عبث الدكاترة... والسقوط الكبير!

محمد العوضي / خواطر قلم /

قال لطلابه الذين ابتلوا بشخصه قبل ابتلائهم بأفكاره، فالأستاذ الأكاديمي الذي يحمل لقب (دكتور) لا يحترم الرأي الآخر من طلابه رغم تجمله ومناداته بضرورة الحرية في التعبير!!
قال لهم إن المحافظين يصدعون رؤوسنا بمطالبتهم بتطبيق الأحكام الشرعية ورفع شعار دين الدولة الاسلام. قال مسترسلاً: يا طلبة هل طبق الإسلام في القرون الأولى القريبة من نزول الوحي كي يطبق في حضارة اليوم المغايرة في كل شيء عن أيام زمان؟! ولم يترك الدكتور فرصة للطلبة ليبدوا آراءهم، وتكفل بالاجابة عنهم قائلاً: إن الإسلام طبق في فترة يسيرة ثم قتل الخليفة الثاني وتبعه الثالث والرابع ليذوقوا المصير ذاته... ثم جاءت الحكومات الوراثية وحصل ما تعرفونه من دويلات وصراعات حول الملك.
ونجيب نيابة عن الطلبة على مشاغبات الدكتور الجامعي فنقول له: ماذا يعني في ذهنك الإسلام قبل أن تتحدث عن تطبيقه الذي توحي للطلبة أنه شبه مستحيل! الإسلام عقيدة تنبثق عنها شريعة ويتميز الإسلام عن غيره من المبادئ أنه دين وحضارة، وامتاز بأنه واقعي عملي، ينطبق على واقع الإنسان وليس ديناً نظرياً، لذلك لم يقتصر الإسلام على الأفكار من بيان العقيدة والمعالجات فقط، بل بين كيفية تنفيذ هذه المعالجات وكيفية حماية العقيدة وحملها إلى العالم.
وبين لنا الإسلام الأحكام الشرعية كالأوامر والنواهي وقد بين لنا كيفية تنفيذ هذه الأحكام، فشرع نظاماً تفصيليا للحكم هو نظام الخلافة، بيّن فيه أجهزة الخلافة وشروط الخليفة والبيعة وأجهزة الدولة وغيرها من التفصيلات التي حوتها آلاف المجلدات التي سطرها الفقهاء. ووهم الدكتور جاء من كونه يظن أن المجتمع الإسلامي مجتمع مثالي لا يقع فيه الخطأ، وكأن سكان البلد المسلم ملائكة السماء وليس البشر الذين جاءت الأحكام من أجلهم بمن فيهم الحاكم والمحكوم. ثم إن الإسلام هو النظام القضائي الذي يحكم بموجبه القاضي على قضايا الناس وحقوقهم المادية والمعنوية، فلم يكن القضاء فرنسياً ولا خليطاً وإنما كان مستمدا من مصادر التشريع المعروفة... أما الحياة العامة فدور العبادة ومعاملات الناس وحركتهم في الحياة فكانت على مدى الدول الإسلامية تغلب عليها الأحكام والآداب الشرعية، ولم يقل أحد ان المجتمع المسلم أو الدولة المسلمة هي المعصومة من الذنوب والمعاصي... بقي أن ننبه أن من أكبر المعاصي التي وقعت في تاريخ الإسلام هو التفريط في نظام الحكم وتنكب طريقة البيعة الشورية التي قررها الشارع سبحانه، ولكن النظام القضائي والأخلاقي والعبادي والحلال والحرام كان يعم العالم الإسلامي إلى قبيل سقوط دولة الخلافة 28 من شهر رجب سنة 1342هـ.
ثم اننا نريد أن نناقش الدكتور الليبرالي أو العلماني أو الخليط بينهما فنقول له، كما كتب الدكتور البوطي: هب ان رجال التاريخ المتوهم، لم يقيموا المجتمع الإسلامي ولم يطبقوا شريعة الله وحكمه، فأي شبهة في ذلك تخدش الحق الذي قام به دليل العقل وبرهانه القاطع، على وجود الله ووحدانيته وعلى ارسال الرسل والأنبياء وتكليف الناس عن طريقهم، باتباع حكم الله والتزام شرعه؟
ولنفرض - يا دكتور - انك اكتشفت حقيقة من الحقائق ببرهانها القاطع الذي لا يرد، ثم رأيت الناس كلهم من حولك غير شاعرين بها ولا مستيقنين لها، أفيكون واقع هؤلاء الناس من حولك ابطالاً ونسخاً للعلم الذي استقر في رأسك؟!
أقول: إن الدكتور يقلب القواعد العقلية فيجعل من سلوك الناس الخاطئ حكما على المبادئ الحقة، والصواب أن يجعل من المبادئ مقياساً لسلوك الناس... وإذا أردت أن تعرف مدى وعي الناس بمن فيهم محبو الإسلام فانظر كيف يحتفلون - حكومات وشعوبا - بذكرى الإسراء والمعراج... ولا يفكرون أو يتذكرون هذا الشهر - رجب - الذي سقطت فيه دولة الخلافة وضاعت فيه ما تبقى من فروض الإسلام وازدادت التبعية للمستعمر وتجذر التشرذم... ولا نزال نعاني... لأن تاج الفروض وهو إقامة كيان إسلامي في شكل دولة لها خليفة ينضوي تحتها المسلمون... لا وجود لها اليوم فحصل السقوط العملي للشعوب... والسقوط الفكري لوعي الدكاترة!!


بارك الله في الدكتور محمد العوضي وجزاه خيرا
http://www.alraimedia.com/Templates/...px?npaId=60763