مفَارقاتٌ مأساويّةٌ
د. شاكر مطلق
1- ضَغطَ الزِّنادَ ،فانتهَتْ حياتُهُ في لحظاتٍ ، عندها ولِدَتْ أسطورتُهُ :
" هِمنـغواي " ، لا يزال يحيا – برُغم البندقـيّةِ - في شظايا مركب شيخ بحر أحلامه الهائجِ أبداً ...
2 – شَرِبَ كأسُ السُّمِّ ، طوْعاً، وماتَ .
في كلِّ زمانٍ ومكانٍ ، لا يزالُ هناكَ " سقراطٌ " يُقتَلُ ، ولا تزال هناك كؤوسُ سمومٌ تَنتَـظرُ .
3 – احتوى " الحاوي " - إبّان اجتياح الوحش ،المتعفّن الآن ، " شارون " لبيروتَ - الزِّنادَ وضغطَ ، فماتَ .
أصبَح " الحاوي " برحيله سيّدَ الحُواةِ الشّعراء، اللذين يموتون من سُمّها كلّ يومٍ ، دون تِرياقٍ .
الأفعى لا تزال تحيا وتَنهَش ُ فينا ، وتحتفل بالعيد الستين لـموتنا البطيءِ، وبيننا مَن يُصفق لها بغباء ولا يَدري أن دورَه لم يَحِنْ بَعْدُ .
4 – ضرَبَ سيفُ " ديك الجنِّ " الحِمْصِيِّ عنُـقَ حبيبته
" وردٍ " بقوةٍ ، فارتحلتْ إلى أبدية العشقِ المقتولِ غدْراً.
ابن عمّـه ، الوسواسُ الخَنّاسُ " أبو الطّـيّبِ " ، لا يزالُ يشيعُ حولها الوِشاياتِ في سَلَمْيَةَ وحمصَ ، حتى اليومَ .
5- " عُطَـيْلٌ " ضغطَ بقوةٍ ، في عَماء الـغَيْرةٍ ، عنُـقَ زوجهِ
" ديزْدامونةَ " - دَيْدَمونةَ -، فارتحلتْ إلى أبدية العشقِ المَقتولِ غدْراً، مثل " وردٍ " الحِمصيّة قبلَها .
" ياغو " لا يزالُ يشيعُ حولها الوِشاياتِ ،في كلّ مكانٍ ، حتى اليومَ أيضاً، فهلْ يلتَقي " أبو الطّيّب " يوماً ولو في الجحيمِ ؟! .
6 – العبدُ " سْبارتاكوسْ " كسرَ القيودَ وحرَّرَ عبيدَ روما .
من أعلى الصّليبِ هناك ، حيث استقرّ ورفاقُه ، بعَثَ رسالةً إلى البشرية جَمْعاءَ ، وصلَتنا الآن بعد ألفي عام ، لكنها لمْ تحركْـنا بَعْدُ ، في عصر عبودية العَوْلمة الجديد ، فأينَ سنستقِرُّ - إذا ما ثُرْنا يوماً- يا تَرى ؟!.
7 -" خالدُ بن الوليد " مات في فراشه بحمصَ ، وجسمهُ مغطّى بالنّدوبِ والطّعناتِ .
هل نسِيَ أن يُعلِمَ حصانَه عن رحيله النهائيِّ ، ويُنزَلَ عنه أسلحتَه والسّرجَُ واللّجامَ ؟ .
الحصانُ ما زالَ يَصهَلُ بانتظارِ فارسه ...فهل يأتي ؟!
أعلموه الحقيقةَ ، فهو يصرُخ ويَعوي وينتظرُ .
فإلى متى سيَنتظرُ ، مثلنا، يا تَرى ؟...
==========
E.-Mail: mutlak@scs-net.org
المفضلات