هل أشرقت الشمس...؟! حدَثت سارة نفسها وهي تستوي جالسة على السرير ... أطلت من النافذة ... اليوم أوّل أيام العطلة الصيفية ... الصيف جميل ... إنه جنة الصغار ... جميل رغم كل ما فيه من حرّ وبعوض وأرق قد يسرق النوم من الجفون ... حسنٌ ... وحتى لا يزعل صديقنا الشتاء فهو جميل أيضا ً... لياليه الطويلة حول موقد ِ الحطب ِ لا تـُنسى، ... نفخت في كفيها وهي تتخيل حبات الكستناء ِ الحارّة وقد حرقت راحة اليد وبقعتها بحمرة ليست مؤلمة على كل حال مقابل طعم الكستناء الذي لا يُنسى وبالذات قبل أن يبرد وتأكله بينما تنظر بين فينة وأخرى إلى موقد الحطب وتحدث نفسها بطعم الحبة الثانية ومن بعدها الثالثة ...، نفخت سارة يديها وكـأنها تزيل ما علق بهما من قشور الكستناء المحترقة ونزلت من على السرير وبثلاث قفزات متتالية كانت خارج الغرفة، .. ارتدت الحذاء على عجل وهي تنظر إلى بوابة الحديقة المفتوحة، ... ألم تأت ِ بعد؟! غابت قليلا .. عادت أدراجها وهي تضرب كفا بكف وتضحك ..!! أعادت النظر إلى قدميها واستغرقت بالضحك من جديد ، ... كانت تلبس باليمنى حذاء الرياضة الأبيض الجديد، أما اليسرى فقد ارتدت فيها حذاء المدرسة الأسود القديم، .. الحمد لله .. ماذا لو رأتها صديقتها بنان .. ربما ظنت بعقلها الظنون .. تلفتت حولها وتفحـّصت غرفتها بنظرة خاطفة... ماذا جرى وماذا لدينا هنا ؟! الغرفة مقلوبة رأسا على عقب وكأنما قصفتها عاصفة .. ضحكت من قلبها وهي تحاول أن تتذكر كيف طارت شنطة المدرسة وحطت على علاّقة الملابس !! هل كل هذا احتفاء بك أيها الصيف العزيز؟! .. لكن لا .. يجب أن تتأنى ولينتظر صديقنا الصيف قليلا !! أعادت ترتيب الغرفة أفضل مما كانت عليه قبل أن تقلبها في الليلة الفائتة بحثا ً عن حذاء الرياضة !! بعد نصف ساعة نظرت إلى ما أنجزت .. أعادت النظر .. أحبت أن لا تغادر الغرفة ... هل لأنها رتبتها بيديها؟؟!! ربما !! لكن أمها ترتبها كل يوم !! هذه هي المرة الأولى التي تنتبه فيها إلى جمال غرفتها وهي مرتـّبة .. كم أحبك يا أمي! .. خرجت من الغرفة وانطلقت راكضة إلى المطبخ حيث كانت الأم تحضـّر الفطور ، ... قبلت أمها ثلاث مرات متتالية: شكرا يا أمي شكرا ً !!، .. نظرت الأم: على ماذا يا حبيبتي؟! ... ابتسمت سارة : على كل شيء .. على الحذاء والكستناء وموقد الحطب والغرفة المرتـّبة!! .. ابتسمت الأم وهزت رأسها بتساؤل!!

انطلقت سارة خارجة إلى الحديقة، .. توقفت والتفتت: أمي .. من الآن وصاعدا أنا أرتـّب غرفتي .. لا تتعبي نفسك .. !!. اتسعت ابتسامة الأم وقالت محدثة نفسها: لقد كبرت ابنتي، عمرها الآن احد عشر عاما !!

وقفت سارة في منتصف الحديقة ،، تلفـّتت .. لماذا تأخـّرت ؟! ارتفع صوت بنان وهي تفتح البوابة وتدخل : أنا هنا!. دخلت وما أن أغلقت البوابة والتفتت إلى حيث تقف سارة حتى انفجرت هذه ضاحكة وهي تنظر إلى حذائيّ بنان !! نظرت بنان إلى عينيّ سارة متسائلة : ماذا هناك ؟!. لم تستطع سارة الكلام .. اكتفت بالإشارة إلى حيث قدمي بنان، .. كانت ترتدي حذاء الرياضة الأزرق باليمنى وحذاء المدرسة الأسود باليسرى !!!.