حَدَّثَّنَا عِيسَى بْنُ هِشَامِ قَالَ:
غَزَوْتُ الثَّغْرَ بِقَزْوِينَ، سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ، فِيَمْن غَزَاهُ، فَما أَجَزْنَا حَزْناً، إِلاَّ هَبَطْنَا بَطْناً، حَتَّى وَقَفَ المَسِيُر بِنَا عَلَى بَعْضِ قُرَاهَا، فَمَالتِ الهَاجِرَةُ بِنَا إِلى ظِلَّ أَثَلاثٍ، في حُجْرتَهِا عَيْنٌ كَلِسَانِ الشَّمْعَةِ، أَصْفَى مِنَ الدَّمْعَةِ، تَسِيحُ فِي الرَّضْرَاضِ سَيْحَ النَّضْنَاضِ ، فَنِلْنَا مِنَ الطَّعَامِ مَا نِلْنَا، ثُمَّ مِلْنَا إِلى الظِّلِّ فَقِلْنَا، فَمَا مَلَكَنَا النَّوْمُ حَتَّى سَمِعْنَا صَوْتاً أَنْكَرَمِنْ صَوْتِ حِمَارٍ، وَرَجْعاً أَضْعَفَ مِنْ رَجْعِ الحُوَارِ، يَشْفَعُهُمَا صَوْتُ طَبْلٍ كَأَنَّهُ خَاِرٌج مِنْ ما ضِغَيْ أَسَدٍ، فَذَادَ عَنِ القَومِ، رَائِدَ النَّوْمِ، وَفَتَحْتُ التَّوْأَمَتَيْنِ إِلَيْهِ وَقَدْ حَالَتِ الأَشْجَارُ دُونَهُ، وَأَصْغَيْتُ فَإِذَا هُوَ يَقُولُ، عَلى إِيَقاعِ الطُّبُولِ:
أَدْعُو إِلَـى اللهِ فَهَـلْ مِـنْ مُجِيـبْ
إِلي ذَراً رَحْبٍ وَمَرْعىً خَصِيـبْ
وَجَــنَّــةٍ عَـالِـيَــةٍ مَــــا تَــنِـــى
قُطُـوُفـهـا دَانِـيَــةً مَـــا تَـغِـيــبْ
يَـاقَــومُ إِنِّــــي رَجُــــلٌ تَــائِــبٌ
مِـنْ بَلَـدِ الكُفْـرِ وأَمْـرِي عَجِيـبْ
إِنْ أَكُ آَمَــنْـــتُ فَــكَـــمْ لَـيْــلَــةٍ
جحَـدْتُ رَبِّـي وَأَتَـيْـتُ المُـريـبْ
يَــــا رَبَّ خِـنْـزيــرٍ تَمَـشَّـشْـتُـهُ
وَمُسْكِرٍ أَحْـرَزْتُ مِنْـهُ النَّصِيـبْ
ثُـــمَّ هَــدَانــي اللهُ وَانْـتَـاشَـنِـي
مِنْ ذِلَّةِ الكُفْرِ اجْتِهَادُ المُصِيـبْ
فَظَلْتُ أَخْفِي الدِّينَ فـي أُسْرَتِـي
وأَعْــبِــدُ اللهَ بِـقَــلْــبٍ مُـنِــيــبْ
أَسْـجِـدُ لـــلاَّتِ حِـــذَارَ الـعِــدَى
وَلا أَرَى الكَعْبَـةَ خَـوْفَ الرَّقِيـبْ
وَأَسْــــــــأَلُ اللهَ إِذا جَــنَّـــنِـــي
لَيْـلٌ وأَضْنَـانِـيَ يَــوْمٌ عَصِـيـبْ
رَبِّ كَــمَـــا أَنَّـــــكَ أَنْـقَـذْتَــنِــي
فَنَجِّـنِـي إِنِّـــيَ فـيِـهِـمْ غَـرِيــبْ
ثُـمَّ اتَّـخَـذْتُ اللَّـيْـلَ لَــي مَرْكـبـاً
وَمَا سِوَى العَزْمِ أَمَامَـي جَنِيـبْ
فَقَـدْكَ مِـنْ سَيْـرِيَ فـشـي لَيْـلـةٍ
يِكِـادُ رأَسُ الطِّفْـلِ فيهَـا يَشِيـبْ
حَـتَّـى إِذَا جُــزْتُ بِــلادَ الـعِــدَى
إِلَى حِمَى الدِّين نَفَضْتُ الوَجِيبْ
فَقُـلْـتُ: إِذْ لاَحَ شِـعَـارُ الـهُــدَى
المفضلات