الهامشيون والبيئة (7) الحرف البيئية

[محسن رشاد أبو بكر]

الحرف البيئية بين الأصالة والمعاصرة



لفترات طويلة من الزمن نتعامل فيها مع الحرف اليدوية القائمة على استخدام موارد البيئة المحلية ، فقط على أنها مصدر لانتاج بعض الأشياء للسياح الأجانب على اعتبار أن (السوق عايز كدة) ، ولكن ما نسيناه بالفعل هو أن تلك الحرف كانت لها قيمة مجتمعية وتلبى العديد من الاحتياجات الفعلية فى المجتمع ، بالإضافة إلى أنها تعتبر جزءا من النسيج الاجتماعي لبعض المناطق حيث يشترك فيها أسر بأكملها بأطفالها وشيوخها ونسائها ، ولا تحتاج سوى خامات محلية وبعض العدد والأدوات البسيطة التى يصنعها الحرفى بنفسه من عناصر البيئة المحيطة به.

ومع الوقت تحولت منتجات تلك الحرف إلى مجرد أشكال فنية لا تعبر عن المجتمعات التى جاءت منها مثلما كانت قبل ذلك ، واهتمت فقط بتلبية رغبة السياح ، كما لو كانت كل حرفة من هذه الحرف عبارة عن شجرة نضب ثمارها ولن تطرح ثانية وليس من المفيد سوى اجتثاثها من الأرض وتقطيعها إلى أجزاء صغيرة لعرضها على أنها أثر أو كما لو كانت تمثالا لأحد المومياوات فى أحد المتاحف يلبى رغبة السائح فى تجريد تراث الشعوب ذوات الحضارات واختزاله فى مجرد آنية فخارية أو سجادة يمكنه اقتنائها.

وقد أدى التطور الصناعى والتكنولوجى –على الرغم من فوائده العديدة- إلى مزيد من التدهور لهذه الحرف نتيجة استخدام أدوات أخرى تكون أسرع فى إنتاجها وربما تكون أكثر كفاءة عن ذى قبل ، فعلى سبيل المثال ، أدى انتشار عمارة الأسمنت إلى الاستغناء عن المشربية ونافذة الزجاج المعشق ، وحلت الأطباق البلاستيك مكان الأطباق المصنعة يدويا من سعف النخيل …الخ.


ملحوظة ليست هامشية

هل رأيت الماعز فى الصورة المرفقة ، تلك الماعز ليست هامشية لهؤلاء النسوة اللاتى ينسجن من مخلفات شجرة النخيل أطباق وسلال و..... ، لكنهن ، تلك النساء ، هامشيات ، وسط العديد من الهامشيين يملأون يوما بعد آخر صورة العديد من مجتمعاتنا ، دون أن نراهم بوضوح.

أبو بكـر