آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 1 2
النتائج 21 إلى 31 من 31

الموضوع: ماحكم زواج الامة والعبد

  1. #21
    عـضــو الصورة الرمزية بسام الحومي
    تاريخ التسجيل
    26/08/2008
    المشاركات
    196
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد
    مشكور أخي معاذ على هذا التوضيح

    يمكن أن يكون هذا الموضوع عفا عليه الزمن وأكل وشرب
    لكن عندما يتعلق الأمر بالفقه الإسلامي فقد كانت هذه القضية (الرق) مسألة هامة في التاريخ الاسلامي وقد أوجد المشرع لها أكثر من حل ليقضي على هذه المشكلة مشكلة الرق والعبودية تحت مبدأ "الناس سواسية كأسنان المشط" فجعل عتق العبيد من باب دفع الكفارات والديات
    أما في ذلك العصر الذي كانت فيه العبودية مشروعة - على مضض- فقد أرسى الشارع الكريم كل الأمور المتعلقة بهذه الفئة الوجودة حينذاك من حقوق وواجبات.
    أما أن ننبذ هذا التراث وراء ظهورنا ففيه حيف لعظمة الاسلام الذي كان أول من نادى بتحرير العبيد وحث عليه.
    وبالنسبة لسؤال الأخ الدكتور فائد اليوسفي فالأمة إذا زوجها سيدها لآخر فلا يجوز للسيد وطئها أو التمتع بها رغم كونها أمته ويجوز له ما وراء ذلك (انظر زاد المعاد - الجزء الخامس).


  2. #22
    مترجم / أستاذ بارز الصورة الرمزية معتصم الحارث الضوّي
    تاريخ التسجيل
    29/09/2006
    المشاركات
    6,947
    معدل تقييم المستوى
    24

    افتراضي

    من الواضح أن الدكتور فائد اليوسفي يود أن يتطرق إلى هذا الموضوع من باب الرياضة الفكرية، ولكن يتبادر إلى ذهني ما يلي:
    - ممارسة الرياضة الفكرية نشاط عقلي محمود، ولكن للمتخصصين فقط، وأعني بذلك أن تأهيل الأخ الفاضل فائد اليوسفي -كما يتضح من بطاقة التعريف الشخصية- في مجال الطب، وبذلك لا تتوفر لديه الأدوات اللازمة للخوض في المسائل الفقهية الدقيقة.
    - يترتب على ذلك، أن الرياضة الفكرية، وقبل ذلك البحث العلمي المطلوب والمرغوب من الدكتور فائد اليوسفي، هو أن يأتينا بما هو جديد ومفيد في مجال تخصصه.

    والله من وراء القصد. كل عام والجميع بخير

    منتديات الوحدة العربية
    http://arab-unity.net/forums/
    مدونتي الشخصية
    http://moutassimelharith.blogspot.com/

  3. #23
    طبيب / كاتب الصورة الرمزية د. فائد اليوسفي
    تاريخ التسجيل
    20/03/2007
    العمر
    48
    المشاركات
    1,351
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    الاستاذ الفاضل معاذ أبو الهيجاء
    كل عام وانتم بالف خير وعيد سعيد
    أشكر لكم تلبية الدعوة فقد كان إختيارى لشخصكم فى المداخلة فى هذا الموضوع موفقا جدا. لكن يبقى لى أن تانى لى بالدليل على فتواك

    انها الأخ الكريم : مجرد أن سمح له بالزواج من آخر لم تعد أمته .
    فلا يجوز أن يرجعها او اي شيء مما ذكرت فلا يحق له أتن يرجعها أو يبيعها لأنها لم تعد ملكه هذا الجواب على سؤالك و الله أعلم
    كما أرجو منك أن تقرأ ردى على مداخلات الأخت رنا الخطيب (مداخلات 13 و 14).
    لأنى ارى أن هناك تناقض فى الفتوى مع الاخ بسام الحومى وبالنسبة لسؤال الأخ الدكتور فائد اليوسفي فالأمة إذا زوجها سيدها لآخر فلا يجوز للسيد وطئها أو التمتع بها رغم كونها أمته ويجوز له ما وراء ذلك (انظر زاد المعاد - الجزء الخامس).
    فحضرتكم ترون أن الامة اصبحت حرة بزواجها من أخر والأخ بسام يرى عكس ذلك ويقول لا يجوز فقط التمتع بها ولكن أريد دليلا. وما معنى والمحصنات من المؤمنات الاما ملكت أيمانكم فى أية تحريم مالا يجب نجاحه من النساء ولماذا استثنى ما ملكت ايمانكم من المحصنات.
    كما اريدكما أن تخبرانى عن الشطر الثانى من سؤالى " هل يجوز وطء الأمة المتزوجة من عبد لنفس السيد؟".

    كما أقول لأخى معتصم الحارث الضوى ، أنا لم استأثر بالموضوع وأصدر الفتاوى بل تركت الباب مفتوحا لأصحاب الرأى والإختصاص. وكان يجب عليك التكاتف معى فى اثارة هذا الموضوع لأنه يبدو أن لا دراية لك بهذه المسألة، والا لكنت افتدنا بعلمك الغزير. فأنا وأنت نريد أن نعرف امور ديننا من علماء واتا وسوف أكون سعيدا للوصول الى الحل النهائى لهذه المسألة والتى سيترتب على حله قضايا أخرى ولكن لا أريد أن اضع الحصان قبل العربة.
    ولكن للمتخصصين فقط، وأعني بذلك أن تأهيل الأخ الفاضل فائد اليوسفي -كما يتضح من بطاقة التعريف الشخصية- في مجال الطب، وبذلك لا تتوفر لديه الأدوات اللازمة للخوض في المسائل الفقهية الدقيقة.
    - يترتب على ذلك، أن الرياضة الفكرية، وقبل ذلك البحث العلمي المطلوب والمرغوب من الدكتور فائد اليوسفي، هو أن يأتينا بما هو جديد ومفيد في مجال تخصصه.
    تحياتى لكل من شارك واثرى الموضوع الى الان واتمنى مواصلة اثرائه للعلم.

    التعديل الأخير تم بواسطة د. فائد اليوسفي ; 01/10/2008 الساعة 09:36 PM

  4. #24
    مترجم / أستاذ بارز الصورة الرمزية معتصم الحارث الضوّي
    تاريخ التسجيل
    29/09/2006
    المشاركات
    6,947
    معدل تقييم المستوى
    24

    افتراضي

    أخي الكريم د. فائد اليوسفي
    بصراحة لم أفهم ردك على مشاركتي!!

    هل جاء في مشاركتي أنك استأثرتَ بالموضوع وأصدرتَ الفتاوي؟!
    هل ادعيتُ أن لي دراية بهذه المسألة، وإلا لكنتُ أفدتُكم بعلمي الغزير؟!

    أولا، رجاء اقرأ ما كتبتُه مرة ثانية قبل الإجابة على أشياء لم ترد مني، وثانيا، أرفضُ تماما لهجتك المتهكمة، وخاصة وأنني لم أدّعي للحظة أن علمي غزير أو حتى قليل.

    قراءة متأنية لما كتبتُ كانت ستكون كفيلة بعدم إيرادك لهذا التعقيب المغلوط!!

    مع فائق تقديري

    منتديات الوحدة العربية
    http://arab-unity.net/forums/
    مدونتي الشخصية
    http://moutassimelharith.blogspot.com/

  5. #25
    عـضــو الصورة الرمزية فايز العنزي
    تاريخ التسجيل
    03/10/2007
    المشاركات
    19
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي

    الحوار لا يفسد للود قضية نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


  6. #26
    عـضــو الصورة الرمزية بسام الحومي
    تاريخ التسجيل
    26/08/2008
    المشاركات
    196
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي

    هذا النقاش يثري الموضوع وحتما سنصل الى حل لهذه المعضلة الفقهية - بالنسبة لنا - لأننا لم نعاصر المشكلة إلا أن الأولين لم يروا فيها أي شيء لأن الموضوع بالنسبة لهم هين سهل.

    أما بالنسبة للدكتور اليوسفي فأنا أقول نقلا من كتاب (زاد المعاد) أن الأمة هي ملك سيدها وحال أن زوجها فكأنما أجر العين التي هي ملكه فلا يجوز له استخدامها طالما المؤجـِـر يستعمل العين ويجوز له استخدامها بعد ترك المؤجر لها.

    أما بالنسبة للشطر الثانى من سؤالكم " هل يجوز وطء الأمة المتزوجة من عبد لنفس السيد؟".
    فهو لا يجوز وذلك لأن الاسلام يحفظ النسب فلو ولدت الأمة ولدا فمن يكون أباه؟ فلا يشترك في وطء المرأة اثنان وذلك سبب تحريم الاسلام تعدد الأزواج بالنسبة للمرأة.
    أما بالنسبة لـ (والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم) فما هو تفسيركم لكلمة محصنات؟
    فالمحصنة هي: (الفتاة البالغة العفيفة التي احصنت فرجها وحفظت نفسها وراعت حدود الله في كل ما تقوم به)
    قال الله عز وجل في سورة النساء: ( وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ ۚ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً (22) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ ۗ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً (23) وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۖ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ ۚ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ۚ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ۚ وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ۚ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً )
    و لو كان معنى المحصنات المتزوجات فكيف ينكحن؟

    وصحح لي إن كنت أخطأت
    ولكم مني التحية


  7. #27
    طبيب / كاتب الصورة الرمزية د. فائد اليوسفي
    تاريخ التسجيل
    20/03/2007
    العمر
    48
    المشاركات
    1,351
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    هذا تفسير إبن كثير لهذه الاية عله يساعد فى حل قضيتنا... وأرجو عدم الخروج عن موضوعى.

    حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (23)
    ۞ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۖ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ۚ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ۚ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (24)

    وَقَوْله تَعَالَى " وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ " أَيْ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ مِنْ الْأَجْنَبِيَّات الْمُحْصَنَات وَهِيَ الْمُزَوَّجَات إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ يَعْنِي إِلَّا مَا مَلَكْتُمُوهُنَّ بِالسَّبْيِ فَإِنَّهُ يَحِلّ لَكُمْ وَطْؤُهُنَّ إِذَا اسْتَبْرَأْتُمُوهن فَإِنَّ الْآيَة نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ . وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا عَبْد الرَّزَّاق أَخْبَرَنَا سُفْيَان هُوَ الثَّوْرِيّ عَنْ عُثْمَان الْبَتِّيّ عَنْ أَبِي الْخَلِيل عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ قَالَ : أَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سَبْي أَوْطَاس وَلَهُنَّ أَزْوَاج فَكَرِهْنَا أَنْ نَقَع عَلَيْهِنَّ وَلَهُنَّ أَزْوَاج فَسَأَلْنَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة " وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ " فَاسْتَحْلَلْنَا فَزَوْجهنَّ وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَنْ أَحْمَد بْن مَنِيع عَنْ هُشَيْم وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيث سُفْيَان الثَّوْرِيّ وَشُعْبَة بْن الْحَجَّاج ثَلَاثَتهمْ عَنْ عُثْمَان الْبَتِّيّ وَرَوَاهُ اِبْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث أَشْعَث بْن سِوَار عَنْ عُثْمَان الْبَتِّيّ وَرَوَاهُ مُسْلِم فِي صَحِيحه مِنْ حَدِيث شُعْبَة عَنْ قَتَادَة كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي الْخَلِيل صَالِح بْن أَبِي مَرْيَم عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ فَذَكَرَهُ وَهَكَذَا رَوَاهُ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر عَنْ قَتَادَة عَنْ أَبِي الْخَلِيل عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ بِهِ وَرُوِيَ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي الْخَلِيل عَنْ أَبِي عَلْقَمَة الْهَاشِمِيّ عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ قَالَ الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا اِبْن أَبِي عَدِيّ عَنْ سَعِيد عَنْ قَتَادَة عَنْ أَبِي الْخَلِيل عَنْ أَبِي عَلْقَمَة عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ أَنَّ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ أَصَابُوا سَبْيًا يَوْم أَوْطَاس لَهُنَّ أَزْوَاج مِنْ أَهْل الشِّرْك فَكَانَ أُنَاس مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفُّوا وَتَأَثَّمُوا مِنْ غَشَيَانهنَّ قَالَ : فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي ذَلِكَ " وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ " وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ مِنْ حَدِيث سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة زَادَ مُسْلِم وَشُعْبَة وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث هَمَّام بْن يَحْيَى ثَلَاثَتهمْ عَنْ قَتَادَة بِإِسْنَادِهِ نَحْوه وَقَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث حَسَن وَلَا أَعْلَم أَنَّ أَحَدًا ذَكَرَ أَبَا عَلْقَمَة فِي هَذَا الْحَدِيث إِلَّا مَا ذَكَرَ هَمَّام عَنْ قَتَادَة - كَذَا قَالَ وَقَدْ تَابَعَهُ شُعْبَة وَاَللَّه أَعْلَم . وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيّ مِنْ حَدِيث الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي سَبَايَا خَيْبَر وَذَكَرَ مِثْل حَدِيث أَبِي سَعِيد وَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَة مِنْ السَّلَف إِلَى أَنَّ بَيْع الْأَمَة يَكُون طَلَاقًا لَهَا مِنْ زَوْجهَا أَخْذًا بِعُمُومِ هَذِهِ الْآيَة وَقَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنَا اِبْن مُثَنَّى حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر عَنْ شُعْبَة عَنْ مُغِيرَة عَنْ إِبْرَاهِيم أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْأَمَة تُبَاع وَلَهَا زَوْج ؟ قَالَ : كَانَ عَبْد اللَّه يَقُول : بَيْعهَا طَلَاقهَا وَيَتْلُو هَذِهِ الْآيَة " وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ " وَكَذَا رَوَاهُ سُفْيَان عَنْ مَنْصُور وَمُغِيرَة وَالْأَعْمَش عَنْ إِبْرَاهِيم عَنْ اِبْن مَسْعُود قَالَ : بَيْعهَا طَلَاقهَا وَهُوَ مُنْقَطِع وَرَوَاهُ سُفْيَان الثَّوْرِيّ عَنْ خُلَيْد عَنْ أَبِي قِلَابَة عَنْ اِبْن مَسْعُود قَالَ : إِذَا بِيعَتْ الْأَمَة وَلَهَا زَوْج فَسَيِّدهَا أَحَقّ بِبُضْعِهَا. وَرَوَاهُ سَعِيد عَنْ قَتَادَة قَالَ أُبَيّ بْن كَعْب وَجَابِر بْن عَبْد اللَّه وَابْن عَبَّاس قَالُوا : بَيْعهَا طَلَاقهَا وَقَالَ اِبْن جَرِير : حَدَّثَنِي يَعْقُوب حَدَّثَنَا اِبْن عُلَيَّة عَنْ خُلَيْد عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : طَلَاق الْأَمَة سِتّ بَيْعهَا طَلَاقهَا وَعِتْقهَا طَلَاقهَا وَهِبَتهَا طَلَاقهَا وَبَرَاءَتهَا طَلَاقهَا وَطَلَاق زَوْجهَا طَلَاقهَا : وَقَالَ عَبْد الرَّزَّاق : أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ اِبْن الْمُسَيِّب قَوْله " وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء " قَالَ : هَذِهِ ذَوَات الْأَزْوَاج حَرَّمَ اللَّه نِكَاحهنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينك فَبَيْعهَا طَلَاقهَا وَقَالَ مَعْمَر : وَقَالَ الْحَسَن مِثْل ذَلِكَ وَهَكَذَا رَوَاهُ سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة عَنْ قَتَادَة عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله " وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ " قَالَ : إِذَا كَانَ لَهَا زَوْج فَبَيْعهَا طَلَاقهَا . وَرَوَى عَوْف عَنْ الْحَسَن بَيْع الْأَمَة طَلَاقهَا وَبَيْعه طَلَاقهَا فَهَذَا قَوْل هَؤُلَاءِ مِنْ السَّلَف وَقَدْ خَالَفَهُمْ الْجُمْهُور قَدِيمًا وَحَدِيثًا فَرَأَوْا أَنَّ بَيْع الْأَمَة لَيْسَ طَلَاقًا لَهَا لِأَنَّ الْمُشْتَرِي نَائِب عَنْ الْبَائِع وَالْبَائِع كَانَ قَدْ أَخْرَجَ عَنْ مِلْكه هَذِهِ الْمَنْفَعَة وَبَاعَهَا مَسْلُوبَة عَنْهَا وَاعْتَمَدُوا فِي ذَلِكَ عَلَى حَدِيث بَرِيرَة الْمُخَرَّج فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرهمَا فَإِنَّ عَائِشَة أُمّ الْمُؤْمِنِينَ اِشْتَرَتْهَا وَأَعْتَقَتْهَا وَلَمْ يَنْفَسِخ نِكَاحهَا مِنْ زَوْجهَا مُغِيث , بَلْ خَيَّرَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن الْفَسْخ وَالْبَقَاء فَاخْتَارَتْ الْفَسْخ وَقِصَّتهَا مَشْهُورَة فَلَوْ كَانَ بَيْع الْأَمَة طَلَاقهَا كَمَا قَالَ هَؤُلَاءِ مَا خَيَّرَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; فَلَمَّا خَيَّرَهَا دَلَّ عَلَى بَقَاء النِّكَاح وَأَنَّ الْمُرَاد مِنْ الْآيَة الْمَسْبِيَّات فَقَطْ وَاَللَّه أَعْلَم وَقَدْ قِيلَ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ " وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء " يَعْنِي الْعَفَائِف حَرَام عَلَيْكُمْ حَتَّى تَمْلِكُوا عِصْمَتهنَّ بِنِكَاحٍ وَشُهُود وَمُهُور وَوَلِيّ وَاحِدَة أَوْ اِثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا , حَكَاهُ اِبْن جَرِير عَنْ أَبِي الْعَالِيَة وَطَاوُس وَغَيْرهمَا . وَقَالَ عُمَر وَعُبَيْدَة " وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء " مَا عَدَا الْأَرْبَع حَرَام عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ . وَقَوْله تَعَالَى " كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ " أَيْ هَذَا التَّحْرِيم كِتَاب كَتَبَهُ اللَّه عَلَيْكُمْ يَعْنِي الْأَرْبَع فَالْزَمُوا كِتَابه وَلَا تَخْرُجُوا عَنْ حُدُوده وَالْزَمُوا شَرْعه وَمَا فَرَضَهُ . وَقَالَ عُبَيْدَة وَعَطَاء وَالسُّدِّيّ فِي قَوْله " كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ " يَعْنِي الْأَرْبَع وَقَالَ إِبْرَاهِيم " كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ " يَعْنِي مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ . وَقَوْله تَعَالَى " وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ " مَا دُون الْأَرْبَع وَهَذَا بَعِيد . وَالصَّحِيح قَوْل عَطَاء كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ قَتَادَة : وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ يَعْنِي مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ وَهَذِهِ الْآيَة هِيَ الَّتِي اِحْتَجَّ بِهَا مَنْ اِحْتَجَّ عَلَى تَحْلِيل الْجَمْع بَيْن الْأُخْتَيْنِ وَقَوْل مَنْ قَالَ : أَحَلَّتْهُمَا آيَة وَحَرَّمَتْهُمَا آيَة وَقَوْله تَعَالَى " أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْر مُسَافِحِينَ " أَيْ تُحَصِّلُوا بِأَمْوَالِكُمْ مِنْ الزَّوْجَات إِلَى أَرْبَع أَوْ السَّرَارِيّ مَا شِئْتُمْ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ وَلِهَذَا قَالَ " مُحْصِنِينَ غَيْر مُسَافِحِينَ " وَقَوْله تَعَالَى " فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة " أَيْ كَمَا تَسْتَمْتِعُونَ بِهِنَّ فَآتُوهُنَّ مُهُورهنَّ فِي مُقَابَلَة ذَلِكَ كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَكَيْف تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضكُمْ إِلَى بَعْض " وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى " وَآتُوا النِّسَاء صَدُقَاتهنَّ نِحْلَة " وَكَقَوْلِهِ " وَلَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا " وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِعُمُومِ هَذِهِ الْآيَة عَلَى نِكَاح الْمُتْعَة وَلَا شَكَّ أَنَّهُ كَانَ مَشْرُوعًا فِي اِبْتِدَاء الْإِسْلَام ثُمَّ نُسِخَ بَعْد ذَلِكَ وَقَدْ ذَهَبَ الشَّافِعِيّ وَطَائِفَة مِنْ الْعُلَمَاء إِلَى أَنَّهُ أُبِيحَ ثُمَّ نُسِخَ ثُمَّ أُبِيحَ ثُمَّ نُسِخَ مَرَّتَيْنِ وَقَالَ آخَرُونَ : أَكْثَر مِنْ ذَلِكَ . وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا أُبِيحَ مَرَّة ثُمَّ نُسِخَ وَلَمْ يُبَحْ بَعْد ذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَطَائِفَة مِنْ الصَّحَابَة الْقَوْل بِإِبَاحَتِهَا لِلضَّرُورَةِ وَهُوَ رِوَايَة عَنْ الْإِمَام أَحْمَد وَكَانَ اِبْن عَبَّاس وَأُبَيّ بْن كَعْب وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَالسُّدِّيّ يَقْرَءُونَ " فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَل مُسَمًّى فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة " وَقَالَ مُجَاهِد : نَزَلَتْ فِي نِكَاح الْمُتْعَة وَلَكِنَّ الْجُمْهُور عَلَى خِلَاف ذَلِكَ وَالْعُمْدَة مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب قَالَ : نَهَى رَسُول اللَّه صَلَّى عَنْ نِكَاح الْمُتْعَة وَعَنْ لُحُوم الْحُمُر الْأَهْلِيَّة يَوْم خَيْبَر وَلِهَذَا الْحَدِيث أَلْفَاظ مُقَرَّرَة هِيَ فِي كِتَاب الْأَحْكَام وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ الرَّبِيع بْن سَبْرَة بْن مَعْبَد الْجُهَنِيّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى يَوْم فَتْح مَكَّة فَقَالَ " يَا أَيّهَا النَّاس إِنِّي كُنْت أَذِنْت لَكُمْ فِي الِاسْتِمْتَاع مِنْ النِّسَاء وَإِنَّ اللَّه قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَمَنْ كَانَ عِنْده مِنْهُنَّ شَيْء فَلْيُخْلِ سَبِيله وَلَا تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا " وَفِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ فِي حَجَّة الْوَدَاع وَلَهُ أَلْفَاظ مَوْضِعهَا كِتَاب الْأَحْكَام وَقَوْله تَعَالَى " وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْد الْفَرِيضَة " مَنْ حَمَلَ هَذِهِ الْآيَة عَلَى نِكَاح الْمُتْعَة إِلَى أَجَل مُسَمًّى قَالَ : لَا جُنَاح عَلَيْكُمْ إِذَا اِنْقَضَى الْأَجَل أَنْ تَتَرَاضَوْا عَلَى زِيَادَة بِهِ وَزِيَادَة لِلْجُعْلِ قَالَ السُّدِّيّ : إِنْ شَاءَ أَرْضَاهَا مِنْ بَعْد الْفَرِيضَة الْأُولَى يَعْنِي الْأَجْر الَّذِي أَعْطَاهَا عَلَى تَمَتُّعه بِهَا قَبْل اِنْقِضَاء الْأَجَل بَيْنهمَا فَقَالَ : أَتَمَتَّع مِنْك أَيْضًا بِكَذَا وَكَذَا فَإِنْ زَادَ قَبْل أَنْ يَسْتَبْرِئ رَحِمهَا يَوْم تَنْقَضِي الْمُدَّة وَهُوَ قَوْله تَعَالَى " وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْد الْفَرِيضَة " قَالَ السُّدِّيّ : إِذَا اِنْقَضَتْ الْمُدَّة فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيل وَهِيَ مِنْهُ بَرِيئَة وَعَلَيْهَا أَنْ تَسْتَبْرِئ مَا فِي رَحِمهَا وَلَيْسَ بَيْنهمَا مِيرَاث فَلَا يَرِث وَاحِد مِنْهُمَا صَاحِبه وَمَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْل الْأَوَّل جَعَلَ مَعْنَاهُ كَقَوْلِهِ " وَآتُوا النِّسَاء صَدُقَاتهنَّ نِحْلَة " الْآيَة أَيْ إِذَا فَرَضْت لَهَا صَدَاقًا فَأَبْرَأْتُك مِنْهُ أَوْ عَنْ شَيْء مِنْهُ فَلَا جُنَاح عَلَيْك وَلَا عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ وَقَالَ اِبْن جَرِير : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان عَنْ أَبِيهِ قَالَ : زَعَمَ الْحَضْرَمِيّ أَنَّ رِجَالًا كَانُوا يَفْرِضُونَ الْمَهْر ثُمَّ عَسَى أَنْ يُدْرِك أَحَدهمْ الْعُسْرَة فَقَالَ : وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ أَيّهَا النَّاس فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْد الْفَرِيضَة يَعْنِي إِنْ وَضَعَتْ لَك مِنْهُ شَيْئًا فَهُوَ لَك سَائِغ , وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْل اِبْن جَرِير وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس " وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْد الْفَرِيضَة " وَالتَّرَاضِي أَنْ يُوفِيهَا صَدَاقهَا ثُمَّ يُخَيِّرهَا يَعْنِي فِي الْمَقَام أَوْ الْفِرَاق . وَقَوْله تَعَالَى " إِنَّ اللَّه كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا " مُنَاسِب ذِكْر هَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ بَعْد شَرْع هَذِهِ الْمُحَرَّمَات .


  8. #28
    طبيب / كاتب الصورة الرمزية د. فائد اليوسفي
    تاريخ التسجيل
    20/03/2007
    العمر
    48
    المشاركات
    1,351
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    تفسير الجلالين:

    "وَ" حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ "الْمُحْصَنَات" أَيْ ذَوَات الْأَزْوَاج "مِنْ النِّسَاء" أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ قَبْل مُفَارَقَة أَزْوَاجهنَّ حَرَائِر مُسْلِمَات كُنَّ أَوْ لَا "إلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ" مِنْ الْإِمَاء بِالسَّبْيِ فَلَكُمْ وَطْؤُهُنَّ وَإِنْ كَانَ لَهُنَّ أَزْوَاج فِي دَار الْحَرْب بَعْد الِاسْتِبْرَاء "كِتَاب اللَّه" نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَر أَيْ كَتَبَ ذَلِكَ "عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ" بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَالْمَفْعُول "لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ" أَيْ سِوَى مَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ مِنْ النِّسَاء "أَنْ تَبْتَغُوا" تَطْلُبُوا النِّسَاء "بِأَمْوَالِكُمْ" بِصَدَاقٍ أَوْ ثَمَن "مُحْصِنِينَ" مُتَزَوِّجِينَ "غَيْر مُسَافِحِينَ" زَانِينَ "فَمَا" فَمَنْ "اسْتَمْتَعْتُمْ" تَمَتَّعْتُمْ "بِهِ مِنْهُنَّ" مِمَّنْ تَزَوَّجْتُمْ بِالْوَطْءِ "فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ" مُهُورهنَّ الَّتِي فَرَضْتُمْ لَهُنَّ "فَرِيضَة وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ" أَنْتُمْ وَهُنَّ "بِهِ مِنْ بَعْد الْفَرِيضَة" مِنْ حَطّهَا أَوْ بَعْضهَا أَوْ زِيَادَة عَلَيْهَا "إنَّ اللَّه كَانَ عَلِيمًا" بِخَلْقِهِ "حَكِيمًا" فِيمَا دَبَّرَهُ لَهُمْ


  9. #29
    طبيب / كاتب الصورة الرمزية د. فائد اليوسفي
    تاريخ التسجيل
    20/03/2007
    العمر
    48
    المشاركات
    1,351
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    نفسير الطبري:

    الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : حَرَّمْت عَلَيْكُمْ الْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء , إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمُحْصَنَات الَّتِي عَنَاهُنَّ اللَّه فِي هَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُنَّ ذَوَات الْأَزْوَاج غَيْر الْمَسْبِيَّات مِنْهُنَّ . وَمِلْك الْيَمِين : السَّبَايَا اللَّوَاتِي فَرَّقَ بَيْنهنَّ وَبَيْن أَزْوَاجهنَّ السِّبَاء , فَحَلَلْنَ لِمَنْ صِرْنَ لَهُ بِمِلْكِ الْيَمِين مِنْ غَيْر طَلَاق كَانَ مِنْ زَوْجهَا الْحَرْبِيّ لَهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7124 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي حُصَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : كُلّ ذَات زَوْج إِتْيَانهَا زِنًا , إِلَّا مَا سُبِيَتْ . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن عَطِيَّة , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي حُصَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . 7125 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } يَقُول : كُلّ اِمْرَأَة لَهَا زَوْج فَهِيَ عَلَيْك حَرَام إِلَّا أَمَة مَلَكْتهَا وَلَهَا زَوْج بِأَرْضِ الْحَرْب , فَهِيَ لَك حَلَال إِذَا اِسْتَبْرَأْتهَا . 7126 - وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ خَالِد , عَنْ أَبِي قِلَابَة فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : مَا سَبَيْتُمْ مِنْ النِّسَاء , إِذَا سُبِيَتْ الْمَرْأَة وَلَهَا زَوْج فِي قَوْمهَا , فَلَا بَأْس أَنْ تَطَأهَا . 7127 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : كُلّ اِمْرَأَة مُحْصَنَة لَهَا زَوْج فَهِيَ مُحَرَّمَة إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينك مِنْ السَّبْي وَهِيَ مُحْصَنَة لَهَا زَوْج , فَلَا تُحَرَّم عَلَيْك بِهِ . قَالَ : كَانَ أَبِي يَقُول ذَلِكَ . 7128 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عُتْبَة بْن سَعِيد الْحِمْصِيّ , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ مَكْحُول فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : السَّبَايَا . وَاعْتَلَّ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَة بِالْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِيَتْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِيمَنْ سُبِيَ مِنْ أَوْطَاس. ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ : 7129 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي الْخَلِيل , عَنْ أَبِي عَلْقَمَة الْهَاشِمِيّ , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ : أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم حُنَيْن بَعَثَ جَيْشًا إِلَى أَوْطَاس , فَلَقُوا عَدُوًّا , فَأَصَابُوا سَبَايَا لَهُنَّ أَزْوَاج مِنْ الْمُشْرِكِينَ , فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يَتَأَثَّمُونَ مِنْ غِشْيَانهنَّ , فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَذِهِ الْآيَة : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } أَيْ هُنَّ حَلَال لَكُمْ إِذَا مَا اِنْقَضَتْ عِدَدهنَّ . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ صَالِح أَبِي الْخَلِيل : أَنَّ أَبَا عَلْقَمَة الْهَاشِمِيّ حَدَّثَ , أَنَّ أَبَا سَعِيد الْخُدْرِيّ حَدَّثَ : أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ يَوْم حُنَيْن سَرِيَّة , فَأَصَابُوا حَيًّا مِنْ أَحْيَاء الْعَرَب يَوْم أَوْطَاس , فَهَزَمُوهُمْ وَأَصَابُوا لَهُمْ سَبَايَا , فَكَانَ نَاس مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَأَثَّمُونَ مِنْ غِشْيَانهنَّ مِنْ أَجْل أَزْوَاجهنَّ , فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } مِنْهُنَّ فَحَلَال لَكُمْ ذَلِكَ . * - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَعِيد الْكِنَانِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحِيم بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَشْعَث بْن سَوَّار , عَنْ عُثْمَان الْبَتِّيّ , عَنْ أَبِي الْخَلِيل , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , قَالَ : لَمَّا سَعَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْل أَوْطَاس , قُلْنَا : يَا رَسُول اللَّه , كَيْفَ نَقَع عَلَى نِسَاء قَدْ عَرَفْنَا أَنْسَابهنَّ وَأَزْوَاجهنَّ ؟ قَالَ : فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ عُثْمَان الْبَتِّيّ , [ عَنْ أَبِي الْخَلِيل ] عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , قَالَ : أَصَبْنَا نِسَاء مِنْ سَبْي أَوْطَاس لَهُنَّ أَزْوَاج , فَكَرِهْنَا أَنْ نَقَع عَلَيْهِنَّ وَلَهُنَّ أَزْوَاج , فَسَأَلْنَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَنَزَلَتْ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } فَاسْتَحْلَلْنَا فُرُوجهنَّ . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي الْخَلِيل عَنْ أَبِي سَعِيد , قَالَ : نَزَلَتْ فِي يَوْم أَوْطَاس , أَصَابَ الْمُسْلِمُونَ سَبَايَا لَهُنَّ أَزْوَاج فِي الشِّرْك , فَقَالَ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } يَقُول : إِلَّا مَا أَفَاءَ اللَّه عَلَيْكُمْ , قَالَ : فَاسْتَحْلَلْنَا بِهَا فُرُوجهنَّ. وَقَالَ آخَرُونَ مِمَّنْ قَالَ : " الْمُحْصَنَات ذَوَات الْأَزْوَاج فِي هَذَا الْمَوْضِع " . بَلْ هُنَّ كُلّ ذَات زَوْج مِنْ النِّسَاء حَرَام عَلَى غَيْر أَزْوَاجهنَّ , إِلَّا أَنْ تَكُون مَمْلُوكَة اِشْتَرَاهَا مُشْتَرٍ مِنْ مَوْلَاهَا فَتَحِلّ لِمُشْتَرِيهَا , وَيَبْطُل بَيْع سَيِّدهَا إِيَّاهَا النِّكَاح بَيْنهَا وَبَيْن زَوْجهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7130 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب سَلْم بْن جُنَادَة , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : كُلّ ذَات زَوْج عَلَيْك حَرَام إِلَّا أَنْ تَشْتَرِيَهَا , أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينك . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , عَنْ شُعْبَة , عَنْ مُغِيرَة عَنْ إِبْرَاهِيم : أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْأَمَة تُبَاع وَلَهَا زَوْج , قَالَ : كَانَ عَبْد اللَّه يَقُول : بَيْعهَا طَلَاقهَا , وَيَتْلُو هَذِهِ الْآيَة : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : كُلّ ذَات زَوْج عَلَيْك حَرَام , إِلَّا مَا اِشْتَرَيْت بِمَالِك ; وَكَانَ يَقُول : بَيْع الْأَمَة : طَلَاقهَا. 7131 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ اِبْن الْمُسَيِّب قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء } قَالَ : هُنَّ ذَوَات الْأَزْوَاج حَرَّمَ اللَّه نِكَاحهنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينك , فَبَيْعهَا طَلَاقهَا . قَالَ مَعْمَر : وَقَالَ الْحَسَن مِثْل ذَلِكَ . 7132 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : إِذَا كَانَ لَهَا زَوْج فَبَيْعهَا طَلَاقهَا . 7133 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة أَنَّ أُبَيّ بْن كَعْب وَجَابِر بْن عَبْد اللَّه وَأَنَس بْن مَالِك قَالُوا : بَيْعهَا طَلَاقهَا . 7134 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة أَنَّ أُبَيّ بْن كَعْب وَجَابِرًا وَابْن عَبَّاس , قَالُوا : بَيْعهَا طَلَاقهَا . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عُمَر بْن عُبَيْد , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : بَيْع الْأَمَة طَلَاقهَا. * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور وَمُغِيرَة وَالْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : بَيْع الْأَمَة طَلَاقهَا . * - حَدَّثَنَا بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمِّل , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه . مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه مِثْله . 7135 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ خَالِد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : طَلَاق الْأَمَة سِتّ : بَيْعهَا طَلَاقهَا , وَعِتْقهَا طَلَاقهَا , وَهِبَتهَا طَلَاقهَا , وَبَرَاءَتهَا طَلَاقهَا , وَطَلَاق زَوْجهَا طَلَاقهَا . 7136 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن الْمُغِيرَة الْحِمْصِيّ . قَالَ : ثنا عُثْمَان بْن سَعِيد , عَنْ عِيسَى اِبْن أَبِي إِسْحَاق , عَنْ أَشْعَث , عَنْ الْحَسَن , عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب : أَنَّهُ قَالَ : بَيْع الْأَمَة طَلَاقهَا . 7137 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , عَنْ عَوْف , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : بَيْع الْأَمَة طَلَاقهَا , وَبَيْعه طَلَاقهَا . 7138 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا خَالِد , عَنْ أَبِي قِلَابَة , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : مُشْتَرِيهَا أَحَقّ بِبُضْعِهَا . يَعْنِي : الْأَمَة تُبَاع وَلَهَا زَوْج . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : طَلَاق الْأَمَة بَيْعهَا . * - حَدَّثَنَا حُمَيْد , قَالَ : ثنا سُفْيَان بْن حَبِيب , قَالَ : ثنا يُونُس , عَنْ الْحَسَن أَنَّ أُبَيًّا , قَالَ : بَيْعهَا طَلَاقهَا . 7139 - حَدَّثَنَا أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ خَالِد , عَنْ أَبِي قِلَابَة , عَنْ اِبْن مَسْعُود , قَالَ : إِذَا بِيعَتْ الْأَمَة وَلَهَا زَوْج فَسَيِّدهَا أَحَقّ بِبُضْعِهَا . 7140 - حَدَّثَنَا حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثني سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : بَيْعهَا طَلَاقهَا. قَالَ : فَقِيلَ لِإِبْرَاهِيم : فَبَيْعه ؟ قَالَ : ذَلِكَ مَا لَا نَقُول فِيهِ شَيْئًا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى الْمُحْصَنَات فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْعَفَائِف. قَالُوا : وَتَأْوِيل الْآيَة : وَالْعَفَائِف مِنْ النِّسَاء حَرَام أَيْضًا عَلَيْكُمْ , إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ مِنْهُنَّ بِنِكَاحٍ وَصَدَاق وَسُنَّة وَشُهُود مِنْ وَاحِدَة إِلَى أَرْبَع . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7141 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة , قَالَ : يَقُول : اِنْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء : مَثْنَى , وَثُلَاث , وَرُبَاع , ثُمَّ حَرَّمَ مَا حَرَّمَ مِنْ النَّسَب وَالصِّهْر , ثُمَّ قَالَ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : فَرَجَعَ إِلَى أَوَّل السُّورَة إِلَى أَرْبَع , فَقَالَ : هُنَّ حَرَام أَيْضًا , إِلَّا بِصَدَاقٍ وَسُنَّة وَشُهُود . 7142 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ أَيُّوب , عَنْ اِبْن سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَة , قَالَ : أَحَلَّ اللَّه لَك أَرْبَعًا فِي أَوَّل السُّورَة , وَحَرَّمَ نِكَاح كُلّ مُحْصَنَة بَعْد الْأَرْبَع , إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينك . قَالَ مَعْمَر : وَأَخْبَرَنِي اِبْن طَاوُس عَنْ أَبِيهِ : إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينك , قَالَ : فَزَوْجك مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينك , يَقُول : حَرَّمَ اللَّه الزِّنَا , لَا يَحِلّ لَك أَنْ تَطَأ اِمْرَأَة إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينك. 7143 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن مَسْرُوق الْكِنْدِيُّ , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحِيم بْن سُلَيْمَان , عَنْ هِشَام بْن حَسَّان , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , قَالَ : سَأَلْت عُبَيْدَة عَنْ قَوْل اللَّه تَعَالَى : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : أَرْبَع . 7144 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحِيم , عَنْ أَشْعَث بْن سِوَار , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , عَنْ عُبَيْدَة , عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب , مِثْله . 7145 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , عَنْ أَشْعَث , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : الْأَرْبَع , فَمَا بَعْدهنَّ حَرَام . 7146 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : سَأَلْت عَطَاء عَنْهَا , فَقَالَ : حَرَّمَ اللَّه ذَوَات الْقَرَابَة , ثُمَّ قَالَ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } يَقُول : حَرَّمَ مَا فَوْق الْأَرْبَع مِنْهُنَّ . 7147 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء } قَالَ : الْخَامِسَة حَرَام كَحُرْمَةِ الْأُمَّهَات وَالْأَخَوَات . ذِكْر مَنْ قَالَ : عَنَى بِالْمُحْصَنَاتِ فِي هَذَا الْمَوْضِع الْعَفَائِفَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْل الْكِتَاب . 7148 - حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن حَبِيب بْن الشَّهِيد , قَالَ : ثنا عَتَّابُ بْن بَشِير , عَنْ خُصَيْف , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات } قَالَ : الْعَفِيفَة الْعَاقِلَة مِنْ مُسْلِمَة , أَوْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب . 7149 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , عَنْ بَعْض أَصْحَابه , عَنْ مُجَاهِد : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : الْعَفَائِف . وَقَالَ آخَرُونَ : الْمُحْصَنَات فِي هَذَا الْمَوْضِع ذَوَات الْأَزْوَاج غَيْر أَنَّ الَّذِي حَرَّمَ اللَّه مِنْهُنَّ فِي هَذِهِ الْآيَة الزِّنَا بِهِنَّ , وَأَبَاحَهُنَّ بِقَوْلِهِ : { إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } بِالنِّكَاحِ أَوْ الْمِلْك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7150 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى : { وَالْمُحْصَنَات } قَالَ : نَهَى عَنْ الزِّنَا. * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء } قَالَ : نَهَى عَنْ الزِّنَا أَنْ تَنْكِح الْمَرْأَةُ زَوْجَيْنِ . 7151 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : كُلّ ذَات زَوْج عَلَيْكُمْ حَرَام , إِلَّا الْأَرْبَع اللَّاتِي يُنْكَحْنَ بِالْبَيِّنَةِ وَالْمَهْر . 7152 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عُثْمَان , قَالَ : ثنا وَهْب بْن جَرِير , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : سَمِعْت النُّعْمَان بْن رَاشِد يُحَدِّث عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء , قَالَ : هُنَّ ذَوَات الْأَزْوَاج. 7153 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : ذَوَات الْأَزْوَاج مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ. وَقَالَ عَلِيّ : ذَوَات الْأَزْوَاج مِنْ الْمُشْرِكِينَ . 7154 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء } قَالَ : كُلّ ذَات زَوْج عَلَيْكُمْ حَرَام . 7155 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ عَبْد الْكَرِيم , عَنْ مَكْحُول , نَحْوه . 7156 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ الصَّلْت بْن بِهْرَام , عَنْ إِبْرَاهِيم , نَحْوه. 7157 - مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ }. .. إِلَى { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } يَعْنِي : ذَوَات الْأَزْوَاج مِنْ النِّسَاء لَا يَحِلّ نِكَاحهنَّ , يَقُول : لَا يَخْلِب وَلَا يَعُدْ فَتَنْشِز عَلَى زَوْجهَا , وَكُلّ اِمْرَأَة لَا تُنْكَح إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَمَهْر فَهِيَ مِنْ الْمُحْصَنَات الَّتِي حَرَّمَ اللَّه إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ , يَعْنِي : الَّتِي أَحَلَّ اللَّه مِنْ النِّسَاء , وَهُوَ مَا أَحَلَّ مِنْ حَرَائِر النِّسَاء مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُنَّ نِسَاء أَهْل الْكِتَاب . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7158 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا عِيسَى بْن عُبَيْد , عَنْ أَيُّوب بْن أَبِي الْعَوْجَاء عَنْ أَبِي مِجْلَز فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : نِسَاء أَهْل الْكِتَاب. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُنَّ الْحَرَائِر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7159 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثني حَمَّاد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان بْن عَرْعَرَة , فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء } قَالَ : الْحَرَائِر . وَقَالَ آخَرُونَ : الْمُحْصَنَات : هُنَّ الْعَفَائِف وَذَوَات الْأَزْوَاج , وَحَرَام كُلّ مِنْ الصِّنْفَيْنِ إِلَّا بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْك يَمِين. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7160 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني اللَّيْث , قَالَ : ثني عُقَيْل , عَنْ اِبْن شِهَاب , وَسُئِلَ عَنْ قَوْل اللَّه : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ }. .. الْآيَة , قَالَ : نَرَى أَنَّهُ حَرَّمَ فِي هَذِهِ الْآيَة الْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء ذَوَات الْأَزْوَاج أَنْ يُنْكَحْنَ مَعَ أَزْوَاجهنَّ - وَالْمُحْصَنَات : الْعَفَائِف - وَلَا يَحْلُلْنَ إِلَّا بِنِكَاحٍ , أَوْ مِلْك يَمِين . وَالْإِحْصَان إِحْصَانَانِ : إِحْصَان تَزْوِيج , وَإِحْصَان عَفَاف فِي الْحَرَائِر وَالْمَمْلُوكَات , كُلّ ذَلِكَ حَرَّمَ اللَّه , إِلَّا بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْك يَمِين. وَقَالَ آخَرُونَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي نِسَائِكُنَّ يُهَاجِرْنَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَهُنَّ أَزْوَاج , فَيَتَزَوَّجهُنَّ بَعْض الْمُسْلِمِينَ , ثُمَّ يَقْدَم أَزْوَاجهنَّ مُهَاجِرِينَ , فَنُهِيَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ نِكَاحهنَّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7161 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : ثني حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , قَالَ : كَانَ النِّسَاء يَأْتِينَنَا ثُمَّ يُهَاجِر أَزْوَاجهنَّ فَمَنَعْنَاهُنَّ ; يَعْنِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } وَقَدْ ذَكَرَ اِبْن عَبَّاس وَجَمَاعَة غَيْره أَنَّهُ كَانَ مُلْتَبِسًا عَلَيْهِمْ تَأْوِيل ذَلِكَ . 7162 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة , قَالَ : قَالَ رَجُل لِسَعِيدِ بْن جُبَيْر : أَمَا رَأَيْت اِبْن عَبَّاس حِين سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَة : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } فَلَمْ يَقُلْ فِيهَا شَيْئًا ؟ قَالَ : فَقَالَ : كَانَ لَا يَعْلَمهَا. 7163 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن يَحْيَى , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : لَوْ أَعْلَم مَنْ يُفَسِّر لِي هَذِهِ الْآيَة لَضَرَبْت إِلَيْهِ أَكْبَاد الْإِبِل , قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } . .. إِلَى قَوْله : { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ } ... إِلَى آخِر الْآيَة . قَالَ أَبُو جَعْفَر : فَأَمَّا الْمُحْصَنَات فَإِنَّهُنَّ جَمْع مُحْصَنَة , وَهِيَ الَّتِي قَدْ مُنِعَ فَرْجهَا بِزَوْجٍ , يُقَال مِنْهُ : أَحْصَنَ الرَّجُل اِمْرَأَته فَهُوَ يُحْصِنهَا إِحْصَانًا وَحَصُنَتْ هِيَ فَهِيَ تَحْصُن حَصَانَة : إِذَا عَفَّتْ , وَهِيَ حَاصِن مِنْ النِّسَاء : عَفِيفَة , كَمَا قَالَ الْعَجَّاج : وَحَاصِن مِنْ حَاصِنَات مُلْسِ عَنْ الْأَذَى وَعَنْ قِرَاف الْوَقْس وَيُقَال أَيْضًا إِذَا هِيَ عَفَّتْ وَحَفِظَتْ فَرْجهَا مِنْ الْفُجُور : قَدْ أَحْصَنَتْ فَرْجهَا فَهِيَ مُحْصَنَة , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَمَرْيَم اِبْنَت عِمْرَان الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجهَا } 66 12 بِمَعْنَى : حَفِظَتْهُ مِنْ الرِّيبَة وَمَنَعَتْهُ مِنْ الْفُجُور . وَإِنَّمَا قِيلَ لِحُصُونِ الْمَدَائِن وَالْقُرَى حُصُون لِمَنْعِهَا مَنْ أَرَادَهَا وَأَهْلهَا , وَحِفْظهَا مَا وَرَاءَهَا مِمَّنْ بَغَاهَا مِنْ أَعْدَائِهَا , وَلِذَلِكَ قِيلَ لِلدِّرْعِ دِرْع حَصِينَة . فَإِذَا كَانَ أَصْلًا لِإِحْصَانِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَنْع وَالْحِفْظ فَبُيِّنَ أَنَّ مَعْنَى قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء } وَالْمَمْنُوعَات مِنْ النِّسَاء حَرَام عَلَيْكُمْ { إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ , وَكَانَ الْإِحْصَان قَدْ يَكُون بِالْحُرِّيَّةِ , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ } 5 5 وَيَكُون بِالْإِسْلَامِ , كَمَا قَالَ تَعَالَى ذِكْره : { فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْف مَا عَلَى الْمُحْصَنَات مِنْ الْعَذَاب } 4 25 وَيَكُون بِالْعِفَّةِ كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَات ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء } 24 4 وَيَكُون بِالزَّوْجِ ; وَلَمْ يَكُنْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَصَّ مُحْصَنَة دُون مُحْصَنَة فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء } فَوَاجِب أَنْ يَكُون كُلّ مُحْصَنَة بِأَيِّ مَعَانِي الْإِحْصَان كَانَ إِحْصَانهَا حَرَامًا عَلَيْنَا سِفَاحًا أَوْ نِكَاحًا , إِلَّا مَا مَلَكَتْهُ أَيْمَاننَا مِنْهُنَّ بِشِرَاءٍ , كَمَا أَبَاحَهُ لَنَا كِتَاب اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ , أَوْ نِكَاح عَلَى مَا أَطْلَقَهُ لَنَا تَنْزِيل اللَّه . فَاَلَّذِي أَبَاحَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَنَا نِكَاحًا مِنْ الْحَرَائِر الْأَرْبَع سِوَى اللَّوَاتِي حُرِّمْنَ عَلَيْنَا بِالنَّسَبِ وَالصِّهْر , وَمِنْ الْإِمَاء مَا سَبَيْنَا مِنْ الْعَدُوّ سِوَى اللَّوَاتِي وَافَقَ مَعْنَاهُنَّ مَعْنَى مَا حُرِّمَ عَلَيْنَا مِنْ الْحَرَائِر بِالنَّسَبِ وَالصِّهْر , فَإِنَّهُنَّ وَالْحَرَائِر فِيمَا يَحِلّ وَيَحْرُم بِذَلِكَ الْمَعْنَى مُتَّفِقَات الْمَعَانِي , وَسِوَى اللَّوَاتِي سَبَيْنَاهُنَّ مِنْ أَهْل الْكِتَابَيْنِ وَلَهُنَّ أَزْوَاج , فَإِنَّ السِّبَاء يُحِلّهُنَّ لِمَنْ سَبَاهُنَّ بَعْد الِاسْتِبْرَاء , وَبَعْد إِخْرَاج حَقّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى الَّذِي جَعَلَهُ لِأَهْلِ الْخُمُس مِنْهُنَّ . فَأَمَّا السِّفَاح فَإِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَرَّمَهُ مِنْ جَمِيعهنَّ , فَلَمْ يُحِلّهُ مِنْ حُرَّة وَلَا أَمَة وَلَا مُسْلِمَة وَلَا كَافِرَة مُشْرِكَة . وَأَمَّا الْأَمَة الَّتِي لَهَا زَوْج فَإِنَّهَا لَا تَحِلّ لِمَالِكِهَا إِلَّا بَعْد طَلَاق زَوْجهَا إِيَّاهَا , أَوْ وَفَاته وَانْقِضَاء عِدَّتهَا مِنْهُ , فَأَمَّا بَيْع سَيِّدهَا إِيَّاهَا فَغَيْر مُوجِب بَيْنهَا وَبَيْن زَوْجهَا فِرَاقًا وَلَا تَحْلِيلًا لِمُشْتَرِيهَا , لِصِحَّةِ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَنَّهُ خَيَّرَ بَرِيرَة إِذْ أَعْتَقَتْهَا عَائِشَة بَيْن الْمُقَام مَعَ زَوْجهَا الَّذِي كَانَ سَادَتهَا زَوَّجُوهَا مِنْهُ فِي حَال رِقِّهَا , وَبَيْن فِرَاقه " وَلَمْ يَجْعَل صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِتْق عَائِشَة إِيَّاهَا طَلَاقًا . وَلَوْ كَانَ عِتْقهَا وَزَوَال مِلْك عَائِشَة إِيَّاهَا لَهَا طَلَاقًا لَمْ يَكُنْ لِتَخْيِيرِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهَا بَيْن الْمُقَام مَعَ زَوْجهَا وَالْفِرَاق مَعْنًى , وَلَوَجَبَ بِالْعِتْقِ الْفِرَاق , وَبِزَوَالِ مِلْك عَائِشَة عَنْهَا الطَّلَاق ; فَلَمَّا خَيَّرَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن الَّذِي ذَكَرْنَا وَبَيْن الْمُقَام مَعَ زَوْجهَا وَالْفِرَاق كَانَ مَعْلُومًا أَنَّهُ لَمْ يُخَيِّر بَيْن ذَلِكَ إِلَّا وَالنِّكَاح عَقْده ثَابِت , كَمَا كَانَ قَبْل زَوَال مِلْك عَائِشَة عَنْهَا , فَكَانَ نَظِيرًا لِلْعِتْقِ الَّذِي هُوَ زَوَال مِلْك مَالِك الْمَمْلُوكَة ذَات الزَّوْج عَنْهَا الْبَيْعُ الَّذِي هُوَ زَوَال مِلْك مَالِكهَا عَنْهَا , إِذْ كَانَ أَحَدهمَا زَوَالًا بِبَيْعٍ وَالْآخَر بِعِتْقٍ فِي أَنَّ الْفُرْقَة لَا يَجِب بِهَا بَيْنهَا وَبَيْن زَوْجهَا بِهِمَا وَلَا بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا طَلَاق وَإِنْ اِخْتَلَفَا فِي مَعَانٍ أُخَر , مِنْ أَنَّ لَهَا فِي الْعِتْق الْخِيَار فِي الْمُقَام مَعَ زَوْجهَا وَالْفِرَاق , لِعِلَّةِ مُفَارَقَة مَعْنَى الْبَيْع , وَلَيْسَ ذَلِكَ لَهَا فِي الْبَيْع . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ يَكُون مَعْنِيًّا بِالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء } مَا وَرَاء الْأَرْبَع مِنْ الْخُمُس إِلَى مَا فَوْقهنَّ بِالنِّكَاحِ وَالْمَنْكُوحَات بِهِ غَيْر مَمْلُوكَات ؟ قِيلَ لَهُ : إِنَّ اللَّه تَعَالَى لَمْ يَخُصّ بِقَوْلِهِ : { إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } الْمَمْلُوكَات الرِّقَاب دُون الْمَمْلُوك عَلَيْهَا بِعَقْدِ النِّكَاح أَمْرهَا , بَلْ عَمَّ بِقَوْلِهِ : { إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ , أَعْنِي مِلْك الرَّقَبَة وَمِلْك الِاسْتِمْتَاع بِالنِّكَاحِ , لِأَنَّ جَمِيع ذَلِكَ مَلَكَتْهُ أَيْمَاننَا , أَمَّا هَذِهِ فَمِلْك اِسْتِمْتَاع , وَأَمَّا هَذِهِ فَمِلْك اِسْتِخْدَام وَاسْتِمْتَاع وَتَصْرِيف فِيمَا أُبِيحَ لِمَالِكِهَا مِنْهَا . وَمَنْ اِدَّعَى أَنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنَى بِقَوْلِهِ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء } مُحْصَنَة وَغَيْر مُحْصَنَة , سِوَى مَنْ ذَكَرْنَا أَوَّلًا بِالِاسْتِثْنَاءِ بِقَوْلِهِ : { إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } بَعْض أَمْلَاك أَيْمَاننَا دُون بَعْض , غَيْر الَّذِي دَلَّلْنَا عَلَى أَنَّهُ غَيْر مَعْنِيّ بِهِ , سُئِلَ الْبُرْهَان عَلَى دَعْوَاهُ مِنْ أَصْل أَوْ نَظِير , فَلَنْ يَقُول فِي ذَلِكَ قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْآخَر مِثْله . فَإِنْ اِعْتَلَّ مُعْتَلّ مِنْكُمْ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي سَبَايَا أَوْطَاس , قِيلَ لَهُ : إِنَّ سَبَايَا أَوْطَاس لَمْ يُوطَأْنَ بِالْمِلْكِ وَالسِّبَاء دُون الْإِسْلَام , وَذَلِكَ أَنَّهُنَّ كُنَّ مُشْرِكَات مِنْ عَبَدَة الْأَوْثَان , وَقَدْ قَامَتْ الْحُجَّة بِأَنَّ نِسَاء عَبَدَة الْأَوْثَان لَا يَحْلُلْنَ بِالْمِلْكِ دُون الْإِسْلَام , وَأَنَّهُنَّ إِذَا أَسْلَمْنَ فَرَّقَ الْإِسْلَام بَيْنهنَّ وَبَيْن الْأَزْوَاج , سَبَايَا كُنَّ أَوْ مُهَاجِرَات , غَيْر أَنَّة إِذَا كُنَّ سَبَايَا حَلَلْنَ إِذَا هُنَّ أَسْلَمْنَ بِالِاسْتِبْرَاءِ. فَلَا حُجَّة لِمُحْتَجٍّ فِي أَنَّ الْمُحْصَنَات اللَّاتِي عَنَاهُنَّ بِقَوْلِهِ , { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء } ذَوَات الْأَزْوَاج مِنْ السَّبَايَا دُون غَيْرهنَّ بِخَبَرِ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ أَنَّ ذَلِكَ نَزَلَ فِي سَبَايَا أَوْطَاس , لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِنَّ نَزَلَ , فَلَمْ يَنْزِل فِي إِبَاحَة وَطْئِهِنَّ بِالسِّبَاءِ خَاصَّة دُون غَيْره مِنْ الْمَعَانِي الَّتِي ذَكَرْنَا , مَعَ أَنَّ الْآيَة تَنْزِل فِي مَعْنًى فَتَعُمّ مَا نَزَلَتْ بِهِ فِيهِ وَغَيْره , فَيَلْزَم حُكْمهَا جَمِيع مَا عَمَّتْهُ لِمَا قَدْ بَيَّنَّا مِنْ الْقَوْل فِي الْعُمُوم وَالْخُصُوص فِي كِتَابنَا " كِتَاب الْبَيَان عَنْ أُصُول الْأَحْكَام " .

    كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ
    الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره : كِتَابًا مِنْ اللَّه عَلَيْكُمْ . فَأُخْرِجَ الْكِتَاب مَصْدَرًا مِنْ غَيْر لَفْظه. وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتكُمْ } . .. إِلَى قَوْله : { كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ } بِمَعْنَى : كَتَبَ اللَّه تَحْرِيم مَا حَرَّمَ مِنْ ذَلِكَ وَتَحْلِيل مَا حَلَّلَ مِنْ ذَلِكَ عَلَيْكُمْ كِتَابًا . وَبِمَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7164 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : { كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ } قَالَ : مَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ . 7165 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : سَأَلْت عَطَاء عَنْهَا فَقَالَ : { كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ } قَالَ : هُوَ الَّذِي كَتَبَ عَلَيْكُمْ الْأَرْبَع أَنْ لَا تَزِيدُوا. 7166 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ اِبْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ , قَالَ : قُلْت لِعُبَيْدَة : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ } وَأَشَارَ اِبْن عَوْن بِأَصَابِعِهِ الْأَرْبَع . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَام , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , قَالَ : سَأَلْت عُبَيْدَة , عَنْ قَوْله : { كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ } قَالَ : أَرْبَع . 7167 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ } الْأَرْبَع . 7168 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ } قَالَ : هَذَا أَمْر اللَّه عَلَيْكُمْ , قَالَ : يُرِيد مَا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ مِنْ هَؤُلَاءِ وَمَا أَحَلَّ لَهُمْ. وَقَرَأَ : { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ } . .. إِلَى آخِر الْآيَة . قَالَ : كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ الَّذِي كَتَبَهُ , وَأَمْره الَّذِي أَمَرَكُمْ بِهِ . { كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ } أَمْر اللَّه. وَقَدْ كَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة يَزْعُم أَنَّ قَوْله : { كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ } مَنْصُوب عَلَى وَجْه الْإِغْرَاء , بِمَعْنَى : عَلَيْكُمْ كِتَاب اللَّه , اِلْزَمُوا كِتَاب اللَّه . وَاَلَّذِي قَالَ مِنْ ذَلِكَ غَيْر مُسْتَفِيض فِي كَلَام الْعَرَب , وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا [ تَكَاد ] تَنْصِب بِالْحَرْفِ الَّذِي تُغْرِي بِهِ , لَا تَكَاد تَقُول : أَخَاك عَلَيْك وَأَبَاك دُونك , وَإِنْ كَانَ جَائِزًا. وَاَلَّذِي هُوَ أَوْلَى بِكِتَابِ اللَّه أَنْ يَكُون مَحْمُولًا عَلَى الْمَعْرُوف مِنْ لِسَان مَنْ نَزَلَ بِلِسَانِهِ هَذَا مَعَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَأْوِيل أَهْل التَّأْوِيل ذَلِكَ بِمَعْنَى مَا قُلْنَا , وَخِلَاف مَا وَجَّهَهُ إِلَيْهِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ نُصِبَ عَلَى وَجْه الْإِغْرَاء .

    وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ
    الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا دُون الْخُمُس أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ عَلَى وَجْه النِّكَاح . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7169 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } مَا دُون الْأَرْبَع أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ . 7170 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ هِشَام , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , عَنْ عُبَيْدَة السَّلْمَانِيّ : { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } يَعْنِي : مَا دُون الْأَرْبَع . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ مَنْ سُمِّيَ لَكُمْ تَحْرِيمه مِنْ أَقَارِبكُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7171 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : سَأَلْت عَطَاء عَنْهَا , فَقَالَ : { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } قَالَ : مَا وَرَاء ذَات الْقَرَابَة , { أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ } . .. الْآيَة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : { وَأُحِلّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } عَدَد مَا أُحِلَّ لَكُمْ مِنْ الْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء الْحَرَائِر وَمِنْ الْإِمَاء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7172 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { وَأُحِلّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } قَالَ : مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ , مَا نَحْنُ مُبَيِّنُوهُ ; وَهُوَ أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بَيَّنَ لِعِبَادِهِ الْمُحَرَّمَات بِالنَّسَبِ وَالصِّهْر , ثُمَّ الْمُحَرَّمَات مِنْ الْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء , ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ قَدْ أَحَلَّ لَهُمْ مَا عَدَا هَؤُلَاءِ الْمُحَرَّمَات الْمُبَيَّنَات فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ أَنْ نَبْتَغِيَهُ بِأَمْوَالِنَا نِكَاحًا وَمِلْك يَمِين لَا سِفَاحًا . فَإِنْ قَالَ قَائِل : عَرَفْنَا الْمُحَلَّلَات اللَّوَاتِي هُنَّ وَرَاء الْمُحَرَّمَات بِالْأَنْسَابِ وَالْأَصْهَار , فَمَا الْمُحَلَّلَات مِنْ الْمُحْصَنَات وَالْمُحَرَّمَات مِنْهُنَّ ؟ قِيلَ : هُوَ مَا دُون الْخُمُس مِنْ وَاحِدَة إِلَى أَرْبَع عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْ عُبَيْدَة وَالسُّدِّيّ مِنْ الْحَرَائِر , فَأَمَّا مَا عَدَا ذَوَات الْأَزْوَاج فَغَيْر عَدَد مَحْصُور بِمِلْكِ الْيَمِين . وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ , لِأَنَّ قَوْله : { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } عَامّ فِي كُلّ مُحَلَّل لَنَا مِنْ النِّسَاء أَنْ نَبْتَغِيَهَا بِأَمْوَالِنَا , فَلَيْسَ تَوْجِيه مَعْنَى ذَلِكَ إِلَى بَعْض مِنْهُنَّ بِأَوْلَى مِنْ بَعْض , إِلَّا أَنْ تَقُوم بِأَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ حُجَّة يَجِب التَّسْلِيم لَهَا , وَلَا حُجَّة بِأَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ. وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } فَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضهمْ : " وَأَحَلَّ لَكُمْ " بِفَتْحِ الْأَلِف مِنْ أَحَلَّ , بِمَعْنَى : كَتَبَ اللَّه عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ. وَقَرَأَهُ آخَرُونَ : { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } اِعْتِبَارًا بِقَوْلِهِ : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتكُمْ . .. وَأُحِلّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَاَلَّذِي نَقُول فِي ذَلِكَ إنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَة الْإِسْلَام غَيْر مُخْتَلِفَتَيْ الْمَعْنَى , فَبِأَيِّ ذَلِكَ قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب الْحَقّ . وَأَمَّا مَعْنَى قَوْله : { مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } فَإِنَّهُ يَعْنِي : مَا عَدَا هَؤُلَاءِ اللَّوَاتِي حَرَّمْتهنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ , يَقُول : أَنْ تَطْلُبُوا وَتَلْتَمِسُوا بِأَمْوَالِكُمْ , إِمَّا شِرَاء بِهَا وَإِمَّا نِكَاحًا بِصَدَاقٍ مَعْلُوم , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ } 2 91 يَعْنِي : بِمَا عَدَاهُ وَبِمَا سِوَاهُ . وَأَمَّا مَوْضِع " أَنْ " مِنْ قَوْله : { أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ } فَرَفَعَ تَرْجَمَة عَنْ " مَا " الَّتِي فِي قَوْله : { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } فِي قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ : { وَأُحِلَّ } بِضَمِّ الْأَلِف . وَنُصِبَ عَلَى ذَلِكَ فِي قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ . " وَأَحَلَّ " بِفَتْحِ الْأَلِف . وَقَدْ يَحْتَمِل النَّصْب فِي ذَلِكَ فِي الْقِرَاءَتَيْنِ عَلَى مَعْنَى : وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ لِأَنْ تَبْتَغُوا , فَلَمَّا حُذِفَتْ اللَّام الْخَافِضَة اِتَّصَلَتْ بِالْفِعْلِ قَبْلهَا فَنُصِبَتْ . وَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ تَكُون فِي مَوْضِع خَفْض بِهَذَا الْمَعْنَى إِذْ كَانَتْ اللَّام فِي هَذَا الْمَوْضِع مَعْلُومًا أَنَّ بِالْكَلَامِ إِلَيْهَا الْحَاجَة .

    مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ
    الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مُحْصِنِينَ غَيْر مُسَافِحِينَ } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { مُحْصِنِينَ } أَعِفَّاء بِابْتِغَائِكُمْ مَا وَرَاء مَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ مِنْ النِّسَاء بِأَمْوَالِكُمْ { غَيْر مُسَافِحِينَ } يَقُول : غَيْر مُزَانِينَ . كَمَا : 7173 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله { مُحْصِنِينَ } قَالَ : مُتَنَاكِحِينَ. { غَيْر مُسَافِحِينَ } قَالَ : زَانِينَ بِكُلِّ زَانِيَة . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : { مُحْصِنِينَ } مُتَنَاكِحِينَ . { غَيْر مُسَافِحِينَ } السِّفَاح : الزِّنَا . 7174 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { مُحْصِنِينَ غَيْر مُسَافِحِينَ } يَقُول : مُحْصِنِينَ غَيْر زُنَاة .

    فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً
    الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : فَمَا نَكَحْتُمْ مِنْهُنَّ فَجَامَعْتُمُوهُنَّ , يَعْنِي مِنْ النِّسَاء ; { فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة } يَعْنِي : صَدُقَاتهنَّ فَرِيضَة مَعْلُومَة. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7175 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة } يَقُول : إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُل مِنْكُمْ ثُمَّ نَكَحَهَا مَرَّة وَاحِدَة فَقَدْ وَجَبَ صَدَاقهَا كُلّه . وَالِاسْتِمْتَاع هُوَ النِّكَاح , وَهُوَ قَوْله : { وَآتُوا النِّسَاء صَدُقَاتهنَّ نِحْلَة } 4 4 7176 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ } قَالَ : هُوَ النِّكَاح . 7177 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ } النِّكَاح . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ } قَالَ : النِّكَاح أَرَادَ . 7178 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة } . .. الْآيَة , قَالَ : هَذَا النِّكَاح , وَمَا فِي الْقُرْآن الْإِنْكَاح إِذَا أَخَذْتهَا وَاسْتَمْتَعْت بِهَا , فَأَعْطِهَا أَجْرهَا الصَّدَاق , فَإِنْ وَضَعَتْ لَك مِنْهُ شَيْئًا فَهُوَ لَك سَائِغ فَرَضَ اللَّه عَلَيْهَا الْعِدَّة وَفَرَضَ لَهَا الْمِيرَاث . قَالَ : وَالِاسْتِمْتَاع هُوَ النِّكَاح هَهُنَا إِذَا دَخَلَ بِهَا. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : فَمَا تَمَتَّعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ بِأَجْرٍ تَمَتُّع اللَّذَّة , لَا بِنِكَاحٍ مُطْلَق عَلَى وَجْه النِّكَاح الَّذِي يَكُون بِوَلِيٍّ وَشُهُود وَمَهْر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7179 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : " فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَل مُسَمًّى فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْد الْفَرِيضَة " . فَهَذِهِ الْمُتْعَة الرَّجُل يَنْكِح الْمَرْأَة بِشَرْطٍ إِلَى أَجَل مُسَمًّى , وَيُشْهِد شَاهِدَيْنِ , وَيَنْكِح بِإِذْنِ وَلِيّهَا , وَإِذَا اِنْقَضَتْ الْمُدَّة فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيل وَهِيَ مِنْهُ بَرِيَّة , وَعَلَيْهَا أَنْ تَسْتَبْرِئ مَا فِي رَحِمهَا , وَلَيْسَ بَيْنهمَا مِيرَاث , لَيْسَ يَرِث وَاحِد مِنْهُمَا صَاحِبه . 7180 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ } قَالَ : يَعْنِي نِكَاح الْمُتْعَة. 7181 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن عِيسَى , قَالَ : ثنا نُصَيْر بْن أَبِي الْأَشْعَث , قَالَ : ثني حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : أَعْطَانِي اِبْن عَبَّاس مُصْحَفًا , فَقَالَ : هَذَا عَلَى قِرَاءَة أُبَيّ . قَالَ أَبُو كُرَيْب , قَالَ يَحْيَى : فَرَأَيْت الْمُصْحَف عِنْد نُصَيْر فِيهِ : " فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَل مُسَمًّى " . 7182 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ أَبِي نَضْرَة , قَالَ : سَأَلْت اِبْن عَبَّاس عَنْ مُتْعَة النِّسَاء , قَالَ : أَمَا تَقْرَأ سُورَة النِّسَاء ؟ قَالَ : قُلْت بَلَى . قَالَ : فَمَا تَقْرَأ فِيهَا : " فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَل مُسَمًّى " ؟ قُلْت : لَا , لَوْ قَرَأْتهَا هَكَذَا مَا سَأَلْتُك ! قَالَ : فَإِنَّهَا كَذَا. * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثني دَاوُد , عَنْ أَبِي نَضْرَة , قَالَ : سَأَلْت اِبْن عَبَّاس عَنْ الْمُتْعَة , فَذَكَرَ نَحْوه . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي سَلَمَة , عَنْ أَبِي نَضْرَة , قَالَ : قَرَأْت هَذِهِ الْآيَة عَلَى اِبْن عَبَّاس : { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ } قَالَ اِبْن عَبَّاس : " إِلَى أَجَل مُسَمًّى " , قَالَ قُلْت : مَا أَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ ! قَالَ : وَاَللَّه لَأَنْزَلَهَا اللَّه كَذَلِكَ ثَلَاث مَرَّات . 7183 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُد , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عُمَيْر : أَنَّ اِبْن عَبَّاس قَرَأَ : " فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَل مُسَمًّى " . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ شُعْبَة وثنا خَلَّاد بْن أَسْلَم , قَالَ : أَخْبَرَنَا النَّضْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ اِبْن عَبَّاس , بِنَحْوِهِ . 7184 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : فِي قِرَاءَة أُبَيّ بْن كَعْب : " فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَل مُسَمًّى " . 7185 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم , قَالَ : سَأَلْته عَنْ هَذِهِ الْآيَة : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } إِلَى هَذَا الْمَوْضِع : { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ } أَمَنْسُوخَة هِيَ ؟ قَالَ : لَا . قَالَ الْحَكَم : قَالَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : لَوْلَا أَنَّ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ نَهَى عَنْ الْمُتْعَة مَا زَنَى إِلَّا شَقِيّ . 7186 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا عِيسَى بْن عُمَر الْقَارِئ الْأَسَدِيّ , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيد بْن جُبَيْر يَقْرَأ : " فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَل مُسَمًّى فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ " . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ تَأْوِيل مَنْ تَأَوَّلَهُ : فَمَا نَكَحْتُمُوهُ مِنْهُنَّ فَجَامَعْتُمُوهُ فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ ; لِقِيَامِ الْحُجَّة بِتَحْرِيمِ اللَّه مُتْعَة النِّسَاء عَلَى غَيْر وَجْه النِّكَاح الصَّحِيح أَوْ الْمِلْك الصَّحِيح عَلَى لِسَان رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 7187 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثني الرَّبِيع بْن سَبْرَة الْجُهَنِيّ , عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " اِسْتَمْتَعُوا مِنْ هَذِهِ النِّسَاء " وَالِاسْتِمْتَاع عِنْدنَا يَوْمئِذٍ التَّزْوِيج . وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى أَنَّ الْمُتْعَة عَلَى غَيْر النِّكَاح الصَّحِيح حَرَام فِي غَيْر هَذَا الْمَوْضِع مِنْ كُتُبنَا بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع. وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب وَابْن عَبَّاس مِنْ قِرَاءَتهمَا : " فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَل مُسَمًّى " فَقِرَاءَة بِخِلَافِ مَا جَاءَتْ بِهِ مَصَاحِف الْمُسْلِمِينَ , وَغَيْر جَائِز لِأَحَدٍ أَنْ يُلْحِق فِي كِتَاب اللَّه تَعَالَى شَيْئًا لَمْ يَأْتِ بِهِ الْخَبَر الْقَاطِع الْعُذْر عَمَّنْ لَا يَجُوز خِلَافه .

    وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ
    الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْد الْفَرِيضَة } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَا حَرَج عَلَيْكُمْ أَيّهَا الْأَزْوَاج إِنْ أَدْرَكَتْكُمْ عُسْرَة بَعْد أَنْ فَرَضْتُمْ لِنِسَائِكُمْ أُجُورهنَّ فَرِيضَة فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ , مِنْ حَطّ وَبَرَاءَة , بَعْد الْفَرْض الَّذِي سَلَفَ مِنْكُمْ لَهُنَّ مَا كُنْتُمْ فَرَضْتُمْ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7188 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : زَعَمَ حَضْرَمِيّ أَنَّ رِجَالًا كَانُوا يَفْرِضُونَ الْمَهْر , ثُمَّ عَسَى أَنْ يُدْرِك أَحَدهمْ الْعُسْرَة , فَقَالَ اللَّه : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْد الْفَرِيضَة } وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ أَيّهَا النَّاس فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ أَنْتُمْ وَالنِّسَاء وَاَللَّوَاتِي اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِنَّ إِلَى أَجَل مُسَمًّى , إِذَا اِنْقَضَى الْأَجَل الَّذِي أَجَّلْتُمُوهُ بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ فِي الْفِرَاق , أَنْ يَزِدْنَكُمْ فِي الْأَجَل وَتَزِيدُوا مِنْ الْأَجْر وَالْفَرِيضَة قَبْل أَنْ يَسْتَبْرِئْنَ أَرْحَامهنَّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7189 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْد الْفَرِيضَة } إِنْ شَاءَ أَرْضَاهَا مِنْ بَعْد الْفَرِيضَة الْأُولَى , يَعْنِي : الْأُجْرَة الَّتِي أَعْطَاهَا عَلَى تَمَتُّعه بِهَا قَبْل اِنْقِضَاء الْأَجَل بَيْنهمَا , فَقَالَ : أَتَمَتَّع مِنْك أَيْضًا بِكَذَا وَكَذَا , فَازْدَادَ قَبْل أَنْ يَسْتَبْرِئ رَحِمهَا , ثُمَّ تَنْقَضِي الْمُدَّة , وَهُوَ قَوْله : { فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْد الْفَرِيضَة } وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ أَيّهَا النَّاس فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ أَنْتُمْ وَنِسَاؤُكُمْ بَعْد أَنْ تُؤْتُوهُنَّ أُجُورهنَّ عَلَى اِسْتِمْتَاعكُمْ بِهِنَّ مِنْ مُقَام وَفِرَاق . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7190 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثنا مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْد الْفَرِيضَة } وَالتَّرَاضِي أَنْ يُوَفِّيَهَا صَدَاقهَا , ثُمَّ يُخَيِّرهَا. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا وَضَعَتْ عَنْكُمْ نِسَاؤُكُمْ مِنْ صَدُقَاتهنَّ مِنْ بَعْد الْفَرِيضَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7191 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْد الْفَرِيضَة } قَالَ : إِنْ وَضَعَتْ لَك مِنْهُ شَيْئًا فَهُوَ لَك سَائِغ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا حَرَج عَلَيْكُمْ أَيّهَا النَّاس فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ أَنْتُمْ وَنِسَاؤُكُمْ مِنْ بَعْد إِعْطَائِهِنَّ أُجُورهنَّ عَلَى النِّكَاح الَّذِي جَرَى بَيْنكُمْ وَبَيْنهنَّ مِنْ حَطّ مَا وَجَبَ لَهُنَّ عَلَيْكُمْ , أَوْ إِبْرَاء أَوْ تَأْخِير وَوَضْع . وَذَلِكَ نَظِير قَوْله جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَآتُوا النِّسَاء صَدُقَاتهنَّ نِحْلَة فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا } 4 4 فَأَمَّا الَّذِي قَالَهُ السُّدِّيّ فَقَوْل لَا مَعْنَى لَهُ لِفَسَادِ الْقَوْل بِإِحْلَالِ جِمَاع اِمْرَأَة بِغَيْرِ نِكَاح وَلَا مِلْك يَمِين .

    إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا
    وَأَمَّا قَوْله : { إِنَّ اللَّه كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا } فَإِنَّهُ يَعْنِي : إِنَّ اللَّه كَانَ ذَا عِلْم بِمَا يُصْلِحكُمْ أَيّهَا النَّاس فِي مَنَاكِحكُمْ وَغَيْرهَا مِنْ أُمُوركُمْ وَأُمُور سَائِر خَلْقه بِمَا يُدَبِّر لَكُمْ وَلَهُمْ مِنْ التَّدْبِير , وَفِيمَا يَأْمُركُمْ وَيَنْهَاكُمْ ; لَا يَدْخُل حِكْمَته خَلَل وَلَا زَلَل .


  10. #30
    طبيب / كاتب الصورة الرمزية د. فائد اليوسفي
    تاريخ التسجيل
    20/03/2007
    العمر
    48
    المشاركات
    1,351
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    تفسير القرطبى:

    قَوْله تَعَالَى : " وَالْمُحْصَنَات " عَطْف عَلَى الْمُحَرَّمَات وَالْمَذْكُورَات قَبْل . وَالتَّحَصُّن : التَّمَنُّع ; وَمِنْهُ الْحِصْن لِأَنَّهُ يُمْتَنَع فِيهِ ; وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى : " وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَة لَبُوس لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ " [ الْأَنْبِيَاء : 80 ] أَيْ لِتَمْنَعَكُمْ ; وَمِنْهُ الْحِصَان لِلْفَرَسِ ( بِكَسْرِ الْحَاء ) لِأَنَّهُ يَمْنَع صَاحِبه مِنْ الْهَلَاك . وَالْحَصَان ( بِفَتْحِ الْحَاء ) : الْمَرْأَة الْعَفِيفَة لِمَنْعِهَا نَفْسَهَا مِنْ الْهَلَاكِ . وَحَصُنَتْ الْمَرْأَة تَحْصُن فَهِيَ حَصَانٌ ; مِثْل جَبُنَتْ فَهِيَ جَبَان . وَقَالَ حَسَّان فِي عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا : حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ وَالْمَصْدَر الْحَصَانَة ( بِفَتْحِ الْحَاء ) وَالْحِصْن كَالْعِلْمِ . فَالْمُرَاد بِالْمُحْصَنَاتِ هَاهُنَا ذَوَات الْأَزْوَاج ; يُقَال : اِمْرَأَة مُحْصَنَة أَيْ مُتَزَوِّجَة , وَمُحْصَنَة أَيْ حُرَّة ; وَمِنْهُ " وَالْمُحْصَنَات مِنْ الْمُؤْمِنَات وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب " [ الْمَائِدَة : 5 ] . وَمُحْصَنَة أَيْ عَفِيفة ; قَالَ اللَّه تَعَالَى : " مُحْصَنَاتٍ غَيْر مُسَافِحَات " [ النِّسَاء : 25 ] وَقَالَ : " مُحْصِنِينَ غَيْر مُسَافِحِينَ " . وَمُحْصَنَة وَمُحَصَّنَة وَحَصَان أَيْ عَفِيفَة , أَيْ مُمْتَنِعَة مِنْ الْفِسْق , وَالْحُرِّيَّة تَمْنَع الْحُرَّة مِمَّا يَتَعَاطَاهُ الْعَبِيد . قَالَ اللَّه تَعَالَى : " وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَات " [ النُّور : 4 ] أَيْ الْحَرَائِر , وَكَانَ عُرْف الْإِمَاء فِي الْجَاهِلِيَّة الزِّنَى ; أَلَا تَرَى إِلَى قَوْل هِنْد بِنْت عُتْبَة لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ بَايَعَتْهُ : " وَهَلْ تَزْنِي الْحُرَّة " ؟ وَالزَّوْج أَيْضًا يَمْنَعُ زَوْجَهُ مِنْ أَنْ تَزَوَّجَ غَيْره ; فَبِنَاء ( ح ص ن ) مَعْنَاهُ الْمَنْع كَمَا بَيَّنَّا . وَيُسْتَعْمَل الْإِحْصَان فِي الْإِسْلَام ; لِأَنَّهُ حَافِظ وَمَانِع , وَلَمْ يَرِد فِي الْكِتَاب وَوَرَدَ فِي السُّنَّة ; وَمِنْهُ قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْإِيمَان قَيْدٌ لِفَتْكٍ ) . وَمِنْهُ قَوْل الْهُذَلِيّ : فَلَيْسَ كَعَهْدِ الدَّارِ يَا أُمَّ مَالِكٍ وَلَكِنْ أَحَاطَتْ بِالرِّقَابِ السَّلَاسِلُ وَقَالَ الشَّاعِر : قَالَتْ هَلُمَّ إِلَى الْحَدِيث فَقُلْت لَا يَأْبَى عَلَيْكِ اللَّه وَالْإِسْلَامُ وَمِنْهُ قَوْل سُحَيْم : كَفَى الشَّيْبُ وَالْإِسْلَامُ لِلْمَرْءِ نَاهِيًا إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي تَأْوِيل هَذِهِ الْآيَة ; فَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَأَبُو قِلَابَةَ وَابْن زَيْد وَمَكْحُول وَالزُّهْرِيّ وَأَبُو سَعِيد الْخُدْرِيّ : الْمُرَاد بِالْمُحْصَنَاتِ هُنَا الْمَسْبِيَّات ذَوَات الْأَزْوَاج خَاصَّة , أَيْ هُنَّ مُحَرَّمَات إِلَّا مَا مَلَكَتْ الْيَمِين بِالسَّبْيِ مِنْ أَرْض الْحَرْب , فَإِنَّ تِلْكَ حَلَال لِلَّذِي تَقَع فِي سَهْمه وَإِنْ كَانَ لَهَا زَوْج . وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيّ فِي أَنَّ السِّبَاء يَقْطَع الْعِصْمَة ; وَقَالَهُ اِبْن وَهْب وَابْن عَبْد الْحَكَم وَرَوَيَاهُ عَنْ مَالِك , وَقَالَ بِهِ أَشْهَب . يَدُلّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ مُسْلِم فِي صَحِيحه عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم حُنَيْنٍ بَعَثَ جَيْشًا إِلَى أَوْطَاس فَلَقُوا الْعَدُوّ فَقَاتَلُوهُمْ وَظَهَرُوا عَلَيْهِمْ وَأَصَابُوا لَهُمْ سَبَايَا ; فَكَانَ نَاس مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحَرَّجُوا مِنْ غِشْيَانِهِنَّ مِنْ أَجْل أَزْوَاجهنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ , فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ " وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ " . أَيْ فَهُنَّ لَكُمْ حَلَال إِذَا اِنْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ . وَهَذَا نَصّ صَحِيح صَرِيح فِي أَنَّ الْآيَة نَزَلَتْ بِسَبَبِ تَحَرُّج أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ وَطْء الْمَسْبِيَّات ذَوَات الْأَزْوَاج ; فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى فِي جَوَابهمْ " إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ " . وَبِهِ قَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة وَأَصْحَابه وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر , وَهُوَ الصَّحِيح إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى . وَاخْتَلَفُوا فِي اِسْتِبْرَائِهَا بِمَاذَا يَكُون ; فَقَالَ الْحَسَن : كَانَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَبْرِئُونَ الْمَسْبِيَّة بِحَيْضَةٍ ; وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ مِنْ حَدِيث أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ فِي سَبَايَا أَوْطَاس ( لَا تُوطَأ حَامِل حَتَّى تَضَعَ وَلَا حَائِل حَتَّى تَحِيضَ ) . وَلَمْ يَجْعَل لِفِرَاشِ الزَّوْج السَّابِق أَثَرًا حَتَّى يُقَال إِنَّ الْمَسْبِيَّة مَمْلُوكَة وَلَكِنَّهَا كَانَتْ زَوْجَة زَالَ نِكَاحهَا فَتَعْتَدُّ عِدَّة الْإِمَاء , عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ الْحَسَن بْن صَالِح قَالَ : عَلَيْهَا الْعِدَّة حَيْضَتَانِ إِذَا كَانَ لَهَا زَوْج فِي دَار الْحَرْب . وَكَافَّة الْعُلَمَاء رَأَوْا اِسْتِبْرَاءَهَا وَاسْتِبْرَاء الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا وَاحِدًا فِي أَنَّ الْجَمِيع بِحَيْضَةٍ وَاحِدَة . وَالْمَشْهُور مِنْ مَذْهَب مَالِك أَنَّهُ لَا فَرْق بَيْنَ أَنْ يُسْبَى الزَّوْجَانِ مُجْتَمِعَيْنِ أَوْ مُتَفَرِّقَيْنِ . وَرَوَى عَنْهُ اِبْن بُكَيْر أَنَّهُمَا إِنْ سُبِيَا جَمِيعًا وَاسْتُبْقِيَ الرَّجُل أُقِرَّا عَلَى نِكَاحِهِمَا ; فَرَأَى فِي هَذِهِ الرِّوَايَة أَنَّ اِسْتِبْقَاءَهُ إِبْقَاء لِمَا يَمْلِكُهُ ; لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ لَهُ عَهْد وَزَوْجَتُهُ مِنْ جُمْلَة مَا يَمْلِكُهُ , فَلَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ; وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَة وَالثَّوْرِيّ , وَبِهِ قَالَ اِبْن الْقَاسِم وَرَوَاهُ عَنْ مَالِك . وَالصَّحِيح الْأَوَّل ; لِمَا ذَكَرْنَاهُ ; وَلِأَنَّ اللَّه تَعَالَى قَالَ : ( إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ ) فَأَحَالَ عَلَى مِلْك الْيَمِين وَجَعَلَهُ هُوَ الْمُؤَثِّرَ فَيَتَعَلَّق الْحُكْم بِهِ مِنْ حَيْثُ الْعُمُوم وَالتَّعْلِيل جَمِيعًا , إِلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيل . وَفِي الْآيَة قَوْل ثَانٍ قَالَهُ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود وَسَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَالْحَسَن بْن أَبِي الْحَسَن وَأُبَيّ بْن كَعْب وَجَابِر بْن عَبْد اللَّه وَابْن عَبَّاس فِي رِوَايَة عِكْرِمَة : أَنَّ الْمُرَاد بِالْآيَةِ ذَوَات الْأَزْوَاج , أَيْ فَهُنَّ حَرَام إِلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُل الْأَمَة ذَات الزَّوْج فَإِنَّ بَيْعَهَا طَلَاقهَا وَالصَّدَقَة بِهَا طَلَاقهَا وَأَنْ تُورَث طَلَاقهَا وَتَطْلِيق الزَّوْج طَلَاقهَا . قَالَ اِبْن مَسْعُود : فَإِذَا بِيعَتْ الْأَمَة وَلَهَا زَوْج فَالْمُشْتَرِي أَحَقّ بِبُضْعِهَا وَكَذَلِكَ الْمَسْبِيَّة ; كُلّ ذَلِكَ مُوجِب لِلْفُرْقَةِ بَيْنهَا وَبَيْنَ زَوْجهَا . قَالُوا : وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا بُدّ أَنْ يَكُون بَيْع الْأَمَة طَلَاقًا لَهَا ; لِأَنَّ الْفَرْج مُحَرَّم عَلَى اِثْنَيْنِ فِي حَال وَاحِدَة بِإِجْمَاعٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ .

    قُلْت : وَهَذَا يَرُدُّهُ حَدِيث بَرِيرَة ; لِأَنَّ عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا اِشْتَرَتْ بَرِيرَة وَأَعْتَقَتْهَا ثُمَّ خَيَّرَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ ذَات زَوْج ; وَفِي إِجْمَاعهمْ عَلَى أَنَّ بَرِيرَة قَدْ خُيِّرَتْ تَحْت زَوْجِهَا مُغِيث بَعْد أَنْ اِشْتَرَتْهَا عَائِشَة فَأَعْتَقَتْهَا لَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَيْع الْأَمَة لَيْسَ طَلَاقَهَا ; وَعَلَى ذَلِكَ جَمَاعَة فُقَهَاء الْأَمْصَار مِنْ أَهْل الرَّأْي وَالْحَدِيث , وَأَلَّا طَلَاق لَهَا إِلَّا الطَّلَاق . وَقَدْ اِحْتَجَّ بَعْضهمْ بِعُمُومِ قَوْله : " إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ " وَقِيَاسًا عَلَى الْمَسْبِيَّات . وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ حَدِيث بَرِيرَة يَخُصُّهُ وَيَرُدُّهُ , وَأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ خَاصّ بِالْمَسْبِيَّاتِ عَلَى حَدِيث أَبِي سَعِيد , وَهُوَ الصَّوَاب وَالْحَقّ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى . وَفِي الْآيَة قَوْل ثَالِث : رَوَى الثَّوْرِيّ عَنْ مُجَاهِد عَنْ إِبْرَاهِيم قَالَ اِبْن مَسْعُود فِي قَوْله تَعَالَى : " وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ " قَالَ : ذَوَات الْأَزْوَاج مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ . وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب : ذَوَات الْأَزْوَاج مِنْ الْمُشْرِكِينَ . وَفِي الْمُوَطَّأ عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب " وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء " هُنَّ ذَوَات الْأَزْوَاج ; وَيَرْجِع ذَلِكَ إِلَى أَنَّ اللَّه حَرَّمَ الزِّنَى . وَقَالَتْ طَائِفَة : الْمُحْصَنَات فِي هَذِهِ الْآيَة يُرَاد بِهِ الْعَفَائِف , أَيْ كُلّ النِّسَاء حَرَام . وَأَلْبَسَهُنَّ اِسْم الْإِحْصَان مَنْ كَانَ مِنْهُنَّ ذَات زَوْج أَوْ غَيْر ذَات زَوْج ; إِذْ الشَّرَائِع فِي أَنْفُسِهَا تَقْتَضِي ذَلِكَ .

    إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ
    قَالُوا : مَعْنَاهُ بِنِكَاحٍ أَوْ شِرَاء . هَذَا قَوْل أَبِي الْعَالِيَة وَعَبِيدَة السَّلْمَانِيّ وَطَاوُس وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَعَطَاء , وَرَوَاهُ عَبِيدَة عَنْ عُمَر ; فَأَدْخَلُوا النِّكَاح تَحْت مِلْك الْيَمِين , وَيَكُون مَعْنَى الْآيَة عِنْدهمْ فِي قَوْله تَعَالَى : " إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ " يَعْنِي تَمْلِكُونَ عِصْمَتَهُنَّ بِالنِّكَاحِ وَتَمْلِكُونَ الرَّقَبَةَ بِالشِّرَاءِ , فَكَأَنَّهُنَّ كُلَّهُنَّ مِلْك يَمِين وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَزِنًى , وَهَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ . وَقَدْ قَالَ اِبْن عَبَّاس : " الْمُحْصَنَات " الْعَفَائِف مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَمِنْ أَهْل الْكِتَاب . قَالَ اِبْن عَطِيَّة : وَبِهَذَا التَّأْوِيل يَرْجِع مَعْنَى الْآيَة إِلَى تَحْرِيم الزِّنَى ; وَأَسْنَدَ الطَّبَرِيّ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِسَعِيدِ بْن جُبَيْر : أَمَا رَأَيْت اِبْن عَبَّاس حِينَ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَة فَلَمْ يَقُلْ فِيهَا شَيْئًا ؟ فَقَالَ سَعِيد : كَانَ اِبْن عَبَّاس لَا يَعْلَمهَا . وَأَسْنَدَ أَيْضًا عَنْ مُجَاهِد أَنَّهُ قَالَ : لَوْ أَعْلَم مَنْ يُفَسِّر لِي هَذِهِ الْآيَة لَضَرَبْت إِلَيْهِ أَكْبَاد الْإِبِل : قَوْله " وَالْمُحْصَنَات " إِلَى قَوْله " حَكِيمًا " . قَالَ اِبْن عَطِيَّة : وَلَا أَدْرِي كَيْفَ نُسِبَ هَذَا الْقَوْل إِلَى اِبْن عَبَّاس وَلَا كَيْفَ اِنْتَهَى مُجَاهِد إِلَى هَذَا الْقَوْل ؟

    كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ
    نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَر الْمُؤَكَّد , أَيْ حُرِّمَتْ هَذِهِ النِّسَاء كِتَابًا مِنْ اللَّه عَلَيْكُمْ . وَمَعْنَى " حُرِّمْت عَلَيْكُمْ " كَتَبَ اللَّه عَلَيْكُمْ . وَقَالَ الزَّجَّاج وَالْكُوفِيُّونَ : هُوَ نَصْب عَلَى الْإِغْرَاء , أَيْ اِلْزَمُوا كِتَاب اللَّه , أَوْ عَلَيْكُمْ كِتَاب اللَّه . وَفِيهِ نَظَرٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَبُو عَلِيّ ; فَإِنَّ الْإِغْرَاء لَا يَجُوز فِيهِ تَقْدِيم الْمَنْصُوب عَلَى حَرْف الْإِغْرَاء , فَلَا يُقَال : زَيْدًا عَلَيْك , أَوْ زَيْدًا دُونَك ; بَلْ يُقَال : عَلَيْك زَيْدًا وَدُونَك عَمْرًا , وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ صَحِيح عَلَى أَنَّهُ يَكُون مَنْصُوبًا بِ " عَلَيْكُمْ " إِشَارَةً إِلَى مَا ثَبَتَ فِي الْقُرْآن مِنْ قَوْله تَعَالَى : " مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاع " [ النِّسَاء : 3 ] وَفِي هَذَا بُعْد ; وَالْأَظْهَر أَنَّ قَوْله : " كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ " إِنَّمَا هُوَ إِشَارَة إِلَى التَّحْرِيم الْحَاجِز بَيْنَ النَّاس وَبَيْنَ مَا كَانَتْ الْعَرَب تَفْعَلهُ .

    وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ
    قَرَأَ حَمْزَة وَالْكِسَائِيّ وَعَاصِم فِي رِوَايَة حَفْص " وَأُحِلَّ لَكُمْ " رَدًّا عَلَى " حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ " . الْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ رَدًّا عَلَى قَوْله تَعَالَى : " كِتَابَ اللَّه عَلَيْكُمْ " . وَهَذَا يَقْتَضِي أَلَّا يَحْرُم مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَنْ ذُكِرَ , وَلَيْسَ كَذَلِكَ ; فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى قَدْ حَرَّمَ عَلَى لِسَان نَبِيِّهِ مَنْ لَمْ يُذْكَر فِي الْآيَة فَيُضَمُّ إِلَيْهَا , قَالَ اللَّه تَعَالَى : " وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا " [ الْحَشْر : 7 ] . رَوَى مُسْلِم وَغَيْره عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا يُجْمَع بَيْنَ الْمَرْأَة وَعَمَّتِهَا وَلَا بَيْنَ الْمَرْأَة وَخَالَتهَا ) . وَقَالَ اِبْن شِهَاب : فَنَرَى خَالَة أَبِيهَا وَعَمَّة أَبِيهَا بِتِلْكَ الْمَنْزِلَة , وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ تَحْرِيم الْجَمْع بَيْنَ الْمَرْأَة وَعَمَّتهَا وَخَالَتهَا مُتَلَقًّى مِنْ الْآيَة نَفْسهَا ; لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى حَرَّمَ الْجَمْع بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ , وَالْجَمْع بَيْنَ الْمَرْأَة وَعَمَّتِهَا فِي مَعْنَى الْجَمْع بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ ; أَوْ لِأَنَّ الْخَالَة فِي مَعْنَى الْوَالِدَة وَالْعَمَّة فِي مَعْنَى الْوَالِد . وَالصَّحِيح الْأَوَّل ; لِأَنَّ الْكِتَاب وَالسُّنَّة كَالشَّيْءِ الْوَاحِد ; فَكَأَنَّهُ قَالَ : أَحْلَلْت لَكُمْ مَا وَرَاء مَا ذَكَرْنَا فِي الْكِتَاب , وَمَا وَرَاء مَا أَكْمَلْت بِهِ الْبَيَان عَلَى لِسَان مُحَمَّد عَلَيْهِ السَّلَام . وَقَوْل اِبْن شِهَاب : " فَنَرَى خَالَة أَبِيهَا وَعَمَّة أَبِيهَا بِتِلْكَ الْمَنْزِلَة " إِنَّمَا صَارَ إِلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ حَمَلَ الْخَالَة وَالْعَمَّة عَلَى الْعُمُوم وَتَمَّ لَهُ ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْعَمَّة اِسْم لِكُلِّ أُنْثَى شَارَكَتْ أَبَاك فِي أَصْلَيْهِ أَوْ فِي أَحَدهمَا وَالْخَالَة كَذَلِكَ كَمَا بَيَّنَّاهُ . وَفِي مُصَنَّف أَبِي دَاوُدَ وَغَيْره عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَة عَلَى عَمَّتهَا وَلَا الْعَمَّة عَلَى بِنْت أَخِيهَا وَلَا الْمَرْأَة عَلَى خَالَتهَا وَلَا الْخَالَة عَلَى بِنْت أُخْتهَا وَلَا تُنْكَح الْكُبْرَى عَلَى الصُّغْرَى وَلَا الصُّغْرَى عَلَى الْكُبْرَى ) . وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا عَنْ اِبْن عَبَّاس عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُجْمَع بَيْنَ الْعَمَّة وَالْخَالَة وَبَيْنَ الْعَمَّتَيْنِ وَالْخَالَتَيْنِ . الرِّوَايَة " لَا يُجْمَع " بِرَفْعِ الْعَيْن عَلَى الْخَبَر عَلَى الْمَشْرُوعِيَّة فَيَتَضَمَّن النَّهْي عَنْ ذَلِكَ , وَهَذَا الْحَدِيث مُجْمَع عَلَى الْعَمَل بِهِ فِي تَحْرِيم الْجَمْع بَيْنَ مَنْ ذُكِرَ فِيهِ بِالنِّكَاحِ . وَأَجَازَ الْخَوَارِج الْجَمْع بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَبَيْنَ الْمَرْأَة وَعَمَّتهَا وَخَالَتهَا , وَلَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِمْ لِأَنَّهُمْ مَرَقُوا مِنْ الدِّين وَخَرَجُوا مِنْهُ , وَلِأَنَّهُمْ مُخَالِفُونَ لِلسُّنَّةِ الثَّابِتَة . وَقَوْله : ( لَا يُجْمَع بَيْنَ الْعَمَّتَيْنِ وَالْخَالَتَيْنِ ) فَقَدْ أَشْكَلَ عَلَى بَعْض أَهْل الْعِلْم وَتَحَيَّرَ فِي مَعْنَاهُ حَتَّى حَمَلَهُ عَلَى مَا يَبْعُد أَوْ لَا يَجُوز ; فَقَالَ : مَعْنَى بَيْنَ الْعَمَّتَيْنِ عَلَى الْمَجَاز , أَيْ بَيْنَ الْعَمَّة وَبِنْت أَخِيهَا ; فَقِيلَ لَهُمَا : عَمَّتَانِ , كَمَا قِيلَ : سُنَّة الْعُمَرَيْنِ أَبِي بَكْر وَعُمَر ; قَالَ : وَبَيْنَ الْخَالَتَيْنِ مِثْله . قَالَ النَّحَّاس : وَهَذَا مِنْ التَّعَسُّف الَّذِي لَا يَكَاد يُسْمَع بِمِثْلِهِ , وَفِيهِ أَيْضًا مَعَ التَّعَسُّف أَنَّهُ يَكُون كَلَامًا مُكَرَّرًا لِغَيْرِ فَائِدَة ; لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الْمَعْنَى نَهَى أَنْ يُجْمَع بَيْنَ الْعَمَّة وَبِنْت أَخِيهَا وَبَيْنَ الْعَمَّتَيْنِ يَعْنِي بِهِ الْعَمَّة وَبِنْت أَخِيهَا صَارَ الْكَلَام مُكَرَّرًا لِغَيْرِ فَائِدَة ; وَأَيْضًا فَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ لَوَجَبَ أَنْ يَكُون وَبَيْنَ الْخَالَة , وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْحَدِيث ; لِأَنَّ الْحَدِيث ( نَهَى أَنْ يُجْمَع بَيْنَ الْعَمَّة وَالْخَالَة ) . فَالْوَاجِب عَلَى لَفْظ الْحَدِيث أَلَّا يُجْمَع بَيْنَ اِمْرَأَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا عَمَّة الْأُخْرَى وَالْأُخْرَى خَالَة الْأُخْرَى . قَالَ النَّحَّاس : وَهَذَا يُخَرَّجُ عَلَى مَعْنًى صَحِيح , يَكُون رَجُل وَابْنه تَزَوَّجَا اِمْرَأَة وَابْنَتهَا ; تَزَوَّجَ الرَّجُل الْبِنْت وَتَزَوَّجَ الِابْن الْأُمّ فَوُلِدَ لِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا اِبْنَة مِنْ هَاتَيْنِ الزَّوْجَتَيْنِ ; فَابْنَة الْأَب عَمَّة اِبْنَة الِابْن , وَابْنَة الِابْن خَالَة اِبْنَة الْأَب . وَأَمَّا الْجَمْع بَيْنَ الْخَالَتَيْنِ فَهَذَا يُوجِب أَنْ يَكُونَا اِمْرَأَتَيْنِ كُلّ وَاحِدَة مِنْهُمَا خَالَة الْأُخْرَى ; وَذَلِكَ أَنْ يَكُون رَجُل تَزَوَّجَ اِبْنَة رَجُل وَتَزَوَّجَ الْآخَر اِبْنَتَهُ , فَوُلِدَ لِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا اِبْنَة , فَابْنَة كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا خَالَة الْأُخْرَى . وَأَمَّا الْجَمْع بَيْنَ الْعَمَّتَيْنِ فَيُوجِب أَلَّا يُجْمَع بَيْنَ اِمْرَأَتَيْنِ كُلّ وَاحِدَة مِنْهُمَا عَمَّة الْأُخْرَى ; وَذَلِكَ أَنْ يَتَزَوَّج رَجُل أُمّ رَجُل وَيَتَزَوَّج الْآخَر أُمّ الْآخَر , فَيُولَد لِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا اِبْنَة فَابْنَة كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا عَمَّة الْأُخْرَى ; فَهَذَا مَا حَرَّمَ اللَّه عَلَى لِسَان رَسُوله مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا لَيْسَ فِي الْقُرْآن .

    وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَقَدْ عَقَدَ الْعُلَمَاء فِيمَنْ يَحْرُم الْجَمْع بَيْنَهُنَّ عَقْدًا حَسَنًا ; فَرَوَى مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان عَنْ فُضَيْل بْن مَيْسَرَة عَنْ أَبِي جَرِير عَنْ الشَّعْبِيّ قَالَ : كُلّ اِمْرَأَتَيْنِ إِذَا جَعَلْت مَوْضِع إِحْدَاهُمَا ذَكَرًا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّج الْأُخْرَى فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بَاطِل . فَقُلْت لَهُ : عَمَّنْ هَذَا ؟ قَالَ : عَنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ : تَفْسِيره عِنْدَنَا أَنْ يَكُون مِنْ النَّسَب , وَلَا يَكُون بِمَنْزِلَةِ اِمْرَأَة وَابْنَة زَوْجهَا يُجْمَع بَيْنهمَا إِنْ شَاءَ . قَالَ أَبُو عُمَر : وَهَذَا عَلَى مَذْهَب مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَأَبِي حَنِيفَة وَالْأَوْزَاعِيّ وَسَائِر فُقَهَاء الْأَمْصَار مِنْ أَهْل الْحَدِيث وَغَيْرهمْ فِيمَا عَلِمْت لَا يَخْتَلِفُونَ فِي هَذَا الْأَصْل . وَقَدْ كَرِهَ قَوْم مِنْ السَّلَف أَنْ يَجْمَعَ الرَّجُل بَيْنَ اِبْنَة رَجُل وَامْرَأَته مِنْ أَجْل أَنَّ أَحَدَهُمَا لَوْ كَانَ ذَكَرًا لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاح الْأُخْرَى . وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْعُلَمَاء أَنَّهُ لَا بَأْس بِذَلِكَ , وَأَنَّ الْمُرَاعَى النَّسَب دُون غَيْره مِنْ الْمُصَاهَرَةِ ; ثُمَّ وَرَدَ فِي بَعْض الْأَخْبَار التَّنْبِيه عَلَى الْعِلَّة فِي مَنْع الْجَمْع بَيْنَ مَنْ ذُكِرَ , وَذَلِكَ مَا يُفْضِي إِلَيْهِ الْجَمْع مِنْ قَطْع الْأَرْحَام الْقَرِيبَة مِمَّا يَقَع بَيْنَ الضَّرَائِر مِنْ الشَّنَآن وَالشُّرُور بِسَبَبِ الْغَيْرَة ; فَرَوَى اِبْن عَبَّاس قَالَ : نَهَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَزَوَّج الرَّجُل الْمَرْأَة عَلَى الْعَمَّة أَوْ عَلَى الْخَالَة , وَقَالَ : ( إِنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ قَطَّعْتُمْ أَرْحَامَكُمْ ) ذَكَرَهُ أَبُو مُحَمَّد الْأَصِيلِيّ فِي فَوَائِده وَابْن عَبْد الْبَرّ وَغَيْرهمَا . وَمِنْ مَرَاسِيل أَبِي دَاوُدَ عَنْ حُسَيْن بْن طَلْحَة قَالَ : نَهَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُنْكَح الْمَرْأَة عَلَى أَخَوَاتهَا مَخَافَة الْقَطِيعَة ; وَقَدْ طَرَدَ بَعْضُ السَّلَفِ هَذِهِ الْعِلَّةَ فَمَنَعَ الْجَمْع بَيْنَ الْمَرْأَة وَقَرِيبَتهَا , وَسَوَاء كَانَتْ بِنْت عَمّ أَوْ بِنْت خَال أَوْ بِنْت خَالَة ; رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ إِسْحَاق بْن طَلْحَة وَعِكْرِمَة وَقَتَادَة وَعَطَاء فِي رِوَايَة اِبْن أَبِي نَجِيح , وَرَوَى عَنْهُ اِبْن جُرَيْج أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَهُوَ الصَّحِيح . وَقَدْ نَكَحَ حَسَن بْن حُسَيْن بْن عَلِيّ فِي لَيْلَة وَاحِدَة اِبْنَةَ مُحَمَّد بْن عَلِيّ وَابْنَة عُمَر بْن عَلِيّ فَجَمَعَ بَيْنَ اِبْنَتَيْ عَمّ ; ذَكَرَهُ عَبْد الرَّزَّاق . زَادَ اِبْن عُيَيْنَة : فَأَصْبَحَ نِسَاؤُهُمْ لَا يَدْرِينَ إِلَى أَيَّتِهِمَا يَذْهَبْنَ ; وَقَدْ كَرِهَ مَالِك هَذَا , وَلَيْسَ بِحَرَامٍ عِنْده . وَفِي سَمَاع اِبْن الْقَاسِم : سُئِلَ مَالِك عَنْ اِبْنَتَيْ الْعَمّ أَيُجْمَعُ بَيْنهمَا ؟ فَقَالَ : مَا أَعْلَمُهُ حَرَامًا . قِيلَ لَهُ : أَفَتَكْرَهُهُ ؟ قَالَ : إِنَّ نَاسًا لَيَتَّقُونَهُ ; قَالَ اِبْن الْقَاسِم : وَهُوَ حَلَال لَا بَأْس بِهِ . قَالَ اِبْن الْمُنْذِر : لَا أَعْلَم أَحَدًا أَبْطَلَ هَذَا النِّكَاح . وَهُمَا دَاخِلَتَانِ فِي جُمْلَة مَا أُبِيحَ بِالنِّكَاحِ غَيْر خَارِجَتَيْنِ مِنْهُ بِكِتَابٍ وَلَا سُنَّة وَلَا إِجْمَاع , وَكَذَلِكَ الْجَمْع بَيْنَ اِبْنَتَيْ عَمَّة وَابْنَتَيْ خَالَة . وَقَالَ السُّدِّيّ فِي قَوْله تَعَالَى : " وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ " : يَعْنِي النِّكَاح فِيمَا دُون الْفَرْج . وَقِيلَ : الْمَعْنَى وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَوَات الْمَحَارِم مِنْ أَقْرِبَائِكُمْ . قَتَادَة : يَعْنِي بِذَلِكَ مِلْك الْيَمِين خَاصَّة .

    أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ
    " أَنْ تَبْغَتُوا بِأَمْوَالِكُمْ " لَفْظ يَجْمَع التَّزَوُّج وَالسِّرَاء . وَ " أَنْ " فِي مَوْضِع نَصْب بَدَل مِنْ " مَا " , وَعَلَى قِرَاءَة حَمْزَة فِي مَوْضِع رَفْع ; وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمَعْنَى لِأَنْ , أَوْ بِأَنْ ; فَتُحْذَف اللَّام أَوْ الْبَاء فَيَكُون فِي مَوْضِع نَصْب . و " مُحْصِنِينَ " نُصِبَ عَلَى الْحَال , وَمَعْنَاهُ مُتَعَفِّفِينَ عَنْ الزِّنَى . " غَيْر مُسَافِحِينَ " أَيْ غَيْر زَانِينَ . وَالسِّفَاح الزِّنَى , وَهُوَ مَأْخُوذ مِنْ سَفْح الْمَاء , أَيْ صَبُّهُ وَسَيَلَانه ; وَمِنْهُ قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَمِعَ الدِّفَاف فِي عُرْس : ( هَذَا النِّكَاح لَا السِّفَاح وَلَا نِكَاح السِّرّ ) . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ قَوْله " مُحْصِنِينَ غَيْر مُسَافِحِينَ " يَحْتَمِل وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا : مَا ذَكَرْنَاهُ وَهُوَ الْإِحْصَان بِعَقْدِ النِّكَاح , تَقْدِيره اُطْلُبُوا مَنَافِع الْبُضْع بِأَمْوَالِكُمْ عَلَى وَجْه النِّكَاح لَا عَلَى وَجْه السِّفَاح ; فَيَكُون لِلْآيَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْه عُمُوم . وَيَحْتَمِل أَنْ يُقَال : " مُحْصِنِينَ " أَيْ الْإِحْصَان صِفَة لَهُنَّ , وَمَعْنَاهُ لِتَزَوَّجُوهُنَّ عَلَى شَرْط الْإِحْصَان فِيهِنَّ ; وَالْوَجْه الْأَوَّل أَوْلَى ; لِأَنَّهُ مَتَى أَمْكَنَ جَرْيُ الْآيَة عَلَى عُمُومهَا وَالتَّعَلُّق بِمُقْتَضَاهَا فَهُوَ أَوْلَى ; وَلِأَنَّ مُقْتَضَى الْوَجْه الثَّانِي أَنَّ الْمُسَافِحَات لَا يَحِلّ التَّزَوُّجُ بِهِنَّ , وَذَلِكَ خِلَاف الْإِجْمَاع .

    قَوْله تَعَالَى : " بِأَمْوَالِكُمْ " أَبَاحَ اللَّه تَعَالَى الْفُرُوج بِالْأَمْوَالِ وَلَمْ يَحْصُلْ , فَوَجَبَ إِذَا حَصَلَ بِغَيْرِ الْمَال أَلَّا تَقَعَ الْإِبَاحَة بِهِ ; لِأَنَّهَا عَلَى غَيْر الشَّرْط الْمَأْذُون فِيهِ , كَمَا لَوْ عَقَدَ عَلَى خَمْر أَوْ خِنْزِير أَوْ مَا لَا يَصِحّ تَمَلُّكُهُ . وَيَرُدّ عَلَى أَحْمَد قَوْله فِي أَنَّ الْعِتْق يَكُون صَدَاقًا ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَسْلِيم مَال وَإِنَّمَا فِيهِ إِسْقَاط الْمِلْك مِنْ غَيْر أَنْ اِسْتَحَقَّتْ بِهِ تَسْلِيم مَال إِلَيْهَا ; فَإِنَّ الَّذِي كَانَ يَمْلِكهُ الْمَوْلَى مِنْ عِنْده لَمْ يَنْتَقِل إِلَيْهَا وَإِنَّمَا سَقَطَ . فَإِذَا لَمْ يُسَلِّم الزَّوْج إِلَيْهَا شَيْئًا وَلَمْ تَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ شَيْئًا , وَإِنَّمَا أَتْلَفَ بِهِ مِلْكَهُ , لَمْ يَكُنْ مَهْرًا . وَهَذَا بَيِّنٌ مَعَ قَوْله تَعَالَى : " وَآتُوا النِّسَاء " [ النِّسَاء : 4 ] وَذَلِكَ أَمْر يَقْتَضِي الْإِيجَاب , وَإِعْطَاء الْعِتْق لَا يَصِحّ . وَقَوْله تَعَالَى : " فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ " [ النِّسَاء : 4 ] وَذَلِكَ مُحَال فِي الْعِتْق , فَلَمْ يَبْقَ أَنْ يَكُون الصَّدَاق إِلَّا مَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : " بِأَمْوَالِكُمْ " [ النِّسَاء : 24 ] اِخْتَلَفَ مَنْ قَالَ بِذَلِكَ فِي قَدْر ذَلِكَ ; فَتَعَلَّقَ الشَّافِعِيّ بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى : " بِأَمْوَالِكُمْ " فِي جَوَاز الصَّدَاق بِقَلِيلٍ وَكَثِيرٍ , وَهُوَ الصَّحِيح ; وَيُعَضِّدُهُ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام فِي حَدِيث الْمَوْهُوبَة ( وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيد ) . وَقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام : ( أَنْكِحُوا الْأَيَامَى ) ; ثَلَاثًا . قِيلَ : مَا الْعَلَائِق بَيْنَهُمْ يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ : ( مَا تَرَاضَى عَلَيْهِ الْأَهْلُونَ وَلَوْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاك ) . وَقَالَ أَبُو سَعِيد الْخُدْرِيّ : سَأَلْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَدَاق النِّسَاء فَقَالَ : ( هُوَ مَا اِصْطَلَحَ عَلَيْهِ أَهْلُوهُمْ ) . وَرَوَى جَابِر أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَعْطَى اِمْرَأَة مِلْء يَدَيْهِ طَعَامًا كَانَتْ بِهِ حَلَالًا ) . أَخْرَجَهُمَا الدَّارَقُطْنِيّ فِي سُنَنه . قَالَ الشَّافِعِيّ : كُلّ مَا جَازَ أَنْ يَكُون ثَمَنًا لِشَيْءٍ , أَوْ جَازَ أَنْ يَكُون أُجْرَة جَازَ أَنْ يَكُون صَدَاقًا , وَهَذَا قَوْل جُمْهُور أَهْل الْعِلْم . وَجَمَاعَة أَهْل الْحَدِيث مِنْ أَهْل الْمَدِينَة وَغَيْرهَا , كُلّهمْ أَجَازُوا الصَّدَاق بِقَلِيلِ الْمَال وَكَثِيره , وَهُوَ قَوْل عَبْد اللَّه بْن وَهْب صَاحِب مَالِك , وَاخْتَارَهُ اِبْن الْمُنْذِر وَغَيْره . قَالَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : لَوْ أَصْدَقَهَا سَوْطًا حَلَّتْ بِهِ , وَأَنْكَحَ اِبْنَته مِنْ عَبْد اللَّه بْن وَدَاعَة بِدِرْهَمَيْنِ . وَقَالَ رَبِيعَة : يَجُوز النِّكَاح بِدِرْهَمٍ . وَقَالَ بَعْض أَصْحَابنَا فِي تَعْلِيل لَهُ : وَكَانَ أَشْبَه الْأَشْيَاء بِذَلِكَ قَطْع مِنْ رُبُع دِينَار أَوْ ثَلَاثَة دَرَاهِم كَيْلًا . قَالَ بَعْض أَصْحَابنَا فِي تَعْلِيل لَهُ : وَكَانَ أَشْبَه الْأَشْيَاء بِذَلِكَ قَطْع الْيَد , لِأَنَّ الْبُضْع عُضْو وَالْيَد عُضْو يُسْتَبَاح بِمُقَدَّرٍ مِنْ الْمَال , وَذَلِكَ رُبُع دِينَار أَوْ ثَلَاثَة دَرَاهِم كَيْلًا ; فَرَدَّ مَالِك الْبُضْع إِلَيْهِ قِيَاسًا عَلَى الْيَد . قَالَ أَبُو عُمَر : قَدْ تَقَدَّمَهُ إِلَى هَذَا أَبُو حَنِيفَة , فَقَاسَ الصَّدَاق عَلَى قَطْع الْيَد , وَالْيَد عِنْده لَا تُقْطَع إِلَّا فِي دِينَار ذَهَبًا أَوْ عَشَرَة دَرَاهِم كَيْلًا , وَلَا صَدَاق عِنْده أَقَلّ مِنْ ذَلِكَ , وَعَلَى ذَلِكَ جَمَاعَة أَصْحَابه وَأَهْل مَذْهَبه , وَهُوَ قَوْل أَكْثَر أَهْل بَلَده فِي قَطْع الْيَد لَا فِي أَقَلّ الصَّدَاق . وَقَدْ قَالَ الدَّرَاوَرْدِيّ لِمَالِكٍ إِذْ قَالَ لَا صَدَاق أَقَلّ مِنْ رُبُع دِينَار : تَعَرَّقْتَ فِيهَا يَا أَبَا عَبْد اللَّه أَيْ سَلَكْت فِيهَا سَبِيل أَهْل الْعِرَاق . وَقَدْ اِحْتَجَّ أَبُو حَنِيفَة بِمَا رَوَاهُ جَابِر أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا صَدَاق دُون عَشَرَة دَرَاهِم ) أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيّ . وَفِي سَنَدِهِ مُبَشِّر بْن عُبَيْد مَتْرُوك . وَرُوِيَ عَنْ دَاوُدَ الْأَوْدِيّ عَنْ الشَّعْبِيّ عَنْ عَلِيّ عَلَيْهِ السَّلَام : لَا يَكُون الْمَهْر أَقَلّ مِنْ عَشَرَة دَرَاهِم . قَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل : لَقَّنَ غِيَاث بْن إِبْرَاهِيم دَاوُدَ الْأَوْدِيّ عَنْ الشَّعْبِيّ عَنْ عَلِيّ : لَا مَهْر أَقَلّ مِنْ عَشَرَة دَرَاهِم . فَصَارَ حَدِيثًا . وَقَالَ النَّخَعِيّ : أَقَلّه أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا . سَعِيد بْن جُبَيْر : خَمْسُونَ دِرْهَمًا . اِبْن شُبْرُمَة : خَمْسَة دَرَاهِم . وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : لَا مَهْر أَقَلّ مِنْ خَمْسَة دَرَاهِم .

    فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً
    الِاسْتِمْتَاع التَّلَذُّذ وَالْأُجُور الْمُهُور ; وَسُمِّيَ الْمَهْر أَجْرًا لِأَنَّهُ أَجْر الِاسْتِمْتَاع , وَهَذَا نَصّ عَلَى أَنَّ الْمَهْر يُسَمَّى أَجْرًا , وَذَلِكَ دَلِيل عَلَى أَنَّهُ فِي مُقَابَلَة الْبُضْع ; لِأَنَّ مَا يُقَابِلُ الْمَنْفَعَة يُسَمَّى أَجْرًا . وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْمَعْقُود عَلَيْهِ فِي النِّكَاح مَا هُوَ : بَدَن الْمَرْأَة أَوْ مَنْفَعَة الْبُضْع أَوْ الْحِلّ ; ثَلَاثَة أَقْوَال , وَالظَّاهِر الْمَجْمُوع ; فَإِنَّ الْعَقْد يَقْتَضِي كُلّ ذَلِكَ . وَاَللَّه أَعْلَم .

    وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي مَعْنَى الْآيَة ; فَقَالَ الْحَسَن وَمُجَاهِد وَغَيْرهمَا : الْمَعْنَى فَمَا اِنْتَفَعْتُمْ وَتَلَذَّذْتُمْ بِالْجِمَاعِ مِنْ النِّسَاء بِالنِّكَاحِ الصَّحِيح " فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ " أَيْ مُهُورَهُنَّ , فَإِذَا جَامَعَهَا مَرَّة وَاحِدَة فَقَدْ وَجَبَ الْمَهْر كَامِلًا إِنْ كَانَ مُسَمًّى , أَوْ مَهْر مِثْلهَا إِنْ لَمْ يُسَمَّ . فَإِنْ كَانَ النِّكَاح فَاسِدًا فَقَدْ اِخْتَلَفَتْ الرِّوَايَة عَنْ مَالِك فِي النِّكَاح الْفَاسِد , هَلْ تَسْتَحِقّ بِهِ مَهْر الْمِثْل , أَوْ الْمُسَمَّى إِذَا كَانَ مَهْرًا صَحِيحًا ؟ فَقَالَ مَرَّة الْمَهْر الْمُسَمَّى , وَهُوَ ظَاهِر مَذْهَبه ; وَذَلِكَ أَنَّ مَا تَرَاضَوْا عَلَيْهِ يَقِين , وَمَهْر الْمِثْل اِجْتِهَاد فَيَجِب أَنْ يُرْجَع إِلَى مَا تَيَقَّنَّاهُ ; لِأَنَّ الْأَمْوَال لَا تُسْتَحَقّ بِالشَّكِّ . وَوَجْه قَوْله : " مَهْر الْمِثْل " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أَيّمَا اِمْرَأَة نُكِحَتْ بِغَيْرِ إِذْن وَلِيّهَا فَنِكَاحهَا بَاطِل فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا مَهْر مِثْلهَا بِمَا اِسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجهَا ) . قَالَ اِبْن خُوَيْزِ مَنْدَادٍ : وَلَا يَجُوز أَنْ تُحْمَل الْآيَة عَلَى جَوَاز الْمُتْعَة ; لِأَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ نِكَاح الْمُتْعَة وَحَرَّمَهُ ; وَلِأَنَّ اللَّه تَعَالَى قَالَ : " فَأَنْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ " وَمَعْلُوم أَنَّ النِّكَاح بِإِذْنِ الْأَهْلِينَ هُوَ النِّكَاح الشَّرْعِيّ بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ , وَنِكَاح الْمُتْعَة لَيْسَ كَذَلِكَ . وَقَالَ الْجُمْهُور : الْمُرَاد نِكَاح الْمُتْعَة الَّذِي كَانَ فِي صَدْر الْإِسْلَام . وَقَرَأَ اِبْن عَبَّاس وَأُبَيّ وَابْن جُبَيْر " فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ " ثُمَّ نَهَى عَنْهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَالَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : نَسَخَتْهَا آيَة الْمِيرَاث ; إِذْ كَانَتْ الْمُتْعَة لَا مِيرَاث فِيهَا . وَقَالَتْ عَائِشَة وَالْقَاسِم بْن مُحَمَّد : تَحْرِيمهَا وَنَسْخُهَا فِي الْقُرْآن ; وَذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى : " وَاَلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجهمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْر مَلُومِينَ " [ الْمُؤْمِنُونَ : 5 - 6 ] . وَلَيْسَتْ الْمُتْعَة نِكَاحًا وَلَا مِلْك يَمِين . وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب قَالَ : نَهَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُتْعَة , قَالَ : وَإِنَّمَا كَانَتْ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ , فَلَمَّا نَزَلَ النِّكَاح وَالطَّلَاق وَالْعِدَّة وَالْمِيرَاث بَيْنَ الزَّوْج وَالْمَرْأَة نُسِخَتْ . وَرُوِيَ عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : نَسَخَ صَوْم رَمَضَان كُلّ صَوْم , وَنَسَخَتْ الزَّكَاة كُلّ صَدَقَة , وَنَسَخَ الطَّلَاقُ وَالْعِدَّةُ وَالْمِيرَاثُ الْمُتْعَةَ , وَنَسَخَتْ الْأُضْحِيَّة كُلّ ذَبْح . وَعَنْ اِبْن مَسْعُود قَالَ : الْمُتْعَة مَنْسُوخَة نَسَخَهَا الطَّلَاق وَالْعِدَّة وَالْمِيرَاث . وَرَوَى عَطَاء عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : مَا كَانَتْ الْمُتْعَة إِلَّا رَحْمَة مِنْ اللَّه تَعَالَى رَحِمَ بِهَا عِبَادَهُ وَلَوْلَا نَهْي عُمَر عَنْهَا مَا زَنَى إِلَّا شَقِيٌّ .

    وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء كَمْ مَرَّة أُبِيحَتْ وَنُسِخَتْ ; فَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ عَبْد اللَّه قَالَ : كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ لَنَا نِسَاء ; فَقُلْنَا : أَلَا نَسْتَخْصِي ؟ فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ , ثُمَّ رَخَّصَ لَنَا أَنْ نَنْكِحَ الْمَرْأَة بِالثَّوْبِ إِلَى أَجَل . قَالَ أَبُو حَاتِم الْبُسْتِيّ فِي صَحِيحه : قَوْلهمْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَلَا نَسْتَخْصِي " دَلِيل عَلَى أَنَّ الْمُتْعَة كَانَتْ مَحْظُورَة قَبْل أَنْ أُبِيحَ لَهُمْ الِاسْتِمْتَاع , وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مَحْظُوره لَمْ يَكُنْ لِسُؤَالِهِمْ عَنْ هَذَا مَعْنًى , ثُمَّ رَخَّصَ لَهُمْ فِي الْغَزْو أَنْ يَنْكِحُوا الْمَرْأَة بِالثَّوْبِ إِلَى أَجَل ثُمَّ نَهَى عَنْهَا عَام خَيْبَر , ثُمَّ أَذِنَ فِيهَا عَام الْفَتْح , ثُمَّ حَرَّمَهَا بَعْد ثَلَاث , فَهِيَ مُحَرَّمَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة . وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : وَأَمَّا مُتْعَة النِّسَاء فَهِيَ مِنْ غَرَائِب الشَّرِيعَة ; لِأَنَّهَا أُبِيحَتْ فِي صَدْر الْإِسْلَام ثُمَّ حُرِّمَتْ يَوْم خَيْبَر , ثُمَّ أُبِيحَتْ فِي غَزْوَة أَوْطَاس , ثُمَّ حُرِّمَتْ بَعْد ذَلِكَ وَاسْتَقَرَّ الْأَمْر عَلَى التَّحْرِيم , وَلَيْسَ لَهَا أُخْت فِي الشَّرِيعَة إِلَّا مَسْأَلَة الْقِبْلَة , لِأَنَّ النَّسْخ طَرَأَ عَلَيْهَا مَرَّتَيْنِ ثُمَّ اِسْتَقَرَّتْ بَعْد ذَلِكَ . وَقَالَ غَيْره مِمَّنْ جَمَعَ طُرُق الْأَحَادِيث فِيهَا : إِنَّهَا تَقْتَضِي التَّحْلِيل وَالتَّحْرِيم سَبْع مَرَّات ; فَرَوَى اِبْن أَبِي عَمْرَة أَنَّهَا كَانَتْ فِي صَدْر الْإِسْلَام . وَرَوَى سَلَمَة بْن الْأَكْوَع أَنَّهَا كَانَتْ عَام أَوْطَاس . وَمِنْ رِوَايَة عَلِيّ تَحْرِيمهَا يَوْم خَيْبَر . وَمِنْ رِوَايَة الرَّبِيع بْن سَبْرَة إِبَاحَتهَا يَوْم الْفَتْح .

    قُلْت : وَهَذِهِ الطُّرُق كُلّهَا فِي صَحِيح مُسْلِم ; وَفِي غَيْره عَنْ عَلِيّ نَهْيه عَنْهَا فِي غَزْوَة تَبُوك ; رَوَاهُ إِسْحَاق بْن رَاشِد عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيّ , وَلَمْ يُتَابِع إِسْحَاق بْن رَاشِد عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَة عَنْ اِبْن شِهَاب , قَالَهُ أَبُو عُمَر رَحِمَهُ اللَّه . وَفِي مُصَنَّف أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيث الرَّبِيع بْن سَبْرَة النَّهْي عَنْهَا فِي حَجَّة الْوَدَاع , وَذَهَبَ أَبُو دَاوُدَ إِلَى أَنَّ هَذَا أَصَحّ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ . وَقَالَ عَمْرو عَنْ الْحَسَن : مَا حَلَّتْ الْمُتْعَة قَطُّ إِلَّا ثَلَاثًا فِي عُمْرَة الْقَضَاء مَا حَلَّتْ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا . وَرُوِيَ هَذَا عَنْ سَبْرَة أَيْضًا ; فَهَذِهِ سَبْعَة مَوَاطِن أُحِلَّتْ فِيهَا الْمُتْعَة وَحُرِّمَتْ . قَالَ أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ : كُلّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ رَوَوْا عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِطْلَاقَهَا أَخْبَرُوا أَنَّهَا كَانَتْ فِي سَفَر , وَأَنَّ النَّهْي لَحِقَهَا فِي ذَلِكَ السَّفَر بَعْد ذَلِكَ , فَمَنَعَ مِنْهَا , وَلَيْسَ أَحَد مِنْهُمْ يُخْبِر أَنَّهَا كَانَتْ فِي حَضَرٍ ; وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ اِبْن مَسْعُود . فَأَمَّا حَدِيث سَبْرَة الَّذِي فِيهِ إِبَاحَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا فِي حَجَّة الْوَدَاع فَخَارِج عَنْ مَعَانِيهَا كُلّهَا ; وَقَدْ اِعْتَبَرْنَا هَذَا الْحَرْف فَلَمْ نَجِدْهُ إِلَّا فِي رِوَايَة عَبْد الْعَزِيز بْن عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز خَاصَّة , وَقَدْ رَوَاهُ إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز فَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي فَتْح مَكَّة وَأَنَّهُمْ شَكَوْا إِلَيْهِ الْعُزْبَةَ فَرَخَّصَ لَهُمْ فِيهَا , وَمُحَال أَنْ يَشْكُوا إِلَيْهِ الْعُزْبَة فِي حَجَّة الْوَدَاع ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا حَجُّوا بِالنِّسَاءِ , وَكَانَ تَزْوِيج النِّسَاء بِمَكَّة يُمْكِنُهُمْ , وَلَمْ يَكُونُوا حِينَئِذٍ كَمَا كَانُوا فِي الْغَزَوَات الْمُتَقَدِّمَة . وَيَحْتَمِل أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ عَادَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكْرِير مِثْل هَذَا فِي مَغَازِيهِ وَفِي الْمَوَاضِع الْجَامِعَة , ذَكَرَ تَحْرِيمهَا فِي حَجَّة الْوَدَاع ; لِاجْتِمَاعِ النَّاس حَتَّى يَسْمَعَهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَمِعَهُ , فَأَكَّدَ ذَلِكَ حَتَّى لَا تَبْقَى شُبْهَة لِأَحَدٍ يَدَّعِي تَحْلِيلهَا ; وَلِأَنَّ أَهْل مَكَّة كَانُوا يَسْتَعْمِلُونَهَا كَثِيرًا .

    رَوَى اللَّيْث بْن سَعْد عَنْ بُكَيْر بْن الْأَشَجّ عَنْ عَمَّار مَوْلَى الشَّرِيد قَالَ : سَأَلْت اِبْن عَبَّاس عَنْ الْمُتْعَة أَسِفَاح هِيَ أَمْ نِكَاح ؟ قَالَ : لَا سِفَاح وَلَا نِكَاح . قُلْت : فَمَا هِيَ ؟ قَالَ : الْمُتْعَة كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى . قُلْت : هَلْ عَلَيْهَا عِدَّة ؟ قَالَ : نَعَمْ حَيْضَة . قُلْت : يَتَوَارَثَانِ , قَالَ : لَا . قَالَ أَبُو عُمَر : لَمْ يَخْتَلِف الْعُلَمَاء مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف أَنَّ الْمُتْعَة نِكَاح إِلَى أَجَل لَا مِيرَاث فِيهِ , وَالْفُرْقَة تَقَع عِنْد اِنْقِضَاء الْأَجَل مِنْ غَيْر طَلَاق . وَقَالَ اِبْن عَطِيَّة : " وَكَانَتْ الْمُتْعَة أَنْ يَتَزَوَّج الرَّجُل الْمَرْأَة بِشَاهِدَيْنِ وَإِذْن الْوَلِيّ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ; وَعَلَى أَنْ لَا مِيرَاث بَيْنهمَا , وَيُعْطِيهَا مَا اِتَّفَقَا عَلَيْهِ ; فَإِذَا اِنْقَضَتْ الْمُدَّة فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيل وَيَسْتَبْرِئ رَحِمَهَا : لِأَنَّ الْوَلَد لَا حَقّ فِيهِ بِلَا شَكٍّ , فَإِنْ لَمْ تَحْمِل حَلَّتْ لِغَيْرِهِ . وَفِي كِتَاب النَّحَّاس : فِي هَذَا خَطَأ وَأَنَّ الْوَلَد لَا يَلْحَق فِي نِكَاح الْمُتْعَة " .

    قُلْت : هَذَا هُوَ الْمَفْهُوم مِنْ عِبَارَة النَّحَّاس ; فَإِنَّهُ قَالَ : وَإِنَّمَا الْمُتْعَة أَنْ يَقُول لَهَا : أَتَزَوَّجُك يَوْمًا - أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ - عَلَى أَنَّهُ لَا عِدَّة عَلَيْكِ وَلَا مِيرَاث بَيْنَنَا وَلَا طَلَاق وَلَا شَاهِد يَشْهَد عَلَى ذَلِكَ ; وَهَذَا هُوَ الزِّنَى بِعَيْنِهِ وَلَمْ يُبَحْ قَطُّ فِي الْإِسْلَام ; وَلِذَلِكَ قَالَ عُمَر : لَا أَوُتَى بِرَجُلٍ تَزَوَّجَ مُتْعَة إِلَّا غَيَّبْته تَحْت الْحِجَارَة .

    وَقَدْ اِخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا إِذَا دَخَلَ فِي نِكَاح الْمُتْعَة هَلْ يُحَدُّ وَلَا يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَد أَوْ يُدْفَع الْحَدّ لِلشُّبْهَةِ وَيَلْحَق بِهِ الْوَلَد عَلَى قَوْلَيْنِ ; وَلَكِنْ يُعَذَّر وَيُعَاقَب . وَإِذَا لَحِقَ الْيَوْم الْوَلَد فِي نِكَاح الْمُتْعَة فِي قَوْل بَعْض الْعُلَمَاء مَعَ الْقَوْل بِتَحْرِيمِهِ , فَكَيْفَ لَا يَلْحَق فِي ذَلِكَ الْوَقْت الَّذِي أُبِيحَ , فَدَلَّ عَلَى أَنَّ نِكَاح الْمُتْعَة كَانَ عَلَى حُكْم النِّكَاح الصَّحِيح , وَيُفَارِقُهُ فِي الْأَجَل وَالْمِيرَاث . وَحَكَى الْمَهْدَوِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّ نِكَاح الْمُتْعَة كَانَ بِلَا وَلِيّ وَلَا شُهُود . وَفِيمَا حَكَاهُ ضَعْف ; لِمَا ذَكَرْنَا . قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : وَقَدْ كَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول بِجَوَازِهَا , ثُمَّ ثَبَتَ رُجُوعه عَنْهَا , فَانْعَقَدَ الْإِجْمَاع عَلَى تَحْرِيمهَا ; فَإِذَا فَعَلَهَا أَحَد رُجِمَ فِي مَشْهُور الْمَذْهَب . وَفِي رِوَايَة أُخْرَى عَنْ مَالِك : لَا يُرْجَم ; لِأَنَّ نِكَاح الْمُتْعَة لَيْسَ بِحَرَامٍ , وَلَكِنْ لِأَصْلٍ آخَر لِعُلَمَائِنَا غَرِيب اِنْفَرَدُوا بِهِ دُون سَائِر الْعُلَمَاء ; وَهُوَ أَنَّ مَا حَرُمَ بِالسُّنَّةِ هَلْ هُوَ مِثْل مَا حَرُمَ بِالْقُرْآنِ أَمْ لَا ؟ فَمِنْ رِوَايَة بَعْض الْمَدَنِيِّينَ عَنْ مَالِك أَنَّهُمَا لَيْسَا بِسَوَاءٍ ; وَهَذَا ضَعِيف . وَقَالَ أَبُو بَكْر الطَّرْطُوسِيّ : وَلَمْ يُرَخِّص فِي نِكَاح الْمُتْعَة إِلَّا عِمْرَان بْن حُصَيْن وَابْن عَبَّاس وَبَعْض الصَّحَابَة وَطَائِفَة مِنْ أَهْل الْبَيْت . وَفِي قَوْل اِبْن عَبَّاس يَقُول الشَّاعِر : أَقُولُ لِلرَّكْبِ إِذْ طَالَ الثَّوَاء بِنَا يَا صَاحِ هَلْ لَك فِي فُتْيَا اِبْن عَبَّاسِ فِي بَضَّةٍ رُخْصَةِ الْأَطْرَافِ نَاعِمَةٍ تَكُونُ مَثْوَاك حَتَّى مَرْجِع النَّاسِ وَسَائِر الْعُلَمَاء وَالْفُقَهَاء مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَالسَّلَف الصَّالِحِينَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَة مَنْسُوخَة , وَأَنَّ الْمُتْعَة حَرَام . وَقَالَ أَبُو عُمَر : أَصْحَاب اِبْن عَبَّاس مِنْ أَهْل مَكَّة وَالْيَمَن كُلّهمْ يَرَوْنَ الْمُتْعَة حَلَالًا عَلَى مَذْهَب اِبْن عَبَّاس وَحَرَّمَهَا سَائِر النَّاس . وَقَالَ مَعْمَر : قَالَ الزُّهْرِيّ : اِزْدَادَ النَّاس لَهَا مَقْتًا حَتَّى قَالَ الشَّاعِر : قَالَ الْمُحَدِّثُ لَمَّا طَالَ مَجْلِسُهُ يَا صَاحِ هَلْ لَك فِي فُتْيَا اِبْن عَبَّاس كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانه .

    قَوْله تَعَالَى : " أُجُورهنَّ " يَعُمُّ الْمَال وَغَيْره , فَيَجُوز أَنْ يَكُون الصَّدَاق مَنَافِع أَعْيَان . وَقَدْ اِخْتَلَفَ فِي هَذَا الْعُلَمَاء ; فَمَنَعَهُ مَالِك وَالْمُزَنِيّ وَاللَّيْث وَأَحْمَد وَأَبُو حَنِيفَة وَأَصْحَابه ; إِلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَة قَالَ : إِذَا تَزَوَّجَ عَلَى ذَلِكَ فَالنِّكَاح جَائِز وَهُوَ فِي حُكْم مَنْ لَمْ يُسَمِّ لَهَا , وَلَهَا مَهْر مِثْلهَا إِنْ دَخَلَ بِهَا , وَإِنْ لَمْ يَدْخُل بِهَا فَلَهَا الْمُتْعَة . وَكَرِهَهُ اِبْن الْقَاسِم فِي كِتَاب مُحَمَّد وَأَجَازَهُ أَصْبَغ . قَالَ اِبْن شَاسٍ : فَإِنْ وَقَعَ مَضَى فِي قَوْل أَكْثَر الْأَصْحَاب . وَهِيَ رِوَايَة أَصْبَغ عَنْ اِبْن الْقَاسِم . وَقَالَ الشَّافِعِيّ : النِّكَاح ثَابِت وَعَلَيْهِ أَنْ يُعْلِمَهَا مَا شَرَطَ لَهَا . فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْل الدُّخُول فَفِيهَا لِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ : أَحَدهمَا أَنَّ لَهَا نِصْفَ أَجْر تَعْلِيم تِلْكَ السُّورَة , وَالْآخَر أَنَّ لَهَا نِصْفَ مَهْر مِثْلهَا . وَقَالَ إِسْحَاق : النِّكَاح جَائِز . قَالَ أَبُو الْحَسَن اللَّخْمِيّ : وَالْقَوْل بِجَوَازِ جَمِيع ذَلِكَ أَحْسَن . وَالْإِجَارَة وَالْحَجّ كَغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَمْوَال الَّتِي تُتَمَلَّك وَتُبَاع وَتُشْتَرَى . وَإِنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ مَالِك لِأَنَّهُ يُسْتَحَبّ أَنْ يَكُون الصَّدَاق مُعَجَّلًا , وَالْإِجَارَة وَالْحَجّ فِي مَعْنَى الْمُؤَجَّل . اِحْتَجَّ أَهْل الْقَوْل الْأَوَّل بِأَنَّ اللَّه تَعَالَى قَالَ : " بِأَمْوَالِكُمْ " [ النِّسَاء : 10 ] وَتَحْقِيق الْمَال مَا تَتَعَلَّق بِهِ الْأَطْمَاع , وَيُعَدّ لِلِانْتِفَاعِ , وَمَنْفَعَة الرَّقَبَة فِي الْإِجَارَة وَمَنْفَعَة التَّعْلِيم لِلْعِلْمِ كُلّه لَيْسَ بِمَالٍ . قَالَ الطَّحَاوِيّ : وَالْأَصْل الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ أَنَّ رَجُلًا لَوْ اِسْتَأْجَرَ رَجُلًا عَلَى أَنْ يُعَلِّمَهُ سُورَة مِنْ الْقُرْآن سَمَّاهَا , بِدِرْهَمٍ لَمْ يَجُزْ ; لِأَنَّ الْإِجَارَات لَا تَجُوز إِلَّا لِأَحَدِ مَعْنَيَيْنِ ; إِمَّا عَلَى عَمَلٍ بِعَيْنِهِ كَخِيَاطَةِ ثَوْب وَمَا أَشْبَهَهُ , وَإِمَّا عَلَى وَقْت مَعْلُوم ; وَكَانَ إِذَا اِسْتَأْجَرَهُ عَلَى تَعْلِيم سُورَة فَتِلْك إِجَارَة لَا عَلَى وَقْت مَعْلُوم وَلَا عَلَى عَمَل مَعْلُوم , وَإِنَّمَا اِسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يُعَلَّم , وَقَدْ يُفْهَم بِقَلِيلِ التَّعْلِيم وَكَثِيرِهِ فِي قَلِيل الْأَوْقَات وَكَثِيرهَا . وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ دَارَهُ عَلَى أَنْ يُعَلِّمَهُ سُورَة مِنْ الْقُرْآن لَمْ يَجُزْ لِلْمَعَانِي الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْإِجَارَات . وَإِذَا كَانَ التَّعْلِيم لَا يُمْلَك بِهِ الْمَنَافِع وَلَا أَعْيَان الْأَمْوَال ثَبَتَ بِالنَّظَرِ أَنَّهُ لَا تُمْلَك بِهِ الْأَبْضَاع . وَاَللَّه الْمُوَفِّق . اِحْتَجَّ مَنْ أَجَازَ ذَلِكَ بِحَدِيثِ سَهْل بْن سَعْد فِي حَدِيث الْمَوْهُوبَة , وَفِيهِ فَقَالَ : ( اِذْهَبْ فَقَدْ مَلَّكْتُكهَا بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآن ) . فِي رِوَايَة قَالَ : ( اِنْطَلِقْ فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا فَعَلِّمْهَا مِنْ الْقُرْآن ) . قَالُوا : فَقِي هَذَا دَلِيل عَلَى اِنْعِقَاد النِّكَاح وَتَأَخُّر الْمَهْر الَّذِي هُوَ التَّعْلِيم , وَهَذَا عَلَى الظَّاهِر مِنْ قَوْله : ( بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآن ) فَإِنَّ الْبَاء لِلْعِوَضِ ; كَمَا تَقُول : خُذْ هَذَا بِهَذَا , أَيْ عِوَضًا مِنْهُ . وَقَوْله فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى : ( فَعَلِّمْهَا ) نَصّ فِي الْأَمْر بِالتَّعْلِيمِ , وَالْمَسَاق يَشْهَد بِأَنَّ ذَلِكَ لِأَجْلِ النِّكَاح , وَلَا يُلْتَفَت لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ ذَلِكَ كَانَ إِكْرَامًا لِلرَّجُلِ بِمَا حَفِظَهُ مِنْ الْقُرْآن , أَيْ لِمَا حَفِظَهُ , فَتَكُون الْبَاء بِمَعْنَى اللَّام ; فَإِنَّ الْحَدِيث الثَّانِي يُصَرِّح بِخِلَافِهِ فِي قَوْله : ( فَعَلِّمْهَا مِنْ الْقُرْآن ) . وَلَا حُجَّة فِيمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي طَلْحَة أَنَّهُ خَطَبَ أُمّ سُلَيْم فَقَالَتْ : إِنْ أَسْلَمَ تَزَوَّجْته . فَأَسْلَمَ فَتَزَوَّجَهَا ; فَلَا يُعْلَم مَهْر كَانَ أَكْرَمَ مِنْ مَهْرهَا , كَانَ مَهْرُهَا الْإِسْلَام فَإِنَّ ذَلِكَ خَاصّ بِهِ . وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَا يَصِل إِلَيْهَا مِنْهُ شَيْء بِخِلَافِ التَّعْلِيم وَغَيْره مِنْ الْمَنَافِع . وَقَدْ زَوَّجَ شُعَيْب عَلَيْهِ السَّلَام اِبْنَته مِنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام عَلَى أَنْ يَرْعَى لَهُ غَنَمًا فِي صَدَاقهَا ; عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانه فِي سُورَة " الْقَصَص " . وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابه : ( يَا فُلَان هَلْ تَزَوَّجْت ) ؟ قَالَ : لَا , وَلَيْسَ مَعِي مَا أَتَزَوَّج بِهِ . قَالَ : أَلَيْسَ مَعَك " قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد " [ الْإِخْلَاص : 1 ] ؟ قَالَ : بَلَى ! قَالَ : ( ثُلُث الْقُرْآن , أَلَيْسَ مَعَك آيَة الْكُرْسِيّ ) ؟ قَالَ : بَلَى ! قَالَ : ( رُبْع الْقُرْآن , أَلَيْسَ مَعَك " إِذَا جَاءَ نَصْر اللَّه وَالْفَتْح " [ الْفَتْح : 1 ] ) ؟ قَالَ : بَلَى ! قَالَ : ( رُبُع الْقُرْآن أَلَيْسَ مَعَك " إِذَا زُلْزِلَتْ " [ الزَّلْزَلَة : 1 ] ) ؟ قَالَ : بَلَى ! قَالَ : ( رُبُع الْقُرْآن . تَزَوَّجْ تَزَوَّجْ ) .

    قُلْت : وَقَدْ أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيّ حَدِيث سَهْل مِنْ حَدِيث اِبْن مَسْعُود , وَفِيهِ زِيَادَة تُبَيِّنُ , مَا اِحْتَجَّ بِهِ مَالِك وَغَيْره , وَفِيهِ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ يَنْكِحْ هَذِهِ ) ؟ فَقَامَ ذَلِكَ الرَّجُل فَقَالَ : أَنَا يَا رَسُول اللَّه ; فَقَالَ : ( أَلَك مَال ) ؟ قَالَ : لَا , يَا رَسُول اللَّه ; قَالَ : ( فَهَلْ تَقْرَأ مِنْ الْقُرْآن شَيْئًا ) ؟ . قَالَ : نَعَمْ , سُورَة الْبَقَرَة , وَسُورَة الْمُفَصَّل . فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قَدْ أَنْكَحْتُكهَا عَلَى أَنْ تُقْرِئَهَا وَتُعَلِّمَهَا وَإِذَا رَزَقَك اللَّه عَوَّضْتهَا ) . فَتَزَوَّجَهَا الرَّجُل عَلَى ذَلِكَ . وَهَذَا نَصّ - لَوْ صَحَّ - فِي أَنَّ التَّعْلِيم لَا يَكُون صَدَاقًا . قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ : تَفَرَّدَ بِهِ عُتْبَة بْن السَّكَن وَهُوَ مَتْرُوك الْحَدِيث . و " فَرِيضَة " نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَر فِي مَوْضِع الْحَال , أَيْ مَفْرُوضَة .

    وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ
    أَيْ مِنْ زِيَادَةٍ وَنُقْصَانٍ فِي الْمَهْر ; فَإِنَّ ذَلِكَ سَائِغ عِنْد التَّرَاضِي بَعْد اِسْتِقْرَار الْفَرِيضَة . وَالْمُرَاد إِبْرَاء الْمَرْأَة عَنْ الْمَهْر , أَوْ تَوْفِيَة الرَّجُل كُلّ الْمَهْر إِنْ طَلَّقَ قَبْل الدُّخُول . وَقَالَ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْآيَة فِي الْمُتْعَة : هَذَا إِشَارَة إِلَى مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ مِنْ زِيَادَة فِي مُدَّة الْمُتْعَة فِي أَوَّل الْإِسْلَام ; فَإِنَّهُ كَانَ يَتَزَوَّج الرَّجُل الْمَرْأَة شَهْرًا عَلَى دِينَار مَثَلًا , فَإِذَا اِنْقَضَى الشَّهْر فَرُبَّمَا كَانَ يَقُول : زِيدِينِي فِي الْأَجَل أَزِدْك فِي الْمَهْر . فَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ جَائِزًا عِنْد التَّرَاضِي .

    إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا
    قَالَ الزَّجَّاج : " عَلِيمًا " أَيْ بِالْأَشْيَاءِ قَبْل خَلْقهَا " حَكِيمًا " فِيمَا يُقَدِّرُهُ وَيُمْضِيهِ مِنْهَا . وَقَالَ بَعْضهمْ : إِنَّ اللَّه سُبْحَانَهُ لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ , وَالْخَبَر مِنْهُ بِالْمَاضِي كَالْخَبَرِ مِنْهُ بِالِاسْتِقْبَالِ . وَمَذْهَب سِيبَوَيْهِ أَنَّهُمْ رَأَوْا حِكْمَة وَعِلْمًا فَقِيلَ لَهُمْ : إِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَزَلْ عَلَى مَا رَأَيْتُمْ .


  11. #31
    طبيب / كاتب الصورة الرمزية د. فائد اليوسفي
    تاريخ التسجيل
    20/03/2007
    العمر
    48
    المشاركات
    1,351
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    أين مداخلات علماء ومفكرى واتا؟

    لماذا الخوف والإحجام من مناقشة الموضوع؟

    أرجو من علماء الأمة الدخول والمداخلة. فأنا قد أوردت المعطيات فيما قاله العلماء الأوائل فى كتب تفسيرهم كى لا أرهقكم بالبحث.

    اريد نقاشا جدايا وجوابا سهلا وواضحا على شكل يجوز لكذا ولا يجوز لكذا.

    أخيرا ارجو التركيز فى هذا الموضوع وعدم الخروج عنه. خذوا من مما جاء فى التفسير ما يخدم القضية فقط، ولا نريد تشعب الوضوع فيما لا يفيد.

    شاكرين لكل من دخلوا الى الان وداخلوا.


+ الرد على الموضوع
صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 1 2

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •