الفلاحون والكتان
أدوات بسيطة تلك التى يمكنك رؤيتها فى بيوت الناس بقرية جرفس التابعة لمركز سنورس بمحافظة الفيوم ، جنوب غرب القاهرة ، هيكل خشبى مثبت بجوار أحد الحوائط ، يوجد به ثلاثة مسامير طويلة ، أحد هذه المسامير يتدلى منه دوبارة طولها حوالى 50 سم ، عجلة قيادة بها عمود تحكم فى دوران العجلة. تقوم الزوجة أو أحد الأبناء بقيادة العجلة. ويقوم آخر من أفراد الأسرة بتشبيك جزء من نبات الكتان المفتول المعلق على كتفيه فى الدوبارة التى تتدلى من أحد المسامير ثم يسحبها حتى يصنع أمتار أخرى من الدوبارة.
وعلى الرغم من بساطة إنتاج الدوبارة واحتراف العديد من أهالي القرية لهذه الحرفة منذ أكثر من سبعين عاما. إلا أن هذه المهنة قد بدأت فى التدهور بسبب انتشار حبال البلاستيك وكذلك ارتفاع أسعار نبات الكتان ، وتحكم عدد قليل من التجار فى مبيعاته لأهالى القرية.
لكن الأهالى لم يستسلموا لتلك الظروف ولا زالوا يحاولون الحفاظ على مهنتهم المحببة لديهم ، والتى تساهم فى توفير حفنة من الجنيهات يشترك فى صناعتها كل أفراد الأسرة ، وتمكنوا بالفعل بمساعدة بعض مؤسسات المجتمع المدنى من شراء كميات من نبات الكتان وصيانة أدواتهم اللازمة لإنتاج الدبارة ، وإعادة إحياء مهنتهم المحببة لديهم والمتوافقة بيئيا.
ولم يكتفى أهالى القرية البالغ عددهم حوالى 15 ألف نسمة بهذه المساعدة لتطوير مهنتهم ، فبدأوا أيضا فى تطوير استخدامات منتجهم من الدوبارة. فبعد أن كانت شلح (لفات) الدبارة تباع فقط بالأسواق لمصنعى الأحذية وعربات النقل التى تستخدمها فى حزم البضاعة ومصنعى الحصر من نبات السمر ، ابتكرت أحد فتيات القرية استخداما آخرا للدوبارة بأن قامت بعمل نول خشبى صغير لتصنيع مفارش وشنط من الدوبارة.
وبممارسة تلك الحرفة يقضى عددا كبيرا من أهالى القرية أوقات فراغهم فى صناعة الدوبارة ويوفرون مصدرا ثانويا للدخل ، ويبقى ضمان استمرارية ممارستهم لهذه الحرفة مرهونا بدعم مجهوداتهم لتطوير منتجهم لتكتسب البيئة حرفة متوافقة معها من خلال نشاط يشترك فيه كل أفراد الأسرة فى بيوتهم البسيطة.
المفضلات