رسائل إلى ولدي في القيادة الصالحة - الرسالة الأولى
يسرني الانضمام إليكم .. وأتمنى أن تقبلوا أول مساهمة لي ، وهي عبارة عن الرسالة الأولى من مجموعة رسائل وجهتها إلى ولدي حول القيادة الصالحة ..
رسائل إلى ولدي في القيادة الصالحة
الرسالة الأولى ..
يا ولدي ..
لماذا لا تكون قائدا صالحاً ؟
يا ولدي ..
هل جال بفكرك يوما انك تصلح لأن تكون قائدا تقود أقرانك ؟ وهل جربت مرة واحدة القيادة ؟ ، في المنزل .. في الشارع .. في المدرسة ..
وقبل أي شيء أحب أن أسألك .. هل تعرف يا ولدي معنى القيادة ؟ ، وهل تعي معنى ان تكون قائدا ؟ ، وهل تدرك يا ولدي أدوار القائد والقيادة ؟ وهل تخيلت حجم المسئولية التي يحملها القائد فوق كتفيه ؟ يرعاها ويحفظها ويحميها .
القيادة يا ولدي فن جميل ومهارة سامية كالنخيل الباسق ، وهي شيء في متناول يدك ، فقط مدّ يدك إليها .. بثقة وثبات ، ستجدها تلقائيا تمد يديها نحوك ، تشدك إليها .. تغذيك البطولة والرجولة والوفاء .
لكن كيف حال عزيمتك .. هل أنت من أصحاب العزائم القوية ؟ ، وكيف أنت في الشجاعة ؟ ، وأيهما اسبق منك ؟ مروءتك ونخوتك ؟ أم ترددك وحيرتك ؟ .. أم جبنك ؟
القيادة يا ولدي فعل طاهر ، إذا حملها طاهر واتبعها ومشى في دربها ! .. طهر الجميع حوله .. أهله وأصحابه ومواطنيه ، وحتى أعداءه ربما يصيبون منه خيرا .. ، وكل ذلك لطهارة فكره وإخلاص فعله ، وبراءة أدواته ونقاء نواياه وعدالة معاركه بالسلاح وبالحوار .
ويا ولدي ..
هل وقفت يوما أمام المرآة في بيتك ، وتخيلت نفسك قائدا للناس ، يُشار إليه بالبنان ، وهل تخيلت حجم الأرباح التي تعود عليك ، والخسائر التي تصيبك ، وهل تخيلت التفاف الناس حولك ، يهتفون باسمك ، يستعجلون حديثك ، ويشتاقون لشكلك ، وهل تخيلت أنك من يملك مفتاح السلام الذي يأمن في ظله الجميع ؟ وانك الدرع المحصن الذي يحمي البيادر والثغور ، وانك آلة الإنتاج في المصنع ومحراث الأرض في الحقول ؟ .
وبعيدا عن دائرة الهوس والجنون ، هل حاولت أن تجري حوارا مع ذلك الشخص الذي يقابلك في المرآة حميما وملحا ن ومستكشفا ، ومتسائلا ، حول الحياة الجيدة ، وكيف للمرء أن يصبح جيدا فيها ؟ ، وهل بإمكان فرد بمفرده العيش فيها وحيدا بمعزل عن الناس حوله ؟ ، وهل وصب بك الحوار مع نفسك إلى محاسبتها .. ماذا أعطيت في حياتك ؟ ، إنك تأخذ دائما ، فهل كان عطاؤك بمستوى الأخذ أم أقل أم أكثر ؟ ، وهل لديك الكثير في داخلك لتعطيه ولتواصل العطاء ؟ ، وعندما تعطي .. كيف تشعر ؟ بالسعادة والاكتمال ، أم بالنقص أم بالخوف انك إذا واصلت العطاء ستخسر كل شيء في النهاية .
وهنا هل ساءلت نفسك .. ما معنى الحياة ؟ وهل لها طعم الملوك بدون عطاء ، وبدون عمل ، وبدون صبر ، وبدون إرادة ، وبدون تصميم ، وبدون أمل وبلا طموح ..؟!!
هل أنت ممن يختبئون بعيدا عن ضوء الشمس الشاسعة ، إن كنت كذلك فكيف تتحمل حياة الاختباء ، الاختباء لم يوجد إلا للضعفاء المنهزمين المتقوقعين ، الذين لا تعني لهم الحياة أكثر من المسافة التي يمدون أرجلهم عليها تحت الغطاء عند النوم .
في داخلك تكمن طاقات كبيرة متوهجة ، وفي عقلك أفكار مبدعة رائدة ، وتنبت في صدرك حدائق يانعة مثمرة من الأحلام والأماني الكبيرة ، ولعلك تعلم أن كل تقدم علمي عظيم بدا كفكرة صغيرة ,, احتضنها عقل كبير .. فإياك وأن تصغر أي شيء مهما بدا لك انه لا يستحق الانتباه إليه .. فقد تحتاج لهذه الفكرة يوما ما لتنقذك .
واعلم انه لا تنقصك الإرادة ، ولا تعوزك القدرة على بذل الجهد والعمل المخلص ، وكل جارحة فيك تعج بالأحلام والأماني الجميلة ..
ثم .. لماذا أراك في بعض الأيام تهرب وتحاول التأخر .. لماذا ؟ ولا شيء يجبرك على الهروب ما دمت واعيا لدورك ، وما دمت قائما بدورك في الحياة بما يتلاءم مع ما تريده لنفسك المتوثبة .. هل تخشى مجابهة أمر مجهول لا تعرف كنهه ؟ ، أم تخشى عيون الحساد والمنافسين ؟ إن كنت كذلك فالأمر ليس أسهل منه .. اقرأ المعوذتين أمام الحاسدين ، أم المنافسين فاطلب المنافسة معهم لتستزيد من الخبرة والتجربة .
أم تخشى عدم وصولك لما تخطط وتريد ، وان سعيك المتواصل لن يوصلك لتحقيق أهدافك ، وهذا والله من أفدح الخطايا التي يقع فيها الإنسان ن ليس هناك عمل ليس له نتيجة .. فقط الاختلاف إن نتيجة عملك ربما تجيء بعد سنين .. ولكنها تكون قوية راشدة متمكنة ، فاثبت ولا تخشى الفشل أبدا .. الفاشل الوحيد هو الذي يستسلم للفشل من المرة الأولى ولا يعيد المحاولة مرة ومرة ومرات ..
أم تخشى نظرات الناس المتغيرة تجاهك ؟ الذين يستغربون أحيانا ما تفعل ، وأحيانا يستنكرون ن وأحيان لا يفهمون .. لا .. فإياك والنزول عند نظرات العيون .. فالعيون التي تحبط اليوم هي نفسها التي ستمنحك القوة والإخلاص عندما تثبن لهم انك كنت سباقا في المبادرة وتقديم الحلول المبتكرة وانك وكل م ما تعمل كان لتحقيق مصالحهم وحمايتها ..
كن المبادر ، وكن الأول ، وكن المعطي ، وكن المضحي .. نعم يا ولدي .. فالتضحية سعادة وفرحة وحياة .. وانظر إلى الشهداء الذي يفارقوننا في ميدان الجهاد وواجب الدفاع والمقاومة ضد الاحتلال الصهيوني المغتصب لفلسطين .. كيف أن موتهم العزيز الكريم الشريف ينقلهم إلى حياة الخلود في جنة عرضها السموات والأرض مع الأنبياء والصديقين وحسن أولئك رفيقا .. نعم خسارة الدنيا التي نعيشها ليس بالتضحية المهمة من اجل الوصول إلى الجنة .. وقد قال سيدنا عمر رضي الله عنه : " اطلب الموت توهب لك الحياة "
ابدأ الآن يا ولدي .. وكن القائد الجديد ، الإنسان ، الذي يعيش مع الناس ، يخدمهم ويدافع عنهم ، وعندما لا يكون معهم يفكر بهم ويسعى لتحقيق وحماية مصالحهم .
كن القائد يا ولدي الذي تروم ..
لكن بأخلاقك وإيمانك ، وبعملك وعطائك .. ولا تسأل أبدا ما المقابل ، وماذا سأقبض من الثمن ؟ فالقادة العظام يا ولدي لا يسألون الثمن .. فقط يسعون لنيل شيء واحد .. الرضا والسعادة .. والجنة
نعم .. ابدأ الآن .. وقبل ذلك فثم أمور عليك فعلها ، وثمة قيم يلزمك التحلي بها .. لكي تصبح القائد الصالح الذي تصلح به الدنيا كلها .
رد مع اقتباس
المفضلات