تظاهرة أردنية.. للاحتفاء بـ "القدس عاصمة الثقافة العربية" لعام 2009
السبيل ـ هديل الدسوقي

تحد عظيم ألقي على عاتق المثقفين في عام 2009 لتوحيد جهود واهتمامات الدول العربية نحو قبلة الثقافة (القدس) لتوضيح الأخطار المحدقة بها من حفريات واستيطان وتهويد، فهل ينجح المثقفون العرب في مقاومة طمس الهوية العربية لمدينة القدس؟!

في مؤتمر صحفي عقد الأسبوع الماضي بادرت وزيرة الثقافة د. نانسي باكير، بتقديم تصور مجمل لاحتفالية الأردن بـ«القدس عاصمة الثقافة العربية» لعام 2009، في المركز الثقافي الملكي، حيث بينت وزيرة الثقافة أن الفعاليات ستشمل ثلاثة ملتقيات معنونة، الأول: يضم ثمانية محاور تاريخية وقانونية وعمرانية واقتصادية واجتماعية وثقافية وأدبية ودينية، والأخطار التي تهدد مدينة القدس والقراءة المستقبلية لها.
والملتقى الثاني بعنوان «القدس في عيون الرحالة العرب والأجانب». أما الملتقى الثالث فيبحث في محاور: الهاشميون والقدس، والجيش العربي في الدفاع عن القدس، ودور الأردن في الحفاظ على الهوية العربية الإسلامية للقدس، والأردن والأوقاف الإسلامية في القدس، والأردن والأملاك المسيحية في القدس..
وقالت باكير إن ندوات ستقام في محافظات المملكة بالتنسيق مع مؤسسات وطنية وجامعات، تتناول القدس في الأدب العربي قديماً، والمكانة الدينية للقدس، والآثار الإسلامية والمسيحية في القدس، والوضع القانوني للقدس، ودور الجامعات الأردنية في الحفاظ على هوية القدس.. وتاريخ الحركة العلمية في القدس، والمخطوطات والوثائق والسجلات.
وأضافت الوزيرة أن جائزة مقترحة عن القدس سيتم الترتيب بشأنها مع الديوان الملكي تحمل اسم جائزة الملك عبدالله الثاني حول الدراسات المقدسية، تشارك فيها البلديات، ولأفضل كتاب في تاريخ القدس وآثارها أو وضعها الاجتماعي أو السكاني أو الديني أو أفضل كتاب مترجم عن المدينة، أو أفضل ثلاثة أبحاث عن القدس يقدمها طلبة المدارس والجامعات.
وستطرح مسابقات أدبية: نص مسرحي، مقالة، ألبوم صور، رسومات، قصة قصيرة، أفضل تصميم معماري للقدس..
كما أن الإذاعة والتلفزيون الأردني سيشاركان في الاحتفالية، وإن أشرطة فنية ستبث عن القدس.. وأكدت باكير على موقع إلكتروني خاص بهذه المناسبة تقوم عليه وزارة الثقافة.
وقالت باكير إن مطويات خاصة بالحرم القدسي وفهارس المخطوطات المقدسية والمذكرات ستنجز، وإن نشرة علمية شهرية عن القدس ستصدر باللغتين، تتزامن وإصدار كتاب عن دور المحاكم الشرعية الأردنية وارتباط محاكم القدس بها، وإن عدداً واحداً من المجلات التي تصدرها الجامعات والمؤسسات سيخصص عن القدس.
وذكرت الوزيرة أن مهرجاناً شعرياً يستمر أسبوعا عن القدس يتوزع على أقاليم المملكة الثلاثة، وأن مهرجاناً فنياً تشارك فيه فرقة العقبة الشعبية عن القدس يقام في الشمال والوسط والجنوب..
وأن مهرجاناً فنياً يتضمن أوبريتاً عن القدس تنظمه وزارة التربية، وأن أسبوعا ثقافياً فنياً فلسطينياً تشارك فيه فرق فنية وجمعيات عن القدس.
وقالت باكير إنه سيتم رصد مبلغ (559) ألف دينار للاحتفالية ضمن مشروع موازنة الوزارة للعام 2009.
وقد بيّن النائب المهندس عبدالرحيم البقاعي، أن الاحتفالية بالقدس عاصمة الثقافة العربية تتزامن مع احتفالية عمان المئوية.
وقد أكد أمين القدس زكي الغول، على وثائق التآخي لعشر مدن أردنية مع القدس واصفاً عمان بالقلب النابض، مشيداً بالدور الأردني تجاه المدينة المقدسة.
وتكونت لجنة الاحتفالية برئاسة وزيرة الثقافة من ممثل عن وزارة التربية والتعليم واللجنة الوطنية الأردنية للتربية والثقافة والعلوم، وممثل عن وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، وممثل عن اللجنة الملكية لشؤون القدس، وممثل عن مجلس الكنائس، وعضوية نائب رئيس الجامعة الأردنية، د. صلاح جرار، و د. عبدالجليل عبدالمهدي..
ويذكر أن وزير الثقافة الفلسطينية عطا الله أبو السبح، طلب من مؤتمر وزراء الثقافة العرب الذي عقد في مسقط سنة 2006 أن تكون القدس عاصمة الثقافة العربية لعام 2009، بعد أن اعتذرت بغداد عن ذلك لأسباب أمنية، هدف أبو السبح من طلبة تقاسم الدول العربية، والقدس وسائر الأراضي الفلسطينية فعاليات الاحتفال بالقدس، وكذلك خارج المنطقة العربية تعريفاً بالحق العربي في المدينة.. في حين أن تشكيل لجنة الاحتفالية لوزارة الثقافة في الأراضي المحتلة لاق نقداً كبيراً من قبل المثقفين فيها..
حيث وصف الشاعر غسان زقطان «موضوع القدس 2009» بأنه سلسلة من الأخطاء المتراكمة منذ اتخذ القرار حتى تشكيل اللجنة، وأضاف أن «اللجنة تعاني من ثغرات مؤلمة وتبدو صالحة للاحتفال بيوم محو الأمية أو افتتاح مركز، أي أنها لجنة لا تصلح لكل المناسبات.. وتصلح لأن لا تفعل شيئاً».
أما وزير الثقافة الحالي في حكومة تسيير الأعمال إبراهيم أبرش، فأعلن في برنامج على الفضائية الفلسطينية أن وزارة الثقافة لم تعرف شيئاً عن تأليف اللجنة ولم تستشر في ذلك وزارات الثقافة العربية التي تنص على دور لوزارة الثقافة».
وقد أجمل المثقفون هناك ثغرات تشكيل اللجنة في ثلاث نقاط أساسية:
أولاً: غياب المتخصصين في الشأن الثقافي، فأغلبية الأعضاء (47 عضوا) ليس بينهم كتاب أو مثقفون أو أصحاب رؤية ثقافية.
ثانياً: تغييب فلسطينيي الـ 1948 عن تشكيلة اللجنة بما ينسجم مع الرؤية «الاوسلوية» التي أسقطت هؤلاء من حسابات التحرر الوطني.. وقد استثنت اللجنة حماة القدس في الداخل: الشيخ رائد صلاح وهو من فلسطين المحتلة عام 1948، والمفكر عزمي بشارة، والمطران عطا الله حنا..
أما المسألة الثالثة: فهي تغييب فلسطينيي الشتات كلياً عن اللجنة ..
ولوحظ أخيراً أن مجموعة من الوجوه البارزة لـ«اتفاقية جنيف» هم من أعضاء اللجنة حتى إن بعضهم ذهب إلى القول بأن الذي أعد اللائحة وقدمها لأبو مازن هو مهندس اتفاقية جنيف ياسر عبد ربه، الذي يقف هو و زوجته على رأس اللجنة، وفيها جاك برزخيان الذي قد يكون من أكثر أعضاء اللجنة اطلاعاً على الفنون المعاصرة، لكنه في المقابل الشخص الذي أشرف على تنظيم الاحتفالات الفنية لتوقيع اتفاقية جنيف..
ومن الواضح في رأي العديد من المثقفين أن «قضية القدس 2009» تبدو معركة مزدوجة على أكثر من جبهة، هي أولا: عروبة القدس في وجه الاحتلال الإسرائيلي. وهي معركة فلسطينية ضد ثقافة أوسلو أو النهج الذي رسخته «التسوية».