في التوصيفِ
اتفاقٌ تاريخيٌ بكلِ ما للكلمةِ من معنى.

في السياسةِ
اتفاقٌ يحققُ للمعارضةِ اهدافَها التي اعتصمت من اجلها عاماً ومئةً وثلاثةً وسبعينَ يوماً طلباً للشراكة.

في خلفيةِ المشهدِ الجديدِ
دماءٌ سقطت بدءاً من أحمد محمود مروراً بشهداءِ مار مخايل، وصولاً الى الشهداءِ الذين سقطوا قبلَ ايامٍ دفاعاً عن الوطنِ والمقاومة،

حتى التقى جناحا المعارضةِ والموالاةِ على جِسرِ عبورٍ الى برِ الامانِ بعدما كادَ البلدُ يؤخذُ قهراً الى المجهول.

تاريخٌ جديدٌ للبنانَ بدأَ اليومَ في لحظةِ تقاطعاتٍ اقليميةٍ ودوليةٍ كبيرة، مع اعلانِ اتفاقٍ يؤسسُ لمرحلةٍ تجُبُّ ما قبلَها من الاستئثار، وتفتحُ ابوابَ الاملِ على مصاريعِها بعدما تلقى المشروعُ الاميركيُ ضربةً كبيرةً وخسرَ وادواتِه الاقليميةَ والمحلية، وباتَ الرهانُ على الخارجِ ضرباً من الوهمِ لم يجلِب على اصحابه الا الويلات.

مشهدٌ لبنانيٌ آخرُ ظهرَ في الدوحة قِوامُه التالي:

اولاً، الاعتصامُ رُفعَ بعدما حققَ اهدافَه والحياةُ تعودُ سريعاً الى وسطِ العاصمةِ وكلِ مناطقِها؛

ثانياً، العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهوريةِ الاحدَ المقبلَ يَدخلُ قصرَ بعبدا متسلماً الكرسيَ الاولَ من فخامةِ الفراغ، بحضورٍ دوليٍ وعربيٍ على رأسِه اميرُ قطر راعي الحوار والاتفاق؛

ثالثاً، الحكومةُ المقبلةُ فيها ثلثٌ ضامنٌ للمعارضةِ حصلت عليهِ ولو بعدَ حين ورغماً عن كيدِ جيفري فيلتمان الذي طالما نادى بعدمِ اعطائها هذا الحقَ حتى لا تتكررَ مقولةُ السيد حسن نصر الله كما وعدتكم بالنصر دائما اعدُكم بالنصر مجدداً.

رابعاً، القانونُ الانتخابيُ اَنصفَ الجميعَ واتاحَ للاغلبيةِ الشعبيةِ الحقيقيةِ ان تمثلَ نفسَها داخلَ النَدوةِ البرلمانية، مع علامةٍ مميزةٍ هذهِ المرةَ هي تفعيلُ دورِ المسيحيينَ في انتخابِ ممثليهِم، مكرِساً الخياراتِ التي يعتمدُها التيارُ الوطني الحر وتيارُ المردة بعدما تمَ تهميشُ مسيحيي السلطةِ الذين احتجبوا خلفَ ما تبقّى من سرابِ 14 اذار.

خامساً، باتَ فريقُ السلطةِ معنياً اكثرَ من ايِ وقتٍ مضى بمراجعةِ حساباتِه على ضوءِ خيبةِ الاملِ المتبادَلةِ بينَه وبين الاميركيينَ والمجتمعِ الدولي، فضلاً عن الشركاءِ الاقليميينَ الذين وجدوا انفسَهم خارجَ اللعبةِ بعدَ سنواتٍ من محاولاتِ التفردِ بها.

واذا كانَ اللبنانيونَ يحتفلونَ بالانجازِ معَ استعدادِهم للاحتفالِ بعيدِ المقاومةِ والتحرير، فانَ العبرَ الاهمَ المستخلَصةَ هي انَ الحوارَ والعيشَ المشتركَ هما خيارُ اللبنانيينَ جميعاً دونَ استثناء، وانَ لبنانَ لا يُحكمُ لا بالعزلِ ولا بالاستئثارِ ولا بالقوة، على أملِ ان لا يكونَ اليومُ الجديدُ مرحلةً عابرةً وانما اعتبارَ الاتفاقِ انجازاً لكلِ الوطن.


مراحل ازمة لبنان منذ بدايتها قبل عام ونصف والى اليوم

مساء الحادي عشر من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر في العام الفين وستة كانت شرارة الأزمة اللبنانية، يومها لم يجد وزراء حركة امل وحزب الله أمامهم سوى الاستقالة كخيار لمواجهة استئثار الموالاة بالسلطة ورفض مبدأ المشاركة في القرار.

المعارضة لجأت إلى الشعب بصفته مصدر القرار، عبر تنظيمها تظاهرات مليونية للمطالبة بحكومة وحدة وطنية أو إجراء انتخابات مبكرة لتأكيد الميول الشعبية، وهو ما رفضه فريق السلطة مصحوباً بدعم دولي وعربي قل نظيره .

الخطوات الميدانية للمعارضة قابلها تصعيد سياسي كلامي وصل إلى حد التهديد بحرق الأخضر اليابس ، والتمترس وراء الفتنة المذهبية لرفض مشاركة الفريق الآخر بالقرار.
ورغم ذلك استمرت الاتصالات والمبادرات العربية والدولية، ولكن كانت العقبة دائماً تصطدم برفض سلطوي وسط إيحاء أميركي ودول ما يسمى الاعتدال العربي .

وأمام الفراغ الرئاسي وتأزم الوضع السياسي، دعا الرئيس نبيه بري المعارضة والموالاة إلى طاولة حوار لبحث مسألتي الخلاف أي حكومة الوحدة الوطنية وقانون الانتخاب بعد التوافق المسبق على العماد ميشال سليمان رئيساً، ولكن السهام السلطوية كانت بالمرصاد لمبادرة رئيس المجلس ، فاتحة النار الكلامية عليها .

الى ان كانت قرارات فجر السادس من أيار/مايو التي ألهبت الأزمة عبر اتخاذ حكومة فؤاد السنيورة قرارًا قضى بإزالة سلاح الإشارة التابع للمقاومة وإقالة قائد جهاز امن المطار، الأمر الذي اعتبرته قيادة المعارضة بمثابة إعلان حرب، ما استدعى اللجوءَ إلى الخيار الشعبي لحماية المقاومة ومحاصرة مخططات الإيقاع بها تنفيذاً للوعد بأن اليد التي تمتد إلى سلاح المقاومة ستقتطع.

ولعل المثل القائل "اشتدي يا أزمة تتفرجي " هو ما انطبق على لبنان إبان هذه الأزمة ،
والذي تمثل بتراجع الفريق الحاكم عن قراراته والذهاب إلى العاصمة القطرية وتوقيع اتفاق لحل المشكلة
كما دعت سابقاً قيادة المقاومة .