إن الرحلة قديمة قدم الإنسان. وبالرغم من قلة وسائل انقل قديما فإن الإنسان قد جاب الآفاق ، وطاف العالم، على قدر طاقته. وقد ترك لنا الرحالة القدماء وثائق وآثارا تدل على أنه لم يعجزهم شيء من المخاطر والمهالك. وهؤلاء الرحالة هم مؤسسو علم الجغرافيا، الذي ابتدأ أول الأمر بوصف البلدان واكتشاف البقاع. ولهذا اقترن أدب الرحلات بالتاريخ والجغرافيا في بداية الأمر.

ولم يكن الفضول وحده يدفع الإنسان لهذه الرحلات، بل كانت هناك عوامل أخرى كالتجارة واكتشاف المعادن، والحج ، والسفارات بين الدول، والرحلة في طلب العلم وغير ذلك مما دفع الإنسان إلى الرحلة عبر الأقطار. أما اليوم فالأسفار والرحلات تعتبر جزءا من نشاط الإنسان اليومي، أو جزءا من هواياته ونشاطاته. ولا سيما الكتاب والأدباء. وذلك لتطور وسائل النقل والمواصلات، بالرغم من كون وسائل الإعلام كالتلفزة أصبحت تعرض أمامنا ونحن في بيوتنا العالم بجميع زواياه ومظاهر حضارته.

وأدب الرحلة أو أدب الرحلات فن من الكتابة يسجل فيه الكاتب وصفه لما شاهده في تجواله ورحلاته عبر قطر أو عدة أقطار زارها بقصد المشاهدة والاستطلاع. وهذا النوع من الكتابة ليس جديدا، بل هو قديم، ألف فيه الرحالة المسلمون في جميع العصور كتبا ما تزال متعة للقارئ ، وشاهدا حيا من شواهد الحضارات القديمة، ووثيقة تاريخية هامة.
ولأدب الرحلة قيمتان :
- قيمة علمية فيما تحويه كتب الرحلات من معلومات جغرافية وتاريخية واثنلوجية.
- قيمة ادبية وتتجلى في كون الكثير من هذه الرحلات كتب بأسلوب أدبي رفيع، يتميز بالتصوير الحي، والوصف الدقيق، ومعالجة دقائق الحياة الاجتماعية، وتسجيل الانطباعات والمقارنات عن حياة الشعوب والحضارات.

والقيمتان العلمية والأدبية متلازمتان. وفي الأدب العربي يحتل أدب الرحلة ركنا هاما من أركانه. فقد توالت رحلات العرب والمسلمين ابتداء من القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) حتى العصر الحاضر. وكان لهم قدم السبق في اكتشاف كثير من أصقاع الدنيا قبل رحالة الغرب.

ومن أشهر الرحالة المسلمين نذكر : ابن حوقل ، والمسعودي، ، والمقدسي، والشريف الإدريسي، ، وابن جبير ، وابن رشد ،وابن بطوطة في القديم. ومن مفاخر المغرب أن يكون أبناؤه من أشهر هؤلاء الرحالة كالإدريسي، وابن بطوطة وابن رشيد والعبدري. أما في العصر الحديث فهناك تراث ضخم من أدب الرحلة يجمع بين القيمة العلمية والأدبية ومن أشهر الرحالة: الطهطاوي، ومحمد ثابت، والريحاني، وشكيب أرسلان، وكرد علي، وحسين فوزي.


- مأخوذ من النصوص الأدبية - ، الطبعة الثانية 1407هـ - 1987م ن ، بتصرف
http://elevebassatines.site.voila.fr