Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958
مآزق النظام العالمي الجديد

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: مآزق النظام العالمي الجديد

  1. #1
    أستاذ بارز الصورة الرمزية د. محمد اسحق الريفي
    تاريخ التسجيل
    05/06/2007
    المشاركات
    5,279
    معدل تقييم المستوى
    22

    افتراضي مآزق النظام العالمي الجديد

    مآزق النظام العالمي الجديد
    أ.د. محمد اسحق الريفي

    اصطدم النظام العالمي الجديد بالواقع في أول اختبار له بعد البشائر التي جلبها سقوط الاتحاد السوفييتي للديمقراطية الليبرالية في أعقاب الحرب العالمية الباردة، وبدأت الرؤى التي نظر لها العديد من المفكرين وصناع القرار في الولايات المتحدة تتبدد من قسوة التحديات والمآزق التي ظهرت في الأفق بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، مما حدا بالأكاديمي المشهور فرانسيس فوكوياما صاحب نظرية «نهاية التاريخ» أن يعيد النظر في كل المسلمات التي آمنت بها الإدارة الأمريكية وأعدت العدة للتبشير بها وإخضاع العالم لها.

    ففي كتابه الأخير «بناء الدولة: الحكم والنظام العالمي في القرن الحادي والعشرين» أظهر فوكوياما أن تبني الولايات المتحدة لفكرة «تآكل الدولة» وتقديم «الوصفة الجاهزة»، التي تعني إعادة هيكلة الدول واقتصادها على أساس الخصخصة وتحرير الاقتصاد وإلغاء التدخل الحكومي في الشأن الاقتصادي لإحداث التحول السياسي نحو الديمقراطية، هي فكرة خاطئة. وأوضح فوكوياما أن الولايات المتحدة تحتاج إلى استبدال فكرة تآكل الدولة بفكرة «بناء الدولة» القائمة على أساس قوة مؤسسات الدولة وتحديد نطاق العمل للدولة، والفرق بين الفكرتين هو في النتائج المترتبة عليهما وانعكاسهما على مدى نشر القوة الشرعية لخدمة النظام العالمي وحمايته.

    وحيث أن الشرق الأوسط هو المحور الاستراتيجي للعالم، فإن الهم الأكبر لواشنطن في منطقة الشرق الأوسط هو بناء دول ذات سلطات قوية متحالفة معها، وتحظى بشرعية واسعة، وتستطيع الصمود أمام حركات الإسلام السياسي، وتنجح في الحد من انتشار الجماعات التي تستخدم القوة في معارضتها للنظام العالمي الجديد، والتي تشكل تهديدا خطيرا لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة.

    ولكن التجربة الأمريكية في العراق أظهرت أن الدراسات السياسية والاستراتيجية شيء وما يحدث على أرض الواقع شيء آخر تماما، فقد أبرزت هذه التجربة المريرة المآزق التي تواجهها الولايات المتحدة في قيادتها للعالم نحو نظام عالمي حسب رؤيتها، وأدركت أن الديمقراطية، وتقليص دور الدولة، وإضعاف سلطاتها، وتشجيع المجتمع المدني .. الخ، سوف تأتي بما لا تشتهيه الولايات المتحدة الأمريكية من صعود تيار الإسلام السياسي ووصوله إلى السلطة.

    فالديمقراطية التي تدعو إليها واشنطن لا تضمن الحماية الأبدية والأكيدة للمصالح الأمريكية في المنطقة، وقد تأتي هذه الديمقراطية بنتائج لا تتوقعها الإدارة الأمريكية، فوصول الإسلامي السياسي إلى السلطة لا يمكن تفاديه على الإطلاق في كل الأحوال، فتقليص دور الدولة والحد من نفوذها سيؤدي إلى نجاح الإسلام السياسي ذو التأييد الشعبي الواسع في الوصول إلى الحكم، وأيضا زيادة قوة الدولة وبناء مؤسساتها القوية لن ينجح في بلادنا العربية بسبب عدم شرعية الأنظمة الحاكمة التي انتهت صلاحياتها وأصبحت تتداول السلطة بالوراثة وفي نطاق عائلة الحاكم وأقاربه.

    وهكذاً كلا الخيارين لا يؤدي إلى دول قوية تتحكم في شعوبها بما يخدم المصالح الأمريكية، ولن يؤدي ذلك إلى الحد من انتشار الجماعات التي تميل إلى فكرة «القاعدة» وأساليبها في التصدي للحكومات، وسوف تستفيد حركات الإسلام السياسي من المجتمع المدني لتكوين تجمعات إسلامية دعوية، تحظى بالشرعية القانونية، لتنشر من خلالها الفكر الإسلامي الشمولي، وسوف تستفيد هذه الحركات من المنظمات الأهلية لتنفيذ برامجها وأنشطتها لتحقيق أهدافها في الوصول إلى مجتمع إسلامي كخطوة أساسية لتكوين الدولة الإسلامية.

    أما بالنسبة للشركات متعددة الجنسيات التي تعتمدها واشنطن في هيكلة اقتصاد الدول، فهي تواجه معارضة شعبية كبيرة بسبب انضمام رجال أعمال من (إسرائيل) لها، وبسبب الشعور المتنامي بالعداء للولايات المتحدة التي تحتل أكثر من بلد عربي وإسلامي وتدعم العدو اللدود للعرب وهو (إسرائيل)، وبالنسبة للمنظمات الدولية، فهي أيضا غير مقبولة بسبب عدم مصداقيتها وازدواج معاييرها، وبسبب استخفاف الولايات المتحدة بالقانون الدولي وعدم الالتزام به، وخاصة فيما يتعلق بمعاملة الأسرى والمعتقلين في العراق وأفغانستان وعشرات السجون المنتشرة في العالم أمثال جوانتانمو.

    وهناك أيضا مأزق العولمة التي يزداد معارضوها في أوروبا وفي الولايات المتحدة بشكل يفوق معارضيها في البلاد العربية والإسلامية، وهناك معارضة شعبية عالمية عريضة لنظام القطب الواحد ولمفهوم السلطة ونظام الحكم، مما يعيق تحقيق أهداف النظام العالمي الجديد، والعولمة ذاتها لا تحظى بموافقة عالمية عليها من ناحية التعريف والأهداف ونطاق عملها، أضف إلى ذلك أن حركات الإسلام السياسي، والمجموعات التي تسعى لضرب المصالح الأمريكية في العالم العربي والإسلامي قد استفادت كثيرا من شبكة الإنترنت ومن تكنولوجيا الاتصالات، فالإنترنت زادت من تواصل الحركات الإسلامية بامتداداتها في الغرب، وزادت من التواصل وتبادل المعلومات والأفكار بين الشعوب العربية والإسلامية التي مزقتها الحدود.

    وبالطبع فإن أوروبا تنظر إلى النظام العالمي الجديد على أنه «نظام أمريكي» يهدد مصالحها، وهناك تنافس شديد على هذه المصالح بين الطرفين في منطقة الشرق الأوسط باعتباره المحور الاستراتيجي للعالم، لذلك بادرت أوروبا إلى التحاور مع حركات الإسلام السياسي في البلاد العربية وفي أوروبا في نفس الوقت الذي سعت فيه الولايات المتحدة إلى ذلك، فلم يأت هذا من قبل التصادف أو الاتفاق، وإنما جاء من قبل التنافس على المصالح.

    ومن أهم المآزق التي تهدد الأمن القومي الأمريكي هو صعوبة الحصول على التدفق النفطي في الوقت الذي تزداد الحاجة إليه، فلم تتحقق طموحات الولايات المتحدة بالحصول على النفط العراقي بسبب المقاومة المتصاعدة ضد الاحتلال الأمريكي للعراق، ولم تستطع الولايات المتحدة الحصول على أكثر من «25 ألف برميل» يوميا من نفط العراق، وهي كمية ضئيلة ومكلفة جدا بالمقارنة إلى التكاليف الباهظ التي يتحملها الاحتلال، وقد كانت تحلم الإدارة الأمريكية بالحصول على ملايين البراميل يوميا من النفط العراقي.

    وفي حالة استمرار المقاومة العراقية، واستمرار التهديد الذي تمثله القاعدة في الجزيرة العربية للمصالح الأمريكية النفطية، فإن كارثة سوف تحل بالاقتصاد الأمريكي بسبب صعوبة الحصول على مصادر بديلة للطاقة، فالتنقيب عن النفط في ألاسكا واستخدام الطاقة النووية في توليد الكهرباء، و إنشاء مصافي جديدة للنفط، واستبدال النفط بالغاز، واستغلال الطاقة الشمسية كبديل عن النفط، يحتاج إلى عشرات السنين بالإضافة إلى أموال باهظة، وربما لا ينجح العلماء في توفير بدائل جديدة للطاقة أو الحصول على النفط من ألاسكا.

    لهذا فإن الأمن القومي الأمريكي أصبح في خطر محتوم، وربما يتعلق مصيره بشكل مخيف بأيدي القليل من الشباب الذين يتزايد عددهم في الجزيرة العربية والذين يعارضون الوجود الأجنبي هناك، ويؤمنون باستخدام القوة في التخلص من هذا الوجود الأجنبي، لذلك ففشل النظام العالمي الأمريكي يعتمد على مدى نجاح هؤلاء الشباب في التسبب في انتكاسات اقتصادية للولايات المتحدة، بالعمل على وقف التدفق الهائل للنفط السعودي إلى الولايات المتحدة.

    إن اعتماد واشنطن في صناعة القرار على دراسات مبنية على أيديولوجيات متطرفة تخلو من النظرة الموضوعية الواقعية ومن المعاني الإنسانية هو أهم الأسباب التي أدت إلى مآزقهم، بالإضافة إلى معارضة الولايات المتحدة للقانون الدولي على كافة الأصعدة فيما يتعلق بالحد من التلوث البيئي، والحد من الألغام الأرضية التي تفتك بعشرات الآلاف من البشر سنويا، وفيما يتعلق من الحد من التسلح الدولي، ... الخ.

    وأيضا تسبب في تعثر النظام العالمي الأمريكي خلو الدراسات التي يعتمد عليها صناع القرار في واشنطن من التحليل السليم للأحداث والحركات والواقع، فالقائمين على هذه الدراسات – رغم كفاءتهم العالية – ينقصهم الفهم الحقيقي لتركيبة الواقع العربي المعقد، وكذلك سيطرة المصالح الأمريكية والأمن القومي الأمريكي على كل الاعتبارات، وغياب السلام والأمن العالميين عن العقلية الأمريكية الصانعة للقرار، والتركيز على المفهوم والرؤية الأمريكية للعالم، بدلا من مراعاة الخصوصيات الثقافية والحضارية والدينية للشعوب العربية والإسلامية.

    ولكن ما دور الشعوب العربية والإسلامية – بمثقفيها ومفكريها – حيال النظام العالمي الجديد؟ وكيف تتفاعل حركات الإسلام السياسي والحركات المناهضة للهيمنة الأمريكية مع المعطيات العالمية الجديدة؟ إن على الجميع التهيؤ للتعامل مع المتغيرات الجديدة التي يقتضيها النظام الدولي الجديد، والذي سوف يتم فيه تغيير أنظمة الحكم وبناء الدول بما يتلاءم مع هذا النظام العالمي الأمريكي، وهنا لا بد من الاستفادة من الدعوة إلى بناء مجتمعات مدنية وتشجيع المنظمات الأهلية في إصلاح ما أفسدته الأنظمة، ومحاربة الفساد والاستبداد والديكتاتورية، بهدف الوصول إلى مجتمعات إسلامية.

    ولا بد من الحذر من محاولات الاحتواء التي تسعى إليها الولايات المتحدة من خلال إغراء الحركات الإسلامية بالسعي من أجل الوصول السلطة والحكم بشروط تقبلها الإدارة الأمريكية، فالحركة الإسلامية لا تجد لها بدا من الوصول إلى السلطة عن طريق التأييد الشعبي، وعن طريق التحالف مع كل القوى التي ترفض الهيمنة الأمريكية وتدعو إلى الإصلاح.

    ويجب إعداد برامج للإصلاح السياسي والتعليمي والإداري والقضائي وفي كل المجالات الأخرى، حتى تكون وسيلة لكسب ثقة واعية فاعلة محلية وعالمية للشعوب بالحركات الإسلامية، إنه من المؤسف أن تقوم الولايات المتحدة والمعاهد والمراكز البحثية الاستراتيجية في العالم بوضع تصوراتها وتحليلاتها عن الحركات الإسلامية وبرامجها ومناهجها من خلال مراقبة سلوك هذه الحركات وليس على أساس برامج وخطط هذه الحركات.

    ولا بد من إيجاد خيارات وبدائل وأساليب وأدوات كثير للتعامل مع المستجدات والأوضاع الإقليمية والعالمية بحيث يتم الاستفادة من هذه المستجدات، فالديمقراطية (الانتخابات) سوف تكون في صالح الحركة الإسلامية، والإصلاح السياسي سوف يكون كذلك، والمجتمعات المدنية والمنظمات الأهلية سوف تكون كذلك .. الخ.

    ويجب الاستفادة من التناقضات الدولية والتصارع على المصالح بين أوروبا والولايات المتحدة، فاللعب بذكاء على هذه الورقة يورط الطرفين في تنافس يضعف كل منهما، ويجب رفض فكرة التصادم الحضاري والتدليل على رغبة العالم العربي والإسلامي في العيش بسلام مع كل شعوب العالم التي لا تعتدي علينا، وعلى الحركات أن تشجع على التفاهم والتحاور بين الثقافة الغربية والثقافة الإسلامية، والتنسيق مع الجاليات الإسلامية في الغرب فيما يتعلق بالحوار.


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    .
    .

    إنما الأعمال بالنيات

  2. #2
    عـضــو الصورة الرمزية amr abdelnaby
    تاريخ التسجيل
    04/03/2007
    المشاركات
    118
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    بوركت أخي في الله ! أمريكا إلى زوال بإذن الله تعالى وهي الآن تلفظ أنفاسها الأخيرة ونحن الذين نمدها بمقومات حياتها ولكن قريبا بإذن الله سنرى النهاية!

    موقع أمر الله للدعوة والدراسات القرآنية
    www.amrallah.com/ar

  3. #3
    أستاذ بارز الصورة الرمزية د. محمد اسحق الريفي
    تاريخ التسجيل
    05/06/2007
    المشاركات
    5,279
    معدل تقييم المستوى
    22

    افتراضي رد: مآزق النظام العالمي الجديد

    أخي الكريم الأستاذ عمر عبد النبي،

    وفيك بارك الله وشكرا جزيلا لك على مرورك الطيب.

    الولايات المتحدة ستفقد قدرتها على التدخل في شئوننا، ولكن قبل ذلك علينا أن نتخلص من عوامل الضعف الداخلية التي تمكن الأعداء من إذلالنا وإهانتنا والسيطرة على شعوبنا ومقدراتها والأنظمة السياسية التي تحكمها.

    تحية متجددة!


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    .
    .

    إنما الأعمال بالنيات

  4. #4
    أستاذ بارز الصورة الرمزية د. محمد اسحق الريفي
    تاريخ التسجيل
    05/06/2007
    المشاركات
    5,279
    معدل تقييم المستوى
    22

    افتراضي رد: مآزق النظام العالمي الجديد

    أخي الكريم الأستاذ عمر عبد النبي،

    وفيك بارك الله وشكرا جزيلا لك على مرورك الطيب.

    الولايات المتحدة ستفقد قدرتها على التدخل في شئوننا، ولكن قبل ذلك علينا أن نتخلص من عوامل الضعف الداخلية التي تمكن الأعداء من إذلالنا وإهانتنا والسيطرة على شعوبنا ومقدراتها والأنظمة السياسية التي تحكمها.

    تحية متجددة!


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    .
    .

    إنما الأعمال بالنيات

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •