عكا هزمت نابليون أفلا تهزم زعرانهم بقلم د\ ناصر إسماعيل جربوع
منذ أن عرف التاريخ مفاهيم الحضارة بشقيها المعنوي والمادي ، وقف منحنيا ً أمام عكا الكنعانية الفلسطينية الخالدة المستعصية برمالها الحارة علي كافة الغزاة عبر العصور لذلك سميت عكا وتعنى بالكنعانية الرمال الحارة (ار كو) 0
ففي عكا عرفت الكتابة وصناعة الزجاج ،وفيها صكت العملات ،وكانت مسرحا للمعارك الفلسطينية الخالدة التي كنست الغزاة بكافة ألوانهم ، كونها مدينة فلسطينية ساحلية ومحطا لأطماع العالم القديم والحديث علي حد سواء ، وانصرف الغزاة ولكن شعب عكا لازال باقيا ًفيها متجذرا ً بأصوله وحضارته ومنبعا ًمن من منابع الفكر الفلسطيني المستنير 0
العالم كله يدرك مدي الأهداف الخبيثة للإمبراطور( نابليون بونابرت) عندما قرر بناء إمبراطورية في الشرق تكون قاعدتها مصر عام 1799 م ،ومذابحه التي يندى لها جبين الإنسانية في غزة ويافا مثل أحفاده الصهاينة ،والتي كانت أهدافه بناء وطن قومي لليهود في فلسطين ،ولكن صمود الشعب الفلسطيني في عكا وقف حائلا ًمدمرا ً لأحلامه الاستيطانية ، ولازال سورها العتيد وقلاعها المنيعة ومدافعها المتمرسة أمام مسجد (احمد باشا الجزار) دليل ثوري علي رفض أهلها للغزاة الأوائل وأحفادهم من بني صهيون الأواخر ووقف نابليون ملموما محسوراً باكيا ً قائلا "هنا تحطمت آمالي أمام أسوارك يا عكا ،" لست الأسوار وحدها يا بونابرت ،إنما إرادة شعب عكا العربي المسلم الأبي الرافض للصهاينة وأجدادهم ، وانصرف نابليون ومن بعده الانجليز و سينصرف أحفادكم بتي صهيون ، وستكسر نظرية وايزمن الذي اعل في الكنيست الاسرائيلى عام 1956" أن نابليون هو الصهيوني الأول" وسنمحو نابليون وأبناءه الجدد من ذاكرة الأحرار الفلسطينيين والعرب ،ومن ذاكرة أطفالنا في عكا الحارة الملتهبة برمالها الحارقة لغزاتها 0
أدرك زعران الصهاينة مدي حجم خطر القنبلة الديموغرافية التي يمثلها أهل عكا علي كيانهم الوهن، وفكر دهاقنتهم بليل خبيث لإرجاع فلسفة الرعب والتخويف التي اتبعوها إبان إرهابهم عام 1948وشرعوا بمهاجمة وإحراق ببيوت الفلسطينيين العرب ،المتمرسين في مدينتهم وشرعوا بمهاجمة ممتلكاتهم ليجعلوا الحياة في عكا شبه مستحيلة ،عسى أن يتحقق حلمهم الثاني ويطردوا العرب إلى كنتونات مسخه! واستذكر هنا المذبحة التي حدثت في( بيت الخوري) في 5- مايو 1948 ، حيث جمع اليهود الشباب العرب ووضعوهم في مبني واحد ، ثم صبوا البترول علي المبنى ،وأشعلوا فيه النيران فشويت أجسادهم وهم أحياء ! أمام من تبقى من شيوخ القرية الذين ساقهم اليهود لمشاهدة المنظر ! ثم أطلقوا سراحهم ليحدثوا العالم العربي بما رأوا وتهكموا عليهم بقولهم " اطلبوا إلي الدول العربية أن تأتى لمساعدتكم" 00
والمتتبع لأحداث عكا الأخيرة يدرك أن ورائها رؤوس صهيونية عفنة ،وأعضاء كنيسهم المسخ ظنا ً منهم أن الفلسطينيين والعرب غارقين في وحل الفرقة والخلاف ،ولكن أتت الرياح بما لا تشتهى السفن وهبت الروح الإسلامية والعربية، حتى مسيحيي البلاد المقدسة لن يرضوا عن الذل والهوان ، وانتفض الفلسطينيون في كافة بقاع الأرض وخرجت المسيرات وعقدت المؤتمرات الشعبية دعماً لشعبنا العربي الصامد في عكا الأحرار 0
وأدرك زعران بتي صهيون خسران مخططاتهم وانقلاب السحر علي الساحر وارتجف جبنائهم من تلك الهبة العربية ،وأدركوا أن عكا لست وحدها --- فكلنا معهم لأنهم منا --- مهما أبعدت الجغرافيا والحصار بيننا ،وأدرك حاخاماتهم - زراع الفتنة - الذين تشبعوا تماما ً- كما تزعم توراتهم المزورة" أن ما تبقى من عرب في عكا ويافا وغيرها سيكونوا مناخز في جنوبهم وسيخرجونهم من ارض فلسطين مهما طال الزمن 0
عكا طردت نابليون وغيره فلن يستعصى عليها أن تخمد زعرانهم ، وانتم يا أهلنا في عكا اصبروا فان النصر والفجر آت لا محالة ، وأنتم يا شعبنا العربي المسلم الغيور هبوا لنصرة صمود أهلنا في الداخل وادعموهم ولو حتى بإنارة سراجهم الفضي اللامع التي تشع منه بشائر النصر والأمل أليس الأمل بقريب00