Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958
قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم

  1. #1
    عضو القيادة الجماعية الصورة الرمزية عماد الدين علي
    تاريخ التسجيل
    26/03/2008
    المشاركات
    694
    معدل تقييم المستوى
    10

    افتراضي قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم

    [center]بسم الله الرحمن الرحيم
    قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم
    والحديث كما ورد في صحيح مسلم في باب السحر:

    (حدّثنا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سَحَرَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَهُودِيّ مِنْ يَهُودِ بَنِي زُرَيْقٍ. يُقَالُ لَهُ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ. قَالَتْ: حَتّىَ كَانَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يُخَيّلُ إِلَيْهِ أَنّهُ يَفْعَلُ الشّيْءَ، وَمَا يَفْعَلُهُ. حَتّىَ إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ، أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ، دَعَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. ثُمّ دَعَا. ثُمّ دَعَا. ثُمّ قَالَ: "يَا عَائِشَةُ أَشَعَرْتِ أَنّ اللّهَ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ؟ جَاءَنِي رَجُلاَنِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالاَخَرُ عِنْدَ رِجْلَيّ. فَقَالَ الّذِي عِنْدَ رَأْسِي لِلّذِي عِنْدَ رِجْلَيّ، أَوِ الّذِي عِنْدَ رِجْلَيّ لِلّذِي عِنْدَ رَأْسِي: مَا وَجَعُ الرّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ. قَالَ: مَنْ طَبّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ. قَالَ: فِي أَيّ شَيْءٍ؟ قَالَ: فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ. قَالَ وَجُف طَلْعَةِ ذَكَرٍ. قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ".
    قَالَتْ: فَأَتَاهَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ. ثُمّ قَالَ: "يَا عَائِشَةُ وَاللّهِ لَكَأَنّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنّاءِ. وَلَكَأَنّ نَخْلَهَا رُؤُوسُ الشّيَاطِينِ".
    قَالَتْ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ أَفَلاَ أَحْرَقْتَهُ؟ قَالَ: "لاَ. أَمّا أَنَا فَقَدْ عَافَانِي اللّهُ. وَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَىَ النّاسِ شَرّا، فَأَمَرْتُ بِهَا فَدُفِنَتْ".
    حدّثنا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. حَدّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ: سُحِرَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. وَسَاقَ أَبُو كُرَيْبٍ الْحَدِيثَ بِقِصّتِه، نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ، وَقَالَ فِيهِ: فَذَهَبَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَىَ الْبِئْرِ. فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَعَلَيْهَا نَخْلٌ. وَقَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ فَأَخْرِجْهُ. وَلَمْ يَقُلْ: أَفَلاَ أَحْرَقْتهُ؟ وَلَمْ يَذكُرْ "فَأَمَرْتُ بِهَا فَدُفِنَتْ)
    قوله: (من يهود بني زريق) بتقديم الزاي. قوله: (سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهودي حتى كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله) قال الإمام المازري رحمه الله: مذهب أهل السنة وجمهور علماء الأمة على إثبات السحر وأن له حقيقة كحقيقة غيره من الأشياء الثابتة خلافاً لمن أنكر ذلك ونفى حقيقته وأضاف ما يقع منه إلى خيالات باطلة لا حقائق لها، وقد ذكره الله تعالى في كتابه وذكر أنه مما يتعلم، وذكر ما فيه إشارة إلى أنه مما يكفر به، وأنه يفرق بين المرء وزوجه، وهذا كله لا يمكن فيما لا حقيقة له، وهذا الحديث أيضاً مصرح بإثباته وأنه أشياء دفنت وأخرجت وهذا كله يبطل ما قالوه، فإحالة كونه من الحقائق محال، ولا يستنكر في العقل أن الله سبحانه وتعالى يخرق العادة عند النطق بكلام ملفق أو تركيب أجسام أو الموج بين قوي على ترتيب لا يعرفه إلا الساحر، وإذا شاهد الإنسان بعض الأجسام منها قاتلة كالسموم ومنها مسقمة كالأدوية الحادة ومنها مضرة كالأدوية المضادة للمرض لم يستبعد عقله أن ينفرد الساحر بعلم قوي قتالة أو كلام مهلك أو مؤد إلى التفرقة، قال: وقد أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث بسبب آخر فزعم أنه يحط منصب النبوة ويشكك فيها وأن تجويزه يمنع الثقة بالشرع، وهذا الذي ادعاه هؤلاء المبتدعة باطل، لأن الدلائل القطعية قد قامت على صدقه وصحته وعصمته فيما يتعلق بالتبليغ والمعجزة شاهدة بذلك وتجويز ما قام الدليل بخلافه باطل، فأما ما يتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث بسببها ولا كان مفضلاً من أجلها وهو مما يعرض للبشر فغير بعيد أن يخيل إليه من أمور الدنيا ما لا حقيقة له، وقد قيل إنه إنما كان يتخيل إليه أنه وطئ زوجاته وليس بواطئ، وقد يتخيل الإنسان مثل هذا في المنام فلا يبعد تخيله في اليقظة ولا حقيقة له، وقيل إنه يخيل إليه أنه فعله وما فعله ولكن لا يعتقد صحة ما يتخيله فتكون اعتقاداته على السداد. قال القاضي عياض: وقد جاءت روايات هذا الحديث مبينة أن السحر إنما تسلط على جسده وظواهر جوارحه لا على عقله وقلبه واعتقاده، ويكون معنى قوله في الحديث حتى يظن أنه يأتي أهله ولا يأتيهن، ويروى يخيل إليه أي يظهر له من نشاطه ومتقدم عادته القدرة عليهن فإذا دنى منهن أخذته أخذة السحر فلم يأتهن ولم يتمكن من ذلك كما يعتري المسحور، وكل ما جاء في الروايات من أنه يخيل إليه فعل شيء لم يفعله ونحوه فمحمول على التخيل بالبصر لا لخلل تطرق إلى العقل، وليس في ذلك ما يدخل لبساً على الرسالة ولا طعناً لأهل الضلالة والله أعلم. قال المازري: واختلف الناس في القدر الذي يقع به السحر ولهم فيه اضطراب فقال بعضهم: لا يزيد تأثيره على قدر التفرقة بين المرء وزوجه لأن الله تعالى إنما ذكر ذلك تعظيماً لما يكون عنده وتهويلاً به في حقنا، فلو وقع به أعظم منه لذكره لأن المثل لا يضرب عند المبالغة إلا بأعلى أحوال المذكور. قال: ومذهب الأشعرية أنه يجوز أن يقع به أكثر من ذلك، قال: وهذا هو الصحيح عقلاً لأنه لا فاعل إلا الله تعالى، وما يقع من ذلك فهو عادة أجراها الله تعالى، ولا تفترق الأفعال في ذلك وليس بعضها بأولى من بعض، ولو ورد الشرع بقصوره عن مرتبة لوجب المصير إليه، ولكن لا يوجد شرع قاطع يوجب الاقتصار على ما قاله القائل الأول، وذكر التفرقة بين الزوجين في الاَية ليس بنص في منع الزيادة وإنما النظر في أنه ظاهر أم لا. قال: فإن قيل إذا جوزت الأشعرية خرق العادة على يد الساحر فبماذا يتميز عن النبي؟ فالجواب أن العادة تنخرق على يد النبي والولي والساحر، لكن النبي يتحدى بها الخلق ويستعجزهم عن مثلها ويخبر عن الله تعالى بخرق العادة بها لتصديقه، فلو كان كاذباً لم تنخرق العادة على يديه، ولو خرقها الله على يد كاذب لخرقها على يد المعارضين للأنبياء. وأما الولي والساحر فلا يتحديان الخلق ولا يستدلان على نبوة، ولو ادعيا شيئاً من ذلك لم تنخرق العادة لهما. وأما الفرق بين الولي والساحر فمن وجهين: أحدهما: وهو المشهور إجماع المسلمين على أن السحر لا يظهر إلا على فاسق والكرامة لا تظهر على فاسق وإنما تظهر على ولي، وبهذا جزم إمام الحرمين وأبو سعد المتولي وغيرهما. والثاني: أن السحر قد يكون ناشئاً بفعلها وبمزجها ومعاناة وعلاج والكرامة لا تفتقر إلى ذلك، وفي كثير من الأوقات يقع ذلك اتفاقاً من غير أن يستدعيه أو يشعر به والله أعلم. وأما ما يتعلق بالمسألة من فروع الفقه فعمل السحر حرام وهو من الكبائر بالإجماع، وقد سبق في كتاب الإيمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عده من السبع الموبقات وسبق هناك شرحه، ومختصر ذلك أنه قد يكون كفراً وقد لا يكون كفراً بل معصيته كبيرة، فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر كفر وإلا فلا، وأما تعلمه وتعليمه فحرام، فإن تضمن ما يقتضي الكفر كفر وإلا فلا، وإذا لم يكن فيه ما يقتضي الكفر عزر واستتيب منه ولا يقتل عندنا فإن تاب قبلت توبته
    تعليق:
    وكيف لا يجر خللاً لمنصب النبوة وهو صلى الله عليه وسلم يظن أن شيئاً قد كان ، ولم يكن.. والمسألة تشبه أن يخطئ المعلم في حل مسألة من المسائل أمام تلامذته ،فهل يظل التلميذ على يقينه أن أستاذه لم يخطئ في حل المسألة رغم تحققه من ذلك قائلاً في نفسه: لا يجوز لي الحكم على عقل الأستاذ لأن الحجة قائمة بنيله لشهادة التدريس من وزارة التعليم!!
    ولم أضرب هذا المثل إلا لأبين أن هذا لا يجوز في عرف البشر العاديين، فما بالك إن كان رسولاً ينقل للناس خبر السماء .. ثم لو نظرنا إلى حال من هم أدنى منزلة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لرأيناهم أفضل حالاً مع الجن والشياطين.. فهذا عمر بن الخطاب يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم "إيهاً يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قط سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك) متفق عليه . وهذا أبو هريرة ، يمسك بيد شيطان يسرق من بيت مال المسلمين ، فلا يستطيع منه فكاكاً ، والحديث معروف ومشهور وهو في البخاري.
    فإن كان هذا حال من هم أدنى منزلة من رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف يسمح الله تبارك وتعالى بأن يتسلط شيطان كافر على رسوله ومبلغ رسالته ، والله غني عن هذا كله..
    ثم كيف يخبرنا ( المازري) رحمه الله أن المرض لا نقص فيه ، بل هو رفعة للأنبياء ، وزيادة في درجاتهم ؟! إن كلامه ليبدو صحيحاً لو كان المرض يصيب الجسد والأعضاء، ولكن الذي يدعون أنه أصاب نبينا هو مرض نفسي لا محالة .. فما أسعد الناس وهم يتبعون نبياً هو عرضة لكيد الشياطين وسحرهم ، فكيف يهنأ المسلم بعبادته وقد داخله شك في مدى مسئولية نبيه أثناء تبليغه رسالات ربه؟!
    والعجيب ما قاله القرطبي في تفسيره :
    (ذهب أهل السنة إلى أن السحر ثابت وله حقيقة. وذهب عامة المعتزلة وأبو إسحاق الإسترابادي من أصحاب الشافعي إلى أن السحر لا حقيقة له، وإنما هو تمويه وتخييل وإيهام لكون الشيء على غير ما هو به، وأنه ضرب من الخفة والشعوذة، كما قال تعالى: "يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى" [طه: 66] ولم يقل تسعى على الحقيقة، ولكن قال "يخيل إليه". وقال أيضا: "سحروا أعين الناس "[الأعراف: 116]. وهذا لا حجة فيه، لأنا لا ننكر أن يكون التخييل وغيره من جملة السحر، ولكن ثبت وراء ذلك أمور جوزها العقل وورد بها السمع، فمن ذلك ما جاء في هذه الآية من ذكر السحر وتعليمه، ولو لم يكن له حقيقة لم يمكن تعليمه، ولا أخبر تعالى أنهم يعلمونه الناس، فدل على أن له حقيقة. وقوله تعالى في قصة سحرة فرعون: "وجاؤوا بسحر عظيم" وسورة "الفلق"، مع اتفاق المفسرين على أن سبب نزولها ما كان من سحر لبيد بن الأعصم، وهو مما خرجه البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهودي من يهود بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم، الحديث. وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما حل السحر: "إن الله شفاني". والشفاء إنما يكون برفع العلة وزوال المرض، فدل على أن له حقا وحقيقة، فهو مقطوع به بإخبار الله تعالى ورسوله على وجوده ووقوعه. وعلى هذا أهل الحل والعقد الذين ينعقد بهم الإجماع، ولا عبرة مع اتفاقهم بحثالة المعتزلة ومخالفتهم أهل الحق. ولقد شاع السحر وذاع في سابق الزمان وتكلم الناس فيه، ولم يبد من الصحابة ولا من التابعين إنكار لأصله. وروى سفيان عن أبي الأعور عن عكرمة عن ابن عباس قال: علم السحر في قرية من قرى مصر يقال لها: الفرما، فمن كذب به فهو كافر، مكذب لله ورسوله، منكر لما علم مشاهدة وعيانا.) انتهى.
    تعليق :
    وهذه فرية أخرى على حبر الأمة وترجمان القرآن.. فكيف يكفَّر من لم يقل أن للسحر وجوداً فليس القول بوجوده من أركان الإيمان ، ولا لما جاء به القرآن .. فالسحر الذي ذكره القرآن هو سحر الوسوسة الشيطانية وهو ما يفرق به بين المرء وزوجه ، أو ما قام به سحرة فرعون وهو لا يعدو عمل الحواة والدجالين ، وهو عمل في حد ذاته يحتاج إلى كثير من المهارة والحذق وكثرة المران على الخفة والسرعة وشد انتباه الناس إلى ما يريده الساحر ، ولذلك وصفه تعالى بالسحر العظيم وسنبين هذا في الفصل التالي إن شاء الله.. وربما كان هذا هو السحر الذي كان يُعلم في مصر ، وهو أقرب للصواب ..
    وكون السحر حقيقة وأن هناك عهد يتم بين الشيطان والساحر.. إلخ فلسنا بصدد تكذيب أمثال هذا الكلام.. إنما ننكر أن للشيطان سلطان قاهر على بني البشر من حيث أنه قادر على صرعهم والتكلم على ألسنتهم بما هو خارج عن إرادتهم ، وتحويل الأشياء إلى غير حقيقتها المادية التي خلقها الله عليها ، فضلاً عن البطش والقهر ودفع الإنسان لإرتكاب أشياء هو غير مسئول عنها ، ولو صحَّ ذلك ، لفسدت الأرض وقام كل رجل بفعل كل الموبقات ولأهلك شرار الناس الحرث والنسل مدعين أنهم مصابون بالمس ، ولخرجت النساء يفعلن ما يردن من عظائم الأمور بحجة أن جنياً يأمرهن بذلك !!
    وقد استشهد بعض الذين يؤمنون بصرع الجن للإنس بعدة قصص بعضها حدث في عهد رسول الله ، والبعض الآخر في عهود التابعين ومن جاء بعدهم، أما الأولى : عَنْ عطاء بن أبي رباح قال، قال لي ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ألا أريك امرأة مِنْ أهل الجنة؟ فقلت: بلى. قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقالت: إني أصرع وإني أتكشف فادع اللَّه تعالى لي. قال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت اللَّه تعالى أن يعافيك فقالت: أصبر، فقالت: إني أتكشف فادع اللَّه أن لا أتكشف، فدعا لها. مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.
    هل يعقل ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد أرسل رحمة للعالمين أن يترك هذه المرأة فريسة للشيطان أو عفريت من الجن يصرعها ، وقد جاءته مستجيرة به وطالبة لحماه وهو رسول رب العالمين ..! ولنا أن ننظر إلى الأمر من زاوية أخرى .. أفإن جاءته هذه المرأة أو غيرها تستعديه على رجل من الإنس يأتيها بين الحين والآخر ، فيضربها وينغص عيشها فهل كان رده سيكون كهذا الرد؟.. وإن قال قائل ( بالطبع لا .. فابتلاء الله للبشر من قبل الجن غير ابتلاءه للبشر بعضهم لبعض ) فنقول له فعلام إذاً يتعالج الناس من الصرع فيذهبون _للمشايخ_ أو السحرة ، وقد يدفع أحدهم ثروة طائلة لقاء شفاءه من المس ؟..
    والحديث يا إخوان ظاهر المعنى ، لا لبس فيه .. فالمرأة كانت تشكو مرضاً عضوياً لا يمت لمعشر الجن بصلة.. وإذا نظرنا إلى القصة من هذا المنظور، فلن نجد فيها ما يريب .. بل وتجد لها نظائر وأشباه في قصص السيرة النبوية..كما روى الزبير من طريق سعيد بن عبيد الثقفي قال:( رميت أبا سفيان يوم الطائف فأصبت عينه فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال هذه عيني أصيبت في سبيل الله قال إن شئت دعوت فردت عليك وإن شئت فالجنة قال الجنة) الإصابة لإبن حجر. وأمثال هذا كثير في غزوات الرسول فمن أراد الاستزادة فليرجع إليها .. وقوله صلى الله عليه وسلم ( "يقول اللّه عز وجل: من أذهبت حبيبتيه فصبر واحتسب لم أرض له ثوابا دون الجنة) الترمذي . وكذلك ميت الغرق ، والحرق،والهدم ، والمبطون.. إلخ
    فأمثال هذا يصح أن يقال عنه إبتلاء من الله .. أما أن يأتي متضرر إلى صاحب الأمر ، فيستنجد به لينصفه على من ظلمه ، فيجيبه قائلاً : إن شئت صبرت ولك الجنة ، فهذا ما لا يرضاه حتى أقل الناس فهماً.
    وليس هذا ابتلاء من الله للعبد ، إذ لا يصح أن يطلق على المصاب في عقله مبتلى .. فالذي ذهب عقله زال عنه التكليف ، ورفع عنه القلم لقوله صلى الله عليه وسلم :( رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يحتلم وعن النائم حتى يستيقظ وعن المعتوه حتى يعقل ) مسند الأمام أحمد. فالابتلاء إنما جعل لكي يمتحن المرء فيما أبتلي فيه ، فكيف يكون من ذهب عقله مدركاً لما أصابه ؟! فإذا ابتلي المرء في بدنه أو ماله أو ولده ، كان له ولغيره عبرة ، فإن كان عاصياً فلعله يهتدي وينيب ، وإن كان مؤمناً كان ذلك امتحاناً له ، ليرى الله مدى صبره وثباته ، وكان ذلك في ميزان حسناته ، وذخراً له عند ربه . ولذلك يصح هنا لمن أصيب ولده في عقله أن يوصف بالمبتلى ، لأنه قادر على تمييز حجم مصابه ، وتقدير خسارته ، أما الولد فليس له ذلك بعد أن فقد عقله ..
    أما العجيبة الأخرى ، فهي التي أتى بها السيد ( وحيد عبد السلام بالي ) فبعد أن أورد في كتابه الأول ما سبق وذكرناه من كلام القرطبي رحمه الله ،مستدلاً أن نوع السحر الذي أصيب به النبي هو سحر الربط ، وأن كل ما جرى حصل ليكون سبباً في نزول المعوذتين .. وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان له عدة تحصينات وأدعية يدعو بها فلما نزلت المعوذتان أخذ بهما وترك ما سواهما.. ثم يفاجئنا في كتابه بتسع طرق لعلاج الربط !! وهي أشياء ما أنزل الله بها من سلطان ، رغم حرصه الشديد على تقصي الأحاديث الصحيحة ، وعدم تدعيم كتابه بالضعيف منها.. وبعد أن تصفحت الكتاب بانتباه زائد.. وجدته قد أورد فيه خمسة عشر حصناً ضد السحر ..وسأذكرها بشكل مختصر.. وهي أن يأكل سبع تمرات عجوة على الريق ويفضل أن يكون من تمر المدينة فهذا هو المطلوب ، واستشهد بقول النبي صلى الله عليه وسلم من تصبح بسبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر) ثم ذكر المحافظة على الصلاة في جماعة ، ثم قيام الليل ، ثم القيام لصلاة الفجر حتى لا يتسنى للشيطان البول في أذنيه ، ثم الاستعاذة عند دخول الخلاء ، ثم الاستعاذة عند الدخول في الصلاة ، ثم تحصين المرأة عند الجماع ، ثم باقي التحصينات عبارة عن تلاوة عدد من الأدعية والأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم والسؤال هنا حقيقة .. ألم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل كل ما ورد في هذه التحصينات قبل أن يسحر على حد زعمهم.. ألم يكن صلى الله عليه وسلم أكثر الناس استغفاراً وتوبة إلى الله.. ألم يكن أطهر الناس جسداً وثياباً؟.. ألم يكن أكثرهم تلاوة للقرآن وعليه أنزل!! أمَّا أكل تمر العجوة وخصوصاً من تمر المدينة كما نصح الراقي ، فالعجيب أن النبي منذ الهجرة إلى المدينة إلى أن توفاه الله كان أكثر أكله من تمر المدينة ، كما في حديث عائشة أم المؤمنين (عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لعروة:
    (والله يا ابن أختي ، إن كنا لننظر إلى الهلال ، ثم الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار. فقلت: يا خالة، ما كان يعيشكم؟ قالت: الأسودان التمر والماء، إلا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار، كانت لهم منائح، وكانوا يمنحون رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألبانهم فيسقينا.) البخاري
    والذي يأكل سبع تمرات عجوة كما نصح صلى الله عليه وسلم لم يؤثر فيه سم ولا سحر ، ولكنه سُحِرَ كما يقولون .. فتأمل هذا!!
    أما في كتابه الثاني ( وقاية الإنسان ) فقد قال في الصفحة (57) واصفاً علاج المصروعين أنه من أعظم أنواع الجهاد في سبيل الله ! ولست أدري عن أي مصدر يستند الشيخ في دعواه .. فقد بحثت في أنواع الجهاد في سبيل الله في القرآن العظيم وكتب الحديث الشريف والسير .. فلم أجد من بينها أن الذي يعالج من المس هو من المجاهدين في سبيل الله !..
    وليس لدى هؤلاء سوى مصدر واحد ، يثبتون به الصرع وأسبابه التي أدت إليه.. وهذا المصدر هو الجن نفسه ! فإن كان هذا الأمر يحدث حقيقة وليس خيالاً كما ندعي فإنه كما يقول المعالجون أنفسهم أن الجن قوم كذابون يغلب الكذب على صدقهم فلم يرددون قوله ويدونون كلامه على أنه حقيقة مسلم بها ؟! وإما أن يكون هذا الأمر مجرد هذيانات الفصاميين والمهلوسين ، وهو أدهى وأمر..
    وقال آخر يصف طرقاً لعلاج السحر ، فذكر في أحدها أنه إذا كان الجن معانداً مصراً على عدم الخروج ، فما عليك سوى أن تقوم بتسجيل آية الكرسي له على شريط كاسيت ، وتجعله يستمع إليه لمدة خمس أو ست مرات في اليوم لمدة شهر ، فسوف يتألم ويخرج إن شاء الله تعالى ..)
    وهي طريقة جميلة وسهلة كما ترى.. وحديثة في الوقت نفسه .. ولعمري كيف كان المعالجون القدامى يقومون بعلاج المصروع في مثل هذه الحالة ؟.. إذ لم يكن لديهم لا أشرطة كاسيت ولا سماعات للأذنين كما نصح الشيخ.. بل ولا يملكون الوقت لكي يقوم أحدهم بالتفرغ شهراً بأكمله وهو يقرأ الآيات الكثيرة من الكتاب العزيز ، ناهيك عن تكرارها عدة مرات لخمس أو ست ساعات كل يوم !
    أم لعل المعالجون القدامى كان ( سرهم باتع ) كما يقول المصريون ، فقد نسب إلى الإمام أحمد بن حنبل ) رحمه الله قصة مفادها أنه قيل له أن رجلاً مصروعاً أبى الجني الخروج منه ، فقال لهم الإمام : ( خيروه بين أن يخرج أو يضرب بهذا سبعين) مشيراً إلى نعله ، فأخبروا المصروع بذلك ، فنطق الجني قائلاً : ( بل أخرج .. والله لو أمرنا بن حنبل أن نخرج من العراق لخرجنا كرامة له )
    ونرى في هذه القصة أسلوباً جديداً في عملية استخراج الجن من الإنسان.. وهي قصة يستدل بها الذين يدعون العلاج من حالات المس ، كما أنها تدل على مدى ما وصل إليه الإمام من التقى والصلاح .. أنظر إليه وهو يهدد الجني بضربه سبعين إذا هو أبى الخروج من جسد الممسوس ! وإني لأسأل : ألم يكن من الأفضل لو استخرج الجني بتلاوة القرآن الكريم كما هو معتاد .. أم أنها طريقة ليست دارجة ، ولا تكون إلا لأصحاب الكرامات والمقام الكبير .. ولكن القصة لم تنتهي بعد .. فبعد مرور وقت طويل مات صاحب الكرامة ، وعاد الجني فتلبس الرجل مرة أخرى ! ففزع أحدهم إلى نعل الشيخ وقام يهدد الجني مشهراً ذلك السلاح الفتاك في وجهه.. ولكن الجني هزأ منه وأخبره أنه لم يكن يخاف النعل بل صاحبه ! وما دام صاحب الكرامة قد مات فهو ماكث إلى أن يحضر صاحب كرامة آخر يحمل ذات الصفات .. و إلا فماذا يكون الحل ؟! لأنه إن كان علاج الرجل مجرد تلاوة بضع آيات من القرآن ليخرج الجني صاغراً مقهوراً لعُمل به منذ البداية ، بدلاً من هذا الاستعراض الذي لا مسوغ له ..


  2. #2
    عـضــو الصورة الرمزية م.سليمان أسد
    تاريخ التسجيل
    22/04/2008
    المشاركات
    460
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم

    موضوع قيم

    سأعود لمناقشته ... عندما تسمح لي الظروف

    شكراً لك استاذ عماد الدين علي


  3. #3
    عـضــو الصورة الرمزية م.سليمان أسد
    تاريخ التسجيل
    22/04/2008
    المشاركات
    460
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم

    موضوع قيم

    سأعود لمناقشته ... عندما تسمح لي الظروف

    شكراً لك استاذ عماد الدين علي


  4. #4
    عـضــو الصورة الرمزية يحي غوردو
    تاريخ التسجيل
    19/03/2007
    العمر
    57
    المشاركات
    647
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي رد: قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    مرحبا بالأخ الكريم عماد الدين علي في منتدى واتا

    موضوع يثير العديد من الأسئلة ...ويحتاج لمن يغوص لاستخراج درره...

    تقبل مروري

    إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ(88)


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    عضو القيادة الجماعية الصورة الرمزية عماد الدين علي
    تاريخ التسجيل
    26/03/2008
    المشاركات
    694
    معدل تقييم المستوى
    10

    افتراضي رد: قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم

    هلم إذا .. فلنقم بالغوص معاً ..


  6. #6
    عـضــو الصورة الرمزية فاطمه بنت السراة
    تاريخ التسجيل
    11/09/2007
    المشاركات
    650
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم

    :
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أخي الكريم عماد الدين علي

    أقول وبالله التوفيق: في منهج أهل السنة والجماعة حقيقة معروفة وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم (سُحِر) من قبل اليهودي " لبيد بن الأعصم" والقصة رواها "البخاري" في أكثر من كتاب في صحيحه المشهور بصحيح البخاري..

    أما قصة سحره عليه الصلاة والسلام فقد اخترت روايته التي في كتابه (الطب/ باب السحر/ الحديث رقم5763) يقول: عن عائشة رضي الله عنها قالت: سَحَر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من بني زريق يقال له " لبيد بن الأعصم" حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيّل إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله, حتى إذا كان ذات يوم – أو ليلة – وهو عندي, دعَا ودعَا ثم قال: يا عائشة, أشعرتِ أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه؟ أتاني رجلان فقعدا, أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي, فقال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرجل؟ فقال: مطبوب [ أي مسحور ], قال: مَنْ طبّه؟ قال: لبيد بن الأعصم, قال: في أي شيء؟ قال: في مشط ومشاطه, وجُفّ طلع نخلة ذكَر, قال: وأين هو؟ قال: في بئر " ذي روان" فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناسٍ من أصحابه فجاء, فقال: " يا عائشة كأنَّ ماءها نُقاعة الحنّاء, وكأنَّ رؤوس نخلها رؤوس الشياطين", قلت: يا رسول الله, أفلا استخرجته؟ قال: قد عافاني الله فكرهت أن أثير على الناس فيه شرّ" فأمر به فدُفنت. أ.هـ

    وفي هذا قال المفسّر الثعلبي في تفسيره: قال ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما: كان غلام من اليهود يخدم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فدبّت إليه اليهود فلم يزالوا به حتى أخذ مشاطة رأس النبي صلى الله عليه وسلم وعدة من أسنان مشطه فأعطاها اليهود فسحروه فيها.

    وفي فقه العبادات للشيخ العلامة " ابن عثيمين" رحمه الله, سُئل: هل سُحر النبي صلى الله عليه وسلم؟ وهل حصول السحر للنبي صلى الله عليه وسلم ينافي مقام النبوة؟

    فكان جوابه: " ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سُحر, لكن هذا السحر لم يؤثر عليه من الناحية التشريعية, أو الوحي, إنما غاية ما هنالك, أنه وصل الى درجة يخيّل إليه أنه فعل الشيء ولم يكن فعله في أهله, وهذا السحر وضعه له يهودي يقال له لبيد بن الأعصم, لكن الله سبحانه وتعالى نجّاه منه, حتى جاءه الوحي بذلك, وعُوّذ بالمعوذتين (قل أعوذ برب الفلق, وقل أعوذ برب الناس), فقام من بعدها وكأنه نشط من عقال.

    ويزيد رحمه الله: ولا يؤثر هذا السحر على مقام النبوة, لأنه لم يؤثر في تصرف النبي صلى الله عليه وسلم فيما يتعلّق بالوحي, ولا في شيء من العبادات, ولا يجوز لنا أن نكذب بسوء فهمنا من نصوص. أ.هـ


    سؤال الى اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة الشيخ ابن باز – رحمه الله: هل سُحر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ؟ وهل نفذ فيه السحر؟

    الـجــواب : الرسول من البشر، فيجوز أن يصيبه ما يصيب البشر من الأوجاع والأمراض وتعدي الخلق عليه وظلمهم إياه كسائر البشر الى أمثال ذلك مما يتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها، ولا كانت الرسالة من أجلها، فغير بعيد أن يصاب بمرض أو اعتداء أحد عليه بسحر ونحوه يخيل إليه بسببه في أمور الدنيا ما لا حقيقة له ، كأن يخيل إليه أنه وطئ زوجاته وهو لم يطأهن ، أو أنه يقوى على وطئهن ، حتى إذا جاء إحداهن فتر ولم يقو على ذلك ، لكن الإصابة أو المرض أو السحر لا يتجاوز ذلك الى تلقي الوحي عن الله تعالى ولا الى البلاغ عن ربه الى العالمين لقيام الأدلة من الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة على عصمته (صلى الله عليه وسلم) في تلقي الوحي وبلاغه وسائر ما يتعلق بشؤون الدين ، والسحر نوع من الأمراض التي أصيب بها النبي (صلى الله عليه وسلم) ، فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: سحر رسول الله رجل من بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم حتى كان رسول الله يخيل إليه أنه كان يفعل الشئ وما يفعله ، حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة دعا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم دعا ثم دعا ثم قال : " يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه ، جاءني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي أو الذي عند رجلي للذي عند رأسي: ما وجع الرجل؟ قال: مطبوب. قال: ومن طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم. قال: في أي شئ؟ قال: في مشط ومشاطة. قال: وجف طلعة ذكر، قال: أين هو؟ قال: في بئر ذي أروان "، قالت: فأتاها رسول الله في أناس من أصحابه ثم قال: "يا عائشة كان ماءها نقاعة الحناء، وكان نخلها رؤوس الشياطين" قالت: فقلت: يا رسول الله أفلا أحرقته، قال: "لا أما أنا فقد عافاني الله فكرهت أن أثير على الناس شراً" فأمر بها فدفنت. (رواه البخاري ومسلم).

    ومن أنكر وقوع ذلك فقد خالف الأدلة وإجماع الصحابة وسلف الأمة متشبثاً بشبه وأوهام، لا أساس لها من الصحة، فلا يعول عليها، وقد بسط القول في ذلك العلامة ابن القيم في كتاب زاد المعاد والحافظ ابن حجر في فتح الباري.
    اللجنة الدائمة فتوى رقم 4015


    س: كيف يسحر الرسول صلى الله عليه وسلم والله يقول له : وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ؟ وكيف يسحر وهو يتلقى الوحي عن ربه ويبلغ ذلك للمسلمين ، فكيف يبلغ وهو مسحور وقول الكفار والمشركين : إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا رَجُلًا مَسْحُورًا ؟ نرجو إيضاحها ، وبيان هذه الشبهات؟

    ج: هذا ثبت في الحديث الصحيح أنه وقع في المدينة، وعندما استقر الوحي واستقرت الرسالة، وقامت دلائل النبوة وصدق الرسالة، ونصر الله نبيه على المشركين وأذلهم، تعرض له شخص من اليهود يدعى: لبيد بن الأعصم، فعمل له سحرا في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر النخل ، فصار يخيل إليه أنه فعل بعض الشيء مع أهله ولم يفعله، لكن لم يزل بحمد الله تعالى عقله وشعوره وتمييزه معه فيم يحدث به الناس ، ويكلم الناس بالحق الذي أوحاه الله إليه، لكنه أحس بشيء أثر عليه بعض الأثر مع نسائه، كما قالت عائشة رضي الله عنها : إنه كان يخيل إليه أنه فعل بعض الشيء في البيت مع أهله وهو لم يفعله فجاءه الوحي من ربه عز وجل بواسطة جبرائيل عليه السلام فأخبره بما وقع فبعث من استخرج ذلك الشيء من بئر لأحد الأنصار فأتلفه وزال عنه بحمد الله تعالى ذلك الأثر وأنزل عليه سبحانه سورتي المعوذتين فقرأهما وزال عنه كل بلاء وقال عليه الصلاة والسلام ما تعوذ المتعوذون بمثلهما ولم يترتب على ذلك شيء مما يضر الناس أو يخل بالرسالة أو بالوحي ، والله جل وعلا عصمه من الناس مما يمنع وصول الرسالة وتبليغها.

    أما ما يصيب الرسل من أنواع البلاء فإنه لم يعصم منه عليه الصلاة والسلام ، بل أصابه شيء من ذلك ، فقد جرح يوم أحد، وكسرت البيضة على رأسه، ودخلت في وجنتيه بعض حلقات المغفر، وسقط في بعض الحفر التي كانت هناك، وقد ضيقوا عليه في مكة تضييقا شديدا ، فقد أصابه شيء مما أصاب من قبله من الرسل ، ومما كتبه الله عليه ، ورفع الله به درجاته ، وأعلى به مقامه ، وضاعف به حسناته ، ولكن الله عصمه منهم فلم يستطيعوا قتله ولا منعه من تبليغ الرسالة ، ولم يحولوا بينه وبين ما يجب عليه من البلاغ فقد بلغ الرسالة وأدى الأمانة صلى الله عليه وسلم. (فهرس فتاوى ومقالات بن باز رحمه الله)

    :

    اقبل الناس على ما هم عليه, وسامح ما يبدر منهم,
    واعلم أن هذه هي سنة الله في الناس والحياة ..

    الدكتور عائض القرني

  7. #7
    عـضــو الصورة الرمزية يحي غوردو
    تاريخ التسجيل
    19/03/2007
    العمر
    57
    المشاركات
    647
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    سحر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
    يعتقد الذهبي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد سُحِر وأثر فيه السحر بما لا يخدش جانب نبوّته، وأن تأثير السحر عليه لا يعدو أن يكون مرضاً بدنياً كالعقد عن النساء!! كما أنه يعتقد أن شيطاناً من الجن عرض للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو في الصلاة يريد أن يشغله عنها، فأمكنه الله منه!!
    ويعتمد في ذلك على بعض الأحاديث التي أخرجها البخاري ومسلم(1). ولكنه يغالي في عقيدته تلك حتى يجعل منها ركناً هاماً يحاكم بها غيره ممن ينفي وقوع السحر على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولو كان ذلك من باب التنزيه وحفظ الله له.
    ويعتبر الذهبي من ينكر ذلك مفسراً مبتدعاً، فهو من الذين يفسرون القرآن «على ضوء ما أنكروه من الحقائق الدينية الثابتة...» وكأنهم ينكرون منقبة من مناقب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، لا أنهم يريدون تنزيهه ودفع الطعن والاتهام عنه، مع اعترافه بأن بعض أهل السنّة ينكر أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد سحر(2).
    ففي معرض حديثه عن المعتزلة واتجاههم العقلي في التفسير، قال: «وكان من وراء ذلك أن تمرّد المعتزلة - في حرية مطلقة من كل قيد- على الاعتقاد بالسحر والسحرة، وما يدور حول ذلك، وبلغ بهم الأمر أن أنكروا، أو تأوّلوا ما صح من الأحاديث التي تصرّح بأن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قد سُحر، ولم يقفوا طويلاً أمام ما يعارضهم من سورة الفلق، بل تخلـّصوا بتأويلات ثلاثة ذكرها الزمخشري في كشافه (ج2/ص568)(3).
    وراح الذهبي – كسابق عهده - يتابع هذا الأمر مع مختلف المفسّرين (بالرأي المذموم) أو (تفسير الفرق المبتدعة) - كما يسمّيهم-، ويجد أن من مبتدعات هؤلاء إنكارهم وقوع السحر على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). فها هو يقول عن الطبرسي: «والطبرسي ينكر حقيقة السحر ولا يقول به، ويُخالف جمهور أهل السنة في ذلك، ويردّ أدلتهم وينكر حديث البخاري في سحر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)...»(4).
    ولم ينكر الطبرسي حقيقة السحر ولا أثبته، ونقل الأقوال فيه بعنوان (وقيل... وقيل)، ولكنه يردّ الأخبار في وقوع السحر على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مستنداًَ إلى أن وقوع السحر عليه كان من مدعيات الكفار، وقد حكى الله تعالى على لسانهم قولهم (إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً) (الفرقان/8)، منزّها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن كل صفة نقص تنفر عن قبول قوله، فإنه «حجة الله على خلقه وصفوته على بريّته»(5).
    وتابع الذهبي الأمر مع بقية المفسرين، حيثما كان لأحدهم نظر في هذا الموضوع، فتحت عنوان: (تأثـّر الجصّاص بمذهب المعتزلة)، ذكر أن الجصّاص – الحنفي – ينكر حديث البخاري في سحر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويقرّر أنه من وضع الملاحدة(6).
    وتحت عنوان: (إنكاره لبعض الأحاديث الصحيحة) عند دراسته لتفسير الأستاذ الإمام محمد عبده، قال: «ثم راح الشيخ – رحمة الله – يرد ما جاء من الروايات في سحر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)...»(7).
    أما الأستاذ محمد عبده، فهو يردّ تلك الأحاديث على أساس معارضتها لصريح القرآن بنفي السحر عنه، وأن وقوع السحر على النبي يتعارض مع عصمته، وأن أخبار الآحاد على فرض صحتها لا يؤخذ بها في العقائد، فيقول: «وقد رووا هاهنا أحاديث في أن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) سحره لبيد بن أعصم وأثر سحره فيه حتى كان يخيّل أنه يفعل الشيء وهو لا يفعله أو يأتي شيئاً وهو لا يأتيه، وأن الله أنبأه بذلك وأخرجت موادّ السحر من بئر وعوفي (صلي الله عليه وآله) مما كان نزل به من ذلك ونزلت السورة».
    وقال: «ولايخفى أن تأثير السحر في نفسه (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى يصل به الأمر إلى أن يظن أنه يفعل شيئاً وهو لا يفعله، ليس من قبيل تأثير الأمراض في الأبدان. بل هو ماسّ بالعقل آخذ بالروح، وهو مما يصدّق قول المشركين فيه: (إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً) (الإسراء/47). وليس المسحور عندهم إلا مَن خولط في عقله وخيّل له أنّ شيئاً يقع وهو لا يقع، فيخيّل إليه أنه يوحى إليه ولا يوحى إليه».
    قال: «وقال كثير من المقلـّدين الذين لا يعقلون ما هي النبوة ولا ما يجب لها: إن الخبر بتأثير السحر في النفس الشريفة قد صحّ، فيلزم الاعتقاد به. وعدم التصديق به من بدع المبتدعين، لأنه ضرب من إنكار السحر، وقد جاء القرآن بصحّة السحر!!».
    قال: «فانظر كيف ينقلب الدين الصحيح والحقّ الصريح في نظر المقلـّد بدعةَ، نعوذ بالله، يحتجّ بالقرآن على ثبوت السحر، ويعرض عن القرآن في نفيه السحر عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) وعدّة من افتراء المشركين عليه. ويؤوّل في هذه ولا يؤول في تلك! مع أن الذي قصده المشركون ظاهر، لأنهم كانوا يقولون: إن الشيطان يلابسه، وملابسة الشيطان تعرف بالسحر عندهم وضرب من ضروبه، وهو بعينه أثر السحر الذي نسب إلى لبيد، فإنه قد خالط عقله وإدراكه في زعمهم».
    قال: «والذي يجب اعتقاده أن القرآن مقطوع به وأنه كتاب الله بالتواتر عن المعصوم (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو الذي يجب الاعتقاد بما يثبته وعدم الاعتقاد بما ينفيه، وقد جاء بنفي السحر عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث نسب القول بإثبات حصول السحر له إلى المشركين أعدائه ووبّخهم على زعمهم هذا، فإذن هو ليس بمسحور قطعاً. وأما الحديث فعلى فرض صحّته هو آحاد والآحاد لا يؤخذ بها في باب العقائد، وعصمة النبي من تأثير السحر في عقله عقيدة من العقائد، ولا يؤخذ في نفيها عنه إلا باليقين، ولا يجوز أن يؤخذ فيها بالظن والمظنون. على أن الحديث الذي يصل إلينا من طريق الآحاد إنما يحصّل الظن عند من صحّ عنده، أما من قامت له الأدلة على أنه غير صحيح فلا تقوم به عليه حجة. وعلى أيّ حال فلنا بل علينا أن نفوّض الأمر في الحديث ولا نحكـّمه في عقيدتنا، ونأخذ بنص الكتاب وبدليل العقل، فإنه إذا خولط النبي في عقله كما زعموا، جاز عليه أن يظن أنه بلـّغ شيئاً وهو لم يبلـّغه، وأن شيئاً نزل عليه وهو لم ينزل عليه والأمر ظاهر لا يحتاج إلى بيان»(8).
    وعلى غرار الشيخ عبده، جرى المفسّر المضطلع سيد قطب، قال: «هذه الروايات تخالف أصول العصمة النبوية في الفعل والتبليغ ولا تستقيم مع الاعتقاد بأن كل فعل من أفعاله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكل قول من أقواله سنّة وشريعة. كما أنها تصطدم بنفي القرآن عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه مسحور، وتكذيب المشركين فيما كانوا يدّعونه من هذا الإفك. ومن ثم نستبعد هذه الروايات، وأحاديث الآحاد لا يؤخذ بها في أمر العقيدة، والمرجع هو القرآن. والتواتر شرط للأخذ بالأحاديث في أصول الاعتقاد، وهذه الروايات ليست من المتواتر، فضلاً عن أنّ نزول هاتين السورتين في مكـّة هو الراجح، مما يوهن أساس الروايات الأخرى»(9).
    ولكن الذهبي – رغم كل هذه الدلائل والبيّنات – يصرّ على وقوع السحر؛ لأن هذا الحديث الذي يردّه الأستاذ الإمام – محمد عبده – رواه البخاري وغيره من أصحاب الكتب الصحيحة – وإن تعارضَ مع القرآن- ، ثم يحاول الذهبي توجيه الحديث توجيهاً أبشع منه، فيتحدّث عن أن السحر كان له تأثير في المسائل الجنسية للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) – والعياذ بالله - ، فيقول: «فإن السحر الذي اُصيبَ به (صلى الله عليه وآله وسلم) كان من قبيل الأمراض التي تعرض للبدن بدون أن تؤثر على شيء من العقل، وقد قالوا إن ما فعله لبيد بن الأعصم بالنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) من السحر لا يعدو أن يكون نوعاً من أنواع العقد عن النساء، وهو الذي يسمونه (رباطاً)، فكان يخيـّل إليه أن عنده قدرة على إتيان إحدى نسائه، فإذا ما همّ بحاجته عجزَ عن ذلك...»(10).

    ******************************
    المراجع:

    (1) البخاري، الصحيح، ج5، باب السحر : 2137، ح5430. و: صحيح مسلم، كتاب السلام، باب السحر، ح2189، ص 900.

    وفيهما حدّثت عائشة، قالت: سحر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غلام يهودي يخدمه يقال له لبيد بن أعصم، حتى كان (صلى الله عليه وآله وسلم) يخيّل إليه أنه يفعل الشيء ولا يفعله، وفي لفظ آخر: سحر حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهنّ، وفي رواية الإمام أحمد، قالت: لبث النبي ستـّة أشهر يرى أنه يأتي ولا يأتي (مستند أحمد، ج6 : 57،63،96). وقال سفيان: هذا أشد ما يكون من السحر (البخاري، ج7 : 29، باب هل يستخرج السحر، ح5432).

    (2) الذهبي، التفسير والمفسرون، ج1 :382.

    (3) المصدر نفسه: 382.

    (4) المصدر نفسه، ج2 : 146.

    (5) الطبرسي، مجمع البيان، ج1 : 262.

    (6) الذهبي، التفسير والمفسرون، ج2 : 483.

    (7) المصدر نفسه : 630.

    (8) محمد عبده، تفسير القرآن الكريم (جزء عم)، ط 3، مصر، الجمعية الخيرية الإسلامية، 1341هـ :181-183.

    (9) سيد، قطب، في ظلال القرآن، ج7، ط9، بيروت، دار الشروق، 1400هـ - 1980م :710. انظر: التفسير الأثري: 241-244.

    (10) الذهبي، التفسير والمفسرون، ج2 : 632.

    المصدر: د. احسان الأمين، منهج النقد في التفسير، دار الهادي، ط1، 2007.

    إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ(88)


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •