نفى العلامة السوري سماحة السيد عبد الله نظام وجود أي محاولة لتشييع الناس في سوريا أو غيرها بالمال، وقال في لقاء خاص مع "إسلام أون لاين.نت":
نسمع كثيرا هذه الأيام عبر الإنترنت والفضائيات والصحافة وعلى لسان فلان الداعية الكبير، وفلان الداعية الصغير، وكل واحد يقول: هناك تشييع للناس بالفلوس، أنا أقول لكم: الإنسان العاقل لا يحتاج إلى بيان في بطلان هذه المقولة إذا كان هناك تشييع للناس بالمال لماذا لا يكون هناك تسنين للناس بالمال، وتمسيح الناس بالمال وصهينة الناس بالمال؟
وتساءل سماحة السيد: هل الناس يبيعون دينهم ودنياهم ومعنوياتهم وشخصياتهم بهذه الطريقة وبهذه البساطة؟! ثم بعد ذلك فالذي يشتري هل هو عاقل أو مجنون؟! كيف أقبل أن أشتري عقيدة شخص بشيء من المال؟ فهذا الذي يبيعني نفسه وضميره وعقيدته كيف لا يبيعها ثانية لمن يدفع له أكثر في المستقبل؟ وما الضمانة أنه لا يفعل ذلك؟
وأكد سماحة السيد أن العقيدة لا تشترى بالمال، ولا تكون بالبيع والشراء، العقيدة تكون بالاقتناع , وأضاف السيد نظام: أريد أن أسأل أولئك الذين يسمون أنفسهم دعاةً، لماذا مثلا لم تثوروا لكثرة خروج الناس عن دينهم؟! لماذا لم تثوروا أمام مشكلة قلة الحياء الموجودة في حياتنا والبعد عن الاحتشام الذي أصبح ظاهرة عامة في حياتنا وثقافتنا ووسائل إعلامنا وكل شيء عندنا؟!
هذا كله لم يثر نفوس هؤلاء، وحتى رفرفة العلم الإسرائيلي وهم يمرون من تحته في بعض العواصم العربية والإسلامية ويرجعون، لم يثر في نفوسهم شيئا، قواعد أمريكية تحتل مناطق واسعة في العالم الإسلامي لم تثر في نفوسهم شيئا، وإنما الذي أثار نفوسهم فقط أنه يقال: إن هناك شخصا تشيع في منطقة الرقة السورية أو الجزيرة السورية، لماذا تروج الشائعات التي لا أساس لها ولمصلحة من؟
وأكد سماحة السيد أن هؤلاء فشلوا في تقديم نموذج واحد يدل على هذا الادعاء، ومع ذلك هم يروجون هذه الشائعات، وينشرونها بين العوام، وهذا مع حمله على أحسن الوجوه من قلة الوعي، ورأى أن هذه أشياء لا ينبغي أن تعالج بهذه الطريقة، وإذا كان هنالك من مشكلة حقيقية في مجال ما فلنلتق كعلماء ولنبحث في المشكلة ولنجد لها حلا، لماذا نريد أن نحلها عبر الصحف، ونحلها عبر الفضائيات؟
وتساءل السيد عبد الله نظام ماذا ينفع الحمال والبقال والإنسان العادي البسيط أن يسمع هذا الكلام من الطرفين؟ وما فائدة سماعه لهذا الكلام غير شحن النفوس والتفرقة والعداوة؟ هؤلاء ألا يتقون الله عز وجل في حفظ هذه الأمة الإسلامية؟! أليسوا مسئولين عنها؟! في الواقع هذه جملة من الأسباب التي تولد التفرقة، فكيف سيحصل الوئام والوحدة بين المسلمين إذا كان هذا حال دعاة الأمة ورعاتها!
واستبعد المرجع الشيعي السوري أن يساهم قيام عدد من الأنظمة السياسية على أساس ديني/مذهبي في تعزيز حدة الصراعات المذهبية في العالم الإسلامي، ورأى أن قيام بعض الأنظمة على أساس ديني أو أساس مذهبي لا يعني أكثر من اختيار طريقة للحياة، وتساءل ما المشكلة في هذه القضية إذا كان أكثرية الناس في بلد معين هم الذين يقبلون ذلك الأساس، فالمسألة هي موافقة الأكثرية.
وأضاف السيد عبد الله أن في السعودية نظاما مذهبيا إسلاميا وفق مذهب معين، لو نسألهم ألا يقولون: نحن نمثل الإسلام بشكل أو بآخر؟! ما يضرنا إذا السعودية قالت: أنا أمثل الإسلام؟ أو إيران قالت: أنا أمثل الإسلام، وهذا الإسلام سني وهذا الإسلام شيعي، وروسية كانت تقول: أنا أمثل الشيوعية، وأمريكا تقول: أنا أمثل الرأسمالية.. ما المشكلة في هذا؟ كل قوم يسيرون بحسب ما يرون وما يعتقدون، هذا ليس فيه مشكلة لكن المشكلة هي في ضيق الأفق الذي في نفوسنا.
شيعة العرب وإيران
وحول علاقة الشيعة العرب بإيران، يرى المرجع الشيعي السوري أن علاقة الشيعة العرب بإيران كعلاقة السنة العرب بباكستان مثلا أو بإندونيسيا، أو بأي دولة إسلامية أخرى، ليس هناك علاقة خاصة، إنما عندنا في المذهب الشيعي ما يسمى بالمرجعية الدينية، يعني أن نعتقد أن إمامة المذهب عندنا لم تنته، والاجتهاد عندنا لم يغلق، إخواننا أهل السنة يقولون: نحن أحناف أو نحن شافعية أو حنابلة أو مالكية أو سلفية في نظرهم أن هنالك مذهبا له أطره العقائدية والفقهية هم ينتمون إليه، وله فروع محددة، محصورة بآراء إمام المذهب، ولكن عندنا لا يزال الاجتهاد مفتوحا، في كل عصر لنا مرجع أو جملة من المراجع يرجع الناس إليهم ويأخذون الفتوى منهم، لذلك بطبيعة الحال لما كانت إيران بلدا معظم سكانه من الشيعة، وجزء كبير من الحوزات العلمية موجود هناك، معنى ذلك أن جزءا من المراجع الشيعة موجود في إيران، والناس يأخذون الفتوى من هؤلاء، أكثر من ذلك ليس لنا علاقة بهم وليس لهم علاقة بنا.
ويضيف السيد نظام: الآن مثلا أهل السنة ألا يأخذون رأي إمام الأزهر بعين الاعتبار، ألا يأخذون آراء رابطة العالم الإسلامي بعين الاعتبار، أو مفتي السعودية لمن كان وهابيا أو سلفيا، ما الفرق بينه وبين أن نأخذ برأي مراجع النجف أو قم بعين الاعتبار، هذه علاقات طبيعية وتقوم بين سائر البشر في موارد المعارف الإنسانية، هل يشك أحد في اتباع الكاثوليك في العالم للبابا في الفاتيكان، هل يعني هذا أنهم فاتيكانيون بالمعنى السياسي، هل يستغني الدارس للفلسفة الحديثة عن الرجوع إلى مؤلفات سبينوزا، وجان جاك روسو، وسارتر و.. هل يعني أن هؤلاء الباحثين سيصبحون بريطانيين أو فرنسيين مثلا، فلماذا هذا الربط بين التشيع وإيران؟
الهلال المقاوم
وحول صحة الحديث عن مسألة الهلال الشيعي تساءل سماحة السيد عبد الله نظام: كيف يمكن أن يكون هناك هلال شيعي في سوريا وسوريا أكثر سكانها سنة؟ وفي لبنان الهلال الشيعي أيضا كيف سيكون حاله، والشيعة في لبنان لا يشكلون أكثر من ثلث السكان؟
ويؤكد السيد نظام: في الحقيقة القضية ليست هكذا، الحقيقة أنه سيكون
هنالك هلال مقاوم لأمريكا وإسرائيل، وهذا الهلال هو شوكة في عيون الخائنين، لذلك هم يتحدثون عنه،
ويقولون ذلك، وإلا ما معنى أن يقال الآن الهلال الشيعي، هل تبدلت الجغرافيا؟ كل هذا الكلام حصل بعد الانتصار الذي حققته المقاومة في جنوب لبنان، وهذا من قلة وعي بعض علمائنا وسياسيينا الذين يمذهبون الإنجاز.
وأكد السيد عبد الله أن الإنجاز من شأنه أن يكون إنجاز الأمة، نحن عندما نتكلم على ما حققه ابن سينا مثلا أو الرازي أو البيروني أو ما حققه أئمة الفقه والحديث بصفة عامة كالفخر الرازي وأبي حنيفة أو الإمام الشافعي... إلخ،
نقول: إنه عطاء الأمة الإسلامية، لا نقول: هذا فلان كذا وأصله كذا وفصله كذا، وهذا من هذا البلد، لا نقول مثلا: إن الإمام البخاري هو انتصار لبخارى، لا، الأمة الإسلامية هي التي أنتجت هذا الرجل، والأمة الإسلامية هي التي أنتجت هذا العالم الكبير في علومه العلمية... إلخ،
الأمة الإسلامية في هذه الحقبة كما أنتجت سابقا يوسف العظمة، وكما أنتجت في تاريخها القديم كثيرا من القادة الذين ثاروا على المحتلين والطغاة ووقفوا في وجههم ودافعوا عن كرامة هذه الأمة، أنتجت في هذا العصر سماحة السيد حسن نصر الله والمقاومة الإسلامية، هؤلاء قدرهم أنهم خلقوا في أرض مجاورة لإسرائيل، واستطاعوا أن يصمدوا في وجه إسرائيل، وأن يحرروا أرضهم من احتلال إسرائيل، هذا إنجاز كبير، لأنه قد فشلت الدول في أن تفعل ذلك، لكنه في النتيجة، هو إنجاز للأمة كلها.
وأكد سماحة السيد أن الدليل على ذلك هو ما ساهمت به كل الأمة لتحقيق هذا الإنجاز، فهو ليس إنجاز المقاتل الذي وقف على خط النار وحده،
لولا أن هنالك مثلا دعما من إيران، ما استطاع هذا المقاوم أن يقف، ولولا أن هنالك دعما من سوريا وأن السلاح كان يمر بطريقة أو بأخرى عبر سوريا، ما استطاع هذا المقاوم أن يقف
ولولا أن هنالك أموالا جاءت من دول الخليج وتعهدت بإعمار ما تهدم، فإن هذا المقاوم لم يستطع أن يحافظ على معنوياته وأن يطمئن على مستقبل عائلته وأولاده، ولولا الاحتضان الذي حصلت عليه العائلات المهجرة بغض النظر عن المذهب أو الدين، حتى إن بعض المقاتلين استودعوا أبناءهم وعيالهم عند بعض العائلات ودون أن يكون هنالك توافق في المذهب وعادوا إلى ساحة القتال، هذا الإنسان لولا أنه وجد هذا الاحتضان في هذه الأمة ما كان بإمكانه أن يحصل على هذا النصر، هذا نصر للجميع حقيقة، ساهم فيه الجميع وفعله الجميع.
وتساءل سماحته: لماذا نمذهب هذا النصر، ونقول: هذا النصر للشيعة؟ وهم صاروا قوة في المنطقة، إذن يا أهل السنة لابد لكم أن تخافوا من الشيعة، لماذا؟؟
هل قال الشيعة: هذا السلاح بيدنا ضدكم أو قالوا: نحن أنجزنا هذا الإنجاز لأنفسنا فقط ولا نريد لكم أي إنجاز في أي جبهة؟؟
نحن كشيعة مع حماس في فلسطين وما قلنا مثلا: يا حماس أنت سنية، وإذا حققت انتصارا على إسرائيل فهو انتصار سني
ولو أن حركة حماس حققت دولة فلسطين وهذا الإنجاز بطبيعة الحال أكبر بكثير من إنجاز المقاومة في جنوب لبنان، هل سنخاف من هذا الإنجاز إذا حصل؟! قطعا لا. هذا إنجاز للأمة الإسلامية.
مذهبة النووي
وتساءل سماحته متعجبا: وعندما حصل الملف النووي الإيراني لماذا هذا الموقف السلبي الذي لا داعي له، أنتم أمامكم ملف نووي إسرائيلي، لماذا لا تتوجسون منه خيفة؟ وإسرائيل متطورة أكثر من إيران بعشر سنوات أو عشرين سنة في هذا الملف، وعندها قنابل نووية تهددكم تهديدا مباشرا، في حرب عام 1973 صرحت جولدا مائير أنها أعطت أمرا بإعداد السلاح النووي لاستخدامه في الحرب إذا اضطرت لذلك، كل القادة وكل الناس يعرفون ذلك من وسائل الإعلام، وما من أحد فتح فمه مقابل ذلك.
كيف تشعرون بالاطمئنان من السلاح النووي الإسرائيلي وتخافون من الملف النووي الإيراني؟ الذي هو ملف سلمي، وهو إنجاز علمي، ولمصلحة الأمة الإسلامية، إن من الواجب على مصر والسعودية ودول الخليج الأخرى أن يقولوا لإيران: أنت عليك أن تتقدمي في هذا المجال ونحن ندعمك!!
ونريد أن تدربي علماءنا عندك في هذا المجال، وأن نتبادل هذه الخبرات والمعلومات، ليصبح كل العالم الإسلامي في مستوى رفيع من التقدم التكنولوجي، اليوم القضية ليست قضية القنبلة النووية، القنبلة النووية هي أسخف إنتاج في الملف النووي، لأن هذه عبارة عن قضية تدميرية.
وأكد سماحته أن أي بلد يملك القدرة لإنتاج هذه التكنولوجيا النووية فإنه سيكون بمقدوره إنتاج السلاح النووي حتى لو لم ينتجها بالفعل، وسيكون بمقدوره أن ينتجها في أي وقت، لن تجدي محاولات تدمير المنشآت النووية، فإن التكنولوجيا لا تدمر بحال، لأنها ترتبط بعقل الإنسان ووجود الإنسان، إن التكنولوجيا النووية لها دخل في الطب وفي الزراعة والصناعة وكثير من القضايا العلمية الفيزيائية والكيميائية، إن تحقيق التكنولوجيا بهذا المجال معناه الدخول إلى عصر العلوم الحديثة والتكنولوجيا الحديثة.
والمفروض على كل العالم الإسلامي أن يستعد لهذا الدخول، وألا يقبل بالوقوف على الباب، لماذا الوقوف على الباب؟! لماذا لا نقول: إننا نريد ملفا نوويا لمصر وللسعودية ولكل دول العالم الإسلامي؟ إذا لم نوافق على برنامج إيران النووي كيف تستطيع مصر مثلا في المستقبل أن تنشئ برنامجا نوويا؟! ولماذا لا تنشئ ذلك أليست دولة مسلمة وعربية كبرى، وتملك من العلماء والخبرات ما يرشحها لذلك، أليست بحاجة في صناعتها وزراعتها وتقدمها التكنولوجي إلى ذلك؟ وكذلك السعودية نفس الشيء وسوريا كذلك، وكل دول العالم الإسلامي.
وتساءل سماحته لماذا يجب أن تكون الذرة، ويكون الفضاء والفيزياء النووية حكرا فقط على أمريكا وعلى إسرائيل وفرنسا وبريطانيا؟! ونحن ننظر إلى هؤلاء، كيف يعملون ويستغلون كل شيء لمصلحتهم ويتحكمون بنا كيف يشاءون، ونحن لا دخل لنا لا بتقدم ولا بعلم ولا بتكنولوجيا، إن مذهبة الإنجاز مؤلمة، وهي في الحقيقة تمثل عدم وعي إن كان أصحابها لا يعون حقيقة ما يفعلون، والأدهى حقيقة أن يكونوا من العملاء ويعرفون ما يقولون وما يفعلون.
التدخل الخارجي
ويؤكد المرجع الشيعي السوري أن التدخل الخارجي هو أساس الصراع المذهبي والطائفي في العالم الإسلامي، وهذا الأمر ظهر على لسان رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي السابق الذي قال بعد أحداث الحادي عشر من أيلول: سنجعلهم يقتتلون فيما بينهم، لم يخف الأمر، وأيضا وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت قالت في مذكراتها ما معناه: نحن أخطأنا في معاهدة سايكس بيكو عندما قسمنا هذه المنطقة إلى دويلات؛ لأن شأن هذه المنطقة أنها منطقة مذاهب وطوائف متصارعة وعشائر، فلو أبقيناها على حالتها القبلية والعشائرية دون أن ننظمها على شكل دول وكيانات كان أحسن لنا،
لأنه إذا أنشأنا فيها دولا فالدول يمكن أن تقوى وتتقدم مع المستقبل، أما لو بقيت عشائر وقبائل ومنطقة صراع مذهبي وطائفي فعندئذ ستكون كل الأمور بيدنا، الغني بحاجة إلينا حتى نحميه، والفقير بحاجة إلينا حتى نطعمه.
وأكد سماحته أن الغرب والأمريكان ليسوا بعيدين عن قضايا الصراع المذهبي وإلا لماذا نجد أحيانا أن هنالك نوعا من الاندفاع باتجاه التأزيم المذهبي والعرقي، ومثل فورة البركان، ففجأة نجد أن القضية الطائفية والمذهبية صارت في قمة الأحداث وقمة الصراع في المنطقة، وبعد ذلك تخبو عشر سنوات أو عشرين سنة لا يُسمع لها حس، والمذاهب موجودة ما غابت عن الساحة، والعلماء موجودون وأتباع المذاهب موجودون ما غابوا عن الساحة، والكتب -كتب السلف- والتي تحتوي كل ما نختلف فيه فيما بيننا، ونشعر أن فيها إساءات موجهة إلى جميع الفرقاء؛ من هذا الفريق لذاك ومن ذاك الفريق لهذا، هي موجودة من ألف سنة وأكثر، ومعروفة عند الجميع، لماذا الآن أصبحت بالنسبة إلينا قميص عثمان، وصرنا نريد أن نختلف عليها وننشر ما فيها ونتقاتل على ما فيها، لماذا الآن!!
لماذا لا نستفيد مما فيها من العلم النافع ونترك الضار ونغض الطرف عنه؟! هل يصح أن نقتتل على الماضي وعلى ما لا دخل لنا فيه، ونترك العمل من أجل الحاضر والمستقبل؟!
أوقفوا أبا لؤلؤة
وتطرق الحديث مع المرجع الشيعي السوري إلى وجود قبر لأبي لؤلؤة المجوسي قاتل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في إيران. فقال: إن أبا لؤلؤة شخصية محتقرة عند المسلمين لأنه ليس معلوم الإسلام أولاً، وثانيا لأنه أول من جرأ الناس على الخلفاء الراشدين بقتله للخليفة عمر بن الخطاب، وما أصاب عثمان وعليا بعد ذلك إنما هو من آثار جرأة أبي لؤلؤة، فلا يوجد سبب لاحترام مثل هذا الرجل الذي تجرأ على الإسلام وعظمائه، والذي ليس هو من المسلمين، وأيضا لماذا يقدس أبو لؤلؤة بعد ذلك!! وما جهة التقديس حتى يجعل له مقام.
وفيما يتعلق بعودة مسألة شتم الصحابة، والمطلوب من أئمة وعلماء المذهب الشيعي لإيقاف هذه التصرفات؟
قال السيد نظام: لا أعتقد أن قضية شتم الصحابة قد رجعت، وإن ما يحصل الآن هو نبش بعض كتب التراث القديمة وإخراج بعض ما فيها وعرضه على العوام، وهذه الكتب تمثل قراءات أو وجهات نظر في تعليل بعض الأحداث المؤلمة، والتي كانت في عصور سابقة مختلفة كان فيها نكبات على المسلمين وعلى بعض المذاهب.
والذين دونوا تلك الكتب كانوا قد قرءوا بعين النكبة ما قرءوا، وعبروا عما حصل لهم أو ما فرضه الظرف السياسي عليهم، ولا أعتقد أن أحدا الآن يحق له أن يتعرض للصحابة رضوان الله تعالى عليهم، أو لأهل البيت عليهم السلام، تلك أمور مضت وانقضت في ظل ظروف سياسية خاصة لدى الفريقين.
ويرى السيد نظام : أننا الآن لا نستطيع أن ندخل إلى كتب التراث وأن نمحو ما فيها من الإساءات لهذا الفريق أو ذاك، لا إلى كتب السنة ولا إلى كتب الشيعة، لأن التدخل في كتب التراث ومحو بعض الأشياء منها يعني أن يدا قد تدخلت وتلاعبت بهذه الكتب، والنتيجة أنها ستفقد قيمتها العلمية وهذه خسارة كبيرة لا يمكن أن تعوض، لذلك فإن الشيء العملي هو أن نغض النظر عما فيها من الهنات، ونترك أمر ما كتب فيها إلى الله عز وجل وهو يحاسب أصحابها عما فعلوه، ونحن نستفيد منها من الناحية العلمية بما فيها من علوم فقط، دون أي شيء آخر.
عائشة ومصحف فاطمة
ويشير السيد نظام إلى التهم التي تنسب إلى الشيعة فيما يخص السيدة عائشة رضوان الله تعالى عليها، ويقول إن البعض يتهم الشيعة بنسبة أشياء إلى أم المؤمنين هم لا يعتقدون بها ولا يقرونها، فإن شيعة أهل البيت عليهم السلام يعتقدون أن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم عن كل ما يعاب به من الولادة إلى الوفاة، وعن كل ما يمثل خطأ في أمور الدين والدنيا، لافتا إلى أن الشيعة في هذا الاعتقاد قريبون من عقيدة الإمام أبي منصور الماتريدي إمام العقيدة للمذهب الحنفي، وإذا كان النبي معصوما عن كل ما يعاب به، فأول ما يعاب به الإنسان ما يرجع إلى عياله وعرضه وطهارة بيته، ومن ثم لا يمكن لأي نبي من الأنبياء على الإطلاق أن يصاب بأذى في أهله من جهة طهارتهن وعفتهن.
وفي القرآن الكريم لما ذكر الله عز وجل امرأة نوح وامرأة لوط قائلا: {كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا} [التحريم:10]. فإن الخيانة هنا عقائدية وليست خيانة بمعنى الشرف والعرض، ولذلك نحن لا نعتقد أصلا بأن هنالك احتمالا أو فرضية تقول: إن إحدى نساء النبي قد زنت والعياذ بالله، هذا محال في عقيدتنا ولا يحصل، نعم يمكن أن تخالف زوجة النبي في عقيدته، ويمكن أن يكون أي شيء في العلاقة فيما بينهما كشخصين، أما أن يكون هنالك خروج عما هو فيه عفاف وطهارة فهذا لا يمكن أن يكون، لأنه خلاف عصمته، ولأنه يوجب النفرة منه.
وتعجب سماحته من هؤلاء الذين تكلموا كثيرا حول هذه القضية دون بحث ولا دراية، وقال: كتبنا الكلامية والعقائدية صريحة في هذا المجال، وإذا كان أحد من المصنفين ينسب هذا إلينا فنحن نبرأ من هذه النسبة، ونبرأ من هذا المصنف أيضا.
أما حول ما يشاع من وجود مصحف للسيدة فاطمة غير القرآن الكريم الموجود بين أيدي الجميع فيقول السيد نظام: أنا أتمنى أن يأتيني أحد بنسخة منه، السيدة الزهراء عليها السلام جدتي وأنا أحب أن أتعرف على تراثها، فلو أن أحدا عنده نسخة فليأتني بها، لا أعرف أن هنالك نسخة موجودة من هذا المصحف، ما هو موجود عندنا وفي تراثنا أن هنالك مصحفا كتبته السيدة الزهراء عليها السلام بخط يدها وأملى عليها أبوها رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد ذلك زوجها علي عليه السلام شيئا من تفسير بعض الآيات أو بيان بعض الأحكام، هذا هو الذي عند الزهراء رضي الله عنها، وهذا مفقود وليس موجودا، وليس له أي أثر على الإطلاق، نعم هو مذكور في بعض الروايات، ومذكور أنه عند الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه، ولكن من يصل إلى الإمام المهدي حتى يعرف ما هو هذا الكتاب؟! في الواقع ليس لهذا الكتاب أي وجود.
المفضلات