نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
على بعد أربعة عشر كيلومتر من مدينة قلعة مكونة , وثمانين كيلومترمن مدينة ورزازات , وبالضبط منطقة أيت يحيا شرق المغرب, تتربع زاوية عبد المالك تربع العابدة الخاشعة القانتة اللاهجة بذكر الله في محراب العشق الالهي , وتربع المريد الهائم في عشق ومحبة خالقه والسابح في عوالم اللاوعي حيث الخيرات الربانية فياضة ومتدفقة في حنو وحيث تجليات الحق ووضوح الحقيقة الالهية , وكأني بها رابعة العدوية تنشذ

طبيب القلب يا كل المنى
جُد بوصلٍ منك يَشفى مُهجتي
يا سروري وحياتي دائما
نشأتي منك وأيضا نشوتي
قد هجرتُ الخلق جمعا أرتجي
منك وصلا فهو أقصى مُنيتي

المكان غير الامكنة , والارض غير الارض , هي أرض مباركة طيبة , تتملكك بمجرد لمس قدميك تربتها , قشعريرة تسري في كل جسدك , ويكسوك رداء رهبة واحترام الزامي ايذانا بدخولك رحابها الايمانية الصرفة, وبلفحة ايمان غامرة تخلصك من مادتك وتخلع منك الروح , لتهيم خالصا الى عالم سامي علوي شفاف أبيض لاحدود ولا زمن ولا مكان له , لا منته ولا منقض, هو عالم الله المنزه عن صفات النقص ,كيف لا والارض مطوقة بحرس وعسس غير عاديين , ارواح من شرفاء مروا من هنا كانوا وسيظلون حرس المعبد المغربي وحرس العقيدة وجنودا اشاوس قهروا حملة الصليب وحملة الحقد والكراهية وفكر دنس الدونية وحملة فكر الاستعباد والاحتلال.

أرواح لحد اليوم تحرس المكان ولا تبرحه , لا تنجلي حقيقتها الا لمن اخلص النية ونوى التبرك وزيارة رجال المكان بصدق ولعلي أجزمك حقا و اقول لك أني شاهدت جنود الشيطان بأغلالها مقيدة من شر وفساد وخطيئة وغيرها من رفيقات الشيطان وبناته .

أرواح من تلك المعادن النفيسة الناذرة اللتي يزخربها باطن ضمير المغرب العظيم! واللتي لم ينفذ لحد زمننا ويومنا هذا خامها و منجمها اللذي يزود المغرب بحاجياته من ذهب العقل وجواهر العلم وذرر الخيرات الربانية وجواهر صون وحراسة العقيدة وحدود الوطن.

أرواح حافظة لكتاب الله و حاوية علوم الشريعة والدين وخالص علم المحبة ميزها الله بصفة العلم والقبول( لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، لا تبديل لكلمات الله ، ذلك هو الفوز العظيم).صدق الله العظيم

الزاوية لها أبواب غير مرئية غير متيسر رؤيتها للانسان العادي ولمن في قلبه غل, ودخولها رهين باخلاص النية وصفائها , والا وجدت نفسك مقيدا في اغلال لا مرئية تجعلك رهينا لاهل المكان ليفكوا أسرك , او أنك تجد نفسك وما يجول فيها من وساوس ونفاق واستهتارهاربا من نفسك الى من حيث أتيت.

فهنا مغاربة اصيلون وغير عاديين مزهوون بنخوة مغربية أصيلة , ملكوا مفاتيح السعادة الالهية , وأحاطوا بالدين وعلومه وبناسخه ومنسوخه, وفرسان خبأهم ويخبأهم الدهر للايام العصيبة اللتي لا يذخر القدر ان يهيئها لبلد المغرب.

السماء هنا غير السماء اللتي كنا نرفع اليها ابصارنا , هي اكثر نضارة واشراقا وصفاء واكثر قربا , والشمس ذاتها هنا غير الشمس فيما خالف المكان هذا, تبعث على التأمل في عمق أشعتها ,هي في ثوب ايمان وتظهر لك جلية انها في صلاتها خاشعة للرحمان خشوعا من فرط صدقه تشتعل الى حد الاحتراق وخلفها القمر والنجم وكل في فلك الحب الالهي سابحون , وأصدقك أنك تكاد وان تجول بالبصر هائما في ما أبدع الله وأعجز به البشر على تقليده ومحاكاة صنيعه , أن صوت رسول الله يملا الافق مرددا خطبة الوداع الاخيرة " لقد ارتضيت لكم الاسلام دينا" فسبحان الله وسب أودع في بعض من خلقه أسرار تدهش العقل وتربط المخلوق الضعيف بالخالق القوي , ولزاوية آل عبد المالك بالمغرب لكذلك!!!ا

زاوية الشرفاء البومسهوليين لك شرف زيارتها ولك شرف الاعتزاز وذكر هذا في المجالس.

فهنا تلبس زينة سكينة ووقار وخشوع ورهبة وايمان وصدق , و كل ذاك يمتزج في دواخل العبد ليحذث تفاعلا ايمانيا عجيبا , يخلصه من مادته وشوائبها وليشاهد بكل صفاء جمال الخالق وجمال ما خلق , وليحلق بكل حرية في خالص حقيقة الله اللتي لا مراء فيها.

وللأرض تأمرك بالهوينى والمشي بتؤدة , تحسبها من وميض تلمع بين قدميك , ولأنت تحاول ألا تظغط بقوة على هاته الارض وتمشي برفق , احتراما وتأدبا , ولكن ما ثلبت ان يلمع في ذهنك وميض ان الارض فرحى بقدومك ضيف الزاوية , وأن ذاك الوميض عبارات ترحيب بقدومك اليها , ولتكتشف بعد ذاك ان عبق عجيبا لفك واحتواك , قادم من أفق بعيد أفق جنان الرحمان جنان الخلد. هو بخور رباني منبعث من مجالس الذكر الربانية.

تتقدم وتتقدم الى ان تجد نفسك في كف الزاوية الممدود , ولتجد نفسك تستظل بظل أشجار باسقة لامست السماء من فرط طولها وبالكاد يحتويها بصرك الضعيف هاته الاشجار المثمرة , الواقفة في اباء وشموخ هم علماء متنورون أجلاء لسانهم العذب شعر وادب وعلم وقرآن وحذيث نبوي شريف وحكمة!!!ا

واحات في عمق الفيافي , شراب للضمئى وللعطشى أدبا وثمر للجياع علما وظل للهاربين من علم الجفاف والاسهال في مدن الفقر العقلي والمسغبة الفكرية.

مولاي الطيب البومسهولي شجرة طالت حكمة وعمرت شعرا وأثمرت عناقيد حكمة هو الحارس الملاك للزاوية لا تكاد تشبع ولا ترتوي من فيض لسانه السلسبيل العذب المتدفق بعفوية وحكمة اعذب حذيث من حوض النبي الامي الامين عليه الصلاة والسلام , اللذي يختلف عن السنة علماء الجامعات , أو علماء الساندويتشات العلمية.

رجل جمع من الادب حسنا ومن الخلق بحرا ومن العلم ذررا , فما لك غير الانبهار ولزوم الصمت خشية ان يزل لسانك ويفضحك امام جبل لا انت واصفه ولا انت متسلق له.

مولاي اليزيد البمسهولي والد المفكر المغربي المعروف عبدالعزيز البمسهولي شيخ آخر من شيوخ الزاوية وحرسها , وصدق من قال "من أين ذاك الفرع, من تلك الشجرة؟"

مولاي الهاشمي رئيس المحكمة السابق وكبير الشرفاء وميزان العقل الراجح داخل مجالسهم , سلسلة جبلية تمتد ولا تنتهي" علم واخلاق وتواضع وحكمة وحلم وتبصر ودهاء ووقار وقدوة".

مولاي المرتضى البمسهولي -عضو المجلس العلمي- ومفتي الزاوية لا بحر جمع من العلوم والادب والحكمة فنونا , كوكب ذري يخطف الابصار والاسماع ويزيل الغشاوة عن القلوب؟

زاوية حوت جهابذة العلم , ومجلس هو من مجالس الله تحفها ملائكة الرحمان وتحويها عناية والطافا.

لعل الهارب من المدنية المتخم بالثقافة السريعة , يخرس لسانه ويضحل علمه , أمام هؤلاء القناديل المعلقة في سماء المغرب العظيم , ويستحيي من رفع بصره الى جنود الدين والعقيدة المخلصين اللذين يكبرون ويكبرون ولعل ضعيف الايمان يفزع من رؤية قاماتهم الطويلة ويولي هاربا, ولعل مجانين السياسة وشياطينها بمجرد وضع اقدامهم هنا يجدون انفسهم في اغلال ترجع اياديهم الى الوراء , ثم ما يلبثوا ان يستنجدوا بفقهاء الزاوية ليفكوا قيود غير مرئية تغلهم , اذ لا مكان للشياطين في زاوية عبدالمالك.