها منذ عهد قريب لتواجه بنفسها مشكلة التنمية فى اقتصاديات مشوهة وتابعة ، لذلك كان لزاما على هذه الدول أن تعمل على تحقيق الاستقلال الاقتصادى حتى تستطيع التحكم فى آليات العملية التنموية. ولم يكن ذلك باليسير دون الأخذ بمهمة التخطيط الاقتصادى الشامل. ويتلخص جوهر عملية التخطيط فى أنها "عملية حصر للامكانيات والموارد المتاحة وتخصيصها بالشكل الذى يمكن من تحقيق الأهداف المرجوة بأقل تكاليف ممكنة".

وقد كانت مهمة حصر الموارد والإمكانيات تمارس بشكل يتعارض تماما مع مفهوم التنمية المستدامة ، حيث كان الإهتمام ينصب على دراسة الموارد التى لها صفة الندرة وبذلك تستبعد دراسة الكثير من العناصر التى لها صفة الوفرة مثل الماء والهواء. ولكن بعد حدوث عددا كبيرا من الكوارث البيئية ونضوب العديد من الموارد والتغير الملحوظ فى نوعية الماء والهواء بشكل أصبح له تأثير مباشر على عملية التنمية ، بدأ الاهتمام بضرورة أخذ هذه العناصر فى الحسبان والتعامل معها على أنها موارد ذات قيمة اقتصادية وتؤثر بشكل مباشر فى عمليات التنمية.

وبدأت نتيجة لذلك تظهر أوجه القصور فى المقاييس التقليدية للنشاط الإقتصادى ، مثل مؤشر الناتج القومى الإجمالي ومؤشر الدخل القومى بوصفهما مؤشرين على الرفاهية. ويرجع ذلك إلى أن هذه المؤشرات لا تعكس بصورة واضحة تدهور البيئة واستنزاف الموارد الطبيعية ، مما يؤدى إلى تضليل المخططين عند صياغة السياسات الاقتصادية فى الدول التى يعتمد اقتصادها على الموارد الطبيعية بشكل أساسى. وعلى الرغم من أهمية السياسات البيئية البعدية (العلاجية) التى تعنى بمعالجة الأضرار التى وقعت بالفعل ، فإنها لا ترقى إلى أهمية السياسات البيئية القبلية (الوقائية) ومنها عملية التقييم البيئى ، حيث أنه لوحظ أن مصروفات حماية البيئة تنفق حينما يصيب البيئة الطبيعية ضرر واضح لا سبيل إلى إنكارة ، حيث أن هذه المصروفات تحاول تدارك الأضرار التى وقعت بالفعل ولكنها لا تمنعها ولا تستطيع أن تقى البيئة منها ، ولذلك يتعين أن نقارن بين أرقام مصروفات حماية البيئة وبين مصروفات تقدير الأضرار البيئية ذاتها.

وبناءا على ما سبق ، فإن عملية التقييم البيئى لمشروعات التنمية تعتبر وسيلة لتحميل تكاليف الأضرار البيئية إلى الوحدات الإقتصادية المتسببة فيها من البداية وتحقيق مبدأ أن الملوث يدفع الثمن (Polluter Pay Prinicipal -PPP)، مع ملاحظة أن عملية التقييم البيئى لمشروعات التنمية تعتبر خطوة لاحقة لمستويات أخرى من التقييم على مستوى السياسات والخطط ثم على المستوى الإقليمي ثم على المستوى القطاعى