هل لديك ضمير...!
جميع الزعماء الذين خلدهم التاريخ و احتفت بهم شعوبهم و صاروا رموزا لأوطانهم كان الضمير هو القوة الدافعة التي جذبت الناس اليهم و جعلتهم يحيطون بهم و يحفرون أسماءهم بحروف من نور في صفحات العز و الانتصار.
والزعماء الذين فقدوا ضميرهم أمام خزائن المال وبريق السلطة سقطوا تحت سنابك العدالة كما سقطوا من عيون شعوبهم ولولا الضمائر الحية لعم الفساد وشاع الابتزاز وساد الشر ولنضنت ينابيع الخير وآباره.
ولو كان الأديب عباس العقاد لا يتحلى بالضمير لكان أغنى أدباء عصره ولباع قلمه لمن أراد يشتريه وهو الذي أدى به لدخول السجن بعد أن هاجم الملك فؤاد بدلا من التملق اليه ومنافقته ومباركة خطواته.
بل ان الضمير هو الذى تسبب في نفي أحمد عرابي لمعارضته الخديوي توفيق ونفي الشاعر العظيم أحمد شوقي الى الأندلس وبسببه قضى مصطفى كامل نحبه غريبا في بلاد غريبة للدفاع عن قضية بلاده بدلا من العيش بجوار أهله وأسرته وجعل عبد الله النديم طريدا شريدا تطارده جحافل الجيش البريطاني ولولا ضميره لصاغ أروع القصائد لصالح السلطان وحاشيته لكنه أبى أن يخون بلاده وعاش مخلصا لوطنه ولزعيمه أحمد عرابي حتى مات لكن ضميره أبدا لم يمت بل سيظل حيا في نفوس أبناء الأمة.
ولولا ضمير الشاعر العظيم بيرم التونسي لصار أغنى شعراء بلاده لكن ضميره الحي دفعه لمهاجمة المحتل الفرنسي الغاشم فطردوه لتستضيفه مصر وقد عانى كثيرا من العيش وضيق ذات اليد.
والضمير هو الذي مكن كمال الدين حسين من ان يقول لجمال عبد الناصر "اتق الله" وهي العبارة التي عرضته لمتاعب ومخاطر عصفت بزوجته وفرض عبد الناصر عليه الحراسه عقابا له على مجاهرته أمامه بهذه العبارة.
والضمير هو الذي حرك ثورة الشيخ المراغي ضد الملك فؤاد حتى عزله من مشيخة الأزهر
وضميرك هو شعلتك التي تنير طريقك الى الناس وشمعتك التي تهديك الى الحق والزهرة التى يفوح منها عبير شخصيتك.
ضميرك يجب أن يتجلى في عملك فلا يجب أن تتكاسل أو تختلس أو تسرق أو تحصل على رشوة بحجة أن الراتب لا يكفي سداد حاجتك فالضمير اذا صحى في صدرونا لأصبحنا أرقى وأغنى وأقوى شعوب العالم لكن الضمير الآن في أجازة فاستباح الناس الأموال والأغراض وبات المال العام سلعة يستبيحها الجميع وبات أغلب الوظفين يتطلعون للكسب الحرام من الرشوة,واستغلال النفوذ.
لذلك اذا تريد أن تكون مؤثرا زعيما رائدا في اهلك أيقظ ضميرك بين أهلك وقومك وادعهم للحد من الفساد وسوف يحترمك الجميع ويقتفون أثرك وينتهجون خطاك ان لم يكن اليوم فغدا,لا تتعجل فطريق الألف ميل يبدأ بالخطوة الأولى..وقبل أن تدعو الناس لاحياء ضمائرهم تأكد أولا أن ضميرك هو الآخر قد صحى من سباته العميق فقد قال رب العزة لسيدنا عيسى:يا عيسى عظ نفسك فان اتعظت فعظ الناس.
الأمة في حاجة الى أصحاب الضمائر الحية فلماذا لا تقود أنت تلك الحملة وتطلب من الجميع أن يوفون بعهودهم ويعملون باخلاص من أجل بلادهم وأن يتخلوا عن الرشوة والابتزاز واستغلال النفوذ لاعلاء شأن أمتهم.
ان أوروبا و اليابان شهدوا نهضة عظيمة بسبب تفعيل دور الضمير الوطنى .
فالطبيب اذا اخلص فى عملة و تجنب المغالاة وأدى دورة بأمانة و المدرس بذل جهدة داخل الفصول الدراسية بدلا من بذل عرقه فى أوكار الدروس الخصوصية و المهندس ابتعد عن الغش و الموظف توقف عن الرشوة و الضابط ابتعد عن المجاملة و المسؤلين ابتعدوا عن الاسراف و التبذير و اهدار المال العام و أحسوا جميعا بالانتماء الى هذا الوطن لتقدمت بلادنا و تحضرت عقولها و تخضرت صحاريها وأوقفت أطماع أعدائها وزحفهم نحو ثرواتها.
كن مثالا للضمير الحي وسط أهلك و ادع الجميع الى نهضة بلدك و تأكد أن الكل فى حاجة الى من يدق لهم جرس الانذار ويحمل لهم الشعلة الحمراء ويوقظهم من غفلتهم .
سقراط هو الذى حمل مشعل المعرفة وأيقظ أهلة و مدينتة من جهلهم حتى أسس الفلسفة و المعرفة و الحكمة وأصبح بين أهلة اماما ورمزا ظل خالدا رغم مرور قرون على وفاتة .
منقول من كتاب "الوصايا العشر للشخصية الجذابة" للكاتبه أمانى ماهر سالم
رد مع اقتباس
المفضلات