برز مصطلح التنمية المستدامة خلال ثمانينيات القرن الماضى فى الكتابات المعنية بمشاكل البيئة وعلاقتها بالتنمية ، وقد كان تقرير اللجنة العالمية للبيئة والتنمية الذى نشر عام 1987 تحت عنوان "مستقبلنا المشترك" أول من قدم تعريفا لمصطلح التنمية المستدامة على أنها فى أبسط صورها تتمثل فى "تلبية احتياجات الأجيال الحالية دون المساومة على قدرة الأجيال المقبلة على الحياة والبقاء" ، وذلك يعنى التوزيع المناسب والعادل للموارد والحقوق والثروات بين الأفراد على مر الزمن والمساواة المتبادلة بين الأجيال المختلفة وبين أفراد الجيل الواحد ، ويرتكز مفهوم المساواة بين الأجيال على فرضية أنه على الجيل الحاضر التأكد من الحفاظ على العوامل اللازمة لضمان جودة الأحوال الصحية والتنوع البيولوجى وإنتاجية الموارد الطبيعية أو زيادتها لمصلحة الأجيال القادمة.

وفى عام 1992 صدر تقرير البنك الدولى عن البيئة والتنمية ليؤكد على هذا المفهوم ويشير إلى صعوبة تحديد مفهوم الاستدامة حيث أن عمليات التنمية تنطوى بالضرورة على استخدامات للموارد المتاحة ، وبالتالى فإن التحول الحقيقى لمفهوم التنمية المستدامة لن يتم إلا بزيادة الإنتاجية الشاملة لرأس المال المتراكم متضمنا صحة البشر والمتعة الجمالية بما يكفى لتعويض الخسائر الناتجة عن نضوب رأس المال الطبيعى .

وقد كان الاعتقاد السابق أن المستوى الفعلى للإنتاج مرتبط بعوامل الإنتاج التى اختلف المنظرون الأوائل فى تحديد أيهم أهم ، ففى حين اعتقد البعض أن الأرض هى أساس الثروة قال ماركس أن العمل الإنساني يأتى فى المقام الأول ، واعتقد الاقتصاديون الرأسماليون أن رأس المال هو الذى يتيح حدوث الإنتاج وتراكم القيمة ، وتعتبر كل هذه النظريات (طبقا لمفهوم التنمية المستدامة) صحيحة جزئيا لكنها غير كاملة حيث أن النظام الإنتاجى يتطلب كل هذه الأشياء بالإضافة إلى الطاقة والتكنولوجيا والمهارات والمواد الأولية والمياه والإدارة والخدمات الطبيعية التى تقدمها البيئة فى مجال التنظيف وإعادة التدوير.

مما سبق يتضح أن مفهوم التنمية المستدامة فى معناه الواسع يستهدف توفير ودعم :
1- نظاماً انتاجياً يحافظ على الموارد الطبيعية ، ويبحث عن التكنولوجيات المتوافقة بيئيا.
2- نظاماً اجتماعيا يقدم الحلول للتوترات الناجمة عن التنمية غير المنصفة ويؤمن المشاركة الفعالة للمواطنين فى صنع القرار.
3- نظاماً اقتصادياً قادراً على إحداث فوائض ومعرفة فنية قائمة على أسس الاعتماد الذاتى والتواصل ويرعى الأنماط المستديمة للتجارة والتمويل.