على الصعيد الوطني والسياسي لم يعد التوريث مقبولا او مستساغا ، ولم تعد متاحاته مهيئة بحيث يصبح حقيقة لا مناص منها ، فالشعب بمجموعة وقواه السياسية بمختلف توجهاتها حالت وستحول دون ان يتحقق هذا الشبح اللعين الذي يهندس له بإتقان من قبل نخبة في الحزب الحاكم تعاضد الابن وتحاول بشتى الاساليب تهيئة الاجواء الملائمة لأن يصبح حقيقة وواقعا لابد منه، وهي نخب له مصالح من ذلك وترى في ان تحققه سيجسد لها مكانا ويبقي لها دورا لم تلعبه بعد كما يجب .
غير أن ثمة سعي دؤوب وجاد الديمقراطية الهامشية والديكورية هي أحد أدواته التي يسعى من خلالها لفرض ذاته عبرها بحيث يبدو ذلك الشبح اللعين شرعيا مستولدا منها، الاقرار به لابد منه شعبيا ، كمجذر لقناعة ترتدي اقنعة ثقافية وتغييرية شكلية بعيدة عن جوهر التغيير والثقافة كوعي متجذر وسلوك عقلاني وخيار رشيد شعبي رشيد.
يحاول الابن ويناظل من أجل ذلك منتهزا فرصة وجود والده الذي يمدد فترات بقاءه في السلطة ويصيغ الدستور بما يمكن الابن من الاستفادة من الديمقراطية الشكلية ، إذ لابد ان يتحقق التوريث بالطرق الديمقراطية بحيث أن التوريث لوطن بهذا الحجم تتنازعه الاختلافات الحادة هو من الاهمية بحيث يقتضي بناء قبول سياسي مسبق بين طيف واسع من عموم الجماهير يكفي للفوز بالانتخابات ، ينبني هذا المخطط الذكي على ما يصفه بعض المفكرين الغربيين كـ"غرامشي" على أرضية ما أسماه الحس العام، ينبني هذا الحس بدوره على ممارسات ضاربة قدما في عمليات الاشتراك الثقافي، المتجذرة غالبا في صلب التقاليد الاقليمية أو القومية الدفينة وهذا ما يفسر إيفاد الرئيس لابنه الى دولة ملكية كالسعودية من أجل تهيئة ذلك خارجيا فيما لعب علي محسن دورا تمويهيا
والحس العام مفهوم يخالف الحصافة أو سداد الرأي الذي يمكن بناءةه من خلال الاشتباك النقدي مع القضايا الراهنة ، فهو حسا قد يكون مضللا إلى أبعد الحدود ، بحيث يحجب الجماهير عن قضايا مشاكل حقيقية أو يخفيها تحت غطاء تحيزات ثقافية متنوعة بحسب " غرامشي" كما يمكن يمكن تجييش القيم الثقافية والتقليدية "كالايمان بالله والوطن أو بآراء معينة حول وضع المرأة في المجتمع " ويضيف غرامشي وكذلك التخويف من الاخرين أو من الشيوعيين أو المهاجرين أو الاجانب " والمتابع لسلوك وخطاب السلطة وبث أجهزتها الامنية مخاوف الرعب واختلاق ازمات وتضخيم تمردات هي في الغالب مصطنعة بادرت الى اخمادها نتيجة مخاوف تتعلق بارتكاب جرائم حرب هو الدليل على ذلك ، كما أن هناك خطة تهيئة داخلية لذلك أيضا تتمثل عبر تهاني ومباركات بين الاسرة الحاكمة بعضها بعضا عبر الصحف وهو أسلوب جديد لم نعهده من قبل ليكون ذلك التوريث او التمليك مستساغا شعبيا .
وبالتالي يلاحظ الحديث المسهب عن الديمقراطية وتضخيم حقوق وأطر شكلية وإحياء لخلافات ومحاولة خلق ثقافات متصارعة لم تكن موجودة وكذلك سعي دؤوب لخلق طائفية جديدة وتصوير وجود صراعات مذهبية وغيرها من الاساليب التي يهندسون لها.

*كاتب وصحفي يمني
Antwfe_25@hotmail.com