آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 12 من 12

الموضوع: جمهرة خطب العرب

  1. #1
    أستاذ بارز الصورة الرمزية غالب ياسين
    تاريخ التسجيل
    17/11/2006
    المشاركات
    8,505
    معدل تقييم المستوى
    26

    افتراضي جمهرة خطب العرب

    * نشأ للملك سلامة ذي فائشٍ ابن ٌ كأكمل ِ أبناءِ المقاول ِ(1)، وكان به مسرورًا يرشِّحُه لموضعِه ، فركبَ ذاتَ يومٍ فرسًا صعْـباً فـكـبا به فــوَقــَصَه (2)، فـجَـزَعَ عليه أبوه جزعًا شديدًا ، وامتنعَ مِنَ الطعامِ ، واحتجبَ عنِ الناسِ ، واجتمعتْ وفودُ العربِ ببابـِه ليعزوه ، فلامَه نـُـصَحاؤه في إفراطِ جزعِه ، فخرجَ إلى الناس . فقامَ خطباؤهم يُــؤَسُّوْنه (3) ، وكان في القوم المُلَـبب بنُ عوفٍ بنِ سلمةَ بنِ عمروٍ بنِ سلمةَ الجعفي ، وجعادةُ بنُ أفلحَ بنِ الحارثِ ، وهو جدُّ الجراحِ بنِ عبدِ اللهِ الحكمي ِّ صاحب خراسان . فقام الملبب ، فقال:
    " أيها الملك ، إنّ الدنيا تجودُ لتسْـلـبَ، وتعطي لتأخذَ، وتجمعُ لتشتتَ، وتـُـحْـلــي لـتـُـمِــرَّ، وتزرعُ الأحزانَ في القلوبِ ، بما تفجأ به منْ استردادِ الموهوبِ ؛ وكلًّ مصيبةٍ تخطأتـْـكَ جَـلـَـلٌ (4)، ما لم تـُـدْن ِالأجلَ ، وتقطعِ الأملَ ؛ وإن حادثـًا ألمَّ بك ، فاستبدَّ (5) بأقلك ، وصفحَ عن أكثرِك لمِنْ أجلِّ النعمِ عليكَ . وقد تناهتْ إليك أنباءُ مَنْ رُزِيَ فصبرَ، وأصيبَ فاغتفرَ، إذ كان شَـوَىً(6) فيما يُرتقبُ ويُحذرُ؛ فاستشعرِ اليأسَ مما فاتَ إذ كانَ ارتجاعُه ممتنعاً ، ومرامُه مستصعبًـا ، فــلشىءٍ ما ضُرِبتِ الأُسى، وفزع أولو الألبابِ إلى حُسْنِ العَزاء ".
    وقامَ جُعَادة ، فقالَ :
    " أيها الملكُ ، لا تشعرْ قلبـَـك الجزعَ على ما فاتَ ، فيغفلَ ذهنـُـك عن الاستعدادِ لما يأتي ، وناضلْ عوارضَ الحُزنِ بالأنـَـفـَـةِ عنْ مُضَـاهَــاةِ (7) أفعالِ أهلِ وَهـْـي ِ العقولِ ، فإنّ العزاءَ لحُـزمَاءِ الرجالِ ، والجزعَ لربَّاتِ الحِـجَـال ، ولو كانَ الجزعُ يردّ فائتـًا، أو يحيي تالفاً، لكانَ فعلاً دنيئاً ، فكيف به وهو مجانبٌ لأخلاقِ ذوي الألبابِ ؟! فارغبْ بنفسِك - أيها الملكُ - عما يتهافتُ (8) فيه الأرذلون ، وصُنْ قدرَك عما يرتكبُه المخسوسون ، وكن على ثقةٍ أنّ طمعَـك فيما استبدتْ به الأيامُ ، ضِــلـّـة ٌ كأحلام ِ النيام ِ ".

    * الأمالي لأبي علي 1/178
    _________________________________
    1- المقاول والأقيال : دون الملوك العظماء .
    2- وَقـَـصَه : وقص عُــنُــقَــَـه : كسرها .
    3- يؤسُّـونه : يعزونه ، وأصله أن يقال : لك أسوة ٌبفلانٍ وفلانٍ .
    4- الجلل : الصغير ، والجلل : الكبير . وهو من الأضداد .
    5- استبد : استبد به أي : جعله نصيبــَـه . والبدّة ( بالضم ) : النصيب .
    6- الشوى : الهين اليسير .
    7- المضاهاة : المشاكلة .
    8- التهافت : التتابع .

    «®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»"رَبَّنا آتِنا فى الدُّنيا حَسَنةً، وفى الآخرةِ حَسَنةً، وقِنا عَذابَ النَّارِ"«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»

  2. #2
    أستاذ بارز الصورة الرمزية غالب ياسين
    تاريخ التسجيل
    17/11/2006
    المشاركات
    8,505
    معدل تقييم المستوى
    26

    افتراضي جمهرة خطب العرب

    * نشأ للملك سلامة ذي فائشٍ ابن ٌ كأكمل ِ أبناءِ المقاول ِ(1)، وكان به مسرورًا يرشِّحُه لموضعِه ، فركبَ ذاتَ يومٍ فرسًا صعْـباً فـكـبا به فــوَقــَصَه (2)، فـجَـزَعَ عليه أبوه جزعًا شديدًا ، وامتنعَ مِنَ الطعامِ ، واحتجبَ عنِ الناسِ ، واجتمعتْ وفودُ العربِ ببابـِه ليعزوه ، فلامَه نـُـصَحاؤه في إفراطِ جزعِه ، فخرجَ إلى الناس . فقامَ خطباؤهم يُــؤَسُّوْنه (3) ، وكان في القوم المُلَـبب بنُ عوفٍ بنِ سلمةَ بنِ عمروٍ بنِ سلمةَ الجعفي ، وجعادةُ بنُ أفلحَ بنِ الحارثِ ، وهو جدُّ الجراحِ بنِ عبدِ اللهِ الحكمي ِّ صاحب خراسان . فقام الملبب ، فقال:
    " أيها الملك ، إنّ الدنيا تجودُ لتسْـلـبَ، وتعطي لتأخذَ، وتجمعُ لتشتتَ، وتـُـحْـلــي لـتـُـمِــرَّ، وتزرعُ الأحزانَ في القلوبِ ، بما تفجأ به منْ استردادِ الموهوبِ ؛ وكلًّ مصيبةٍ تخطأتـْـكَ جَـلـَـلٌ (4)، ما لم تـُـدْن ِالأجلَ ، وتقطعِ الأملَ ؛ وإن حادثـًا ألمَّ بك ، فاستبدَّ (5) بأقلك ، وصفحَ عن أكثرِك لمِنْ أجلِّ النعمِ عليكَ . وقد تناهتْ إليك أنباءُ مَنْ رُزِيَ فصبرَ، وأصيبَ فاغتفرَ، إذ كان شَـوَىً(6) فيما يُرتقبُ ويُحذرُ؛ فاستشعرِ اليأسَ مما فاتَ إذ كانَ ارتجاعُه ممتنعاً ، ومرامُه مستصعبًـا ، فــلشىءٍ ما ضُرِبتِ الأُسى، وفزع أولو الألبابِ إلى حُسْنِ العَزاء ".
    وقامَ جُعَادة ، فقالَ :
    " أيها الملكُ ، لا تشعرْ قلبـَـك الجزعَ على ما فاتَ ، فيغفلَ ذهنـُـك عن الاستعدادِ لما يأتي ، وناضلْ عوارضَ الحُزنِ بالأنـَـفـَـةِ عنْ مُضَـاهَــاةِ (7) أفعالِ أهلِ وَهـْـي ِ العقولِ ، فإنّ العزاءَ لحُـزمَاءِ الرجالِ ، والجزعَ لربَّاتِ الحِـجَـال ، ولو كانَ الجزعُ يردّ فائتـًا، أو يحيي تالفاً، لكانَ فعلاً دنيئاً ، فكيف به وهو مجانبٌ لأخلاقِ ذوي الألبابِ ؟! فارغبْ بنفسِك - أيها الملكُ - عما يتهافتُ (8) فيه الأرذلون ، وصُنْ قدرَك عما يرتكبُه المخسوسون ، وكن على ثقةٍ أنّ طمعَـك فيما استبدتْ به الأيامُ ، ضِــلـّـة ٌ كأحلام ِ النيام ِ ".

    * الأمالي لأبي علي 1/178
    _________________________________
    1- المقاول والأقيال : دون الملوك العظماء .
    2- وَقـَـصَه : وقص عُــنُــقَــَـه : كسرها .
    3- يؤسُّـونه : يعزونه ، وأصله أن يقال : لك أسوة ٌبفلانٍ وفلانٍ .
    4- الجلل : الصغير ، والجلل : الكبير . وهو من الأضداد .
    5- استبد : استبد به أي : جعله نصيبــَـه . والبدّة ( بالضم ) : النصيب .
    6- الشوى : الهين اليسير .
    7- المضاهاة : المشاكلة .
    8- التهافت : التتابع .

    «®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»"رَبَّنا آتِنا فى الدُّنيا حَسَنةً، وفى الآخرةِ حَسَنةً، وقِنا عَذابَ النَّارِ"«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»

  3. #3
    أستاذ بارز الصورة الرمزية غالب ياسين
    تاريخ التسجيل
    17/11/2006
    المشاركات
    8,505
    معدل تقييم المستوى
    26

    افتراضي رد: جمهرة خطب العرب

    خطَبَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعشْر كلمات: حَمِد اللَّه وأَثنى عليه، ثم قال: أيُّها الناس، إنّ لكم معالِمَ فانتهُوا إلى مَعَالمكمْ، وإنّ لكم نهايةً فانتهوا إلى نهايتكم، إنّ المؤمنَ بين مخافتين: بين عاجلٍ قد مَضَى لا يدري ما اللَّه صانعٌ به، وبين أجلٍ قد بَقِيَ لا يدري ما اللُّهُ قاضٍ فيه، فليأخُذ العبدُ من نفسه لنفسه، ومن دُنياه لآخرته، ومن الشّبيبة قبل الكَبْرَة، ومن الحياة قبل الموت، فوالذي نَفسُ محمَّدٍ بيده، ما بَعْدَ الموت من مُسْتَعْتَبِ، ولا بَعد الدُّنيا من دارٍ، إلاَّ الجنَّة أو النار.

    «®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»"رَبَّنا آتِنا فى الدُّنيا حَسَنةً، وفى الآخرةِ حَسَنةً، وقِنا عَذابَ النَّارِ"«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»

  4. #4
    أستاذ بارز الصورة الرمزية غالب ياسين
    تاريخ التسجيل
    17/11/2006
    المشاركات
    8,505
    معدل تقييم المستوى
    26

    افتراضي رد: جمهرة خطب العرب

    خطَبَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعشْر كلمات: حَمِد اللَّه وأَثنى عليه، ثم قال: أيُّها الناس، إنّ لكم معالِمَ فانتهُوا إلى مَعَالمكمْ، وإنّ لكم نهايةً فانتهوا إلى نهايتكم، إنّ المؤمنَ بين مخافتين: بين عاجلٍ قد مَضَى لا يدري ما اللَّه صانعٌ به، وبين أجلٍ قد بَقِيَ لا يدري ما اللُّهُ قاضٍ فيه، فليأخُذ العبدُ من نفسه لنفسه، ومن دُنياه لآخرته، ومن الشّبيبة قبل الكَبْرَة، ومن الحياة قبل الموت، فوالذي نَفسُ محمَّدٍ بيده، ما بَعْدَ الموت من مُسْتَعْتَبِ، ولا بَعد الدُّنيا من دارٍ، إلاَّ الجنَّة أو النار.

    «®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»"رَبَّنا آتِنا فى الدُّنيا حَسَنةً، وفى الآخرةِ حَسَنةً، وقِنا عَذابَ النَّارِ"«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»

  5. #5
    أستاذ بارز الصورة الرمزية غالب ياسين
    تاريخ التسجيل
    17/11/2006
    المشاركات
    8,505
    معدل تقييم المستوى
    26

    افتراضي رد: جمهرة خطب العرب

    * خـَـطـَـبَ قـُــسُّ بنُ ساعدة َ الإياديُّ بسوقِ عُــكاظٍ ، فقالَ :
    " أيها الناسُ ، اسمعوا وعوا ، مَنْ عاشَ ماتَ ، ومَنْ ماتَ فاتَ ، وكلُّ ما هو آتٍ آتٍ . ليلٌ داج ٍ (1) ، ونهارٌ ساج ٍ (2) ، وسماءٌ ذاتُ أبراج ٍ ، ونجومٌ تـَــزْهَــرُ(3) ، وبحارٌ تـَـزْخـَـرُ(4) ، وجبالٌ مُـرْسَاة ٌ ، وأرْضٌ مُدْحاة ٌ(5) ، وأنهارٌ مُجْـراة ٌ . إنّ في السماء ِ لـَخبَرًا ، وإنّ في الأرض ِ لعِـبَـرًا . ما بالُ الناس ِ يذهبون ولا يرجعون ؟ أرضوا فأقاموا ، أم تـُـرِكوا فناموا ؟!
    يُقسِمُ قـُـسٌّ قسَمًا لا إثمَ فيه : إنّ للهِ دِينـًـا هو أرضى له ، وأفضلُ مِن دينِكم الذي أنتم عليه ، وإنكم لتأتون مِنَ الأمرِ مُنكرًا . ويُروى أنّ قـُـسًّا أنشأ بعدَ ذلك يقولُ :
    في الذاهبين الأولين * من القرون ِ لنا بصائر
    لما رأيتُ مواردًا * للموتِ ليسَ لها مصادر
    ورأيتُ قومي نحوَها * تمضي الأكابرُ والأصاغر
    لا يرجعُ الماضي إليّ * ولا من الباقين غابر(6)
    أيقنتُ أني لا محا * لة َ حيثُ صارَ القومُ صائر
    * ( صبح الأعشى 1/212 + إعجاز القرآن 124 + البيان والتبيين 1/168
    الأغاني 14/ 40 + العقد الفريد 2/ 156 + مجمع الأمثال للميداني 1/74 )

    _____________________________________
    1- داج ٍ : مظلم .
    2- ساج ٍ : دائم .
    3- تزهر : تضيء وتتلألأ .
    4- تزخر : تمتلئ وترتفع .
    5- مدحاة : مدحوة : أي مبسوطة ، وإنما قال : مدحاة لمراعاة السجع .
    6- غابر : مقيم .

    «®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»"رَبَّنا آتِنا فى الدُّنيا حَسَنةً، وفى الآخرةِ حَسَنةً، وقِنا عَذابَ النَّارِ"«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»

  6. #6
    أستاذ بارز الصورة الرمزية غالب ياسين
    تاريخ التسجيل
    17/11/2006
    المشاركات
    8,505
    معدل تقييم المستوى
    26

    افتراضي رد: جمهرة خطب العرب

    * خـَـطـَـبَ قـُــسُّ بنُ ساعدة َ الإياديُّ بسوقِ عُــكاظٍ ، فقالَ :
    " أيها الناسُ ، اسمعوا وعوا ، مَنْ عاشَ ماتَ ، ومَنْ ماتَ فاتَ ، وكلُّ ما هو آتٍ آتٍ . ليلٌ داج ٍ (1) ، ونهارٌ ساج ٍ (2) ، وسماءٌ ذاتُ أبراج ٍ ، ونجومٌ تـَــزْهَــرُ(3) ، وبحارٌ تـَـزْخـَـرُ(4) ، وجبالٌ مُـرْسَاة ٌ ، وأرْضٌ مُدْحاة ٌ(5) ، وأنهارٌ مُجْـراة ٌ . إنّ في السماء ِ لـَخبَرًا ، وإنّ في الأرض ِ لعِـبَـرًا . ما بالُ الناس ِ يذهبون ولا يرجعون ؟ أرضوا فأقاموا ، أم تـُـرِكوا فناموا ؟!
    يُقسِمُ قـُـسٌّ قسَمًا لا إثمَ فيه : إنّ للهِ دِينـًـا هو أرضى له ، وأفضلُ مِن دينِكم الذي أنتم عليه ، وإنكم لتأتون مِنَ الأمرِ مُنكرًا . ويُروى أنّ قـُـسًّا أنشأ بعدَ ذلك يقولُ :
    في الذاهبين الأولين * من القرون ِ لنا بصائر
    لما رأيتُ مواردًا * للموتِ ليسَ لها مصادر
    ورأيتُ قومي نحوَها * تمضي الأكابرُ والأصاغر
    لا يرجعُ الماضي إليّ * ولا من الباقين غابر(6)
    أيقنتُ أني لا محا * لة َ حيثُ صارَ القومُ صائر
    * ( صبح الأعشى 1/212 + إعجاز القرآن 124 + البيان والتبيين 1/168
    الأغاني 14/ 40 + العقد الفريد 2/ 156 + مجمع الأمثال للميداني 1/74 )

    _____________________________________
    1- داج ٍ : مظلم .
    2- ساج ٍ : دائم .
    3- تزهر : تضيء وتتلألأ .
    4- تزخر : تمتلئ وترتفع .
    5- مدحاة : مدحوة : أي مبسوطة ، وإنما قال : مدحاة لمراعاة السجع .
    6- غابر : مقيم .

    «®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»"رَبَّنا آتِنا فى الدُّنيا حَسَنةً، وفى الآخرةِ حَسَنةً، وقِنا عَذابَ النَّارِ"«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»

  7. #7
    أستاذ بارز الصورة الرمزية غالب ياسين
    تاريخ التسجيل
    17/11/2006
    المشاركات
    8,505
    معدل تقييم المستوى
    26

    افتراضي رد: جمهرة خطب العرب

    ومِنَ العصرِ الجاهليِّ أيضًا :

    * قعدَ المأمونُ الحارثيُّ في نادي قومِه ، فنظرَ إلى السماءِ والنجوم ِ ، ثمّ أفكرَ طويلاً ، ثم قامَ ، فقالَ :
    " أرعوني أسماعَكم ، وأصغوا إليّ قلوبَكم ، يبلـُـغ ِ الوعظ ُ منكم حيثُ أريدُ ، طمَحَ (1) بالأهواءِ الأشَـرُ ،
    وَ رانَ (2) على القلوبِ الكَـدَرُ ، وطَـخْـطَـخَ (3) الجهلُ النظرَ . إنّ فيما ترى لمُعـتـَـبَـرًا لمَن اعتبرَ . أرضٌ موضوعة ٌ ، وسماءٌ مرفوعة ٌ ، وشمسٌ تطلعُ وتغربُ ، ونجومٌ تسري فتعزُبُ ، وقمرٌ تـُــطـْــلِــعُه النُّـحُورُ ، وتـَـمحقـُه أدبارُ الشهور ِ ، وعاجز ٌ مُـثـْـر ٍ ،
    وحُــوَّلٌ مُــكـْـد ٍ(4) ، وشابٌّ مُخْـتـَضَـرٌ(5) ، ويَـفـَـنُ(6) قد غَـبَرَ ، وراحلونَ لا يؤوبونَ ، وموقوفون لا يُــفـَـرِّطون(7) ، ومطرٌ يُرسلُ بقـَـدَر ٍ ، فيُحيي البشرَ ، ويُورقُ الشجرَ ، ويُطـْـلعُ الثمرَ ، ويُـنبتُ الزهرَ ، وماءٌ يتفجرُ مِنَ الصخرِ الأيَــرِّ(8) ، فــيَصْدَعُ المَـدَرَ عنْ أفنان ِ الخُضَرِ ، فيُحيي الأنامَ ، ويُشبعُ السَّـوَّامَ ، ويُــنـْــمِـي الأنعامَ ، إنّ في ذلك لأوضحَ الدلائلِ على المدبرِ المقدِّرِ البارئ ِ المُصوِّرِ .
    يا أيها العقولُ النافرةُ ، والقلوبُ النائرة ُ(9) :أنّى تؤفكون ؟ وعن أيِّ سبيلٍ تعمهون ؟ وفي أي حَـيـْرةٍ تهيمون ؟ وإلى أيِّ غايةٍ توفضون(10) ؟
    لو كـُـشِفتِ الأغطية ُ عنِ القلوب ِ ، وتجلـّـتِ الغشاوةُ عن ِ العيون ِ ، لصرَّحَ الشكُّ عنِ اليقين ِ ، وأفاقَ مِن نشوةِ الجهالةِ من ِ استولتْ عليه الضلالة ُ " .

    * الأمالي لأبي علي القالي 1/276 .

    ________________________________
    1- طمحَ : ارتفع وعلا وذهب .
    2- رانَ : غلب .
    3- طخطخ َ : أظلم .
    4- حُـــوَّلٌ مُــكـْـد ٍ : رجلٌ حُوَّلٌ أي شديدُ الاحتيالِ . وأكدى : لم يفلحْ ، وأصله من أكدى إذا حفرَ فصادفَ الكـُـدية ( بضمِّ الكافِ ) وهي : الصفاة ُالعظيمة ُ الشديدة ُ .
    5- مختضرٌ:الذي يموتُ حَــدَثــًا ، وهو مأخوذ ٌ من الخُضْرةِ كأنه حُصِدَ أخْضَـرَ .
    6- يفنُ : اليفنُ الشيخُ الكبيرُ .
    7- لا يفرِّطون : لا يقدِّمون.
    8- الأيرّ : الصلب .
    9- النائرة : النافرة . نارتْ نـَـوْرًا ( بفتح النون ) ، ونـَِـــوارًا
    ( بفتحها وكسرها ) : نفرت .
    10 - توفضون : تسرعون .

    «®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»"رَبَّنا آتِنا فى الدُّنيا حَسَنةً، وفى الآخرةِ حَسَنةً، وقِنا عَذابَ النَّارِ"«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»

  8. #8
    أستاذ بارز الصورة الرمزية غالب ياسين
    تاريخ التسجيل
    17/11/2006
    المشاركات
    8,505
    معدل تقييم المستوى
    26

    افتراضي رد: جمهرة خطب العرب

    ومِنَ العصرِ الجاهليِّ أيضًا :

    * قعدَ المأمونُ الحارثيُّ في نادي قومِه ، فنظرَ إلى السماءِ والنجوم ِ ، ثمّ أفكرَ طويلاً ، ثم قامَ ، فقالَ :
    " أرعوني أسماعَكم ، وأصغوا إليّ قلوبَكم ، يبلـُـغ ِ الوعظ ُ منكم حيثُ أريدُ ، طمَحَ (1) بالأهواءِ الأشَـرُ ،
    وَ رانَ (2) على القلوبِ الكَـدَرُ ، وطَـخْـطَـخَ (3) الجهلُ النظرَ . إنّ فيما ترى لمُعـتـَـبَـرًا لمَن اعتبرَ . أرضٌ موضوعة ٌ ، وسماءٌ مرفوعة ٌ ، وشمسٌ تطلعُ وتغربُ ، ونجومٌ تسري فتعزُبُ ، وقمرٌ تـُــطـْــلِــعُه النُّـحُورُ ، وتـَـمحقـُه أدبارُ الشهور ِ ، وعاجز ٌ مُـثـْـر ٍ ،
    وحُــوَّلٌ مُــكـْـد ٍ(4) ، وشابٌّ مُخْـتـَضَـرٌ(5) ، ويَـفـَـنُ(6) قد غَـبَرَ ، وراحلونَ لا يؤوبونَ ، وموقوفون لا يُــفـَـرِّطون(7) ، ومطرٌ يُرسلُ بقـَـدَر ٍ ، فيُحيي البشرَ ، ويُورقُ الشجرَ ، ويُطـْـلعُ الثمرَ ، ويُـنبتُ الزهرَ ، وماءٌ يتفجرُ مِنَ الصخرِ الأيَــرِّ(8) ، فــيَصْدَعُ المَـدَرَ عنْ أفنان ِ الخُضَرِ ، فيُحيي الأنامَ ، ويُشبعُ السَّـوَّامَ ، ويُــنـْــمِـي الأنعامَ ، إنّ في ذلك لأوضحَ الدلائلِ على المدبرِ المقدِّرِ البارئ ِ المُصوِّرِ .
    يا أيها العقولُ النافرةُ ، والقلوبُ النائرة ُ(9) :أنّى تؤفكون ؟ وعن أيِّ سبيلٍ تعمهون ؟ وفي أي حَـيـْرةٍ تهيمون ؟ وإلى أيِّ غايةٍ توفضون(10) ؟
    لو كـُـشِفتِ الأغطية ُ عنِ القلوب ِ ، وتجلـّـتِ الغشاوةُ عن ِ العيون ِ ، لصرَّحَ الشكُّ عنِ اليقين ِ ، وأفاقَ مِن نشوةِ الجهالةِ من ِ استولتْ عليه الضلالة ُ " .

    * الأمالي لأبي علي القالي 1/276 .

    ________________________________
    1- طمحَ : ارتفع وعلا وذهب .
    2- رانَ : غلب .
    3- طخطخ َ : أظلم .
    4- حُـــوَّلٌ مُــكـْـد ٍ : رجلٌ حُوَّلٌ أي شديدُ الاحتيالِ . وأكدى : لم يفلحْ ، وأصله من أكدى إذا حفرَ فصادفَ الكـُـدية ( بضمِّ الكافِ ) وهي : الصفاة ُالعظيمة ُ الشديدة ُ .
    5- مختضرٌ:الذي يموتُ حَــدَثــًا ، وهو مأخوذ ٌ من الخُضْرةِ كأنه حُصِدَ أخْضَـرَ .
    6- يفنُ : اليفنُ الشيخُ الكبيرُ .
    7- لا يفرِّطون : لا يقدِّمون.
    8- الأيرّ : الصلب .
    9- النائرة : النافرة . نارتْ نـَـوْرًا ( بفتح النون ) ، ونـَِـــوارًا
    ( بفتحها وكسرها ) : نفرت .
    10 - توفضون : تسرعون .

    «®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»"رَبَّنا آتِنا فى الدُّنيا حَسَنةً، وفى الآخرةِ حَسَنةً، وقِنا عَذابَ النَّارِ"«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»

  9. #9
    أستاذ بارز الصورة الرمزية غالب ياسين
    تاريخ التسجيل
    17/11/2006
    المشاركات
    8,505
    معدل تقييم المستوى
    26

    افتراضي رد: جمهرة خطب العرب

    * قالَ كِسْرى(1) للنعمان ِ بن ِ المُـنذرِ يومًا : هل في العربِ قبيلة ٌ تـَـشرُفُ على قبيلةٍ ؟
    قالَ : نعم . قالَ : فبأيِّ شيءٍ ؟ قالَ : مَنْ كانتْ له ثلاثة ُ آباءٍ متوالية ٌ رؤساءَ ، ثم اتصلَ ذلك بكمال ِ الرابع ِ ، فالبيتُ مِن قبيلتِه فيه ، ويُـنسبُ إليه . قالَ : فاطلبْ ذلك . فطلبَه ، فلم يُـصِـبْـه إلا في آلِ حذيفة َ بن ِ بدر ٍ، وآلِ حاجب ِ بن ِ زُرَارَة َ ، وآلِ ذي الجَـــدَّيْـن ، وآلِ الأشعثِ بن ِقيسِ بن كِـنـْدة َ . قالَ : فجمعَ هؤلاءِ الرَّهْـط َ، ومَن تبـِعَهم مِن عشائرِهم . وأقعَـدَ لهم الحُكـَّـامَ والعُــدُولَ ، وقالَ : ليتكلمْ كلُّ رجل ٍ منكم بمآثر ِ قومِه ، وليصدُقْ . فكانَ حذيفة ُ بنُ بدرٍ الفزاريُّ أولَ متكلم ٍ ، وكانَ ألسَنَ القوم ِ ، فقالَ :
    " قد علِمَتْ العربُ أنّ فينا الشرَفَ الأقـْـدَمَ ، والأعـَـزَّ الأعظمَ ، ومَأثـَـرة ً (2) للصنيع ِ الأكرم ِ . فقالَ مَن حولـَـه : ولــمَ ذاك يا أخا فزارة َ ؟ فقالَ : ألسْنا الدعائم َ التي لا تـُـرامُ ، والعز ُّ الذي لا يُـضَامُ ؟ " قيلَ : صدقـْـتَ . ثم قام َ شاعرُهم ، فقالَ :
    فزارة ُ بيتُ العزِّ والعزُّ فيهمُ ... فزارة ُ قيس ٍ ، حَـسْـبُ قيس ٍ نِـضَـالـُـها
    لها الـعِــزَّة ُالــقـَـعْــسَــاءُ والــحَــسَبُ الذي ... بناهُ لقيس ٍ في القديم ِ رجالـُـها
    فهيهاتَ قد أعيا القرون َ التي مَضَـت ْ ... مآثرُ قيس ٍ مجْـدُها وفـَـعَــالــُـها
    وهل أحدٌ إنْ هزَّ يومًا بكَــفـِّـه ... إلى الشمس ِ في مجرى النجوم ِ ينالـُـها
    فإنْ يصلـُـحوا يَصْــلـُـح لذاك جميعُـها ... وإنْ يفسدوا يفسُدْ منَ الناس ِ حالـُـها
    ثم قامَ الأشعثُ الكنديُّ - وإنما أذِنَ له أنْ يقومَ قبلَ ربيعة َ وتميم ٍ لقرابتِه مِن النعمان ِ بن ِ المنذر ِ - فقالَ :
    " قد علِمتِ العربُ أنـّـا نقاتلُ عديدَها الأكثرَ، وزحفـَـها الأكبرَ، وإنـّـا لغِــيَاثُ الكُــرُباتِ، ومَـعْـدِنُ المكرُمَاتِ . قالوا : ولمَ يا أخا كندة َ ؟ قالَ : لأنـّـا ورثــْـنا مُلــكَ كندة َ ، فاستظللـْــنا بأفيائِه (3) ، وتقلدْنا مَــنـْـكِــبَه الأعظمَ ، وتوسطـْـنا بُحْبـُـوحَه الأكرمَ " .
    ثم قام َ شاعرُهم ، فقالَ :
    إذا قِسْـتَ أبياتَ الرجال ِ ببيتـِـنا ... وجدْتَ لنا فضلاً على مَن يـُـفـَاخِـرُ
    فمَن قالَ كَــلا أو أتانا بخـُـطـَّــةٍ ... ينافرُنا فيها فنحنُ نخاطِرُ
    تعالــَـوا قِــفـوا كي يعلمَ الناسُ أيـُّـنا ... له الفضلُ فيما أورثــَـتـْـه الأكابرُ
    ثم قامَ بسطامُ الشيبانيُّ ، فقالَ :
    " قد علمتِ العربُ أنـَّـا بناة ُ بيتـِها الذي لا يزولُ ، ومَغْــرِسُ عزِّها الذي لا يَحُولُ . قالوا : ولمَ يا أخا شيبان َ ؟ قالَ : لأنـّـا أدركـُـهم للثار ِ، وأضربُهم للمَلـِـك الجبار ِ، وأقومُهم للحُكـْـم ِ ، وألدُّهم للخـَـصْم ِ " .
    ثم قامَ شاعرُهم ، فقالَ :
    لعمريَ بسطامٌ أحقُّ بفضلِـها ... وأولُّ بيتِ العزِّ عزِّ القبائل ِ
    فسائلْ - أبيتَ اللعْــن َ - عنْ عز ِّ قومِها ... إذا جَــدَّ يومُ الفـَـخـْـرِ كلُّ مُـنـَاقِــل ِ(4)
    ألسْنا أعزَّ الناس ِ قومًا ونـُـصْرة ً ... وأضربَهم للــكـَـــبْـش ِ(5) بين َ القبائل ِ
    وقائعُ غُــرٌّ كلـُـها رَبـَـعِــيَّــة ٌ ... تـَــذِلُّ لها عـِـزًا رقابُ المَحَافِـل ِ
    وإذا ذكِرَتْ لم يُــنـْـكـِـرِ الناسُ فضلــَـها ... وعاذ َ بها مِنْ شرِّها كلُّ وائل ِ (6)
    وإنـّـا ملوك ُ الناس ِ في كلِّ بلدة ٍ ... إذا نزلتْ بالناس ِ إحدى الزلازل ِ
    ثم قامَ حاجبُ بن ُ زُرَارَة َ التميميُّ ، فقال َ :
    " قد علمتْ مَـعَـدٌّ أنـّـا فرع ُ(7) دِعَامتِها ، وقَادَةُ زحفِها . قالوا : ولم ذاك يا أخا بني تميم ٍ ؟
    قالَ : لأنـّـا أكثرُ الناس ِ عديدًا ، وأنجبُـهم طرًّا وليداً ، وأنا أعطاهم للجزيل ِ، وأحملـُهم للثقيل ِ". ثم قامَ شاعرُهم ، فقالَ:
    لقد علمتْ أبناءُ خـِـنـْـدفَ(8) أننا ... لنا العِـز ُّ قِــدْمًا في الخـُطـُـوب ِ الأوائل ِ
    وأنـّا كرام ٌ أهل ُ مجد ٍ وثروة ٍ ... وعِــز ٍّ قديم ٍ ليسَ بالمـُـتـَـضائـِـلُ
    فكم فيهمُ مِنْ سيد ٍ وابن ِ سيد ٍ ... أغرَّ نجيب ٍ ذي فـَـعَــال ٍ(9) ونائل ِ
    فسائل ْ - أبيت َ اللعن َ - عنا فإننا ... دعائمُ هذا الناس ِ عندَ الجلائل ِ(10)
    ثم قام َ قيسُ بن ُ عاصم ٍ السعديُّ ، فقال َ:
    " لقد علمَ هؤلاء أنـّا أرفعُهم في المكرماتِ دعائــمَ ، وأثبتـُـهم في النائباتِ مقادمَ . قالوا: ولم ذاك يا أخا بني سعدٍ ؟ قالَ : لأنـّـا أدركـُـهم للثارِ ، وأمنعـُـهم للجارِ ، وأنـّـا
    لا ننكلُ (11) إذا حملــْـنا ، ولا نـُـرامُ إذا حللـْــنا " .
    ثم قامَ شاعرُهم ، فقال َ:
    لقد علمتْ قيسٌ(12) وخِنْـدِفُ أننا ... وجلُّ تميم ٍ والجميعُ الذي ترى
    بأنا عِمَادٌ في الأمور ِ وأننـّا ... لنا الشرفُ الضخمُ المُرَكـَّـبُ في الندى
    وأنا ليوث ُ الناس ِ في كلِّ مأزق ٍ ... إذا جَــز َّ بالبيض ِ الجماجمَ والطـُّــلا(13)
    فمَن ذا ليوم ِ الفخر ِ يعدلُ عاصمًا ... وقيساً إذا مَرَّتْ ألوفٌ إلى العـُـلا
    فهيهاتَ قد أعيا الجميعَ فعالـُـهم ... وقاموا بيوم ِ الفخرِ مسعاة َ مَنْ سعى

    فقالَ كسرى حينئذ ٍ: ليسَ منهم إلا سيدٌ يصلحُ لموضعِـه . وأسنى حِــبَـاءَهم ، وأعظمَ صِـلاتـِـهم ، وكَــرَّم مآبـَـهم .
    * ( صبح الأعشى 1/377 + الأغاني 17 / 105 ) .

    _______________________________
    1- كسرى : هو كسرى أنوشروان حكم من سنة 531 إلى 578 م
    2- مأثـــرة : (بفتح الثاء وضمها) المكرمة المتوارثة .
    3- أفيائه : جمع فيء . وهو ما كان شمسًا فينسخه الظل .
    4-مناقل : المناقلة في المنطق : أن تحدث آخر ، ويحدثـك .
    5- الكبش : سيد القوم وقائدهم .
    6- وائل : لاجئ . من الفعل الماضي وأل يئل وألاً .
    7-فرع : فرع كل شيء أعلاه .
    8- خندف : هي أم مدركة و طابخة وقمعة أبناء اليأس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان .
    9- الفعال : اسم الفعل الحسن والكرم .
    10 - الجلائل : أي الأمور الجلائل جمع جليلة .
    11- ننكل : لا نفر ، ولا نجبن .
    12- قيس : قيس بن عيلان بن مضر .
    13- الطلا : جمع طلية ، وهي : العنق .

    «®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»"رَبَّنا آتِنا فى الدُّنيا حَسَنةً، وفى الآخرةِ حَسَنةً، وقِنا عَذابَ النَّارِ"«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»

  10. #10
    أستاذ بارز الصورة الرمزية غالب ياسين
    تاريخ التسجيل
    17/11/2006
    المشاركات
    8,505
    معدل تقييم المستوى
    26

    افتراضي رد: جمهرة خطب العرب

    * قالَ كِسْرى(1) للنعمان ِ بن ِ المُـنذرِ يومًا : هل في العربِ قبيلة ٌ تـَـشرُفُ على قبيلةٍ ؟
    قالَ : نعم . قالَ : فبأيِّ شيءٍ ؟ قالَ : مَنْ كانتْ له ثلاثة ُ آباءٍ متوالية ٌ رؤساءَ ، ثم اتصلَ ذلك بكمال ِ الرابع ِ ، فالبيتُ مِن قبيلتِه فيه ، ويُـنسبُ إليه . قالَ : فاطلبْ ذلك . فطلبَه ، فلم يُـصِـبْـه إلا في آلِ حذيفة َ بن ِ بدر ٍ، وآلِ حاجب ِ بن ِ زُرَارَة َ ، وآلِ ذي الجَـــدَّيْـن ، وآلِ الأشعثِ بن ِقيسِ بن كِـنـْدة َ . قالَ : فجمعَ هؤلاءِ الرَّهْـط َ، ومَن تبـِعَهم مِن عشائرِهم . وأقعَـدَ لهم الحُكـَّـامَ والعُــدُولَ ، وقالَ : ليتكلمْ كلُّ رجل ٍ منكم بمآثر ِ قومِه ، وليصدُقْ . فكانَ حذيفة ُ بنُ بدرٍ الفزاريُّ أولَ متكلم ٍ ، وكانَ ألسَنَ القوم ِ ، فقالَ :
    " قد علِمَتْ العربُ أنّ فينا الشرَفَ الأقـْـدَمَ ، والأعـَـزَّ الأعظمَ ، ومَأثـَـرة ً (2) للصنيع ِ الأكرم ِ . فقالَ مَن حولـَـه : ولــمَ ذاك يا أخا فزارة َ ؟ فقالَ : ألسْنا الدعائم َ التي لا تـُـرامُ ، والعز ُّ الذي لا يُـضَامُ ؟ " قيلَ : صدقـْـتَ . ثم قام َ شاعرُهم ، فقالَ :
    فزارة ُ بيتُ العزِّ والعزُّ فيهمُ ... فزارة ُ قيس ٍ ، حَـسْـبُ قيس ٍ نِـضَـالـُـها
    لها الـعِــزَّة ُالــقـَـعْــسَــاءُ والــحَــسَبُ الذي ... بناهُ لقيس ٍ في القديم ِ رجالـُـها
    فهيهاتَ قد أعيا القرون َ التي مَضَـت ْ ... مآثرُ قيس ٍ مجْـدُها وفـَـعَــالــُـها
    وهل أحدٌ إنْ هزَّ يومًا بكَــفـِّـه ... إلى الشمس ِ في مجرى النجوم ِ ينالـُـها
    فإنْ يصلـُـحوا يَصْــلـُـح لذاك جميعُـها ... وإنْ يفسدوا يفسُدْ منَ الناس ِ حالـُـها
    ثم قامَ الأشعثُ الكنديُّ - وإنما أذِنَ له أنْ يقومَ قبلَ ربيعة َ وتميم ٍ لقرابتِه مِن النعمان ِ بن ِ المنذر ِ - فقالَ :
    " قد علِمتِ العربُ أنـّـا نقاتلُ عديدَها الأكثرَ، وزحفـَـها الأكبرَ، وإنـّـا لغِــيَاثُ الكُــرُباتِ، ومَـعْـدِنُ المكرُمَاتِ . قالوا : ولمَ يا أخا كندة َ ؟ قالَ : لأنـّـا ورثــْـنا مُلــكَ كندة َ ، فاستظللـْــنا بأفيائِه (3) ، وتقلدْنا مَــنـْـكِــبَه الأعظمَ ، وتوسطـْـنا بُحْبـُـوحَه الأكرمَ " .
    ثم قام َ شاعرُهم ، فقالَ :
    إذا قِسْـتَ أبياتَ الرجال ِ ببيتـِـنا ... وجدْتَ لنا فضلاً على مَن يـُـفـَاخِـرُ
    فمَن قالَ كَــلا أو أتانا بخـُـطـَّــةٍ ... ينافرُنا فيها فنحنُ نخاطِرُ
    تعالــَـوا قِــفـوا كي يعلمَ الناسُ أيـُّـنا ... له الفضلُ فيما أورثــَـتـْـه الأكابرُ
    ثم قامَ بسطامُ الشيبانيُّ ، فقالَ :
    " قد علمتِ العربُ أنـَّـا بناة ُ بيتـِها الذي لا يزولُ ، ومَغْــرِسُ عزِّها الذي لا يَحُولُ . قالوا : ولمَ يا أخا شيبان َ ؟ قالَ : لأنـّـا أدركـُـهم للثار ِ، وأضربُهم للمَلـِـك الجبار ِ، وأقومُهم للحُكـْـم ِ ، وألدُّهم للخـَـصْم ِ " .
    ثم قامَ شاعرُهم ، فقالَ :
    لعمريَ بسطامٌ أحقُّ بفضلِـها ... وأولُّ بيتِ العزِّ عزِّ القبائل ِ
    فسائلْ - أبيتَ اللعْــن َ - عنْ عز ِّ قومِها ... إذا جَــدَّ يومُ الفـَـخـْـرِ كلُّ مُـنـَاقِــل ِ(4)
    ألسْنا أعزَّ الناس ِ قومًا ونـُـصْرة ً ... وأضربَهم للــكـَـــبْـش ِ(5) بين َ القبائل ِ
    وقائعُ غُــرٌّ كلـُـها رَبـَـعِــيَّــة ٌ ... تـَــذِلُّ لها عـِـزًا رقابُ المَحَافِـل ِ
    وإذا ذكِرَتْ لم يُــنـْـكـِـرِ الناسُ فضلــَـها ... وعاذ َ بها مِنْ شرِّها كلُّ وائل ِ (6)
    وإنـّـا ملوك ُ الناس ِ في كلِّ بلدة ٍ ... إذا نزلتْ بالناس ِ إحدى الزلازل ِ
    ثم قامَ حاجبُ بن ُ زُرَارَة َ التميميُّ ، فقال َ :
    " قد علمتْ مَـعَـدٌّ أنـّـا فرع ُ(7) دِعَامتِها ، وقَادَةُ زحفِها . قالوا : ولم ذاك يا أخا بني تميم ٍ ؟
    قالَ : لأنـّـا أكثرُ الناس ِ عديدًا ، وأنجبُـهم طرًّا وليداً ، وأنا أعطاهم للجزيل ِ، وأحملـُهم للثقيل ِ". ثم قامَ شاعرُهم ، فقالَ:
    لقد علمتْ أبناءُ خـِـنـْـدفَ(8) أننا ... لنا العِـز ُّ قِــدْمًا في الخـُطـُـوب ِ الأوائل ِ
    وأنـّا كرام ٌ أهل ُ مجد ٍ وثروة ٍ ... وعِــز ٍّ قديم ٍ ليسَ بالمـُـتـَـضائـِـلُ
    فكم فيهمُ مِنْ سيد ٍ وابن ِ سيد ٍ ... أغرَّ نجيب ٍ ذي فـَـعَــال ٍ(9) ونائل ِ
    فسائل ْ - أبيت َ اللعن َ - عنا فإننا ... دعائمُ هذا الناس ِ عندَ الجلائل ِ(10)
    ثم قام َ قيسُ بن ُ عاصم ٍ السعديُّ ، فقال َ:
    " لقد علمَ هؤلاء أنـّا أرفعُهم في المكرماتِ دعائــمَ ، وأثبتـُـهم في النائباتِ مقادمَ . قالوا: ولم ذاك يا أخا بني سعدٍ ؟ قالَ : لأنـّـا أدركـُـهم للثارِ ، وأمنعـُـهم للجارِ ، وأنـّـا
    لا ننكلُ (11) إذا حملــْـنا ، ولا نـُـرامُ إذا حللـْــنا " .
    ثم قامَ شاعرُهم ، فقال َ:
    لقد علمتْ قيسٌ(12) وخِنْـدِفُ أننا ... وجلُّ تميم ٍ والجميعُ الذي ترى
    بأنا عِمَادٌ في الأمور ِ وأننـّا ... لنا الشرفُ الضخمُ المُرَكـَّـبُ في الندى
    وأنا ليوث ُ الناس ِ في كلِّ مأزق ٍ ... إذا جَــز َّ بالبيض ِ الجماجمَ والطـُّــلا(13)
    فمَن ذا ليوم ِ الفخر ِ يعدلُ عاصمًا ... وقيساً إذا مَرَّتْ ألوفٌ إلى العـُـلا
    فهيهاتَ قد أعيا الجميعَ فعالـُـهم ... وقاموا بيوم ِ الفخرِ مسعاة َ مَنْ سعى

    فقالَ كسرى حينئذ ٍ: ليسَ منهم إلا سيدٌ يصلحُ لموضعِـه . وأسنى حِــبَـاءَهم ، وأعظمَ صِـلاتـِـهم ، وكَــرَّم مآبـَـهم .
    * ( صبح الأعشى 1/377 + الأغاني 17 / 105 ) .

    _______________________________
    1- كسرى : هو كسرى أنوشروان حكم من سنة 531 إلى 578 م
    2- مأثـــرة : (بفتح الثاء وضمها) المكرمة المتوارثة .
    3- أفيائه : جمع فيء . وهو ما كان شمسًا فينسخه الظل .
    4-مناقل : المناقلة في المنطق : أن تحدث آخر ، ويحدثـك .
    5- الكبش : سيد القوم وقائدهم .
    6- وائل : لاجئ . من الفعل الماضي وأل يئل وألاً .
    7-فرع : فرع كل شيء أعلاه .
    8- خندف : هي أم مدركة و طابخة وقمعة أبناء اليأس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان .
    9- الفعال : اسم الفعل الحسن والكرم .
    10 - الجلائل : أي الأمور الجلائل جمع جليلة .
    11- ننكل : لا نفر ، ولا نجبن .
    12- قيس : قيس بن عيلان بن مضر .
    13- الطلا : جمع طلية ، وهي : العنق .

    «®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»"رَبَّنا آتِنا فى الدُّنيا حَسَنةً، وفى الآخرةِ حَسَنةً، وقِنا عَذابَ النَّارِ"«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»

  11. #11
    أستاذ بارز الصورة الرمزية غالب ياسين
    تاريخ التسجيل
    17/11/2006
    المشاركات
    8,505
    معدل تقييم المستوى
    26

    افتراضي رد: جمهرة خطب العرب

    خطبة زياد بالبصرة وهي التي تدعَى البَتْراء
    قال أبو الحسن المدائني، وغيره؛ ذكر ذلك عن مَسلمة بن محارب، وعن أبي بكر الهُذَليّ قالا: قدم زيادٌ البَصرة والياً لمعاوية بن أبي سفيان، وضمَّ إليه خراسان وسجستان، والفسقُ بالبصرة كثير فاشٍ ظاهر، قالا: فخطب خطبة بتراءَ، لم يَحمَد اللَّه فيها، ولم يصلّ على النبيّ، وقال غيره: بل قال: الحمد للَّه على إفضاله وإحسانه، ونسأله المزيدَ من نِعَمه وإكرامه، اللهُمّ كما زدتنا نِعَماً فألِهمْنا شُكْراً
    "أما بعد فإنّ الجهالَة الجَهلاء، والضّلالة العمياء، والغَيَّ الموفى بأهله على النار، ما فيه سفهاؤكم ويشتمل عليه حلماؤكم، من الأمور العظام ينْبُتُ فيها الصغير، ولا ينْحاشُ عنها الكبير، كأنّكم لم تقرؤوا كتابَ اللَّه، ولم تسمعوا ما أعَدّ اللَّه مِن الثَّواب الكريم لأهل طاعته، والعذابِ الأليم لأهل معصيته، في الزمن السَّرمَدِ الذي لا يزول، أتكونون كمن طرفت عينَه الدُّنيا، وسَدَّت مسامعَه الشهواتُ، واختار الفانيةَ على الباقية، ولا تذكرون أنّكم أحدثتم في الإسلام الحَدَثَ الذي لم تُسبَقوا إليه: مِن تَركِكم الضعيفَ يُقهر ويؤخذُ مالُه، وهذه المواخير المنصوبة، والضعيفةَ المسلوبةَ في النَّهار المُبْصِر، والعددُ غير قليل، ألم تكن منكُم نُهاةٌ تَمنع الغُواةَ عن دَلَج الليل وغارة النهار؟ قرّبتُم القَرابة، وباعدتم الدِّين، تعتذرون بغير العُذر، وتُغْضُون على المختلس، أليْسَ كلُّ امرئٍ منكم يذُبُّ عن سفِيهه، صُنْعَ مَن لا يخافُ عاقبةً ولا يرجو مَعاداً، ما أنتم بالحلماء، ولقد اتبعتم السُّفهاء، فلم يَزَلْ بكم ما ترون مَن قيامكم دُونَهم حتّى انتهكوا حُرَم الإسلام، ثم أطرقوا وراءكم كُنُوساً في مَكَانِس الرِّيَب، حَرامٌ عليَّ الطّعامُ والشرابُ حتى أسوّيَها بالأرض، هَدْماً وإحراقاً، إنِّي رأيتُ آخِرَ هذا الأمر لا يصلحُ إلاّ بما صَلُح به أوَّلهُ: لينٌ في غير ضَعف، وشدةٌ في غير عُنف، وإنّي أُقسم باللَّه، لآخُذَنَّ الوليَّ بالوليّ، والمقيم بالظَّاعن، والمقبلَ بالمدْبر، والمطيع بالعاصي، والصَّحيحَ منكم في نفسه بالسقيم، حتَّى يَلقَى الرَّجُل منكم أخاه فيقول: انْجُ سعدُ فقد هلك سُعَيْدٌ، أو تستقيمَ لي قناتُكم، إنَّ كِذْبَةَ المِنبر بلقاءُ مَشْهُورةٌ، فإذا تعلَّقتم عليَّ بكِذبةٍ فقد حلّت لكم معصيتي، وإذا سمعتموها مِنّي فاغتمزُوها فيَّ واعلموا أنَّ عندي أمثالَها، من نُقِبَ منكم عَلَيْه فأنا ضامنٌ لما ذهبَ منه، فإيايَ ودَلَجَ اللّيل؛ فإنِّي لا أُوتَى بمُدلج إلا سفكتُ دمَه، وقد أجَّلْتُكم في ذلك بمقدار ما يأتي الخبرُ الكُوفَة ويرجعُ إليكم، وإيايَ ودعْوةَ الجاهليّة؛ فإني لا آخُذ داعياً بها إلا قطعتُ لسانه، وقد أحدْثتم أحداثاً لم تكُن، وقد أحدثْنا لكلِّ ذنبٍ عقوبة: فمَنْ غرَّق قوماً غرَّقناه، ومَن أحرق قوماً أحرقناه، ومن نقبَ بيتاً نقبنا عن قلبه، ومَن نبش قبراً دفنَّاه فيه حَيّاً، فكُفُّوا عَنِّي أيديَكم وألسنَتكم، أكفُفْ عنكم يدي ولساني، ولا تَظْهَرُ على أحدٍ منكم ريبةٌ بخلاف ما عليه عامتكُم إلاّ ضربتُ عنقه، وقد كانت بيني وبين أقوامٍ إحَنٌ فجعَلتُ ذلك دبْرَ أُذْني وتحتَ قَدَمِي، فمَن كان منكم محسناً فليزدد إحساناً، ومن كان منكم مُسيئاً فلينْزِع عن إساءته، إنِّي واللَّه لو علمتُ أنّ أحدكم قد قتله السُّلُّ مِن بٌغضي لم أكشِف له قناعاً، ولم أهْتِكْ له سِتراً، حتى يُبدِيَ له صفحتَه، فإذا فَعَلَ ذلك لم أناظِرْه، فاستأنِفُوا أموركم، وأرْعُوا على أنفسكم، فَربَّ مَسُوء بقدومنا سنسرُّه ومسرورٍ بقدومنا سنسوؤه، أيها الناس، إنّا أصبحنا لكم سادة، وعنكم ذَادةً، نَسُوسُكم بسلطان اللَّه الذي أعطانا، ونذودُ عنكم بفَيء اللَّه الذي خَوَّلَنا، فلنا عليكم السَّمعُ والطاعة فيما أحبَبْنا، ولكم علينا العدل والإنصاف فيما وُلّينا، فاستوجِبُوا عَدْلنا وفَيئَنا بمناصَحتكم لنا، واعلموا أنِّي مهما قصَّرتُ عنه فلن أقصِّر عن ثلاثٍ: لستُ محتجباً عن طالبِ حاجةٍ منكم ولو أتاني طارقاً بلَيل، ولا حابساً عطاءً ولا رزقاً عن إبّانه، ولا مجمِّراً لكم بَعثاً، فادعُوا اللَّه بالصَّلاح لأئمتكم؛ فإنهم ساستكم المؤدِّبون، وكهفُكم الذي إليه تأوُون، ومتى يصلُحوا تَصلُحوا، ولا تُشْرِبوا قلوبَكم بُغْضَهم فيشتدَّ لذلك غيظكم، ويطولَ له حُزنكم، ولا تُدْركوا بهِ حاجتكم، مع أنّه لو استُجيب لكم فيهم لكان شرّاً لكم، أسأل اللَّه أن يُعينَ كُلاًّ على كلٍّ، وإذا رأيتُموني أُنْفِذ فيكم الأمرَ فأَنْفذوه على أذلاله وأيمُ اللَّه إنَّ لي فيكم لَصَرعَى كثيرةً، فليحذر كلُّ امرئٍ منكم أن يكون من صَرْعاي"
    البيان والتبيين

    «®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»"رَبَّنا آتِنا فى الدُّنيا حَسَنةً، وفى الآخرةِ حَسَنةً، وقِنا عَذابَ النَّارِ"«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»

  12. #12
    أستاذ بارز الصورة الرمزية غالب ياسين
    تاريخ التسجيل
    17/11/2006
    المشاركات
    8,505
    معدل تقييم المستوى
    26

    افتراضي رد: جمهرة خطب العرب

    خطبة زياد بالبصرة وهي التي تدعَى البَتْراء
    قال أبو الحسن المدائني، وغيره؛ ذكر ذلك عن مَسلمة بن محارب، وعن أبي بكر الهُذَليّ قالا: قدم زيادٌ البَصرة والياً لمعاوية بن أبي سفيان، وضمَّ إليه خراسان وسجستان، والفسقُ بالبصرة كثير فاشٍ ظاهر، قالا: فخطب خطبة بتراءَ، لم يَحمَد اللَّه فيها، ولم يصلّ على النبيّ، وقال غيره: بل قال: الحمد للَّه على إفضاله وإحسانه، ونسأله المزيدَ من نِعَمه وإكرامه، اللهُمّ كما زدتنا نِعَماً فألِهمْنا شُكْراً
    "أما بعد فإنّ الجهالَة الجَهلاء، والضّلالة العمياء، والغَيَّ الموفى بأهله على النار، ما فيه سفهاؤكم ويشتمل عليه حلماؤكم، من الأمور العظام ينْبُتُ فيها الصغير، ولا ينْحاشُ عنها الكبير، كأنّكم لم تقرؤوا كتابَ اللَّه، ولم تسمعوا ما أعَدّ اللَّه مِن الثَّواب الكريم لأهل طاعته، والعذابِ الأليم لأهل معصيته، في الزمن السَّرمَدِ الذي لا يزول، أتكونون كمن طرفت عينَه الدُّنيا، وسَدَّت مسامعَه الشهواتُ، واختار الفانيةَ على الباقية، ولا تذكرون أنّكم أحدثتم في الإسلام الحَدَثَ الذي لم تُسبَقوا إليه: مِن تَركِكم الضعيفَ يُقهر ويؤخذُ مالُه، وهذه المواخير المنصوبة، والضعيفةَ المسلوبةَ في النَّهار المُبْصِر، والعددُ غير قليل، ألم تكن منكُم نُهاةٌ تَمنع الغُواةَ عن دَلَج الليل وغارة النهار؟ قرّبتُم القَرابة، وباعدتم الدِّين، تعتذرون بغير العُذر، وتُغْضُون على المختلس، أليْسَ كلُّ امرئٍ منكم يذُبُّ عن سفِيهه، صُنْعَ مَن لا يخافُ عاقبةً ولا يرجو مَعاداً، ما أنتم بالحلماء، ولقد اتبعتم السُّفهاء، فلم يَزَلْ بكم ما ترون مَن قيامكم دُونَهم حتّى انتهكوا حُرَم الإسلام، ثم أطرقوا وراءكم كُنُوساً في مَكَانِس الرِّيَب، حَرامٌ عليَّ الطّعامُ والشرابُ حتى أسوّيَها بالأرض، هَدْماً وإحراقاً، إنِّي رأيتُ آخِرَ هذا الأمر لا يصلحُ إلاّ بما صَلُح به أوَّلهُ: لينٌ في غير ضَعف، وشدةٌ في غير عُنف، وإنّي أُقسم باللَّه، لآخُذَنَّ الوليَّ بالوليّ، والمقيم بالظَّاعن، والمقبلَ بالمدْبر، والمطيع بالعاصي، والصَّحيحَ منكم في نفسه بالسقيم، حتَّى يَلقَى الرَّجُل منكم أخاه فيقول: انْجُ سعدُ فقد هلك سُعَيْدٌ، أو تستقيمَ لي قناتُكم، إنَّ كِذْبَةَ المِنبر بلقاءُ مَشْهُورةٌ، فإذا تعلَّقتم عليَّ بكِذبةٍ فقد حلّت لكم معصيتي، وإذا سمعتموها مِنّي فاغتمزُوها فيَّ واعلموا أنَّ عندي أمثالَها، من نُقِبَ منكم عَلَيْه فأنا ضامنٌ لما ذهبَ منه، فإيايَ ودَلَجَ اللّيل؛ فإنِّي لا أُوتَى بمُدلج إلا سفكتُ دمَه، وقد أجَّلْتُكم في ذلك بمقدار ما يأتي الخبرُ الكُوفَة ويرجعُ إليكم، وإيايَ ودعْوةَ الجاهليّة؛ فإني لا آخُذ داعياً بها إلا قطعتُ لسانه، وقد أحدْثتم أحداثاً لم تكُن، وقد أحدثْنا لكلِّ ذنبٍ عقوبة: فمَنْ غرَّق قوماً غرَّقناه، ومَن أحرق قوماً أحرقناه، ومن نقبَ بيتاً نقبنا عن قلبه، ومَن نبش قبراً دفنَّاه فيه حَيّاً، فكُفُّوا عَنِّي أيديَكم وألسنَتكم، أكفُفْ عنكم يدي ولساني، ولا تَظْهَرُ على أحدٍ منكم ريبةٌ بخلاف ما عليه عامتكُم إلاّ ضربتُ عنقه، وقد كانت بيني وبين أقوامٍ إحَنٌ فجعَلتُ ذلك دبْرَ أُذْني وتحتَ قَدَمِي، فمَن كان منكم محسناً فليزدد إحساناً، ومن كان منكم مُسيئاً فلينْزِع عن إساءته، إنِّي واللَّه لو علمتُ أنّ أحدكم قد قتله السُّلُّ مِن بٌغضي لم أكشِف له قناعاً، ولم أهْتِكْ له سِتراً، حتى يُبدِيَ له صفحتَه، فإذا فَعَلَ ذلك لم أناظِرْه، فاستأنِفُوا أموركم، وأرْعُوا على أنفسكم، فَربَّ مَسُوء بقدومنا سنسرُّه ومسرورٍ بقدومنا سنسوؤه، أيها الناس، إنّا أصبحنا لكم سادة، وعنكم ذَادةً، نَسُوسُكم بسلطان اللَّه الذي أعطانا، ونذودُ عنكم بفَيء اللَّه الذي خَوَّلَنا، فلنا عليكم السَّمعُ والطاعة فيما أحبَبْنا، ولكم علينا العدل والإنصاف فيما وُلّينا، فاستوجِبُوا عَدْلنا وفَيئَنا بمناصَحتكم لنا، واعلموا أنِّي مهما قصَّرتُ عنه فلن أقصِّر عن ثلاثٍ: لستُ محتجباً عن طالبِ حاجةٍ منكم ولو أتاني طارقاً بلَيل، ولا حابساً عطاءً ولا رزقاً عن إبّانه، ولا مجمِّراً لكم بَعثاً، فادعُوا اللَّه بالصَّلاح لأئمتكم؛ فإنهم ساستكم المؤدِّبون، وكهفُكم الذي إليه تأوُون، ومتى يصلُحوا تَصلُحوا، ولا تُشْرِبوا قلوبَكم بُغْضَهم فيشتدَّ لذلك غيظكم، ويطولَ له حُزنكم، ولا تُدْركوا بهِ حاجتكم، مع أنّه لو استُجيب لكم فيهم لكان شرّاً لكم، أسأل اللَّه أن يُعينَ كُلاًّ على كلٍّ، وإذا رأيتُموني أُنْفِذ فيكم الأمرَ فأَنْفذوه على أذلاله وأيمُ اللَّه إنَّ لي فيكم لَصَرعَى كثيرةً، فليحذر كلُّ امرئٍ منكم أن يكون من صَرْعاي"
    البيان والتبيين

    «®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»"رَبَّنا آتِنا فى الدُّنيا حَسَنةً، وفى الآخرةِ حَسَنةً، وقِنا عَذابَ النَّارِ"«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •