Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958
الثُّعبان حَيوان مُخيف وأليف

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: الثُّعبان حَيوان مُخيف وأليف

  1. #1
    جامعة هلسنكي الصورة الرمزية أ. د. حسيب شحادة
    تاريخ التسجيل
    09/04/2008
    المشاركات
    47
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي الثُّعبان حَيوان مُخيف وأليف

    الثُّعبان حَيوان مُخيف وأليف
    وذو قيمة غذائية فاخرة في بعض بلدان العالم!
    أ. د. حسيب شحادة
    جامعة هلسنكي

    من النادر جدا أن نجد انسانا عاقلا لا يقشعرّ بدنُه وينفر ويشمأزّ عند معاينته لثعبان بشكل مفاجيء، فالثعبان من أغرب الحيوانات، لا أطراف له ولا فراء أو ريش بل حراشف تعلوها طبقة جلدية ناعمة تتبدل مع مرور الوقت، إلا أن سمعتَه سيئةٌ منذ آلاف السنين وهناك ما يقارب الثلاثة آلاف صنف من هذا المخلوق والأكثرية الساحقة غير سامّة )أنظر معجم الأفاعي والحيّات للأستاذ عبد العزيز بنعبد الله(. ففي أمريكا، على سبيل المثال، حوالي مائة نوع من الثعابين وفي فلسطين قرابة الأربعين صنفا وفي انجلترا ثلاثة أنواع فقط وهناك ثعبان بحري واحد بعيش في أعماق المياه في المكسيك، ومن الجديز بالتنويه أن هذا الحيوان لا يعيش في الأماكن الباردة، ففي منطقة القطب الشمالي برمته نوع واحد فقط من الثعابين وأبعد مكان لوجوده في الجنوب هو جنوب الأرجنتين. بعبارة وجيزة، لا تعيش الثعابين في أقصى الشمال ولا في أقصى الجنوب لبرودة دمها وتأثرها بالجو المحيط بها كما ولا وجود لها مثلا في نيوزيلندا وإيرلندا. ويتراوح عمر الثعبان بين 15-25 عاما ومن الثعابين ما هو سام كالصل الأسود وما هو نصف سام كأبي العيون وأبي السيور الشجري وغير سام كالدفان والخضاري والبسباس والأرقم )الحنش(. وهذا الحيوان الزاحف غير اجتماعي فبعد التزاوج يسير كل من الذكر والأنثى في طريق آخر، تضع الأفعى البيض وتتركها لتفقس بعد شهر تقريبا وهناك أفاع تلد. ومن المعروف أن الثعابين في الديار المقدسة تستيقظ من سباتها الشتوي في بداية شهر آذار وتخرج من جحورها سعيا وراء الغذاء والجماع. والثعبان الخبيث، أفعى سامة، المدعو بالعبرية “صيفع” أي viper، وهو ذو طبع عدائي هجومي وسمّه وفير وقاتل ويستخدم هذا السمّ للصيد وللدفاع عن النفس. والثعابين مدرجة ضمن قائمة المحميات الطبيعية في دولة إسرائيل إذ أنها من المبيدات الطبيعية للكثير من القوارض الضارة. هناك معادلة بسيطة حدثت في الهند في الفترة الأخيرة، تناقص عدد الثعابين أدى إلى زيادة الفئران والجرذان ونتج عن ذلك تناقص حادّ في محصول القمح. منذ نصف قرن من الزمان ونيّف والطلب على جلود الأفاعي في الغرب قي ازدياد ملحوظ لصناعة الحقائب والأحذية والأحزمة الخ. الفاخرة. ويبدو أن أطول ثعبان للأناكوندا الخضراء في أمريكا الجنوبية (Eunectes murenus) قد وصل إلى أحد عشر مترا وأربعين سم.

    حوّاء والثعبان

    والثعبان، كما هو معروف، كان قد أغرى حوّاء وآدم لتناول ثمرة شجرة العلم والمعرفة كما وردت قصة ذلك في الفصل الثالث من سفر التكوين في العهد القديم. بعبارة أخرى كان الثعبان سبب الخطيئة الأولى وجاء في مستهل الفصل المذكور "وكانت الحية أحيلَ جميع حيوانات البريّة التي خلقها الربُّ الإله". وقد تلقّى الثعبان عقابَه على إغرائه حواء وكان ذلك كما جاء في نفس الفصل لاحقا "لأنكِ فعلتِ هذا فأنت ملعونة من بين جميع البهائم وجميع وحوش البَرّ. على بطنك تزحفين وترابا تأكلين طولَ أيام حياتك. بينكِ وبين المرأة أقيمُ عداوةً وبين نسلك ونسلها فهو يترقّب منكِ الرأس وأنتِ تترقبين العَقِبَ".
    بالرغم من هذا فلا مبرّرَ علميا لهذه السمعة السيئة للثعابين إذ أن معظمَها غير ضارّ بل وفي حالات عديدة ذات فائدة للانسان كما أسلفنا. ربما كان في طبيعة حياة هذا الحيوان من الخفية والتربص عامل في سمعتها السلبية. أضف إلى ذلك أن الكثيرين من الناس لا يعرفون الكثير من المعلومات الصحيحة عن هذا الحيوان، فمنهم من يقول إنه لزج الملمس مثلا في حين أن جلدَه أملس. والثعبان ينام وعيناه مفتوحتان بدون جفون ولسانه المشقوق هو حاسة الشم لدىه وهناك فتحتان صغيرتان للتنفس وأسنان ملتوية ولا أذن خارجية له ومع ذلك فهو يسمع ولا مخالب له. وفي الواقع أقرب أقارب الثعابين ليست الديدان كما قد يظن البعض بل بعض التماسيح فلا وجود لأعمدة فقارية في الديدان في حين أن لبعض أنواع الثعابين حوالي أربعمائة عظمة. وللثعبان قلب ومعدة وكبد وكليتان وأمعاء ورئة واحدة على الغالب الأعم والمخ في الرأس إلا أنه أصغر مما في القطط والكلاب على سبيل المثال. ويستدل من الأبحاث العلمية أنه في البداية، قبل ملايين من السني،ن كانت للثعابين أرجل إلا أنها قد تلاشت على مر الأزمنة والعصور أي قبل مائة وعشرين مليون سنة ونيّف. والثعابين تزحف وتسبح وتتسلق الشجر والدور ومن العسير جدا التمييز بين الذكر والأنثى. ويبدو أن لا حياة أسرية في عالم الثعابين ويبدأ التزاوج في المناطق المعتدلة في الربيع وقد يتخاصم ذكران من أجل أنثى واحدة والتلقيح لمرة واحدة ويذهب كل منهما في طريقه. وطعام الثعابين حيواني وبعض الأنواع يأكل بعضه البعض بلعا حيا أو بعد قتله وقد تستمر عملية الهضم عدة أيام. وفي الثعابين السامة توجد غدّة وراء العين حيث يكون السم الزعاف وفي حالات أخرى هناك ما يدعى بإبرة المحقن من قناة إلى سن جوفاء. ففي الحالات الجدّ سامة تؤدي قطرة واحدة من السم لقتل إنسان ومثل هذا السم غير ضار إذا بلع. ولذلك جرت العادة في عدة مجتمعات في شقّ الجلد في موضع اللدغة ومصّ السم وقذفه إلا أن ذلك غير محبذ اليوم وذلك لمنع مضاعفات جرثومية. وأفضل تصرف إثر لدغة الأفعى هو عدم التحرك الزائد، الاستلقاء للحؤول دون تدفق السم في الأوعية الدموية، ونقل المصاب إلى أقرب مستشفى بأسرع ما يمكن. وفق الطب الحديث لا حاجة لرباط ضاغط إلا أن ضمادات الماء البارد أو الثلج قد تفيد.
    والكوبرا المصرية ذات شهرة لأنها كانت رمزا للملكية في مصر القديمة إذ أنها كانت تزيّن وسط التاج وهي ليست من قاذفات السم. وأكبر الثعابين السامة هو كوبرا الملك في الهند إذ يصل طوله إلى حوالي خمسة أمتار ونصف وهي لا تأكل إلا بعضها البعض. والكوبرا ذات ألوان فهناك البرتقالية والصفراء والسوداء. أما ثعابين المامبا فتعيش على الشجر في إفريقيا بعضها أسود والآخر أخضر. وتعتبر قارة أستراليا أكثر القارات نصيبا من الثعابين السامّة في العالم. ومن أسماء الثعابين في الديار المقدسة الكوبرا المصرية السوداء في جنوب الضفة الغربية؛ الأفعى الصحراوية، أفعى السجادة؛ الحية المقرنة )ذات قرن( أو أم جنيب )حركة جانبية(؛ الحية النفاثة أو النوامة أو أم شوكة أو أم مشكي؛ الحية الزعرة وهي قصيرة وسريعة؛ الحنيش وهو ثعبان طويل؛ والحية الطرشاء وهي قاتلة ولونها بني على احمرار؛ الثعبان الفلسطيني والسوري وهما خطران يصل طولهما مترا ونصف المتر وهناك ثعابين عمياء تعيش عادة تحت الأرض والعربيد النقدي والجميل وأحمر الرأس. وهناك أسماء كثيرة وفق اللهجات الفلسطينية مثل “الحية الجدرا” وهي سامة. ونشير أن عدد الأفاعي السامة في البلاد تسع من ضمن قرابة أربعين ثعبانا ومن الممكن إضافة صنف جديد اكتشفه الباحث الفلسطيني وليد الباشا من جنين وحاصل على شهادة الدكتوراة من اليابان في علم الفيروسات الجزئي. لون هذا الثعبان الجنيني القصير حوالي 30سم وغير السام بني وفي رقبته حلقة سميكة سوداء وتوجد بقع سوداء فوق الأنف والعين وخط أسود أيضا أسفل الذقن. وتوجد قصص تراثية عن سعد الخبايا الذي تفيع في أيامه الحيايا والأمثال كثيرة مثل إن الأفاعي وإن لانت ملامسُها عند التقلّب في أنيابها العطب ويقال عن فلان إنه “مثل حية التبن” للتعبير عن خبثه ومكره وما أكثر هذا الصنف في مجتمعنا البشري المأزوم.

    الثعابين المائية

    وهناك ثعابين مائية فالمحيطات تغطي أكثر من ثلاثة أرباع سطح الأرض وقد يصل عمقها في بعض البقاع إلى حوالي ثمانية كيلومترات، والآداب العالمية تزخر بالحكايات والأساطير حول الثعابين العملاقة والمخيفة كتلك ذات رأس الحصان التي يصل طولُها إلى مائة وثمانين مترا وفحيحها مزمجر كالعاصفة الهوجاء وبوسعها ابتلاع الزوارق. والحقيقة غير ذلك إذ أن أكبر الثعابين المائية لا يصل طولُه إلى أكثرَ من مترين ونصف ومعظمها لا يتجاوز التسعين سم. ومن الفوارق البارزة ما بين الثعابين البحرية وتلك البرية أن في الأولى فتحة الأنف موجودة على قمة الرأس وذيلها كالمجداف ولا خياشيم لها وكلها سامة. ويُشار إلى أن الجرذون والنمس والقنفذ والعنكبوت والأرول والنمل وطائر السكرتير الإفريقي الكبير من ألدّ أعداء الثعابين والقنفذ ذو مناعة ضد سم الكثير من أصناف الأفاعي. وبالرغم من هذا فلا ريب أن العدو الأعظم للثعابين هو الانسان الذي يصطادها في العديد من الأحيان من أجل جلودها الملساء ومن أهم وسائل الدفاع لدى هذا الحيوان الزاحف المريع قدرته على التلون وفق محيطه وإفراز روائح كريهة وإصدار الفحيح إلا أن القول "الهرب تلتين المراجل" بالنسبة للبشر منطبق على الأفاعي أيضا. ويمكن القول إن رعب الأفعى من الإنسان قد يفوق هلعه منها.

    الغذاء الفاخر

    وأخيرا نقول إن الأغلبية الساحقة 92% من ثعابين العالم غير سامّة وغير ضارة بل ومفيدة في الكثير من الحالات فهي تقضي على الحوافر والقوارض التي تلحق أضراراً جسيمة بالمحصولات الزراعية ولا سيما القمح. أضف إلى ذلك أن الثعابين تعتبر غذاء فاخرا في بعض أنحاء العالم مثلا الصين. ولا بدّ من ذكر المنفعة العظيمة من الثعابين السامة إذ أن سمها يشفي كما أنه يقتل ولذلك تظهر صورة الأفعى على لافتات الصيدليات. وهناك من يعتقد أن سُمّ الأفعى نافع لمعالجة حالة العقم عند الرجل عامة ومن المعتقدات الشعبية الرائجة في المجتمعات التقليدية كالعربية أن إحراق ثوب الأفعى وتقريبه لعين مصابة بالعمى تشفى كما أن للزيوت المستخرجة من الثعابين فاعلية في إنبات الشعر في الرأس الأصلع. أضف إلى ذلك الاعتقاد بأن التكحل بذيل الثعبان يقوي حاسّة البصر.
    وبالرغم من سهولة تربية الثعبان في المنازل مقارنة بحيوانات ثديية وطيور فإن الانسان عامة ما زال ينفر من ذلك وقلما يُقبل على مثل هذه الهواية. وفي هذا السياق ينبغي ذكر تلك الأفاعي الأسمنتية ذات الثمانية أمتار طولا ومئات الكيلومترات ارتفاعا وهي تلدغ وتفرق أوصال الضفة، أوصال الفلسطينيين، أهالي الديار المقدسة.


  2. #2
    جامعة هلسنكي الصورة الرمزية أ. د. حسيب شحادة
    تاريخ التسجيل
    09/04/2008
    المشاركات
    47
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي الثُّعبان حَيوان مُخيف وأليف

    الثُّعبان حَيوان مُخيف وأليف
    وذو قيمة غذائية فاخرة في بعض بلدان العالم!
    أ. د. حسيب شحادة
    جامعة هلسنكي

    من النادر جدا أن نجد انسانا عاقلا لا يقشعرّ بدنُه وينفر ويشمأزّ عند معاينته لثعبان بشكل مفاجيء، فالثعبان من أغرب الحيوانات، لا أطراف له ولا فراء أو ريش بل حراشف تعلوها طبقة جلدية ناعمة تتبدل مع مرور الوقت، إلا أن سمعتَه سيئةٌ منذ آلاف السنين وهناك ما يقارب الثلاثة آلاف صنف من هذا المخلوق والأكثرية الساحقة غير سامّة )أنظر معجم الأفاعي والحيّات للأستاذ عبد العزيز بنعبد الله(. ففي أمريكا، على سبيل المثال، حوالي مائة نوع من الثعابين وفي فلسطين قرابة الأربعين صنفا وفي انجلترا ثلاثة أنواع فقط وهناك ثعبان بحري واحد بعيش في أعماق المياه في المكسيك، ومن الجديز بالتنويه أن هذا الحيوان لا يعيش في الأماكن الباردة، ففي منطقة القطب الشمالي برمته نوع واحد فقط من الثعابين وأبعد مكان لوجوده في الجنوب هو جنوب الأرجنتين. بعبارة وجيزة، لا تعيش الثعابين في أقصى الشمال ولا في أقصى الجنوب لبرودة دمها وتأثرها بالجو المحيط بها كما ولا وجود لها مثلا في نيوزيلندا وإيرلندا. ويتراوح عمر الثعبان بين 15-25 عاما ومن الثعابين ما هو سام كالصل الأسود وما هو نصف سام كأبي العيون وأبي السيور الشجري وغير سام كالدفان والخضاري والبسباس والأرقم )الحنش(. وهذا الحيوان الزاحف غير اجتماعي فبعد التزاوج يسير كل من الذكر والأنثى في طريق آخر، تضع الأفعى البيض وتتركها لتفقس بعد شهر تقريبا وهناك أفاع تلد. ومن المعروف أن الثعابين في الديار المقدسة تستيقظ من سباتها الشتوي في بداية شهر آذار وتخرج من جحورها سعيا وراء الغذاء والجماع. والثعبان الخبيث، أفعى سامة، المدعو بالعبرية “صيفع” أي viper، وهو ذو طبع عدائي هجومي وسمّه وفير وقاتل ويستخدم هذا السمّ للصيد وللدفاع عن النفس. والثعابين مدرجة ضمن قائمة المحميات الطبيعية في دولة إسرائيل إذ أنها من المبيدات الطبيعية للكثير من القوارض الضارة. هناك معادلة بسيطة حدثت في الهند في الفترة الأخيرة، تناقص عدد الثعابين أدى إلى زيادة الفئران والجرذان ونتج عن ذلك تناقص حادّ في محصول القمح. منذ نصف قرن من الزمان ونيّف والطلب على جلود الأفاعي في الغرب قي ازدياد ملحوظ لصناعة الحقائب والأحذية والأحزمة الخ. الفاخرة. ويبدو أن أطول ثعبان للأناكوندا الخضراء في أمريكا الجنوبية (Eunectes murenus) قد وصل إلى أحد عشر مترا وأربعين سم.

    حوّاء والثعبان

    والثعبان، كما هو معروف، كان قد أغرى حوّاء وآدم لتناول ثمرة شجرة العلم والمعرفة كما وردت قصة ذلك في الفصل الثالث من سفر التكوين في العهد القديم. بعبارة أخرى كان الثعبان سبب الخطيئة الأولى وجاء في مستهل الفصل المذكور "وكانت الحية أحيلَ جميع حيوانات البريّة التي خلقها الربُّ الإله". وقد تلقّى الثعبان عقابَه على إغرائه حواء وكان ذلك كما جاء في نفس الفصل لاحقا "لأنكِ فعلتِ هذا فأنت ملعونة من بين جميع البهائم وجميع وحوش البَرّ. على بطنك تزحفين وترابا تأكلين طولَ أيام حياتك. بينكِ وبين المرأة أقيمُ عداوةً وبين نسلك ونسلها فهو يترقّب منكِ الرأس وأنتِ تترقبين العَقِبَ".
    بالرغم من هذا فلا مبرّرَ علميا لهذه السمعة السيئة للثعابين إذ أن معظمَها غير ضارّ بل وفي حالات عديدة ذات فائدة للانسان كما أسلفنا. ربما كان في طبيعة حياة هذا الحيوان من الخفية والتربص عامل في سمعتها السلبية. أضف إلى ذلك أن الكثيرين من الناس لا يعرفون الكثير من المعلومات الصحيحة عن هذا الحيوان، فمنهم من يقول إنه لزج الملمس مثلا في حين أن جلدَه أملس. والثعبان ينام وعيناه مفتوحتان بدون جفون ولسانه المشقوق هو حاسة الشم لدىه وهناك فتحتان صغيرتان للتنفس وأسنان ملتوية ولا أذن خارجية له ومع ذلك فهو يسمع ولا مخالب له. وفي الواقع أقرب أقارب الثعابين ليست الديدان كما قد يظن البعض بل بعض التماسيح فلا وجود لأعمدة فقارية في الديدان في حين أن لبعض أنواع الثعابين حوالي أربعمائة عظمة. وللثعبان قلب ومعدة وكبد وكليتان وأمعاء ورئة واحدة على الغالب الأعم والمخ في الرأس إلا أنه أصغر مما في القطط والكلاب على سبيل المثال. ويستدل من الأبحاث العلمية أنه في البداية، قبل ملايين من السني،ن كانت للثعابين أرجل إلا أنها قد تلاشت على مر الأزمنة والعصور أي قبل مائة وعشرين مليون سنة ونيّف. والثعابين تزحف وتسبح وتتسلق الشجر والدور ومن العسير جدا التمييز بين الذكر والأنثى. ويبدو أن لا حياة أسرية في عالم الثعابين ويبدأ التزاوج في المناطق المعتدلة في الربيع وقد يتخاصم ذكران من أجل أنثى واحدة والتلقيح لمرة واحدة ويذهب كل منهما في طريقه. وطعام الثعابين حيواني وبعض الأنواع يأكل بعضه البعض بلعا حيا أو بعد قتله وقد تستمر عملية الهضم عدة أيام. وفي الثعابين السامة توجد غدّة وراء العين حيث يكون السم الزعاف وفي حالات أخرى هناك ما يدعى بإبرة المحقن من قناة إلى سن جوفاء. ففي الحالات الجدّ سامة تؤدي قطرة واحدة من السم لقتل إنسان ومثل هذا السم غير ضار إذا بلع. ولذلك جرت العادة في عدة مجتمعات في شقّ الجلد في موضع اللدغة ومصّ السم وقذفه إلا أن ذلك غير محبذ اليوم وذلك لمنع مضاعفات جرثومية. وأفضل تصرف إثر لدغة الأفعى هو عدم التحرك الزائد، الاستلقاء للحؤول دون تدفق السم في الأوعية الدموية، ونقل المصاب إلى أقرب مستشفى بأسرع ما يمكن. وفق الطب الحديث لا حاجة لرباط ضاغط إلا أن ضمادات الماء البارد أو الثلج قد تفيد.
    والكوبرا المصرية ذات شهرة لأنها كانت رمزا للملكية في مصر القديمة إذ أنها كانت تزيّن وسط التاج وهي ليست من قاذفات السم. وأكبر الثعابين السامة هو كوبرا الملك في الهند إذ يصل طوله إلى حوالي خمسة أمتار ونصف وهي لا تأكل إلا بعضها البعض. والكوبرا ذات ألوان فهناك البرتقالية والصفراء والسوداء. أما ثعابين المامبا فتعيش على الشجر في إفريقيا بعضها أسود والآخر أخضر. وتعتبر قارة أستراليا أكثر القارات نصيبا من الثعابين السامّة في العالم. ومن أسماء الثعابين في الديار المقدسة الكوبرا المصرية السوداء في جنوب الضفة الغربية؛ الأفعى الصحراوية، أفعى السجادة؛ الحية المقرنة )ذات قرن( أو أم جنيب )حركة جانبية(؛ الحية النفاثة أو النوامة أو أم شوكة أو أم مشكي؛ الحية الزعرة وهي قصيرة وسريعة؛ الحنيش وهو ثعبان طويل؛ والحية الطرشاء وهي قاتلة ولونها بني على احمرار؛ الثعبان الفلسطيني والسوري وهما خطران يصل طولهما مترا ونصف المتر وهناك ثعابين عمياء تعيش عادة تحت الأرض والعربيد النقدي والجميل وأحمر الرأس. وهناك أسماء كثيرة وفق اللهجات الفلسطينية مثل “الحية الجدرا” وهي سامة. ونشير أن عدد الأفاعي السامة في البلاد تسع من ضمن قرابة أربعين ثعبانا ومن الممكن إضافة صنف جديد اكتشفه الباحث الفلسطيني وليد الباشا من جنين وحاصل على شهادة الدكتوراة من اليابان في علم الفيروسات الجزئي. لون هذا الثعبان الجنيني القصير حوالي 30سم وغير السام بني وفي رقبته حلقة سميكة سوداء وتوجد بقع سوداء فوق الأنف والعين وخط أسود أيضا أسفل الذقن. وتوجد قصص تراثية عن سعد الخبايا الذي تفيع في أيامه الحيايا والأمثال كثيرة مثل إن الأفاعي وإن لانت ملامسُها عند التقلّب في أنيابها العطب ويقال عن فلان إنه “مثل حية التبن” للتعبير عن خبثه ومكره وما أكثر هذا الصنف في مجتمعنا البشري المأزوم.

    الثعابين المائية

    وهناك ثعابين مائية فالمحيطات تغطي أكثر من ثلاثة أرباع سطح الأرض وقد يصل عمقها في بعض البقاع إلى حوالي ثمانية كيلومترات، والآداب العالمية تزخر بالحكايات والأساطير حول الثعابين العملاقة والمخيفة كتلك ذات رأس الحصان التي يصل طولُها إلى مائة وثمانين مترا وفحيحها مزمجر كالعاصفة الهوجاء وبوسعها ابتلاع الزوارق. والحقيقة غير ذلك إذ أن أكبر الثعابين المائية لا يصل طولُه إلى أكثرَ من مترين ونصف ومعظمها لا يتجاوز التسعين سم. ومن الفوارق البارزة ما بين الثعابين البحرية وتلك البرية أن في الأولى فتحة الأنف موجودة على قمة الرأس وذيلها كالمجداف ولا خياشيم لها وكلها سامة. ويُشار إلى أن الجرذون والنمس والقنفذ والعنكبوت والأرول والنمل وطائر السكرتير الإفريقي الكبير من ألدّ أعداء الثعابين والقنفذ ذو مناعة ضد سم الكثير من أصناف الأفاعي. وبالرغم من هذا فلا ريب أن العدو الأعظم للثعابين هو الانسان الذي يصطادها في العديد من الأحيان من أجل جلودها الملساء ومن أهم وسائل الدفاع لدى هذا الحيوان الزاحف المريع قدرته على التلون وفق محيطه وإفراز روائح كريهة وإصدار الفحيح إلا أن القول "الهرب تلتين المراجل" بالنسبة للبشر منطبق على الأفاعي أيضا. ويمكن القول إن رعب الأفعى من الإنسان قد يفوق هلعه منها.

    الغذاء الفاخر

    وأخيرا نقول إن الأغلبية الساحقة 92% من ثعابين العالم غير سامّة وغير ضارة بل ومفيدة في الكثير من الحالات فهي تقضي على الحوافر والقوارض التي تلحق أضراراً جسيمة بالمحصولات الزراعية ولا سيما القمح. أضف إلى ذلك أن الثعابين تعتبر غذاء فاخرا في بعض أنحاء العالم مثلا الصين. ولا بدّ من ذكر المنفعة العظيمة من الثعابين السامة إذ أن سمها يشفي كما أنه يقتل ولذلك تظهر صورة الأفعى على لافتات الصيدليات. وهناك من يعتقد أن سُمّ الأفعى نافع لمعالجة حالة العقم عند الرجل عامة ومن المعتقدات الشعبية الرائجة في المجتمعات التقليدية كالعربية أن إحراق ثوب الأفعى وتقريبه لعين مصابة بالعمى تشفى كما أن للزيوت المستخرجة من الثعابين فاعلية في إنبات الشعر في الرأس الأصلع. أضف إلى ذلك الاعتقاد بأن التكحل بذيل الثعبان يقوي حاسّة البصر.
    وبالرغم من سهولة تربية الثعبان في المنازل مقارنة بحيوانات ثديية وطيور فإن الانسان عامة ما زال ينفر من ذلك وقلما يُقبل على مثل هذه الهواية. وفي هذا السياق ينبغي ذكر تلك الأفاعي الأسمنتية ذات الثمانية أمتار طولا ومئات الكيلومترات ارتفاعا وهي تلدغ وتفرق أوصال الضفة، أوصال الفلسطينيين، أهالي الديار المقدسة.


  3. #3
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    02/02/2008
    المشاركات
    75
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: الثُّعبان حَيوان مُخيف وأليف

    أحييك اخي الكريم على هذا الموضوع الرائع , فقد كنت احسبك خبيرا في علم اللغة واذا بك خبير في مواضيع اخرى , لقد كنت اتجول في قارب مع مرشد في بحيرة من بحيرات نهر الأمازون في البرازيل , عندما اخبرني المرشد عن ثعبان الاناكوندا الشهير , وذكر لي ان بامكان هذا الثعبان ان يلتف على ثورين كبيرين ويعصرهما عصرا - وهذه طريقته في شل حركة فريسته ومن ثم التهامها - بل ويحطم عظامهما , كما ان بامكانه ان يقلب قاربا كبيرا , واضاف ان السلطات الامنية المسؤلة عن نهر الامازون وجدت ثعبانا من نوع الاناكوندا قد نفق , اي مات غصا , وهو يلتهم صيادا لم يظهر منه من فم الثعبان الا قدميه !! وعندما سألته اين حدث هذا , قال بلا اكتراث : هنا في هذه البحيرة !!


  4. #4
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    23/01/2007
    المشاركات
    814
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي رد: الثُّعبان حَيوان مُخيف وأليف

    جزيل الشكر للأستاذ الدكتور حسيب شحادة على هذه المشاركة الثرية .
    هناك سؤال يراودني واتمنى أن اجد الإجابة عنه وهو :
    رغم أن الثعابين عادة قد لا يبدو منظرها مخيفاً كغيرها من الحيوانات ( مثل التماسيح ) إلا أن شعوراً فطرياً يتولد عند أغلب الناس من أن هذا الحيوان ضار ، بمعني أنه لو أفترضنا أن شخصاً لم يسمع من قبل عن الثعابين أو يلم بمخاطرها فإنه قد يصاب بالخوف - وربما الرعب - عند رؤيته لثعبان لأول مرة ، فهل هذا الأفتراض واقعي ؟ و هل له تفسير ؟
    جزيل الشكر لكم .

    اللهم إنا نسألك من خيرك ....خيرك الذى لا يؤتيه غيرك

  5. #5
    عـضــو الصورة الرمزية نغم مراد
    تاريخ التسجيل
    14/09/2008
    العمر
    37
    المشاركات
    107
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي

    معلومات مالوفة وغريبة في ان واحد

    وللثعبان قلب ومعدة وكبد وكليتان وأمعاء ورئة واحدة على الغالب الأعم والمخ في الرأس إلا أنه أصغر مما في القطط والكلاب على سبيل المثال.
    سبحان ربي ما اعظمك ..

    بوركت يمينك



    ( يقضي الإنســـــان سنوات عمره الأولى في تعلم الكـــــــــلام

    وتقضي الأنظمة العربية بقية عمره في تعليمه الصمــــــــــــت)


  6. #6
    شـــاعرة الصورة الرمزية أملي القضماني
    تاريخ التسجيل
    19/09/2007
    المشاركات
    412
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: الثُّعبان حَيوان مُخيف وأليف

    كل ما خلقه الله جميل وله فائدة..

    لكن نحنا البشر لنا دور في تشويه الطبيعة..

    شكرا الك على هالمعلومات القيمة..طبعا سم الأفعى مفيد وقاتل بنفس الوقت..

    تحية وتقدير لجهدكم المبذول

    وأعتقد ان كل شيء له وجهان وجه ايجابي ووجه سلبي، المهم نحن نحسن الاختيار ، ونبعد عن الأشرار، أن عرفناهم احيانا بكونوا مثل الحية ناعمي الملمس وعقصتهم بتموت..

    يا لطيف اللهم اسالك ان تبعدهم عنانقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    [align=center]نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي[/align]

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •