امة مستباحة ..!!
الباحث : عبدالوهاب محمد الجبوري
نحن أمة مستباحة في كل شيء .. أ فرأيتم ما فعله بوش بأطفال العراق ونسائه وشيوخه ؟ وما فعلته الصهيونية بأرض فلسطين وأهل فلسطين؟ أ فرأيتم إلى كل هذا وذاك؟ فماذا فعلت الأمة العربية والإسلامية للرد عليه أو على الأقل للوقوف ضده ؟ أ لم يستقبل بوش استقبال الأبطال في الدول العربية ؟ بل ورقص بالسيف العربي وتمتع بالرقص التقليدي ، ونال الأوسمة الرفيعة والهدايا الثمينة ؟..
هل حدث مثل هذا في أمة أخرى ؟ لو قتل أوروبي على سبيل المثال في دولة عربية ، لقامت الدنيا وما قعدت ولقطعت أوروبا كلها علاقاتها مع تلك الدولة وسحبت سفراءها، وربما هددت بالقوة العسكرية، فكيف أطاق العرب والمسلمون استقبال رجل ألقى من القنابل على بلد مسلم أضعاف أضعاف القنبلة النووية التي ألقيت على هيروشيما ؟ أ ما اهتزت مشاعرهم لمقتل أطفال بعمر الورد في العراق ؟ أ ما شعروا بالأسى لما يحدث كل يوم لأطفال فلسطين من الرضع والذين لم يبلغ الحلم بعد ؟ ..لقد تجرأت الدانمارك على سب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ورائها الدول الأوربية كلها ، فماذا فعل العرب والمسلمون سوى الاحتجاج المخجل لوقف الاستهزاء بسيد المرسلين عليه ألف صلاة وسلام ؟ فمن لم يغضب لرسول الله ولا لاستباحة حرمات بلاد المـــسلمين فكيف يغضب للسودان أو لرئيس السودان؟ ..
دعت المحكمة الجنائية أن عمر البشير مسؤول عن إبادات جماعية بحق المدنيين في إقليم دارفور، هل يشك عاقل أو حتى أحمق ، أن أمريكا أبادت ثلاثة ملايين طفل عراقي بأسلحة فتاكة ومحظورة، فلماذا لا يطالب العرب بمحاكمة بوش؟. أ لم يدمر شارون وباراك وشامير واولمرت وكل مجرمي الحرب الصهاينة أجزاءً من فلسطين فوق رؤوس أهلها، فلماذا لا يحاكمونهم أمام تلك المحكمة، بل لماذا يتمتع هؤلاء المجرمين بطيب المَلقى في بلاد عربية عديدة ؟ حتى أن توني بلير الذي تلطخت يداه بدماء الأبرياء في العراق وشرد شعباً آمناً أصبح اليوم مبعوث سلام وحمل وديع ويجتمع بالقادة العرب من أجل تحقيق المصالحة والسلام مع إسرائيل ..ما هذه المحكمة الدولية التي لا تتجرأ إلا علينا حتى أصبح سفك دمائنا أهون على العدو من سحق حشرة، وأين عزة المسلم وكبريائه، لقد ضاعت كرامتنا حتى أصبحت كلمة مسلم أو عربي تهمة بحد ذاتها، وحكامنا وقوانا السياسية ومنظماتنا عن هذا غافلون ؟ ..
لم يبق أمام السودان إلا توحيد الصف والاتجاه نحو الداخل وتقوية الروابط بين أطياف الشعب ، والاستعداد لمواجهة التحديات أياً كانت .. فالحكومة التي تحترم شعبها ولا تضيق عليه ستجد هذا الشعب قد وقف معها في أزمتها وناصرها .. أما ما فعلته الحكومة السودانية من مخاطبة الجامعة العربية لشرح موقفها من المحكمة الجنائية فإنه لا يسمن ولا يغني من جوع ، بل قد يأتي بنتائج عكسية، فما حشرت الجامعة المغدروة أنفها في شيء إلا وأتت بهلاك الحرث والنسل، وماذا فعلت الجامعة لليمن الذي يكاد يتمزق أو للصومال المحتل ولفلسطين السليبة أو للعراق الأشم ..
نحن امة مستباحة ، بالأمس كانت فلسطين والعراق ومقدساتنا وكرامتنا وثرواتنا واليوم السودان وغدا سيأتي الدور على كل من لا ترضى عنه إسرائيل وأمريكا ولن يسلم منهما حتى اقرب الأصدقاء عندما يأتي الوقت الذي تختاره الإدارة الأمريكية والحركة الصهيونية .. وسوف نرى هذا بأم أعيننا ، لأننا نعرف أبعاد وأهداف مخططات ومشاريع الصهيونية العالمية ونعرف أنها بلا حدود حسب الأساطير التوراتية وبروتوكولات أشرار صهيون ، والتي تعتبر هي المنهج لسلوك وسياسة الإدارات الأمريكية في السيطرة على العالم وإقامة الحكومة اليهودية العالمية ، كل هذا سيحصل إن لم نحسب حسابنا بإعادة النظر في مجمل مواقفنا واستراتيجياتنا وسلوكنا وننتخي لغيرتنا وكرامتنا ونعيد قراءة التاريخ مجددا ، رغم أننا امة مغلوبة على أمرها لا حول لها ولا قوة ، خلال هذه المرحلة التاريخية من حياتها ، على مواجهة هذا الطغيان العالمي لأسباب كثيرة معروفة لا نريد خوضها في هذا المقام ، ولكننا بالإيمان ومراجعة النفس والاتفاق وتوحيد الموقف العربي ولو بالحد الأدنى وإخلاص النية ونكران الذات وتغليب المصلحة العربية العليا على أنانياتنا ومصالحنا الضيقة وتجاوز خلافاتنا بقرار مسؤول شجاع والوقوف موقف الرجال الواعين لحركة الأحداث وتطوراتها في كل ماحصل و يحصل من ممارسات عدوانية وعنصرية ضد امتنا العربية وعامة المسلمين ، فإذا لم يحصل هذا ووالله سوف يستبيحون كل شيء في حياتنا وسلبنا حتى آخر نقطة بيضاء في إرادتنا وكرامتنا وحتى شرفنا ، لأنهم يريدوننا أن نصبح عبيدا لهم ويستحوذون على كل ما نملك من ثروات وفكر وثقافة وتاريخ وحضارة .. وكلمة أخيرة نقولها لإخوتنا في السودان مثلما قلناها لإخوتنا في فلسطين والعراق وسنظل نقولها لكل العرب ، وهي التمسك بقوله تعالى : ( وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين) ..
ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم
مراجع /
د. عوض السليمان/ رئيس عربي الى المحكمة الجنائية
محمد شوكت الملط / السودان والتبشير في مواجهة التقسيم والتبشير
عمار علي / التامر على السودان