نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
الروماتيزم و شهر رمضـــان




قد يستخف البعض بهذا الموضوع ويتساءل بنوع من السخرية عن كيفية تحقيق الصوم لمعجزة تحسن بعض الأمراض الروماتيزمية ولكن هذا التساؤل سرعان ما يزول بعد إتمام قراءة هذا الموضوع فقد ثبت لي بالتجربة كما ثبت لكثير من الأطباء الذين يعملون في البلاد الإسلامية (والتي يصوم معظم أهلها) أن عدد مراجعي العيادات الخاصة والعامة وكذلك المستشفيات والمستوصفات يقل في شهر رمضان من كل عام إلا من بعض الناس المفرطين في الطعام والذين لم يستوعبوا حكمة التشريع من الصيام إن الصوم يعتبر فرصة لإزالة أسباب كثير من العلل والأمراض عند كثير من الناس وخاصةً الأمراض الروماتيزمية وقد أثبتت ذلك عدة أبحاث تجاوزت المائة نشرتها مجلات طبية في مختلف أنحاء العالم عن فوائد الصيام في علاج بعض أمراض الروماتيزم وقد تركزت هذه التجارب عن التأثير الضاد للالتهاب والتثبيط المناعي للصيام ونقص النفوذية المعوية فقد استخدم الصيام في علاج بعض أنواع الروماتيزم مثل التهاب المفاصل الرثياني (الروماتويد) وذلك بمقارنة بعض الشكاوي والعلامات والفحوص المخبرية قبل وبعد الصيام وسوف أقوم بتلخيص بعض هذه النتائج لبعض التجارب والتي أجريت على الروماتويد ومن هذه النتائج وقد وجد بعد الصيام تحسن ملحوظ قي التيبس الصباحي والألم والإنتفاخ المفصلي وانخفاض سرعة التثفل(والتي تكون مرتفعة في إلتهاب المفاصل) وقد أدى الصيام أيضا إلى نقص في تحرير (إنتاج) الليزوزوم من الخلايا البالغة في الدم وقد يشرح هذا التأثير خاصية الصيام المضادة للإلتهاب لأن المحتويات الليزوزميه لها علاقة بمراحل الإلتهاب المختلفة وكذلك الصيام يسبب في زيادة تركيز مادة الأندورفين في الدم والتي تعرف بدورها الفعال في تخفيف الألم مما يؤدي إلى إنخفاض ألم المفاصل ازدياد نسبة الكورتزول بدرجة معتدلة في الدم والمعروفة بخاصيتها المضادة للإلتهاب لذلك يُعطى المرضى أحد أنواع الكورتيزول للعلاج والتي قد تُعزى إلى نقص استقلاب الهرمون والتأثيرات النفسية للصوم ويدعم ذلك الرأي القائل بأن للصيام تأثيرا مثبطا لمناعة الجسم إن هناك نظرية تقول إنه يوجد تلازم بين العوامل المِعدية والمعوية والتهاب المفاصل الروماتيزمي، وتؤكد ذلك بعض التجارب التي نشرت في مجلة الأمراض الروماتيزمية الأمريكية فقد أ ثبتت أن النفوذية المعوية تقل بالصيام فينقص مرور الجزيئات الكبيرة الناتجة عن الجراثيم المعوية أو الغذائية عن طريق الغشاء المعوي وبالتالي تنقص المعقدات المناعية والداخلية في تركيب هذا المرض الروماتيزمي ومما تجدر ملاحظته أن التجارب السابقة أُجريت على من خضعوا للصوم الطبي المديد (وهو عبارة عن الصيام عن الطعام لمدة تتراوح بين (7-10)أيام والإكتفاء بشرب الماء فقط) لأن هذا النوع من الصيام له محاذيره ومخاطره حيث أنه يحرم الجسم من الأحماض الدهنية والأمنية الأساسية المتوفرة في الغذاء ويحدث تجمع الدهون في الكبد ومن ثم التشمع الكبدي. وكذلك فإن الأحماض الدهنية تتأكسد ببطء ولا تتجمع الأجسام الكيتونية في الدم وتحدث حموضة الدم الخطيرة لكن هذه التأثيرات غير موجودة في الصيام المشروع حيث إنه يمد الجسم بالأحماض الأساسية في وجبتي السحور والفطور ويقوم الكبد بتركيب البروتين والمواد الدهنية الفوسفورية بمعدل كاف لتصنيع البروتين الشحمي ولا يحدث التشمع الكبدي0 ومن المؤسف أن بعض الصائمين يتخذون شهر رمضان موسماً لكثرة الأكل والشرب طوال الليل فيحولون شهر رمضان إلى شهر شهوات من أطعمة وأشربة مع العلم أن مقصود الصوم: هو كسر الهوى وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان (إذا أفطر) يفطر قبل أن يصلي على رطبات قإن لم تكن رطبات فتمرات فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء (رواه الترمذي باسناد حسن) فذلك وقت كاف لامتصاص السكر ووصوله إلى الدم مما يعمل على تقليل الشهية فلا يفرط في الأكل ولكم في رسول الله أسوة حسنة ولهذا أنصح الأخوة القراء بإتباع كتاب الله وهديّ رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في الأكل والشرب في شهر رمضان المبارك وغيره باعتدال وعدم الإسراف وقد قال تعالى "كلوا واشربوا ولا تسرفوا