أعرني مِسمعاً
شعر : د. جمال مرسي
أَعِرنِي مِسمَعاً ، و اْسمَع شَكاتِي = و كَفكِف أَدمُعـاً لـي سَائِبـاتِ
فَمَـا تَوْدِيـعُ أحبابـي يَسِيـرٌ = و قد أَسكَنْتُهُـم أَعمـاقَ ذاتِـي
و رِيمٍ قَد تَرَعرَعَ فـي الحنايـا = عَرَفتُ بِقُربِـهِ صَفوَ الحيـاةِ
رأيـتُ بعينِـهِ الدُّنيـا رَبِيعـاً = و كانـت كالقِفـارِ المُوحِشـاتِ
بَلَوْتُ مشاعري ، فرأيـتُ أَنِّـي = بلا عينيهِ أدنـو مـن مَمَاتـي
كأنِّي غارقٌ فـي لُجِّ بحـرٍ = و في يُمنـاهُ أطـواقُ النجـاةِ
سأهـربُ.. رُبَّما..لَكِـنْ إليهِ = و أركِزُ فـي حديقَتِـهِ رُفاتـي
أموتُ ، فَيَمَّحِي جِسمِي و رَسمِي = و تَبْقَـى مُشْرِقَـاتٍ ذِكْرياتـي
تَـلألأُ فـي نَوَادِيكُـم كَـبَـدْرٍ = و تَلمعُ كالنُّجـومِ السَّاطِعـاتٍِ
و تَبقَى بينكُـم رُوحِـي كَطِفـلٍ = تَنَعَّـمَ فـي أريـجِ النَّرجِسـاتِ
أنا ما غِبتُ عنكم من قُصُـورٍ = و لَكِنْ عاتَبَـت قَلَمِـي دواتـي
أُراجِعُ سِفرَ عُمـري كـلَّ يـومٍ = أُقَلِّبُـهُ علـى كُـلِّ الجِـهـاتِ
و أسألُ في الحوادِثِ أينَ سيفـي = تَثَلَّمَ ؟ أَمْ غدا فـي مُهمَلاتـي ؟
و أينَ يراعتي ؟ يا ويحَ نفسـي = أأنسى أُمَّتي فـي الحادِثـاتِ ؟
و هل مِثلُ اليراعةِ مِـن سِـلاحٍ = إذا ما أَغْرَقَت سُفُنِـي عِداتـي ؟
و وَلَّت دُبرَها في الحَرْبِ خَيلـي = و طاشَتْ عن مَرَامِيهَـا قَنَاتِـي
لِمَن أُبدِي عنِ التقصيرِ عُـذري = و ذَنبي فَاقَ كُـلَّ تَصَوُّراتـي ؟
لِبَغدادَ التـي سَكَنَـت عُيونـي = فَأَدْمَتْ مُقْلَتِـي جُنـدُ الغُـزاةِ ؟
أَمِ الفلُّوجَـةِ العـذراءِ ، نـادَت = فَما وَجَدَت سِوَى سيفِ الجُناةِ ؟
و هل سَيُسَامِحُ الأقصـى مُحِبَّـاً = أسيـراً للعُيـونِ الناعسـاتِ ؟
غَدَوتُ و قَد لَبِستُ ثيابَ غـربٍ = كقومي ، عارياً ضمـنَ العُـراةِ
ظَمِئتُ فَجَرَّعوُنِي كأسَ صَمتِـي = و ثُـرْتُ ، فَغَيَّبـوا بِمُخَـدِّراتِ
طَوانِي الجُوعُ ، أُلْقِمتُ المنايـا = فألجأتُ الجُفُونَ إلـى السُّبـاتِ
ألا مَن يوقِـظُ الأحـلامَ عِنـدي = و يسعى كـي يُحَقِّـقَ أُمْنياتـي
و يُنقِذَنِـي إذا أَحرَقتُ أمسـي = بنارِ الوهمِ فـي بـردِ الشتـاتِ
أناْ العَرَبِـيُّ ، كانَ الماءُ عرشي = فغيضَ الماءُ ، ضَاقَت بي فلاتي
و مِن سَفَهٍ ،جَذَذتُ جذورَ قومي = و بِعتُ بدرهمٍ مجدَ الأُباةِ
و لي لغةٌ ، أضَعتُ سُدىً ، و كانت = هيَ المِشكاةُ في ليلِ السراةِ
تأَمرَكَتِ البلادُ ، فهل سأُبقي = على رَمَقِ الكرامةِفي حياتي ؟
و هل سيجيءُ بعد اليومِ يومٌ = لأعلنَ من قيودِهِمُ انفلاتي ؟
من ديوان أصداف البحر و لآلئ الروح
المفضلات