هل هو مجرد دور أمني لأمريكا في الخليج؟!


تٌعد منطقة الخليج منطقة حيوية بالنسبة لواقع الدور الأمريكي. تلك الأهمية التي لا ترتبط فقط بتأمين تدفق بترول منطقة الخليج. ولكنها تَكَمن أيضاً في مصلحة الولايات المتحدة في منع أي دولة مٌعادية مٌحتملة من التحكم في المنطقة ومواردها واستخدام ذلك لابتزاز للعالم. كما أن للولايات المتحدة الأمريكية مصلحة في الحفاظ على وجودها العسكري في الخليج العربي الأمر الذي يرجع إلى خطورة جغرافية الموقع.
ومن ثم فإنه في حال مٌنعت الولايات المتحدة الأمريكية الوصول للخليج العربي، فإن قدرتها على التأثير على الأحداث في مناطق أخرى هامة في العالم يمكن أن تَقِل. ومِن ثٌم يؤثر على مصالحها. وفي ظل التحديات التي تواجه الدور الأمريكي في منطقة الخليج العربي. يأتي تقرير صدر عن مركز "خدمة الأبحاث بالكونجرس" بعنوان "حوار أمن الخليج ومشاريع عرض مبيعات الأسلحة The Gulf Security Dialogue and Related Armed Sale Proposals" في 14 يناير 2008. ليشير إلى المساعدات الأمنية كأداة لإبراز الدور الأمريكي في منطقة الخليج لمواجهة هذه التحديات.
السياق العام للتقرير
يُشير التقرير إلى أن الحفاظ على الاستقرار في منطقة الخليج العربي قد أصبح لفترة زمنية طويلة أحد أولويات الأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية. ويرجع ذلك إلى الرغبة في تأمين التدفق الحر للبترول والغاز الطبيعي للأسواق الدولية. إلى جانب دعم الحكومات الإقليمية الحليفة في جهودها الهادفة لتحقيق التوازن بين التهديدات الخارجية، والحفاظ على الأمن الداخلي.
وقد أسست دول الخليج العربي مجلس التعاون الخليجي في 1981 كآلية لحل قضايا الداخل السياسي والاقتصادي، وتنسيق التعاون الأمني المتعدد الأطراف.
وخلال التسعينات، كانت وجهة نظر العسكرية الأمريكية في منطقة الخليج ومحاولات الولايات المتحدة الأمريكية لدعم تنسيق أمن مجلس التعاون الخليجي مٌصَمَمَة لاحتواء التهديدات العسكرية المألوفة المحتملة من جانب العراق وإيران.
وفي أواخر التسعينات، عقدت إدارة كلينتون النية على برنامج لتعزيز التعاون لمواجهة تهديدات أسلحة الدمار الشامل.
تنشيط الحوار الأمريكي- الخليجي
يشير التقرير إلى أن الإدارة الأمريكية أطلقت جهودها لإنعاش مجلس التعاون الخليجي الأمريكي (US.-Gulf Cooperation Council-GCC ) ، للتعاون الأمني في إطار التكهن بحوار جديد لأمن الخليج ( Gulf Security Dialogue-GSD) في مايو 2006 كآلية لتحقيق تعاون مجلس التعاون الخليجي مع الولايات المتحدة الأمريكية، في مواجهة الإرهاب الناشئ وتهديدات الانتشار والاستجابة للتغيرات في التوازن الاستراتيجي الإقليمي.
وعرض التقرير أن دول مجلس التعاون الخليجي لديها وجهات نظر فريدة بشأن التهديدات المتعددة للأمن التي يواجهوها، وأولياتهم بالنسبة للاستجابة السياسية لها.
وَيَدل على ذلك، أنه رغم التركيز العربي بشأن النيات والقدرات العسكرية الإيرانية، لكن دول مجلس التعاون الخليجي تستمر في التواصل مع القادة الإيرانية وتجنب مظهرهم بوقوفهم ككتلة موحدة مع الولايات المتحدة الأمريكية ضد جيرانهم الخليجيين.
أيضاً أقرت دول مجلس التعاون الخليجي اهتمامهم بوحدة العراق. وقاموا بتقديم التزامات للعراق تَخٌص الصفح عن الديون والتمثيل الدبلوماسي. ذلك رغم أن بعض الحكومات الإقليمية التي يقودها العرب السنة يمكن أن تستمر في الحد من ارتباطاتها مع الحكومة العراقية بناءاً على إدراكهم أن بعض قادة الشيعة العراقيين يتم تحريضهم بمصالح طائفية متعصبة.
ويؤكد التقرير على أن استقرار وأمن منطقة الخليج العربي وموارده من الطاقة ستظل من أولويات الأمن الوطني الأمريكي. فعلى المدى القصير والمتوسط يشمل الاهتمام تهديدات الانتشار Proliferation Threats، والإرهاب المنشأ، الاستثمار الإيراني في الصواريخ البلاستيكية والتكنولوجيا النووية، والاهتمام المتزايد بالأمن الخليجي من جانب الصين، روسيا، والهند.
وبالنظر لذلك، ربما يبحث الكونجرس عن التأثير على السياسة الخارجية الأمريكية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي من خلال تخصيص بعض الأرصدة لبرامج يتم التنسيق بشأنها في إطار حوار الأمن الخليجي والتقييم لمشاريع عرض بيع الأسلحة.
ومن المحتمل أن يتم الإصرار على اهتمامات الكونجرس التقليدية بشأن الحفاظ على وضع إسرائيل كونها لديها " ميزات عسكرية نسبية qualitative military advantage". أيضاً يمكن أن يتحكم أعضاء الكونجرس بمطالب خاصة برصد الأموال ومشاريع عروض بيع الأسلحة بهدف تأمين الأهداف الأمريكية في تغيير بيئة الأمن.
ماهية الحوار الحالي حول أمن الخليج وأهدافه
وفي هذا السياق أكد التقرير على أن الحوار الحالي يخدم كأساس لآلية التنسيق الأمني بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج الست لمجلس التعاون الخليجي ( The Gulf Cooperation Council -GCC)، والتي تشمل السعودية، الكويت، البحرين، قطر، الإمارات العربية المتحدة، وعمان.
ويٌعد الهَدَف الأساسي للحوار هو دعم تعاون مجلس التعاون الخليجي، والولايات المتحدة الأمريكية لمٌقابلة التهديدات المشتركة.
وقد ساعد الحوار على الإمداد بإطار للتعهدات الأمريكية مع دول مجلس التعاون الخليجي في ستة مجالات:
تحسين قدرات الدفاع لمجلس التعاون الخليجي.
أمن الخليج والدور الأمريكي
قضايا الأمن الإقليمي، مثل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ولبنان.
مواجهة انتشار أسلحة الدمار الشامل.
مقاومة الإرهاب والأمن الداخلي.
حماية البنية التحتية الخطيرة.
العراق.
مشاريع عروض بيع الأسلحة ذات العلاقة والبلاغات للكونجرس
اقترحت الإدارة الأمريكية سلسلة من عروض بيع الأسلحة بِنية تَعزيز قدرات الدفاع الخاصة بدول مجلس التعاون الخليجي. وفي هذا الإطار اقترحت الإدارة الأمريكية حديثاً عروض بيع لأنظمة دفاع صٌممت لتقوية السلاح البحري، والجوي، وصواريخ الدفاع لبعض الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي.
وقد تَم إبلاغ تفاصيل مشاريع عروض بيع الأسلحة لدول مجلس التعاون الخليجي للكونجرس منذ 1 أغسطس 2007.
فبموجب القانون الأمريكي التحكم في تصدير الأسلحة (Arms Export Control Act-AECA)، لابد أن يبلغ الكونجرس رسمياً قبل مرور 30 يوم رفضه للحكومة بشأن عرض بيع لمعدات أو أجهزة عسكرية بقيمة مالية محددة.
والحقيقة أن عرض بيع الأسلحة تم الإبلاغ به رسمياً، وتم توضيح مراجعة الكونجرس، ولا يَعني ذلك بصورة ضرورية أن العقد تم التوقيع عليه لتنفيذ عروض البيع المقترحة.
وبشأن عروض البيع المستقبلية لتكنولوجيا ذخائر الهجوم المباشر المشترك Joint Direct Attack Munition(JDAM) Technology، أشار التقرير إلى أنه إبان عام 2007 أشار تقرير صحفي بشأن عروض بيع مستقبلية لهذه التكنولوجيا للمملكة السعودية العربية تم التعبير عنها في اهتمامات الكونجرس.
والـ JDAM عبارة عن نظام مركزي عالمي (Global Positioning System - GPS) مزود بأقمار صناعية، توجيه داخلي يستطيع أن يلحق بمفرقعات تقليدية غير موجهة MK-82k ، MK-83، MK-84، BLU-109، وblu-110.
وقد عبر بعض الملاحظين عن اهتمامهم بعروض بيع تكنولوجيا الـ JDAM للدول الأجنبية بسبب النتائج المحتملة لاستخدامها كأسلحة هجومية مؤذية.
وقد أشار التقرير إلى أنه في منطقة الشرق الأوسط باعت الولايات المتحدة الأمريكية تكنولوجيا الـJDAM لإسرائيل، والإمارات العربية المتحدة، وعمان. فمنذ أغسطس 2007 أبلغت الإدارة الكونجرس بمشاريع بيع 10.000 قطعة من الـ JDAM لإسرائيل و200 قطعة JDAM للإمارات العربية المتحدة. وفي 14 يناير 2008 أبَلغت الإدارة بشكل رسمي الكونجرس مشروع بيع 900 قطعة من الـ JDAM للسعودية.
عقبات بشأن مراجعة الكونجرس
كما لوحظ سابقاً أن في إطار القسم 36 فرع B، لقانون التحكم في تصدير الأسلحة أنه لابد أن يٌبلغ الكونجرس رسمياً قبل مرور 30 يوم من أن تستطيع الإدارة من اتخاذ الخطوات الأخيرة، برفضه لعرض بيع الحكومة العسكرية الأجنبية لأجهزة دفاع لحكومات دول غير الـ ـNATO .
وفي إطار القانون الحالي، يواجه الكونجرس عقبتان رئيسيتان لمنع أو تعديل عرض البيع من جانب الرئيس للمعدات العسكرية: أولاً: لابد من أن يكون قادر على تمرير التشريع المٌعبر عن الرغبة في عروض البيع، أيضاً: لابد أن يكون قادراً على إلغاء الفيتو الرئاسي المٌفترض لأي تشريع، الذي يشمل قرار عدم الموافقة. وذلك على الرغم من أن الكونجرس لديه الخيار في تمرير التشريع لمنع أو تعديل عرض بيع الأسلحة في أي وقت رغم بنود التسليم المتضمنة. غير أن مثل هذا الأمر، لو تم اتخاذه كقرار لعدم الموافقة يمكن أن يكون موضوع الفيتو الرئاسي.
الإدارة الحديثة ونشاط الكونجرس
في بداية 2007، تحدثت تقارير صحفية عن نية مسئولين أمريكيين (دون ذكر أسماءهم) على إبلاغ الكونجرس بعرض بيع مقترح لتكنولوجيا ذخيرة الهجوم المباشر المشترك Joint Direct Attack Munition(JDAM) technology للسعودية.
وعبر بعض المسئولين الإسرائيليين عن معارضة مؤقتة لمثل عرض البيع. واستجابةً لذلك بدأ بعض أعضاء الكونجرس التعبير عن قلقهم عن عروض بيع تكنولوجيا الـJDAM المحتملة للسعودية. كما بَقَى بعض أعضاء الكونجرس معارضين لعروض البيع المرتقبة بناءاً على قلقهم بشأن حماية الولايات المتحدة الأمريكية والقوات المتحالفة في منطقة الخليج والحفاظ على احتفاظ إسرائيل بـ "ميزة نسبية عسكرية" وسط جيرانهم العرب.
وفي 14 يناير 2007، أبَلَغت الإدارة بشكل رسمي الكونجرس لمشروع البيع 900 قطعة من الـ JDAM للسعودية.
وجدير بالذكر أن الرئيس بوش قد أعلن إبان زيارته الأخيرة لمنطقة الشرق الأوسط، وبالتحديد في الثلاثاء 15 من يناير 2008 أن الولايات المتحدة تنوي تزويد السعودية بـ900 صاروخ من أكثر الصواريخ تطوراً والتي توجه بالأقمار الصناعية، بالإضافة إلى أكثر أنظمة الأسلحة التي تنتجها الولايات المتحدة تقدماً، وذلك كجزء من مساعدات أمنية تبلغ كلفتها 20 بليون دولار للدول الخليجية.
مبادرات الكونجرس
منذ يوليو 2007، عرض أعضاء الكونجرس سلسلة من الخطابات للرئيس بوش معبرين عن قلقهم بشأن عروض بيع الأسلحة المحتملة للسعودية ومطالبة الإدارة باتخاذ أفعال محددة.
وفي هذا الإطار أشار التقرير إلى حرص الإدارات الأمريكية المٌتعاقبة على جعل حكومات الخليج معتمدة على الولايات المتحدة الأمريكية، ودعمها التكنولوجي.
ويصرح بند 4 من قانون تحكم تصدير الأسلحة Arms Export Control Act(AECA) بأن سلع الدفاع الأمريكي وخدمات الدفاع يٌباع للدول الصديقة "فحسب" لاستخدامها:
في الأمن الداخلي.
لاستخدامها في الدفاع الشرعي عن النفس.
لتمكين الحاصلين عليها من المشاركة في الترتيبات الإقليمية أو الجماعية أو كمؤشرات لتماسك لميثاق الأمم المتحدة.
لتمكين المستقبلين للمشاركة في المقاييس المطلوبة من جانب الأمم المتحدة بغرض حفظ أو إحياء السلام والأمن الدولي.
ولتمكين القوات العسكرية الأجنبية في الدول النامية من إنشاء الأعمال العامة وللتعهد في أنشطة أخرى مساعدة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية لمثل هذه الدول الصديقة.
وأشار التقرير إلى أن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية لديها خيارات أخرى في إطار قانون الـ AECA لمَنع نقل بنود الدفاع والخدمات العسكرية والتي مازالت تعاقدتها سَارية المفعول وموجودة. وتَشمل هذه الخيارات أن تكون الدولة الأجنبية منتهكة لاتفاقية عرض بيع الدفاع القابل للتطبيق مع الولايات المتحدة الأمريكية ومن ثم يمكن إرجاء التسليم لمواد الدفاع المأمور بها بالفعل، والرفض بالسماح لأنظمة تسلح جديدة.
كذلك عرض التقرير وجهة النظر الإسرائيلية الرسمية حيث أشار إلى تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود ألمرت Ehud Olmert في يوليو 2007. والخاص بأن إسرائيل تسلمت "تعهد تفصيلي وصريح" من الولايات المتحدة الأمريكية "يؤكد على تمكين إسرائيل ميزة عسكرية فوق الدول العربية". وأنه رغم أن القادة الإسرائيليين سَجلوا تصريحاتهم بالثقة في التزام الولايات المتحدة الأمريكية في الحفاظ على التفوق النوعي للقوة العسكرية Israel's qualitative military edge ، إلا أنه لم يتم التأكيد من جانب المسئولين الأمريكيين أو الإسرائيليين على أي خطط بشأن بيع أنظمة JDAM لإسرائيل.
المصادر: تقرير واشنطن- رضوي عمار