Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958
قراءة في كتاب اللهجة الإماراتية – دليل الجامع الميداني

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: قراءة في كتاب اللهجة الإماراتية – دليل الجامع الميداني

  1. #1
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    01/10/2008
    المشاركات
    7
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي قراءة في كتاب اللهجة الإماراتية – دليل الجامع الميداني

    قراءة في كتاب:
    اللهجة الإماراتية – مدخل عام – دليل الجامع الميداني - للباحث: عبالعزيز المُسَلَّم
    بقلم: عبدالقادر الخزين.

    كتاب "اللهجة الإماراتية – مدخل عام – دليل الباحث الميداني" تأليف الأستاذ عبدالعزيز المُسَلَّم، الباحث في التراث الشعبي الإماراتي ومدير إدارة التراث بدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة. يقع الكتاب في 60 صفحة من القَطْع المتوسط، ويهدف – كما هو واضح من العنوان – إلى تقديم دليل لُغوي يُعين باحث التراث في عمله الميداني. وواضح أنَّ المؤلِّف قد أفاد كثيراً من جولاته الميدانية وسط الرواة والشعراء الشعبيين، ومِمَّا قدَّمه للطلاب، ومن أحاديثه اليومية العادية مع الناس كباراً وصغاراً.
    تكتسب فكرة الكتاب أهميتها – بوجهٍ خاص - من أهمية اللهجة المحلية نفسها كأداة لا عِوَضَ عنها بالنسبة لأيّ باحث في مجال التراث، فإلمام الباحث الميداني في حقل التراث بأسرار لهجة المجموعة - التي يقوم بدراستها - يضع بين يديه مفتاحاً معرفياً ذهبياً يمكِّنه من فتح المغاليق وفك الشفرات وفهم الكثير من الإشارات والرموز والأصداء.
    مدخل المؤلِّف:
    يفتتح المؤلِّف مدخله بالإشارة إلى رفض البعض الإكثار من الحديث عن اللهجة باعتبار أنَّه حديث على حساب اللغة الأم و "أنَّه [حديثٌ] يباعد بين أبناء الضاد ولغتهم..."؛ ثم يحترز بقوله إنّنا عندما نتحدث عن اللهجة هنا، فنحن لا نتحدث عنها إلاّ بكونها وصفتها ابنة اللغة الأم، نعم أنَّ اللهجة "تتميز بمميزاتها وتتصف بصفاتها وتتشكل بشكلها ولكنها لا ترقى إلى الأصل بل هي أدنى منه".
    ويردُّ المؤلِّف ثراء اللهجة الإماراتية وغزارة مفرداتها إلى تنوع الهجرات التي صاحبت التجمع الأوّل لسكان الإمارات، فيقول إنَّ أوائل الإماراتيين وفدوا إلى المِنْطقة من جهتين رئيسيتين هما الغرب والجنوب. فمن الغرب جاءت ثلاثُ مجموعات هي الحجازيون (نسبةً إلى الحجاز)، والنجادى (نسبةً إلى نجد)، والحساويون (نسبةً إلى الإحساء) – ولكلِّ مجموعة لهجتها الخاصة؛ ومن الشرق جاءت مجموعة العمانيين بلهجتها الزاخرة بمفردات وتراكيب اللهجة الحميرية. وهكذا مثَّلت مِنْطَقة الإمارات البوتقة التي انصهرت فيها لهجات تلك المجموعات، ومن ذلك كلّه، وعبر سلسلةٍ طويلة ومعقّدة من عمليات النحت والتحوير والقلب والابدال والاختصار والدمج نتجت اللهجة الإماراتية التي بين ظهرانينا اليوم. ولعل هذا يعطي سنداً مقبولاً لِما ذهب إليه المؤلِّف من تفسير لِما تتميز به اللهجة الإماراتية من تنوعٍ في المعاني من جهةٍ، وما تعجُّ به من كثرةٍ في المترادفات والأضداد من جهةٍ أخرى.
    وبقدرما تعين معرفةُ اللهجة المحلية باحثَ التراث في مهمته – كما أشرنا فَوْق – فإنَّ جهله بها يوقعه في التعمية ويغيّب عنه الكثير من المفاصل والحقائق الجوهرية. يتطرق المؤلِّف لهذه المسألة استناداً على تجارب ميدانية، فيقول "لقد سنحت لي الفرصة لقيادة العديد من فِرَق الجمع الميداني للتراث الشعبي في الإمارات، واطّلعتُ على ما يعقب عمليات الجمع من تشويه بشع للمادة الجميلة التي جُمِعت وذلك أثناء التدوين نتيجة جهل الجامعين الشباب باللهجة الشعبية" (ص 4). ويُرْجِعُ المؤلِّفُ جهل الأجيال الجديدة بمفردات اللهجة الإماراتية، وسوء فهمهم للدلالات الخاصة ببعض التراكيب (Idioms) فيها، إلى عِدّة أسباب أهمها:
    • ابتعاد الأجيال الجديدة عن الأولين من حَمَلَة اللهجة الأصلية.
    • الزواج من أجنبيات.
    • اضطرار البعض إلى استخدام أكثر من لغة في اليوم (إنجليزي، أوردو...) للتفاهم مع الأجانب.
    • المستعربين من الأجانب (المواطنين) وجهلهم بالكثير من قواعد اللهجة الشعبية.
    • كثير من الكلمات والألفاظ لم تعد من مفردات الحياة اليومية.
    • الخجل من استخدام بعض الألفاظ التي يُعْتَقَد أنَّ صاحبها غير متحضر.
    وبعد سَوْق هذه العوامل باعتبارها وراء انحسار اللهجة الإماراتية في أوساط الأجيال الجديدة، يقدِّم المؤلِّف رصداً للغات الأجنبية التي انضم الناطقون بها إلى نسيج المجتمع المحلي، وتلك اللغات هي:
    1. الإنجليزية.
    2. الفارسية.
    3. البلوشية (لغة سكان جبال بلوشستان الواقعة بين باكستان وإيران).
    4. الأوردية اللغة الرئيسية في شبه القارة الهندية، (وتسمى لغة الجيش لأنها لغة تفاهم عناصر الجيش المختلفة، وهي خليط من الهندية القديمة والفارسية والعربية).
    5. السواحلية (وتعرف أيضاً بالزنجبارية وهي اللغة السائدة في شرق أفريقيا).
    وينبه المؤلِّف إلى أهمية معرفة تلك اللغات عند القيام بعملية تدوين اللهجة الإماراتية، وذلك لأنَّ هذه اللهجة تحتوي على كثير من المفردات الواردة أصولها من هناك، ويورد في ذيل الكتاب جدولاً يضم (76) مثالاً على تلك الكلمات الدخيلة موضحاً الأصل والمعنى، من ذلك:
    • كلمة (سويج) وتعني مفتاح السيارة وأصلها (Switch), وكلمة (حفيز) وتعني مكتب وأصلها (Office)، والكلمتان واردتان من الإنجليزية.
    • كلمة (دريشة) وتعني شباك وأصلها (دريجاه)، وكلمة (خاشوكة) وتعني مِلْعَقة وأصلها (خاشوق أو قوشوق) – والكلمتان واردتان من الفارسية.
    • كلمة (دِروازه) وتعني بوابة كبيرة وهذه الأبواب كانت تُجْلَب من الهند؛ وكلمة (كَرْفايه) وأصلها (جرباية) وتعني سرير وهذا النوع من السُرُر كان يُجْلَب أيضاً من الهند – فالكلمتان إذاً وارتان من الهند، [جدير بالملاحظة هنا دور الثقافة المادية كناقل للغة].
    خصائص اللهجة الإماراتية:
    يُفْرِد المؤلِّف حيزاً للتعريف بخصائص اللهجة الإماراتية، عَلَى أنَّ هذا الجانب يمثل الخطوة الرئيسية في عملية التدوين، مُشَدِّداً على ضرورة الانتباه لضبط الكلمة بالشكل، ومراعاة حُسْن التقطيع، وتحرِّي الدِقّة في وضع الكلمة موضعها الصحيح في السياق، ومن خصائص اللهجة الإماراتية يتناول المؤلِّف:
    1- القلب (في نطق الحروف).
    2- الابدال (في مواقع الحروف)، والاختصار والدمج.
    3- الثنائي الصحيح من الكلمات.
    4- المرادفات.
    القلب:
    في تناوله للخصائص الصوتية للهجة الإماراتية، يعيِّن المؤلِّف الحروف العربية التي يلحقها قلبٌ (أي تغيير في النطق) في لسان البدو والحضر وأهل الساحل الشرقي في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهذه الحروف هي: (الألف، الثاء، الجيم، الذال، الراء، السين، الشين، الصاد، العين، الفاء، القاف، الكاف، النون والهاء)، وذلك على النحو التالي:
    حرف الألف (أ): يُنْطَق كما هو مع إهمال الهمزة، كما في قولهم: "رأى، وعَيْشه" بدلاً عن (رأى، وعائشة).
    حرف الثاء (ث): يُنْطَق أحياناً (فاءً)، كما في قولهم "فريد، وفَلْج" بدلاً عن (ثريد، وثَلْج).
    حرف الجيم (ج): غالباً ما يُنْطَق (ياءً)، كما في قولهم "دِياي، ويميل، وَحَيَر" بدلاً عن (دِجاج، وجميل، وحَجَر).
    حرف الذال (ذ): يُنْطَق أحياناً (ظاءً)، كما في قولهم: "اظكره" بدلاً عن (أذكره).
    حرف الراء (ر): البعض ينطقه (لاماً)، كما في قولهم "لادار، كلوزر" بدلاً عن (رادار، كروزر) [المفردتان واردتان من الإنجليزية وهما هناك (Radar, cruiser)].
    حرف السين (س): يُنْطَق أحياناً (صاداً)، كما في قولهم "صرير" بدلاً عن (سرير).
    حرف الشين (ش): بعض البدو ينطقونه (هاءً)، كما في قولهم "راهِد" بدلاً عن (راشِد).
    حرف الصاد (ص): بعض كبار السن ينطقونه (سيناً)، كما في قولهم "سحرا، وسومالي" بدلاً عن (صحراء، وصومالي).
    حرف الضاد (ض): كثيراً ما يُنْطَق (ظاءً)، كما في قولهم "تَفَظَّل" بدلاً عن (تَفَضَّل).
    حرف العين (ع): غير مستخدم لدى الظهوريين والشحوح في المِنْطقة، فهم ينطقونه (ألفاً) مع إهمال الهمزة ومراعاة الشكل، كما في قولهم "اَلِي، واُمَر" بدلاً عن (عَلِيّ، وعُمَر).
    حرف الفاء (ف): يُنْطَق أحياناً (ثاءً)، كما في قولهم "ثَمْ" بدلاً عن (فَم) [جدير بالملاحظة هنا ما هو عكس هذا أيْ قلب (الثاء) (فاءً) كما في قولهم "فَلْج" بمعنى (ثَلْج)].
    حرف القاف (ق): يُسْتَبدل نطقاً بحرفين، الأوّل يماثل (الجيم القاهرية) تلك التي في كلمة (جمبري/ قمبري)؛ والثاني يماثل (الجيم في العربية الفصحى)، ومن ذلك قولهم "جَدَم, وجِرْبَه" بدلاً عن (قَدَم، وقِرْبة).
    حرف الكاف (ك): أغلب الحضر والبدو ينطقه (كافاً مكشكشة) والتي تقابلها في الإنجليزية (ch) في (chairman) وذلك سواء أكان الحرف في أوّل أو وسط أو آخر الكلمة؛ أمّا في لسان أهل الساحل الشرقي فلا يلحق الكاف تغيير إلاَّ عند خطاب المفرد المؤنّث فتُنْطق هنا (مشنشنة)، كما في قولهم: "اُمِّش، وقَلْبِشْ" بدلاً عن (أمِّك، وقَلْبِك).
    حرف النون (ن): يُحْذف أحياناً بغرض التسهيل، كما في قولهم: "برحمه" بدلاً عن (بن رحمه).
    حرف الهاء (هـ): البعض ينطقه (حاءً)، كما في قولهم "معحد" بدلاً عن (معهد).
    الإبدال، والاختصار والجمع:
    في كلامه عن خصائص اللهجة الإماراتية يتناول المؤلِّف عمليات الإبدال والاختصار والجمع. فـ (الإبدال) في الاصطلاح اللغوي - وكما يتناوله المؤلِّف - هو تغيّر مواضع وترتيب الحروف في الكلمة الواحدة، كما في قولهم "ألغَث" بدلاً عن (ألْثَغ) [واللُّثْغة في اللسان العربي تصيير السين ثاءً والراء غيناً أو لاماً، فالرجل ألْثَغٌ والمرأة لَثْغاء والجمع لُثْغٌ].
    أمَّا (الإختصار والجمع) فوظيفتهما في اللهجة الإماراتية – كما يشير المؤلِّف – التسهيل. فالإختصار هنا يقع عند التقاء حرفين مخرجهما واحد مثل (العين والهاء) فهو أشبه بالإدغام في الفصحى، وكثيراً ما يقع في أسماء الناس كما في قولهم "براشد" والأصل (بن راشد)؛ كما يكثر وقوعه في أشباه الجمل من الجار والمجرور، كما في قولهم "مِ البيت، وفِ البيت، وعَ الناقة" وأصل أشباه الجمل هذه (من البيت، وفي البيت، وعَلَى الناقة)، ومنه أيضاً قولهم "مَبْ ضارب" وأصلها (ما أنا بضارب)، ومن الأمثلة التي أوردها المؤلِّف للإختصار والجمع قولهم "محمسّالِم، وعَلِمْبراهيم" وأصلهما (مُحَمّد سالِم، وعَلِيّ بن إبراهيم)ز يشير المؤلِّف إلى أنَّ أهم المصادر التي يمكن أن يعتمد عليها الباحث في هذا المضمار هي المراسلات والمخطوطات والتسجيلات الشفهية للرواة والأخباريين وفوق ذلك كله دواوين الشعر الشعبي – مستشهداً بقول الشاعر الشعبي في وصف قوام محبوبته:
    لَبْ طويل ولا القصر ياه رَوْيا عوده فِلْهَوَى يلين
    فالشاهد قوله "لَبْ طويل" أيْ (ليس بطويل)، و"فِلْهَوَى" أيْ (في الهوى).
    ومن أصعب العمليات التي ينبّه إليها المؤلِّف في التعامل مع اللهجة الإماراتية حدوث عمليتي قلب وإبدال (في نطق ومواضع الحروف) في كلمة واحدة، الأمر الذي يفقد الكلمة ملامحها الأصلية، فلا ينفذ إليها ويسبر معناها إلاَّ ابن اللهجة الحاذق، ويسوق لذلك أمثلة منها كلمة "ليز" – موضّحاً أنَّ عين الكلمة هنا (وهي الياء) منقلبة عن جيم (لجز) ثم حدث إبدال في موضعي (الياء – التي أصلها الجيم) و(الزاي) فأخذ كلٌّ منهما موضع الآخر، وبهذا يتضح لنا أنَّ أصل الكلمة هو (لزج).

    الثنائي من الكلمات:
    يولِي المؤلِّف (الثنائي الصحيح) في اللهجة الإماراتية التفاتةً خاصّةً، على أنَّ هذا النوع من الكلمات من المعايير التي تميِّز الأصيل من غيره من متحدثي اللهجة؛ والشاهد على ذلك أنَّ المتحدث باللهجة الإماراتية من غير أهلها يعمد إلى تثليث هذه الكلمات، ووجه الصعوبة عليه فيها أنَّها واردةٌ بحروف هي (خ ز ص ل م هـ و). والمؤلِّف إذ يورد هذه الكلمات تحت اسم (الثنائيات) ينوِّه إلى أنَّها في الأصل ثلاثية، وأنَّ العامّة من أهل اللهجة يسكِّنون آخرها مع أنَّ حقه التشديد [والشَدَّة كما نعلم علامة الإدغام]، وهنا يحيلنا المؤلِّف إلى ما ذكره ابن دريد: "... والثنائي الصحيح لا يكون حرفين البَتَّةَ إلاَّ والثاني ثقيل حتى يصير ثلاثة أحرف، [فـ] اللفظ ثنائي والمعنى ثلاثي وإنّما سُمي ثنائياً للفظه وصورته فإذا صرت إلى المعنى والحقيقة كان الحرف الأوّل أحد الحروف المعجمة والثاني حرفين مثلين أحدهما مُدْغَمٌ في الآخر"، والأمثلة التي ساقها المؤلِّف لهذا كثيرة شملت كافة الحروف، سنكتفي منها هنا بما يَفِي:
    "اِمْ" - بالكسر المخفَّف للألف وتسكين الميم: صيغة الأمر من [(أمَّ) الرجل القومَ إذا تقدمهم وصلى بهم إماماً].
    "بِدْ" – بالكسر تعني: اعط أو وزِّع أو أوفِ، كما في قولهم (بَِدْ الجماعة) أيْ أعطهم حقهم [وقد وردت (البِدَّة) بوزن الشِدَّة في مختار الصحاح بمعنى (النصيب)، يقول الإمام الرازي: "أبَدَّ بينهم العطاء أيْ أعطى كُلَّ واحدٍ منهم بِدَّته أيْ نصيبه]؛ و"بَِدْ" بالكسر المخفَّف أو الفتح في اللهجة الإماراتية تعني: كفى.
    "بِطْ": فعل أمر بمعنى اكشف وافش المستور، كما في قولهم "بِط السالفة" [وقد وردت كلمة (بَطَّ) في مختار الصحاح بنفس المعنى يقول الإمام الرازي "بَطَّ القَرْحَةَ: شَقَّها"].
    "تَرْ": خرج عن طريقه أو مشى على جانبٍ واحد [ومن معاني تَرَّ في لسان العرب تَرَّ الرجلُ عن بلده: تباعَدَ].
    "حَلْ": هبط، جاء، نزل [وقد وردت (حَلَّ) في المعاجم العربية بهذه المعاني].
    "خَرْ": وقع، سقط [وقد وردت (خَرَّ) في لسان العرب بهذا المعنى، يقول ابن منظور "خَرَّ الرجلُ يخرُّ خرّاً وخروراً سقط من علو إلى سفل"، ومنه في سورة النحل (فخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهمْ)].
    "صَبْ": سكب، كذب، خرق، كما في قولهم "صَبْ عينه" أيْ خرقها.
    "طَبْ": قفز، وثب، كما في قولهم "طَبْ فِ البحر" أيْ قفز في البحر.
    "طَرْ" – بالفتح تعني: مَزَّق، شَقَّ، وبالكسر تفيد الأمر، [وقد وردت (طَرَّ) في لسان العرب بهذا المعنى، يقول ابن منظور "طَرَّ الثوب شَقَّهُ، وطَرَّ الشيء قطعهُ"].
    "قَرْ": استقر، بقي في مكانه، سكن عن الحركة، [وقد وردت (قَرَّ) في الغني بهذا المعنى, يقول الدكتور عبدالغني أبو العزم "قَرَّ معه وسكن"؛ وفي الحديث (قاروا الصلاة) أي اسكنوا فيها ولا تتحركوا...].
    المرادفات:
    تحت هذا العنوان يقف بنا المؤلِّف عند ظاهرة كثرة المرادفات كدليل على ثراء اللهجة الإماراتية، ويلفتنا إلى أنَّ الاستخدام السليم لهذه المرادفات بتلقائية ودون تكلُّف يُعْتَبَر – أيضاً - من المعايير التي تميِّز ابن اللهجة الأصيل من غيره، إذ أنَّ بين معانيها فروقٌ غاية في الدِقَّة لا يدركها إلاَّ الأُصلاء من أبناء اللهجة، فكُلٌّ من هذه المرادفات يعبِّر عن درجةٍ أو مستوى معيَّن من حال الموصوف، وعليه فمن بلاغة التعبير باللهجة الإماراتية – إذا جاز لنا التعبير هنا – دِقَّة مطابقة معنى المرادف المستخدَم لدرجة أو مستوى الحال المُراد وصفها، يقول المولِّف "فالعين مثلاً لها حالات مرضية أو خلقية، فالرجل قد يكون اعمى أو اشلق أو ابلق أو غمك أو عور أو امرط"، ويشير إلى أنَّ هذه المرادفات تكثر في الكلمات التي تدلُّ على أحداث أو أفعال أو أحداث يتكرر حدوثها في اليوم مثل (النوم، الذهاب، السكوت والإسكات، الغفلة، الانتهاء، الأكل... الخ)، واستعرض لذلك خمسة عشر نموذجاً مع الشرح، سنطلع منها هنا على المرادفات التي تصف حالات النوم، والنائم:
    "مْفَخّر": مكثر في النوم، والفخارة مجموع ما يتبقى في البيت من طعام فيُخلط ويُطبخ ويُعطى للأبقار؛ "منطبز": نائماً نوماً عميقاً على البطن، ومثلها "مزبعر"؛ "منوخر": نائماً بشخير؛ "طايح": نائم نوماً خفيفا؛ "غرقان": غارق في النوم، ومثلها: "غاط"؛ "غافل": نائم نومة خفيفة [ولعل أصلها غافٍ من الغفوة وليس من الغفلة].
    الجمع:
    تحت هذا العنوان، يَلِجُ بنا المؤلِّف باب الجموع، كشاهدٍ على ارتباط اللهجة الإماراتية باللغة الأم من جهةٍ، وعلى تميُّزها وخصوصيتها من جهةٍ أخرى. أمَّا ارتباطها باللغة الأم فدليله هنا أنَّ معظم الجموع فيها موضوعة على وزنين قياسيين لجموع التكسير، الأوّل وهو الأكثر (وزن فعاعيل) وقد جاء عليه: "بحاحير" جمع (بحّار)، و"سماميك" جمع (سماك) وهو صائد السمك، و"تشاشيل" جمع (تشالة) وهي نوع من المراكب العربية التقليدية، و"سيايير" جمع (سيارة)؛ والثاني (وزن مفاعيل) وقد جاء عليه "مناصير" جمع (منصوري) وهم قبيلة عربية منتشرة في دولة الإمارات، و"ميادير" جمع (ميدار) وهي سنارة الصيد.
    أمّا تميُّز وخصوصية هذه اللهجة فتدلُّ عليه الجموع التي جاءت على أوزان وصيغ أخرى منها الجديد المبتكر، من ذلك (وزن فُعلات) مثل "حُرْمات" جمع حُرْمة وهي المرأة، و"شُلاّت" جمع شُلّة [وأصلها ثُلَّة] جاء في سورة الواقعة (ثُلَّةٌ مِنَ الأوَّلينَ * وثُلَّةٌ مِنَ الآخِرينَ)؛ (وزن فُعُل) مثل "خُطُم" جمع خطام وهو اللجام [وهي فصيحة، جاء في محيط المحيط "الخُطُمُ جمع خِطامٍ وهو الحبل الذي يقاد به البعير"]؛ ومن صيغ الجمع الفريدة في اللهجة الإماراتية يشير المؤلِّف إلى تلك التي جاءت على (وزن مَفَعَّل) مثل "مَلَعَّن" جمع ملعون أو ملعونة.
    أشهر الأخطاء عند الشباب:
    يورد المؤلِّف تحت هذا العنوان أمثلةً لبعض الأخطاء الشائعة في الحوارات اليومية بين فئة الشباب موضِّحاً الصواب. من ذلك قولهم "ما فيني" والصواب (ما فيي) والمعنى ليس باستطاعتي؛ وقولهم "معور لي براسي" والصواب (معور لي راسي) [نلاحظ أن الفعل (معور) هنا متعدياً بنفسه لايحتاج إلى حرف تعدية]؛ وقولهم "يلحق وراي" والصواب (يلحقني)؛ وقولهم "يترمس" والصواب (يرمس - ومعناها يتكلم)؛ وقولهم "يتكلم مواطن" والصواب (يرمس رمستنا أو يتكلم اماراتي)، وقولهم "زخ قناة الشارجة" والصواب (حُطْ قناة الشارجة).
    حرف الميم في البيت القديم:
    من الملاحظات الْلُغوية التي يقف عندها المؤلِّف مليّاً أنَّ معظم أسماء مقتنيات البيت الإماراتي القديم تبدأ بحرف (الميم) وذلك في العمارة التقليدية، وأثاث ومقتنيات البيت، والحلي وأدوات الزينة، وأدوات المطبخ، والأكلات والأطعمة، وهي ملاحظة جديرة بالوقوف عندها. فإذا استصحبنا (عِلْم الصَّرْف) في اللغة العربية الفصحى – خاصّةً (باب المُشْتقّات وقواعد الاشتقاق) لَوَجَدْنا أنَّ معظم الكلمات المبدوءة بالميم مِمّا أورده المؤلِّف إمَّا (اسم مكان كما في العمارة)، أو (اسم آلة كما في الأدوات)، أو (اسم مفعول كما في الأكلات). ومعلوم أنَّ الصيغ القياسية لهذه الأسماء المشتقّة في اللغة الأم تبدأ بحرف (الميم). فاسم المكان من مصدر الفعل الثلاثي يصاغ على وزن (مَفْعَل – بفتحٍ فسكون ففتح، وذلك إذا كان الفعل صحيحاً مفتوح العين أو مضمومها في المضارع) وقد جاء عليه في اللهجة الإماراتية "مَخْزَن": غرفة النوم والمعيشة وهي من الفعل (خَزَن – يَخْزُن)، كما يُصاغ على وزن (مَفْعِل – بفتح فسكون فكسر، وذلك إذا كان الفعل صحيحاً مكسور العين في المضارع) وقد جاء عليه في اللهجة الإماراتية "مَيْلِس" وأصلها مَجْلِس من الفعل (جَلَسَ - يَجْلِس). وكذلك اسم الآلة يصاغ على أوزان قياسية كلها مبدوءة بحرف (الميم) منها (وزن مِفْعَلَة – مثل مِلْعَقة في الفصحى) وقد جاء عليه في اللهجة الإماراتية [مع تغيير قد يطرأ على تشكيل الحروف] "مرحلة": سلة من الخوص لحفظ الملابس والحاجيات كالصندوق، و"مدخنة": برج خشبي صغير مصنوع من جريد النخل تُلقى عليه الملابس ويوضع في أسفله مدخن (مبخر) لتبخير الملابس النظيفة، و"مشخلة": غربال، و"مكحلة": محفظة الكحل، "ومصقلة": قوقعة لصقل البرقع والملابس المطرزة؛ (وزن مِفْعال – مثل مِفْتاح في الفصحى) وقد جاء عليه في اللهجة الإماراتية "مهباش": مقبض الجمر، و"محماس": أداة لفصل الخبز عن المخبز، و"منحاز": بيت الهاون و"منتاخ": ملقط للشعر، و"مضراب": أداة لخفق أكلة الهريس وتقليبها؛ ومن الأسماء التي جاءت مبدوءة بالميم هنا يذكر المؤلِّف "مندوس": صندوق خشبي كبير يستخدم لحفظ الملابس والحاجيات الخاصة، و"مريحانة": أرجوحة. وكذلك اسم المفعول يصاغ من الفعل المبني للمجهول على (وزن مفعول – مثل محفوظ من الفعل حُفِظَ في الفصحى) وقد جاء عليه في اللهجة الإماراتية مِمّا ذكر المؤلِّف "مكبوس ومظروبة/ مضروبة، ومرقوقة" وثلاثة الأسماء هنا اسم مفعول لحقت الثاني والثالث منها تاء التأنيث؛ ومِمّا ذكره المؤلِّف من أسماء الأطباق التي تبدأ بالميم هنا أيضاً: مرق، ومريس، ومودِّم...
    خاتمة:
    في مُفْتَتَحِ هذه القراءة أشرتُ إلى أنَّ فكرة كتاب (اللهجة الإماراتية – مدخل عام – دليل الجامع الميداني) تكتسب أهميتها – بوجهٍ خاص - من أهمية اللهجة المحلية نفسها كأداة لا عِوَضَ عنها بالنسبة لأيّ باحث في مجال التراث. أمَّا بوجهٍ عام فإنَّ أهمية الكتاب تكمن في كونه، شأنه في ذلك شأن كثير من البحوث والدراسات في مجال التراث العربي، ثمرة أعمالٍ وملاحظات ميدانية تنهل من مصادر بِكر متعدِّدة ومشتّتة، وذلك بهدف بلورة رؤيا واضحة حول التراث تنسجم مع الأصالة الثقافية للشعوب العربية وضرورات العصر. وبما أنَّ معطيات التراث تشكل الرصيد الثقافي القومي للشعوب، فإنَّ تشجيع الإهتمام بتوثيقها ومن ثمّ تطويرها – في عصرنا الراهن - أمرٌ مطلوب وحقيقٌ بكل جهد، وذلك لعدَّة أسباب، لعلَّ أهمها المصاعب التي تزداد يوماً بعد يوم في وجه الباحث بسبب ما يطرأ على صحة الرواة والحَمَلَة – وهم غالباً من كبار السن، فضلاً عن تسارع وتيرة التغيير في أوجه الحياة بصفةٍ خاصّة في مِنْطقة الإمارات العربية.


  2. #2
    مترجم / أستاذ بارز الصورة الرمزية معتصم الحارث الضوّي
    تاريخ التسجيل
    29/09/2006
    المشاركات
    6,947
    معدل تقييم المستوى
    24

    افتراضي

    الأخ الكريم عبد القادر الخزين
    أشكرك كثيرا على التعريف الوافي بهذا المرجع التأسيسي المهم.

    مع فائق تقديري، وكل عام أنتم بخير

    منتديات الوحدة العربية
    http://arab-unity.net/forums/
    مدونتي الشخصية
    http://moutassimelharith.blogspot.com/

  3. #3
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    01/10/2008
    المشاركات
    7
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي

    الأخ معتصم الحارث الضوي، مليون سلام وشكر على المرور. فهل تستغرب إن قلت لك أنا سوداني، وتخصصي الأكاديمي (آثار)، وأكسب عيشي من هواياتي الأخرى: (الترجمة والتحرير الصحفي والتصوير)؟!
    لنا أحاديث طويلة بإذنه تعالى.


  4. #4
    أستاذ بارز الصورة الرمزية د. عبد الحكيم الزبيدي
    تاريخ التسجيل
    02/08/2007
    المشاركات
    61
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    بارك الله فيك أخي عبد القادر على هذا العرض المسهب الوافي للكتاب.


  5. #5
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    01/10/2008
    المشاركات
    7
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي

    شكراً أخي د. عبدالحكيم الزبيدي، ومنكم نأخذ العلم.


  6. #6
    عضو القيادة الجماعية الصورة الرمزية محمود الحيمي
    تاريخ التسجيل
    25/09/2006
    العمر
    73
    المشاركات
    1,276
    معدل تقييم المستوى
    10

    افتراضي

    التحية لك أخ عبد القادر الخزين على هذه المساهمة الشيقة والممتعة من كتاب اللهجة الإماراتية. وقد وضح لي تماما الآن معنى بعض المفردات التي كنت أسمعها من إخوتنا الإماراتيين.
    اعجبتني عبارة "الكاف المكشكش" حمانا الله من "الكشكشة" (بالسوداني). أيضاً لاحظت التقارب في استعمال بعض الألفاظ مثل أداة التقاط الجمر "مهباش" عند أهلنا الإماراتيين و"الماشة" عندنا في بعض أنحاء السودان أو "الملقاط"، فهل أصل الكلمتين واحد؟
    وفي السودان أيضاَ نسمع "تُر" بنفس المعنى أي "ابتعد" كفعل أمر. هل تذكر "الترترة" في رقصة العروس؟ هذا اذا كنت من جيلي. ويقيني أن الأخ معتصم سوف "ينكر" حتى لا يفشي عمره.نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    أكرر شكري الجزيل لك على تسليط الضوء على هذا الكتاب الذي سوف يثري المكتبة العربية ان شاء الله . وكل عام وأنتم وأهل الإمارات بكل بخير.

    كل الود


    مُحمدٌ صفْوةُ الباري وخِيرتُهُ

    محمدٌ طاهرٌ من سائرِ التُّهَمِ

    They target our Prophet, we target their profits

  7. #7
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    01/10/2008
    المشاركات
    7
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي

    الأخ محمود الحميمي، العضو المؤازر في المجلس الاستشاري، سفير واتا في البحرين.
    أُحييك. والبحرين الآن منارة تلتقط الحميمين منا معرفياً، فلك ألف تحية.
    تعليقك كان مُحَفِّزاً. نعم: "الكشكشة" بالسوداني انفلات ذهني مع لطافة وخِفَّة دم، يقولون عنه: "فلان مكشكِش!".
    الترترة في رقصة العروس هذه لا أذكرها، ولعلها مرتبطة بالقون. كنتُ أو لم أكن من جيلك فإهتماتي المعرفية تفرض علي أن أكون، ويقيناً أنَّ الأخ معتصم أصغر مني ومنك. دمتَ أخي الحميمي. وسوف أحيل هذا الرابط للأخ عبدالعزيز المُسَلَّم مؤلِّف كتاب "اللهجة الإماراتية - دليل الجامع الميداني"، وهو رجل حَبوب يحب الناس والمعرفة، عسى أن يثري منتدانا هذا بالمزيد.


  8. #8
    عـضــو الصورة الرمزية جاسم الشمري
    تاريخ التسجيل
    06/07/2007
    العمر
    49
    المشاركات
    26
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي

    بيض الله وجهك على الموضوع وكثير من المفردات الأماراتية على فكرة موجودة في اللهجة العراقية ونقدر نقول تقريبا الخليج كله ثوب واحد لكن لهجة سلطنة عمان تختلف إلى حد ما تشبه اللهجة اليمينة

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    للحوار وأي أستشارة بالحاسوب I.T والأستفسار عن الدراسة في ماليزيا والسياحة حياكم الله
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    إن خانتك الرجولة ياصاحبي وحزت فيك الأيام -- لبسني العقال والغترة وأبشر بفزعتك

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •