آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: صبيان المبشرين وألاعيبهم

  1. #1
    أستاذ بارز الصورة الرمزية إبراهيم عوض
    تاريخ التسجيل
    21/12/2007
    المشاركات
    828
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي صبيان المبشرين وألاعيبهم

    صبيان المبشرين وألاعيبهم
    د. إبراهيم عوض


    هذه، فيما أذكر، أول مرة أرد فيها على أحد المعلقين على مقالاتى ودراساتى فى "واتا" ممن يخالفوننى الرأى، إذ كنت وما زلت أوثر ترك الفرصة لهم كاملة يقولون ما لديهم دون تدخل من جانبى. ولم يكن فى ذهنى أن أخرج عن خطة السكوت التى كنت أجرى عليها من قبل، وظللت أتبعها طوال الأيام الماضية رغم التعليقات الكثيرة التى علّقها الأستاذ وليد الكبيسى على دراستى المسماة: "أيها أعظم: محمد أم المسيح عليهما السلام؟" وعلى غيرها من الدراسات والمقالات. إلا أن كثرة غمزه ولمزه ومحاولة إيحائه للقراء أنه ليس لدىّ ما أرد به عليه قد جعلنى أخرج عما كنت أتبعه من اللواذ بالصمت، وبخاصة أننى رأيته اليوم يتنفج على المعلقين قائلا لهم إن البرلمان النرويجى قد أعطاه الــ"Genius Grant"، علاوة على وصفه لنفسه بأنه "أمة وحده". فقلت عندئذ: الآن لم يعد يُسْتَحْسَن السكوت. ثم كتبت الكلمة التالية راجيا من الله أن تكون الأخيرة فلا أكتب فى الرد عليه شيئا بعدها. وقد نظّمت الرد بحيث أسوق كلامه هو أولا مسبوقا بنجمة، ثم أتبعه بكلامى مسبوقا بنجمتين اثنتين:

    * الكبيسى: عظمة الاسلام عدم المغالاة. ونحن نؤمن بأن الرسول بشر كباقي الناس اصطفاه الله بالنبوة والرساله. (انما انا بشر، أخطيء وأصيب)... هذه الشتيمة لا تليق بك، ولا يرضاها الرسول الحبيب. أنت تدافع عن الاسلام والرسول. ومن شتم الناس شتموه. الم يوصي الرسول بعدم شتيمة ارباب الآخرين واوصى اتباعه (لا تسبّوا ربّهم فيسبّوا ربّكم). أسحب الدراسة، احذف منها الشتائم. حاول ان تجعلها معتدله. أستذكر تاريخنا: هل دافع المسلمون عن الاسلام بأسلوبك؟ لو كنت مسيحي وقرأت كتاباتك لما شعرت نحوك الا كما شعرت انت حين كنت تقرأ التشكيك بنبوة الحبيب المصطفى.

    ** هذا ما علق به الكبيسى تحت ما كنت كتبته فى الرد على رسالة النصارى التى يفضلون فيها المسيح على رسول الله عليهما السلام. والرجل، كما نعرف، لا يؤمن بمحمد ولا بالقرآن بل ينال منهما نيلا بذيئا وقميئا وحقيرا. والإسلام عنده هو دين متخلف شرير همجى، فكيف يصفه بالعظمة هنا إذن؟ إنها المزايدة من خلال التظاهر بالثناء على الإسلام حتى يسكت كل كلمة تنطق بالدفاع عن هذا الدين العظيم. هذه هى الحكاية دون لف ولا دوران. ويؤكد كلامَنا هنا ما وقعْنا عليه بالمصادفة من تلخيص لكتابه الذى يهاجم فيه الإسلام ونبيه والله ذاته سبحانه وتعالى. فما معنى ذلك؟ ألسنا أمام حالة من حالات النفاق الخبيث؟ إن صبيان المبشرين ينتشرون فى النت من أجل الهمز واللمز فى الإسلام، أو الهجوم عليه جهارا نهارا، حسب الظروف وحسب درجة وقاحة كل منهم، فإذا وجدوا من يقوم بواجب الدفاع عن الإسلام تظاهروا بأنهم مسلمون على أحسن ما يكون الإسلام، وأنهم من منطلق قيم الإسلام فى التسامح والعدل والجدال بالتى هى أحسن يريدون إغلاق الموضوع كيلا تكون فتنة، وأنه لا يصح أن نخالف ما أمرنا به كتاب الله ورسول الله. طيب، فأين كنتم حين شُتِم الرسول ورب الرسول وأتباع الرسول والحضارة التى صنعها دين الرسول؟ الواقع أن كل ما يبغونه هو عدم الرد وترك النصارى يشتموننا ويشتمون رسولنا وربنا ليل نهار، فهم يتلذذون بذلك. على أن هناك شيئا آخر فى حالتنا نحن المسلمين المصريين، وهو أن أمر فريق كبير من النصارى عندنا وفى المهجر، لا يقتصر على الشتم والبذاءات، بل لهم أهداف شيطانية منحطة لا يخفونها بل يقولونها علنا، ألا وهى إخراج المسلمين من وطنهم بحجة أنهم ليسوا من أبناء البلاد بل عربا جاؤوا من الجزيرة العربية، ويجب من ثم أن يعودوا إليها، وإلا فهل كان محمد أو أبو بكر أو عمر مثلا مصريا؟ ونسوا أنه لا المسيح ولا بطرس ولا لوقا ولا بولس كانوا من مصر، ولا النصرانية ذاتها نتاج مصرى، بل أتت مثل الإسلام من وراء الحدود، وأن العبرة على كل حال بما فى الدين الذى يُعْرَض علينا من حق وصدق ومعقولية ورُقِىّ. إننا هنا أمام حالة شاذة بالغة الشذوذ، فالأقلية السكانية التى لا تزيد فى أحسن الأحوال بإقرار الغربيين النصارى أنفسهم عن 6% تريد أن تتحكم فى مصير الأغلبية التى لا تقل نسبتها عن 94%، ثم يأتى صبيان المبشرين فيظنون أنهم بخبثهم يستطيعون إسكات صوت الحق. ومن المضحك الشاذ أيضا أن يعترض صبيان المبشرين على عنوان دراستى المسماة: "أيهما أعظم: محمد أم المسيح عليهما جميعا السلام؟"، مع أن هذا العنوان ليس من عندى، بل هو مستعار من رسالة النصارى التى يعملون فيها على التقليل من شأن الرسول الأعظم والتى وضعتُ دراستى المذكورة فى الرد على ما فيها من تنطع وسخف. وصبيان النصارى يعرفون ذلك جيدا، فهم، مهما بلغ منهم الغباء، لا يمكن أن تفوتهم هذه النقطة. إلا أنهم يعمدون عن وعى وسبق إصرار إلى التعمية على الحقائق حتى يضطرب حكم القارئ على الموضوع، ولكن هيهات ثم هيهات ثم هيهات! نعود مرة أخرى إلى ما بدأنا به الكلام فنوجه انتباه القارئ إلى خطة النفاق الرخيص التى يتبعها صبيان المبشرين لتعويق جهود المدافعين عن الرسول الكريم. لعن الله من يناله بأذى ويضمر له أو لدينه السوء ثم يتظاهر بالحرص على دينه وسمعته.
    أما قوله إن القرآن يقول: "لا تسبوا ربّهم فيسبوا ربّكم" فلا أدرى أى قرآن هذا. الذى فى القرآن هو: "ولا تسبّوا الذين يَدْعون مِنْ دون الله فيسبّوا الله عَدْوًا بغير علم"، أما ما يقوله فهو أسلوب المبشرين الذين لا تعودوا على تحريف الكتب السماوية والعبث بها وأورثوا ذلك صبيانهم. وعلى كل حال فإن الاستشهاد بالآية هو فى غير موضعه، إذ معناها أنه لا ينبغى أن تبدأوا المشركين بسب آلهتهم حتى لا يسبوا الله عدوانا منهم وجهلا وانطماس بصيرة. ولكن ماذا لو سبُّوا هم الله ورسوله ودينه وشتمونا ونحن لم نمس لهم طَرَفا؟ أوَنسكت ونتركهم يتمادَوْن فى قلة الأدب والسفالة أم نخلع ما فى أرجلنا وننهال به على رؤوس الذين نفضوهم؟ هذا هو السؤال. ويستحيل على أى صبى من صبيان المبشرين أن يثبت أن أحدا من المسلمين قد سب المسيح أو أمه أو أيا من حوارييه. العكس هو الصحيح، إذ المسلمون لا يصنعون شيئا أكثر من إبراز ما فى الأناجيل الحالية من إساءات بالغة لعيسى وأمه وتلاميذه، ثم يقومون بالدفاع عنهم كما يوجب عليهم دينهم.

    * الكبيسى، مخاطبا الأستاذ طه خضر: "العدل من شيم الأسلام. الدكتور عوض لم يهاجم القمض زكريا. بل شمل بنقده المسيحية كلها واناجيلها".

    ** قائل هذا الكلام الزلق الأملس ملاسةَ الحية الرقطاء هو مؤلف الكتاب الذى نشرْنا عرضا له فى "واتا"، والذى لعن فيه "أبو خاش" الإسلام كله لم يترك منه شيئا، ونال فيه من الرسول الكريم نيلا شنيعا يدل على نفسه المريضة، وشتم المسلمين وحقَّر تاريخهم وحضارتهم، وتطاول على الله نفسه جل وعلا. فماذا يقول القارئ فى هذا النفاق الشيطانى؟ ترى أين كان هذا الأدب يوم أن كتب كتابه السفيه الذى لم يشمل فيه بنقده الإسلام فقط، بل تباذأ فى حق الله والرسول والمسلمين أجمعين وحضارتهم وتاريخهم من أوله حتى هذه اللحظة؟ إنها الخطة الخبيثة لإسكات كل صوت يدافع عن سيد الأنبياء والمرسلين ودينه، وفى سبيل هذه الخطة يهون كل شىء.
    ومن الطريف أن يجد فى نفسه الجرأة على محاضرتنا فى وجوب التأسى بالنصارى فى فتحهم عقولهم وصدورهم للنقد العلمى لأديانهم بدلا من الانغلاق الذى نعتصم به نحن المسلمين المتخلفين، مع أن الإسلام هو الدين الوحيد الذى دعا إلى تشغيل العقل فى مسألة الإيمان. ومن ينظر فى كل ردودى إنما يرانى ألجأ إلى منطق العقل دائما ولا أردد الآيات القرآنية لمن لا يؤمن بها. كما أن كل ما كتبه هو عن النصرانية فى "واتا" إنما هو دفاع مستمر عنها وعن كل شىء فيها دون أن يعمل عقله، فأين أسلوب الانتقاد التاريخى إذن؟ وأطرف من ذلك أن أحد المعلقين من إخواننا النصارى الأفاضل كتب يقول: "الأيمان لا يؤسس على المنطق والعلم. الدين يقول لك (أؤمن) والعلم يقول لك (أعرف وتنوّر وتعلّم). ومزج المنطق بالدين يزعزع الايمان بكلّ الأديان"، وهو ما يهدم كل مزاعم صاحبنا عن انفتاح النصرانية على العلم والنقد العلمى. ومن الواضح أن الجملة الصغيرة التى أوردناها للمعلق المذكور مملوءة بالأخطاء الإملائية واللغوية مما لا داعى لشغل النفس بتصويبه، وإلا فلن ننتهى.

    * الكبيسى، فى تعليقه على استنكارى لقول الأستاذ وليد قريط إن اسم "عائشة" مأخوذ من الكنعانية وتأكيدى أنه اسم فاعل من الفعل: "عاش يعيش"، وأن كلتا اللغتين: العربية والكنعانية لغة سامية، فضلا عن أن بعض العلماء يقولون بأن العربية هى اللغة السامية ذاتها، فلا معنى إذن للقول باستعارة العربية له من الكنعانية: "اعلام واتا المكرّمين في تعليقه: (إن كلتا اللغتين لغة سامية كما نعرف، والعربية قديمة جدا حتى إن بعض العلماء يجعلون منها أصل اللغات السامية كلها). لم اسمع من قبل بأن هناك علماء يجعلون العربية أصل اللغات واقدمها... هل هم علماء لغة ام علماء السلف؟ علما ان كلمة (بعض) بالعربية تعني واحد او اثنين او ثلاثة".

    ** أولا أحب أن أوضح للقراء أننى أنا المقصود بقول صاحبنا هنا بعبارته الركيكة التى لاتليق إلا بمستوى العوامّ: "اعلام واتا المكرّمين في تعليقه: ...". ثانيا: يا بنىّ، لقد فوجئتُ بأنهم فكروا فى إضافتى لقائمة المكرمين فى "واتا" فشكرتهم. ووالله لم أكن أتصور أنهم متنبهون لوجودى فى موقعهم، الذى كان يبدو لى وكأنه دنيا واسعة لا يعرف فيها أحد أحدا. ولو كنت أعرف أن واحدا مثلك سوف "ينطّ لى فيها" بعد عام ويسمعنى هاتين الكلمتين اللتين ليس لهما أى موقع من الإعراب ولا من البناء لكنت قلت لهم يومها: "يفتح الله! لا تكريم ولا دياولو". مبسوط يا عم؟ على أنه لا بد من تعريف من لا يعرف أن التكريم الواتاوى ليس أكثر من تقدير معنوى، فلا جائزة مادية ولا حتى شهادة ورقية. بل لم أفكر حتى فى تنزيل الشهادة الضوئية من الموقع، لا عن عدم اهتمام بما تفضل به الإخوان، فليست هذه شيمتى، بل لأننى تعودت على ألا أنال أية جوائز لقاء ما أبذل من جهد فى ميدان الكتابة والفكر، إن كان لما أكتبه قيمة. كما أن خبرتى التكنولوجية فى تنزيل الصور بالذات ضعيفة. ليس ذلك فقط، بل إنى لم أخبر أحدا بهذا التكريم خجلا منى ليس إلا، وإن كنت شعرت بالسرور رغم هذا، إذ لا أحد يكره أن يكرمه الآخرون حتى لو لم يكن يستحق ذلك. أريد أن أقول: إن المسألة لا تستأهل كل هذا الاهتمام من واحد مثلك "مسكون بهمّ المعرفة"، فلديك من الهم والغم، والحمد لله، ما ينبغى أن يشغلك عن الالتفات إلى مثل تلك الأمور الصغيرة. ولو كانوا أعطونى مثلا "سلطانية الجزيرة" وكبسوها فى رأسى لكنت خلعتها الآن عليك بصفتك "مسكونا بهمّ المعرفة" كما وصفك الأخ نادر عن غير حق، لا لشىء إلا لأَسْمَعك تصيح همًّا وغمًّا كما صاح صلاح منصور منهارا فى آخر التمثيلية الغنائية المشهورة وهو يقول فى نهنهة الألم واليأس: "السسسلطانيييييية؟". يستطيع "حبايبك" المصريون فى واتا أن يشرحوا لك حكاية مرزوق العُتَقِى مع تاج الجزيرة. على أن مسألة "الانسكان بهم المعرفة" هذه لا أستطيع أن أفهمها. الذى أعرفه أن يكون بيت من البيوت مسكونا بالعفاريت، أو شخص من الأشخاص ملبوسا بالشياطين فيحضروا له العرّافين ويعملوا له زارا حتى يخرج منه الجن الذى يركبه، وقد يضربونه بالخيزرانة حتى يلهبوا له جسمه إلى أن يخرج الشيطان ويتركه فى حاله. قالوا فى الأمثال إن الذين اختشوا قد ماتوا. وها نحن قد عشنا حتى سمعنا أن واحدا مثل صاحبنا مسكون بهمّ المعرفة... إلى آخر الكلام الكبير والثخين الذى قاله فى حق جنابه صديقه نادر قريط عن غير حق!
    فتعالَوْا لنرى شيئا من الهم الذى يسكنه، ولا داعى لأن نشغل انفسنا بركاكة أسلوبه وأخطاء لغته وإملائه، وهو، فى مسائل التعبير، لا يزيد عن عوامّ مرتادى النت. كل ما فى الأمر أنهم لا يجدون من يصفهم بأنهم مسكونون بالهم والغم. فهل يتميز هو فى أمور الفكر عن الإنترنتيين العوامّ، إن أمكن لضعيف متهافت اللغة متفكك الأسلوب أن يكون لديه فكر يذكر؟ نبدأ بما أتحفنا به "مهمومنا" من دُرَرٍ عن كلمة "بعض". فـ"البعض"، فى تفسيره، "يعنى واحد أو اثنين أو ثلاثة": هكذا بلغة العوام وفهم العوام ومحدودية عقل العوام وضبابية تعريفات العوام، وهو ما يُفْهَم منه أن "بعض" لا تكون إلا فى الأشياء المادية، أما المعنويات فلا تتبعض ما دامت المعنويات لا تتعدد ولا تنقسم بالتالى إلى "واحد اثنين ثلاثة"، وأنها لا تدل إلا على أقل القليل ما دامت لا تزيد عن "واحد اثنين ثلاثة". لكن كلمة "بعض" للأسف تختلف عن هذا اختلاف فكر العلماء عن فكر العوام، إن كان للعوام فكر أصلا. جاء فى "تاج العروس" و"المعجم الوسيط" على سبيل المثال: "بَعْضُ كُلِّ شَيْءٍ: طائِفَةٌ مِنْه، سَوَاءٌ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ". ومما يدل على أنها ليست خاصة بالماديات كما فهمها "المسكون" قولهم: "بعض الشر أهون من بعض" (طرفة بن العبد)، و"بعضَ احتيال" (الحارث بن عباد)، و"بعضَ هذا التدللِ" (امرؤ القيس). ومما يدل على أنها لا تعنى القليل فقط قوله تعالى عن ذرية آدم ونوح وآل إبراهيم وآل عمران: "ذريةً بعضها من بعض"، وإلا لكان معنى الآية: "ذريةً واحدٌ منها أو اثنان أو ثلاثة من واحد آخر منها أو اثنين أو ثلاثة". وقس عليها الآيات التالية: "وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ"، "وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ"، "وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ"، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ".
    وأما أنه لم يسمع بما قاله بعض علماء اللغة، أيا كان عددهم، من أن اللغة العربية هى اللغة السامية أو أقرب بناتها إليها فليس هذا ولا يمكن أن يكون حجة على عدم صحة ذلك الكلام، إذ هو ليس مقياسا يعتمد عليه فى هذا الصدد. فمعلوماته على قَدّ حاله، كما أن عقله ضحل ولا يمكنه أن يستقل بشىء، وإلا ما رضى أن يكون صبيا للمبشرين ينشر سخافاتهم وافتراءاتهم ويدافع عن هوسهم ويتباذؤ فى حق الرسول الكريم ويكتب الكتب فى سبابه وتحقير كل ما يمتّ له بصلة، ثم لا يكتفى بهذا، بل يحاول منع كل من يدفع عنه صلى الله عليه وسلم سفالات القوم وسفاهتهم بحجة الحرص على مشاعر فلان وعلان ممن لا يراعون مشاعرنا ولا يفكرون فى أن يقولوا للقمص المنكوح وأمثاله: قفوا عند حدودكم أيها الأوساخ.
    وإنى لَنَاصِحُه بالرجوع إلى الدراسات المتخصصة فى اللغات السامية من تأليف العرب والمستشرقين حتى يتعلم شيئا كان يجهله، وإن كنت أشك فى أنه سوف ينتصح بهذه النصيحة. أليس هو "مسكونا بهمّ المعرفة"؟ إن معنى هذا أنه خزينة معارف متنقلة، ومتى كانت مثل تلك الخزائن بحاجة إلى السعى وراء المعرفةِ، وهى قد احتوت المعرفة كلها بداخلها؟ إن السعى وراء العلم والتشمير عن ساعد الجد فى تحصيله إنما يصلح لنا ولأشباهنا من عباد الله غير المسكونين، أما المسكونون فهم شىء آخر!
    المضحك فى الأمر أن هذا "المسكون" لا يمكنه فهم أبسط البسائط. لقدكتبتُ أن بعض العلماء يرون أن العربية هى أصل اللغات السامية، ففهم ذلك "المسكون" أننى أقول بأنها أصل اللغات كلها، وراح يتعجب ويستنكر. أنا قلت ذلك يا فتى؟ ألم أقل لكم، أيها القراء الكرام، إنه لا يحسن فهم أبسط البسائط؟ ومع هذا فإنه يأنس فى نفسه الجرأة كى يمن علينا بأنه قد قرأ كانط وديكارت ولا أدرى من أيضا وفهمهم، وهو ما لا نصدقه بحال، فمثله لا يتجاوز كتابات تافهى المبشرين وترديدها. وهل الكلام عليه ضريبة؟ وحتى لو افترضنا أنه قرأ هؤلاء الفلاسفة لقد فاته أن قراءة كاتب أو مفكر ما شىء، وفهمه شىء آخر، وإلا ما قال القرآن المجيد عن اليهود: "مثل الذين حُمِّلوا التوراةَ ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا" ولما أُثِر عن المسيح عليه السلام: "لا تَطْرَحُوا دُرَرَكُمْ قُدَّامَ الْخَنَازِيرِ".
    ويتساءل صبى المبشرين قائلا: "لم اسمع من قبل بأن هناك علماء يجعلون العربية أصل اللغات واقدمها... هل هم علماء لغة ام علماء السلف؟". وهذا مبلغ علمه وفهمه، فهو يضع علماء اللغة مقابل علماء السلف، كأن علماء السلف ليس فيهم مئات من علماء اللغة المشهورين الكبار، ودعنا ممن ليسوا بمشاهير. ترى هل يصح أن يقال: هل التفاح أحلى أو الفاكهة؟ إن التفاح نوع من أنواع الفواكه، ومن ثم لا تصح المقارنة فى هذا السياق بين النوع وجنسه. أهذا مبلغ من يقرأ كبار الفلاسفة الغربيين ويفهمهم؟ أما أنا فلا أظنه قرأهم، وإن كان قد قرأهم، وهو ما أشك فيه شكا كبيرا ولا أصدقه بحال، فهو لم يفهمهم. وصدق أحكم الحاكمين حين وصف اليهود بأنهم "كالحمار يحمل أسفارا". إن كل ما يهمه هو النيل من علماء العرب، الذين يسميهم: "علماء السلف"، هؤلاء العلماء الكرام العظام الذين لا يستحق أى صبى من صبيان المبشرين أن يربط لهم سيور أحذيتهم، لأن ذلك شرف كبير لا يستأهله صبيان المبشرين المتطاولين على رب العالمين ورسول رب العالمين ودين رب العالمين. ولو كان قد رُزِق الفهم لوضع السؤال على النحو التالى مثلا: "من الذين قالوا هذا؟ أهم علماء لغة أم علماء تاريخ؟". لكنه لا يفهم، ومع هذا تراه لا يكف عن إزعاجنا.
    ومُضِيًّا مع الإساءة إلى كل ما هو إسلامى نراه يقول: "ومن كان عالما في القرون الوسطى فهو جاهل حسب تقييمنا المعاصر". والمقصود طبعا هم العلماء العرب لا سواهم. ولكن لماذا يا فتى كل هذه الأذيّة؟ ألأن ما كانوا يعرفونه قد تجاوزه العلم؟ عظيم! لكن هذا يا فتى ينطبق أيضا على كانط وديكارت ونيوتن وهيوم، وينطبق من قبلهم على سقراط وأرسطو مثلا. إلا أنك لا تقول هذا لأنك لا تحقد إلا على كل ما هو مسلم وإسلامى، فتذهب تردد كلاما ساذجا يدل على ضحولة فهمك. لو أن كلامك صحيح لما كان هناك شىء اسمه: "علماء". ذلك أنه ما من عالِمٍ، بالغا ما بلغت عبقريته، إلا وبعد فترة من الزمان يتخطاه موكب العلم. لكن الأمور يا فتى لا تؤخذ بهذه الطريقة العامية، بل يظل العالِم القديم عالما أبد الدهر لأنه استوعب ثقافة عصره وتبحر فى ميدان تخصصه وأعمل عقله وفكره وأضاف إلى ذلك بعض ما استطاع الوصول إليه من الجديد أو استدرك عليه، أو على الأقل: عرضه عرضا متميزا، فسهّل صعبه ويسّر عسيره وحبّب طلاب العلم فيه وساهم فى نشره على نطاق واسع، وإلا لكان أى طالبٍ فَدْمٍ من طلاب هذه الأيام حَفِظ بعض الملخصات أعلم من كل علماء الماضى. ومن يقول ذلك يا ترى، اللهم إلا من طمس الله على بصره وبصيرته فهو لا يفقه شيئا، والعياذ بالله؟

    * الكبيسى: أن ما يقوله المسلمون عن الكتاب المقدس وفي واتا يتعارض مع القرآن الكريم. فالقرآن الكريم لم ينكر صحة التوراة والأنجيل أي العهد القديم والعهد الجديد. ما قاله القرآن هو التحريف. اي تغيير بعض الحروف فقط. تحريف بعض الكلمات. والقرآن دقيق. لكن القرآن لم يرفض الكتاب المقدس ولا آياته بالكامل. أما الأخوة المسلمين حفظهم الله فأنهم يسخرون وينقدون ويعتبرون ان الكتب المقدسة عهدا قديما وجديدا بأنها مزيفة ومنحوله. وهذا يناقض ما جاء به القرأن أذ اعتبرهم أهل الكتاب أي لديهم كتاب منزل. ولو لم يكن لديهم كتاب منزل لما أعترف به القرآن زمن الرسول محمد ص وهو نفس الكتاب الذي بين ايدي المسيحيين اليوم... ايها الأخوة المسلمون حفظكم الله: التزموا بالقرآن. بأحترامه للمسيحية ولأهل الكتاب. أن أنكاركم أنّ المسيحيين بين ايديهم كتاب سماوي منزل هو انكار وتكذيب للقرآن الكريم الذي اعترف بكتبهم ككتب منزله... كان الرسول يطريهم والقرآن قال عنهم انهم (اي مسيحيي الجزيرة الذين التقى بهم الرسول) اقرب مودة الى الذين آمنوا بشهادة القرآن الكريم.

    ** ليس صحيحا أن القرآن الكريم لم ينكر صحة التوراة والأنجيل أي العهد القديم والعهد الجديد. هذا كذب وتدليس، وليست التوراة والإنجيل (لا "الأنجيل" كما يكتبها هو مثل التلاميذ الفاشلين فى هذه الأيام النحسات الذين لا يعرفون الألف من كوز الذرة)، أقول إن التوراة والإنجيل ليسا هما العهد القديم والعهد الجديد كما يظن أنه قادر على إيهام القراء به. هناك فرق شاسع بين الأمرين. ولْنُوَضِّحْ ما نقول حتى نكشف تدليس صبيان المبشرين: فالتوراة التى يقصدها القرآن هى التوراة التى نزلت على موسى، كما أن الإنجيل الذى يقصده القرآن إنما هو الإنجيل الذى نزل على عيسى. فهل ما يسميه صاحبنا بـ"التوراة" هنا هو الذى نزل على موسى؟ وهل ما يسميه بـ"الإنجيل" هو الذى نزل على عيسى؟ وهل العهد القديم هو التوراة؟ وهل العهد الجديد هو الإنجيل؟ الحق أنه لا يقول بها إلا مزيف أو جاهل لا يفقه شيئا مما يقول. كيف؟ أولا العهد القديم يضم ما يسميه اليهود أنفسهم بـ"التوراة"، بالإضافة إلى جميع ما يقولون هم أنفسهم أيضا إنه وحى أُوحِىَ إلى أنبياء بنى إسرائيل التالين لموسى باستثناء عيسى. أى أن العهد القديم عند اليهود يضم التوراة (التوراة حسب اعتقادهم هم لا اعتقادنا نحن المسلمين كما سوف نبين بعد قليل) إلى جانب كتب الأنبياء الإسرائيليين الآخرين، وهذه الكتب لا تُعَدّ التوراة بجوارها شيئا من حيث الحجم.أما التوراة فهى (عند اليهود) الكتب الخمسة الأولى فقط لا غير من العهد القديم، لأن بقية أسفار العهد القديم قد نزلت بعد موت موسى عليه السلام، ولا يعقل أن تكون قد نزلت عليه بعد أن كان قد مات.
    هذا من الناحية النظرية، أما من الناحية النصوصية فكيف تكون هذه الكتب هى التى نزلت على موسى، وفى آخرها نقرأ العبارة التالية: "7وَكَانَ مُوسَى ابْنَ مِئَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَاتَ، وَلَمْ تَكِلَّ عَيْنُهُ وَلاَ ذَهَبَتْ نَضَارَتُهُ. 8فَبَكَى بَنُو إِسْرَائِيلَ مُوسَى فِي عَرَبَاتِ مُوآبَ ثَلاَثِينَ يَوْمًا. فَكَمُلَتْ أَيَّامُ بُكَاءِ مَنَاحَةِ مُوسَى. 9وَيَشُوعُ بْنُ نُونٍ كَانَ قَدِ امْتَلأَ رُوحَ حِكْمَةٍ، إِذْ وَضَعَ مُوسَى عَلَيْهِ يَدَيْهِ، فَسَمِعَ لَهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَعَمِلُوا كَمَا أَوْصَى الرَّبُّ مُوسَى. 10وَلَمْ يَقُمْ بَعْدُ نَبِيٌّ فِي إِسْرَائِيلَ مِثْلُ مُوسَى الَّذِي عَرَفَهُ الرَّبُّ وَجْهًا لِوَجْهٍ، 11فِي جَمِيعِ الآيَاتِ وَالْعَجَائِبِ الَّتِي أَرْسَلَهُ الرَّبُّ لِيَعْمَلَهَا فِي أَرْضِ مِصْرَ بِفِرْعَوْنَ وَبِجَمِيعِ عَبِيدِهِ وَكُلِّ أَرْضِهِ، 12وَفِي كُلِّ الْيَدِ الشَّدِيدَةِ وَكُلِّ الْمَخَاوِفِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي صَنَعَهَا مُوسَى أَمَامَ أَعْيُنِ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ" (سفر التثنية/ إصحاح 34)؟ فهل من المعقول أن يتكلم موسى عن نفسه بضمير الغائب ويقول عن نفسه إنه قد مات، ثم يضيف فوق ذلك أنه لم يظهر فى بنى إسرائيل بعده نبى مثله رأى الله وجها لوجه؟ فأين كان موسى من هذا كله، وهو قد مات وشبع موتا؟ وبالمناسبة فكل الكلام فى الكتب الخمسة المذكورة عن موسى إنما يتم بضمير الغائب حتى حين الكلام عن ولادته ورضاعته ووضعه فى التابوت وعثور بيت فرعون عليه وأخذهم له وتبنيههم إياه ونشأته بينهم... إلى حين موته، بما يدل على أن كاتبه شخص آخر غير موسى.
    كذلك هل يعقل، لو كانت هذه الكتب الخمسة هى التوراة التى نزلت على موسى عليه السلام، أن يقول الله فيها مثلا عن الرجال إنهم أبناء الله، أما النساء فبنات الناس، أو إن الله قد استراح فى اليوم السابع بعد أن خلق السماوات والأرض وما فيهن، أو إنه سبحانه وتعالى قد خلق الليل والنهار الأرضيين قبل أن يكون قد خلق الشمس والقمر، أو إن ابنتى لوط، بسبب من تحرّقهما للرجال ورغبتهما المسعورة فى إطفاء غُلْمتهما بأى حال ومن أى طريق، قد سقتا أباهما النبى الكريم خمرا ونامتا معه الواحدة تلو الأخرى وحبلتا منه، أو إن ابنة فرعون قد انتشلت موسى الطفل الرضيع من الماء، فى الوقت الذى يقول فيه كاتب هذا الكلام بعد أسطر قليلة إن أخت موسى، حين وصلت قبالة قصر فرعون، قد وضعته فوق نبات الـحَلْفاء على الشاطئ، أى خارج الماء، أو إن موسى هو إله هارون، وهارون هو نبى موسى، أو إن يد موسى عندما كانت تبيضّ أمام فرعون وسَحَرَتِه إنما كانت بسبب البَرَص، أو إن هارون هو صانع العجل الذهبى الذى عبده بنو إسرائيل حين غاب أخوه فوق الجبل للقاء ربه وترك القوم فى رعايته ... إلى آخره، وهو كثير يمكن القراء أن يطالعوه بأنفسهم فى الكتب المذكورة؟ وهل يعقل أن يشغل الله نفسه بتاريخ البشرية منذ أول الخلق إلى أيام موسى لا لشىء إلا من أجل خاطر بنى إسرائيل وتتبع أصلهم وفصلهم، وعلى نحو يعجّ بالأخطاء الشنيعة التى لا تليق بوحى السماء ولا يمكن تأويلها بحال، وبخاصة أن من هذه الأخطاء التناقض الأبلق فى تعداد بنى إسرائيل حين خروجهم من مصر أيام موسى؟
    أما بالنسبة إلى الإنجيل والعهد الجديد فقد كفانا "جِنْيَصُ" (Genius) زمانه و"مِنْيَصُ" (Menius) أوانه كثرةَ الكلام فيه، إذ قال هو بعظمة لسانه الذى سيأكله الدود إن الأناجيل التى بين أيدينا ليست إلا سِيَرًا للمسيح تشبه سيرة النبى عندنا. عظيم! وهذا ما ينقض كلامَه كلَّه نقضا لا يُبْقِى منه على شىء ولا يَذَر. ذلك أن الله لا يُنْزِل سِيَرًا نبوية ولا عيسوية، بل هى من صنع البشر. هذه واحدة، والثانية أن القرآن يتحدث عن إنجيلٍ نزل على عيسى عليه السلام، أما الأناجيل التى معنا حاليًّا فهى، كما قال الجِنْيَصُ المِنْيَص، سِيَرٌ كتبها بعض أتباع النصرانية بعد ترك عيسى الأرض بعشرات السنين. إذن فالقرآن يتكلم عن إنجيل واحد، بينما عندنا الآن أناجيل كثيرة، وإن كانت الكنيسة قد اختارت أربعة منها فقط وقالت (على أى أساس؟ لا أدرى، ولست إخال أدرى) إن هذه هى الأناجيل الصحيحة، وكل منها شىء آخر غير الإنجيل الذى نزل على المسيح من السماء. وبالمناسبة فهناك فى الأناجيل الحالية إشارة إلى وجود إنجيل فى يد عيسى كان عليه السلام يبشر به قومه، فأين هو؟ إن هذا هو الإنجيل الذى يتحدث عنه القرآن المجيد. كذلك فالإنجيل الذى يتحدث عنه القرآن قد نزل من السماء، فى حين أن الأناجيل الكثيرة الحالية قد ألفها بشر. هل انتهت المسألة عند هذا الحد؟ كلا برغم أنه قد اتضح للقراء الآن مدى الكذب والتدليس الذى يمارسه صبيان المبشرين معنا متصورين أننا قوم سذّج. كيف؟ يقول الجِنْيَص الِمْنَيص إن القرآن، فى حديثه عن الإنجيل، إنما يقصد العهد الجديد، وقد برهنّا أن الأناجيل الموجودة الآن شىء، والإنجيل الذى نزل على عيسى ويقصده القرآن شىء آخر. فإذا أضفنا أن العهد الجديد ليس هو الأناجيل الأربعة فقط، بل هو هذه الأناجيل مضافا إليها أعمال الرسل ورسائلهم ورؤيا يوحنا اللاهوتى، وهى تزيد على الأناجيل الأربعة فى الحجم، تبين لنا عند ذاك أن كلام الرجل الجِنْيَص هو كلامٌ "بَزْرَمِيطٌ" من الصنف الردىء الذى لا يصلح إلا لرواد حانات كوبنهاجن الجنايص المنايص من أمثاله يشربونه على الريق، فلعله يزيح عن صدروهم البلغم.
    ويبقى زعمه أن الرسول كان يُطْرِى النصارى العرب وأن القرآن قال عنهم إنهم أقرب مودة الى الذين آمنوا، وهو أيضا مثل سائر كلامه لا يزيد عن أن يكون تدليسا رخيصا لا يصلح، كما قلنا، إلا لرواد حانات كوبنهاجن. وكيلا يطول حبل الكلام فى يدى وأنا فى غاية الإرهاق اليوم بالذات أحيله وأحيل القراء الأعزاء إلى الآيات التى يُكْثِر المبشرون، ومِنْ ورائهم صبيانهم المتاعيس المناحيس، الاستشهادَ بها كى يدلِّسوا على عوام المسلمين، وهى موجودة فى سورة "المائدة"، ونصّها: "وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) وَمَا لَنَا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84) فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (85) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (86)". ومنها يتبين لكل ذى عينين وعقل وضميرٍ سليمٍ لا ضميرٍ فيه غشٌّ ودَخَلٌ أن القساوسة والرهبان الذين أثنت عليهم الآيات قد أتوا إلى الرسول واستمعوا إليه وهو يقرأ القرآن فجاشت قلوبهم وعيونهم وفاضت دموعهم خشيةً وتقوى وأعلنوا إيمانهم بالله ورسوله عليه الصلاة والسلام وأَضْحَوْا بذلك مسلمين. هذا هو معنى الآيات لا كما يقول صاحبنا مدلسا ومعطيا إياها معنى ليس فيها، معنى حفّظه إياه المبشرون فحفظه وردده كما تلقاه، ولا يمكن أن يكون للآيات معنى آخر. ذلك أن الإسلام دين عالمى لا بد لكل من بلغه نبؤه ووصله على حقيقته وتبين له وجه الحق فيه أن يؤمن به ويصبح من أتباع محمد، وإلا كان عقابه النار. وعلى هذا لا يمكن ولا يُعْقَل أن يُثْنِىَ القرآن على أى شخص يرفض الإيمان به، وإلا كان متناقضا مع نفسه. إن مجىء محمد بالإسلام يَجُبّ ما قبله من أديان ويوجب على أتباعها جميعا أن يدخلوا فى الدين الجديد. ومن لم يُصِخ السمع منهم فهو عاص متمرد، ولا يمكن أن يطرى القرآن ولا الرسول العصاة المتمردين. وهذا من الوضوح بمكان، إلا أن صبيان المبشرين يظنون أن بمستطاعهم التدليس فى مثل هذا الأمر، وهو ما لا يمكن أن يكون.

    التعديل الأخير تم بواسطة إبراهيم عوض ; 30/09/2008 الساعة 02:59 PM

  2. #2
    أستاذ بارز الصورة الرمزية إبراهيم عوض
    تاريخ التسجيل
    21/12/2007
    المشاركات
    828
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    من رد وليد الكبيسى على جمال الأحمر فى موضوع سن عائشة رضى الله عنها:

    "أستلهمت طريقتك في البحث عن التزكية من الآخرين في عملي. وبتكليف من الصحيفة التي أعمل فيها وسافرت الى الجزيرة العربية قبل 1400 عام ابحث مثلك ايها الأخ الأحمر عمّن يزكي رجلا كباقي الناس أدعى أنّ الوحي يأتية. وقمت بكتابة تقرير صحفي مثل ما كتبت عني: أي تقييم امرء من خلال ما يشيعه اعدائه وخصومه. فسألت أهل الرجل في مدينته مكة، وسألت عشيرته الأقربين من الرجال. حتى اعمامه سألتهم عنه. قالوا هذا ساحر. هذا كذّاب. هذا لا يأتيه الوحي بل يجالس اعجميا يخبره عن اساطير الأولين. ومن اعمامه من قال أنه طالب ملك وسلطه. وجميعهم اكدوا (أن هذا الذي تسأل عنه لم يستطع ان يخدعنا او يخدع أحد بدعوته وهو شخص لا يزكيه اشراف القوم بل أراذلهم من العبيد والفقراء وصغار السن ممن له تأثير عليهم). أذا اتبعت موعظتك وطريقة تفكيرك التي اتبعتها معي يا أخي الأحمر فسوف لا أصدق بنبوة خاتم الرسل ص. أنت تفعل كذلك معي. الحق لا يعرف بالرجال. اعرف الحق تعرف أهله".

    وتعليقى أنا على ذلك يتلخص فى الآتى:

    أولا: هناك هذا القدر الكبير من الأخطاء الإملائية واللغوية التى تدل على فقر تعبيرى، ولن أقف عندها، بل أكتفى بالإشارة إليها فقط.
    ثانيا: نراه يسوى نفسه بالرسول الكريم، وفى هذا من الجرأة، بل الوقاحة، ما فيه.
    ثالثا: كمّ التدليس والخبث فى هذه السطور القليلة كبير جدا جدا. فهو يكذب قائلا إن كل أهل الرسول وأعمامه أجمعوا على أنه غير صادق، ومنهم من اتهمه بأنه طالب سلطة، ومنهم من قال إنه يجالس فلانا وعلانا من الأعاجم ويتعلم منهم، ومن ثم فهو ليس نبيا حقيقيا. فهل هذا صحيح؟ الواقع أنه لم يحدث أن اتهمه أحد من أقاربه بأنه طالب سلطة وملك. بل ما كان لهم أن يتهموه بذلك، لأنهم لو شعروا أنه طالب سلطان وحكم لمالأوه على ما يطلب ودخلوا معه فى دعوته وعاونوه على بلوغ هدفه، الذى من شأنه أن يرتفع بهم فوق العرب جميعا، فلماذا يكرهون ذلك منه؟ إن العصبية القبلية فى هذه الحالة كفيلة باصطفافهم خلفه. وعلى أية حال لم يحدث أن قال أى من أعمامه أو من أهله ذلك، ولا قاله أعداؤه من أهل مكة ممن ليسوا من أهله ولا أعمامه. وكل ما أتت به الروايات أنهم عرضوا عليه، ضمن ما عرضوا، أن يولّوه الحكم عليهم إن كان الذى جاء به إنما يريد من ورائه أن يكون ملكا، والمهم ألا يمس آلهتهم بسوء. أى أنهم هم أصحاب الفكرة لا هو. فها نحن أولاء نرى أن الرجل الجِنْيَص يقلب الكلام رأسا على عقب.
    رابعا: لم يكن كل أعمامه وأهله معادين له، بل واحد منهم فقط هو أبو لهب، ولم يتهمه بشىء من ذلك، بل كل ما حفظته كتب السيرة حسبما أذكر الآن هو أنه صلى الله عليه وسلم لما جمع عشيرته الأقربين فى بداية الدعوة ووقف فوق الصفا وعرض عليهم دعوته قائلا لهم: إنى نذير لكم بين يدى عذاب شديد، كان رد أبى لهب هو: تَبًّا لك سائرَ هذا اليوم! ألهذا جمعتنا؟ ثم إنه هو وزوجته أخت أبى سفيان، التى كان ينقاد لها، قد أمرا ابنيهما أن يتركا بنتيه صلى الله عليه وسلم، وكانا قد خطباهما، فكان من نصيب عثمان السعيد الاقتران بهما الواحدة بعد الأخرى. أما أعمامه الآخرون فهم حمزة، وهذا قد آمن به مبكرا فى مكة. ولم يعاده صلى الله عليه وسلم قط، وإن تأخر إسلامه بعض الشىء نظرا إلى أنه كان مشغولا فيما يبدو بالصيد والقنص واللهو وما إلى ذلك، ولم تكن صورة الدعوة قد اتضحت معالمها بعد. ولكنْ ما إن وضعته الظروف على المحكّ حتى سارع فى الحال بإعلان إسلامه، إذ بلغه وهو ذاهب فى رحلة صيد ذات مرة أن أبا جهل قد أساء إلى النبى، فما كان منه إلا أن ذهب إليه وتحداه وقال له ولمن حوله إنه على دينه، فمن أراد أن يتعرض له فليفعل إن استطاع. وهناك العباس، وقد أسلم رسميا عام الفتح، ولكن يبدو أنه كان مسلما من قبل حسبما توحى بعض الشواهد. ولدينا أيضا أبو طالب، الذى تقول الشيعة إنه قد دخل فى دين ابن أخيه. فإذا قبلنا هذا الرأى فلا مشكلة إذن فى وضعه، وإذا أخذنا بما يقوله أهل السنة من أنه لم يُسْلِم، فيكفى أنه كان أشد المدافعين عن ابن أخيه، وعلى أفضل ما يكون الدفاع، ولم يتهمه بشىء مما زعمه ودلس فيه السيد الكبيسى. ولو كان يرى أن ابن أخيه دعىٌّ كذاب لما وقف إلى جانبه، أو لنهى ابنه عليًّا عن متابعته وأمره أن يلزم دين قريش.
    خامسا: ثم إن الذين اتهموه بأنه إنما يعلّمه بشر حسبما تقول آية سورة "النحل" قد انتهى أمرهم باعتناق الإسلام مثبتين أن اتهامهم ذاك لم يكن له أى أساس من الصحة. وهذا يكفينا.
    سادسا: معنى كلام السيد الكبيسى أنه لم يكن هناك فى مكة من يقول فى الرسول كلمة طيبة. وهذا كلام خطير، إذ يريد جِنْيَصُنا أن يقول إنه كان هناك إجماع من مواطنى مدينته، وعلى رأسهم أهله وأعمامه، أنه ليس بنبى، ومن ثم فهو غير أهل للثقة. لكن إذا كان الأمر كذلك فمن يا ترى ذلك الذى كان قومه يسمونه: "الأمين" ويودعون لديه أماناتهم لثقتهم التامة فى أخلاقه وشخصيته وترك وراءه عند الهجرة على بن أبى طالب ليردها إليهم؟ فلماذا لم يذكر الكبيسى ذلك؟ وحتى لو افترضنا أن ما قاله الكبيسى صحيح فهل هذا هو كل الصورة، أو جانب منها فقط؟ وإلا فاين الذين آمنوا بالنبى عيه السلام، وهم يبلغون مئات الآلوف، ولا يعد أعداؤه فى مكة شيئا بجانبهم، فضلا عن أن كل من بقى من أولئك الأعداء قد دخلوا فى الدين الجديد مثبتين أن ما كانوا يقولونه فى حقه لم يكن صحيحا البتة؟
    سابعا: ولقد أضاف السيد الكبيسى أن الحق إنما يُعْرَف بالرجال لا العكس، ومن هنا فإنه لم يأخذ بالرأى الذى أجمع عليه أهل مكة بما فيهم أهله صلى الله عليه وسلم من أنه ساحر كذاب طالب ملك. ويترتب على هذا بطبيعة الحال أنه ترك ما قالوه فى حق النبى ونظر فى القرآن ومبادئ الرسالة التى جاء بها وفى سلوكه وتصرفاته. والمفترض أنه انتهى من هذا إلى تصديقه صلى الله عليه وسلم رغم الصورة القاتمة التى خرج بها من كلام أهل بلده وأفراد اسرته عنه. إلا أن الكتاب الذى وضعه عنه يقول شيئا آخر. يقول إن محمدا لم يكن نبيا، لأن أخلاقه وتصرفاته والقيم التى دعا إليها لا تتسق مع كونه نبيا لسوئها ووحشيتها. ومعنى هذا كله أن الكبيسى لم يجد فى الرسول ما يقنعه بأنه نبى: لا من كلام أهله عنه ولا من النظر فى شخصيته وأخلاقه ومبادئه. ومعنى هذا أيضا أن الكبيسى كذب علينا حين قال ما قال عن رحلته الصحفية التى عاد بها إلى ما قبل أربعة عشر قرنا وذهب خلالها إلى مكة وسأل ناسها عنه صلى الله عليه وسلم فاتضح له من رأيهم كلهم فيه ومن سلوكه عليه السلام وأخلاقه وقيمه ومبادئه أنه لا يصلح أن يسمى: "نبيا، إلا أنه آمن به رغم كل شىء.
    والله فيك الخير يا كبيسى!

    التعديل الأخير تم بواسطة إبراهيم عوض ; 30/09/2008 الساعة 10:22 AM

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •