آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: Anthony Trollope - father Giles of Ballymoy

  1. #1
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    09/09/2007
    العمر
    42
    المشاركات
    38
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي Anthony Trollope - father Giles of Ballymoy

    مضت ثلاثون سنة منذ أن دخلت أنا آرتشيبالد جرين أول مرة مدينة باليموي الصغيرة غرب ايرلنده. فكان من حسن حظي أن تعرفت فيها على أحد أصدق الناس وأفضل المسيحين. ربطتنا صداقة وثيقة عشرين سنة مع أنه يكبرني بكثير. وحيث أنه توفي من عشر سنين ، يمكنني الآن قص قصة أول لقاء بيننا.
    إن باليموي مدينة مجازا – أو أنها كانت كذلك في الأيام التي أتكلم عنها. وهي على مقربة من ضفاف بحيرة (كورب) في منطقة (جالواي) ، على طريق لا يؤدي إلى أي مكان. كانت هي نهاية الطريق ، ولا يجد المسافر ما يجذبه إليها. فطبيعة البحيرة الخلابة لا ترى من باليموي : فالبحيرة ضخمة جدا والمناظر الطبيعية في الجهة المقابلة للمدينة – فيصعب الوصول إليها أو حتى رؤيتها. وحتى صيد السالمون بعيد جدا عن باليموي ، فالنهر الصغير يجري مبتعدا عن البحيرة نحو مدينة (جالواي). وكان في باليموي وقتئذ شارع واحد. مغمور في المياه بشكل يلفت نظر المار فيه. وليس سبب ذلك الوحيد مياه الأمطار التي تجري في شوارع بلا بلاليع ، وتنسال في جداول مكدرة بالطين ، مسرعة بتهور ايرلندي تجاه البحيرة – بل أيضا أن كل منزل كان يظهر كأنه مبلل حتى فاحت منه رائحة الرطوبة ، وأن الأسقف طورا حجرية وطورا قشية. وكانت الحجرية منها ضعف طول تلك القشية ، وكل فجوة بينها تبدو كأنها مدخل لمياه الجنة.
    أما سكان باليموي فهم أعجوبة المدينة الثانية. لم تكن مجاعة آنذاك ، ولم يكن العفن بين البطاطس ، وكانت الآراض تؤجر بتسع أو عشر أو احدى عشر باوندا للفدان. وفي آناء الليل والنهار ترى في باليموي رجالا معافين يقفون في الشوارع ، يلبسون بناطيل إلى الركب ، غير مزررة ، وجوارب طويلة متدلية على أحذيتهم ، ومعاطف صوفية مفروقة الذنب. وبالرغم من كونهم عاطلين عن العمل ، لا يبدو أنهم يعانون من الفقر. لا شك أن هناك الكثير من الشحاذين في باليموي ، لكني لم ألحظ كثرة الفقراء في تلك الأيام. فكانت الأرض تجود بطاطس ، ولم يحتج لا انسان ولا خنزير إلى أكثر من ذاك.
    شاء القدر أن أبقى في باليموي أسبوعا لعمل لا أريد ازعاج القارئ بشأنه الآن. لم أكن في ذلك الوقت أعرف عادات أهل كانوت (اقليم غرب ايرلنده يضم عدة مناطق منها جالواي) – كما عرفتها فيما بعد. وكنت في ريبة من أمرهم وأنا داخل القرية في عربة استأجرتها من تشوام. كنت قد جئت للتو من دبلن ، حيث قيل لي أن ثمة ما يسمى فندقان في باليموي ، أحدهما قد لا تكون فيه بعض وسائل الراحة التي يمكن أن أتطلبها أنا كانجليزي. فهكذا سألت عن (الفندق) الذي يديره بات كروان. وكان حريا بي أن أكون دقيقا ، فالفندق الآخر يديره لاري كروان.
    استغرقت الرحلة من دبلن ليلة ونهارها – أسافر كما كنا نسافر حينذاك في ايرلنده ،بالقوارب والعربات. وبعد أن أكلت في تشوام ، وصلت باليموي في ليلة من ابريل ، بردانا جدا . وكنت قد مت من التعب.
    فقلت للسائق بشيء من الغضب : ( فندق بات كروان. انتبه ولا تذهب إلى الآخر )
    فقال : ( طبعا يا سيدي . ولم لا تذهب إلى فندق لاري؟ فالأب جايلز هناك وقد تستأنس به أكثر مما لو بقيت هنا )
    لم أعرف أي شيء عن الأب جايلز ، ولم أرد معرفة أي شيء عنه. كل ما عرفته أن على الذهاب إلى ( فندق ) بات كروان. فأصررت.
    كانت الشمس تغرب ، وكانت الرياح تهب في شارع باليموي محملة بالمطر. في غرب ايرلنده يأتي مناخ مارس في ابريل. يأتي بقوة ، لكن ليس كالعواصف الانجليزية الشرقية ، التي لا تعرف الرأفة.
    في هذه اللحظة كدت أدق عنقي وأنا أحاول ابقاء رأسي منتصبا في العربة. ودخلت المياه إلى مقعدي ، وتوقف الحصان ست مرات في آخر دقيقتين ، فلم أكن سعيدا أبدا. وفي آخر عشر دقائق كنت أرى الشر في كل شيء ايرلندي وخصوصا كانوت.
    أوصلني السائق إلى بيت في آخر الشارع بثلاث زوايا ، غريب الشكل ، مظهره لا يمت بأي صلة بالنزل.
    فقلت : ( هل هذا فندق بات كروان؟ ) فقال السائق : ( نعم هذا هو اذا يا سيدي. وان كان الأب جايلز.......)
    لكني كنت قد ضربت الجرس ، ففتحت الباب فتاة حافية ، ودخلت في ممر ضيق دون سماع المزيد عن الأب جايلز.
    ( أيمكنني استئجار غرفة فيها نار مشتعلة فورا؟ ) لم تجبني الفتاة وقادتني إلى غرفة الجلوس ، حيث استقبلتني رائحة غريبة : رائحة بقايا ويسكي ساخن ممزوج بكثير من السكر. وتركتني الفتاة في الغرفة.
    فقلت بشيء من الغضب وأنا أقترب من الباب : ( أين بات كروان نفسه؟) ... فليتذكر القارئ أني كنت مرهقا جدا. كما أن الصخب والجلبة مفيدان في غرب ايرلنده.
    قلت : ( إن لم تكن لديك غرفة ، ذهبت إلى فندق لاري كروان فورا) فقال السائق ( فندق لاري غير بعيد ياسيدي ، وقد مررنا به من قبل. لكنك يا سيدي بالتأكيد لا تفكر في الرحيل عن البيت لهذا السبب) قال السائق هذه الجملة الأخيرة لأن امرأة بات كروان كانت وراءه. فطمأنتني السيدة كروان أنهم سيضيفونني. كان البيت مزدحما حقا ، لكنها قامت بترتيباتها : فراش جاهز. أما النار التي أردت فلم تنصحني بها وقالت بحماس : ( الرياح تهب في المدخنة. والسيد مك هاكت لا يريد أن يساعد في إصلاح رأس المدخنة فهو يريد العمل في القصر. تبا لكل مفصل في جسده) .. لكن صداقتها هي ومك هاكت البناء كانت حسنة على أي حال.
    ثم أفصحت عن رغبتي في الذهاب إلى غرفة النوم فورا – ومن دون نار. فقادوني إلى الطابق الأعلى. وعندما سألت أين أفطر وآكل في الغد ، قالوا لي أن الغرفة التي تفوح منها رائحة الويسكي هي المخصصة للأكل. في السابق كنت مغتاظا بعض الشيء ، لكني لما سمعت ما سمعت صممت أن أكون مبرطما. فأنا لم يضايقني الافطار في تلك الغرفة ، لكني رأيت أمامي سبعة أيام من البؤس – فالغرفة الوحيدة التي يمكن أن ألوذ بها ، تأتي كل باليموي كما هو واضح للشرب والتدخين فيها. على أية حال لم يكن لدي خيار آخر لامضاء الليلة والصباح التالي ، فبلعت غضبي من غير شكوى. ولحقت الفتاة الحافية إلى الأعلى ، وأنا أرى حقيبتي تحمل أمامي.
    إن الانجليز الآن لا يعرفون ايرلنده حق المعرفة ، لكن معرفتهم بها تحسنت عما مضى .. في أول رحلة لي إلى كانوت ، كنت خائفا من أن أقع ضحية لهمجية أناسها الذين لا يعرفون القانون. فلقد رأيت في ليل عاصف ماطر حشودا من السكان واقفين أمام أبواب النزل – كنت أكاد أميز سيقانهم وقبعاتهم الممزقة. فتصورت أن باليموي احدى تلك المناطق النائية عن الحضارة والقانون : أي أنها غير آمنة لانجليزي بروتستنتي مثلي. وأنا تكفلت بالعمل الذي يجب القيام به هنا دون أن أعي حقا ما أنا مقبل عليه – وكنت مصمما على اتمامه. لكني أعترف أني عرفت المخاطر المحدقة بي. فلقد قررت سابقا أن لا أغفل عن حقيبتي ولو للحظة. سأعيش بلصقها ، وأتشبث بها ، وإن لزم الأمر أموت في سبيلها. فأمرتهم أن يحملوا الحقيبة إلى الأعلى قدامي ، فاستقرت آمنة في غرفة النوم. وكان الدرج ضيقا ، تقترب زاويته من التعامد مع الأرض ، فكأني وأنا أصعده أتسلق جبلا. بني هذا البيت بطريقة همجية غير حضارية ، فلا يدري المرء أكنيسة يرى أمامه أم فندقا. مبنى مثلث ، كله زوايا. لم أر بناء يزعج العين كهذا قط. نادوني من أعلى الدرج لأدخل الغرفة المنتقاة ، لكني لم ألحظ آخر درجة وفي عيني وميض شمعة صغيرة ، فتكبكبت على وجهي نحو الغرفة وأنا أسب بات كروان وباليموي وكل كانوت.
    أرجو أن يتذكر القارئ أني سافرت ثلاثين ساعة متواصلة ، وقضيت خمسة عشر ساعة في قارب غير مريح لا أستطيع المشي فيه. وفي آخر ثلاث ساعات لم ترحمني الرياح وهي تعصف بي. كنت مرهقا جدا، وكنت اكلم الفتاة الحافية بفظاظة.
    فقالت الفتاة براحبة صدر : ( بالتأكيد ياسيدي ، هو نظيف كل النظافة ويابس كل اليبس. وقد نام فيه رجل في كل ليلة منذ العاصفة الكبيرة ) ثم بدأت تخبرني عن الأب جايلز. لكني لم أسمع أي كلمة وهي تنحني لترتب لحاف الفراش. وقالت : ( المسه يا سيدي .... يابس كل اليبس )
    وكان اللحاف حقا لما لمسته نظيفا يابسا ، والفراش مع أنه صغير جدا إلا أنه كان يبدو مريحا. فلطفت نبرة صوتي معها وطلبت منها إيقاظي في الثامنة صباح الغد.
    فقالت : ( طبعا يا سيدي ، وسيوقظك الأب جايلز بنفسه )

    فقلت لها ألا تطلب أي شيء من الأب جايلز. لكن الفتاة أصرت أنه سيوقظني ، وتركتني.
    هل يعقل أن من مهام قسيس الأبرشية ، في هذا المكان الهمجي ، أن يدور على كل فراش لإيقاظ أي نائم لصلاة الفجر ، أو اي طقس آخر من طقوس الكاثوليك المستنكرة؟ لقد حذرتني أمي ، التي كانت امرأة صارمة ، بشدة من دسائس قساوسة ايرلنده ، وكنت أنا حقيقة أسخر منها دوما. هل مثل هذه الدسائس موجودة حقا ؟ هل يمكن أن يمنعوني بنطالي إلى أن أحضر القداس ؟ أم أنهم سيجبرونني بطريقة كريهة أخرى ؟
    بدأت أستعد للنوم متجاهلا ذلك ..... والمخاوف الأخرى – أو ربما من الأفضل القول أني كنت مصمما على مواجهة أي مصيبة تأتي من الليل أو النهار بشجاعة. كان هناك شيء طيب في مغامرة النوم في فندق بات كروان ، بدلا من النوم في غرفتي في شارع كبل في ميدان رسل. فضحكت في نفسي على فكرة بات كروان عن الفنادق ، وأفرغت حقائبي.
    كانت هناك طاولة صغيرة مغطاة بقماش نظيف ، لمحت عليها مشطا صغيرا. فحركت المشط بحذر دون مسه ، وجلبت الطاولة إلى جانب فراشي. أخرجت فرشي وملابس نظيفة للصباح ، وقلت صلواتي : متحديا بذلك الأب جايلز هو ودسائسه ، ووثبت إلى الفراش. وكان الفراش وثيرا حقا ، واللحاف طيبا جدا. وما إن مرت خمس دقائق حتى استغرقت في النوم.
    لم أدري كم مضى من الوقت ، لكني استيقظت في آخر الليل عندما سمعت خطوات في غرفتي. ولما قفزت رأيت رجلا عجوزا طويلا سمينا يستدبرني ، في منتصف الغرفة ، وينظف ملابسه بفرشاة بكل تفان. لم يزل معطفه على ظهره ، وبنطاله على رجليه – لكنه كان شديد التركيز على كل جزء من جسمه تصل إليه يده.
    فجلست على الفراش ، وظللت أحدق به عشر دقائق ، كما ظننت حينها – فلنقل أن المدة كانت في الأغلب أربعون ثانية فقط. لكني تيقنت من شيء واحد : ألا وهو أن الفرشة التي يستخدمها ملكي! وأنا لا أعرف ان كان هذا التصرف وفقا لقوانين ايرلنده أم لا .. لكني شعرت أنه لا بد ملزم ، إن كانت هذه الحال ، أن يستعمل على الأقل فرش الفندق ، أو فرشه الخاصة به ، فهذا تعد واضح على أملاكي!
    فقلت له بحدة لأفجعه : ( يا سيد مالذي تفعله هنا في هذه الغرفة ؟ )
    فقال السمين : ( أنا فعلا لآسف على ايقاظك يا بني )
    ( ألا تريد أن تخبرني ما تفعل هنا ؟ )
    فقال الرجل مستغربا : ( أنا في هذه الآونة أنظف ثيابي .. إي .. هي متسخة )
    ( متسخة .. وأنت تنظفها بفرشاتي )
    ( هذا صحيح أيضا. فما بيد الرجل ان لم يملك فرشة إلا أن يستعمل فرشة غيره )

    ( أعتقد أنك في حريتك تطغى يا سيدي )
    ( وأنا أعتقد أني في حدودي. على كل حال نحن نختلف على نطاقها فقط. عذرا. هاك فرشتك. أرجو أن تكون سليمة )
    ثم وضع الفرشة ، وجلس على أحد الكرسيين الموجودين في الغرفة. وبدأ في خلع حذاءه ببطء وهو ينظر إلى طوال الوقت. فقلت : ( ما أنت فاعل يا سيد ؟ ) وأنا أخرج قليلا من تحت اللحاف وأستند إلى الطاولة.
    ( أستعد للنوم )
    ( أين ؟ )
    قال ( هنا ) واستمر في فك رباط الحذاء.
    لطالما كانت عندي نظرية ، عن كل البلدان لا عن بلدي خاصة ، وهي أن الحضارة تظهر جلية ناصعة ، عندما يقضى أن لكل امرئ فراشه الخاص به. في الأيام الخوالي ، كان الرجال الإنجليز الموسوري الحال لا يرون بدا في النوم مع بعضهم البعض ، كما يقال لي أن النساء ما زلن يفعلن الآن. ( رجال يفترض حسن مسلكهم وتعلمهم ) . وإلى الآن تسود هذه العادة بين الناس في المناطق النائية. وسيقال لك في أجزاء من أسبانيا أن فراشا واحدا يأوي ويكفي رجلين. ويعتبر متزمتا في البلدان الإسبانية الأمريكية من يزعجه نوم شخصين على جانبيه. ولم تظهر علامات الحضارة تلك عندنا بين الطبقات الفقيرة. ولعل كانوت كلها هي الأخرى خالية تماما من هذه العلامات ، فمن الواضح أنها ليست موجودة في باليموي.
    جلست على الفراش فجأة وقلت : ( لا نوم لك هنا ) فقال العجوز : ( ستجدك مخطئا في هذا. بل استرح لن أمسك بسوء. وأنا هادئ النوم كالفئران.)
    فتيقنت أن الوقت وقت عمل ما وقت كلام. فأنا ما كنت لأسمح أبدا لهذا الرجل أن ينام في فراشي. فأنا أول الواصلين هنا ، وصاحب ومالك هذه الغرفة لهذه الليلة على الأقل ، وأيا ما كانت عادات البلد في هذه المناطق الوحشية ، لن تبرر معاملة مالك الفندق معي هكذا.
    فقفزت من فوق الطاولة إلى الأرض. وقلت وأنا أتصدى للغريب لحظة خلعه حذاءه الأيمن : ( لن تنام هنا يا سيدي .. لن تنام الليلة هنا. فاذهب.)
    بعد ذاك التقطت حذاءه ، وذهبت به إلى الباب ، ثم قذفته خارجا. فسمعته يتدردب على الدرج. وسعدت لأنه كان يسقط بكل هذه الجلبة. الآن سيدرك الرجل حتما أني جاد فيما أقول.
    وقلت : ( حبذا لو لحقت بحذائك بسرعة )
    لم أر الرجل بوضوح بعد ، ومع أني الآن أضع يدي على كتفه إلا أني كنت بالكاد أميزه. كانت الإضاءة ضعيفة من شمعة رخيصة كادت تحترق في أصلها. وأنا نفسي كنت حيرانا قلقا قليل الانتباه. لقد عرفت أن الرجل يكبرني ، لكني لم أدرك أنه عجوز إلى درجة تضمن حسن تصرف الناس معه.
    كان طويلا ضخم الكراديس ... هكذا بدا لي عندها. ظل الرجل هادئا دمثا ، إلى أن قذف حذاءه. فلما سمع دبدبة الحذاء بدا وجهه ممتعضا وجعل يتكلم بغضب وبسرعة. لم أناقشه ولم أفهمه ، لكني أصررت وأنا ما زلت أمسك بخناقه على أنه لن ينام هنا. لا بد له من الخروج من هذه الغرفة.
    فصاح الرجل عدة مرات : ( لكنها غرفتي. غرفتي. غرفتي أنا )
    هذا هو اذا بات كروان شخصيا. لعله سكران أو مجنون.
    فقلت : ( قد تكون ملكك لكنك أجرتها لي الليلة ولن تنام فيها )
    وبهذا أخذت أدفعه نحو الباب .. وإذ بي أطأ رجله الحافية. فقال : ( كم أنت مزعج أيها الإنجليزي العنيد. لقد خنقتني. أترك عنقي قبل أن تفتك بي )
    أسفت لوطئي رجله لكني بقيت ممسكا به. كان بالقرب من الباب الآن وكنت مصمما على إخراجه من الغرفة. وكان وجهه مكورا ، أحمر جدا. ظننت أنه سكران. ولكم تضاعف غضبي منه عندما عرفت أنه مالك الفندق بات كروان.
    قلت له وأنا أدفعه نحو الباب : ( لا نوم لك هنا .. فمن الأفضل لك أن تذهب )
    ظل الباب مفتوحا مذ رميت حذاءه. وبعد صراع وجيز عند عضادتي الباب تمكنت من إخراجه. لم أتذكر أن الدرج يفاجئ الخارج من الغرفة حتى كأنه بلصقها. لقد كنت في نوم عميق قبلها ، ولم أكن واعيا بالضبط أين أنا. فلما أخرجته من الباب الصغير ، دفعته ، كما كان من الطبيعي في نظري أن أتصرف معه. فسقط الرجل على قفاه. سقط على الدرج مثل الكرة. وسمعته يصطدم بامرأة بات كروان التي كانت لا شك قادمة لتستفسر عن سبب كل هذا اللغط.
    برق أمل في ذهني أن المرأة ستكون عونا لزوجها في محنته هذه. لقد سقط الرجل بقوة. سقط على قفاه. وتذكرت كما كان الدرج سحيقا. يا رب! تخيل أنه مات أو حتى أصيب إصابة بالغة في عقر داره، ما قيمة حياتي في هذه الحالة في هذا البلد الموحش ؟ حينذاك بدأت أندم على ما فات من عصبيتي. فقد يحدث أني قتلت رجلا في أول رحلة لي إلى كانوت.
    احترت برهة ماذا أفعل. كانت السيدة كروان وخادمتها مشغولتين بجثة الرجل المطرود. تذكرت أني لا أزال ألبس قميص نومي ، فرجعت إلى الغرفة وهممت أن أغلق الباب ، بيد أنه لم يرتح لي بال للعودة إلى الفراش دون التحري عن مصير الرجل. فأخرجت رأسي من الباب ، وتحريت.
    ( أرجو ألا يكون أصيب إصابة بالغة من السقطة )
    ( وي! جريمة .. جريمة! بالله عليك تكلم يا عزيزي )
    سمعت تلك وولولات أخرى من النساء في أسفل الدرج. فقلت مرة ثانية : ( أرجو ألا يكون أصيب إصابة بالغة ، لكن ما كان عليه أن يتهجم على غرفتي )
    فقالت السيدة كروان : ( يقول غرفته الأحمق! أنت أصلك غبي! ) وقالت الخادمة المنحنية على الجثة المنبطحة : ( نعم يا سيدتي والأب جايلز بمثابة رجل ميت )
    سمعتها تقول الأب جايلز بوضوح . بعدها أدركت أن الرجل الذي طردت لم يكن مالك الفندق بل قسيس الأبرشية! سقم فؤادي وأنا أفكر في المشكلات التي تحاصرني. وحالت بي الحال من خوفي من أن يكون الرجل أصيب إصابة خطيرة. ولكن لماذا ؟ .. لماذا تهجم على غرفتي ؟ وكيف كان لي التذكر أن درج البيت الملعون بلصق باب الغرفة ؟
    سمعت أحدهم بالأسفل يقول : ( يجب أن يشنق إن كان قانون في ايرلنده ) .. وإلى حد علمي احتمال أن أشنق احتمال وارد جدا. فلما سمعت ما قيل بدأت أعتقد أني حقيقة قتلت رجلا. فجعلت أقلق قلقا شديدا ، وبقيت مدة أرجف حيث أقف. ثم تذكرت أنه حقيق بي كرجل النزول إلى أعدائي ، ومعرفة ما حصل فعلا ومن آذيت. ولتكن العواقب كما تكون.
    فلبست ثيابي بسرعة : بنطال ومعطف فضفاض ونعال. ثم نزلت. كانوا إذاك قد أخذوا القسيس إلى غرفة رائحة الويسكي ، ومع أن الوقت متأخر إلا أن ستة أوسبعة أشخاص كانوا معه. أحدهم بات كروان نفسه ، الذي لم يكلف نفسه عناء تبديل ثيابه كما فعلت أنا.
    وكان الرجل ، الذي طلع أنه فعلا قسيس الأبرشية ، قد أجلس على مقعد ، مسندا رأسه إلى السيدة كروان. عرفت على أية حال من أناته أنه لم يزل أمل في حياته.
    وكان بات كروان نصف نائم ، ولا يفهم ما يحصل بالضبط. ثم عرفت بعدها أنه كان منتشيا أيضا ، وهو يقف بحذو الأب جايلز ويهز رأسه يمنة وميسرة. وكانت الفتاة الحافية موجودة أيضا ، ومعها امرأة عجوز ورجلان أتواا جميعا من المطبخ.
    قلت : ( هل استدعيتم الطبيب ؟ )
    فقالت السيدة كروان : ( أنت أصلك وغد . يا لص العالم! ما كان لمثلك أن يدخل من بابي )
    ( لست بأندم مني على الدخول من بابك يا سيدة كروان. ولكن ألا يحسن بك استدعاء الطبيب ؟ )
    ( أجل . وثق أيها الشاب أن الشرطة آتية أيضا. هكذا ترمي الرجل من الغرفة .. ومن غرفته أيضا. ترمي قسيسا عجوزا. الرجل الذي منحك نصف غرفته مع أني طلبت منه ألا يفعل .. ولمن ؟ لرجل لا أحد يعرف شيئا عنه )
    جعلت الحقيقة تظهر تدريجيا. لم يكن الرجل الذي طردت الأب جايلز وحسب بل كان أيضا هو مالك الغرفة. على أي حال كان عليهم أن يعلمونني بهذا ، قبل أن أنام في فراش القسيس.
    شققت طريقي إلى الرجل المصاب. ووضعت يدي على كتفه ، بزعمي سأستعلم عن مدى خطورة الإصابة. وإذ بالمرأة الغضبى والفتاة تبعداني عنه ، وتثقلان على بالملامات ، وتهددان بمشنقة جالواي.

    وكنت أتطلع لمجيء الطبيب في أسرع وقت ممكن ، فلما وجدتهم لا يفعلون شيئا ، اقترحت الذهاب لطلب أحدهم. ولكني فهمت منهم أن لا سبيل لخروجي من الفندق حتى تأتي الشرطة. فكان على البقاء نصف ساعة تقريبا ، إلى أن يأتي رقيب وشرطييان. وفي كل ذلك الوقت بات ذهني في حالة يرثى لها. فأنا لا أعرف أحدا لا في الحي ولا في باليموي كلها.
    ومن الطريقة التي كانوا يخاطبوني بها ، ومن تهديدات السيدة كروان ، وكل من دخل أو خرج من الغرفة ، أدركت أنهم سيكونوا جميعا شديدي العداء لي. ولقد سمعت عن جرائم القتل الايرلندية ، وعن حب الناس لقساوستهم ، فبدأت أشك في بقائي على قيد الحياة.
    وبينا كذلك إذ بالأب جايلز يعود إلى وعيه. لقد أغمي عليه من السقطة ، ثم صحا ، لكن لم يعد إلى رشده كرة واحدة. ولم يبد عليه خلال الوقت الذي تركت معه وحده أنه يتذكر أحداث الساعة الماضية.
    ثم تمكنت من الاكتشاف مما قيل ، أنه استأجر الغرفة منذ شهر ، وأنه كان لما وصلت يشرب الشاي مع السيدة كروان. وكانت الغرفة الوحيدة الأخرى مسكونة. فسمح هو بكل طيب نفس للسيدة كروان أن تسكن الساكسوني الغريب في غرفته. تبدى لي كل ذلك تدريجيا ، فلا جرم أن السيد كروان كانت تراني وضيعا ناكرا للجميل. ولم أجن أي فائدة من ذلي لهم ، واذعاني لكل ما يقال من حولي ، ولا من نقاشي وشرحي الموقف لهم.
    قلت : ( لكن يا سيدتي ، لو أنكم على الأقل قلتم لي أنه فراش السيد الموقر ، لما حصل ما حصل )
    فقالت السيدة كروان : ( إي! الذي يسمع الرجل يحسب أننا قد نطلب من الأب جايلز النوم في نفس الفراش مع أمثاله ، وفي الغرفة فراشان من أجود ما نام عليه المسيحيون )
    كانت تلك معلومة جديدة بالنسبة لي. مع أني كنت أعرف من قبل أن أخلع ثيابي للنوم ، أن في الغرفة فراشين! لقد رأيتهما ، لكني نسيتهما مع الربكة التي حصلت لما استيقظت. فشعرت الآن أني جد كنت غبيا جدا. بيد أني فعلا صدقت أن الرجل الضخم سيدخل فراشي الصغير. بئس ما فعلت : إن القسيس الدمث قبل أن يأوي رجلا لا يعرفه في غرفته ، فكان رد جميله أي يلقى حتفه! وبالرغم من أني كنت أمقت نفسي في تلك اللحظة من كل قلبي ، إلا أني لم أستطع أن أرى الموقف كما رأوه هم. فكانت لي أعذار .. لو أن أحدهم أصغى إلي.
    قلت : ( كان يستعمل فرشاتي ، فرشة ثيابي. وليس الأمر أني لا أريده أن يستخدمها ، لكني اعتقدت أنه لص )
    فقالت لي امرأة بكل ازدراء : ( ما كل هذا الكرم !؟ )
    فقال القسيس : ( أجل استخدمت احدى فرش السيد )


    كانت أول كلمات مفهومة ينطق بها ، ولكم سعدت بها. فإن الرجل الذي يتذكر استعماله فرشاة لا يمكن أن يكون مشرفا على الموت ، حتى ولو سقط على درج سحيق كدرج فندق بات كروان.
    فقلت للأب جايلز : ( على الرحب والسعة يا سيدي. لا شأن للفرشاة بالأمر .. أبدا. كل ما في الأمر أني ظننت أن ليس في الغرفة إلا فراشا واحدا. وهم أعطوني الغرفة وما قالوا لي أي شيء عنك. تصور أنت في أي حال كنت لما استيقظت في منتصف الليل. )
    فقال أحدهم : ( إي ولك كل الوقت الذي تريد لتصوراتك حيث تذهب ... سجن باليموي )
    لا أعرف كيف أصف لكم الغضب والكره الذي من حولي. لم يكونوا عنيفين معي ، لكني لا أتحرك حركة إلا أرى منهم تصميما واضحا على عدم السماح لي بالخروج من الغرفة. وتحدجني أعين حمراء ، وكل كلمة أنبس بها تقابل بعبارات استحقار تبدي سوء نية قائليها. فغدوت سعيدا بمجيء الشرطة ، بظني سأحتاج إلى حمايتهم. لقد خجلت مما فعلت خجلا شديدا ، لكني ما وجدت أني أخطأت في شيء معين. فليسأل الرجل منكم نفسه : ماذا يفعل إذا دخل عليه رجل ضخم وأصر أن ينام في فراشه؟ وليس ذنبي أن الدرج بلصق باب الغرفة.
    جاء شرطييان ، ثم جاء بعيدهما رقيب ومعه طبيب وقس اسمه كولمب ، عرفت بعدها أنه كان معاونا للأب جايلز. كان هناك جمع من الناس في الفندق ، مع أن الساعة تعدت الواحدة. وكأن كل باليموي عرفت أن قسيسها أسيئ إليه. وكان جليا لي أن ثمة شيء في الديانة الكاثوليكية ، يجعل القساوسة يحظون بحب جم لدى جماهيرهم. فأنا أشك إن حدث مثل ما حدث في قرية انجليزية ، أن يثور من أجله أهلها في منتصف الليل ، ليأخذوا ثأرهم من المجرم. فلقد بدأ الناس هنا يصرخون لأخذ ثأرهم مني ، وحتى قبل مجيء الرقيب كان الشرطييان يقفان بحذوي. وشعرت أنهما لا يحمياني إلا لكي يتمكنا من شنقي!
    لم يعجبني الطبيب بتاتا ، لا أول مرة رأيته ولا في بقية رحلتي في باليموي. لما جاء شق طريقه عبر الناس إلى القس ، وظل صامتا لا يقول أي شيء عن حالته ، لا يرضي الناس الشغوفين بالقس ولا يريح أعصابي. بل بات يردد كيف أن المجرم الذي فعل هذا متوحش ، وأن هذه إساءة فظيعة لا تغتفر. وكل كلمة ينطق بها ، تشجعه السيدة كروان على المزيد.
    ( إي يا طبيب! هذا الكلام. فراشان من أجود ما نام عليه المسيحيون. والغرفة كانت ملك الأب جايلز منذ أن اقتلعت العاصفة سقف بيته )
    هكذا كانت القصة تظهر لي شيئا فشيئا. اقتلعت العاصفة سقف بيت القس فذهب ليسكن في الفندق ، ثم وافق أن يقتسم غرفته مع غريب ، فكان هذا جزاؤه!


    فقلت بكل وداعة : ( أرجو أن يكون السيد بخير ) فقال الطبيب بغضب : ( أوتظن رجلا مثل هذا يقع من على درج عال ويبقى سليما معافا؟ لقد كدت تكسر عنقه )
    فعلا الصخب في الغرفة فاقترب الشرطييان مني ، وكأنهم يريدون فعل شيء لئلا أمزق إربا. فرأيت أنه من واجبي - على الأقل كساكسوني – أن أظهر شجاعا أمام (الكلت). فتكلمت مرة ثانية لكن بصوت عال : ( ليس في الغرفة مغموم بما حدث أكثر مني . أنا قلق جدا على الرجل وأريد معرفة اذا أصيب اصابة خطرة )
    فقال الطبيب : ( أجل اصابة خطرة جدا. فمن المحتمل مما عرفته الآن أن يكون عموده الفقري مصاب )
    فقال رجل غاضب : ( هل تعتقد يا رجل أنه سيقع على قفاه على سلم صغير كهذا ولا يزعجه الأمر؟ ما مسه سوء إلا لأنه قس ، ولأنه سعيد الحظ ، ولا فضل لك في ذلك )
    علمت بعد ذلك أن الرجل ضابط في هيئة الجباية التي كان مقرها في باليموي. ولقد عرفته جيدا فيما بعد : النقيب توم مكديرمت من منطقة ليترم.
    فقال الأب جايلز : ( على رسلك يا توم ) ولكم فرحت لأنه تكلم. سكت الجميع لحظة. ثم قال الأب جايلز : ( قل للسيد أن لا بأس علي ) ومن تلك اللحظة شعرت بمودة نحوه ما وهنت بعدها أبدا.
    أرجعوه إلى الغرفة التي طرد منها. وأخذوني أنا إلى قسم الشرطة ، حيث أمضيت الليلة. وأي ليلة هذه! لقد جئت من لندن مباشرة ، ونمت نومة واحدة فقط كانت في دبلن ، ووجدت نفسي الآن على لوح – على أساس أنه فراش – في ثكنة شرطة باليموي! وأسوأ ما في الأمر أن عملي هنا يتطلب أن أكون وقورا محترما.
    طمأنتني كلمات القس تلك ، وأمكنتني من التفكر في أمري. لماذا أنا في السجن؟ لم يقض علي أي قاض. إن السؤال هو : هل فعلت أي شيئ غير قانوني؟ إن الأمر كما قال النقيب توم : اذا كان الناس يضعون سلالم صغيرة بدلا من الدرج في بيوتهم ، كيف يطرد الرجل المقتحم عليه ولا يكسر عنقه؟ أما فيما يخص القول أن الدخيل ما كان دخيلا فعلا وإنما صاحب الغرفة ، فليس الغلط غلطي بل غلط آل كروان الذين لم يقولوا لي الحقيقة.
    وبالرغم من أنهم أعطوني ملاءات في قسم الشرطة إلا أن اللوح الذي أنام عليه كان قاسيا جدا. بدأت أذكر نفسي وأنا مستلق عليه أن لا بد من وجود قانون في ايرلنده. فناديت الشرطي المناوب وسألته بأي حكم أسجن.
    فقال : ( لا تزعجنا لقد أزعجت الناس بما فيه الكفاية الليلة )
    كانت الشمس تبزغ فانقلبت على جنبي وبيت النية على أن أبدو شجاعا عندما يبدأ اليوم.


    كان النقيب توم أول من رأيت في الصباح. جاء إلى ثكنتي يتبعه صبي بحقيبتي. وكان مفتش الشرطة يعيش في أورنامور فما كان لي التشرف برؤيته. لكن النقيب أكد لي أنه رجل طيب. وكان أفراد الشرطة يطيعونه ، فمن الواضح أنهم على علاقة جيدة بضابط الجباية. فقال النقيب : ( سأقول لك إذا ياسيد جرين ما يجب عليك فعله ) فقلت : ( أولا أريد أن أحتج على سجني هكذا مظلوما ) فقال : ( أرح أعصابك ) فقلت : ( عذرا يا سيدي لكني لا أعرف سوى اسمك الأول )
    ( اسمي توم مكديرمت ويسمونني هنا النقيب ، لكن هذا ليس مهما )
    ( أظن يا سيد مكديرمت أن ليس من حق الشرطة سجن من تشاء من غير ما تفويض )
    ( وماذا كان حل بك إن لم يسجنوك؟ لكنا وجدناك في قاع البحيرة الآن )
    وقد يكون مصيبا في ذلك. فقررت أن أصفح عن هذه الإهانة ، شرط أن أضمن معاملة عادلة منهم في المستقبل. وقال لي النقيب أن الأب جايلز بخير : ( لو ما كان الأب جايلز قويا كالحصان لكان ميتا الآن. قفاه أسود كسواد قبعتك من الكدمات. أنت تعرف أن رجلا ما عاد يافعا يقع فتكون وقعته أليمة. لكنه مرح مرح ابن الرابعة. عليك أن تفطر معه في غرفته حتى ترى بعينك أن في الغرفة فراشين.) فقلت : ( نعم تذكرت ذلك بعدها ) فقال : ( ضحك الأب جايلز ضحكا عاليا لما سمع أنك حسبته سينام معك في الفراش ، حتى عادت عليه آلامه ، وظننته وهو يصرخ من الألم سيخيف الفندق بأكمله. على أي حال يجب عليك أن تراه. فمن الأحسن أن تلبس ثيابك. )
    كانت هذه الدعوة فعلا شيئا جيدا. ليس لدي أي ضغينة نحو الأب جايلز. فلقد أحسن التصرف طوال الوقت. وكنت أعرف أن طلعته البهية ستوفر لي حماية من الناس ، ليس بمقدور أي قانون أن يوفرها لي. فارتديت ثيابي في الثكنة والنقيب خارجها. وأخذت بمشورته فذهبت في زيارة ثانية إلى فندق بات كروان. تفاجأت أن الشرطة أطلقوا سراحي من غير مشكلات ، مع أن النقيب توم لم يأمرهم بأي شيء. ولما لمحت له بذلك قال: ( لا بأس فاسمك لم يسجل عندهم. كنت هناك لحمايتك انت فقط )
    بيد أنهم أخذوني إلى السجن بالقوة ، وأسروني بالقوة أيضا. لكن ان كانوا هم على استعداد أن يتغاضوا عما سلف فأنا أيضا مستعد للتغاضي. لم أرجع إلى الثكنة أبدا. ولما كنت أرى في الشارع رجال الشرطة الذين تعرفت عليهم ، كانوا يعاملونني دوما كما لو كنت صديقا قديما. ويسألونني اذا وجدت فراشا أفضل من الفراش الذي تعرفوا علي بسببه. لكني لم ألمح أي ود في أعينهم وهم واقفون فوق رأسي في الفندق.
    رأيت باليموي والفندق لأول مرة في النهار. فوجدت الآن أن السيدة كروان كانت تدير بقالة أيضا ، وأن المبنى ذا الثلاث زوايا الذي تعجبت منه كان صغيرا جدا. ولو كنت رأيته قبل أن أدخله ، لما حاولت أن أجد غرفة فيه. لكني بقيت فيه بعد ذلك اسبوعين مرتاحا تماما.
    وكان الناس يقفون حول باب الفندق زمرا زمرا . فهمس النقيب في أذني : ( جاءوا كلهم لأنهم سمعوا أن ساكسونيا شنيعا قتل الأب جايلز في الليل. وليس بينهم من لا يعرف أنك ذاك الساكسوني ) فقلت : ( لكنهم يعرفون أن الأب جايلز حي يرزق أليس كذلك ؟ ) فقال : ( إي يعرفون ذلك وإلا ما كنت وجدتني بجانبك يا حبيبي. هيا . لا نريد أن نتأخر على الأب جايلز )
    كان بامكاني رؤية الناس يلحظونني بأعينهم ، وما راقت لي رمقات بعضهم وخصوصا النساء منهم. فكان واضحا أنهم يتحدثون عني ، بالجايليكية ( لغة ايرلنده القديمة ) فقال لهم توم : ( إن الأب جايلز الحمد لله في أحسن حال. تعرض لحادث فقط. ألا تفهموا ؟ )
    فقال أحدهم : ( حادث عن قصد )
    فقال النقيب : ( وما شأنك أنت يا مك هيلي؟ أوليس يكفي أمثالك أن الأب جايلز راض! دع عنك هذا واترك الرجل يمر )
    ثم دفعه بعنف فأخلى البقية الطريق.
    ( لن يدخلوك من الباب حتى يأمروا هكذا ، وإلا قطعوك إربا )
    ولعل النقيب يبالغ ، فهو لا شك يريد أن يرفع من مقدار معروفه في عيني. لكني كنت أعرف أني فعلت شيئا خطيرا ، وأني نفذت بجلدي.
    وجدت الأب جايلز جالسا على فراشه ، والسيدة كروان مجتهدة في تدليك أكتافه بمرهم. وكانت الفتاة الحافية تمسك دلوا من المرهم بحذوها. ورأيت عنق وأكتاف القس حمراء كحمرة اللحم النيء ، ووجهه يتقبض من شدة الألم ، لكنه كان يتحمله.
    فقال الأب جايلز : ( ها هو ذا جاء البطل . كفي يا سيدة كروان حتى نفطر ، فلا بد أن السيد جرين جائع. أرجو أن تكون وجدت فراشا أفضل من الذي وجدتك فيه عندما أيقظتك لسوء الحظ. ها هو هناك جاهز لك. فاسمع مني ونم فيه الليلة ولا تجعل أمرا هينا كهذا يمنعك )
    فقالت السيدة كروان : ( وأنا أرجو أن يجد السيد مكانا آخر يأويه ) فقال القس : ( ولم لا يبقى هنا على الرحب والسعة. ولكن كن حذرا إن رأيت رجلا يستعمل فرشاتك . فنحن هنا لا نهتم بهذه الأمور كما تهتمون بها في انجلترا. ولو أنك كسرت عنقي لهذا السبب لكانوا شنقوك شنقا )
    ثم جلسنا للافطار أنا والقس والنقيب توم ، وكان الطعام طيبا. وحتى السيدة كروان بدأت شيئا فشيئا ترضى عني. وفي نهاية اليوم كان الجميع يعتبروني صديقا. أما الأب جايلز فكان فعلا يعتبرني صديقه - الآن و لأيام عديدة بعدها. وكان كلما يأتي ليزورني في بيتي في انجلترا كان يحكي حكاية أول لقاء بيننا. ويقول : ( إذا وجدت رجلا نائما ، لا تستعمل فرشة ملابسه إلا إذا أخذت إذنه)

    التعديل الأخير تم بواسطة محمد الركابي ; 11/09/2008 الساعة 11:01 PM

  2. #2
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    09/09/2007
    العمر
    42
    المشاركات
    38
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي

    It is nearly thirty years since I, Archibald Green, first entered the little town of Ballymoy, in the west of Ireland, and became acquainted with one of the honestest fellows and best Christians whom it has ever been my good fortune to know. For twenty years he and I were fast friends, though he was much my elder . As he has now been ten years beneath the sod, I may tell the story of our fist meeting
    مضت ثلاثون سنة منذ أن دخلت أنا آرتشيبالد جرين أول مرة مدينة باليموي الصغيرة غرب ايرلنده. فكان من حسن حظي أن تعرفت فيها على أحد أصدق الناس وأفضل المسيحين. ربطتنا صداقة وثيقة عشرين سنة مع أنه يكبرني بكثير. وحيث أنه توفي من عشر سنين ، يمكنني الآن قص قصة أول لقاء بيننا.
    Ballymoy is a so-called town ,-or was in the days of which I am I am speaking,- lying close to the shores of Lough Corrib, in the country of Galway. It is on the road to no place, and, as the end of a road, has in itself nothing to attract a traveller. The scenery of Lough Corrib is grand ; but the lake is very large , and the fine scenery is on the side opposite to Ballymoy , and hardly to be reached , or even seen, from that place. There is fishing , - but it is lake fishing. The salmon fishing of Lough Corrib is far away from Ballymoy, where the little river runs away from the lake down to the town of Galway. There was then in Ballymoy one single street, of which the characteristic at first sight most striking to a stranger was its general appearance of being thoroughly wet through. IT was not simply that the rain water was generally running down its unguttered streets in muddy, random rivulets, hurrying towards the lake with true Irish impetuosity , but that each seperate house looked as though the walls were reeking with wet; and the alternated roofs of thatch and slate, - the slated houses being just double the height of those that were thatched,- assisted the eye and mind of the spectator in forming his oppinion. The lines were broken everywhere , and at every brake it seemed as though there was a free entrance for the waters of heaven.
    إن باليموي مدينة مجازا – أو أنها كانت كذلك في الأيام التي أتكلم عنها. وهي على مقربة من ضفاف بحيرة (كورب) في منطقة (جالواي) ، على طريق لا يؤدي إلى أي مكان. كانت هي نهاية الطريق ، ولا يجد المسافر ما يجذبه إليها. فطبيعة البحيرة الخلابة لا ترى من باليموي : فالبحيرة ضخمة جدا والمناظر الطبيعية في الجهة المقابلة للمدينة – فيصعب الوصول إليها أو حتى رؤيتها. وحتى صيد السالمون بعيد جدا عن باليموي ، فالنهر الصغير يجري مبتعدا عن البحيرة نحو مدينة (جالواي). وكان في باليموي وقتئذ شارع واحد. مغمور في المياه بشكل يلفت نظر المار فيه. وليس سبب ذلك الوحيد مياه الأمطار التي تجري في شوارع بلا بلاليع ، وتنسال في جداول مكدرة بالطين ، مسرعة بتهور ايرلندي تجاه البحيرة – بل أيضا أن كل منزل كان يظهر كأنه مبلل حتى فاحت منه رائحة الرطوبة ، وأن الأسقف طورا حجرية وطورا قشية. وكانت الحجرية منها ضعف طول تلك القشية ، وكل فجوة بينها تبدو كأنها مدخل لمياه الجنة
    The population of Ballymoy was its second wonder. There had been no famine then; no rot among the potatoes; and land round Ballymoy had been let for nine, ten, and even eleven pounds an acre. At all ours of the day, and at nearly all ours of the night, able-bodied men were to be seen standing in the streets, with knee-breeches unbuttoned, with stockings rolled down over their brogues, and with swallow-tailed frieze coats. Nor, though thus idle, did they seem to suffer any of the distress of poverty. There were plenty of beggars, no doubt, in Ballymoy, but it never struck me that there was much distress in those days. The earth gave forth its potatoes freely, and neither man nor pig wanted more .
    أما سكان باليموي فهم أعجوبة المدينة الثانية. لم تكن مجاعة آنذاك ، ولم يكن العفن بين البطاطس ، وكانت الآراض تؤجر بتسع أو عشر أو احدى عشر باوندا للفدان. وفي آناء الليل والنهار ترى في باليموي رجالا معافين يقفون في الشوارع ، يلبسون بناطيل إلى الركب ، غير مزررة ، وجوارب طويلة متدلية على أحذيتهم ، ومعاطف صوفية مفروقة الذنب. وبالرغم من كونهم عاطلين عن العمل ، لا يبدو أنهم يعانون من الفقر. لا شك أن هناك الكثير من الشحاذين في باليموي ، لكني لم ألحظ كثرة الفقراء في تلك الأيام. فكانت الأرض تجود بطاطس ، ولم يحتج لا انسان ولا خنزير إلى أكثر من ذاك.
    It was to be my destiny to stay a week at Ballymoy, on business, as to the nature of which I need not trouble the present reader. I was not , at that time, so well acquainted with the manners of the people of Connaught as I became afterwards, and I had certain misgivings as I was driven into the village on a jaunting-car from Tuam. I had just come down from Dublin,and had been informed there that there were two 'hotels' in Ballymoy, but that one of the 'hotels' might, perhaps, be found deficient in some of those comforts which l, as an Englishman, might require. I was therefore to ask for the 'hotel' kept by Pat Kirwan. The other hotel was kept by Larry Kirwan; so that it behoved me to be particular.
    شاء القدر أن أبقى في باليموي أسبوعا لعمل لا أريد ازعاج القارئ بشأنه الآن. لم أكن في ذلك الوقت أعرف عادات أهل كانوت (اقليم غرب ايرلنده يضم عدة مناطق منها جالواي) – كما عرفتها فيما بعد. وكنت في ريبة من أمرهم وأنا داخل القرية في عربة استأجرتها من تشوام. كنت قد جئت للتو من دبلن ، حيث قيل لي أن ثمة ما يسمى فندقان في باليموي ، أحدهما قد لا تكون فيه بعض وسائل الراحة التي يمكن أن أتطلبها أنا كانجليزي. فهكذا سألت عن (الفندق) الذي يديره بات كروان. وكان حريا بي أن أكون دقيقا ، فالفندق الآخر يديره لاري كروان.
    I had made the journey down from Dublin in a night and a day, travelling, as we then did travel in Ireland, by canal boats and by Bianconi's long cars; and I had dined at Tuam, and been driven over, after dinner on an April evening; and when I reached Ballymoy I was tired to death and very cold.
    استغرقت الرحلة من دبلن ليلة ونهارها – أسافر كما كنا نسافر حينذاك في ايرلنده ،بالقوارب والعربات. وبعد أن أكلت في تشوام ، وصلت باليموي في ليلة من ابريل ، بردانا جدا . وكنت قد مت من التعب.
    'Pat Kirwan's hotel,' I said to the driver, almost angrily . 'Mind you don't go to the other.'
    'Shure, yer honour, and why not to Larry's? You'd be getting better enthertainment at Larry's, because of Father Giles.'
    فقلت للسائق بشيء من الغضب : ( فندق بات كروان. انتبه ولا تذهب إلى الآخر )
    فقال : ( طبعا يا سيدي . ولم لا تذهب إلى فندق لاري؟ فالأب جايلز هناك وقد تستأنس به أكثر مما لو بقيت هنا )
    I understood nothing about Father Giles, and wished to understand nothing. But I did understand that I was to go to Pat Kirwan's 'hotel', and thither I insisted on being taken.
    لم أعرف أي شيء عن الأب جايلز ، ولم أرد معرفة أي شيء عنه. كل ما عرفته أن على الذهاب إلى ( فندق ) بات كروان. فأصررت.
    It was quite dusk at this time, and the wind was blowing down the street of Ballymoy, carrying before it wild gusts of rain. In the west of Ireland March weather comes in April, and it comes with a violence of its own, though not with the cruelty of the English east wind.
    كانت الشمس تغرب ، وكانت الرياح تهب في شارع باليموي محملة بالمطر. في غرب ايرلنده يأتي مناخ مارس في ابريل. يأتي بقوة ، لكن ليس كالعواصف الانجليزية الشرقية ، التي لا تعرف الرأفة
    At this moment my neck was ricked by my futile endeavours to keep my head straight on the the side car, and the water had got under me upon the seat, and the horse had come to a stand-still half-a-dozen times in the last two minutes, and my apron had been trailed in the mud, and I was very unhappy. For the last ten minutes I had been thinking evil of everything Irish, and especially Connaught.
    في هذه اللحظة كدت أدق عنقي وأنا أحاول ابقاء رأسي منتصبا في العربة. ودخلت المياه إلى مقعدي ، وتوقف الحصان ست مرات في آخر دقيقتين ، فلم أكن سعيدا أبدا. وفي آخر عشر دقائق كنت أرى الشر في كل شيء ايرلندي وخصوصا كانوت.
    I was driven up to a queerly-shaped, three-cornered house, that stood at the bottom of the street, and wich seemed to possess none of the outside appurtenances of an inn
    أوصلني السائق إلى بيت في آخر الشارع بثلاث زوايا ، غريب الشكل ، مظهره لا يمت بأي صلة بالنزل
    'Is this Pat Kirwan's hotel' said I.
    'Faix, and it is then, yer honour,' said the driver. 'And barring only that Father Giles-'
    فقلت : ( هل هذا فندق بات كروان؟ ) فقال السائق : ( نعم هذا هو اذا يا سيدي. وان كان الأب جايلز.......)
    But I had rung the bell, and as the door was now opened by a barefooted girl, I entered the little passage with out hearing anything further about Father Giles.
    لكني كنت قد ضربت الجرس ، ففتحت الباب فتاة حافية ، ودخلت في ممر ضيق دون سماع المزيد عن الأب جايلز
    ' Could I have a bedroom immediately, with a fire in it?'
    Not answering me directly, the girl led me into a sitting-room, in which my nose was at once greeted by that peculiar perfume which is given out by the relics of hot whisky-punch mixed with a great deal of sugar, and there she left me.
    ( أيمكنني استئجار غرفة فيها نار مشتعلة فورا؟ ) لم تجبني الفتاة وقادتني إلى غرفة الجلوس ، حيث استقبلتني رائحة غريبة : رائحة بقايا ويسكي ساخن ممزوج بكثير من السكر. وتركتني الفتاة في الغرفة
    ' Where is Pat Kirwan himself?' said I, coming to the door, and blustering somewhat. For, let it be remembered, I was very tired; and it may be a fair question whether in the far west of Ireland a little bluster may not sometimes be of service.
    فقلت بشيء من الغضب وأنا أقترب من الباب : ( أين بات كروان نفسه؟) ... فليتذكر القارئ أني كنت مرهقا جدا. كما أن الصخب والجلبة مفيدان في غرب ايرلنده
    'If you have not a room ready, I will go to Larry Kirwan's,' said I, showing that I understood the bearings of the place.
    'It's right away at the further end then, yer honour ,' said the driver, putting in his word, 'and we comed by it ever so long since. But shure yer honour wouldn't think of leaving this house for that?'
    This he said because Pat Kirwan's wife was close behind him.
    Then Mrs Kirwan assured me that I could and should be accommodated. The house, to be sure, was crowded, but she had already made arrangements, and had a bed ready. As for a fire in my bed-room, she could not recommend that, 'because the wind blew so mortial sthrong down the chimney since the pot had blown off,-bad cess to it; and that loon, Mick Hackett, wouldn't lend a hand to put it up again, because there were jobs going on at the big house, bad luck to every joint of his body, thin,' said Mrs Kirwan, with great energy. Nevertheless, she and Mick Hackett the mason were excellent friends.
    قلت : ( إن لم تكن لديك غرفة ، ذهبت إلى فندق لاري كروان فورا) فقال السائق ( فندق لاري غير بعيد ياسيدي ، وقد مررنا به من قبل. لكنك يا سيدي بالتأكيد لا تفكر في الرحيل عن البيت لهذا السبب) قال السائق هذه الجملة الأخيرة لأن امرأة بات كروان كانت وراءه. فطمأنتني السيدة كروان أنهم سيضيفونني. كان البيت مزدحما حقا ، لكنها قامت بترتيباتها : فراش جاهز. أما النار التي أردت فلم تنصحني بها وقالت بحماس : ( الرياح تهب في المدخنة. والسيد مك هاكت لا يريد أن يساعد في إصلاح رأس المدخنة فهو يريد العمل في القصر. تبا لكل مفصل في جسده) .. لكن صداقتها هي ومك هاكت البناء كانت حسنة على أي حال
    I professed myself ready to go at once to the bedroom without the fire, and was led away upstairs. I asked where I was to eat my breakfast and dine on the next day, and was assured that I should have the room so strongly perfumed with whisky all to myself. I had been rather cross before, but on hearing this, I becme decidedly sulky. It was not that I could not eat my breakfast in the chamber in question, but that I saw before me seven days of absolute misery, if I could have no other place of refuge for my self than a room in which, as was too plan, all Ballymoy came to drink and smoke. But there was no alternative at any rate for the night and the following morning, and I therefore gulped down my anger without further spoken complaint, and followed the barefooted maiden upstairs, seeing my potmanteau carried up before me.
    ثم أفصحت عن رغبتي في الذهاب إلى غرفة النوم فورا – ومن دون نار. فقادوني إلى الطابق الأعلى. وعندما سألت أين أفطر وآكل في الغد ، قالوا لي أن الغرفة التي تفوح منها رائحة الويسكي هي المخصصة للأكل. في السابق كنت مغتاظا بعض الشيء ، لكني لما سمعت ما سمعت صممت أن أكون مبرطما. فأنا لم يضايقني الافطار في تلك الغرفة ، لكني رأيت أمامي سبعة أيام من البؤس – فالغرفة الوحيدة التي يمكن أن ألوذ بها ، تأتي كل باليموي كما هو واضح للشرب والتدخين فيها. على أية حال لم يكن لدي خيار آخر لامضاء الليلة والصباح التالي ، فبلعت غضبي من غير شكوى. ولحقت الفتاة الحافية إلى الأعلى ، وأنا أرى حقيبتي تحمل أمامي
    Ireland is not very well known now to all Englishmen, but it is much better known than it was in those days. On this my first visit into Connaught, I own that I was somewhat scared lest I should be made a victim to the wild lawlessness and general savegry of the people; and I fancied, as in the wet, windy gloom of the night, I could see the crowd of natives round the doors of the inn, and just their naked legs and old battere hats, that Ballymoy was probably one of those places so far removed from civilisation and law, as to be an unsafe residence for an English Protestant. I had undertaken the servive on which I was employed, with my eyes more or less open, and was determined to go through with it;-but I confess that I was by this time alive to its dangers. It was an early resolution with me that I would not allow my portmanteau to be out of my sight. To that I would cling; with that ever close to me would I live; on that, if needful, would I die. I therefore required that it should be carried up the narrow stairs before me, and I saw it deposited safely in the bedroom
    The stairs were very narrow and very steep. Ascending them was like climbing into a loft. The whole house was built in a barbarous, uncivilised manner, and as fit to be an hotel as it was to be a church. It was triangular and all corners,-the most uncomfortably arranged building I had ever seen. From the top of the stairs I was called upon to turn abruptly into the room destined for me; but there was a side step which i had not noticed under the glimmer of the small tallow candle, and I stumbled headlong into the chamber, uttering imprecation against Pat Kirwan, Ballymoy, and all Connaught.
    إن الانجليز الآن لا يعرفون ايرلنده حق المعرفة ، لكن معرفتهم بها تحسنت عما مضى .. في أول رحلة لي إلى كانوت ، كنت خائفا من أن أقع ضحية لهمجية أناسها الذين لا يعرفون القانون. فلقد رأيت في ليل عاصف ماطر حشودا من السكان واقفين أمام أبواب النزل – كنت أكاد أميز سيقانهم وقبعاتهم الممزقة. فتصورت أن باليموي احدى تلك المناطق النائية عن الحضارة والقانون : أي أنها غير آمنة لانجليزي بروتستنتي مثلي. وأنا تكفلت بالعمل الذي يجب القيام به هنا دون أن أعي حقا ما أنا مقبل عليه – وكنت مصمما على اتمامه. لكني أعترف أني عرفت المخاطر المحدقة بي. فلقد قررت سابقا أن لا أغفل عن حقيبتي ولو للحظة. سأعيش بلصقها ، وأتشبث بها ، وإن لزم الأمر أموت في سبيلها. فأمرتهم أن يحملوا الحقيبة إلى الأعلى قدامي ، فاستقرت آمنة في غرفة النوم. وكان الدرج ضيقا ، تقترب زاويته من التعامد مع الأرض ، فكأني وأنا أصعده أتسلق جبلا. بني هذا البيت بطريقة همجية غير حضارية ، فلا يدري المرء أكنيسة يرى أمامه أم فندقا. مبنى مثلث ، كله زوايا. لم أر بناء يزعج العين كهذا قط. نادوني من أعلى الدرج لأدخل الغرفة المنتقاة ، لكني لم ألحظ آخر درجة وفي عيني وميض شمعة صغيرة ، فتكبكبت على وجهي نحو الغرفة وأنا أسب بات كروان وباليموي وكل كانوت.
    I hope the reader will remember that I had travelled for thirty consecutive hours, had passed sixteen in a small comfortless canal boat withou the power of stretching my legs, and the wind had been at work upon me sideways for the last three hours. I was terribly tired, and I spoke very uncivilly to the young woman.
    أرجو أن يتذكر القارئ أني سافرت ثلاثين ساعة متواصلة ، وقضيت خمسة عشر ساعة في قارب غير مريح لا أستطيع المشي فيه. وفي آخر ثلاث ساعات لم ترحمني الرياح وهي تعصف بي. كنت مرهقا جدا، وكنت اكلم الفتاة الحافية بفظاظة
    'Shure, yer honour, it's as clane as clane, and as dhry as dhry, and has been slept in every night since the big storm,' said the girl, good-humouredly. Then she went on to tell me something more about Father Giles, of which, however I could catch nothing, as she was bending over the bed, folding down the bedclothes. 'Feel of 'em,' said she, 'they's dhry as dhry.'
    فقالت الفتاة براحبة صدر : ( بالتأكيد ياسيدي ، هو نظيف كل النظافة ويابس كل اليبس. وقد نام فيه رجل في كل ليلة منذ العاصفة الكبيرة ) ثم بدأت تخبرني عن الأب جايلز. لكني لم أسمع أي كلمة وهي تنحني لترتب لحاف الفراش. وقالت : ( المسه يا سيدي .... يابس كل اليبس )
    I did feel them, and the sheets were dry and clean, and the bed, though very small, looked as if it would be comfortable. So I somewhat softened my tone to her, and bade her call me the next morning at eight.
    وكان اللحاف حقا لما لمسته نظيفا يابسا ، والفراش مع أنه صغير جدا إلا أنه كان يبدو مريحا. فلطفت نبرة صوتي معها وطلبت منها إيقاظي في الثامنة صباح الغد
    'Shure, yer honour, and Father Giles will call yer hisself,' said the girl.
    فقالت : ( طبعا يا سيدي ، وسيوقظك الأب جايلز بنفسه )
    I begged that Father Giles might be instructed to do no such thing . The girl, however, insisted that he would, and then left me.
    فقلت لها ألا تطلب أي شيء من الأب جايلز. لكن الفتاة أصرت أنه سيوقظني ، وتركتني
    Could it be that in this savage place, it was considered to be the duty of the parish priest to go round, with matins perhaps, or some other abominable papist ceremony, to the bed of all strangers?My mother, who was a strict woman, had warned me vehemently against the machinations of Irish priests, and I, in truth, had been disposed to ridicule her. Could it be that there were such machinations? Was it possible that my trousers might be refused me till I had taken mass? Or that force would be put upon me in some other shape, perhaps equally disagreeable?
    هل يعقل أن من مهام قسيس الأبرشية ، في هذا المكان الهمجي ، أن يدور على كل فراش لإيقاظ أي نائم لصلاة الفجر ، أو اي طقس آخر من طقوس الكاثوليك المستنكرة؟ لقد حذرتني أمي ، التي كانت امرأة صارمة ، بشدة من دسائس قساوسة ايرلنده ، وكنت أنا حقيقة أسخر منها دوما. هل مثل هذه الدسائس موجودة حقا ؟ هل يمكن أن يمنعوني بنطالي إلى أن أحضر القداس ؟ أم أنهم سيجبرونني بطريقة كريهة أخرى ؟
    Regardless of that and other horrors, or rather, I should perhaps say, determined to face manfully whatever horrors the night or morning might bring upon me, I began to prepare for bed. There was something pleasant in the romance of sleeping at Pat Kirwan's house in Ballymoy, instead of my own room in Keppel Street, Russell Square. So I chuckled inwardly at Pat Kirwan's idea of an hotel, and unpacked my things.
    بدأت أستعد للنوم متجاهلا ذلك ..... والمخاوف الأخرى – أو ربما من الأفضل القول أني كنت مصمما على مواجهة أي مصيبة تأتي من الليل أو النهار بشجاعة. كان هناك شيء طيب في مغامرة النوم في فندق بات كروان ، بدلا من النوم في غرفتي في شارع كبل في ميدان رسل. فضحكت في نفسي على فكرة بات كروان عن الفنادق ، وأفرغت حقائبي
    There was a little table covered with a clean cloth, on which I espied a small comb. I moved the comb carefully with out touching it, and brought the table up to my bedside. I put out my brushes and clean linen for the morning, said my prayers, defying Father Giles and his machinations, and jumped into bed. The bed certainley was good, and the sheets were very pleasant. In five minutes I was asleep.
    كانت هناك طاولة صغيرة مغطاة بقماش نظيف ، لمحت عليها مشطا صغيرا. فحركت المشط بحذر دون مسه ، وجلبت الطاولة إلى جانب فراشي. أخرجت فرشي وملابس نظيفة للصباح ، وقلت صلواتي : متحديا بذلك الأب جايلز هو ودسائسه ، ووثبت إلى الفراش. وكان الفراش وثيرا حقا ، واللحاف طيبا جدا. وما إن مرت خمس دقائق حتى استغرقت في النوم
    How long I had slept when I was awakened, I never knew. But it was some hour in the dead of night, when I was disturbed by footsteps in my room, and on jumping up, I saw a tall, stout elderly man standing with his back towards me, in the middle of the room, brushing his clothes with the utmost care. His coat was still on his back, and his pantaloons on his legs; but he was most assiduous in his attention to every part of his body which he could reach.
    لم أدري كم مضى من الوقت ، لكني استيقظت في آخر الليل عندما سمعت خطوات في غرفتي. ولما قفزت رأيت رجلا عجوزا طويلا سمينا يستدبرني ، في منتصف الغرفة ، وينظف ملابسه بفرشاة بكل تفان. لم يزل معطفه على ظهره ، وبنطاله على رجليه – لكنه كان شديد التركيز على كل جزء من جسمه تصل إليه يده
    I sat upright, gazing at him, as I thought then, for ten minutes,- we will say that I did so perhaps for forty seconds,- and of one thing I became perfectly certain,- namely, that the clothes-brush was my own! Whether, according to Irish hotel law, a gentleman would be justified in entering a stranger's room at midnight for the sake of brushing his clothes, I could not say; but I felt quite sure that in such a case, he would be bound at least to use the hotel brush or his own. There was a manifest tresspass in regard to my property.
    فجلست على الفراش ، وظللت أحدق به عشر دقائق ، كما ظننت حينها – فلنقل أن المدة كانت في الأغلب أربعون ثانية فقط. لكني تيقنت من شيء واحد : ألا وهو أن الفرشة التي يستخدمها ملكي! وأنا لا أعرف ان كان هذا التصرف وفقا لقوانين ايرلنده أم لا .. لكني شعرت أنه لا بد ملزم ، إن كانت هذه الحال ، أن يستعمل على الأقل فرش الفندق ، أو فرشه الخاصة به ، فهذا تعد واضح على أملاكي!
    'Sir,' said I , speaking very sharply, with the idea of startling him, 'what are you doing here in this chamber?'
    'Deed, then, and I'm sorry I've waked ye, my boy,' said the stout gentleman.
    ' Will you have the goodness, sir, to tell me what you are doing here?'
    'Bedad, then, just at this moment it's brushing my clothes, I am. It was badly they wanted it.'
    'I daresay they did. And you were doing it with my clothes-brush.'
    فقلت له بحدة لأفجعه : ( يا سيد مالذي تفعله هنا في هذه الغرفة ؟ )
    فقال السمين : ( أنا فعلا لآسف على ايقاظك يا بني)
    ( ألا تريد أن تخبرني ما تفعل هنا ؟ )
    فقال الرجل مستغربا : ( أنا في هذه الآونة أنظف ثيابي .. إي .. هي متسخة )
    ( متسخة .. وأنت تنظفها بفرشاتي )

    التعديل الأخير تم بواسطة محمد الركابي ; 11/10/2008 الساعة 07:50 AM

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •