بسم الله الرحمن الرحيم
{يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ
وَأُوْلَـئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ }آل عمران114
التحرش بالأنثى . . . . . بين مطرقة القانون و الشرع و المجتمع
( موضوع للمناقشة ) بُني المجتمع الإسلامي علي أساس التكاملية بين الرجل و المرأة . . و وضع الصيغ المنهجية الربانية لضمان كفالة الحقوق و مراعاة الآداب العامة و الأخلاق التي تسيد بها المسلمون في العصور السابقة . . و كان المرأة ينظر إليها كمخلوق له كيانه و استقلاليته و احترامه . . من أجل ذلك ذهب القانون الوضعي بوضع التشريعات لحماية المرأة من التعرض لها لكونها مخلوقة رقيقة ضعيفة ، و كفلت الشريعة الإسلامية حمايتها بفرض التزامات تبسط لها الطريق لتعيش آمنة مطمئنة
و تعتبر جريمة التحرش من الجرائم التى تؤذي مشاعر المرأة في كيانها و عقلها و إحساسها . . و رغم عدم وجود مفهوم دقيق و واضح لهذه الجريمة التى يرفضها الشرع و المجتمع . . إلا أن المادة 306 من قانون العقوبات و المعدل بالقانون رقم 169 لسنة 1981 نصت علي : " يعاقب بالحبس مدة لا تزيد علي شهر كل من تعرض للأنثى علي وجه يخدش حياء بالقول أو الفعل في طريق عام أو مكان مطروق . . " و تنص المادة 299 من القانون السوداني : " كل من يتهجم علي أمراة ، أو يستعمل معها القوة الجنائية قاصداً بذلك أو عالماً باحتمال أن ذبك يخدش حيائها ، يعاقب بالسجن مدة لا تجاوز سنتين أو بالغرامة أو بالعقوبتين . . " و بالنظر إلي هذه النصوص كمثال . . نجد انه لم يعطي تفسير واضح لمعني " خدش الحياء " و أطلق العنان للاجتهاد و التفسير و تقيد العقوبة . . مما أوقعنا واضع النص القانوني في حيرة عن
ما هية طبيعة الأقوال و الأفعال التى قد تخدش حياءها ، وما زمنها . . و ما هي المرأة التى ينطبق عليها النص علماً بأن هناك اتجاهات حديثة نحو علم جديد اسمه " علم الضحية " و هو ملحق بعلم الإجرام . . يؤسس أن المجني عليه أحد مسببات الجريمة مما يستتبع ذلك تخفيف العقوبة ، و بدأت بعض الدول علي سبيل الردع و الالتزام الأخذ بمبادئ هذا العلم.
و بالنظر إلي الشريعة الإسلامية ، يقول المولي تبارك و تعالي : " {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }النور31 . . هذا الالتزام حمله الله سبحانه و تعالي للمرأة صيانة لها و حماية لها . . و توعد لمن يخالفه بالعذاب ، قال تعالي : {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }النور19 و الآيات كثيرة . .
ووقف المجتمع صوب هذه الممارسات وقفة حادة رافضة لها شكلاً و موضوعاً . .
أما الآن فالجاني الذي يقترف هذه الجريمة لا يأبى القانون . . و لا الشرع . . و لا المجتمع . .
فلماذا بدا لنا أن التحرش بالأنثى في الطريق العام أمراً عادياً ؟ هل نأخذ بمبادئ علم الضحية و نقول بأن المرأة نفسها هي المتسببة في هذه قيام هذه الجريمة ؟ لماذا تبدلت ثقافة المجتمعات العربية و الإسلامية من ثقافة النخوة و الرجولة إلي الرعونة و عدم الاكتراث و اللامبالاة ؟ من يحمي بناتنا و زوجاتنا و أمهاتنا ؟ . . .
موضوع للمناقشة أطرحه علي سيادتكم
تحية احترام و تقدير
المفضلات